الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حول قوله تعالى:
(فقاتل في سبيل الله)
..
السؤال: يقول تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ} [النساء: 84] هل المخاطب في هذه الآية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أم عامة المسلمين؟
الشيخ: قبل الإجابة عن السؤال أريد أن ألفت النظر إلى خطأ شائع، ألا وهو قول القائل: يقول تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أو بعده، هذا خطأ، وما أنت أول سار غره قمر، كل المذيعين وكل المتكلمين يقولون هكذا.
مداخلة: والخطباء أيضاً.
الشيخ: آه، يجب أن يقول القائل إذا أراد أن يستشهد أو أن يسأل: ماذا تقول يا فلان في قوله تعالى: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 84] لا نقول: ماذا تقول في قوله الله بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ما قال الله: بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وبعضهم يقول: قال الله: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، هذه أشكل وأشكل.
المهم لا شك أن الخطاب هو موجه لشخص الرسول عليه السلام، لكن نحن نعلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا خوطب بأمر عامة المسلمين يخاطبون بنفس هذا الخطاب، وبخاصة في مثل هذه الآية، هل يسبق إلى ذهن أحد بأنه عليه السلام إذا قال:{فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 84] يعني: وحدك، مثل هذا السؤال معقول أن يتوجه إلى مثل قوله تعالى:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65] لأن الشرك ما
هو عمل اجتماعي وتعاوني، وإنما هو شيء متعلق بقلب كل مكلف، فإذا قال الله عز وجل:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ} [الزمر: 65] مخاطباً الرسول عليه السلام {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65] هنا ممكن أن يقال مثل هذا السؤال: يا ترى هذا الخطاب الموجه للرسول عليه السلام يوجه إلى كل فرد من أفراد الأمة أم لا؟
بالنسبة للآية التي تلوتها أنا نقول: بلا شك، إذا كان الله عز وجل يخاطب نبيه المعصوم ليس عن الشرك فقط، بل عن كل الذنوب، يخاطبه بقوله، وهذا الوعيد الشديد:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65] فمن باب أولى عامل المسلمين.
أما قوله: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 84] فلا يمكن أن يكون مقاتلته عليه السلام في سبيل الله إلا ومعه جمهور المسلمين، بالإضافة إلى هذه الملاحظة التي يقتضيها العمل الجهادي هو ما قلناه آنفاً: أن الخطاب الذي يوجه إلى الرسول عليه السلام هو خطاب لجميع الأمة، بل قد ذكروا في علم الأصول أن الخطاب الموجه إلى فرد من أفراد الأمة يشمل كل فرد من أفراد الأمة، قال الصحابي مثلاً وهو علي بن أبي طالب:«نهاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن خاتم الذهب» لا يقول قائل: هذا النهي مختص بعلي رضي الله عنه، لأن الخطاب الموجه إلى فرد من أفراد الأمة موجه إلى كل فرد من أفراد الأمة، فبالأولى والأحرى أن يكون مثل هذا الخطاب {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 84] أن يكون الخطاب موجه للرسول والذين سيجاهد معهم الرسول عليه السلام وهم المسلمون.
السؤال: المخاطب فيه المسلمون جماعة، ولأفراد كمسلمين، يعني: ما فيش جماعة إسلامية؟
الشيخ: هذا سؤال آخر بارك الله فيك.
السائل: بخصوص
…
أفراد مكلفين فرادى، أم من تحت ظل جماعة
إسلامية؟
الشيخ: لا، مو مكلفين فرادى، هذا بحث ثاني، يجب أن يكون الجهاد في سبيل الله هو تحت راية إسلامية لها أمير ولها نظام، وهذا النظام لا يخرج عن دائرة الإسلام وعن نظام الإسلام الثابت في الكتاب والسنة، ولكن هنا شيء وهو الجهاد ينقسم إلى قسمين: جهاد لنقل الدعوة وجهاد للدفاع عن النفس، فالجهاد في سبيل الدفاع عن النفس كل فرد حينذاك مكلف أن يقاتل بما يستطيع من قوة، أما الجهاد الذي ينبغي أن يكون كوسيلة لنقل دعوة الإسلام إلى من حول المسلمين فهذا لا يجوز إلا أن يكون تحت راية إسلامية، ولها أمير ومبايع، فلكل كما يقال: لكل مكان جواب، إذا هوجمنا في عقر دارنا، إذا هوجم الرجل في عقر داره ألا يدافع؟ وإذا هوجمت البلدة يدافع، ما ننتظر هنا التنظيم الذي يأمر به الإسلام وهو إيجاد قائد مسؤول وينظم ويهيئ وو .. إلخ، ولهذا يجب التفريق بين الجهاد الذي هو في سبيل الدفاع، وبين الجهاد الذي يراد به تنشيط حركة الدعوة الإسلامية، والحد من الأعداء الذين يقفون حجر عثرة في سبيل نشر الدعوة الإسلامية.
(الهدى والنور / 260/ 45: 52: 00)