المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌قتلى الفتن مداخلة: هنالك يا شيخ من يقول: من يقتل الآن - جامع تراث العلامة الألباني في المنهج والأحداث الكبرى - جـ ٩

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌الجهاد

- ‌إعداد العدة للجهاد

- ‌إعداد العُدَّة للجهاد

- ‌كيفية إعداد العُدة الحسية

- ‌التفريق في حكم الجهاد بين حالةالضعف وحالة القوة

- ‌كيف السبيل إلى الجهاد في ظلحكومات لا تحكم بالشريعة

- ‌الإسلام يُحَارَب والحكوماتصامتة، فما الحل

- ‌استئذان الأبوين في الجهاد

- ‌إذن الوالدين في الجهاد

- ‌الذهاب إلى الجهاد أم البقاء مع الوالدين

- ‌حديث: فيهما فجاهد

- ‌التحالف مع الكفار

- ‌الاستعانة بالمشركين في الحرب

- ‌حكم العمليات الانتحارية

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌هل يجوز الانتحار لامرأة صوناً لعرضها

- ‌الجهاد الفردي

- ‌‌‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌حكم الاغتيالات

- ‌حكم الاغتيالات والتفجيراتفي الدول الغربية

- ‌الاغتيالات

- ‌قتل الطواغيت

- ‌قتل السياح

- ‌الفرق بين دار الإسلام ودار الكفر

- ‌الفرق بين دار الإسلام ودار الكفرودار الحرب

- ‌الجهاد الأكبر والجهاد الأصغر

- ‌أنواع الجهاد

- ‌تصوير الفيديو في الجهاد

- ‌ترك الجامعات للجهاد

- ‌الجهاد في العالم الإسلامي

- ‌حكم قَتْل من اعتدى على مسلمبالتعذيب من الكفار

- ‌حول قوله تعالى:(فقاتل في سبيل الله)

- ‌مدرس في ساحة الجهاد

- ‌سلب الأعداء في الجهاد

- ‌تارك للصلاة قُتل فيساحات الجهاد

- ‌قتال مانعي الزكاة

- ‌حديث: لا يجتمع دينانفي جزيرة العرب

- ‌الحج إلى البيت الحرامأثناء حرب الخليج

- ‌تهديد المسلمين بالفتك بهمأثناء الجهاد

- ‌قتلى الفتن

- ‌جهاد المرأة

- ‌توحيد القيادة في الجهاد

- ‌حديث: من لم يجاهدأو يُحَدِّث نفسه

- ‌أسرى الحرب

- ‌التبرع للجهاد

- ‌الجهاد مع الروافض

- ‌الجهاد مع وجود بدع وشركيات

- ‌جهاد الأقليات المسلمةفي الدول الكافرة

- ‌تفريق بعضهم بين من قُتلفي الله ومن قتل في سبيل الله

- ‌حدود الاستطاعة في الجهاد

- ‌حكم قولهم: فلان شهيد

- ‌هل يُجْزَم بأن فلاناً شهيد

- ‌بيان خطأ الناس بتوسعهمفي قولهم: فلان شهيد

- ‌نقاش مع الشيخ علي خشانحول مسائل الجهاد

- ‌رد شبهات مُدّعي الجهاد

- ‌كتاب الدعوة والدعاة

- ‌من أصول الدعوة

- ‌الدعوة والعهد المكي

- ‌باب منه

- ‌الدعوة بين أمور الدنيا والدين

- ‌السرية في الدعوة

- ‌المنهجية الدعوية في ظلتَعَدُّد الجماعات

- ‌الدعوة والمصالح المرسلة

- ‌واجب الدعاة مع اختلاف المجتمعات

- ‌طريقة الدعوة في الدول التيتُضْطَهد فيها الدعوة

- ‌الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عيني أم كفائي

- ‌فقه الموازنات الشرعية

- ‌الوقف الدعوي

- ‌هل يقال: النبي فقيه

- ‌التحلق بعد الجمعة للمواعظ

- ‌دعوة النساء

- ‌أخلاق الداعية وأولوياته

- ‌أخلاق الداعية

- ‌أولويات الداعية

- ‌نصيحة للدعاة في أسلوب الأمربالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌التخفيف من إلقاء المواعظ

- ‌إحياء بعض السنن التيلم يعتد عليها الناس

- ‌الحكمة في الدعوة إلى الله

- ‌الحكمة في الدعوة إلى الله

- ‌أهمية مراعاة الأسلوب الحسنفي الدعوة إلى الله

- ‌ما هي الأُسس التي ينبغي أنينطلق منها الداعية إلى الله

- ‌ما هي الطريقة المُثْلَىللدعوة إلى الله

- ‌كيف نجعل الناس يستجيبون لدعوتنا

- ‌كيف يرقي المؤمن نفسهفي مجال الدعوة إلى الله

- ‌علاج ظاهرة الفتور الإيمانيعند الدعاة

- ‌التصدر للدعوة من غير المؤهلين

- ‌ضابط المتصدر للوعظ والتعليم

- ‌على الدعاة ألَاّ يحدثوا بأحاديثالترغيب والترهيب إلا مع بيان المراد منها

- ‌كيفية إنكار المنكرات

- ‌أسلوب إنكار المنكر

- ‌تغيير المنكر بالقلب

- ‌الدعوة والتغيير بالقوة

- ‌الدعوة عن طريق إرضاء المدعوينبعادات اعتادوها

- ‌المداراة والمداهنةفي الدعوة إلى الله

- ‌ترك بعض المسائل الفرعيةفي سبيل الدعوة

- ‌الأخذ بالقول المرجوحلمصلحة الدعوة

- ‌ترك السنن لتأليف الناس

- ‌الدعوة وقاعدة الغايةتُبَرِّر الوسيلة

- ‌مدى صحة تقسيم السنن إلى مألوفوغير مألوف لغرض مراعاة مصلحةالدعوة في الدعوة لكل نوع

- ‌من يقول بترك السنة لأجلالاشتغال بالدعوة

- ‌هل دخول البنات الجامعاتمن مصلحة الدعوة

- ‌الدخول في أماكن المنكر بحجة تغيير المنكر

- ‌داعية حِلِّيق اللحية

- ‌الدعاة الواقعون في مخالفات شرعية

- ‌الداعية وعدم الامتثالللأوامر والنواهي

- ‌الدعاة والوقوع في أهل العلم

- ‌مشاكل الشباب الملتزم مع أهله

- ‌دعوة السافرة

- ‌دعوة المرأة

- ‌دعوة شاب مسلم لامرأة نصرانية

- ‌دعوة السيَّاح

- ‌وسائل الدعوة

- ‌وسائل الدعوة هل هي توقيفية

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌حكم استخدام التلفزيون والتمثيلوالأناشيد في الدعوة

- ‌استخدام التلفاز في نشر الدعوة

- ‌تحصيل المصالح بارتكاب المحرمات،وكلمة حول استخدام التلفزيون في الدعوة

- ‌استخدام التمثيليات والأناشيد في الدعوة

- ‌حول التمثيل

- ‌استخدام التمثيل في الدعوة

- ‌ما تستخدمه بعض الجماعات في الدعوة من التمثيل

- ‌استخدام التلفاز في الدعوة

- ‌الأفلام الإسلامية

- ‌استخدام التمثيليات والأناشيدفي الدعوة إلى الله

- ‌حكم إقامة معرض دعوي يحتويعلى صور وأناشيد وتمثيليات

- ‌حكم الأناشيد الإسلامية

- ‌حكم الأناشيد الإسلامية

- ‌البديل الإسلامي للأغاني

- ‌حكم الأناشيد الإسلامية

- ‌‌‌حكم الأناشيد الإسلامية

- ‌حكم الأناشيد الإسلامية

- ‌الغناء الصوفي والأناشيد الإسلامية

- ‌التعامل مع المسلمالمتلبس بالمحرمات

- ‌حكم لَعْن من تسبب في قتل المسلمينوإهانة الدين الإسلامي

- ‌حكم لعن المتبرجات

- ‌السلام على من يرتكب محرماًوقت ارتكابه لهذا الحرام

- ‌رد السلام على تارك الصلاة

- ‌السلام على المدخن والحليق

- ‌غيبة الفاسق

- ‌استقبال تارك الصلاة في البيت

- ‌التعامل مع من يتاجر بالحرام

- ‌هل نقبل دعوة من يتعاملمع البنوك الربوية

- ‌الكتب التي تطبعها البنوك الربوية

- ‌مشاركة الواقعين في معاملاتربوية في التجارة

- ‌مقاطعة من يعمل في بنك ربوي

- ‌هل تقبل هدية المرابي

- ‌صرف الزكاة للمسلم العاصي

- ‌دعوة النساء

- ‌مقاطعة من أقر الزنا ولم ينكره

- ‌إمام يؤم الناس وهو حليق

- ‌صرف الزكاة للفساق

- ‌بيع التلفاز

- ‌جنس العرب

- ‌جنس العرب

- ‌هل عزة الإسلام مرتبطة بالعرب

- ‌الرفق بالحيوان في الإسلام

الفصل: ‌ ‌قتلى الفتن مداخلة: هنالك يا شيخ من يقول: من يقتل الآن

‌قتلى الفتن

مداخلة: هنالك يا شيخ من يقول: من يقتل الآن على الساحة المصرية بين الحكومة والإخوة بعض الإخوة يقول: إنه شهيد، والحديث يقول:«إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار» فأرجو الإيضاح بارك الله فيك.

الشيخ: أنا بجاوبك عن هذا السؤال باختصار: أن من يُقْتَل في هذه المجابهات التي تقع بين الدولة، وبين بعض أفراد الشعب المسلم، وأستدرك على نفسي فأقول: بين الدولة التي لا تحكم بما أنزل الله، وبين بعض أفراد الشعب الذي يُطَالب الدولة بأن تحكم بما أنزل الله، فما يقع من قتلى بين الطرفين فليس فيهم من يصح أن يقال فيه: إنه شهيد.

ذلك لأن الشهادة تنقسم في الشرع إلى قسمين اثنين: شهادة حقيقية، وشهادة حكمية.

أما الشهادة الحقيقية: فهو المسلم يخرج من بيته من بلده مجاهداً في سبيل الله لا يبتغي من وراء ذلك جزاءً ولا شكوراً، ولا نصر شيء إلا رفع كلمة الله أن تكون هي العليا.

فمن خرج من داره، أو من بلده لهذا القصد العظيم، ثم قتل في المعركة فهو شهيد.

وهو الشهيد حقيقة، وهو الذي لا يُصَلَّى عليه، ويُدْفَن في ثيابه دون أن يُكَفَّن خلافاً لما هو الواجب على سائر موتى المسلمين من وجوب الصلاة عليهم وجوباً كفائياً إذا قام به البعض سقط عن الباقين، وتكفينهم ودفنهم في مقابر المسلمين.

أما الشهيد حقيقة وهو كما ذكرت آنفاً: هو الذي يموت في ساحة المعركة، فهذا لا يكفن ولا يغسل، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، وإنما

ص: 143

في مصرعه في المكان الذي استشهد فيه، هذا هو الشهيد حقيقة، هناك شهادة أخرى يسميها الفقهاء بالشهادة حكماً وليس حقيقة، فهؤلاء أقسام كثيرون وكثيرون جداً، فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول:«من مات في بطنه فهو شهيد» فالمقصود بالبطن هنا: الإسهال الشديد أو البطن مع الانتفاخ بحيث يكون سبب موته هو هذا، فهو شهيد، لكن هذا شهيد حكماً وليس شهيداً حقيقة بمعنى: أنه يعامل ما يعامل به كل المسلمين لابد من غسله وتكفينه والصلاة عليه، ودفنه في مقابر المسلمين، وهكذا أنواع كثيرة حتى قال عليه السلام:«من مات غرقاً فهو شهيد، من مات تحت الهدم فهو شهيد، من مات بالسل» مرض السل «فهو شهيد، المرأة الجمعاء تموت وهي حبلى» بسبب هذا الحمل أو وهي تضع فتموت، فكل هذه الأنواع شهداء.

لكن هؤلاء شهادة حكمية، وليست شهادتهم شهادة حقيقية.

آخر ما أذكره من الأمثلة قوله عليه الصلاة والسلام: «من مات دون ماله فهو شهيد» .

هؤلاء الذين أنت تسأل عنهم لا يصدق فيهم لا الشهادة الحقيقية، بل ولا الشهادة الحكمية، هؤلاء نحن ننصحهم، ونحن نعرف منهم أن الغيرة هي التي تضطرهم إلى أن يقاوموا المَخْرَز بعينهم، تفهمون هذا الكلام؟ يقاومون القوة الطاغية المادية بأسلحة لا تسمن ولا تغني من جوع.

هؤلاء نحن ننصحهم ألا يخالفوا هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وسنته في إيجاد الأرض المسلمة وإقامة الدولة المسلمة على الأرض المسلمة، ماذا فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ هل أول ما دعا الناس إلى أن يعبدوا الله ويجتنبوا الطاغوت، استعمل السلاح بالسهام والحراب والسيوف؟ الجواب: لا. لكنه كما تعلمون والأمر ما يحتاج إلى شيء من التفصيل: إنه بدأ بالدعوة في مكة، واستمر على ذلك نحو ثلاثة عشر سنة، ولقي من المشركين ما لقي من الأذى ومن الضرر هو وأصحابه حتى أُذِن لهم بالهجرة إلى الحبشة مرتين، وحتى هاجر هو عليه الصلاة والسلام إلى

ص: 144

المدينة، وهناك بدأ يقيم أو يضع الأساس للدولة المسلمة، وهكذا يجب على الطائفة المؤمنة، الطائفة المنصورة التي تحدث عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الأحاديث الصحيحة حينما قال:«لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله» .

يجب على هذه الطائفة المنصورة من جهة أن يصبروا على أذى غيرهم لهم، وأن يصبروا على الطغيان الذي يصيبهم من الحكام، وممن يحكمون من هؤلاء الحكام من الجيش والشرطة ونحو ذلك، وألا يستعجلوا الشيء قبل أوانه، لا يستعجلوا النصر قبل اتخاذ أسبابه، فإنه قد قيل قديماً: من استعجل الشيء قبل أوانه ابتلي بحرمانه.

والله عز وجل يقول في القرآن الكريم: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60].

هذه الآية الكريمة كما ذكرنا من قبل معناها واضح لدى كل عربي، ولا فرق في ذلك بين عالم وطالب علم، أو غير طالب علم ما دام أنه يفهم اللغة العربية:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: 60].

هذا المعنى واضح، لكن قد لا يكون واضحاً لدى كل عربي على هذا الإطلاق الذي شرحته آنفاً: ما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي» .

والرمي اليوم - كما تعلمون - يختلف عنه حينما نطق النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الحديث، فالرمي هناك كان له نوعان فقط: الرمي بالحراب أولاً، ثم بالسهام نادراً؛ لأن السهام صنعت للطعان، والرمي والحراب للرمي، والسيف للضرب، لكن أحياناً وبخاصة حينما تكثر السهام وتقل الحراب فقد يستعمل السهم مكان

ص: 145

الحربة، المهم: أن الرمي المعروف يومئذ في عهد العرب في الجاهلية وفي الإسلام وفيما بعد ذلك إنما هو بالحراب.

الآن: الحراب لا تكاد تصنع شيئاً بالنسبة للرصاص الذي تَطَوَّر إلى ما يسمى بالرشاش مثلاً ونحو ذلك من الأسلحة التي تطلق في لحظة واحدة عشرات الرصاصات ولابد والحالة هذه أن يصيب الهدف إما بالرصاصة الأولى، أو الثانية، أو أو إلى آخره.

ولذلك أطلق النبي صلى الله عليه وآله وسلم حينما قال: «ألا إن القوة الرمي» فالرمي بالحراب الآن لا يفيد إذا ما بدك ترمي بالرصاص، فالرمي ينبغي أن يكون بالرصاص المستعمل الآن في القتال.

إذاً: يدخل في عموم الآية: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] أي: من القوة المعروفة اليوم، وبخاصة من الرمي المعروف اليوم، هذا يفهم بسهولة من معنى هذه الآية، لكن هناك شيء قد لا يتنبه كثير من الناس، فأنا يجب علي التنبيه على ذلك فأقول: وهذه النقطة هامة جداً بالنسبة لهؤلاء الإسلاميين المتحمسين لإقامة الدولة المسلمة ولكنهم لا يحسنون الوسائل التي تساعدهم على تحقيق بغيتهم ألا وهو: إقامة الدولة المسلمة.

فهؤلاء أُلْفِت نظرهم إلى المعنى الكَمِّي في خطاب رب العالمين: {وَأَعِدُّوا} [الأنفال: 60] فقط أقف عند هذا الخطاب: وأعدوا، لمن الخطاب؟ الخطاب لم يكن للأصحاب المضطهدين الضعفاء من قريش في مكة، وإنما كان خطاباً مُوَجَّهاً للأقوياء الذين كانوا يعيشون مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة، وكانوا باستطاعتهم أن يُحَقِّقوا نسبة كبيرة جداً من هذا الأمر:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60].

إذاً: وأعدوا الخطاب أولاً للمؤمنين حقاً الذين التفوا حول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونصروه بأموالهم، وأولادهم وأنفسهم وكل عجيب لديهم، هذا الخطاب حينما يوجد قوم

ص: 146

أو طائفة هم في أن يكونوا مستعدين ليتلقوا مثل هذا الخطاب الإلهي أولئك الذين يؤمرون بأن يعدوا ما استطاعوا من قوة، فهل هناك طائفة ربوا على الكتاب والسنة سنين طويلة كما ربى أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه الأولين المهاجرين في مكة، وصبروا معه وأوذوا في سبيل الله عز وجل، ثم هاجروا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصبروا وصابروا وأعدوا بعد ذلك ما استطاعوا من قوة، هل هناك طائفة اليوم على وجه الأرض يمكن أن يقابلوا بمثل هذا الخطاب؟ أنا جوابي: لا. لسببين اثنين: أولاً: نحن معشر المسلمين اليوم لا يمكن أن نقيس طائفة على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد نقيس فرداً أو أفراداً على بعض الأفراد من أصحاب الرسول عليه السلام ومع ذلك يكون القياس مع الفارق يكون القياس كما يقول الفقهاء أحياناً أو بعض الفقهاء من باب قياس الحدادين على الملائكة، من باب قياس الحدادين على الملائكة مفهوم هذا الكلام وإلا مش مفهوم؟ مفهوم.

وهذا فيمن؟ ! في النخبة أقول؛ في أفراد من المسلمين المبعثرين اليوم ممكن أن نقيسهم على أفراد من أصحاب الرسول عليه السلام، ومع ذلك يكون القياس مع الفارق قياس من قبيل قياس الحدادين على الملائكة.

أما أن نجد طائفة كأصحاب الرسول عليه السلام على وجه الأرض هؤلاء لا وجود لهم، وأنا أرجوا أن ينبهني أحدكم هنا وإلا هناك وإلا هناك ويقول: لا أنت مخطئ هناك طائفة تحققت فيه تلك الأوصاف التي كانت في أصحاب الرسول عليه السلام، وحينئذ فهم أهل بأن يخاطبوا بالآية الكريمة:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [الأنفال: 60].

هل أنتم تصححون رأيي أم تخطئونه؟ لابد أنكم في موقف من موقفين، فإن رأيتم أن قولي لا يوجد اليوم طائفة يمكن قياسهم على أصحاب الرسول عليه السلام إن كنتم ترون رأيي هذا، فالحمد لله، وإن كنتم ترون أني مخطئ فدلوني على هذه الطائفة أين هي؟ هنا: الطائفة لابد لي من التذكير بالفرق كلامي هذا لا ينافي ولا يعارض بوجه

ص: 147

من وجوه المعارضة الحديث الذي ذكرناه من قبل: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق» لأن الظهور قد يكون تارة للحجة، وتارة بالقوة.

أما الطائفة المنصورة بالحجة فهذه موجودة دائمة على وجه الأرض.

أما الطائفة المنصورة بالقوة المادية فهذه قد وقد، وأكبر دليل عندكم الآن هاهم الكفار مسيطرون على بلاد الإسلام، وهاهم الآن المسلمون في البوسنة والهرسك وهي الجوار في بلدي التي هي ألبانيا، فأين الطائفة المنصورة بالقوة وليس فقط في الحجة؟ لا وجود لها.

ما هو الموجود؟ هو الموجود الذي كان في حرب الأفغان، كانت لما مات أفراد من هنا وهناك، أصحاب عواطف إسلامية طيبة وغيرة على الدين وو إلى آخره، وذهبوا وجاهدوا كلهم بنيتهم لكن ماذا كانت العاقبة؟ لا شيء ما هو السبب؟ الطائفة المنصورة بالقوة غير موجودة اليوم، ولذلك يسيطر الكفر في كل البلاد.

إذا عرفنا هذه الحقيقة وخلاصتها: أن هناك أفراداً يمكن أن يقاسوا على بعض أفراد الرسول معاً قياس الفارق الذي ذكرنا، لكن لا يوجد هناك طائفة أي: أصحاب بعضهم مع بعض يمكن قياسهم على أولئك الأصحاب لنقول لهم: قال لكم ربكم: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [الأنفال: 60].

هؤلاء غير موجودين إذاً: ما هو الواجب؟ الواجب: هو السعي على سنن الرسول عليه السلام، وعلى هديه وسنته لإيجاد هذه الطائفة التي ستكون منصورة بالإضافة إلى نصرتها بالحجة نصرتها بالقوة.

هذا السعي هو الواجب الآن.

فانظروا الآن في كل الثورات التي تقام في أرض من بلاد الإسلام، هل هناك طائفة بمعنى الكلمة أنهم ربوا كما رباهم رسول الله أصحابه من قبل، وأنشأهم ورباهم على عينه، فإذا قال لهم: موتوا في سبيل الله يموتون في سبيل الله، هذه

ص: 148

الطائفة اليوم لا وجود لها.

إذاً: علينا أن نسعى لإيجادها، ما هو الطريق؟ أنا أُكَنِّي عن الطريق بكلمتين، وهذه لنا فيها محاضرات كثيرة، فأشير إلى تلك المحاضرات بهاتين الكلمتين.

الطريق شيء نسميه بالتصفية والتربية، نحن الآن بعد أربعة عشر قرناً من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا نتلقى الإسلام غضاً طرياً كما بينه رسول الله، وهذا له ارتباط بالكلمة السابقة.

نحن تلقينا القرآن غضاً طرياً بألفاظه ولكن مع الأسف الشديد بمعانيه: تلقيناه فرقاً وشيعاً وأحزاباً.

إذاً: هذه الشيع وهذه الأحزاب لن تنجح، ولو كانت تنتمي إلى الإسلام، وإنما ينجح منها حزب واحد كما قال تعالى:{فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: 56] أكذلك الآية؟ طيب. أين؟ (حزب الله الذي يعيش في لبنان باسم حزب الله وهو حزب شيعي وقد يكون رافضي؟ ! حزب الله هو الذي يتمسك بكتاب الله، وبحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى منهج السلف الصالح اربطوا هذا الكلام الموجز بالكلام السابقة.

فاليوم إذا نظرنا إلى كل الثورات التي قامت على كثير من أراضي الإسلام نجدها لم تحقق هاتين الركيزتين: التصفية والتربية، قد يكون هناك أفراد صفوا شيء من الإسلام مثلاً: عرفوا التوحيد على وجهه الصحيح أنه توحيد الربوبية، توحيد الإلوهية أو العبادة، وتوحيد الصفات، لكن ربما تراهم ما يحسنون صلاة الرسول عليه السلام، ما يحسنون صيام الرسول عليه السلام لماذا؟ لأنه هناك مذاهب أربعة تسمى بمذاهب أهل السنة والجماعة.

وكل مذهب يرى رأياً في كثير من المسائل، وقلما يتفقون، فإذاً: أين هذه التصفية؟ بس ما حققت ولا نشأت طائفة على الكتاب والسنة، وإنما على مذهب

ص: 149

فلان ومذهب فلان ومذهب فلان، فلابد من تحقيق هاتين الركيزتين التصفية والتربية، فكل الجماعات التي أثاروا مشكلة أو فتنة أو ثورة إلى آخر وقت ثورة الجزائر، هؤلاء ما قاموا بهذه التصفية والتربية، والآن أظنكم تفهمون أنه الكلمتين الذي هو تحت منهم كلام واسع جداً جداً، وفعل وتطبيق أوسع بكثير وكثير جداً أي: إعادة الإسلام بمفهومه الصحيح إلى ما كان عليه في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والسلف أربعة عشر قرناً بيننا وبين هذا، كم يحتاج هذا إلى زمن، وكم يحتاج إلى عديد بل مئات الألوف من العلماء في سائر أقطار الدنيا الإسلامية أين هذا؟ فالتصفية هذه ثم تربية المسلمين على هذا الإسلام الصحيح حينئذ يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.

فالسؤال الذي كان أن هؤلاء الذين يُضْطَهدون في مصر مثلاً، ويقتلون ويجابهون من قبل الجيش أو الشرطة المصرية أو أو إلى آخره، هل هؤلاء الشهداء؟ أجبنا بأنهم ليسوا شهداء لماذا؟ لأنهم أولاً لم يقعوا قتلى في ساحة المعركة أي: ساحة المعركة حيث يعلن الجيش المسلم برياسة مبايعة من قبل المسلمين عامة يعلن الجهاد على طائف من الكفار والمشركين في سبيل الله، ثم يقع في هذه المعركة شهداء من المسلمين، أو قتلى من المسلمين فهؤلاء هم شهداء الذين يقعون حينما يتقاتلون مع الجيش النظامي أو الشرطة النظامية سواءً في مصر أو في غيرها، فهؤلاء ليسوا شهداء حسبهم وهذا الله أعلم بهم أن يقال: إنهم قتلوا في سبيل الله، وثمة فرق كبير جداً بين أن نقول: قتلوا في سبيل الله، وبين أن نقول: قتلوا شهداء في المعركة في سبيل الله لماذا؟ قلنا لكم آنفاً بأن الشهادة تنقسم إلى قسمين: حقيقية وحكمية، فإذا قلنا في هؤلاء: ماتوا في سبيل الله أي: شهادة حكمية ألحقناهم بمن نص عليهم الرسول عليه السلام بأنهم شهداء كالذي يقتل هدماً أو غرقاً أو دفاعاً عن ماله وعن نفسه.

هؤلاء حسبهم أن يحكم فيهم بأنهم ماتوا في سبيل الله، أما أنا فلا أعتقد ذلك.

ص: 150

أقول: حسبهم بالنسبة لغايتهم، ومقصدهم؛ وإلا فانظروا الآن كم وكم من قتيل يقع بسبب هذه الثورات التي تقع باسم الخروج على الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله صحيح هذا الحاكم يحكم بغير ما أنزل الله كقريش بماذا كانوا يحكمون؟ بما أنزل الله وهم أهل شرك وضلال، حتى إنهم ليسوا من أهل الكتاب.

الشيخ: ليسوا من أهل الكتاب، ومع ذلك فالرسول عليه السلام صبر عليهم، وصبر على أذاهم حتى جاءه الأمر بالهجرة إلى آخر ما ذكرناه آنفاً.

فالآن يعيش المسلمون في كثير بل في أكثر، بل قد نقول في كل بلاد الإسلام بحكم لا يحكم بما أنزل الله، فهل يكون إصلاح هذا الحكم أو هذا الحاكم بالخروج عليه، وقتل النفوس البريئة وهم لم يطبقوا المعنى الظاهر في الآية السابقة فضلاً عن المعنى الكمين الذي شرحته لكم آنفاً في قوله:{وَأَعِدُّوا} [الأنفال: 60].

معنى هذا واضح إن شاء الله؟

مداخلة: نعم.

الشيخ: جميل.

(الهدى والنور/705/ 18: 30: 00)

ص: 151