الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استخدام التمثيل في الدعوة
مداخلة: فضيلة الشيخ حفظك الله! يستخدم بعض الشباب اليوم ما يعرف بالتمثيل كأسلوب من أساليب الدعوة فما رأيك في هذا الموضوع وهل كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستخدم هذا الأسلوب في الدعوة أرجو التفصيل في ذلك وجزاكم الله خيراً.
الشيخ: التمثيل آفة من آفات العصر الحاضر تسربت إلى بعض المسلمين الذين يغلب عليهم الجهل بأحكام الشريعة، والتمثيل إنما يحتاجه الكفار؛ لأنه لا بديل لهم من آيات عن رب العالمين وأحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ترقق القلوب وتحسن الأخلاق، لا يوجد شيء من هذه المواعظ والمذكرات عند الكفار، ولذلك هم لجؤوا إلى اتخاذ التمثيليات كتعويض لهم عما فاتهم من الهدى والنور بسبب كفرهم بالإسلام، فجاء بعض الشباب الذين لا يقدرون دينهم الإسلامي حق قدره وأخذوا هذه التمثيليات من عادات الكفار غير ملاحظين الفرق بين الكفار والمسلمين من هذه الحيثية التي أشرت إليها آنفاً أن الكفار قد يستفيدون من التمثيليات، أما المسلمون فليسوا بحاجة إليها؛ لأن الله عز وجل قد أرسل إليهم نبياً في شريعته كل ما يصلح أمور دينهم ودنياهم.
وبخاصة أننا إذا تذكرنا الحقيقة لهذه التمثيليات أنها لا تخلو من الأمور المنكرة، منها مثلاً: أن فيها كثير من التزوير أو قليل من التزوير والكذب؛ لأن التمثيلية لا يصلح عرضها إلا بزخرفتها ببعض الكلمات التي لا تمثل الواقع، وقد يكون فيها اختلاط بين النساء والرجال، وإذا كان بعض الشباب لا يزالون
على تمسكهم بهذا الحكم الشرعي وهو أنه لا يجوز اختلاط الرجال بالنساء؛ لأن التمثيلية يكون فيها رجال ونساء، قد يكون فيها شباب وشابات، فالتمثيلية تتطلب الجمع بين الجنسين وحينئذٍ يقع ولا بد الاختلاط خاصة أن التمثيلية تحتاج إلى ما يسمونه بروفات يعني: تمرينات متعددة فكم وكم سيكون الاختلاط هناك بين الجنسين، فإذا فرضنا أن بعض المسلمين لا يزالون من المحافظين على بعض الأحكام الشرعية ومنها:
…
اختلاط بين الجنسين، سيضطر القائمون على رواية تمثيلية بالاتعاضة عن الجنس الآخر من النساء بأن يمثل دروهم بعض الرجال وهنا يقعون في مخالفة للشرع مخالفة أخرى وهي التشبه بالنساء، وقد جاء في صحيح البخاري من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال:«لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال» فإذاً: التمثيليات مهما حرص القائمون عليها أن لا يقعوا في مخالفة الشريعة فهي لا تخلو من الأمور التالية من التشبه بالكفار؛ لأن هذه التمثيليات منهم خرجت، ثم لا تخلو من اختلاط الرجال بالنساء، فإن خلت فلا تخلو من تشبه الرجال بالنساء لأن هذه طبيعة التمثيليات؛ ولذلك فلا يجوز التمثيل كعمل لأنه مخالف للشرع فكيف يجوز اتخاذ التمثيل وسيلة لدعوة الناس إلى الإسلام؟ !
ذلك من باب معالجة الأمور على خلاف مذهب الرسول عليه السلام فإنما هي معالجة على طريقة بعض الفساق السكارى الذين تذكر قصصهم في بعض كتب الأدب كمثل أبي نواس التي كان يقول:
وداوني بالتي كانت هي الداء.
فالداء لا
…
دواء، والحرام لا يصلح عباداً فاتقوا الله واستقيموا كما أمركم، نعم.
مداخلة: يا شيخ
…
من المفيد هنا أن تعرف لنا معنى كلمة التمثيل؛ لأنه
الآن لو أتى
…
قعد أحمد من الجانب الأيمن من المسرح، فصعد سعيد من الجانب الأيسر من المسرح فالتقيا في وسط المسرح، فقال أحمد لسعيد: هل لك بأن تعلمني الوضوء فأخذ مثلاً إبريقاً من الماء فتوضأ أمام الحاضرين، أو هب مثلاً أنهما قعدا فقال أحمد لسعيد: إنني أعرف رجلاً يواجه مشكلات مع أهله في التزامه للإسلام فماذا ترى أنه يفعل؟ فقال سعيد هكذا، فقال أحمد: ولكن مثلاً أبوه يفعل كذا، فقال .. وهكذا، وفعلاً هناك شخص يعاني من هذه المشكلة، فأظن أن هناك أنواعاً من الأشياء قد لا يكون فيها إشكال شرعاً لكن نحتاج إلى بيان معنى كلمة التمثيل المقصود الذي قصد به القصد الذي ذكرته
…
الشيخ: التمثيل بارك الله فيك معروف
…
ما يحتاج إلى بيان، فالإنسان عادةً يحتاج إلى بيان شيء يكون غامضاً أما حينما يكون واقعاً فبيان هذا الواقع هو من باب ما يقول الفقهاء في مثله من باب تحصيل الحاصل، فالتمثيل الذي يقع اليوم مشاهد تماماً أنه الرجل مثلاً يكون حليقاً وربنا خلقه من غير لحية، لكن نراه تزين لمعصية الله فيحلق لحيته، لكنه يريد أن يمثل دور شيخ عالم فاضل أو مجاهد في سبيل الله فماذا يفعل؟ يتخذ لحية مستعارة يمثل ذلك الشخص الذي هو عالم أو مجاهد أو ما شابه ذلك، كل التمثيليات التي تقوم اليوم تقوم على أن يتشبه الممثل الذي يأخذ دور إما ملك أو أمير أو قائد جيش أو خادم أو ما شابه ذلك، فهؤلاء الأفراد كل منهم يمثل حياة إنسان سبق ذكر حياته في كتب التاريخ، فهذا ما يحتاج إلى تمثيل أما فلا سبيل .. أما بعض الأمثلة التي ضربتها أنت هذه تأتي عرضاً ولا تصبح مقصداً ودعاية من أجل تعريف المسلمين
…
إلى دينهم ونحو ذلك فهذا التمثيل ما أظن أن أحداً مهما كان بعيداً عن الثقافة العامة الواعية بحاجة إلى أن نشرح له ما هو التمثيل، واضح.
فنحن نذكر ما هو أقرب من الأمثلة التي ذكرتها أحاديث كحديث أبي
حميد الساعدي الذي جاء في صحيح البخاري مختصراً وفي سنن أبي داود مطولاً، قال: «ألا أصلي لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قالوا: لا، لست بأعلم بصلاته منا، قال: بلى،
…
فبدأ يصلي» هذا ما نقول: إنه مثل النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنه لم
…
يرى بزيه، فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم مثلاً كان كث اللحية، ونحن نرى فيكم الآن ما شاء لحى مباركة ولحى خفيقة جديدة ولحى متوسطة، فالذي يصلي صلاة النبي يعلم الناس لا يتقصد له التشبه بالرسول الذي كان له لحية مثلاً جليلة وعظيمة ولحية أبي حميد مثلاً لحيته خفيفة إنما هي عبارة عن شعرات وهو لا يمثل الرسول عليه السلام لكن يحكي كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
كذلك مثلاً حديث عثمان بن عفان لما توضأ بين أيديهم وقال: «هكذا رأيت رسول الله توضأ» هذا ليس فيه تمثيل وإنما فيه حكاية ما فعله الرسول عليه الصلاة والسلام، أما الرويات التمثيلية هذه فهي في واد آخر، ويكفي أنه لا تخلوا من مخالفة من المخالفات التي أشرت إليها آنفاً.
مداخلة: ذكرت أن الاختلاط والتشبه بالنساء وكان القصد ليس الدعوة وليس التعلم وإنما الترويح فقط.
الشيخ: أجبت عن هذا، قلت: كيف مع هذه المخالفات يمكن اتخاذها وسيلة للدعوة ..
مداخلة: ليس
…
للدعوة للترويح فقط .. للترويح عن النفس.
الشيخ: الله يهديك أنا أتكلم بلسان عربي مبين، قلت: كيف هذا تمثيل فيه هذه المخالفات فهي ممنوعة هذه التمثيليات فكيف تتخذ وسيلة؟ !
…
شيئين: الذي سألت عنه أجبت عنه سلفاً: التمثيليات لا تخلو من مخالفة من هذه المخالفات فهي غير جائزة شرعاً، فكيف يتخذ وسيلة ما ليس بجائز شرعاً للدعوة للإسلام؟ ! هذا أنكر من الأول، نعم.