الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المداراة والمداهنة
في الدعوة إلى الله
مداخلة: يسأل السائل: ما الفرق بين المداراة والمداهنة؟ وما هو الحكم الشرعي لكل منهما؟
الشيخ: الفرق معروف ومعلوم لدى العلماء. المداهنة: أن تخالف الدين في سبيل المداراة، والمداراة ليس فيها مخالفة في الدين، وإنما هو التلطف بالكلام أولاً، ثم تحاشي مصادمة الظالم ومواجهته إذا كان يترتب من وراء ذلك مفسدة. فهذا هو الفرق بين المداهنة والمداراة.
المداهنة تتطلب مخالفة الشريعة، وهذا لا يجوز. المداراة وإنما هو أن يضع كل شيء في محله دون مخالفة للشريعة. مثلاً: مشهور على ألسنة الناس وكثيراً ما يسألونني عنه، يقولون: إن الرسول قال: «إنا لنبش في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم» .
فنجيب بأن هذا لا يصح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما يروى نحوه عن بعض الصحابة لعله أبو الدرداء، ولكن قريب منه ما رواه الإمام البخاري في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها:«أن رجلاً استأذن على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال عليه الصلاة والسلام: ائذنوا له، بئس أخو العشيرة هو» .
دخل الرجل وجلس عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهش إليه وبش، فلما خرج وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها الكيسة الذكية المؤمنة تراقب أول القصة وآخرها، لما خرجت قالت: «يا رسول الله، لما استأذن في الدخول قلت: ائذنوا له بئس أخو
العشيرة هو، فلما دخل هششت إليه وبششت، قال: يا عائشة! إن شر الناس عند الله تبارك وتعالى يوم القيامة من يتقيهم الناس مخافة شرهم».
يقول شراح الحديث: إن هذا الرجل كان منافقاً وكان رئيس قبيلة وتحت رياسته ضعفاء المؤمنين، فلو أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم نبذه وما تلطف معه فربما عادت قسوته قسوة له أو منه على ضعفاء المؤمنين والمسلمين الذين هم من قومه، فكانت هذه سياسة من الرسول عليه السلام ومداراة له ولم يكن مداهنة لأنه لم يقل عليه السلام كلاماً يخالف فيه الشريعة. فهذا هو الفرق بين المداهنة وبين المداراة. نعم.
(الهدى والنور / 313/ 10: 55: 00)