المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(مسألة جواب السائل غير المستقل دونه) - حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع - جـ ٢

[حسن العطار]

فهرس الكتاب

- ‌مَسْأَلَةٌ) فِي صِيَغِ الْعُمُومِ

- ‌(مَسْأَلَةٌ جَوَابُ السَّائِلِ غَيْرِ الْمُسْتَقِلِّ دُونَهُ)

- ‌(مَسْأَلَةٌ إنْ تَأَخَّرَ الْخَاصُّ عَنْ الْعَمَلِ) بِالْعَامِّ الْمُعَارِضِ لَهُ أَيْ عَنْ وَقْتِهِ

- ‌(الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ)

- ‌ الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ كَالْعَامِّ وَالْخَاصِّ)

- ‌(الظَّاهِرُ وَالْمُؤَوَّلُ)

- ‌(الْمُجْمَلُ)

- ‌(مَسْأَلَةٌ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ)

- ‌(النَّسْخُ)

- ‌(مَسْأَلَةٌ النَّسْخُ وَاقِعٌ عِنْدَ كُلِّ الْمُسْلِمِينَ)

- ‌(خَاتِمَةٌ لِلنَّسْخِ)

- ‌(الْكِتَابُ الثَّانِي فِي السُّنَّةِ)

- ‌[الْكَلَامُ فِي الْأَخْبَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْخَبَرُ إمَّا مَقْطُوعٌ بِكَذِبِهِ أَوْ اسْتِدْلَالًا]

- ‌مَسْأَلَةٌ خَبَرُ الْوَاحِدِ لَا يُفِيدُ إلَّا بِقَرِينَةٍ)

- ‌[مَسْأَلَة الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ]

- ‌(مَسْأَلَةُ الْإِخْبَارِ عَنْ) شَيْءٍ (عَامٍّ) لِلنَّاسِ (لَا تَرَافُعَ فِيهِ) إلَى الْحُكَّامِ

- ‌[مَسْأَلَة الشَّخْصُ الَّذِي يُسَمَّى صَحَابِيًّا]

- ‌(مَسْأَلَةٌ الْمُرْسَلُ قَوْلَ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ)

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَقْلِ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى لِلْعَارِفِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ) : (الصَّحِيحُ يُحْتَجُّ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ)

- ‌(خَاتِمَةٌ) (مُسْتَنَدُ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ) فِي الرِّوَايَةِ

- ‌(الْكِتَابُ الثَّالِثُ فِي الْإِجْمَاعِ) مِنْ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ

- ‌[اخْتِصَاصُ الْإِجْمَاعِ بِالْمُجْتَهِدِينَ]

- ‌ اخْتِصَاصُ الْإِجْمَاعِ (بِالْمُسْلِمِينَ)

- ‌[اخْتِصَاصُ الْإِجْمَاع بِالْعُدُولِ]

- ‌ الْإِجْمَاعُ (لَا يَخْتَصُّ بِالصَّحَابَةِ)

- ‌ الْإِجْمَاعَ (الْمَنْقُولَ بِالْآحَادِ)

- ‌[إجْمَاعَ الْأُمَمِ السَّابِقَة]

- ‌ الْإِجْمَاعُ (السُّكُوتِيُّ)

- ‌[التَّمَسُّكَ بِأَقَلَّ مَا قِيلَ فِي الْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الصَّحِيحُ إمْكَانُ الْإِجْمَاعِ]

- ‌ حُرْمَةِ خَرْقِ الْإِجْمَاعِ

- ‌(خَاتِمَةٌ: جَاحِدُ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ الْمَعْلُومِ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ)

- ‌(الْكِتَابُ الرَّابِعُ فِي) (الْقِيَاسِ) مِنْ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ

- ‌ الْقِيَاسُ (حُجَّةٌ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ)

- ‌ الْقِيَاسَ عَلَى مَنْسُوخٍ)

- ‌[أَرْكَانُ الْقِيَاسِ]

- ‌[الرُّكْن الْأَوَّلُ الْأَصْلُ]

- ‌(الثَّانِي) مِنْ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ (حُكْمُ الْأَصْلِ

- ‌(الثَّالِثُ) مِنْ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ (الْفَرْعُ

- ‌(الرَّابِعُ) مِنْ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ (الْعِلَّةُ)

- ‌ الْعِلَّةُ (الْقَاصِرَةُ)

- ‌ التَّعْلِيلُ بِمُجَرَّدِ الِاسْمِ

- ‌(التَّعْلِيلَ) لِلْحُكْمِ الْوَاحِدِ (بِعِلَّتَيْنِ) فَأَكْثَرَ

- ‌(لَا يُشْتَرَطُ) فِي الْعِلَّةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ (الْقَطْعُ بِحُكْمِ الْأَصْلِ)

- ‌[انْتِفَاءُ الْمُعَارِضِ لِلْعِلَّةِ]

- ‌[لِلْمُسْتَدِلِّ دَفْعُ الْمُعَارَضَةِ فِي الْعِلَّةِ]

- ‌(مَسَالِكُ الْعِلَّةِ)

- ‌(الْأَوَّلُ) مِنْهَا (الْإِجْمَاعُ)

- ‌(الثَّانِي) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (النَّصُّ الصَّرِيحُ)

- ‌[الثَّالِثُ مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ الْإِيمَاءُ]

- ‌(الرَّابِعُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (السَّبْرُ وَالتَّقْسِيمُ

- ‌(الْخَامِسُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (الْمُنَاسَبَةُ وَالْإِخَالَةُ)

- ‌(السَّادِسُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ مَا يُسَمَّى بِالشَّبَهِ

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُنَاسَبَةُ تَنْخَرِمُ بِمَفْسَدَةٍ تَلْزَمُ الْحُكْمَ رَاجِحَةٍ عَلَى مَصْلَحَتِهِ أَوْ مُسَاوِيَةٍ لَهَا]

- ‌(السَّابِعُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (الدَّوَرَانُ

- ‌(الثَّامِنُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (الطَّرْدُ

- ‌(التَّاسِعُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ

- ‌(الْعَاشِرُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (إلْغَاءُ الْفَارِقِ)

- ‌(خَاتِمَةٌ فِي نَفْيِ مَسْلَكَيْنِ ضَعِيفَيْنِ

- ‌(الْقَوَادِحُ)

- ‌[خَاتِمَةٌ] (الْقِيَاسُ مِنْ الدِّينِ)

- ‌(الْكِتَابُ الْخَامِسُ فِي الِاسْتِدْلَالِ

- ‌(مَسْأَلَةُ الِاسْتِقْرَاءِ بِالْجُزْئِيِّ عَلَى الْكُلِّيِّ)

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي الِاسْتِصْحَابِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ لَا يُطَالَبُ النَّافِيَ) لِلشَّيْءِ (بِالدَّلِيلِ) عَلَى انْتِفَائِهِ

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ كَانَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم مُتَعَبَّدًا قَبْلَ النُّبُوَّةِ بِشَرْعٍ]

- ‌(مَسْأَلَةُ حُكْمِ الْمَنَافِعِ وَالْمَضَارِّ قَبْلَ الشَّرْعِ)

- ‌(مَسْأَلَةُ الِاسْتِحْسَانِ

- ‌(مَسْأَلَةُ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ) الْمُجْتَهِدِ

- ‌(مَسْأَلَةُ الْإِلْهَامِ

- ‌[خَاتِمَةٌ مَبْنَى الْفِقْهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أُمُورٍ]

- ‌(الْكِتَابُ السَّادِسُ فِي التَّعَادُلِ وَالتَّرَاجِيحِ)

- ‌(مَسْأَلَةٌ يُرَجَّحُ بِعُلُوِّ الْإِسْنَادِ)

- ‌(الْكِتَابُ السَّابِعُ فِي الِاجْتِهَادِ) :

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُصِيبِ مِنْ الْمُخْتَلِفِينَ فِي الْعَقْلِيَّاتِ وَاحِدٌ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الَّتِي لَا قَاطِعَ فِيهَا مِنْ مَسَائِلِ الْفِقْهِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ فِي الِاجْتِهَادِيَّاتِ)

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى لِنَبِيٍّ أَوْ عَالِمٍ عَلَى لِسَانِ نَبِيٍّ اُحْكُمْ بِمَا تَشَاءُ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ]

- ‌(مَسْأَلَةُ التَّقْلِيدِ

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَكَرَّرَتْ الْوَاقِعَةُ لِلْمُجْتَهِدِ وَتَجَدَّدَ لَهُ مَا يَقْتَضِي الرُّجُوعَ عَمَّا ظَنَّهُ فِيهَا أَوَّلًا وَلَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لِلدَّلِيلِ الْأَوَّلِ]

- ‌(مَسْأَلَةُ تَقْلِيدِ الْمَفْضُولِ)

- ‌(مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ لِلْقَادِرِ عَلَى التَّفْرِيعِ وَالتَّرْجِيحِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا)

- ‌ التَّقْلِيدِ فِي أُصُولِ الدِّينِ)

- ‌[خَاتِمَةٌ فِي مَبَادِئِ التَّصَوُّفِ الْمُصَفِّي لِلْقُلُوبِ]

الفصل: ‌(مسألة جواب السائل غير المستقل دونه)

لَمْ يَأْتِ هُوَ فِي الْحِكَايَةِ لَهُ بِلَفْظٍ عَامٍّ كَالْجَارِ قُلْنَا: ظُهُورُ عُمُومِ الْحُكْمِ بِحَسَبِ ظَنِّهِ، وَلَا يَلْزَمُنَا اتِّبَاعُهُ فِي ذَلِكَ، وَنَحْوُ قَضَى إلَخْ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ «إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَقِيلَ يَعُمُّ كُلَّ غَرَرٍ.

(مَسْأَلَةٌ جَوَابُ السَّائِلِ غَيْرِ الْمُسْتَقِلِّ دُونَهُ)

أَيْ دُونَ السُّؤَالِ (تَابِعٌ لِلسُّؤَالِ فِي عُمُومِهِ) وَخُصُوصِهِ، الْعُمُومُ كَحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، فَقَالَ: أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا يَبِسَ قَالُوا: نَعَمْ قَالَ

ــ

[حاشية العطار]

قَوْلُهُ: لَمْ يَأْتِ هُوَ) أَيْ مَعَ كَوْنِ الْقَضَاءِ حُكْمًا فِي جُزْئِيَّةٍ لَا يَعُمُّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُنَا اتِّبَاعُهُ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَلَيْسَ لَنَا اتِّبَاعُهُ كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ تَقْتَضِي أَنَّهُ يَجُوزُ لَنَا اتِّبَاعُهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَعُمُّ كُلَّ غَرَرٍ) وَإِلَّا لَزِمَ بُطْلَانُ كُلِّ مَا فِيهِ غَرَرٌ مِنْ الْبُيُوعِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُمْ صَحَّحُوا كَثِيرًا مِمَّا فِيهِ غَرَرٌ كَبَيْعِ الرَّقِيقِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةِ نَحْوِ عَوْرَتِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ بِهَا مَا يُنْقِصُ قِيمَتَهَا وَيُنَفِّرُ عَنْهُ، وَبَيْعُ الْكِرْبَاسِ مَعَ رُؤْيَةِ أَحَدِ وَجْهَيْهِ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِي الْوَجْهِ الْآخَرِ مَا ذُكِرَ وَبَيْعُ الصُّبْرَةُ مَعَ رُؤْيَةِ ظَاهِرِهَا فَقَطْ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ بِبَاطِنِهَا مَا ذُكِرَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُحْصَى، فَإِنْ قُلْت: عَدَمُ حَمْلِهِ عَلَى الْعُمُومِ يُنَافِي الِاسْتِدْلَالَ بِهِ عَلَى بُطْلَانِ بَعْضِ بُيُوعِ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُطْلَقٌ فَيَكْفِي صُورَةً، وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ اسْتِدْلَالُ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ بِهِ عَلَى بُطْلَانِ كَثِيرٍ مِنْ بُيُوعِ الْغَرَرِ، قُلْت: لَا نُسَلِّمُ الْمُنَافَاةَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا فَهِمَ أَنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ الْغَرَرُ صَحَّ الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى كُلِّ مَا فِيهِ غَرَرٌ لَكِنْ لَمَّا أَفَادَتْ الْأَدِلَّةُ صِحَّةَ كَثِيرٍ مِنْ بُيُوعِ الْغَرَرِ عَلِمْنَا أَنَّ الْعِلَّةَ لَيْسَ فِيهَا مُطْلَقُ الْغَرَرِ بَلْ الْغَرَرُ الشَّدِيدُ، وَبِذَلِكَ يَظْهَرُ انْدِفَاعُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْكَمَالُ تَأَمَّلْ سم.

[مَسْأَلَةٌ جَوَابُ السَّائِلِ غَيْرِ الْمُسْتَقِلِّ دُونَهُ]

(قَوْلُهُ: غَيْرُ الْمُسْتَقِلِّ) وَهُوَ مَا لَا يُفِيدُ بِدُونِ السُّؤَالِ كَنَعَمْ وَبَلَى أَيْ لَوْ اُبْتُدِئَ بِهِ لَمْ يُفِدْ، وَغَيْرُ مَرْفُوعٌ صِفَةٌ لِ " جَوَابٌ " (قَوْلُهُ: أَيْ دُونَ السُّؤَالِ) أَيْ الْمَفْهُومِ مِنْ السَّائِلِ، وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بَدَلَ السَّائِلِ بِالسُّؤَالِ وَبَدَلَ السُّؤَالِ بَدَلَهُ كَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ لِيَكُونَ الضَّمِيرُ لَهُ مَرْجِعٌ ثُمَّ إنَّ الصُّوَرَ ثَمَانٍ؛ لِأَنَّ الْجَوَابَ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَقِلًّا أَوْ غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ، وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يَكُونَ أَعَمَّ مِنْ السُّؤَالِ أَوْ أَخَصَّ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ لَكِنْ يَتَعَطَّلُ مِنْهَا صُورَتَانِ، وَهُمَا كَوْنُ الْجَوَابِ أَعَمَّ مِنْ السُّؤَالِ، أَوْ أَخَصَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا مُسَاوِيًا لَهُ فِي الْعُمُومِ أَوْ الْخُصُوصِ، وَقَدْ ذُكِرَتْ الصُّوَرُ السِّتَّةُ فِي الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ (قَوْلُهُ: تَابِعٌ لِلسُّؤَالِ فِي عُمُومِهِ) اُخْتُلِفَ فِي جِهَةِ عُمُومِهِ فَقِيلَ لِعَدَمِ اسْتِفْصَالِهِ عَنْ حَالِهِ وَقِيلَ لِعُمُومِ عِلَّةِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ لِلسَّائِلِ وَغَيْرِهِ وَجُعِلَ مِنْ هَذَا حَدِيثُ «أَنَتَوَضَّأُ بِمَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ: هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ» ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ يَحْتَاجُ إلَى سَبْقِ مُفَسِّرٍ فَلَمْ يَسْتَقِلَّ الْجَوَابُ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ هُوَ ضَمِيرَ الشَّأْنِ فَيَكُونَ الْجَوَابُ مُسْتَقِلًّا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ (قَوْلُهُ: سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ) الظَّاهِرُ أَنَّ السُّؤَالَ كَانَ بِنَحْوِ هَلْ يُبَاعُ الرُّطَبُ بِالتَّمْرِ لَا بِنَحْوِ هَلْ أَبِيعُ الرُّطَبَ بِالتَّمْرِ، وَإِلَّا كَانَ السُّؤَالُ خَاصًّا

ص: 72

فَلَا إذَنْ» فَيَعُمُّ كُلَّ بَيْعٍ لِلرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، وَالْخُصُوصُ كَمَا «قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَائِلٌ: تَوَضَّأْت مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ يُجْزِيكَ» فَلَا يَعُمُّ غَيْرَهُ (وَالْمُسْتَقِلُّ) دُونَ السُّؤَالِ (الْأَخَصُّ) مِنْهُ (جَائِزٌ إذَا أَمْكَنَتْ مَعْرِفَةُ الْمَسْكُوتِ) مِنْهُ كَأَنْ يَقُولَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ» كَالْمُظَاهِرِ فِي جَوَابِ مَنْ أَفْطَرَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مَاذَا عَلَيْهِ فَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: جَامَعَ أَنَّ الْإِفْطَارَ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ فَإِذَا لَمْ تُمْكِنْ مَعْرِفَةُ الْمَسْكُوتِ مِنْ الْجَوَابِ فَلَا يَجُوزُ لِتَأْخِيرِ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ (وَالْمُسَاوِي وَاضِحٌ) كَأَنْ يُقَالَ: مَنْ جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ كَالظِّهَارِ فِي جَوَابِ مَاذَا عَلَى مَنْ جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، وَكَأَنْ يُقَالَ لِمَنْ قَالَ: جَامَعْت فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مَاذَا عَلَيَّ: عَلَيْك كَفَّارَةٌ كَالظِّهَارِ.

وَالْأَعَمُّ ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ (وَالْعَامُّ) الْوَارِدُ عَلَى (سَبَبٍ خَاصٍّ) فِي سُؤَالٍ أَوْ غَيْرِهِ (مُعْتَبَرٌ عُمُومُهُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ) نَظَرًا لِظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَقِيلَ: هُوَ مَقْصُورٌ عَلَى السَّبَبِ لِوُرُودِهِ فِيهِ، مِثَالُهُ حَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا الْحِيَضُ وَلُحُومُ الْكِلَابِ

ــ

[حاشية العطار]

قَوْلُهُ: فَلَا إذْنَ) هُوَ الْجَوَابُ وَهُوَ عَامٌّ لِكُلِّ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ صَدَرَ مِنْ السَّائِلِ أَوْ غَيْرِهِ غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ بِدُونِ السُّؤَالِ اهـ. ز.

(قَوْلُهُ: فَيَعُمُّ كُلَّ بَيْعٍ) صَدَرَ مِنْ السَّائِلِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: يُجْزِيك) مِثَالٌ لِكَوْنِ الْجَوَابِ غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ وَخَاصٍّ بِالسَّائِلِ عَنْ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَا يَعُمُّ غَيْرَ السَّائِلِ فَالضَّمِيرُ فِي لَا يَعُمُّ غَيْرَهُ لِلسَّائِلِ، وَيَصِحُّ عَوْدُ الضَّمِيرِ لِلْوُضُوءِ وَالْمَعْنَى يُجْزِيك أَيْ ذَلِكَ الْوُضُوءُ فَلَا يَعُمُّ غَيْرَهُ أَيْ غَيْرَ ذَلِكَ الْوُضُوءِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَقِلُّ) وَهُوَ بِحَيْثُ لَوْ اُبْتُدِئَ بِهِ كَانَ مُفِيدًا لِلْمَقْصُودِ (قَوْلُهُ: الْأَخَصُّ) أَيْ بِحَسَبِ مَنْطُوقِهِ وَحْدَهُ، وَإِنْ كَانَ بِحَسَبِ مَنْطُوقِهِ وَمَفْهُومِهِ مُسَاوِيًا (قَوْلُهُ: جَائِزٌ) أَيْ الْإِجَابَةُ بِهِ جَائِزَةٌ صَحِيحَةٌ، أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى جَائِزُ الْوُقُوعِ لَا مَانِعَ مِنْ وُقُوعِهِ لُغَةً وَلَا شَرْعًا (قَوْلُهُ: مَعْرِفَةُ الْمَسْكُوتِ) أَيْ الْحُكْمِ الْمَسْكُوتِ، وَمِنْهُ مُتَعَلِّقٌ بِ " مَعْرِفَةُ " وَضَمِيرُهُ يَرْجِعُ لِلْجَوَابِ لَا يُقَالُ: إذَا كَانَتْ مَعْرِفَتُهُ مُمْكِنَةً كَانَ مُسَاوِيًا لَا أَخَصَّ لِأَنَّا نَقُولُ: الْأَخَصِّيَّةُ بِاعْتِبَارِ الْمَنْطُوقِ، وَالْمُسَاوَاةُ بِاعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ، وَإِمْكَانُ تِلْكَ الْمَعْرِفَةِ أَنْ يَكُونَ فِي الْجَوَابِ تَنْبِيهٌ عَلَى حُكْمِ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ، وَأَنْ يَكُونَ السَّائِلُ أَهْلًا لِلتَّنْبِيهِ لِذَلِكَ، وَأَنْ يَبْقَى مِنْ وَقْتِ الْعَمَلِ زَمَنٌ يَسَعُ التَّأَمُّلَ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ التَّنْبِيهُ (قَوْلُهُ: كَالْمُظَاهِرِ) التَّشْبِيهُ تَامٌّ عَلَى مَذْهَبِنَا - مَعَاشِرَ الشَّافِعِيَّةِ - فَإِنَّ كَفَّارَةَ الصَّوْمِ عِنْدَنَا مُرَتَّبَةٌ، وَعِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ مُخَيَّرَةٌ (قَوْلُهُ: مَنْ أَفْطَرَ إلَخْ) عَامٌّ يَشْمَلُ الْجِمَاعَ وَغَيْرَهُ (قَوْلُهُ: فَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ جَامَعَ) لِأَنَّ قَوْلَهُ: مَنْ جَامَعَ إلَخْ فِي قُوَّةِ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ عَلَى الْمُشْتَقِّ الْمُؤْذِنِ بِالْعِلِّيَّةِ.

(قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ إلَخْ) مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ فِي ضِمْنِ الْعَامِّ فَإِنَّ قَوْلَهُ: وَالْعَامُّ إلَخْ غَيْرُ قَاصِرٍ عَلَى الْجَوَابِ وَالسُّؤَالِ (قَوْلُهُ وَالْمُسَاوِي وَاضِحٌ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَقِلًّا أَمْ لَا؛ وَلِهَذَا مَثَّلَ الشَّارِحُ لَهُ بِمِثَالَيْنِ أَوَّلُهُمَا لِلْمُسْتَقِلِّ، وَالثَّانِي لِغَيْرِهِ هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى عَطْفِ الْمُسَاوِي عَلَى الْمُسْتَقِلِّ، وَفِيهِ تَكْرَارٌ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُسْتَقِلِّ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فَالْأَوْجَهُ عَطْفُهُ عَلَى الْأَخَصِّ، وَالْمُسَاوِي صَادِقٌ بِالْمُسَاوَاةِ فِي الْعُمُومِ، وَفِي الْخُصُوصِ فَالْمِثَالُ الْأَوَّلُ لِلْعُمُومِ، وَالثَّانِي لِلْخُصُوصِ لَكِنْ بِزِيَادَةِ إنْ جَامَعْت فِي نَهَارِ رَمَضَانَ بَعْدُ عَلَيْك قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: فِي سُؤَالٍ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ السُّؤَالُ عَامًّا، أَوْ لَا وَفِي سُؤَالٍ صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لِسَبَبٍ أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: الْوَارِدُ أَوْ فِي شَأْنِ سُؤَالٍ وَجُمْلَةُ قَوْلِهِ وَالْعَامُّ إلَخْ مَعْطُوفَةٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ جَوَابُ السَّائِلِ إلَخْ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ (قَوْلُهُ: نَظَرًا لِظَاهِرِ اللَّفْظِ) إذْ الْحُجَّةُ فِي اللَّفْظِ وَهُوَ يَقْتَضِي الْعُمُومَ، وَالسَّبَبُ لَا يَصْلُحُ مُعَارِضًا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ: هُوَ مَقْصُودٌ إلَخْ) نَسَبَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ: إنَّهُ الَّذِي صَحَّ عِنْدَنَا مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَكَذَا نَقَلَهُ تِلْمِيذُهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْمَنْخُولِ (قَوْلُهُ: أَتَتَوَضَّأُ) بِتَاءَيْنِ مُثَنَّاتَيْنِ خِطَابٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ: بُضَاعَةَ) فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ أَهْلُ اللُّغَةِ يَضُمُّونَ الْبَاءَ وَيَكْسِرُونَهَا وَالْمَحْفُوظُ الضَّمُّ وَفِي النِّهَايَةِ لِابْنِ الْأَثِيرِ حَكَى بَعْضُهُمْ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ قَالَهُ بَعْضُ حَوَاشِي التَّلْوِيحِ (قَوْلُهُ: الْحِيَضُ) جَمْعُ حِيضَةٍ كَكِسْرَةٍ وَكِسَرٍ وَدِيمَةٍ وَدِيَمٍ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ حَيْضَةٍ بِالْفَتْحِ كَضِيَعِ جَمْعُ ضَيْعَةٍ، وَالْمُرَادُ إلْقَاءُ خِرَقِ الْحِيَضِ

ص: 73

وَالنَّتْنُ؟ فَقَالَ: إنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» أَيْ مِمَّا ذُكِرَ وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ: مِمَّا ذُكِرَ، وَهُوَ سَاكِتٌ عَنْ غَيْرِهِ (فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ وُجِدَتْ (قَرِينَةُ التَّعْمِيمِ فَأَجْدَرُ) أَيْ أَوْلَى بِاعْتِبَارِ الْعُمُومِ مِمَّا لَوْ لَمْ تَكُنْ مِثَالُهُ قَوْله تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] وَسَبَبُ نُزُولِهِ عَلَى مَا قِيلَ رَجُلٌ سَرَقَ رِدَاءَ صَفْوَانَ فَذَكَرَ السَّارِقَةَ قَرِينَةً عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالسَّارِقِ ذَلِكَ الرَّجُلَ فَقَطْ وقَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] نَزَلَ كَمَا قَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي شَأْنِ مِفْتَاحِ الْكَعْبَةِ لَمَّا أَخَذَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه مِنْ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ قَهْرًا بِأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفَتْحِ لِيُصَلِّيَ فِيهَا فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَخَرَجَ فَسَأَلَهُ الْعَبَّاسُ الْمِفْتَاحَ لِيَضُمَّ السِّدَانَةَ إلَى السِّقَايَةِ فَنَزَلَتْ الْآيَةُ فَرَدَّهُ عَلَى عُثْمَانَ بِلُطْفٍ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ بِذَلِكَ فَتَعَجَّبَ عُثْمَانُ مِنْ ذَلِكَ فَقَرَأَ لَهُ عَلِيٌّ الْآيَةَ فَجَاءَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمَ فَذِكْرُ الْأَمَانَاتِ بِالْجَمْعِ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْعُمُومِ.

(وَصُورَةُ السَّبَبِ) الَّتِي وَرَدَ عَلَيْهَا الْعَامُّ

ــ

[حاشية العطار]

قَوْلُهُ: وَالنَّتْنُ) فِي الْقَامُوسِ النَّتْنُ ضِدُّ الْفَوْحِ نَتُنَ كَكَرُمَ وَضَرَبَ نَتَانَةً وَأَنْتَنَ فَهُوَ مُنْتِنٌ اهـ. (قَوْلُهُ: شَيْءٌ) هَذَا هُوَ الْعَامُّ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ مِنْ الْحِيَضِ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ سَاكِتٌ عَنْ غَيْرِهِ) أَيْ فَلَا يَكُونُ عَدَمُ التَّنَجُّسِ بِهِ ثَابِتًا بِعُمُومِ هَذَا الْحَدِيثِ بَلْ بِدَلِيلٍ آخَرَ كَالْقِيَاسِ (قَوْلُهُ: أَيْ وُجِدَتْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ كَانَ تَامَّةٌ أَيْ أَوْلَى إلَخْ وَهَلْ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ، أَوْ يُقْطَعُ بِالتَّعْمِيمِ لِلْقَرِينَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ تَدُلُّ عَلَى قَصْرِهِ عَلَى السَّبَبِ أَوْ تَعْمِيمِهِ (قَوْلُهُ: مِمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهِ) وُجِدَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ بِزِيَادَةِ لَوْ وَيَرِدُ عَلَيْهَا أَنَّ لَوْ لِلنَّفْيِ، وَلَمْ لِلنَّفْيِ، وَنَفْيُ النَّفْيِ إثْبَاتٌ فَتَكُونُ الْقَرِينَةُ مَوْجُودَةً، وَهُوَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِالْأَوْلَوِيَّةِ فَنُسْخَةُ حَذْفِهَا أَوْلَى (قَوْلُهُ: عَلَى مَا قِيلَ) عَبَّرَ بِذَلِكَ لِقَوْلِ الْبَيْهَقِيّ: إنَّهُ رُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لَكِنَّ الْحَدِيثَ رَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقٍ مِنْهَا عَنْ طَاوُسٍ عَنْ صَفْوَانَ وَرَجَّحَهُمَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ اهـ. ز.

وَنَقَلَ الْكَمَالُ عَنْ الْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيِّ أَنَّهُ لَمْ يَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ التَّفْسِيرِ أَنَّ ذَلِكَ سَبَبُ نُزُولِ الْآيَةِ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْوَاحِدِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي ابْنِ بَيْرَقٍ وَسَارِقِ الدِّرْعِ الْمَذْكُورِ وَقِصَّتُهُ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ فِي آيَةِ {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ} [النساء: 108] (قَوْلُهُ: قَهْرًا) لِامْتِنَاعِهِ مِنْ دَفْعِ الْمِفْتَاحِ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه لَيْلًا، وَقَالَ: لَمْ تُفْتَحْ الْكَعْبَةُ لَيْلًا أَبَدًا فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ يُسَمِّيهِ اللَّهُ أَمَانَةً مَعَ أَخْذِهِ قَهْرًا.

وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ غَصْبًا إلَّا إذَا كَانَ الْآخِذُ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ، وَالْآخِذُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مُسْتَحِقٌّ امْتِثَالًا لِأَمْرِ الشَّارِعِ (قَوْلُهُ: السِّدَانَةَ) أَيْ خِدْمَةَ الْبَيْتِ وَالسِّقَايَةَ أَيْ سِقَايَةَ زَمْزَمَ فَإِنَّهَا كَانَتْ مَعَ الْعَبَّاسِ رضي الله عنه (قَوْلُهُ: فَأَسْلَمَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ فَأَظْهَرَ إسْلَامَهُ؛ إذْ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ أَسْلَمَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي هُدْنَةِ الْحُدَيْبِيَةِ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِيعَابِ وَالنَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ وَالْمُزَنِيُّ وَالذَّهَبِيُّ وَغَيْرُهُمْ (قَوْلُهُ: فَذَكَرَ الْأَمَانَاتِ بِالْجَمْعِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ سَوَاءٌ وُجِدَتْ قَرِينَةُ التَّعْمِيمِ أَمْ لَا نَعَمْ لَوْ وُجِدَتْ قَرِينَةُ الْخُصُوصِ فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ كَالنَّهْيِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ فَإِنَّ سَبَبَهُ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام رَأَى امْرَأَةً حَرْبِيَّةً فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ مَقْتُولَةً» وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِالْحَرْبِيَّاتِ فَلَا يَتَنَاوَلُ الْمُرْتَدَّةَ، وَإِنَّمَا قُتِلَتْ لِخَبَرِ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» اهـ. ز.

(قَوْلُهُ: وَصُورَةُ السَّبَبِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ الَّتِي وَرَدَ عَلَيْهَا) أَيْ

ص: 74

(قَطْعِيَّةُ الدُّخُولِ) فِيهِ (عِنْدَ الْأَكْثَرِ) مِنْ الْعُلَمَاءِ لِوُرُودِهِ فِيهَا (فَلَا يُخَصُّ) مِنْهُ (بِالِاجْتِهَادِ، وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ) وَالِدُ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ: هِيَ (ظَنِّيَّةٌ) كَغَيْرِهَا فَيَجُوزُ إخْرَاجُهَا مِنْهُ بِالِاجْتِهَادِ كَمَا لَزِمَ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ: إنَّ وَلَدَ الْأَمَةِ الْمُسْتَفْرَشَةِ لَا يَلْحَقُ سَيِّدَهَا مَا لَمْ يَقْرَبْهُ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي اللَّحَاقِ الْإِقْرَارُ إخْرَاجُهُ مِنْ حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» الْوَارِدِ فِي ابْنِ أَمَةِ زَمْعَةَ الْمُخْتَصِمِ فِيهِ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم هُوَ لَك يَا عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد هُوَ أَخُوك يَا عَبْدُ (قَالَ) وَالِدُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا

ــ

[حاشية العطار]

لِأَجْلِهَا وَهَذَا كَالتَّوْضِيحِ لِكَوْنِهَا سَبَبًا (قَوْلُهُ: قَطْعِيَّةُ الدُّخُولِ) وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِكَوْنِهَا سَبَبًا مَعْنًى، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى قَطْعِيَّةِ الدُّخُولِ وَمُحَصِّلُهُ كَمَا قَالَ سم هَلْ كَوْنُهَا سَبَبًا قَرِينَةٌ عَلَى دُخُولِهَا قَطْعًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَلَا تَخْتَصُّ مِنْهُ بِالِاجْتِهَادِ) خَصَّ الِاجْتِهَادَ بِالذِّكْرِ نَظَرًا لِلْقَوْلِ بِمُقَابِلِهِ، وَإِلَّا فَغَيْرُهُ مِنْ الْمُخَصِّصَاتِ لَا يُخَصِّصُ ذَلِكَ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ يَنْسَخُهُ اهـ. ز.

(قَوْلُهُ: كَغَيْرِهِ) رُدَّ بِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِهِ غَيْرُهُ، وَقَدْ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ عَنْ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ صُورَةَ السَّبَبِ قَطْعِيَّةُ الدُّخُولِ؛ وَلِذَلِكَ اُنْتُقِدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ " الْأَكْثَرِ " وَمَا يَأْتِي عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَازِمٌ لِمَذْهَبِهِ وَلَيْسَ قَائِلًا بِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَزِمَ) أَيْ كَلُزُومِ الْإِخْرَاجِ فَمَا مَصْدَرِيَّةٌ (قَوْلُهُ: نَظَرًا) أَيْ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ (قَوْلُهُ: إلَى أَنَّ الْأَصْلَ) أَيْ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: إخْرَاجُهُ) فَاعِلُ لَزِمَ الضَّمِيرُ لِلْوَلَدِ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ، وَاعْتُرِضَ عَلَى الشَّارِحِ بِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يُخَالِفُ الْحَدِيثَ؛ لِأَنَّ الْفُرُشَ عِنْدَهُ قَاصِرَةٌ عَلَى الْمُسْتَوْلَدَةِ وَالْمَنْكُوحَةِ، وَالْأَمَةُ فِي الْحَدِيثِ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ، وَالِاحْتِيَاجُ إلَى الْإِقْرَارِ عِنْدَهُ فِي غَيْرِهَا فَلَمْ تَكُنْ صُورَةُ السَّبَبِ خَارِجَةً عِنْدَهُ، وَلَا يُخَالِفُ فِيهَا؛ إذْ كَيْفَ بِخُرُوجِهَا مَعَ وُرُودِ الْحَدِيثِ فِيهَا، وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ لِزَمْعَةَ كَذَا حَقِيقَةُ الْكَمَالِ بْنِ الْهَمَّامِ قَوْلُهُ:«الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» أَيْ لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ سَوَاءٌ أَقَرَّ بِهِ أَمْ لَمْ يُقِرَّ فَهَذَا وَجْهُ عُمُومِهِ، وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْهُ وَلَدَ الْأَمَةِ الْمَوْطُوءَةِ فَلَمْ يُثْبِتْ نَسَبَهُ إلَّا بِالدَّعْوَةِ

(قَوْلُهُ: الْمُخْتَصَمِ فِيهِ) نَعْتٌ سَبَبِيٌّ لِابْنِ وَزَمْعَةَ اسْمُ سَيِّدِ الْأَمَةِ مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ اللَّفْظِيِّ (قَوْلُهُ: عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ) هُوَ سَيِّدُ الْأَمَةِ بَعْدَ أَبِيهِ زَمْعَةَ (قَوْلُهُ: وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ) يَدَّعِي أَنَّهُ وَلَدُ عُتْبَةَ عَهِدَ إلَيْهِ فِي خَلَاصِهِ، وَحَاصِلُ الْقِصَّةِ أَنَّ جَارِيَةَ زَمْعَةَ زَنَى بِهَا عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ أَخُو سَعْدٍ وَأَوْصَى عُتْبَةُ الْمَذْكُورُ أَخَاهُ سَعْدًا أَنَّ أَمَةَ زَمْعَةَ إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا فَهُوَ لَك أَيْ مَنْسُوبٌ لَك بِأَنَّهُ ابْنُ أَخِيك فَادَّعِهِ ثُمَّ مَاتَ عُتْبَةُ وَكَذَلِكَ زَمْعَةُ أَوْصَى ابْنَهُ عَبْدًا أَنَّ الْأَمَةَ إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا فَادَّعِهِ فَإِنَّهُ لَك أَيْ أَخُوك وَمَاتَ زَمْعَةُ الْمَذْكُورُ ثُمَّ بَعْدَ وِلَادَةِ الْأَمَةِ اخْتَصَمَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ مَعَ سَعْدٍ أَخِي عُتْبَةَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ لَك يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ» الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ «ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةِ بِنْتِ زَمْعَةَ احْتَجِبِي مِنْهُ» لَمَّا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ فَمَا رَآهَا حَتَّى لَحِقَ اللَّهَ - تَعَالَى (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ مُبَيِّنَةٌ لِلرِّوَايَةِ الْأُولَى، وَقَالَ بَعْضٌ آخَرُ: إنَّهَا مُعَارِضَةٌ لَهَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: هُوَ لَك أَيْ مِيرَاثٌ مِنْ أَبِيك، وَهِيَ الرِّوَايَةُ الْمَعْرُوفَةُ فَقُدِّمَتْ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ:«هُوَ لَك يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» هُوَ قَضَاءٌ بِالْمَلْكِ لِعَبْدٍ لِكَوْنِهِ وَلَدَ أَمَةِ أَبِيهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارٍ بِنَسَبِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ «قَوْلُهُ: عليه الصلاة والسلام لِبِنْتِ زَمْعَةَ أَمَّا أَنْتِ يَا سَوْدَةُ فَاحْتَجِبِي مِنْهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِأَخٍ لَك»

وَقَوْلُهُ: عليه الصلاة والسلام «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» لِتَحْقِيقِ نَفْيِ النَّسَبِ عَنْ عُتْبَةَ لَا لِإِلْحَاقِهِ بِزَمْعَةَ وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقِيلَ هُوَ مَذْهَبُ أَبِي يُوسُفَ: أَنَّ إقْرَارَ الْوَرَثَةِ بِبُنُوَّةِ وَلَدِ الْأَمَةِ بِمَنْزِلَةِ الدَّعْوَةِ مِنْ الْأَبِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَا يَنْبَغِي ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ عِنْدَ مَنْ اعْتَبَرَ السَّبَبَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ (غَرِيبَةٌ) ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِتَرْشِيحِ التَّوْشِيحِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى مَا وَقَعَ الْغَلَطُ فِيهِ بِسَبَبِ تَصْحِيفٍ أَوْ تَحْرِيفٍ أَنَّهُ وَقَعَ فِي بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ هَذَا أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ نُسْخَتِهِ حَرْفُ

ص: 75

(وَيَقْرُبُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ صُورَةِ السَّبَبِ حَتَّى يَكُونَ قَطْعِيَّ الدُّخُولِ أَوْ ظَنِّيَّهُ (خَاصٌّ فِي الْقُرْآنِ تَلَاهُ فِي الرَّسْمِ) أَيْ رَسْمِ الْقُرْآنِ بِمَعْنَى وَضَعَهُ مَوَاضِعَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتْلُهُ فِي النُّزُولِ (عَامٌّ لِلْمُنَاسِبَةِ) بَيْنَ التَّالِي وَالْمَتْلُوِّ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} [النساء: 51] إلَخْ فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ: إشَارَةٌ إلَى كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ وَنَحْوِهِ مِنْ عُلَمَاءِ الْيَهُودِ لَمَّا قَدِمُوا مَكَّةَ وَشَاهَدُوا قَتْلَى بَدْرٍ حَرَّضُوا الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْأَخْذِ بِثَأْرِهِمْ وَمُحَارَبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلُوهُمْ مَنْ أَهْدَى سَبِيلًا مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ أَمْ نَحْنُ؟ فَقَالُوا: أَنْتُمْ مَعَ عِلْمِهِمْ بِمَا فِي كِتَابِهِمْ مِنْ نَعْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْمُنْطَبِقِ عَلَيْهِ وَأَخْذِ الْمَوَاثِيقِ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَكْتُمُوهُ فَكَانَ ذَلِكَ أَمَانَةً لَازِمَةً لَهُمْ وَلَمْ يُؤَدُّوهَا حَيْثُ قَالُوا لِلْكُفَّارِ: أَنْتُمْ أَهْدَى سَبِيلًا حَسَدًا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ تَضَمَّنَتْ الْآيَةُ مَعَ هَذَا الْقَوْلِ التَّوَعُّدَ عَلَيْهِ الْمُفِيدَ لِلْأَمْرِ بِمُقَابِلِهِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى إرَادَةِ الْأَمَانَةِ الَّتِي هِيَ بَيَانُ صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِإِفَادَتِهِ أَنَّهُ الْمَوْصُوفُ فِي كِتَابِهِمْ، وَذَلِكَ مُنَاسِبٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] فَهَذَا عَامٌّ فِي كُلِّ أَمَانَةٍ، وَذَلِكَ خَاصٌّ بِأَمَانَةٍ هِيَ بَيَانُ صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالطَّرِيقِ السَّابِقِ

ــ

[حاشية العطار]

النِّدَاءِ مِنْ قَوْلِهِ هُوَ لَك يَا عَبْدٌ ثُمَّ نَوَّنَ عَبْدٌ أَوْ جَعَلَهُ خَبَرَ هُوَ وَقَالَ إنَّمَا «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ لَك عَبْدٌ» فَأَيْنَ لُحُوقُ النَّسَبِ وَاتَّخَذَ الْحَدِيثَ حُجَّةً لَهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ فَانْظُرْ هَذِهِ الْعَجَائِبَ وَالْغَرَائِبَ (قَوْلُهُ: وَيَقْرُبُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ النَّصَّ عَلَى الْخَاصِّ بِخُصُوصِهِ يُغْنِي عَنْ إلْحَاقِهِ بِصُورَةِ السَّبَبِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا أَنَّ كَوْنَ صُورَةِ السَّبَبِ مَانِعٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مِنْ إخْرَاجِهِ بِالِاجْتِهَادِ مِنْ الْعُمُومِ فَالنَّصُّ عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ مَانِعٌ مِنْ الْغَايَةِ بَلْ هُوَ أَوْلَى بِذَلِكَ، وَيُجَابُ بِأَنَّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا مِنْ الْقُوَّةِ مَا لَيْسَ فِي أَحَدِهِمَا حَتَّى يُقَدِّمَ ذَلِكَ الْخَاصَّ عَلَى خَاصٍّ آخَرَ عَارَضَهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي ذَلِكَ الْعَامِّ، وَإِلَّا كَانَ ذَلِكَ الْعَامُّ تَالِيًا لَهُ فِي الرَّسْمِ اهـ سم

(قَوْلُهُ: فِي الْقُرْآنِ) وَكَذَا فِي السُّنَّةِ عَلَى مَا بَحَثَهُ سم قَوْلُهُ: {بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} [النساء: 51] هُمَا ضَمَانٌ لِقُرَيْشٍ (قَوْلُهُ: إشَارَةٌ إلَى كَعْبٍ إلَخْ) أَيْ إلَى حَالِهِمْ (قَوْلُهُ: لَمَّا قَدِمُوا مَكَّةَ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ وَطَنَ الْمُشْرِكِينَ وَالنَّبِيُّ وَأَصْحَابُهُ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانُوا مُتَوَطِّنِينَ بِالْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّ الْغَزْوَةَ كَانَتْ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ وَقَوْلُهُ: وَشَاهَدُوا أَيْ وَقَدْ شَاهَدُوا فِيمَا سَبَقَ قَتْلَى بَدْرٍ فَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ قَالَ سم: وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ عَاطِفَةً، وَلَا يُنَافِيهِ كَوْنُ الْمُشَاهَدَةِ سَابِقَةً عَلَى الْقُدُومِ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تَرْتِيبَ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَسَأَلُوهُمْ) أَيْ سَأَلَ الْمُشْرِكُونَ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ وَنَحْوَهُ لِكَوْنِهِمْ مِنْ عُلَمَائِهِمْ، وَمُرَادُ الْمُشْرِكِينَ بِالسُّؤَالِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ أَهْدَى سَبِيلًا فَلَا يُقَاتِلُونَهُمْ، وَإِنْ كَانُوا هُمْ أَهْدَى يُقَاتِلُونَهُمْ (قَوْلُهُ: مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ) أَيْ أَمُحَمَّدٌ بِحَذْفِ الْهَمْزَةِ (قَوْلُهُ: فَقَالُوا أَنْتُمْ) هَذَا هُوَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {هَؤُلاءِ أَهْدَى} [النساء: 51] إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا وَقَعَ مِنْهُ - تَعَالَى - حِكَايَةٌ لِقِصَّتِهِمْ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ اكْتِفَاءٌ أَيْ أَنْتُمْ أَهْدَى سَبِيلًا (قَوْلُهُ: الْمُنْطَبِقِ عَلَيْهِ) نَعْتٌ لِنَعْتٍ أَيْ مَا وُجِدَ فِي كِتَابِهِمْ الدَّالِّ عَلَى النَّعْتِ مُشْتَمِلٌ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم بِذِكْرِ أَوْصَافِهِ فِيهِ

(قَوْلُهُ: فَكَانَ ذَلِكَ) أَيْ عَدَمُ الْكِتْمَانِ لَمَّا عَلِمُوهُ وَقَوْلُهُ: أَمَانَةً أَيْ لَازِمَةً لَهُمْ مِنْ حَيْثُ التَّأْدِيَةُ وَالْإِظْهَارُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ قَالُوا إلَخْ) حَيْثِيَّةُ تَعْلِيلٍ (قَوْلُهُ: مَعَ هَذَا الْقَوْلِ) أَيْ مَعَ تَضَمُّنِهَا مَعَ لِهَذَا الْقَوْلِ، وَغَرَضُهُ مِنْ قَوْلِهِ: وَقَدْ تَضَمَّنَهُ إلَخْ تَطْبِيقُ الشَّاهِدِ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ بَيَانِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ وَالتِّلْوِ وَالْمُنَاسَبَةِ إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ، وَقَوْلُهُ: الْآيَةُ عِبَارَةُ الشَّيْخِ خَالِدٍ: الْآيَاتُ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ؛ لِأَنَّهَا آيَةٌ، وَيُجَابُ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّ أَلْ لِلْجِنْسِ، وَقَوْلُهُ: الْمُفِيدَ لِلْأَمْرِ؛ لِأَنَّ التَّوَعُّدَ يَقْتَضِي النَّهْيَ وَالنَّهْيُ عَنْ الشَّيْءِ أَمْرٌ بِضِدِّهِ، وَقَوْلُهُ: الْمُشْتَمِلِ بِالْجَرِّ صِفَةٌ لِلْمُقَابِلِ، وَالْمُقَابِلُ هُوَ قَوْلُهُمْ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ أَهْدَى سَبِيلًا (قَوْلُهُ: بِإِفَادَتِهِ) بَيَانٌ لِوَجْهِ الِاشْتِمَالِ أَيْ اشْتِمَالِ مُقَابِلِ مَا ذُكِرَ عَلَى أَدَاءِ الْأَمَانَةِ يَكُونُ بِإِفَادَتِهِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم هُوَ الْمَوْصُوفُ فِي كِتَابِهِمْ فَالْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمُشْتَمِلِ، وَيَجُوزُ تَعَلُّقُهَا بِأَدَاءِ اهـ. ز.

(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ مُنَاسِبٌ إلَخْ) أَيْ الْأَمْرُ بِالْمُقَابِلِ الْمُسْتَلْزِمِ لِأَدَاءِ الْأَمَانَةِ (قَوْلُهُ: فَهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ: إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ الْآيَةَ، وَقَوْلُهُ: أَيْ الْأَمْرُ بِالْمُقَابِلِ وَقَوْلُهُ: خَاصٌّ بِأَمَانَةٍ أَيْ بِأَدَائِهَا وَقَوْلُهُ: بِالطَّرِيقِ مُتَعَلِّقٌ بِ " بَيَانٌ "(قَوْلُهُ: وَالْعَامُّ) أَيْ وَالْآيَةُ الَّتِي فِيهَا الْعَامُّ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قَالَ وَيَقْرُبُ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَقُلْ وَمِنْهَا كَذَا

ص: 76