الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جهاد المرأة
السائل: جهاد المرأة كيف يكون بعض العلماء تَوَسَّعوا في مسألة جهاد المرأة يقوم الرجال بتدريب النساء على حمل السلاح فتعليق على المسألة؟
الشيخ: أنا ما فهمت عليه.
مداخلة: يقول بأنه الآن في السودان باسم الجهاد في سبيل الله يُدَرِّبون النساء ويدربونهم كما يدربون الرجال على حمل السلاح وإطلاق النار ونحو ذلك من الأشياء وطبعا أظن الذين يقوم بتدريبهم الرجال أليس كذلك وماذا يلبسن يعني.
مداخلة: والله هو لباس كلباس الرجال.
الشيخ: ما أدري إذا كان الأخ السائل عنده فكرة سابقة حول التصفية والتربية سمعت قرأت شيئا مثل هذه الأمراض التي تنتشر وتزداد انتشاراً يوماً عن يوم هذه لا يُسأل كيف معالجتها، وإنما يؤكد لنا أن الطريق هو أن نظل سالكين في تحقيق التصفية والتربية، لأن معالجة هذه الأمراض هي كالطبيب الذي يعالج مرضاً ظاهرا على بدن المريض ولا يعالج المرض من جذوره المتمكنة من قلب هذا المريض الذي يطفح على جسده أثر ذلك المرض الداخلي، ولذلك فمن الخطأ أن نشغل أنفسنا فيما لو كنا نستطيع أن نعالج مثل هذه الأمراض الظاهرة من الخطأ أن نشغل أنفسنا لمعالجتها أو في معالجتها لأن هذه المعالجة لا تكون معالجة شافية ما دام أن المرض لا يزال متمكنا في قلب المريض، وهذا أقول مع القيد الذي ذكرته وهو إذا كنا مستطيعين معالجة هذا المرض الظاهر وهذا ليس في ملكنا ولا في طوقنا لأن الأمر في يد هؤلاء الحكام الذين انحرفوا عن الحكم
بالكتاب والسنة انحرافا كثيرا أو قليلا كلا بحسبه ولذلك ليس علينا إلا أن نحقق قول ربنا تبارك وتعالى في كتابه مع ضميمة حديث نبيه صلى الله عليه وآله وسلم إليه أعني قول الله عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ
…
} [المائدة: 105] مع استمرارنا على العمل بحديث الرسول عليه السلام الذي رواه أبو بكر الصديق حينما خطب في الصحابة وذكر ما معناه أنه قال إنكم لتتأولون هذا الآية بغير تأويلها ثم ذكر الحديث الذي يتضمن أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر المسلمين بأن يأمروا بالمعروف وأن ينهوا عن المنكر، بعد ذلك لا يضرنا من ضل إذ اهتدينا.
إذن فنحن لا نستطيع أن نعالج هذه الأمراض لأنها صدرت ممن القوة بيده لكن نستطيع أن نطبق الآية مع حديث الرسول عليه السلام وهي أن نستمر في الدعوة وبالتي هي أحسن ذاكرين أن مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليست مرتبة واحدة وإنما هي ثلاث مُصَرَّح بها في حديث أبي سعيد الخدري الذي رواه الإمام مسلم في الصحيح وهو والحمد لله معروف عند طلاب العلم جميعا ألا وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» أريد من تذكيري بهذا الحديث أننا حينما نقول لا نستطيع أن نعالج هذا النوع من المرض الذي ذكرته وأمثاله مع الأسف كثير وكثير جداً، ونحن نقول آسفين أننا لا نستطيع أن نأمر بالمعروف في أكثر الأحيان من الدرجة العليا وهي تغيير المنكر باليد بل أصبحنا في زمن لا نستطيع أن نُغَيِّر المنكر في كثير من الأحيان باللسان واضطررنا إلى أن نغير بالقلب فقط لفساد الزمان، من هنا جاء فضل الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر في آخر الزمان الذين قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حقهم:«لهم أجر خمسين» قالوا منا أم منهم؟ قال: «منكم» وعلل ذلك 0 وهنا الشاهد- «لأنكم تجدون على الحق أنصارا ولا يجدون على الحق أنصاراً» .
إذن ليس علينا في زمن الفتن هذه التي أحاطت بنا إلا أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر وفي حدود «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها» وأنا أذكر بمثل قوله تعالى {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} [الكهف: 6] لا شك ولا ريب أبدا أن هناك فَرْقاً واضحاً بين كفر الكفار وعنادهم المستمر مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في إعراضهم عن الإيمان بصدق نبوة الرسول عليه السلام حتى وعظه الله عز وجل بمثل هذه الآية فقال له {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} [الكهف: 6] أي لم يؤمنوا بالقران وببعثة الرسول عليه السلام قلت لا شك أنه هناك فرق كبير بين كفر الكفار الذين عناهم القرآن بهذه الآية وبين هؤلاء المسلمين الذين ينحرفون في كثير من الأحكام الشرعية عنها {
…
فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ
…
} [فاطر: 8] وهنا تأتي الآية السابقة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ
…
} [المائدة: 105] وبخاصة إذا كنا نحن نقوم بما نستطيع من تطبيق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي ذكره أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه خشية الاضطرار والوقوف عند ظاهر الآية {عليكم أنفسكم} أي لا تأمروا بالمعروف ولا تنهوا عن المنكر ليس هذا هو المقصود من الآية ولكننا نصل إلى الحقيقة السابقة وخلاصتها أننا نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر في حدود الاستطاعة ولا يضرنا بعد ذلك ضلال من ضل وابتعد عنا، هذا ما عندي، والله أعلم.
(الهدى والنور/788/ 56: 00: 00)