الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن قتادة: {وَمَا آتَيْنَاهُم مِّن كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا} أي: يقرؤونها {وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِن نَّذِيرٍ} ما أنزل الله على العرب كتابًا قبل القرآن ولا بعث إليهم نبيًّا قبل محمد صلى الله عليه وسلم. {وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ} يخبركم أنه أعطى القوم ما لم يعطكم من القوة وغير ذلك، {فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} .
قال البغوي: أي: إنكاري وتغييري عليهم، يحذّر كفار هذه الأمة عذاب الأمم الماضية.
قوله عز وجل: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46) قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (48) قُلْ جَاء الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ (49) قُلْ إِن
ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (50) } .
عن قتادة قوله: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ} وتلك الواحدة: {أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى} رجلاً ورجلين.
وقال ابن كثير: يقول تبارك وتعالى: {قُلْ} يا محمد لهؤلاء الكافرين الزاعمين أنك مجنون: {إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ} ، أي: إنما آمركم بواحدة وهي: {أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ} ، أي: تقوموا قيامًا خالصًا لله عز وجل من غير هوى ولا عصبيّة، فيسأل بعضكم بعضًا: هل بمحمد من جنون؟ فينصح بعضكم بعضًا، {ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} ، أي: ينظر الرجل لنفسه في أمر محمد صلى الله عليه وسلم، ويسأل غيره من الناس عن شأنه إن أشكل عليه ويتفكّر في ذلك؛ ولهذا قال تعالى:{أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ} .
وقوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} . روى الإمام أحمد من حديث بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنما مثلي ومثلكم مثل قوم خافوا عدوًا يأتيهم، فبعثوا رجلاً يتراءى لهم، فبينما هم كذلك أبصر العدو، فأقبل لينذرهم وخشي أن يدركه العدو قبل أن ينذر قومه، فأهوى بثوبه أيها الناس أتيتم، أيها الناس أتيتم، ثلاث مرات» ؛ وقال صلى الله عليه وسلم: «بعثت أنا والساعة جميعًا، إن كادت لتسبقني» .
وعن قتادة: قوله: {قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ} ، أي: جعل، {فَهُوَ لَكُمْ} ، يقول: لم أسألكم على الإِسلام جعلاً، {إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} .
{قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ} بالوحي، {عَلامُ الْغُيُوبِ} ، قال ابن كثير: وقوله عز وجل: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ} ، أي: بالوحي، {عَلامُ الْغُيُوبِ} ،
كقوله تعالى: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} ، أي: يرسل الملك على من يشاء من عباده من أهل الأرض، وهو علام الغيوب فلا تخفى عليه خافية في السماوات ولا في الأرض.
وقوله تبارك وتعالى: {قُلْ جَاء الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} ، أي: جاء الحق من الله والشرع العظيم، وذهب الباطل وزهق واضمحلّ، كقوله تعالى:{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} ، ولهذا لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد الحرام يوم الفتح، ووجد تلك الأصنام منصوبة حول الكعبة، جعل يطعن الصنم منها بسنّ قوسه ويقرأ:{وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} ، {قُلْ جَاء الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} .
وقوله تعالى: {قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي} ، قال البغوي: وذلك أن كفار مكة كانوا يقولون له: إنك قد ضللت حين تركت دين آبائك، فقال الله تعالى:{قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي} ، أي:
إثم ضلالتي على نفسي، {وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي} من القرآن والحكمة، {إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} .
عن قتادة عن الحسن قوله: {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا} ، قال: فزعوا يوم القيامة حين خرجوا من قبورهم. وقال قتادة: {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ} حين عاينوا عذاب الله. قال البغوي: وفي الآية حذف تقديره: لرأيت أمرًا تعتبر به.
وعن مجاهد: قوله: {وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ} ، قالوا: آمنا بالله. وقال ابن جرير: يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء المشركون حين عاينوا عذاب الله: {آمَنَّا بِهِ} ، يعني: آمنا بالله وبكتابه ورسوله.
وعن ابن عباس: {وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ} ، قال: يسألون الرَدّ وليس بحين رَدّ. وعن سعيد: {وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ} ، قال: التناول. وعن مجاهد: قوله: {مِن مَكَانٍ بَعِيدٍ} من الآخرة إلى الدنيا. وعن قتادة:
…
{وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِن قَبْلُ} ، أي: بالإيمان في الدنيا.
{وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} ، أي: يرجمون بالظنّ يقولون: لا بعث ولا جنّة ولا نار. وعن مجاهد في قوله: {وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} ، قال: قولهم: ساحر، بل هو كاهن، بل هو شاعر. {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} ، قال: من مال أو ولد أو زهرة، {كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ} ، قال البغوي: يعني: بنظرائهم ومن كان على مثل حالهم من الكفار، أي: لم يقبل منهم الإِيمان والتوبة في وقت اليأس،
…
{إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ} من البعث ونزول العذاب بهم، {مُّرِيبٍ} موقع لهم الريبة والتهمة. قال قتادة: إياكم والشك والريبة، فإن من مات على شك بُعث عليه، ومن مات على يقين بُعث عليه.
* * *