الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن كثير: يقول تعالى منبهًا بني آدم على عداوة إبليس لهم ولأبيهم من قبلهم، ومقرعًا لمن اتبعه منهم وخالف خالقه ومولاه وهو الذي أنشأه وابتدأه بألطافه ورزقه غذاه، ثم بعد هذا كله وإلى إبليس وعادى الله، فقال تعالى:{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ} ، أي: خانه أصله، فإنه خلق من مارج من نار، وأصل خلق الملائكة من نور كما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«خلقت الملائكة من نور، وخلق إبليس من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم» . فعند الحاجة نضح كل وعاء بما فيه وخانه الطبع عند الحاجة، وذلك أنه قد توسّم بأفعال الملائكة وتشبه بهم وتعبّد وتنسك فلهذا دخل في خطابهم وعصى بالمخالفة. انتهى.
وعن مجاهد في قول الله تعالى: {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} ، قال: عصى في السجود لآدم، {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي} ، قال: ذريته هم الشياطين. قال قتادة: وهم يتوالدون كما يتوالد بنو آدم. {وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً} بئسما استبدلوا بعبادة ربهم إذ أطاعوا إبليس.
{مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً} ، قال: أعوانًا.
وقال ابن كثير: يقول تعالى: أنا المستقل بخلق الأشياء كلها، ومدبرها ومقدرها وَحْدي، ليس معي في ذلك شريك ولا وزير، ولا مشير.
وعن ابن عباس: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقاً} ، قال: مهلكًا. وقال الحسن جعل بينهم عداوة يوم القيامة.
وقوله تعالى: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا} ، قال قتادة: علموا.
وقال ابن كثير: أي: إنهم لما عاينوا جهنم حين جيء بها تقاد بسبعين ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك، فإذا رأى المجرمون النار، تحققوا لا محالة أنهم مواقعوها، ليكون ذلك من باب تعجيل الهم والحزن لهم، فإن توقع العذاب والخوف منه قبل وقوعه عذاب ناجز. وقوله:
…
{وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفاً} ، أي: ليس لهم طريق يعدل بهم عنها، ولا بد لهم منها.
قال ابن زيد في قوله: {وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً} ، قال: الجدل:
الخصومة. خصومة القوم لأنبيائهم وردّهم عليهم ماجاءوا به. وفي الصحيحين عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وسلم طرقه، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقال:«ألا تصليان» ؟ فقلت: يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا، فانصرف حين قلت ذلك ولم يُرجع إليّ شيئًا، ثم سمعته وهو مولّ يضرب فخذه ويقول:« {وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً} » .
وقوله تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ} ، أي: في إهلاكهم إن لم يؤمنوا، {أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلاً} ، قال ابن عباس: عيانًا. وقال مجاهد: فجأة، أي: ما منعهم من الإيمان إلَاّ طلبهم أن يشاهدوا العذاب الذي وعدوا به عيانًا.
وقوله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ} ، أي: قبل العذاب، {وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُواً} .
وعن قتادة في قوله: {وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} ، أي: نسي ما سلف من الذنوب وعن ابن عباس قوله: {لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً} ، يقول: ملجأ. وعن مجاهد: قوله: {لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً} ، قال: أجلاً.
* * *