الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مَسْأَلَةٌ
الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ كَالْعَامِّ وَالْخَاصِّ)
فَمَا جَازَ تَخْصِيصُ الْعَامِّ بِهِ يَجُوزُ تَقْيِيدُ الْمُطْلَقِ بِهِ وَمَا لَا فَلَا يَجُوزُ تَقْيِيدُ الْكِتَابِ بِالْكِتَابِ وَبِالسُّنَّةِ وَالسُّنَّةِ بِالسُّنَّةِ وَبِالْكِتَابِ، وَتَقْيِيدِهِمَا بِالْقِيَاسِ وَالْمَفْهُومَيْنِ وَفِعْلِ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام وَتَقْرِيرِهِ بِخِلَافِ مَذْهَبِ الرَّاوِي، وَذَكَرَ بَعْضَ جُزْئِيَّاتِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْجَمِيعِ (وَ) يَزِيدُ الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ (أَنَّهُمَا إنْ اتَّحَدَ حُكْمُهُمَا وَمُوجِبُهُمَا) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ سَبَبُهُمَا (وَكَانَا مُثْبَتَيْنِ) كَأَنْ يُقَالَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ: أَعْتِقْ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً (وَتَأَخَّرَ الْمُقَيَّدُ عَنْ وَقْتِ الْعَمَلِ بِالْمُطْلَقِ
ــ
[حاشية العطار]
أَبْدَاهُ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ فِي بَابِ الْقِيَاسِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حُجِّيَّةِ قَوْله تَعَالَى {فَاعْتَبِرُوا} [الحشر: 2] أَنَّهُ إذَنْ فِي كُلِّ جُزْئِيٍّ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْمَاهِيَّةِ حَيْثُ اعْتَرَضَ الْخَصْمُ بِأَنَّ الدَّالَّ عَلَى الْكُلِّيِّ لَا يَدُلُّ عَلَى الْجُزْئِيِّ فَلَا يَلْزَمُ الْأَمْرُ بِالْقِيَاسِ الَّذِي هُوَ جُزْئِيٌّ مِنْ الْكُلِّيِّ الَّذِي هُوَ مُطْلَقُ الِاعْتِبَارِ فَقَالَ الْهِنْدِيُّ: يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَاهِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَقْتَضِ الْأَمْرُ بِجُزْئِيَّاتِهَا لَكِنْ يَقْتَضِي تَخْيِيرَ الْمُكَلَّفِ فِي الْإِتْيَانِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْجُزْئِيَّاتِ بَدَلًا عَنْ الْآخَرِ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ الْمُعَيِّنَةِ لِوَاحِدٍ مِنْهَا أَوْ بِجَمِيعِهَا ثُمَّ التَّخْيِيرُ بَيْنَهُمَا يَقْتَضِي جَوَازَ فِعْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ: أَنْ يَفْعَلَ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي كُلِّ جُزْئِيٍّ (قَوْلُهُ: وَيَخْرُجُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْقَوْلَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ.
[الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ كَالْعَامِّ وَالْخَاصِّ]
(قَوْلُهُ: فَمَا جَازَ إلَخْ) هَذَا هُوَ وَجْهُ الشَّبَهِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ لِقَاعِدَةٍ أُولَى، قَوْلُهُ: وَمَا لَا فَلَا قَاعِدَةٌ ثَانِيَةٌ، وَفَرَّعَ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْأُولَى تِسْعَةَ أَمْثِلَةٍ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ مِثَالَيْنِ فَقَطْ، وَهُمَا قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَذْهَبِ الرَّاوِي إلَخْ الْأَمْثِلَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا إحْدَى عَشَرَ، وَقَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ يَرْجِعُ إلَيْهَا كُلِّهَا لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ الْقَاعِدَةِ الْأُولَى مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ كَمَا سَنَنْقُلُهُ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ بَعْضَ جُزْئِيَّاتِ إلَخْ) يَجِبُ أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِعَدَمِ ذِكْرِ الْقَيْدِ مِنْ وَصْفٍ وَنَحْوِهِ، وَإِلَّا قُيِّدَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَرْقُ الشَّارِحُ الْآتِي (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْجَمِيعِ) يَعْنِي فِي غَيْرِ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ؛ إذْ لَا خِلَافَ فِيهِ كَمَا فِي التَّخْصِيصِ بِهِ اهـ. ز.
(قَوْلُهُ: وَيَزِيدُ إلَخْ) أَفْرَدَ بِاعْتِبَارِ كُلِّ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: أَنَّهُمَا إلَخْ) يُقْرَأُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ نَظَرًا لِمَا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ عَلَى حَذْفِ الْجَارِّ أَيْ لِأَنَّهُ وَبِالنَّظَرِ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ (قَوْلُهُ: أَيْ سَبَبُهُمَا) أَيْ سَبَبُ حُكْمِهِمَا، وَفِي جَعْلِ الظِّهَارِ سَبَبًا مُسَامَحَةٌ؛ إذْ السَّبَبُ إنَّمَا هُوَ الْعَوْدُ (قَوْلُهُ: وَكَانَا مُثْبَتَيْنِ) أَيْ أَمْرَيْنِ كَمَا مَثَّلَ الشَّارِحُ أَوْ خَبَرَيْنِ نَحْوَ تُجْزِئُ رَقَبَةٌ تُجْزِئُ رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ أَوْ أَحَدُهُمَا أَمْرًا وَالْآخَرُ خَبَرًا نَحْوَ أَعْتِقْ رَقَبَةً تُجْزِئُ رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ أَعْتِقْ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً تُجْزِي رَقَبَةٌ اهـ. ز ثُمَّ إنَّهُ أَرَادَ بِالْإِثْبَاتِ مَا قَابَلَ النَّفْيَ وَالنَّهْيَ
(قَوْلُهُ: وَتَأَخَّرَ) أَيْ مَعَ تَرَاخٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: الْآتِي أَوْ تَقَارَنَا، وَالْمُرَادُ عَلِمَ تَأَخُّرَهُ كَمَا يُنَبِّهُ عَلَيْهِ إدْخَالُهُ تَحْتَ الْمَنْفِيِّ بِقَوْلِهِ: وَإِلَّا (قَوْلُهُ: عَنْ وَقْتِ الْعَمَلِ) أَيْ عَنْ دُخُولِ وَقْتِهِ وَفِيهِ أَنَّ الْخَاصَّ مَعَ الْعَامِّ كَذَلِكَ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَحَلَّ الزِّيَادَةِ قَوْلُهُ: إنْ اتَّحَدَ حُكْمُهُمَا فَهَذَا الشَّرْطُ هُوَ الَّذِي انْفَرَدَتْ بِهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ
فَهُوَ)
أَيْ الْمُقَيَّدُ (نَاسِخٌ) لِلْمُطْلَقِ بِالنِّسْبَةِ إلَى صِدْقِهِ بِغَيْرِ الْمُقَيَّدِ (وَإِلَّا) بِأَنْ تَأَخَّرَ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ بِالْمُطْلَقِ دُونَ الْعَمَلِ أَوْ تَأَخَّرَ الْمُطْلَقُ عَنْ الْمُقَيَّدِ مُطْلَقًا أَوْ تَقَارَنَا أَوْ جُهِلَ تَارِيخُهُمَا (حُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُقَيَّدِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ (وَقِيلَ: الْمُقَيَّدُ نَاسِخٌ) لِلْمُطْلَقِ (إنْ تَأَخَّرَ) عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ بِهِ كَمَا لَوْ تَأَخَّرَ عَنْ وَقْتِ الْعَمَلِ بِهِ بِجَامِعِ التَّأْخِيرِ (وَقِيلَ: يُحْمَلُ الْمُقَيَّدُ عَلَى الْمُطْلَقِ) بِأَنْ يُلْغِيَ الْقَيْدَ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْمُقَيَّدِ ذِكْرٌ لِجُزْئِيٍّ مِنْ الْمُطْلَقِ فَلَا يُقَيِّدُهُ كَمَا أَنَّ ذِكْرَ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ لَا يُخَصِّصُهُ، قُلْنَا: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَفْهُومَ الْقَيْدِ حُجَّةٌ بِخِلَافِ مَفْهُومِ " الْقَيْدُ حُجَّةٌ " بِخِلَافِ مَفْهُومِ اللَّقَبِ الَّذِي ذُكِرَ فِيهِ فَرْدٌ مِنْ الْعَامِّ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ كَانَا مَنْفِيَّيْنِ) يَعْنِي غَيْرَ مُثْبَتَيْنِ مَنْفِيَّيْنِ أَوْ مُنْهَيَّيْنِ نَحْوَ: لَا يُجْزِئُ عِتْقُ مُكَاتَبٍ لَا يُجْزِئُ عِتْقُ مُكَاتَبٍ كَافِرٍ لَا تُعْتِقْ مُكَاتَبًا لَا تُعْتِقْ مُكَاتَبًا كَافِرًا (فَقَائِلٌ الْمَفْهُومَ) أَيْ الْقَائِلُ بِحُجِّيَّةِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ (يُقَيِّدُهُ بِهِ) أَيْ يُقَيِّدُ الْمُطْلَقَ بِالْمُقَيَّدِ فِي ذَلِكَ (وَهِيَ) أَيْ الْمَسْأَلَةُ حِينَئِذٍ
ــ
[حاشية العطار]
قَوْلُهُ: فَهُوَ نَاسِخٌ) فَلَا يَلْزَمُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ اللَّازِمِ عَلَى جَعْلِهِ مُقَيَّدًا، وَإِنَّمَا هُوَ ابْتِدَاءُ حُكْمٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ تَأَخَّرَ إلَخْ) جَعَلَ الشَّارِحُ إلَّا رَاجِعَةً لِلْقَيْدِ الْأَخِيرِ فَقَطْ مِنْ الْقُيُودِ الْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ سَيَأْتِي يَأْخُذُ مُحْتَرَزَ الثَّلَاثَةِ فَقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَا مَنْفِيَّيْنِ مَعَ قَوْلِهِ: وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَمْرًا إلَخْ مُحْتَرَزُ الْقَيْدِ الثَّالِثِ، وَقَوْلُهُ: إنْ اخْتَلَفَ السَّبَبُ مُحْتَرَزُ الْقَيْدِ الثَّانِي أَعْنِي قَوْلَهُ: وَمُوجِبُهَا، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ اتَّحَدَ الْمُوجِبُ إلَخْ مُحْتَرَزُ الْأَوَّلِ فَقَدْ سَلَكَ فِي أَخْذِ الْمُحْتَرَزَاتِ اللَّفَّ وَالنَّشْرَ الْمُشَوَّشَ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ بِالْمُقَيَّدِ، أَوْ عَنْ وَقْتِ الْعَمَلِ بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَقَارَنَا) أَيْ بِأَنْ عَقِبَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ (قَوْلُهُ: حُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مُرَادًا بِهِ الْمُقَيَّدُ
(قَوْلُهُ: جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ) لِأَنَّ الْمُطْلَقَ جُزْءٌ مِنْ الْمُقَيَّدِ فَإِذَا أَعْمَلْنَا الْمُقَيَّدَ فَقَدْ عَمِلْنَا بِهِمَا، وَإِذَا لَمْ نَعْمَلْ بِهِ فَقَدْ أَلْغَيْنَا أَحَدَهُمَا (قَوْلُهُ: بِجَامِعِ التَّأَخُّرِ) يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ؛ إذْ التَّأَخُّرُ عَنْ وَقْتِ الْعَمَلِ يَسْتَلْزِمُ تَأَخُّرَ الْبَيَانِ عَنْهُ بِخِلَافِ التَّأْخِيرِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ دُونَ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُحْمَلُ الْمُقَيَّدُ) أَيْ فِيمَا إذَا تَأَخَّرَ عَنْ الْمُطْلَقِ كَمَا يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ دَلِيلُ الشَّارِحِ الْمَقِيسِ عَلَى دَلِيلِ عَدَمِ تَخْصِيصِ ذِكْرِ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي عَدَمِ تَخْصِيصِ الْعَامِّ بِذِكْرِ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا ذُكِرَ الْفَرْدُ بَعْدَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّ ذِكْرَ أَفْرَادِ الْعَامِّ) أَيْ بِحُكْمِ الْعَامِّ ثُمَّ إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُقَيِّدَةٌ هُنَا أَنَّ ذَلِكَ الْفَرْدَ لَقَبٌ أَمَّا لَوْ كَانَ مُشْتَقًّا فَيُعْمَلُ بِمَفْهُومِهِ وَيُخَصَّصُ، وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ - عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ - إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: قُلْنَا: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْقَيْدَ حُجَّةٌ بِخِلَافِ مَفْهُومِ اللَّقَبِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إنَّ مَفْهُومَ الْقَيْدِ حُجَّةٌ) لِأَنَّهُ صِفَةٌ
(قَوْلُهُ: مَفْهُومُ الْقَيْدِ) أَيْ الْمُشْتَقِّ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِهِ: بِخِلَافِ مَفْهُومِ اللَّقَبِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُقَالُ: إنَّ ذِكْرَ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْمُطْلَقِ بِحُكْمِ الْمُطْلَقِ لَا يُقَيِّدُهُ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي الْعَامِّ وَالْخَاصِّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: مَا مَرَّ مُقَيَّدٌ بِأَنَّ الْفَرْدَ مِنْ الْعَامِّ لَقَبٌ أَمَّا لَوْ كَانَ صِفَةً فَإِنَّا نُوَافِقُ أَبَا ثَوْرٍ فِي الْقَوْلِ بِالتَّخْصِيصِ وَحَمْلِ الْخِلَافِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فِيمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِ اللَّقَبِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ غَالِبًا، وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ ذِكْرُ فَرْدٍ مِنْ الْعَامِّ صِفَةً، وَيَكُونُ مُخَصِّصًا، وَضَمِيرُ مِنْهُ يَعُودُ لِلَّقَبِ، وَلَوْ حُذِفَ ذِكْرٌ، وَاقْتُصِرَ عَلَى الْبَاقِي كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الَّذِي مِنْ اللَّقَبِ فَرْدُ الْعَامِّ لَا ذِكْرُهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الضَّمِيرَ لِمَفْهُومِ اللَّقَبِ، وَذِكْرُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ مَفْهُومٍ، وَيُجْعَلُ الْمَفْهُومُ لِلذِّكْرِ لَا لِلْمَذْكُورِ فِي نَفْسِهِ؛ إذْ الْفَهْمُ إنَّمَا هُوَ مِنْ الذِّكْرِ (قَوْلُهُ: يَعْنِي إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا الصَّرْفِ إلَى دَفْعِ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمَتْنِ وَهُوَ أَنَّ الْمُقَابَلَةَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْهِيَّيْنِ) أَيْ مَنْهِيٍّ عَنْهُمَا (قَوْلُهُ: لَا يُجْزِئُ عِتْقُ مُكَاتَبٍ) أَيْ عَنْ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَا مَنْفِيَّيْنِ (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ كَانَا مَنْفِيَّيْنِ
(خَاصٌّ وَعَامٌّ) لِعُمُومِ الْمُطْلَقِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ وَنَافِي الْمَفْهُومِ يُلْغِي الْقَيْدَ وَيُجْرِي الْمُطْلَقَ عَلَى إطْلَاقِهِ.
(وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَمْرًا، وَالْآخَرُ نَهْيًا) نَحْوُ أَعْتِقْ رَقَبَةً، لَا تُعْتِقْ رَقَبَةً كَافِرَةً، أَعْتِقْ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً، لَا تُعْتِقْ رَقَبَةً (فَالْمُطْلَقُ مُقَيَّدٌ بِضِدِّ الصِّفَةِ) فِي الْمُقَيَّدِ لِيَجْتَمِعَا فَالْمُطْلَقُ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ مُقَيَّدٌ بِالْإِيمَانِ، وَفِي الثَّانِي مُقَيَّدٌ بِالْكُفْرِ (وَإِنْ اخْتَلَفَ السَّبَبُ) مَعَ اتِّحَادِ الْحُكْمِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] وَفِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92](فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُحْمَلُ) الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ فَيَبْقَى الْمُطْلَقُ عَلَى إطْلَاقِهِ (وَقِيلَ: يُحْمَلُ) عَلَيْهِ (لَفْظًا) أَيْ بِمُجَرَّدِ وُرُودِ اللَّفْظِ الْمُقَيَّدِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى جَامِعٍ (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ) رضي الله عنه يُحْمَلُ عَلَيْهِ (قِيَاسًا) فَلَا بُدَّ مِنْ جَامِعٍ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ حُرْمَةُ سَبَبِهِمَا أَيْ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ (وَإِنْ اتَّحَدَ الْمُوجِبُ) فِيهِمَا (وَاخْتَلَفَ حُكْمُهُمَا) كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى فِي التَّيَمُّمِ {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [النساء: 43] وَفِي الْوُضُوءِ فَاغْسِلُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ، وَالْمُوجِبُ لَهُمَا الْحَدَثُ، وَاخْتِلَافُ الْحُكْمِ مِنْ مَسْحِ الْمُطْلَقِ وَغَسْلِ الْمُقَيَّدِ الْمَرَافِقِ وَاضِحٌ (فَعَلَى الْخِلَافِ) مِنْ أَنَّهُ لَا يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَيْهِ لَفْظًا أَوْ قِيَاسًا، وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ اشْتِرَاكُهُمَا
ــ
[حاشية العطار]
قَوْلُهُ: خَاصٌّ وَعَامٌّ) أَيْ وَلَيْسَتْ مِنْ قَبِيلِ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ، وَإِنْ عَبَّرَ بِهِمَا فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الِاصْطِلَاحِ مَجَازٌ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ ذِكْرَ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِ الْعَامِّ لَا يُخَصِّصُهُ؛ إذْ كَانَ مَفْهُومَ لَقَبٍ، وَهُوَ هُنَا مَفْهُومُ صِفَةٍ كَمَا يَشْهَدُ بِهِ التَّمْثِيلُ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هَاهُنَا تَتْمِيمًا لِلْأَقْسَامِ (قَوْلُهُ: عَلَى إطْلَاقِهِ) إلَّا أَنَّهُ يَطْرُقُهُ هُنَا مَا سَبَقَ مَا أَنَّ ذِكْرَ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ هَلْ يُخَصِّصُ أَوَّلًا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الثَّانِي بِالْكُفْرِ) ؛ لِأَنَّهُ ضِدُّ الْإِيمَانِ، قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَالْحَمْلُ فِي ذَلِكَ ضَرُورِيٌّ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: إنَّهُ وَاضِحٌ، وَتَسْمِيَتُهُمَا بِذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِمَا عَامًّا وَخَاصًّا مَجَازٌ كَمَا سَبَقَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَ السَّبَبُ إلَخْ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ: اتَّحَدَ مُوجِبُهُمَا، وَلَوْ قَالَ: وَإِنْ اخْتَلَفَ السَّبَبُ أَوْ الْحُكْمُ لَكَانَ أَخْصَرَ وَعَبَّرَ هَاهُنَا بِالسَّبَبِ، وَفِيمَا تَقَدَّمَ بِالْمُوجِبِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْمُوجِبَ هُوَ السَّبَبُ (قَوْلُهُ: مَعَ اتِّحَادِ الْحُكْمِ) ، وَهُوَ وُجُوبُ الْإِعْتَاقِ (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ) وَمَا إذَا اتَّحَدَ السَّبَبُ وَالْحُكْمُ وَكَانَا مُثْبَتَيْنِ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ أَبُو زَيْدٍ فِي الْأَسْرَارِ وَأَبُو الْمَنْصُورِ الْمَاتُرِيدِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ: لَفْظًا) أَيْ يَدُلُّ بِلَفْظِهِ عَلَى تَقْيِيدِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ كَالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ؛ وَلِهَذَا لَمَّا قُيِّدَتْ الشَّهَادَةُ بِالْعَدَالَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَأُطْلِقَتْ فِي سَائِرِ الصُّوَرِ حَمَلْنَا الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ
(قَوْلُهُ: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) وَالْحَنَفِيَّةُ يَمْنَعُونَ ذَلِكَ لِانْتِفَاءِ شَرْطِ الْقِيَاسِ، وَهُوَ عَدَمُ مُعَارَضَةِ مُقْتَضَى نَصٍّ فِي الْمُقْتَبَسِ فَإِنَّ الْمُطْلَقَ نَصٌّ دَالٌّ عَلَى إجْزَاءِ الْمُقَيَّدِ وَغَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَثْبُتَ بِالْقِيَاسِ عَدَمُ إجْزَاءِ غَيْرِ الْمُقَيَّدِ لِانْتِفَاءِ صِحَّتِهِ (قَوْلُهُ: قِيَاسًا) وَمِثْلُ الْقِيَاسِ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَالْمُطْلَقُ بَاقٍ عَلَى إطْلَاقِهِ وَالْمُقَيَّدُ عَلَى تَقْيِيدِهِ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ (قَوْلُهُ: حُرْمَةُ سَبَبِهِمَا) أَيْ فِي ذَاتِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ آيَةَ الْقَتْلِ وَرَدَتْ فِي الْخَطَأِ وَلَا حُرْمَةَ عَلَى الْمُخْطِئِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اتَّحَدَ الْمُوجِبُ إلَخْ) وَأَمَّا إنْ اخْتَلَفَ فِي الْحُكْمِ وَالْمُوجِبِ فَهُمَا أَمْرَانِ مُتَبَايِنَانِ لَا عَلَاقَةَ لِأَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ بَلْ مُتَعَارِضَانِ (قَوْلُهُ: وَاخْتِلَافُ الْحُكْمِ) قَدْ يُقَالُ: الْحُكْمُ وَاحِدٌ وَهُوَ الْوُجُوبُ أَيْ وُجُوبُ الْغُسْلِ، وَوُجُوبُ الْمَسْحِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ مُخْتَلِفًا جُعِلَ الْحُكْمُ كَأَنَّهُ مُخْتَلِفٌ (قَوْلُهُ: مِنْ مَسْحِ الْمُطْلَقِ إلَخْ) أَيْ الْعُضْوِ الْمُطْلَقِ وَهُوَ الْأَيْدِي أَيْ الْمُطْلَقِ بِالنَّظَرِ إلَى أَجْزَائِهِمَا فَإِنَّ الْأَيْدِيَ تَصْدُقُ بِالْمُقَيَّدِ بِالْمَرَافِقِ كَغَيْرِهِمَا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ عَامٌّ بِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِهِ جَمْعًا مُضَافًا إلَى مَعْرِفَةٍ
(قَوْلُهُ: فَعَلَى الْخِلَافِ)