الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم قولهم: فلان شهيد
مداخلة:
…
فلان شهيد أو استُشْهِد في سبيل الله.
الشيخ: الشهيد في الإسلام يا إخواننا الكرام! له حالتان:
إما أن تكون شهادته حقيقية، وإما أن تكون شهادته حكمية وليست حقيقية.
الشهادة شهادتان:
الشهادة الأولى: هو القتيل من المسلمين يقع شهيداً في المعركة وهو يقاتل في سبيل الله، فهذا هو الشهيد حقيقةً وهذا له أحكام معروفة في الإسلام، فهو لا يُغَسل ولا يُكَفن، ويدفن في ثيابه التي تضمخت بالدماء الزكية، ويدفن في المكان الذي وقع فيه صريعاً، فهذه أحكام خاصة للشهيد في المعركة.
ثم هناك شهادة حكمية ولا يترتب من ورائها شيء من هذه الأحكام المتعلقة بالشهادة أو الشهيد الحقيقي، فهذا النوع من الشهادة وهي الشهادة الحكمية إنما تؤخذ بطبيعة الحال مما حكم الشارع الحكيم بأن من اتصف بكذا فهو شهيد، مثلاً: يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «من مات دون ماله فهو شهيد، ومن مات دون دمه فهو شهيد، ومن مات دون أرضه فهو شهيد» .. من قتله بطنه فهو شهيد .. من قتل بالغرق أو الهدم فهو شهيد .. من قتل بداء السل فهو شهيد .. المرأة الجمعاء تموت في نفاسها فهي شهيدة .. هذه بعض النماذج مما صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أُطْلِق عليه اسم شهيد.
ومع ذلك فالعلماء مجمعون على أن هذا الإطلاق لا يعطيه فضيلة الشهيد حقيقةً الذي مات في المعركة، وإنما هو من باب التقريب في الفضل، يعني: هؤلاء الذين أطلق عليهم الرسول عليه السلام أنهم، أو أن كل واحد منهم شهيد
له فضل لا يساويه في ذلك سائر الناس الذين لا يموتون في حالة من هذه الأحوال.
ألسنتكم .. «جاهدوا المشركين بأنفسكم وأموالكم وألسنتكم» فهذا الذي يؤلف المقالات أو يطبع الرسالات في الرد على الكفار المشركين هذا نوع من الجهاد بلا شك، فهذا الذي يساعد هؤلاء بماله فهو أيضاً نوع من الجهاد في سبيل الله عز وجل، لكن لا يسمى شرعاً إذا مات والحالة هذه إنه شهيد؛ ذلك لأن الشهادة حكم شرعي لا يجوز إطلاقه على كل من جاهد في سبيل الله نوع من أنواع الجهاد، وإنما هو الوقوف مع النص.
نحن نضرب لكم مثلاً برجل قلما ولدت النساء مثله في الجهاد بالمعنى العام ألا وهو شيخ الإسلام ابن تيمية، ويكفيكم أنه مات في السجن محبوساً ظلماً وعدوانا؛ لأنه كان يصدع بالحق ولا تأخذه في الله لومة لائم.
فأرونا أي كتاب من كتب علماء المسلمين الذين يترجمون لهذا الرجل ويبينون أنه كان أمة وحدة، وصفوه بابن تيمية الشهيد .. الشهيد ابن تيمية.
الحق والحق أقول: إن هذه الكلمة أصبحت اليوم مبتذلة إلى درجة نضحك نحن من بعض الناس أن رجل قتل آخر ظلماً وبغياً وعدونا فيأتي آخر فيقتل القاتل وإذا .... بهذا القاتل الذي صار قتيلاً وأخذ جزاءه في الدنيا حينما يحمل على النعش على الرؤوس تسمع الناس يقولون: والشهيد حبيب الله، فأصبحت الشهادة كلمة مبذولة عندنا في سوريا كانت شاعت قصة رجل في الحرب مع اليهود اسمه: جورج جمال، يمكن سمعتم باسمه! هذا رجل نصراني وأصبح بين الناس حتى المسلمين بجهلهم وضلالهم وبعدهم عن الإسلام الشهيد: جورج جمال، وحتى أطلق اسمه على مدرسة ولافتة كبيرة مدرسة الشهيد جورج جمال، ما الذي سوغ هذا الانحراف البالغ في إطلاق هذا الاسم حتى على الكافر؟ تساهلنا نحن في استعمال هذه الكلمة حتى أدخلنا فيها أو تحتها أي
معنىً له منزلته في الإسلام، هذا لا يجوز إسلامياً.
يجب أن نقف كما قال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: 229] .. {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق: 1] فنحن إذاً خلاصة الكلام: لا نطلق لقب أو اسم الشهيد إلا على ما جاء في السنة بأنه شهيد مهما كان عمله عظيماً كما ضربنا لكم مثلاً بهذا الرجل العظيم ألا وهو: شيخ الإسلام ابن تيمية الذي مات وهو سجين، لا نقول عنه إنه شهيد.
وإن كنا نريد أن نطلق هذه الكلمة على بعض الناس من الأبطال الذين أبلوا بلاءاً حسنا في سبيل خدمة الإسلام ومحاربة أعداء الإسلام لقلنا: الشهيد ابن تيمية ولكن حاشا لله أن نعلم الناس بألفاظ ما جاء الإذن لنا في شريعة الله عز وجل أن نستعملها، وفي ذلك عبرة لمن يعتبر وذكرى لمن يتذكر.
(الهدى والنور / 793/ 57: 38: 00)