الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البديل الإسلامي للأغاني
مداخلة: شيخنا! ورد في سؤال الأخ الكريم وكثيراً ما نسمع كلمة البديل، نريد البديل الإسلامي عن كذا، البديل الإسلامي عن كذا، فحبذا لو هذه شيخنا تلقي الضوء عليها، للفائدة.
الشيخ: والله هذا كلام صحيح، سؤال صحيح: عندما نتحدث عن مآسي البنوك يسألونا التجار: اللي لو تركوا العمل إطلاقاً ولو عاشوا مهما عاشوا، سيعيشون أغنياء، يقولوا: ما هو البديل، يخافوا أنه لو قلنا لهم: اتقوا الله واتركوا التعامل مع البنوك أن يموتوا جوعاً، يريدون البديل! يا أخي! البديل لا يجوز أن يكون بالمعنى الذي يتصوره كل صاحب مصلحة .. كل صاحب هوى وغرض، البديل موجود في الشرع، فأنت اطلب الشرع واعمل به فستصل إلى البديل من أقرب طريق.
الناس اليوم سبحان الله! عندما نأتي نتكلم عن شروط أو عن الطريق الذي ينبغي أن يسلكه المسلمون ليتمكنوا من تحقيق المجتمع الإسلامي وإقامة الحكم الإسلامي ومبايعة الخليفة المسلم، ما هو الطريق للوصول إلى هذا؟ تختلف طبعاً مناهج الأحزاب الإسلامية الموجود عن منهج الطائفة المنصورة وهي التي تتبع الكتاب والسنة في كل شيء، هذه الطائفة تقول: سيروا على ما سار عليه المسلمون الأولون وحينئذ ستكون الحصيلة قيام الدولة المسلمة شئتم أم أبيتم، أما أنتم أيها الأحزاب الأخرى الذين تريدون إقامة الدولة المسلمة قبل أن تقيموها في أنفسكم فلن تصلوا إلى إقامتها مطلقاً؛ لما هو معلوم أن فاقد الشيء لا يعطيه من جهة.
ومن الحكم المعاصرة اليوم، ومن العجيب أنها صدرت من رئيس من رؤساء الأحزاب، أو حزب من الأحزاب القائمة اليوم وهم لا يعملون بهذه الحكمة، وهي: أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم في أرضكم، لا يقيمون دولة الإسلام في قلوبهم، من هذه الإقامة أن تتقي الله عز وجل، أن لا تطلب بديلاً عن الأناشيد التي عن الصوفية، أو هذه الأناشيد التي قامت مقام أناشيد الصوفية، لا تطلب البديل؛ لأن القرآن خير بديل وقد سمعتم آنفاً قوله عليه السلام:«من لم يتغن بالقرآن فليس منا» فالشاهد: فالبديل بالنسبة لكل الشكاوى التي قد تصدر بمناسبة ما هو: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2 - 3].
الإسلام لا يحرم ما أحله الله ولا يبيح ما حرم الله،
…
الأمر كما قال عليه السلام: «الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس» إلى آخر الحديث، فلا يجوز للمسلم كلما قيل له: هذا حرام، يقول: ما هو البديل، البديل اتق الله يا أخي! ربنا يقول في القرآن .. والمسلمون من انحرافهم اتخذوا لوحة يزينون بها جدر البيوت وهي:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2 - 3] لكن هذه بدل أن تكون على الجدار يجب أن تكون في القلب، وإذا حلت في القلب حينئذ لم يسأل المسلم عن البديل؛ لأنه يعلم كما قال عليه السلام .. انظر الأحاديث كيف تتجاوب بعضها مع بعض! «من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه» يا أخي! أنت إذا تركت العمل مع البنك الفلاني أو العلاني تقوى لله رزقك الله من حيث لا تظن ولا تحتسب.
وأنا أذكر بهذه المناسبة حديثين عجيبين غريبين لكننا نحن معشر المسلمين بحاجة إليهما جداً في عصر غلبت عليه المادة وحب الدنيا رأس كل خطيئة كما جاء في بعض الأحاديث الضعيفة التي لا تصح لكن معناه جميل: «حب
الدنيا رأس كل خطيئة» وهذا جاء في الحديث ما يغني عنه ويزيد عليه: «إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم» إذا تبايعتم بالعينة لماذا؟ حباً في المال، هو هذا حباً في المال أوصلنا إلى الذل أن يسيطر علينا أذل أمة على وجه الأرض، في كل تاريخ الأرض هم اليهود لماذا؟ لأن الرسول أوعدنا فقال:«إذا تبايعتم بالعينة» العينة: هو نوع من أنواع المعاملات الربوية، «وأخذتم أذناب البقر» كناية عن الاشتغال بالضرع والزرع وتركنا الجهاد في سبيل الله، والسؤال عن أحكام الله، لا نبالي إلا بالمال كما جاء في صحيح البخاري، قال عليه السلام:«يأتي زمان على أمتي لا يبالي أمن حلال أكل أم من حرام» أو كما قال عليه الصلاة والسلام وهذا الحديث في صحيح البخاري.
هذا هو زماننا، فإذاً: العباد اتقوا الله: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2] إلى آخر الآية.
أحد الحديثين المذكورين آنفاً لعل هذا الحديث وذاك يبقى في قلوب بعض الحاضرين ثم يبلغه الغائبين الذين ابتلوا بحب الدنيا فلا يسألون عن الحرام ليجتنبوه، وعن الحلال ليواقعوه، قال عليه الصلاة والسلام:«جاء رجل ممن قبلكم إلى غني فقال له: أقرضني مائة دينار، قال: هات الكفيل، قال: الله الكفيل، قال: هات الشهيد، قال: الله الشهيد فنقده مائة دينار» وتواعدا للوفاء على يوم موعود، أخذ الرجل المائة دينار وانطلق يعمل في البحر مسافة بعيدة، ثم جاء اليوم الموعود فعرف بأنه لا يستطيع أن يسلم الدين الذي عليه في ذاك اليوم.
انظروا ماذا فعل! أخذ خشبة فنقرها حفرها ودك فيها مائة دينار وأحسن دكها وحبسها ثم جاء إلى ساحل البحر الذي هو يعمل فيه فقال: أنت كنت
الكفيل، وأنت كنت الشهيد ورمى بالخشبة في البحر، ستقولون وأنا معكم فقط ابتداءً لا انتهاءً، ستقولون: هذا عمل مجنون، ما معنى إلقاء خشبة فيها وزن ثقيل مائة دينار وفي البحر، لكن هذا الرجل اعتمد على الله حينما سدت عليه الأسباب الكونية المشروعة فاعتمد على الله وقال: أنت كنت الكفيل، وأنت كنت الشهيد، أنت بمعرفتك بقدرتك اجعل لي حلاً.
فربنا عز وجل بقدرته العظيمة التي لا حدود لها أمر الأمواج أن تأخذ هذه الخشبة إلى مجلس الدائن، والدائن خرج في اليوم الموعد ليتلقى المدين ويستلم منه الدين، وصبر صبر .. انتظر انتظر .. ما جاء، لكن وقع بصره على خشبة تتقاذفها وتتلاعب بها الأمواج بين يديه، فمد يده إليها وإذا هي ليست خشبة كالأخشاب وازنة وثقيلة فعجب منها وأخذها إلى داره وعندما كسرها وإذا بها مائة دينار حجر أحمر .. ذهب أحمر.
بعد قليل جاء المدين .. انظروا الدين ماذا يعمل بأهله وأصحابه؟ ! نقده مائة دينار تجاهل ما فعله لماذا؟ لأنه غير جار على السنن الكونية .. ليس بريد مضمون .. حتى يكون آخذ سند أنه وصل لفلان المائة دينار وانتهى الأمر، لا، المسألة فوق الأسباب رماها في البحر كما علمتم؛ ولذلك تجاهل ما فعل وسلم مائة دينار للدائن، الدائن كالمدين كلاهما أتقياء وكما قيل: إن الطيور على أشكالها تقع، الرجل جلس يفكر فيما يبدو أنه أنا قبضت مائة دينار بطريق البحر والآن سأقبض مائة دينار بطريق المدين، فحكى له القصة أنه خرجت للقائك واستقبالك فلما أتيت وجدت خشبة وأخذتها وكسرتها وإذا فيها مائة دينار، قال: والله القصة كذا وكذا، أنا عندما وجدت نفسي لا أستطيع أن أعود إلى البلد وأسلمك المائة دينار فعلت كذا وكذا، فقال الدائن: بارك الله لك في مالك خذ المائة دينار التي أعطيتنيها وصلني حقي، بطريق البحر.
لو وقعت هذه القصة مثلها اليوم وصلت إلى إنسان مائة دينار بطريق لا
يعلمها أحد إلا الله تبارك وتعالى، من سيرد هذه الأموال إذا جاء إنسان يقول له: أنا أرسلت لك بطريقة غريبة قليلاً هل وصلك؟ لا، ما وصلني، لو أنكر لا يوجد عليه شهود، والمدعي لا يستطيع أن يثبت، لكن الإيمان يأتي بالعجائب، وهذه القصة من العجائب بين الدائن والمدين عجيبتان يجب نحن أن نعتبر بذلك حتى نتقي الله عز وجل.
الحديث الثاني، وبه ننهي الجلسة لنقوم نصلي إن شاء الله هنا صلاة العشاء: قال عليه الصلاة والسلام، قبل هذا: الحديث الأول في صحيح البخاري، والحديث التالي الثاني في صحيح مسلم، قال عليه الصلاة والسلام:«بينما رجل ممن قبلكم يمشي في فلاة من الأرض إذ سمع صوتاً من السحاب يقول: اسق أرض فلان» صوت من السحاب كما يتكلم البشر على وجه الأرض، هناك شخص يتكلم بلغة البشر ولكن في السحاب: يا سحاب! اسق أرض فلان بن فلان، كان يمشي مثلاً شرقاً سار جنوباً، مشى الرجل الأرضي مع السحاب وإذا به يرى السحاب يفرغ مشحونه من المطر في حديقة، يطل عليها وإذا به يرى رجلاً يعمل فيها في أرضه في حديقته، فيأتي إليه ويسلم عليه .. ينظر إليه صاحب الحديقة فيراه رجلاً غريباً ليس من أهل تلك القرية، وتعرفون القرى قديماً ما كانت بهذه السعة وبعدد النفوس التي ممكن الإنسان يتعرض على أقاربه لكثرة العدد فضلاً عن بعده، فكانت القرية محدودة العدد، الوجوه معروفة، فلما رأى الرجل قال له: كأنك أنت رجل غريب؟ ! قال له: نعم، فما الذي جاء بك؟ قال: أنا كنت أمشي فسمعت صوتاً من السحاب يقول للسحاب: اسق أرض فلان، فأنا أتيت والسحاب وإذا بالسحاب يفرغ مشحونه من المطر في أرضك، فبم نلت ذلك من ربك؟ هذا شأن الصالحين ليس عندهم العنجهية وهذه الكبرياء، يقول: والله أنا لا أدري، أنا رجل عادي لكن عندي هذه الأرض فأزرعها وأخدمها، ثم أحصدها فأجعل حصيدها ثلاثة أثلاث: ثلث أعيده إلى الأرض، وثلث أنفقه على نفسي
وأهلي، وثلث أتصدق به على الفقراء والمساكين، فقال له الرجل: هو هذا، ما تريد أحسن من هذا؟
فانظروا الآن! كيف أن رب السماء سخر البحر للرجل الأول، ثم رب البحر سخر السماء للرجل الآخر، ما هو الجامع في هذا التسخير:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2 - 3].
نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا من المتقين العاملين بالكتاب والسنة.
مداخلة: جزاك الله خير.
(الهدى والنور /334/ 33: 16: 00)
(الهدى والنور /334/ 03: 40: 00)