الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقه الموازنات الشرعية
السائل: ننتقل شيئًا ما إلى فقه الدعوة ما هو فقه الموازنات الشرعية؟
الشيخ: الموازنات الشرعية
السائل: [ .. ]
الشيخ: ما أفهم هذه الكلمة
السائل: وما هو فقه حديث: «يا عائشة لولا أن قومك حديثو عهدٍ بالإسلام لهدمت الكعبة» وهل يمكن أن يتخذ هذا الحديث قاعدة في ترجيح المفسدة أو المصلحة مثلاً كمثال يعني إنسان يريد أن يطبق حكم المصافحة يعني لا يريد أن يصافح النساء لأن ذلك لا يجوز وبذلك تقف أمامه مشكلة عظيمة وهو أمام أمرين إما أن يقطع رحمه وإما أن يصافح فيقول البعض له قطع الرحم مفسدة عظيمة ودرء المفاسد أولى من جلب المصالح فلذلك عليك أن تصل رحمك وأن تصافح.
الشيخ: نعم. أقول هذا الكلام صحيح، وأن هذا الحديث دليل على هذه القاعدة لكن المشكلة هو التطبيق، فحينما يقول القائل إنه إذا امتنع من مصافحة النساء لزم من ذلك الوقوع في قطع الرحم، ترى هل ذلك صحيح؟ أم هو من باب المبالغة واتخاذ أدنى الأسباب للتسامح في ارتكاب بعض المخالفات بدعوى أن هذه المفسدة تؤدي إلى مفسدة أكبر من هذه المخالفة، فالقاعدة من الناحية النظرية لا شك في صحتها، ولكن المهم صحة تطبيقها هذا من جهة، ومن جهة أخرى هذا الباب إذا لم يتقن تطبيقه بدقة متناهية فتح على الداعية باب
من الخطورة من الخطورة بمكان، فسيترك الشرع في هذه المسألة ثم في الثانية ثم في الثالثة فينقلب الأمر أنه فعل ذلك لكي يدعو الناس إلى الإسلام وإذا به هو ينحرف عن الإسلام في كثير من أحكامه مسايرة منه للجمهور الذي يعيش بين ظهرانيه.
أنا الآن لا أتصور هل الإنسان بخصوصه، لا أتصور مسلمًا يقوم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيقع بين مفسدتين كبرى وصغرى، الصغرى المصافحة والكبرى قطع الرحم، أنا لا أتصور أن هذه المقاطعة ستقع لا من طرفه هو مباشرة كما هو واضح لأنه يطبق الشرع، ولا من طرف الآخرين الذين اعتادوا أنه لا شيء في المصافحة، وأذكر الآن أنني لما كنت في الجامعة الإسلامية أُدرّس فيها منذ نحو قرابة ثلاثين سنة علمت أن في بعض البلاد العربية المجاورة لهذا البلاد عادة في بعض القبائل أن رجل غريب إذا زار دار أخ له وتخرج امرأة وتُسَلِّم عليه ويكون من تمام السلام أن يقبلها، وأن تقبيل الرجل للمرأة الغريبة عنه لا شيء في ذلك أبدًا لأن هذا من عادات تلك القبيلة.
والشيء [ .. الذي] يُذكر أن هناك حزبًا إسلاميًا معروفًا في بلاد السورية والأردنية وربما في بلاد أخرى ألا وهو حزب التحرير قد أنكر باب سد الذريعة مطلقًا، وبناء على هذا الإنكار أنكر كل الوسائل ولو كان يغلب على الظن لأنها تؤدي إلى منكر أكبر، وعلى ذلك فقد أجازوا للمسلِّم على المرأة الأجنبية أن يصافحوها، وأجازوا أيضًا عند السلام عليها بالسلام الإسلامي أن يقبلها لكن قالوا -وأرجو أن لا تضحكوا- يجوز له أن يقبلها بشرط أن لا يقبلها بشهوة، الشاهد فالقاعدة في أصلها صحيحة لكن حقيقة تطبيقها فيها دقة متناهية، ولذلك لا يسمح بتطبيق هذه القاعدة إلا لرجل عالم بالإسلام وورع وتقي، وإلا قد تزل به القدم -لا سمح الله- وعلى هذا فالجواب الحديث بلا شك قاعدة، لكن من الذي طبق هذه القاعدة هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهل يقاس به كل عالم ولا كل
طالب علم وبالأولى لا أقول كل مسلم بل هل يقاس العالم ،والعالم بالكتاب والسنة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إن قيل بهذا القياس فهو من باب القياس الحدادين على الملائكة وهذا كما يقول المحرر في أذهانه: القياس كله باطل ولو كان منه حق لكان هذا منه عين الباطل، هذا كلام سليم في آخره لا في أوله، لعلي أتممت الجواب عن السؤال.
السائل: كنت أريد أن أبين شيء قد بينت منه جزء هو هل يجوز مثلاً لطالب تخرج من جامعة بدرجة البكالوريوس في العلوم الشرعية أن يطبق من هذه القاعدة أحكام .. ؟
الشيخ: لا ما يجوز، وأنا ما أجبت على جزء منه أجبته كلي ،لا يجوز إلا إن كان عالمًا متمكنًا بالكتاب والسنة من جهة وأن يكون رجلاً معروفًا بالصلاح والتقوى، وهذا لا يمكن أن نشهد لشاب متخرج هذا التخرج الحديث، إلا أن يكون قد مضى عليه سنين طويلة وطويلة جدًا حتى شاخ في العلم وفي [الفقه] والسنة الصحيحة هذا يمكن أن يقال إنه يحسن أن يطبقها.
السائل: جزاك الله خيرًا.
(فتاوى جدة- أهل الحديث والأثر (16) /01: 58: 26)