الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واجب الدعاة مع اختلاف المجتمعات
السائل: بعض المجتمعات الإسلامية، أو المجتمعات الإسلامية تختلف أحوالهم من قطرٍ إلى قطر، فبعضها قد وصل الحضيض وبعضها أرفع منه بقليل، وبعضها ما زال الخير فيه ظاهرا، فسؤالي ما كان فيه الخير ظاهرا، والناس بدؤوا يتهاونون بالتمسك بدينهم، وقد من الله عليهم بعقيدةٍ سليمة، وبدؤوا يفرطون في السلوك في المعاملاتِ، ما نصيحتك للدعاة هناك في المحافظة على هذا المجتمع وما هي الطريقة المنشودة للحفاظ عليه على ضوء الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح.
الشيخ: لا شك أن الدعاة يجب أن يبينوا للأمة بأجمعها وعلى مراتبها التي أشرت إليها في سؤالك أن يبينوا لهم، بأن الإسلام والإيمان قولٌ وعمل وأنه يزيدُ وينقص، وأن زيادتهُ إنما هي بالعمل الصالح، ونقصانهُ إنما هو بترك العمل الصالح، وارتكاب ما نهى الله تبارك وتعلي عنه، وهذا في الواقع يتعلق بطرف من أطراف العقيدة الصحيحة، ذلك لأن الإيمان لا يزال كثيرٌ من المسلمين اليوم يتبنون مذهباً قديماً يقول بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وهذا خلاف ما جاء في الكتاب والسنة الصحيحة المتواترة، وإن كان أصحاب ذاك المذهب لا ينكرون وجوب العمل الصالح، ولكنهم لا يجعلونهُ من الإيمان فحينما يأمرُ ربُنا عز وجل الناس بأن يدخلوا في السلم كافة وأن يؤمنوا بالله ورسوله فهو لا يعني فقط أن يظل المسلم يقتصر على قولهِ «لا إله إلا الله محمداُ رسول الله» ثم هو لا يقومُ بحقِ هذه الشهادة، أو بحق هاتين الشهادتين، الشهادةُ الأولى لا إله إلا الله، هذه كما تعلمون ولا أفيض في هذا الجانب استلزم فهم المسلم للتوحيد بأقسامهِ
الثلاثة، توحيد الربوبية، وتوحيد الإُلهية أو العبادة وتوحيد الأسماء والصفات، لكن الشهادة الثانية وهي أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، تستلزم أولاً الفهم الصحيح لرسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم العملُ بها، كما جاء في قصة غزو أبو بكر الصديق ومحاربتهِ لجماعة أهل الردة وايش اسمه هذا مدعى النبوة.
مداخلة: مسيلمة.
الشيخ: مسيلمة الكذاب، كان هناك وقفة من بعض الصحابة أن هؤلاء فيهم من يشهد أن لا إله إلا الله، فكيف تقاتلهم والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في الحديث الصحيح كما تعلمون «أمرتُ أن أقاتلَ الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وان محمداً رسول الله فإذا قالوها، فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله» ، فناقش أبا بكر الصديق، كيف تقاتلهم وهم يشهدون، فذكرهُ بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال إلا بحقها، ومن حق هذه الشهادة القيام بمتطلباتها من الأركان ومنها إعطاء الزكاة وبذلك انشرحَ قلب عمر لهذهِ اللفتة التي لفت أبو بكر نظرهُ واتفقوا والحمد لله جميعاً على مقاتلة أهل الردة ونصرهم الله عز وجل، فإذاً من مقتضيات هذه الشهادة هو أن نفهم أن من لوازم الإيمان العمل بأركان الإسلام بل وبكل فضيلة جاء بها الإسلام، وذلك العمل الصالح هو الذي يغذي الإيمان ويقويهِ والعكس بالعكس تماماً، وبهذا فذاك المذهب الذي يقول بأن الأعمال الصالحة لا تدخل في مسمى الإيمان يكون من آثارهِ عدم الاهتمام بالأعمال الصالحة، ولذلك فحث للمسلمين على العناية بالأعمال الصالحة يبدأ من شرح الإيمان الصحيح أنه قولٌ وعمل وأنه يزيد وينقص وليس فقط بقول بـ لا لإله إلا الله محمداً رسول الله، مع الإقرار بها، ثم الأعمال الصالحة هذه أمور واجبة ليس لها علاقة في مسمى الإيمان، ولذلك قبل كل شيء يجب على الدعاة الإسلاميين أن يربطوا الأعمال الصالحة بالعقيدة، وأُس هذه العقيدة ألا وهو الإيمان، وان الأعمال الصالحة هي من مسمى الإيمان، وهذا بحثٌ قام بشرحهِ وتفصيل الكلام فيه أهل العلمِ وبخاصة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابهِ
المعروف بهذا الاسم "الإيمان"، فربُنا عز وجل حينما يذكر الإيمان يقرنهُ دائماً وأبداً بالعمل الصالح وأشهر سورة في ذلك هي سورة العصر: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [العصر: 1 - 3]، فهكذا يجب أن يدندنَ الدعاة دائماً وأبداً إلى دعوة المسلمينَ إلى أن يعملوا وألا يقتصروا على معرفتهم للتوحيد وللعقيدة الصحيحة إن كان هناك فعلاً قد عرف المكلفون جميعا العقيدة الصحيحة لأن في الواقع لا تقتصر على معرفة التوحيد بأقسامهِ الثلاثة كما ذكرنا، بأن يجب أن يضم إلى ذلك كل ما جاءَ في الكتاب والسنة، وقد نجد كثيراً من الناس ممن لا علم عندهم ينكرون كثيراً من الحقائق الشرعية الغيبية وهم موحدون يشهدون بأن لا إله إلا الله بالمعنى الصحيح ولكن لجلهم قد ينكرون أشياءَ هي ثابتة في الكتاب والسنة خاصة في هذا العصر الحاضر، عصر الفتن، عصر رجوع الفرق الإسلامية بأثقالها، ولو كانت بعيدةً عن أسمائها، فكالقدرية مثلاً، والمعتزلة هم الآن أفكارهم سائدة ومسيطرة على كثير من المسلمين، وإن كانت ليس باسم الاعتزال واسم القدرية ونحو ذلك، ويجب أن نذكر هؤلاء الذين يعملون العمل متواكدون على الإيمان الذي وقر في القلب بزعمهم أن يذكروا بالحقيقة السابقة أن الإيمان يزيد بالعمل الصالح زائد أن يحذروا من نتيجة الإهمال للقيام بما فرض الله عز وجل من العبادات فمثل قولهِ صلى الله عليه وآله وسلم في الأمر بالصلاة يبن الرجل وبين الكفر ترك الصلاة فقد كفر، وقولهِ صلى الله عليه وآله وسلم: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهبُ النهبةَ وهو مؤمن وهكذا، يجب أن يذكروا بالأحاديث التي تأمر المسلمين بما فرض الله عليهم وبالأحاديث التي تحذرهم من أن يواقعوا ما نهاهم الله عنه تبارك وتعالى، لذلك مثلاً ما نراه في كثيرٍ من البلاد سواءً كانت من الطبقة العليا وفيها الخير كثير فضلاً عمن دونها من تبرج النساء وخروجهن عن الآداب الإسلامية الواجبة، فمثل قولهِ عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «صنفان من الناس لم أرهما بعد، رجالٌ
بأيدهم سياطٌ كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساءٌ كاسيات عاريات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة إلعنوهن فإنهن
ملعونات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا»، كذلك مثلاً قولهُ صلى الله عليه وآله وسلم:«إذا خرجت المرأة من بيتها متطيبة ليجدَ الرجال رائحتها فهي زانية» ، فلو أن امرأةً خرجت من بيتها متجلببة الجلباب الشرعي لا يرى منها شيء لا وجهها ولا كفاها لكنها ريحها ملأت الطريق والرجال إذا مروا من هناك ولو لم يروا المرأة يخطر في بالهم أن هناك أمرأة مرت في هذا المكان، الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول في حقها إنها زانية هذا مثلاً من الأمثلة التي نهى الرسول عليه السلام فيها النساء، الرجال يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم «كتبَ على ابن أدمَ حظه من الزنا فهو مدركهُ لا محالة فالعين تزني وزناها النظر، والأذنُ تزني وزناها السمع، واليد تزني وزناها البطش، والرجلُ تزني وزناها المشي، والفرج يصدقُ ذلك كلهُ أو يكذبهُ» ، فهذه كلها ظواهر مشاهدة اليوم في كثير من المسلمين والمسلمات حيثُ أنهم أهملوا القيام بما أمر الله من جهة أو واقعوا الحرمات التي نهى الله تبارك وتعالى عنها، مثلاً بدأ ينتشر في العصر الحاضر في بلادٍ كان من هديها ومن عادتها اتباع سنة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ألا وهو إعفاؤهم للحى، الآن بدأت هذه الظاهرة في بعض البلاد التي كانت تلك عادتها الطيبة، أنعكس الأمر فيها فبدا حلقُ اللحية ينتشرُ فيها انتشاراً مريعاً جداً، وهذه أيضاً فيهِ مخالفات للكتابِ وللسنةِ في نصوصها الكثيرة والكثيرة جداً، بحيثُ أن العالم المسلم إذا وقف عليها امتلأ قلبهُ قناعةً بأنها ليست من المحرمات فقط بل هي من الكبائر ولذلك على هؤلاء الدعاة أن يبينوا هذهِ المفاسد التي بدأت تنتشر منها مثلاً حلقُ اللحية، منها مثلاً نتفُ النساء لحواجبهن لخدودهن، لسواعدهن، لسوقهنَ، كل هذه
الأشياء محرمة بنص الكتاب والسنة، فالقرآن الكريم يحكي عن إبليس الرجيم لأنهُ حينما صار لعيناً من رب العالمين قال وهو يرمي غيل قلبهِ ولأمرنهم فليبتكن أذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله، فتغير خلق الله عز وجل هذه الآية تنص على أنه إطاعة للشيطان ومعصية للرحمن فالآية قاعدة أنه لا يجوز تغيير خلق الله عز وجل ثم جاءت بعض الأحاديث لتأكدَ أن تغيير خلق اللهِ هو معصية لله وطاعة للشيطان، من ذلك ما أشرتُ إليه آنفاً من حلق اللحية ونتفُ للحواجب وغيرها،
حيثُ قال عليه الصلاة والسلام حفوا الشارب وأعفوا اللحى وخالفوا اليهودُ والنصارى وفي الحديث الأخر الذي جاء في طبقات ابن سعد المعروفة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى رسول كسرى حينما جاءَ المدينة وقد حلقَ لحيتهُ فقال من أمرك بهذا قال ربي (يعني كسرى) قال عليه السلام أما ربي فأمرني بإعفاء اللحية وقصُ الشارب، فالآن هذه الظاهرة انتشرت في كثير من البلاد فعلى الدعاة أن ينبهوا إلى سوئها وكراهتها وأنها من المعاصي الكبار وليس كما يظنُ الجماهير أن إعفاء اللحية سنة والسنة تعريفها عندهم من فعلها أثيب عليها ومن تركها لم يعاقب عليها هذه فريضة من الفرائض وعلى كل مسلم أن يعفو عن لحيتهِ وان لا يحلقها، كذلك مثلاً فيما يتعلق بتغيير خلق الله فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لعن المنمصاتِ والمتنمصات، والواشماتِ والمستوشمات، والفالجات، في حديث آخر وفي رواية أخرى في هذه الحديث «والواصلاتِ والمستوصلات، والفالجات المغيراتِ لخلقِ الله ذو الحسن» ، هذه الأشياء ونحوها الكثير والكثير جداً مرجعها الكتب التي ألفت تحت عنوان الكبائر، ككتاب الذهبي وكتاب الزواجر للهيثمي ونحو ذلك فلا يجوز إذاً أن يسكت الدعاة عن تنبيه الناس إلى انه يجب العمل الصالح ويجب عليهم الانتهاء عما حرم الله عز وجل حتى يتمكنوا في ذلك من المحافظة على إيمانهم أولاً وعلى زيادتهِ لأنه ليس من
طبيعة الشيء إذا لم يزداد إلا أن ينقص وان يرجع إلى الوراء، هذا ما يحضرني الآن من الكلام حول ذاك السؤال، نعم.
لكن نضيف إلى ما سبق من الأحاديث الواردة فيما يتعلق بعدم جواز الطعن من المسلمين بعضهم في بعض سواءً كان هذا البعض من أهل العلم أو من طلاب العلم أو من عامة المسلمين، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جمع الأدب الجمَّ في حديثٍ واحد حينما قال عليه الصلاة والسلام ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقهُ، فنعرف حق العالم يستلزم التأدبَ معه في حضرتهِ وفي غيبته عنهم، لكن هذا لا يستلزم العبودية له كما هو شأن بعض الصوفية والغلاة من المشايخ ونحو ذلك، ومن ذلك فيما اعتقد أنا القيام للعالم إذا دخل المجلس،
فهذا لا ينبغي أن يكون في المجتمع الإسلامي المنقى المصفى لأن جهد الدعاة الإسلاميين حقاً هو أن يقتربوا من المجتمع الإسلامي المنقى المصفى، لأن لجهد الدعاة الإسلاميين حقاً هو أن يقتربوا من المجتمع الإسلامي الأول الذي لا يمكن أن يعاد كما كان وإنما الأمر كما قيل:
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
…
إن التشبه بالكرام فلاحُ
فنحن نحاول كأفراد أن نتشبه بأولئك الأفراد الأخيار ونحاول أن نوجدَ مجتمعاً يكون شبيه بذلك المجتمع ولا يكون له مثيلاً أبداً هذا مستحيل، وعلى هذا فحينما نتمثل شخصاً أو مجتمعاً فلابد أن يكون دائماً نصبَ أعيننا فلا نفعل إلا ما فعلوا إن استطعنا، لأن الحقيقة كما أشار إليها قولهُ عليه السلام في الحديث الصحيح ما أمرتكم من شيء فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فاجتنبوه.
فالأشياء العملية محصورة لا تقبل الزيادة فمن الأعمال اليوم بعضها مشروع وبعضها ليس مشروع إكرام العلماء ببعض المظاهر منها ما لفتَّ النظر إليه وجزاك الله خير أن يبتعدون عن الحديث وعن الفوضى وعن الكلام والدرس يلقى، هذا فعل يجب أن يُوقَف وأن يؤتى منهُ ما يستطاع، لكن هل من ذلك مثلاً أن هذا العالم إذا دخل مجلساً كمجالس ما أقول مجالس العلم هذا واضح جداً أن طلاب العلم حينذاك لا ينبغي أن يقوموا لهذا العالم، لكن إذا دخل مجلساً ليس مجلس علمٍ هل من العلم النافع ومن العمل الصالح أن يقوم أهل المجلس لذلك العالم الداخل إلى المجلس الجواب تتشبهُ أنك تكون مثلهم، ومن هو الشخص الوحيد الفريد الذي هو الذي ينبغي أن يحتذي به غيره هو كما نعلم جميعا محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأهل العلم يعلمون وليس هذا مما فيه يختلفون فيه، لكن التأويلات كما دخلت في علم الكلام المتعلق بالعقيدة دخل أيضاً بابا التأويل في الأحكام العملية، فكل يعلمون أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما روى الإمام البخاري في كتابهِ الأدب المفرد بالسند الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: ما كان شخصاً أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكانوا إذا رأوه
لم يقوموا له لما يعلمون لكراهيته لذلك، إذا دخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم أكد عليه الصلاة والسلام بقولهِ ما كان أصحابهُ حريصاً على فعلهِ وهو ألا يقوموا له كما في حديث أنس فقال من أحب أن يتمثل له الناس قياماً فليتبوأ مقعدهُ من النار، فالآن العالم الإسلامي كله مخالف لهذا الحديث الصحيح والذي قبله، أهل العلم لا ينكرونَ على أصحابهم وعلى عامة الناس فيما إذا دخلَ مجلساً وقاموا له لا ينكرون ذلك وهذا خلاف السنة، خلاف السنة من العالمِ والذين قاموا له إكراماً وتعظيماً ما هكذا كان المجتمع الأول، إذاً علينا نحن أن نتوجه دائماً إلى التشبه كما قلنا،
تشبيه مجتمعنا عملياً بالمجتمع الأول، قد يقال أننا لا نستطيع كما أنا لمحت آنفاً أن نجعل مجتمعنا كذاك المجتمع أن نجعل كل فردٍ من أفرادنا كأفراد أولئك المجتمع لكن سددوا وقاربوا كما قال عليه السلام ومن المساددة والمقاربة أن نعترف أننا مقصرون، أنا شيخ ادخل مجلس ثم يقومون أصمت وهم يقومون ولا مرشد لهم، فإذاً ما بحث الموضوع معي مثلاً فأقول لا حول ولا قوة إلا بالله، أعترف بهذا الخطأ، أما أن أحاول تبريره، وتسويغه، وتمريره، وتمشيته، هذه فتنة، وهذه من الأمور التي ينبغي على أهل العلم بل على طلاب العلم أن يهتموا بها، الحديث الثاني يؤول كما أول الحديث الأول من الذين رضوا بهذه الظاهرة مع أن هذه مخالفة كافية، فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم سيد البشر يدخل إلى المجلس لا أحد يقوم له، لماذا واحد مثلي حقير بالنسبة للرسول يدخل المجلس فيقومون له، مهما تأول الحديث كما سأذكر هذه الظاهرة مخالفة لتلك الظاهرة، يقولون هذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لتواضعهِ ولكمالهِ لا يحب كان يكره هذا الشيء، طيب وأنت يا فضيلة الشيخ ماذا تريد هل تريد أن تكون مقتدياً بالرسول أم مخالفاً للرسول، لا أعوذ بالله أنا أريد أن أتشبه به كما قلنا آنفاً، طيب إذاً إذا كنت صادقاً في تشبهك بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم فأنشر بين أصحابك أنك تكره هذه الظاهرة أو تواضع كما تواضع الرسول عليه السلام، سواءً قلنا أن هذا التواضع فرض عين أو هو مستحب لا ندخل في هذه التفاصيل لأن هذا لا يمكن الوصول إليه، لكن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان يكره هذا القيام فتجاوب الناس معهُ، لأنه كان حقيقةً
يكره هذا الشيء، فإذا كان العالم مقتدياً بالرسول عليه السلام، فلينشر بين أصحابه يا إخوان هذا ليس من السنة وتعظيم العالم لا يكون بهذه المظاهر المخالفة للسنة، هذا التأويل للحديث الأول، تأويل الحديث الثاني من أحب أن يتمثل له
الناس قياما هذا الشيخ رجل عالم فاضل صالح أبعد ما يكون عن حب الظهور والتعجرف والتكبر إلى أخره، إذاً هذا يجوز له الخيار، الجواب لا، لما؟ قد نقول في زيد من أهل العلم انه لا تدور الشبه حولهُ بأن يقال بأنه يحب القيام من أصحابه، نقول أبعد ما يكون، سيان عندهُ قاموا أو لم يقوموا، طيب هذا هو الرسول عليه السلام، سيان عنده قاموا أو ما قاموا له نفسهُ زكية طاهرة إلى أخره، فماذا كان أثر هذه النفس الزكية بالنسبة للذين يعظمونه ويوقرونهُ كما أمروا به، كانوا أنهم لا يقومون له، إذاً حديث من أحب أن يتمثل له الناس قياما، هذا الحديث يتعلق بالذي يحبه، ولكن الذين يقومون لهذا المحب هل هم يساعدونه على الخير أما على الشر لا شك يساعدونه على الشر، هذا إذا عرفنا انه يحبه، نقطع بأنهم إذا قاموا له ساعدوه على الشر على أن يكون من أهل النار، فليتبوأ مقعدهُ من النار، طيب وليس كل عالم مثلاً نستطيع نقول فلان متكبر فلان متعجرف القيام له مساعده له ليتبوأ مقعدهُ من النار، ليس كل العلماء بطبيعة الحال هكذا، فهل يجوز القيام له نقول له لا، لما؟ أولاً إقتداءً بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه، ثانياً من باب سد الذريعة أي إذا العالم اعتاد الناس أن يقوموا له تشوفت نفسه إلى هذا القيام.
(الهدى والنور / 571/ 14: 28: 00)