الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إحياء بعض السنن التي
لم يعتد عليها الناس
مداخلة: قد يقوم بعض الشباب الصالح بإحياء بعض السنن المهجورة كسنة الاكتحال مثلاً وما شابه ذلك.
الشيخ: كسنة ماذا؟
مداخلة: الاكتحال.
الشيخ: الاكتحال.
مداخلة: فيقوم له بعض الصالحين بحسن نية ويقول: يا أخي! هذا أمر غريب على الناس ولا تنفر الناس ويستشهد بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه» فيقول: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هنا كان يحسب حساب الناس، فأنت إن أحييت هذه السنة قد يكون هناك يعني غرابة على الناس فيردوا هذه السنة ويكفروا بالسنة، فاستشهاداً بهذا الدليل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يحسب حساب الناس، كيف الرد عليه؟
الشيخ: ما أعتقد أن هذا الأمر مستقيم بل هو توسع غير محمود؛ لأنه يؤدي إلى إماتة السنن بسبب عدم إحيائها خشية أن يترتب وراء ذلك مفسدة مظنونة.
نحن نقول بالنسبة لهذا الاستدلال ومثل أشياء كثيرة تتعلق بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم: فلا ينبغي لنا أن نقيس أنفسنا به عليه الصلاة والسلام، مثلاً: لقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول تشريعاً للناس عن رب العالمين: «لا صدقة لغني ولا لذي مرة سوي» مقابل هذا جاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم من حديث أبي سعيد الخدري أن الرجل كان يأتيه عليه الصلاة والسلام ويسأله وهو قوي فيعطيه فإذا ما خرج من عنده يقول لأصحابه عليه
السلام: «إنه خرج بها يتأبطها ناراً» فيقول له بعضهم: فإذاً لم تعطيه يا رسول الله؟ فيكون جوابه عليه الصلاة والسلام: «يسألونني ويكره الله لي البخل» فمقام النبوة دونه كل مقامات الناس والصالحين، فإذا كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يمتنع عن شيء خشية أن ينال منه صلى الله عليه وآله وسلم أو يفعل شيئاً لو لم يفعله قد يقال فيه ما لا ينبغي أن يقال فهذا حكم خاص به عليه الصلاة والسلام، أما عامة الناس فعلى العكس من ذلك يجب نحن أن نحض المسلمين بعامة وطلبة العلم منهم بخاصة وأهل العلم بصورة أخص على أن لا يبالوا في الناس وأن يحيوا ما أماته الناس من سنن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لكن في هذه الحالة لتخفيف المحذور الذي قد يترتب بالنسبة لبعض الناس الذين يفاجؤون بإحياء السنة من سنن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يبين للناس في حدود استطاعة المبين؛ بأنه هذا الأمر سنة حض النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليها أو أمر بها ونحن نقوم بها إحياءً واكتساباً للأجر المعروف بالنسبة لمن يحي السنة ومن أصح ذلك.
مداخلة: تبيين هذا يمهد قبل أن يفعل أم بعد ما يفعل هذه السنة المهجورة؟
الشيخ: لا يوجد مانع أن يقترن ذلك مع السنة، وهذا طبعاً يختلف من شخص إلى آخر، بمعنى: عامة المسلمين لا يكلفون بمثل هذا البيان؛ لأنهم لا يستطيعون، فحسب هؤلاء أن يحيوا هذه السنة، ولكن أنا لا أتصور أن فرداً من أفراد المسلمين من عامتهم يستقل بإحياء سنة إلا ويكون قد سبق إليها من أهل العلم أو من أفراد من طلاب العلم لدفع ذاك المحظور يقوم به ذلك العالم الذي أحيا السنة أو طالب العلم الذي أحيا هذه السنة فحينئذٍ يزول المحظور بمثل هؤلاء العلماء أو طلاب العلم، أما عامة المسلمين فحسبهم أن يقوموا بالسنة هذا الذي أراه في هذه المسألة.
(الهدى والنور /337/ 33: 01: 00)