الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدرس التاسع والتسعون بعد المائة
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45) قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46) قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47) وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48) قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49) وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50) فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53) وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ (54) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55) فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56) فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ (57) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَسَاء مَطَرُ الْمُنذَرِينَ (58) قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59) أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا
كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً
وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61) أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ (62) أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63) أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (64) قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65) بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمِونَ (66) } .
* * *
عن مجاهد في قول الله: {فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ} قول مؤمن، وكافر، قولهم صالح مرسل؟ ليس بمرسل:{قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ} ؟ قال مجاهد: بالعذاب قبل العافية.
قال ابن كثير: أي: لم تدعون بحضور العذاب ولا تطلبون من الله رحمته؟ ولهذا قال: {لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ} ، أي: ما رأينا على وجهك ووجوه من اتّبعك خيرًا. قال مجاهد: تشاءموا بهم، {قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ} ، قال ابن عباس: الشؤم أتاكم من عند الله لكفركم، {بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ} تختبرون بالخير والشر.
عن ابن عباس قوله: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ} هم الذين عقروا الناقة، وقالوا حين عقروها: نبيّت صالحًا وأهله فنقتلهم ثم نقول لأولياء صالح. ما شهدنا من هذا شيئًا وما لنا به علم، فدمّرهم الله أجمعين.
وعن ابن إسحاق: قال التسعة الذين عقروا الناقة: هلمّ فلنقتل صالحًا فإن كان صادقًا، يعني: فيما وعدهم من العذاب بعد الثلاث عجّلناه قبله، وإن كان كاذبًا نكون قد ألحقناه بناقته، فأتوه ليلاً ليبيّتوه في أهله فدمغتهم الملائكة بالحجارة، فلما أبطأوا على أصحابهم، أتوا منزل صالح فوجدوهم مشدوخين قد رُضخوا بالحجارة.
وقال ابن زيد في وقوله: {وَمَكَرُوا مَكْراً} ، قال: احتالوا لأمرهم واحتال الله لهم، مكروا بصالح مكرًا، ومكرنا بهم مكرًا، وهم لا يشعرون بمكرنا، وشعرنا بمكرهم.
{فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ} ، قال مجاهد: تقاسموا وتحالفوا على إهلاكه، فلم يصلوا إليه حتى هلكوا وقومهم أجمعين. {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا} ، أي: بظلمهم وكفرهم، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً} لعبرة، {لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} .
عن ابن عباس في قوله: {إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} ، قال: من الرجال والنساء
في أدبارهنّ. وقال مجاهد: من أدبار الرجال، وأدبار النساء، استهزاء بهم. قال قتادة: عابوهم بغير عيب. أي: والله إنهم يتطهّرون من أعمال السوء.
{فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا} .
قال البغوي: قضينا عليها وجعلناها بتقديرنا {مِنَ الْغَابِرِينَ} ، أي: الباقين في العذاب، {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً} وهو: الحجارة، {فَسَاء مَطَرُ الْمُنذَرِينَ} .
قال ابن كثير: أي: الذين قامت عليهم الحجّة ووصل إليهم الإِنذار فخالفوا الرسول وكذّبوه وهمّوا بإخراجه من بينهم.
قوله عز وجل: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59) أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ
مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61) أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ (62) أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63) أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (64) قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65) بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمِونَ (66) } .
قال مقاتل في قوله تعالى: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} هم: الأنبياء، والمرسلون.
قال ابن كثير: وقوله تعالى: {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} ؟ استفهام، إنكار على المشركين في عبادتهم مع الله آلهة أخرى؛ ثم شرع تعالى يبيّن أنه المنفرد بالخلق والرزق والتدبير دون غيره، فقال تعالى:{أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} . انتهى. وذكر لنا أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله مرّ بقوم في بلاد العينية عند قبر زيد بن الخطاب وهم يقولون: يا زيد يا زيد، فقال لهم: الله خير من زيد، ثم مرّ بهم مرة أخرى وهم يدعون
زيدًا فقال: الله خير من زيد، ثم مرّ بهم الثالثة وهم يدعونهم فقال: الله خير من زيد، فقالوا: صدق الشيخ، وتركوا دعاءه.
وقوله تعالى: {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} ؟
قال البغوي: معناه آلهتكم خير أم الذي خلق السماوات والأرض؟
وقال ابن كثير: {أَمَّنْ} في هذه الآيات كلها تقديره: أمن يفعل هذه الأشياء كمن لا يقدر على شيء منها؟ هذا معنى السياق وإن لم يذكر الآخر لأن في قوة الكلام ما يرشد إلى ذلك.
وقوله تعالى: {وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ} ، أي: بساتين {ذَاتَ بَهْجَةٍ} ، أي: منظر حسن، {مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا} ، قال ابن كثير: أي: لم تكونوا تقدرون على إنبات أشجارها، وإنما يقدر على ذلك الخالق الرازق المستقلّ بذلك، المنفرد به دون ما سواه من الأصنام والأنداد، كما يعترف به هؤلاء المشركون، {أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ} يعبد وقد تبيّن لهم ولكل ذي لبّ أنه الخالق الرازق؟ .
وقوله تعالى: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ} ، أي: يجعلون لله عدلاً ونظيرًا، كما قال تعالى:{الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ} .
وقال البغوي: قوله: {أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً} لا تميد بأهلها،
…
{وَجَعَلَ خِلَالَهَا} وسطها، {أَنْهَاراً} تَطَّرِدُ بالمياه، {وَجَعَلَ لَهَا
رَوَاسِيَ} جبالاً ثوابت، {وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ} العذب والمالح،
…
{حَاجِزاً} مانعًا لئلا يختلط أحدهما بالآخر، {أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} توحيد ربهم وسلطانه.
وقال ابن كثير: يقول: {أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً} ، أي: قارّة ساكنة ثابتة لا تميد ولا تتحرّك بأهلها وترجف بهم، وأنها لو كانت كذلك لما طاب عليها العيش والحياة، بل جعلهما من فضله ورحمته مهادًا بساطًا ثابتة لا تتزلزل ولا تتحرّك، كما قال تعالى في الآية الأخرى:{اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَاراً وَالسَّمَاء بِنَاء} .
وقوله تعالى: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ} ، أي: المكروب المجهود،
…
{إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ} سكّانها يهلك قرنًا وينشئ آخر {أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ} ، أي: ما أقلّ تذكّركم فيما يرشدكم إلى الحق، فلذلك أشركتم بالله غيره في عبادته.
وعن ابن جريج قوله: {أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} والظلمات في البر: ضلالة الطريق. والبحر: ضلالة طريقه وموجه. وقال ابن جرير: يقول تعالى ذكره: أم ما تشركون بالله خير أم الذي يهديكم في ظلمات البر والبحر إذا ضللتم فيهما الطريق فأظلمت عليكم السبل فيهما؟
وقال ابن كثير: يقول تعالى: {أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} أي: بما خلق من الدلائل السماوية والأرضيّة، كما قال تعالى:
…
{وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} .
وقوله تعالى: {أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} ، أي: بعد الموت،
…
{وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ} بالمطر والأرض بالنبات، {أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} حجّتكم على قولكم أن مع الله إلهًا آخر، {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} في ذلك، وقد علم أنه لا حجّة لهم ولا برهان، كما قال تعالى:{وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} .
وقوله تعالى: {قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} .
قال البغوي: نزلت في المشركين حيث سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت قيام الساعة. {وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ} ، متى {يُبْعَثُونَ} .
وقال ابن كثير: يقول تعالى آمرًا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول معلّمًا لجميع الخلق أنه لا يعلم أحد من أهل السماوات والأرض الغيب إلا الله عز وجل.
وقوله تعالى: {وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} ، أي: وما يشعر الخلائق
الساكنون في السماوات والأرض بوقت الساعة، كما قال تعالى:{ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَاّ بَغْتَةً} . وعن عائشة رضي الله عنها قالت: من زعم أنه يعلم - تعني النبي صلى الله عليه وسلم ما يكون في غد، فقد أعظم على الله الفرية، لأن
الله تعالى يقول: {قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} . رواه ابن أبي حاتم.
وقوله تعالى: {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ} ، أي: غاب، {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمِونَ} . قال ابن زيد يقول: ضلّ عملهم في الآخرة، وليس لهم فيها علم {بَلْ هُم مِّنْهَا عَمِونَ} .
قال ابن كثير: أي: في عماية وجهل كبير في أمرها وشأنها.
* * *