الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قتل السياح
السؤال: يسأل ما حكم قتل السياح الأجانب في الدول الإسلامية؟
الجواب: قتل السياح الكفار وقد يكونوا من أعداء الإسلام مع الأسف، لا يجوز قتلهم لسببين اثنين:
أولاً: أنهم يدخلون كمعاهدين، يدخلون كمعاهدين وهنا لا بد لي من وقفه.
الكفار في نظام الإسلام ثلاثة أقسام: ذميون وهم أهل الذمة، ومعاهدون ومحاربون.
أما أهل الذمة فهم الذين يختارون الحياة والعيش في الدولة الإسلامية تحت حكمها ونظامها بشرط كما قال تعالى أن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29]، ولذلك كان عليه الصلاة والسلام إذا جهز جيشاً وأمر عليهم أميراً أوصاه بوصايا منها «إذا لقيت المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث: إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، فإن أبو فادعهم أن يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون»، فإن أبوا فالجهاد أو القتال، فإذا خضع الكفار لدفع الجزية المذكور في الحديث والآية حينئذ يصبحون في التعبير العصري مواطنين، لكن المواطنين اليوم غير أهل الذمة فيما مضى من الأيام، لكن المواطن اليوم لا فرق بين المسلم والكافر، لا فرق بين المسلم واليهودي والنصراني، مع أن الإسلام يفرق بين هذا وهذا، فهؤلاء الكفار الذين يختارون أن
يعيشوا تحت حكم الإسلام ونظام الإسلام مقابل جزية يدفعونها هم أهل ذمة وهؤلاء دماؤهم وأعراضهم مصونة، محترمة لا يجوز الاعتداء عليها كما لا يجوز الاعتداء على حرمة مسلم.
ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: «من قتل معاهداً في كنهه لم يرح رائحة الجنة» المعاهد سيأتي بيان الفرق بينه وبين الذمي قريباً إن شاء الله، فإذا كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول فيمن قتل المعاهد الكافر: أي بغير حق «لم يرح رائحة الجنة» وفي بعض الأحاديث الصحيحة «وإن ريحها لتوجد من مسيرة مائة عام» هذا الذي يقتل كافراً معاهداً بغير حق لا يدخل الجنة ولا يجد ريحها وإن ريحها لتوجد من مسيرة مائة عام، هؤلاء هم أهل الذمة هم الذي يعيشون تحت راية الدولة المسلمة.
القسم الثاني هم المعاهدون: أي هم الكفار الذين يعيشون في بلادهم ليس في بلاد الإسلام لكن يدخلون بلاد الإسلام باتفاق مع الدولة المسلمة وبشروط ومعاهدات، فهؤلاء لا يجوز الاعتداء عليهم للحديث السابق؛ لأنهم هم الذين يُسَمَّون بالمعاهدون.
القسم الثالث: وهم المُحَارَبون أي: الذين يحاربهم المسلمون فهم أعداء الدين وأعداء المسلمين فإنهم لا يستجيبون لدعوتهم ولا يعطون الجزية وهم صاغرون بل هم مهيئون أنفسهم لمقاتلة المسلمين، هؤلاء هم المحاربون، هؤلاء يجوز قتلهم أينما ثقفوا، أينما وجدوا، وأوضح مثال في هؤلاء هم اليهود الذين احتلوا فلسطين، ولكن إذا دخل كافر كما جاء في السؤال من هؤلاء السائحين أو الزائرين هؤلاء ما دخلوا بلدنا الإسلامي إلا بإذن من الحاكم المسلم ولذلك فلا يجوز الاعتداء عليه؛ لأنه معاهد، ثم لو وقع وقد وقع وأكثر من مرة أن اعتدى مسلم على هؤلاء سيكون عاقبة ذلك أن يقتل هو وربما أكثر منه أو أن يسجن أو أو، فلا يحصل من وراء الاعتداء على دم مثل هذا السائح وفي البلد المسلم لا
يحصل من وراء ذلك فائدة إسلامية بل هو مخالف للحديث السابق ذكره «من قتل معاهداً في كنهه» أي: في معاهدته وأمانه «لم يرح رائحة الجنة» إلى آخر الحديث. نعم.
(الهدى والنور/714/ 25: 31: 00)
(الهدى والنور/714/ 58: 31: 00)
نصيحة لمن يقوم بتدمير بعض أماكن الفساد وقتل بعض الفسقة مما يترتب عليه مفاسد أعظم
يقول الأخ السائل: ما هي نصيحتكم لبعض الشباب المسلم الذي يقوم في بعض البلاد الإسلامية اليوم بتدمير بعض أماكن الفساد وتقتيل بعض الفسقة أو الكفار بحجة أن ذلك من الجهاد أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع ترتب مفاسد كثيرة على ذلك، فما هو جوابكم جزاكم الله خيراً؟
الشيخ: جزاك الله خيراً كثيراً، ومعذرة فقد ذهب من ذهني الكليل من الشيخ الكبير بعض الألفاظ في أول السؤال فأرجوك أن تعيد علي أول السؤال.
مداخلة: يقول الأخر السائل: ما هي نصيحتكم لبعض الشباب المسلم الذي يقوم في بعض البلاد الإسلامية اليوم
…
الشيخ: شكراً فهمت .. لقد أحسنت حينما قلت بأن جواب هذا السؤال يمكن أن يؤخذ من أجوبتي ومن جوابي الأول المفصل لكن كما قلت بارك الله فيك: لا بد مما لا بد منه.
فأقول: إن هذا العمل الفردي الذي يقوم به بعض الأفراد في بعض البلاد الإسلامية من القتل والكسر وسفك الدماء ونحو ذلك، هذا عمل غير مشروع؛
لأنه لم يوجد السبب الذي يسمح بمثله .. السبب الذي يسمح بمثله: أن يكون هناك حكم قائم بالإسلام كما في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وفي عهد الخلفاء الراشدين والملوك من ملوك المسلمين الذين كان يغلب خيرهم شرهم فهناك كان يمكن إذا أمر الحاكم المسلم بتنفيذ أمر مثل هذه الأمور التي جاء السؤال عنها كقتل بعض الفجار أو الكفار من المحاربين للمسلمين حينئذ يجب تنفيذه.
أما أن يقوم أفراد في دولة تعلن أن دستورها الإسلام لكنها مع الأسف الشديد لا تعرف من الإسلام إلا اسمه ولذلك فهم يتمنون من أفراد المسلمين كل المسلمين أن يتظاهروا بمثل هذا الذي هو اعتداء على بعض الأفراد الذي لا يجوز حتى في نظرنا نحن العلماء أو الفقهاء أو طلاب العلم من المسلمين .. يتمنى أولئك الحكام أن يكون كل مسلم في أرضهم يتظاهر بمثل هذا التظاهر للقتل للأبرياء ليتخذوا ذلك وسيلة ووليجة لسفك دماء هؤلاء المسلمين الذين يجب عليهم أن يدخروا حياتهم ويدخروا دماءهم لذلك اليوم الذي نحن نخطط لأن يأتي وذلك بعد تحقيق التصفية والتربية والتكتل الذي قام على الكتاب والسنة.
نحن نقول: بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صحيح أنه قال: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» ولكن العلماء الذين أحاطوا بفقه الكتاب والسنة إحاطة السوار بالمعصم كما يقال، هؤلاء الفقهاء الذين جمعوا أحكام الإسلام كلها وعرفوا الخاص والعام، والمُقَيَّد والمطلق، والناسخ والمنسوخ ونحو ذلك هؤلاء قالوا:«من رأى منكم منكراً فليغيره بيده» ليس محصوراً الأمر في تغيير المنكر باليد بل له هذه المراتب الثلاثة، وما ذاك إلا من جمال التشريع وحكمته؛ لأن الله عز وجل الذي خلق العباد وأمرهم بما يطيقونه يعلم أن كثيراً من المنكرات لا يمكن تغييرها
دائماً باليد ولذلك قال عليه الصلاة والسلام في تمام الحديث: «فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» ولقد طبق النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذا التسلسل في إنكار المنكر في بعض تصرفاته الحكيمة من مثلها أخذ العلماء قولهم: «من كان آمراً بالمعروف فليأمر بالمعروف» أخذوا ذلك من مثل قوله عليه الصلاة والسلام حينما نصره الله على مشركي مكة وفتح له مكة فصلى في جوف الكعبة كما هو معلوم فلما خرج عليه الصلاة والسلام أرادت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن تدخل الكعبة وأن تصلي فيها تحقيقاً منها لقول ربنا تبارك وتعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31] فلما عرف ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منها قال لها: «صلي في الحجر فإنه من الكعبة ولولا أن قومك حديثو عهد بالشرك لهدمت الكعبة ولبنيتها على أساس إبراهيم عليه الصلاة والسلام ولجعلت لها بابين مع الأرض باباً يدخلون منه وباباً يخرجون منه» فترك عليه الصلاة والسلام بناء الكعبة على ما بناه عليه المشركون خوفاً من أن يشك بعض المؤمنين أو بعض حديثي العهد بالإيمان ..
أن يشكوا في إيمانهم وإسلامهم إذا رأوا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد هدم الكعبة لجهلهم بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يريد هدم الكعبة لإعادة بنيانها على أساس إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
فإذاً: هو لم يغير المنكر بيده فنزل من هذه المرتبة الأولى إلى المرتبة الثانية فبين عليه الصلاة والسلام أن الحجر من الكعبة، وأنه لولا هذا المانع لأدخل إلى الكعبة الحجر وبعد وفاته عليه الصلاة والسلام وفي زمن أحد ملوك بني أمية والقتال الذي جرى مع الأسف بين عبد الله بن الزبير وبين الحجاج الظالم المبير وتمكن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما من إعادة الكعبة على أساس إبراهيم عليه السلام ثم وقع مع الأسف أن أعيدت الكعبة إلى ما كانت عليه من قبل أي: إلى ما كانت عليه في زمن الجاهلية؛ لأن الحاكم يومئذ كان جاهلاً بحديث عائشة رضي الله عنها وهذا القصة كنت قد ذكرتها في المجلد الأول من كتاب سلسلة الأحاديث الصحيحة فمن شاء رجع إليها.
هل من مجال أن أذكر مثالاً آخر أم انتهى الوقت؟
مداخلة: أقول: لأنه لا نستطيع أن نفوت ذلك.
الشيخ: طيب جزاك الله خير! مثال آخر: جاء في مسند أحمد أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى في منامه أنه بينما كان يمشي في بعض أزقة المدينة لقي رجلاً من اليهود فقال له: نعم القوم أنتم معشر يهود لولا أنكم تشركون بالله فتقولون: عزير ابن الله، فقال له ذلك اليهودي في المنام: ونعم القوم أنتم معشر المسلمين لولا أنكم تشركون بالله فتقولون: ما شاء الله وشاء محمد ثم مضى يمشي.
فلقي رجلاً من النصارى فقال له: نعم القوم أنتم معشر النصارى لولا أنكم تشركون فتقولون: عيسى ابن الله، فقال ذاك النصراني: ونعم القوم أنتم معشر المسلمين لولا أنكم تشركون بالله فتقولون: ما شاء الله وشاء محمد - صلى الله على محمد -.
وفي الصباح قص رؤياه على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال له: «هل قصصت رؤياك على أحد؟ قال: لا، فخطب عليه الصلاة والسلام في الصحابة الكرام قائلاً: ما بال أقوام يقولون: ما شاء الله وشاء محمد؟ ! لا يقولن أحدكم: ما شاء الله وشاء محمد ولكن ليقل: ما شاء الله وحده» قال في رواية في هذه القصة وهو الشاهد قال عليه الصلاة والسلام: «كنت أسمعكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد فأستحيي منكم» الشاهد هنا: كان عليه الصلاة والسلام يسمع مثل هذا الشرك الذي نسميه نحن بالشرك اللفظي ويقابله الشرك القلبي، والشرك اللفظي لا يخرج به صاحبه من الملة بخلاف الشرك القلبي فهو الذي يخرج به من الملة؛ لذلك في الوقت الذي دعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قومه إلى عبادة الله وحده:{أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36] وحينما استجاب له من استجاب من المؤمنين كان يسمعهم بناءً على عادتهم في القديم يحلفون بغير الله، والآن أصبحوا
مؤمنين بالله وبمحمد فهم يقولون: ما شاء الله وشاء محمد يريدون بذلك أن مشيئة محمد بمشيئة الله يعنون: أن طاعة محمد من طاعة الله كما هو منصوص في القرآن الكريم: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80] ولكنهم لم ينتبهوا للفرق بين مثل هذه الآية: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80] وبين قولهم: ما شاء الله وشئت، فإنه يعني في ظاهر العبارة أن مشيئة الرسول عليه السلام مؤثرة كمشيئة الله التي لا يقف أمامها شيء كما قال رب العالمين:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: 29] لم ينتبهوا لذلك؛ لهذا كانوا يقولون وعلى مسمع منه عليه السلام: ما شاء الله وشئت فكان يسكت، لماذا؟ خشية أن يتضرروا بمثل هذا التنبيه حتى أذن الله عز وجل له بتنبيههم عن أن يقعوا في مثل ذلك الشرك اللفظي.
ولذلك في حادثة أخرى كان إنكاره فيه شدة لم تعهد له أو منه عليه السلام من قبل؛ وذلك ما رواه أيضاً الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه: «أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطب يوماً فقال رجل من الحاضرين: ما شاء الله وشئت يا رسول الله! فغضب عليه الصلاة والسلام ولم يغضب هناك - وقال: أجعلتني لله نداً؟ ! قل: ما شاء الله وحده» .
بهذا الحديث الصحيح أنهي جوابي عن ذاك السؤال الذي يؤسفني أن يكون هو الأخير، ولكن لعلي أحظى فيما بعد في مثل هذه الأسئلة النافعة لأكون مشاركاً معكم بلفظي ولو كنت بعيداً عنكم بجسمي فحسبي.
مداخلة: جزاكم الله خيراً يا شيخنا، هناك سؤال وفي الحقيقة هو ليس سؤالاً ولكن الأخ الذي كتب السؤال قال عنه مهم جداً جداً وأكد على هذا السؤال، والسؤال في الحقيقة هو من بدهيات الإسلام ولكن أحببنا أن ننزل عند رغبة هذا الأخ، فيقول الأخ: حتى يكذب بعض الناس في ظنهم وفي عدم تصورهم بأهل المنهج الحق، هل تحبون أن تموتوا شهداء في سبيل الله؟
الشيخ: اللهم أمتني شهيداً في معركة في الجهاد في سبيل الله كما أمرتنا كتاباً وسنة وعلى منهج السلف الصالح فأرجو أن تعيد هذا الدعاء إلى السائل فهل يُؤَمِّن عليه أم لا؟
مداخلة: جزاكم الله خيراً يا شيخنا، ونسأل الله أن يعظم بكم النفع، وأن يكتب لكم الأجر، وأن يجعلكم نصرة للحق وأهله وشوكة في حلوق أهل الشرك والانحراف والبدعة إنه سميع مجيب وجزاكم الله خيراً يا شيخنا.
الشيخ: وبارك الله فيكم جميعاً وسلامي الإسلامي الخالص إليهم مودعاً بقولي: والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(الهدى والنور / 691/ 55: 54: 00)