الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جنس العرب
سؤال: في اقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الإسلام يذكر: أن الذي عليه أهل السنة والجماعة اعتقاد أن جنس العرب أفضل من جنس العجم، وقال: ليس فضل العرب ثم قريش ثم بني هاشم بمجرد كون الرسول صلى الله عليه وآله وسلم منهم، وإن كان هذا من الفضل، بل هم في أنفسهم لهم فضل، فكيف نوفق بين قوله هذا وبين قول الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]، وقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:«لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى» ؟
الشيخ: هذا سؤال غريب، أنت تظن أن ابن تيمية لما قال ما قال خالف الآية والحديث؟ ! !
مداخلة: لا، هو ما قال بالآية والحديث هو يذكر أن جنس العرب أفضل من العجم.
الشيخ: لا تعد علي ما قلته، لا تعيد علي، أنا أريد أصحح سؤالك، سؤالك خطأ، لأنه يوحي بأن ابن تيمية بهذا القول خالف الآية والحديث، وهذا بالنسبة إلي من رابع المستحيلات كما يقال، الحقيقة أن القضية هذه تحتاج إلى علم بطبائع البشر، تاريخ البشر من جهة، وإلى علم الشريعة على الوجه الصحيح من الجهة الأخرى، الآن خلينا نبحث في الجانب الأول: هل تظن الآن أنت أن الشعب الزنجي الأفريقي في وعيه وفهمه مثل الشعب الأوروبي؟
مداخلة: لا.
الشيخ: لا تخاف، قلها صريحة، أنت خايف لأن قائم في ذهنك أن كلام ابن تيمية يفضل العرب عند الله، وهنا يكمن الخطأ، مش هذا هو المقصود، ولذلك على التعبير السوري عندنا: أنا ضربت على الهاوية، جبتها بين الزنوج وبين أوربيون كفار، حتى ما تخاف تقول: هؤلاء أفضل من هؤلاء، كلهم مثلما قال ذاك التركي:(كلمة تركية)، كلهم وثنيون مشركون إلخ، لكن من حيث الوعي الاجتماعي والعلمي والمدني الذي يسمونه اليوم: الثقافة المدنية هذه، ألا تفضل الشعب الأوروبي على الشعب الزنجي الإفريقي؟ خاصة إذا ما تعمقت معي في فكري إلى مجاهيل أفريقيا، ما تفضل هؤلاء على هؤلاء من هذه الحيثية هذه؟ هل يستويان مثلاً؟
مداخلة: لا يستويان.
الشيخ: لا يستويان مثلاً،
الآن شعوب الأرض بالعشرات إن لم نقل بالمئات، فهل تتصور أنت أنه ما فيه تفاضل فطري خلقي لا يملكونه إن كان ما فيهم يُمدح فلا يمدحون به، وإن كان ما فيهم يُقدح فلا يقدحون به، ألا تشعر معي أن هذه الشعوب تتفاوت تماماً في هذه القضايا؟
إذا عرفت هذا، فالآن نقول: الزنجي أسلم، وأوربي كفر، من الذي يتقرب إلى الله؟ مش الأوربي طبعاً، وإن كان هو الشعب الذي ممكن يقول من الحيثية مش على التعبير اليهودي شعب الله المختار، لا، لكن من حيث فطرته وطبيعته وتمرسه على الحياة، والابتكار والاختراع إلخ، لا شك أن هذا الأوروبي المشرك الكافر من الناحية التي تحدثنا عنها آنفاً وهي لا تقربه إلى الله زلفى هو خير من هذا الزنجي، لكن هذا الزنجي يسوى أوروبا كلها على شركها وضلالها، واضح هذا الشيء؟ !
لما يأتي ابن تيمية يتعرض للعرب كشعب أو كأمة، ويفضله على سائر الشعوب
الأخرى ليس بفضله عند الله عز وجل، وإنما كما فضلت أنا وبالتشبيه الأوروبيين على الزنوج، من هذه الحيثية هذه، لكن لما تسأله ابن تيمية: أبو لهب مثلاً هو أفضل باعتباره عربي قرشي أم سلمان الفارسي؟ يقول لك: زي إخس في مصر، ما الذي جاب هذا ليذكر مع هذا، سلمان الفارسي في بعض الأحاديث الضعيفة: منا آل البيت، نقول ضعيف وأنت تعلم أنه ضعيف، لكن هذه منقبة على كل حال، لا سيما وهم يقولون: أنهم يتساهلون في رواية الأحاديث في المناقب والفضائل .. إلخ.
إذاً: كلام ابن تيمية يا أخي لا تناقض فيه أبداً، هو يتكلم عن الشعب العربي، وهذه اللي بدنا أن نعالجها من ناحية شرعية، لما اختار الله عز وجل أن يبعث محمداً صلى الله عليه وآله وسلم من أمة العرب وبلسان عربي مبين، هذا اختيار لم يكن عبثاً، ما اختار شعب اليهود، ما اختار كما قلنا الزنوج، ما اختار ولا وقع اختياره إذا صح التعبير على العرب إلا لأن الله عز وجل كما جاء في القرآن:{أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14] فهو يعلم ماذا خلق، فهو يعلم سبحانه وتعالى أن العرب على ما كانوا عليه من ضلال في جاهليتهم فهم أليق لتحمل الدعوة ولفهمها ولنقلها للشعوب الأخرى التي كانت هي بمثابة المثال السابق أوروبا والزنوج، فالعرب بالنسبة لكسرى وقيصر هم الزنوج، لكن الزنوج اليوم صاروا هم السادة، بسبب هذا الإسلام الذي أنزله الله عز وجل على قلب محمد عليه السلام وبلسان عربي مبين.
إذاً: بإيجاز الآن نقول وقد وضح الأمر إن شاء الله: أنه يتكلم عن العرب من الناحية الطبيعية الَخلْقية الخُلقُية، أنت تتكلم من الناحية الشرعية، فما فيه تنافي بين الأمرين كما قلنا آنفاً، أن أبو لهب عربي لكن ما فاده شيء، أذكر بيتين شعر:
رفع الإسلام سلمان فارس وحط ........
لا أذكر بيتين شعر كنت حافظهم من ثلاثين أربعين سنة، ضرب فيه مثال هذا