الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ: سبق الجواب يا أستاذ.
السائل: فإذا كان هناك قادة لهم عسكريون وأوعزوا إلى بعض الأفراد أنْ يُهاجموا فئة من اليهود.
الشيخ: الله يهدينا وإياكم، الحركة القائمة اليوم في الضفة هذه حركة ليست إسلامية شئتم أو أبيتم، لأنَّهم لو أرادوا الخروج لأعدوا له عدته، أين العدة؟ العالم الإسلامي كله يتفرج وهؤلاء بيتقتلوا ويتذبحوا ذبح النعاج والأغنام، ثمَّ نريد أن نبني أحكام كأنَّها صادرة من خليفة المسلمين، ومن قائد الجيش الذي أمَّره هذا الخليفة، ونجي بأى لجماعة مثل جماعة حماس هذه، نعطيهم الأحكام الإسلامية، ما ينبغي هذا بارك الله فيكم، نحن نرى أنَّ هؤلاء الشباب يجب أنْ يحتفظوا بدمائهم ليوم الساعة، مش الآن.
(الهدي والنور/489/ 25: 47: 00)
باب منه
الملقي: ذكرت في جلسة سابقة؛ ما أجزت العمليات الانتحارية.
الشيخ: أي نعم.
الملقي: العمليات الانتحارية ما أجزتها، فبدنا توضيح بسيط بارك الله فيك، وهل يستطيع الرجل أو المرأة أن يخرج للجهاد بعد سماح والديه له؟
الشيخ: أنا في ظني بالنسبة للعمليات الانتحارية تكلمت أكثر من مرة بشيء من التفصيل، لكن المشكلة؟ أن المجالس تختلف: تارة نوجز تارة نفصل.
من المعلوم عند العلماء جميعاً دون خلاف بينهم أنه لا يجوز للمسلم أن
ينتحر انتحاراً بمعنى: خلاصاً من مصائب؛ من ضيق ذات اليد، من مرض ألم به، حتى صار مرضاً مزمناً، ونحو ذلك، فهذا الانتحار للخلاصة من مثل هذه الأجواء بلا شك أنه حرام، وأن هناك أحاديث صحيحة في البخاري ومسلم: أن من قتل نفسه بسم، أو بنحر نفسه، أو نحو ذلك؛ بأنه لا يزال يعذب بتلك الوسيلة يوم القيامة، حتى فهم بعض العلماء بأن الذي ينتحر يموت كافراً؛ لأنه ما يفعل ذلك وإلا وقد نقم على ربه عز وجل ما فعل به من مصائب لم يصبر عليها.
المسلم بلا شك لا يصل به الأمر إلى أن يفكر في الانتحار فضلاً عن أن ينفذ فِكْرَة الانتحار.
ذلك لأن المسلم وهنا مثال للموضوع السابق: أن العلم يجب أن يقترن به العمل، وإذا كان ليس هناك علم صحيح فلا عمل صحيح.
حينما يعلم المسلم ويُرَبِّى المسلم على ما جاء في الكتاب والسنة تختلف ثمرات انطلاقاته في الحياة الدنيا، وتختلف أعماله فيها عن أعمال الآخرين الذين لا أقول: لم يؤمنوا بالله ورسوله، لا، آمنوا بالله ورسوله، ولكن ما عرفوا ما قال الله ورسوله، فمما قال الله عز وجل على لسان نبيه صلى الله عليه وآله وسلم:«عجباً لأمر المؤمن كله، إن أصابته سراء حمد الله وشكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له -فأمر المؤمن كله خير- وليس ذلك إلا للمؤمن» .
فمن أصابه مرض مزمن، من أصابه فقر مدقع فهو مؤمن، ما بتفرق معه.
إن كان صحيح البنية أو كان عليلها، إن كان غني المال أو كان فقيره، ما بتفرق معه؛ لأنه كما يقال في بعض الأمثال العامية؛ هو كالمنشار على الطالع وعلى النازل هو مأجور يأكل الحسنات، إن أصابته سراء شكر الله عز وجل فأثيب خيراً، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له.
من إذا الذي ينتحر؟ هذا في الغالب لا يكون مؤمناً، لكن يمكن نستطيع أن
نتصور أن مسلماً ما أصابته نوبة فكر انحرف به فانتحر، هذا يمكن أن يقع لهذا الإنسان، ولهذا الاحتمال ما نقول نحن يقيناً هذا ليس مؤمناً، فهذا التارك الصلاة الجاحد لشرعيتها، إذا مات مسلم اسمه: أحمد بن محمد، أو محمد بن زيد، أو ما شابه ذلك لكن معلوماً بإنكاره للصلاة، بإنكاره لشرائع الإسلام، هذا إذا مات لا يُدْفَن في مقابر المسلمين.
كذلك بالنسبة لمن انتحروا وعرف أنه انتحر، نقم على الله عز وجل ما أحل به من مصائب، أما قلنا بأنه يمكن أن تصيبه نوبة عصبية فكرية فينتحر، لهذا الاحتمال لا نقول نحن: أن كل من انتحر فهو كافر، ولا يدفن في مقابر المسلمين.
الآن نأتي إلى أيش الانتحارية؟
مداخلة: العمليات الانتحارية.
الشيخ: العمليات الانتحارية، هذه عرفناها من اليابانيين وأمثالهم حينما كان الرجل يهاجم باخرة حربية أمريكية مثلاً بطائرته، فينفجر مع طائرته ولكي يقضي على الجيش الذي هو في تلك الباخرة الحربية مثلاً.
نحن نقول: العمليات الانتحارية في الزمن الحاضر الآن كلها غير مشروعة، وكلها محرمة، وقد تكون من النوع الذي يُخَلِّد صاحبه في النار، وقد تكون من النوع الذي لا يخلد صاحبه في النار كما شرحت آنفاً.
أما أن يكون عملية الانتحار قُرْبة يتقرب بها إلى الله اليوم إنسان يقاتل في سبيل أرضه في سيبل الله وطنه، هذه العلميات الانتحارية ليست إسلامية إطلاقاً، بل أنا أقول اليوم ما يمثل الحقيقة الإسلامية، وليس الحقيقة التي يريدها بعض المسلمين المتحمسين، أقول: اليوم لا جهاد في الأرض الإسلامية إطلاقاً، هناك قتال، هناك قتال في كثير من البلاد، أما جهاد يقوم تحت راية إسلامية ويقوم على أساس أحكام إسلامية، ومن هذه الأحكام أن الجندي لا يتصرف برأيه، لا
يتصرف باجتهاد من عنده، وإنما هو يأتمر بأمر قائده، وهذا القائد ليس هو الذي نصب نفسه قائداً، وإنما هو الذي نصبه خليفة المسلمين، فأين خليفة المسلمين اليوم؟ أين الخليفة بل الحاكم الذي رفع راية الإسلام ودعا المسلمين ليلتفوا حوله؟ وأن يجاهدوا في سبيل الله عز وجل، هذا لا وجود له، فما دام أن هذا الجهاد الإسلامي يشترط أن يكون تحت راية إسلامية، هذا الراية الإسلامية لا وجود لها، فإذاً جهاد إسلامي لا وجود له، إذاً انتحار إسلامي لا وجود له، أنا أعني انتحاراً قد كان معروفاً من قبل في عهد القتال بالحراب وبالسيوف وبالسهام، نوع من هذا القتال كان يشبه الانتحار، مثلاً، حينما يهجم فرد من أفراد الجيش بسيفه على كردوس على الجماعة من الكفار المشركين فيعمل فيهم ضرباً يميناً ويساراً، هذا في النادر قلما يسلم، فهل يجوز له أن يفعل ذلك؟ نقول: يجوز ولا يجوز، إذا كان قائد الجيش المسلم، هو في زمن الرسول هو الرسول عليه السلام، إذا أذن له جاز له ذلك، أما أن يتصرف بنفسه، فلا يجوز له؛ لأنها مخاطرة ومغامرة إن لم نقل مغامرة، تكون النتيجة خاسرة، لا يجوز إلا بإذن الحاكم المسلم أو الخليفة المسلم؛ لم؟ لأن المفروض في هذا الخليفة المسلم أنه يقدر الأمور حق قدرها، فهو يعرف متى ينبغي أن يهجم مثلاً مائة من المسلمين على ألف، أو أقل أو أكثر، فيأمرهم بالهجوم، وهو يعلم أنه قد يقتل منهم عشرات، لكن
يعرف أن العاقبة هي للمسلمين، فإذا قائد الجيش المسلم المولى لهذه القيادة من الخليفة المسلم أمر جندياً بطريقة من طرق الانتحار العصرية يكون هذا نوع من الجهاد في سبيل الله عز وجل، أما انتحار باجتهاد شاب متحمس كما نسمع اليوم مثلاً، أفراد يتسلقون الجبال ويذهبون إلى جيش من اليهود ويقتلوا منهم عدداً ثم يقتلون ما الفائدة من هذه الأمور! هذه تصرفات شخصية لا عاقبة لها لصالح الدعوة الإسلامية إطلاقاً، لذلك نحن نقول للشباب المسلم: حافظوا على حياتكم بشرط أن تدرسوا دينكم وإسلامكم، وأن تتعرفوا