الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم لعن المتبرجات
الملقي: شيخنا أحد الإخوة يسأل عن حديث اللعن، طالما يعني
…
هل يعني هو على وجه الخصوص، أم على وجه العموم، يعني العنوهن، يعني امرأة بعينها بالعموم مباشرة أم بالخفاء؟
الشيخ: الجواب: أولاً: بصورة عامة ليس النهي عن اللعن بصورة عامة، فيجوز لعن أشخاص معينين، سواء كانوا نساءً أو رجالاً، فنحن نذكر دائماً جواباً عن مثل هذا السؤال، لعن الرسول عليه السلام لرعل وذكوان من القبائل العربية الذين كانوا قتلوا ظلماً وبغياً وعدواناً سبعين صحابياً من قراء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وحزن عليهم حزناً شديداً، وقنت عليهم في الصلوات الخمس يدعو ويلعنهم، حتى أنزل الله عز وجل قوله في القرآن:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران: 128]، فلما نزلت هذه الآية ترك الدعاء عليهم، ثم تبين فيما بعد أنه كان قد سبق في علم الله عز وجل أن هؤلاء القتلة الذين لعنهم الرسول عليه السلام في الصلاة سبق في علم الله عز وجل أنهم سيعودون ويتوبون إلى الله ويدخلون في الإسلام، لذلك جاء في الآية:{أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ} [آل عمران: 128]، فتحقق أنهم تابوا فتاب الله عليهم، فإذاً دعاء الرسول عليهم باللعن هو دليل لبيان جواز اللعن لأشخاص بأعيانهم، ولا يعترض بأن الرسول في النهاية ترك اللعن، لعنه إياهم؛ لأن السبب أن الله أنزل عليه هذه الآية، وأنهم عادوا إلى الله عز وجل تائبين.
هذا أصل في الصحيحين يؤكده نصوص أخرى من أوضحها غير حديث:
«العنونهن فإنهن ملعونات» ، وسيأتي الجواب على السؤال المتعلق به، لكن من أوضح الأدلة على جواز لعن شخص بعينه بشرط أن يكون مستحقاً للعنه، ما جاء في كتاب الأدب المفرد للإمام البخاري وغيره من كتب السنة من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم جاء شاكياً إليه جاراً له ظلمه، فقال له عليه الصلاة والسلام:«اجعل متاعك على قارعة الطريق» ، ففعل، فكان الناس يمرون عليه، يقولون له: مالك يا فلان، يقول: فلان جاري ظلمني، فيقولون: قاتله الله لعنه الله، على الماشي، قاتله الله لعنه الله، فضاقت على الظالم الأرض بما رحبت، وانطلق إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليقول له: يا رسول الله، مر جاري ليعيد متاعه إلى داره، فقد لعنني الناس، فقال عليه الصلاة والسلام:«لقد لعنك من في السماء قبل أن يلعنك من في الأرض» .
إلى هنا انتهى الحديث، والشاهد منه، أن هؤلاء المارة هم صحابة، وأنه بالتعبير العصري اليوم تعلموا وتخرجوا من مدرسة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وما كان لهم لئن يصبوا لعناتهم على هذا الرجل الظالم لجاره لولا أنهم تلقوا من نبيهم جواز هذا اللعن في مثل ذلك الظالم، هذا أولاً، ثانياً: لما حكى الظالم لعن الناس إياه للرسول عليه السلام راجياً منه أن يأمر جاره المظلوم بأن يعيد متاعه إلى داره قال له الرسول: «لقد لعنك من في السماء قبل أن يلعنك من في الأرض» ، معنى هذا أنه أهل السماء يلعنون أشخاصاً بأعيانهم أولاً، وثانياً أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أقر اللاعنين لهذا الظالم، وإقراره حكم وشرع، ولو لم يكن عندنا قصة دعاء الرسول عليه السلام على رعل وعلى ذكوان، إذا عرفنا هذه الحقيقة، ورجعنا إلى قوله عليه السلام في النساء المتبرجات:«العنونهن فإنهن ملعونات» ، هل هذا جهر أم هذا سر؟ ليست المسألة الآن ابتداءً هل يجوز علنا أو لا يجوز، هذا البدء يبدأ، هل يجوز مطلقاً أم لا؟ هل يجوز أنا أن أدعو في نفسي أن الله يلعن فلانة ولا أحد يسمعني، ثم بعد ذلك يأتي سؤال: هل يجوز أن ألعن هذا الذي ألعنه في نفسي، أن أفعل ذلك جهراً أيضاً، هذه مسألة
أخرى، فإذاً قوله عليه السلام:«العنونهن فإنهن ملعونات» ، دليل صريح على جواز اللعن للمتبرجات من النساء، أما هل يجوز ذلك علناً، فالجواب كما سمعتم يجوز ذلك؛ لأن الصحابة لعنوا ذاك الرجل علناً، ولكن إذا أردنا أن نلعن النساء المتبرجات اقتداء بأولئك الأصحاب الكرام الذين لعنوا الظالم وأقرهم الرسول عليه السلام ينبغي أن نلاحظ أن أولئك أرادوا تربية ذلك الظالم وردعه عن ظلمه، فإذا كنا نحن نريد أن نرفع صوتنا مسمعين لعنتنا للفاسقات أو المتبرجات إصلاحاً لهن، ويغلب على ظننا أن هذه الوسيلة تكون تربية لهن، فهذا هو المشروع، أما إذا كان أولاً لا يترتب من وراء هذا الإعلان مصلحة كما أظن
أنا في هذا الزمان، بل قد يترتب من وراء هذا الإعلان مفسدة؛ لأن الجو العام ليس مع الإسلام، وليس مع شرائع الإسلام، فأنتم تسمعون مثلاً ليلاً نهاراً كثير من الفساق والفجار والذين لا خلاق لهم يسبون الله عز وجل، ويسبون الرسول، ويسبون الدين، والقانون لا يهتم بذلك، أما لو سب الـ حضرة الملك، جلالة الملك، فسرعان ما يؤخذ ويحاكم ويسجن وو إلى آخره، فكأنهم جعلوا الملك فوق الجلالة الحقيقية، فوق رب العزة، فالجو إذاً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يساعد لتطبيق الجهر بلعن النساء الفاجرات؛ لأنه سيؤخذ وسيذم ويشتم وربما يسجن، ثم يصير معه مثل ما صار مع بعض ضعفاء الإيمان لما هزمت العراق وانتصر الكفار، شو قال صاحبك هذا اللي مو صاحبك:
مداخلة: هههه
مداخلة: هذاك قال: إن الآن آمنت أن المسيحية هي الحق؛ لأنها انتصرت على الإسلام.
الشيخ: الله أكبر! أهذا بيقوله مسلم؛ فالمهم هنا إذاً في موضوع الجهر باللعن للمتبرجات مباشرة يدخل في السياسة الشرعية، فحيث غلب على