الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أهمية مراعاة الأسلوب الحسن
في الدعوة إلى الله
السؤال: يعني الدعوة السلفية في هذا الزمان دعوة حق وهي التي ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟
الجواب: نعم، لكن كلمة في هذا الزمان لا محل لها من الإعراب.
مداخلة: مسحوبة.
الشيخ: مسحوبة.
مداخلة: مسحوبة.
الشيخ: نعم.
السؤال: موضوع الصيام
…
قضية الإفطار قبل الأذان المعهود، فهذه قضية نحن مؤمنين فيها ومصدقين أن الإفطار قبل الأذان سنة، حسب رؤية الشمس وغيابها.
الشيخ: لا تقل الإفطار قبل الأذان سنة.
مداخلة: ما هو بالنسبة للأذان حسب ..
الشيخ: أنا أعرف ما قصدك، لكن أقول لك: لا تقل هكذا.
مداخلة: طيب، جزاك الله خير.
الشيخ: لأن القصد في القلب ما هو كل واحد يسمع كلامك يفهم مقامك، نعم.
مداخلة: نعم، جزاك الله خير.
الشيخ: نعم.
السؤال: فنحن يصير عندنا مشاكل في المساجد فبعض الإخوان تطبيقاً لهذه السنة نقعد في المسجد أو في حلقة ويفطروا طبعاً قبل أذان وزارة الأوقاف، وبالتالي حصل بعض المشاكل بين الإخوة والناس، هذا ما حصل حقيقة، فهل هذا الكلام يعني هذه السنة نطبقها ونصر على تطبيقها في المساجد، أم تنصحنا مثلاً أنه يعني مثلاً نفطر في بيوتنا ونذهب إلى المسجد لنصلي معهم، فإذا كان الجواب على هذا السؤال أنه نعم نفطر لماذا ننتظر مع الإمام حتى نصلي معه جماعة ما دام وقت الغروب حان وأفطر قبل الجماعة لماذا ينتظر معهم حتى يصلي معهم الجماعة، سؤالين مع بعض؟
الجواب: يعني أفهم من سؤالك الثاني أنه لا يصلي مع الجماعة.
مداخلة: يعني هو أفطر.
الجواب: قل لي هذا الفهم صحيح وإلا ما هو صحيح.
مداخلة: يعني يصلي قبلهم.
الجواب: يعني أي سائل لما يسأل سؤال فيه شيء من الطول ولا أقول أن فيه شيء من الاضطراب، هذا الطول بحاجة إلى اختصار، أولاً بالنسبة لي كمسؤول يوجه إليه السؤال، أريد أن أعرف هل فهمت أنا السؤال وإلا لا.
مداخلة: فهمته، سؤالي يعني فهمته المعنى أنك فهمت السؤال.
الجواب: لكن أنا ما تأكدت أني فهمت، متى أتأكد لما تقول لي: نعم، هذا
الذي فهمته هو أنا قصدته.
مداخلة: نعم، هذا المقصود.
الجواب: هذا الجواب.
مداخلة: الله يجزيك خير.
الجواب: لا تأتي تعمل لي محاضرة أخرى.
مداخلة: الله يجزيك الخير.
الجواب: طيب، أنا يا أخي الذي أقوله أنه الحقيقة عندنا معشر المسلمين جميعاً وبخاصة السلفيين عندنا شيئان: الأول: الدعوة، ولنقل الدين، لكن نقول الدعوة لأنه ليس كل من يتدين بدين الإسلام يدعو إلى الإسلام، هناك كثير من الناس حتى من الخواص لا يبالون بالناس ولا يدعون الناس ولا ينصحونهم ولا .. ولا .. إلى آخره، ولذلك أنا أعلل هذه الأخطاء التي نحاول تصحيحها والإعوجاجات التي نحاول تقويمها، ما السبب؟ مع أنه فيه أشياء منها كثيرة متفق عليها لا خلاف فيها، السبب هو أن أهل الدين والعالم به لا يبينوه للناس ولا يدعونهم، تركوهم هكذا سبهللاً.
أذكر على سبيل المثال، ما معنى انتشال الأكل والأخذ والإعطاء باليد اليسرى بين الناس، وهذه لا تحتاج إلى جهد، إذا قلنا للناس: قوموا يا ناس صلوا بالليل والناس نيام، والله هذا يريد جهاد الأبطال، لكن خذ باليمين ولا تأخذ بالشمال وأعط باليمين لا تعط بالشمال، كل باليمين لا تأكل بالشمال، هذا سهل إن كان هذا وإلا هذا، ما هو سبب انتشار المخالفين للشريعة؟ سببها عدم نصح الناس لهؤلاء الجهلة، سكوت أهل العلم، هل يعرفوا على الأقل تقليداً إذا فرضنا لا يقرؤوا السنة لا يقرؤوا قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «كُل باليمين واشرب باليمين، ولا تأكل بالشمال ولا تشرب بالشمال، فإن الشيطان يأكل بالشمال
ويشرب بالشمال»، افرض أنهم ما قرؤوا الحديث، لكن كتب الفقه كلها طافحة بأنه لا يجوز الأكل بالشمال والشرب بالشمال، ما معنى أن المسلمين يعيشون إلى أربعة عشر قرناً من الإسلام والعادات هذه تمشي كأنها في بلاد الكفار.
الجهل مسؤولية على أهل العلم، بهذه الحقيقة على الأقل، فالشاهد عندنا الدعوة شيء والأسلوب إلى الدعوة شيء آخر، أنا أريد من كل مسلم أولاً ومن إخواننا السلفيين خاصة ثانياً أن يفرقوا بين الأمرين، لأن الدعوة هي مقصودة بالذات، يعني يجب على كل مسلم أن يعرف كيف يصلي كيف يصوم كيف يفطر كيف .. كيف إلى آخره، لكن لا يجب عليه أن يدعو؛ لأن الدعوة فرض كفاية، أما العلم والتدين به فرض عين، إذا كانت هذه الحقيقة معروفة لدينا فلا يجب أن نهتم بالشيء الثاني الذي هو الأسلوب في الدعوة، قلنا: عندنا دعوة وعندنا أسلوب في الدعوة، أسلوب الدعوة معروف القرآن الكريم صراحة، {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] لكن الدعوة قبل الأسلوب، ولا نستطيع أن نفترض في كل الناس في كل أصحاب الدعوة لا نستطيع نتصور أبداً أنهم بنسبة واحدة في حسن الأسلوب وحسن الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، هذا أمر مستحيل، فيجب أن نصب اهتمامنا على الأمر الأول وهو الدعوة، الأمر الثاني كما يجب على من كان عنده حسن أسلوب في الدعوة أن يتلطف في دعوته للناس إلى دعوته، كذلك ينبغي لهذا الداعية أن يتلطف مع إخوانه الذين يسيئون للأسلوب في الدعوة، واضح أظن الكلام.
مداخلة: واضح.
الشيخ: نعم، لماذا؟ لأننا يجب أن نفرق بين الدعوة وأسلوبها، الدعوة فرض عين على كل مسلم أن يتبناها لكن ليس فرض عين على كل مسلم أن يكون داعية، ثم لو كان داعية لا نستطيع نتصور أن الأساليب متفقة وأن الأسلوب
يمكن تعليمه وتلقينه للناس جميعاً هذا لا يمكن، فينبغي أن نتلطف مع عامة الناس في دعوتهم إلى دعوتنا السلفية، ومع إخواننا السلفيين الذين يسيئون الدعوة إلى الدعوة السلفية، أيضاً هذا يجب أن أتلطف به.
بعد هذه المقدمة أرجع إلى صلب الموضوع ولعله سؤالك الأول بالنسبة لما ثبت لدينا يقيناً أن الأذان في هذا البلد يؤذن إما قبل الوقت أو بعد الوقت، أنت ذكرت الأذان الذي يؤذن به بعد الوقت بنحو عشر دقائق، والأولى عندي معالجة أمر آخر الذين يؤذنون قبل الوقت بنصف ساعة تقريباً يتراوح في اختلاف الفصول بين ثلث ساعة إلى نصف ساعة ويبطلون صلاة المصلين في كثير من المساجد، حيث يصلون صلاة الفجر قبل الفجر الصادق، المهم الآن يجب أن نفرق بين الدعوة وبين أسلوب الدعوة، يختلف الأمر اختلافاً كثيراً بين إنسان يعيش في مسجد جوه سلفي وبين مسجد آخر جوه خلفي، يجب أن يفرق بين مسجد وآخر، كما أنه يجب أن يفرق بين إعتنائه بالإفطار الشرعي بين أناس وآخرين.
أناس مثلاً من إخوانك عندهم مبدأ التمسك بالسنة لا يوجد مانع بل يجب أنك تفطر أمامهم بعد دخول وقت الإفطار لغروب الشمس وقبل الأذان الذي يؤذنون اليوم بناءً على التوقيت الفلكي، أما إذا كنت في جماعة لم يسمعوا بدعوة الكتاب والسنة أو الدعوة السلفية، فهؤلاء ينبغي على الداعية حقاً أن يفكر طويلاً كيف يثير هذه المسألة.
أنا أقول لكم شخصياً عن نفسي وبعض إخواننا، في رمضان أنا أرى الشمس تغرب من داري لأنها مرتفعة فأفطر ثم أسمع الأذان فأنزل أصلي مع الجماعة، فأنا أجمع بين فضيلتين: فضيلة التعجيل بالإفطار التي قالها الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث المعروف: «لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر» ، كما أن هناك حديث آخر يحض على تعجيل أداء صلاة المغرب، «لا تزال أمتي بخير ما
لم يؤخروا صلاة المغرب إلى اشتباك النجوم»، ولذلك كانت السنة العملية أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يفطر على تمرات أو على جرعة من ماء ثم يصلي المغرب، فيعجل بالأمرين: جمعاً بين الفضيلتين، فأنا أقول شخصياً نفطر في البيت وأنزل أصلي في المسجد، لكن لا يجوز كتمان هذه السنة كما كان الأمر قبل هذه الأيام الأخيرة، لا أحد عنده خبر إطلاقاً بأن المؤذن يؤذن بعد غروب الشمس بعشر دقائق، لا أحد عنده خبر إطلاقاً أن المؤذنين لصلاة الفجر يؤذنون قبل الوقت بنصف ساعة وأن أكثر المساجد كانت تصلي صلاة الفجر قبل وقتها.
فإذا عرف أهل العلم الحكم الشرعي وكتموه كان كتمانهم للعلم مصيبة عليهم في الدنيا والآخرة، الله عز وجل كما نعلم جميعاً أخذ العهد والميثاق من أهل العلم أن يبينوه للناس ولا يكتمونه، كما هو في القرآن الكريم وكما قال عليه السلام:«من كتم علماً ألجم يوم القيامة بلجام من نار» ، إذاً المسألة تحتاج إلى حكمة، لكن لأمر ما قال ربنا في القرآن الكريم:{وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} ، وقال في الآية الأخرى:{وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَاّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَاّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} .
أنا أضرب لكم مثالاً عن نفسي أفكر أحياناً كيف أعالج أمراً ما حتى لا نكون مستعجلين في معالجة الأمور بغير الحكمة، أقص هذه القصة كمثال لما نحن في صدده من جهة ولأنه فيها أيضاً فائدة من جهة أخرى أو ربما فكاهة، ركبنا ذات يوم مع بعض الشباب القطار في دمشق قاصدين مصيفاً هناك اسمه (مضايا) وعادة القطار كالباص يمشي مسافة ويقف من أجل ينزل ويركب إلى آخره، ركبنا القطار في محطة الحجاز عندنا هناك حتى وصل إلى محطة البرامكة نعرف صاحبنا هناك، هناك وقف القطار من أجل يأخذ ركاب، أحد سكان ذلك المحل، تعرفوا سعيد الأوبري الخياط؟
مداخلة: لا.
الشيخ: لا تعرفوه، سعيد ركب القطار أنا ذا علم لأني كنت شديد الصلة به أنه في الأمس القريب بنى بأهله تزوج، أما الشباب الذين معي ما عندهم خبر، ما كاد القطار يمشي إلا يأتي إلي أحد الشباب فيساررني يقول لي: الآن صعد قسيس، وهو في الغرفة الفلانية، هزيت له برأسي، فهمته كأنه يقول عليك به، انتقلت إلى الغرفة التي هو فيها، تعرفوا أظن القطار فيه صفين من الكراسي مع طول القطار صف كذا وصف كذا، دخلت أنا فيه ركاب طبعاً أكثرهم مسلمين، السلام عليكم، هو يجلس بتلك الزاوية، أنا تعمدت ألا أجلس تجاهه حتى لا يشعر أني جئت مثيراً له وإنما جلست بعيداً هناك، هذه أول واحدة يعني، لكن جلست أفكر كيف أدخل معه في الموضوع، هذه مسألة تريد مقدمة تكون مناسبة.
مداخلة: ليتقبل.
الشيخ: نعم، وربنا عز وجل كما قال في القرآن الكريم، وهذه يجب أن تنطبق في قلوبنا تماماً، {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69] وسرعان ما جاءت المناسبة أو وضعتها وهي دخل هذا الذي اسمه سعيد الأوبري الذي كان تزوج في الأمس القريب، هنا فتح أمامي طريق للدخول مع هذا الإنسان بطريقة غير مباشرة، فقلت له: أسمع شبابنا وبالتالي النصراني، هو قسيس ماروني لبناني، يلبس الطربوش الأسود الطويل إذا كنتم رأيتموه وجبة سوداء، فقلت لصاحبنا هذا سعيد، قلت: أبارك لك، بما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يبارك لأصحابه، فأقول لك: بارك الله لك، وبارك عليك وجمع بينكما في خير، ولا أقول لك كما كانت الجاهلية الأولى تقول وكما تقول جاهلية القرن العشرين على صفحات الجرائد والمجلات بالرفاء وبالبنين، لا أقول لك بهذه التهنئة لأن الشارع الحكيم نهانا عنها، ما معنى بالرفاء والبنين، كم وكم من والدين رزقوا من البنين ما فرحوا بهم أولاً ثم كان عاقبة أمرهم سوءاً.
أما بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير، فهذا جمع الخير كله،
ومشيت، أذكر جيداً تسلسلت في الموضوع وحدثت طبعاً عن شيء من عظمة الإسلام وآداب الإسلام التي حرمها الآخرون، منها أن الإسلام عالج صحة المسلمين بالدين، لأنه لا يوجد عندهم أطباء يعرفون دقائق الأمراض ولكن باسم الدين نبههم على أشياء، الآن العلم بعد القرون الطويلة قبل الإسلام وبعد الإسلام اكتشف بعضها الآن من ذلك أن الشارع الحكيم نهى المسلمين أن يشربوا أو يأكلوا من الإناء المثلوم المشغور، فانتهى المسلمون من استعمال هذا الإناء، هذا نهي شرعي لكن فيه معنى طبي، ما بال المسلمون هكذا الشرع انتهى الشرع لو أرادوا يومئذٍ يعرفوا ما هو السر ما هي الحكمة لا أحد يعرف، الآن انكشف السر أن هذا الشعر دقيق هذا بالعين المجردة صعب أن يرى، يزعمون الأطباء اليوم أنه هناك الملايين من الجراثيم، فإذاً قال لهم الدين: لا تستعملوا هذا الإناء، أذكر هذا وأيضاً ذكرته.
لما شعرت بأن القسيس امتلأ، امتلأ يريد أن يتكلم، وقلت في نفسي ذلك ما أبغيه، ولكني صمت فعلاً وإذا به ينطلق في الكلام، يقول: ما دام الإسلام هكذا، انظر الفرق، كيف أنا دخلت وكيف هو دخل، لأنه لا يستلهم من رب العالمين، انظر كيف درّجها، قفز القفزة، ماذا قال؟ ما دام هكذا الإسلام، لماذا المسلمين كفروا أتاتورك؟ ما دخل هذا بهذا، لا يوجد اتصال أبداً بين بحثي وبين سؤاله، لماذا كفروا أتاتورك؟ ألأنه فرض على الشعب التركي لبس القبعة الأوروبية، قال: الله أعلم بما في القلوب، صار هو يؤيد العمل هذا، تركته حتى أفضى بكل ما في نفسه .. ما كفروا أتاتورك لكن هو حكم بنفسه على نفسه بكفره حينما رفض شريعة ربه القائل:{لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء: 11] وبطبيعة الحال أي مسلم يعترض على شريعة الله عز وجل فهو لا يكون مسلماً هذا أولاً، ثانياً .. أعني أولاً يعني كفره المسلمون لهذا، ثانياً أتاتورك أنت تقول أن هذه القبعة ما لها تأثير هذا زي عام صار أممي حسب تعبيره، والله أدرى بما في القلب من الإيمان، قلنا له: لا، هذه إسلامية مرفوض هذا الكلام.
قلت له: من كمال الإسلام أنه وضع مبادئ وقواعد ألزم المسلمين أن يتمسكوا بها في سبيل المحافظة على شخصيتهم المسلمة، فهو الشارع الحكيم كما عالج أمراض القلوب والنفوس المطوية في الأبدان كذلك عالج الظواهر التي يظهر بها المسلمون في أبدانهم وفي منطلقهم في حياتهم.
وذكرت له أحاديث مما جاء من النهي عن التشبه بغير المسلمين: «بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم» ، فقلت له: إن الإسلام أراد بالمسلمين أن يحافظوا على شخصيتهم الظاهرة ولا يندمجوا في شخصيات شعوب أو أمم أخرى، قلت له: لأنك تعلم فيما أظن أن الضعيف يتشبه بالقوي والعكس، ليس القوي يتشبه بالضعيف، فإذا المسلم تشبه بغير المسلم فمعنى ذلك أنه وضع الصغار لنفسه والخضوع لذلك الكافر.
فلفتُّ نظره إلى حكمة تتعلق بالظواهر، في كتاب لأحد الأوروبيين قرأته قديماً من ثلاثين أو أربعين سنة، عنوانه عجيب جداً لكن استفدت منه، اسمه «فلسفة الملابس» ، الحقيقة أنه استرعى انتباهي مثال ذكره، مع أنه موجود مشاهد، لكن الناس لا ينتبهوا، يقول هذا الرجل في هذا الكتاب: إن الإنسان شديد التأثر إلى درجة بلباسه، يتأثر بلباسه إذا كان لابس ثياب رثة تجده يمشي متمسكن، أما إذا لبس ثياب جديدة ومكوية إلى آخره تجده يمشي وصدره إلى الإمام لسان حاله يقول: يا أرض اشتدي ما أحد عليك قدي، هذا ثابت بالملابس، وهذه أيضاً ظاهرة تروها بين الناس جميعاً والمتأثرين المتغربين المتأوروبيين متأثرين بالثقافة الغربية تجده إذا كان لابس الجاكيت الضيق والبنطلون الأضيق الذي عض على أفخاذه وعدم المؤاخذة على مؤخرته عضاً لا يستطيع أنه يركع فضلاً عن أنه لا يستطيع أن يسجد لأنه سوف يشتط، هذا يرى نفسه لماذا؟ متمدين مثقف، لماذا عمل كذا لأن قدوته الأوروبيين عظماؤه هم
الأوروبيين.
فإذاً قلت لهذا القسيس الماروني: الثياب تؤثر في أصحابها ولذلك نهانا الشارع الحكيم عن أن نتشبه بغيرنا، تكلمنا ما شاء الله ثم رجعت إلى الوتر الحساس، قلت له: إذا كان اللباس ليس له تأثير وإنما الأمر بما في القلب، هل أفهم من كلامك أنك لا تتأثر إذا لبست القلنسوة السوداء ووضعت عمامة بيضاء على فروش أحمر تكون شيخ مسلم، قال: لا
…
لا
…
لا
…
قلت له: ليس هذا يخالف ما قلته آنفاً، العبرة بما في القلب، أنت رجل نصراني مسيحي، فإذا وضعت اللفة والطربوش الأحمر لن تصير شيخ مسلم، قال: لا، نحن رجال دين، لكن صار معه والحمد لله مثلما تقول وأنا في الشام:«كان تحت المطر صار تحت المزراب» أنت مسكته مثلما يقول جماعة عندنا في الشام من خوانيقه، قلت له: هذا هو الفرق بيننا وبينكم، أنت رجل دين أنتم معشر النصارى قسمان رجال دين ورجال لا دين، فما يحرم عليكم يحل على الآخرين، وما يجب لكم لا يجب على الآخرين، أما الإسلام فقد سوى بين الناس جميعاً، {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] لا فرق عندنا أبداً بين العالم الصالح التقي الورع وبين الجاهل المسلم، هما عند الله سواء مظهراً ومخبراً كل واحد الله يحاسبه على حسب ما في نفسه وعلى حسب منطلقه في حياته، نحن ما عندنا رجال دين كل مسلم هو رجل دين، ولذلك إن جاز لي أنا أن أضع هذه القلنسوة على رأسي شرعاً جاز لكل مسلم وإن حرم ذلك علي حرم ذلك على كل مسلم.
وحسبكم هذا التفاوت بيننا
…
وكل إناء بما فيه ينضح
مداخلة: جزاك الله خير.
الشيخ: هذه قصة أحببت أن أحكيها في تلك المناسبة.
مداخلة: تَعَقَّد.
الشيخ: نعم، تعقد، لكن انظر هذا المعقَّد ذكرني بشيء أو بشيئين، بعد ذلك جرى الحديث بيني وبينه في تثليثهم، يومئذ انظر إلى الشيء الذي أتذكره يومئذ كان الإنجليز دخلوا سوريا بعد الفرنسيين، المهم الإنجليز أتوا بجنود من جنود بعض المستعمرات من جملتهم جنود لبنانيين، كان في القطار جندي بريطاني لبناني، لما كنت أناقش مع المسيحي في التثليث، ماذا قال هذا الجندي المسيحي اللبناني، قال: والله يا أبونا تريد الحق أن كلام الشيخ صحيح، نعم.
الشاهد القطار كان ينطلق بنا إلى مضايا تقريباً في خمسين كيلو متر، ما شعرنا بالمسيرة هذه أبداً، لما قاربنا من النزول بعض إخواننا ذكروا لي أن هذه محطتنا نريد ننزل الآن، تعلق الرجل بي وقال لي: لو أنك تمشي معنا إلى بيروت حتى نتمتع بحديثك وكذا إلى آخره، قلت في نفسي: سبحان الله، لو جلست مع شيخ من إخواننا المسلمين كان سينفجر القطار بنا.
هذا رجل نصراني يتمنى أن يطول المشوار من أجل نتم معه في حديثه شيء مؤسف المؤسف جداً، نعم؟
هذا يدل على القصد يعني الأسلوب يختلف.
مداخلة: نعم، نفس
…
الشيخ: الأسلوب يختلف.
مداخلة:
…
الشيخ: نعم، انظر لا يوجد فرق بين مسيحي ونصراني، نعم.
(الهدى والنور /204/ 41: 00: 00).