الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما هي الطريقة المُثْلَى
للدعوة إلى الله
؟
السؤال: ما هي المواضيع أو الأولويات التي يجب أن يهتم بها ويُقَدِّمها طالب العلم عن غيرها، وما هي الطريقة المثلى للدعوة إلى الله تعالى؟
الشيخ: أظن بعض هذا السؤال سبق، لكنه لعله يبدو شيئاً آخر في الإجابة عن هذا السؤال، فأنا أقول بأن المسلم يجب أن يهتم بما هو أهم كما قيل:
العلم إن طلبته كثير والعمر عن تحصيله قصير
فقدم الأهم منه فالأهم.
يجب أن لا ننصاع لعواطفنا ولرغبات الناس أو الشباب الذين يعيشون من حولنا، وأن نقدم لهم ما يحلو لهم من الأحكام الشرعية، وإنما علينا أن نهتم بما يجب أن نعلمهم به على هدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي أمرنا بالاقتداء به في قوله عز وجل:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]، فلا يجوز أن نسكت عن الانحراف الذي أصاب العالم الإسلامي منذ قرون طويلة في فهم العقيدة المتعقلة بآية واحدة ألا وهي قوله تعالى:{الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة: 1 - 3]، فيجب أن نفهمهم أن الإيمان بالغيب هو أول ركن من أركان الإيمان، وأن هذا الركن أول ما يدخل فيه هو الإيمان بالله عز وجل وملائكته وكتبه كما جاء في الحديث المعروف، ولكن لا يكفي الإيمان المجمل، لا بد من التفصيل، الإيمان بالله عز وجل كما نعلم
جميعاً يشترك فيه كل أصحاب الديانات سواء كانوا يهوداً أو نصارى ولكن دعوة الإسلام تختلف عنهم تماماً في أنهم يفهمون الإيمان بالله عز وجل كما قال تعالى في الآية المعروفة: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى: 11]، وعلى هذا النهج يجب أن ندعو المسلمين إلى الإيمان في حدود ما جاء في الكتاب والسنة أولاً، وبعيداً عن علم الكلام الذي سيطر على بعض المذاهب الإسلامية كالأشاعرة والماتريدية وإن كان هؤلاء على خير كبير في بعض الجوانب الإيمانية ولكنهم مع الأسف انحرفوا في بعض الجوانب الأخرى عن منهج السلف الصالح، هذا الذي أن يهتم الداعية بدعوة الشباب المسلم إليه.
ثم كما قلنا الأهم فالأهم أن يعلموا وأن يعرفوا بالصلاة وما يصلحها وما يفسدها ونحو ذلك، أما الأسلوب في الدعوة فلم يدع ربنا عز وجل مجالاً لأحد بعد قوله عز وجل:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]، وهذا بلا شك أول ما يتطلب من الداعية أن يكون رحيماً وأن يكون شفيقاً وأن لا يشتد على المخالفين ولاسيما إذا كانوا معه في أصل الدعوة أي: الكتاب والسنة، ولكنهم انحرفوا بعض الشيء في بعض النواحي فيجب الرفق بهم كما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قوله في الحديث المعروف عن عائشة، وحسبنا الآن قوله لها:«يا عائشة ما كان الرفق في شيء، وما كان العنف في شيء إلا شانه» لكني أريد أن أذكر هنا بشيء يغفل عنه كثير من الناس، وأعني بهم بعض الدعاة، إن الرفق ولو أنه هو الأصل في الدعوة ولكن ذلك لا يعني أنه لا ينبغي للداعية أن يستعمل الشدة أحياناً يضعها في موضعها المناسب لها، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي خوطب بقوله تبارك وتعالى:{وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159]، ومع ذلك نجد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في بعض الأحيان يشتد على بعض المخالفين ولو أن هؤلاء المخالفين ما كانوا يتعمدون الخطأ، ولكن لما كان الخطأ يتعلق بأمر هام بما يتعلق بالإيمان وبخاصة برب الأنام، كان عليه الصلاة والسلام يستعمل من الشدة، كلكم يعلم
ما رواه الإمام أحمد في المسند بالسند الصحيح عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطب يوماً في الصحابة فقام رجل ليقول له: «ما شاء الله وشئت يا رسول الله! فقال له عليه السلام: أجعلتني لله نداً، قل: ما شاء الله وحده» فهذه الشدة إذا وضعت في مكانها فهو من الحكمة، ولذلك فلا ينبغي أن تغتر ونقول إن اللين
دائماً يجب أن ينبغي أن يكون سمة المسلم وصفته، لا، هذه هي الصفة الغالبة، لكن أحياناً لا بد من وضع الشدة في مكانها المناسب، وأخيراً آت بمثال من أحاديث الرسول عليه السلام وهو قوله:«من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه» هذا التعبير قد لا يستسيغه كثير من الناس، ولكن من كان يؤمن بالله ورسوله حقاً وعرف أن هذا الحديث نطق به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حينئذ سيكون هذا الحديث من جملة الأدلة أن الشدة أحياناً في محلها هي عين الحكمة، ما معنى الحديث؟ «من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه» أي من تفاخر بآبائه في الجاهلية الذين كانوا في الشرك وماتوا في الشرك، فهذا أقول له تعض كذا، يعني لعظه هذا هو الهن المكني عنه بهذه العبارة اللطيفة في حديث الرسول، لكن هو يقول لنا:«أعضوه بهن أبيه» هذا شدة بلا شك ولكنها هي الحكمة، هذا الذي أردت أيضاً أن ألحقه بهذا السؤال.
(الهدى والنور/620/ 03: 21: 00)