الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كيف نجعل الناس يستجيبون لدعوتنا
السؤال: الله يجزيكم الخير شيخنا لقد أعدتم تأصيل العقيدة في هذا البلد ولكن الدعوة أو منهاج الدعوة بين الناس قد يحتاج في بعض الأحيان إلى شيء غير العقيدة، فمثلاً على سبيل المثال عندما نكلم شخص عن الصلاة قد لا يستمع لنا ولا يلقي لنا بالاً، مع العلم بأن الصحابة رضوان الله عليهم في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منهم مثلاً مصعب بن عمير ذهب إلى المدينة فأسلم كل أهل المدينة على يديه وأبو ذر الغفاري مكث مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم شهراً واحداً ثم ذهب إلى غفار فأسلم كثير من قومه على يديه، وهو لم يتعلم شيئاً من أمور الدين، نحن المتعلمون أو من نعد أنفسنا متعلمين نتكلم مع الناس ولا يلقون لنا بالاً ولا يضعون أذناً صاغية لنا ماذا نفعل؟ أو على أي منهاج نسير بعد العقيدة حتى نستطيع أن نخرج الناس مما هم فيه، أفيدونا جزاكم الله خير.
الجواب: الإسلام ليس عقيدة فقط، الإسلام عقيدة وأحكام، عبادات وأحكام، وسلوك وأخلاق، فقلنا نحن آنفاً ونقول: دائماً إن العلم يبدأ ويسبق العمل ويسبق العقيدة في ذلك قال الله عز وجل في الآية التي سبق أن ذكرناها {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19]، نحن الآن ابتلينا بكثير من الفلسفة فنقول: نريد منهاجاً المنهاج موجود في القرآن وفي السنة، {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: 125].
وأنت الآن تقول: ندعو الناس إلى الصلاة فما يستجيبون، أخي هذا سؤال ليس نابعاً من العلم الذي يجب أن نتعلمه لماذا؟ لأننا لسنا مكلفين أن نهدي قلوب الناس إلى الحق الذي ندعو الناس إليه وإنما نحن مكلفون بالدعوة فقط
فقولك ندعوهم إلى الصلاة ولا يستجيبون، طيب، وما العمل؟ هل نضطرهم؟ قال تعالى:{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} [الكهف: 6]، فضلاً عن العامة، جاء في مسلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:«عرضت علي الأمم فرأيت سواداً في الأفق فأعجبني كثرته فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء موسى وقومه، ثم نظرت هكذا فرأيت سواداً أعظم قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء أمتك يا محمد! قال: -وهنا الشاهد- ثم عرض علي النبي ومعه الرهط والرهطان والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد» ما معنى هذا الحديث؟ معناه أن الأنبياء التي دعوتهم كلهم حق مع ذلك نسبة الأتباع تختلف كثرة وقلة مع هؤلاء الأنبياء التي دعوتهم دعوة حق لا خلاف بينهم، فإذاً ما وجه الغرابة أنك تقول: ندعو تاركي الصلاة إلى الصلاة فلا يستجيبون، معنى ذلك أن الأرض غير مستعدة لتقبل هذا الخير، هذا المطر من الخير.
لكن لا يفوتني أنه جاء في أثناء كلامك أن الصحابي كان ليس معه شيء من العلم، فأظن أن هذه لغوة لسان لأنه ما يخرج ليدعو إلا وقد ملأ الله قلبه علماً وإيماناً لكن لعلك أردت أن تقول ما عنده كثير من العلم مثل حكايتنا يعني.
فعلى كل حال المنهج مذكور في الكتاب والسنة، فما علينا نحن إلا أن نسلك سبيل المؤمنين علماً وعملاً وإخلاصا، {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108]، كنت أردت أن أقول: إن سبب عدم تأثير دعوة بعض الدعاة في المدعوين يعود إلى أمرين اثنين أو على الأقل إلى أحدهما.
أما الأمران فهو قلة العلم وقلة الإخلاص في العمل أيضاً، أردت أن أقول هذا ثم تذكرت حديث الرهط والرهطين والرجل والرجلين والنبي وليس معه أحد ما استطعنا أن نقول في النبي أنه كان يدعو بغير علم وأنه كان يدعو بغير إخلاص.
إذا سنقول الآن غير ما أردت أن أقوله قبل أن ألقي على مسامعكم هذا
الحديث، أي داعية يدعو قوماً إلى الحق سواء كانوا مشركين كفار يدعوهم إلى الإسلام وهم لا يستجيبون له أو كانوا مسلمين ولكن مع إسلامهم منحرفين عن كثير أو قليل من الإسلام، هذا الداعية أو ذاك حينما يدعو هؤلاء أو أولئك إما أن يكون في دعوته محقاً ومخلصاً ومع ذلك لم يجد أثر دعوته فالعلة حينئذ في المدعوين وإما أن يكون العلة منه وكما يقال: دود الخل منه فيه.
ولا يمنعني شيء من أن أقول: إن كثيراً من الدعاة قد يتوفر فيهم الأمران العلم والإخلاص ومع ذلك لا يجدون الأثر وقد لا يتوفر فيهم العلم والإخلاص أو على الأقل أحدهما فلا يجدون الأثر. إذاً إذا شعر أحدنا بأن دعوته لا تصل إلى قلوب المدعوين فليتهم نفسه هذا خير له من أن يتهم غيره.
(الهدى والنور /730/ 20: 40: 00)