الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَإِنْ كَانَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (عَامًّا عَلَى وَجْهٍ) خَاصًّا مِنْ وَجْهٍ (فَالتَّرْجِيحُ) بَيْنَهُمَا مِنْ خَارِجٍ وَاجِبٌ لِتَعَادُلِهِمَا تَقَارَنَا أَوْ تَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا (وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: الْمُتَأَخِّرُ نَاسِخٌ) لِلْمُتَقَدِّمِ مِثَالُ ذَلِكَ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» .
، وَحَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ» فَالْأَوَّلُ عَامٌّ فِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ خَاصٌّ بِأَهْلِ الرِّدَّةِ وَالثَّانِي خَاصٌّ بِالنِّسَاءِ عَامٌّ فِي الْحَرْبِيَّاتِ وَالْمُرْتَدَّاتِ.
(الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ)
أَنَّ هَذَا مَبْحَثُهُمَا (الْمُطْلَقُ الدَّالُّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ) مِنْ وَحْدَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَزَعَمَ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ دَلَالَتَهُ)
ــ
[حاشية العطار]
عَلَى الِاحْتِمَالِ الْمُلَائِمِ لِلْغَرَضِ، وَهُوَ عَدَمُ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا) يَعْنِي مِنْ الْمُتَعَارِضَيْنِ لَا مِنْ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ، وَإِلَّا لَكَانَ بَيْنَهُمَا عُمُومٌ مُطْلَقٌ لَا عُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ اهـ ز أَيْ؛ لِأَنَّ مِنْ لَازِمِ كَوْنِ أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ خَاصًّا وَالْآخَرِ عَامًّا بِالْمَعْنَى الْمُرَادِ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنْ تَكُونَ النِّسْبَةُ بَيْنَهُمَا الْعُمُومَ الْمُطْلَقَ (قَوْلُهُ: فَالتَّرْجِيحُ) قَالَ سم: أَطْلَقَ اعْتِبَارَ التَّرْجِيحِ هُنَا لَكِنَّ الَّذِي فِي الْوَرَقَاتِ، وَشَرْحِهَا لِلشَّارِحِ إنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ بِتَخْصِيصِ عُمُومِ كُلٍّ بِخُصُوصِ الْآخَرِ وَجَبَ وَإِلَّا اُحْتِيجَ إلَى التَّرْجِيحِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَالْحُكْمُ التَّخْيِيرُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَحْصُولِ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: مِنْ خَارِجٍ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ الدَّاخِلُ كَوَصْفِ أَحَدِهِمَا بِكَوْنِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَاجِبٌ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا وَقَعَ فِيهِ التَّعَارُضُ (قَوْلُهُ: تَقَارَنَا) أَيْ اتَّصَلَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا إلَخْ) أَيْ وَلَوْ احْتِمَالًا لِيَشْمَلَ مَا إذَا جُهِلَ تَارِيخُهُمَا
(قَوْلُهُ: وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: الْمُتَأَخِّرُ نَاسِخٌ لِلْمُتَقَدِّمِ) أَيْ لِمَا تَعَارَضَا فِيهِ مِنْهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلُوهُ تَخْصِيصًا؛ لِأَنَّهُمْ يَشْتَرِطُونَ فِي الْمُخَصِّصِ الْمُقَارَنَةَ اهـ. ز. ثُمَّ قَضِيَّةُ هَذَا الصُّنْعِ أَنَّهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَا يَكُونُ نَاسِخًا مُطْلَقًا وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْ دُخُولِهِ وَقْتَ الْعَمَلِ بِالْعَامِّ وَبَحَثَ سم فِي شَرْحِ الْوَرَقَاتِ بِأَنَّ قِيَاسَ سم أَيْ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا تَأَخَّرَ الْخَاصُّ عَنْ وَقْتِ الْعَمَلِ بِالْعَامِّ كَانَ نَاسِخًا مِنْهُ لِمَا تَعَارَضَا فِيهِ إنَّ خَبَرَ إنَّ الْمُتَأَخِّرَ مِمَّا بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ عَنْ وَقْتِ الْعَمَلِ بِالْآخَرِ نَاسِخٌ لِلْآخَرِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا عَارَضَهُ فِيهِ وَقَالَ: وَلَمْ أَرَهُ اهـ.
وَكَتَبَ تِلْمِيذُهُ الْعَلَّامَةُ أَحْمَدُ الْغُنَيْمِيُّ أَنَّ قِيَاسَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا تَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا عَنْ وَقْتِ الْعَمَلِ بِالْعَامِّ أَنْ يَكُونَ خُصُوصُ الْمُتَأَخِّرِ نَاسِخًا، وَعُمُومُهُ مَخْصُوصٌ بِمَا فِي الْأَوَّلِ مِنْ جِهَةِ خُصُوصِهِ فَيَكُونُ الْأَوَّلُ مَنْسُوخًا مِنْ جِهَةِ خُصُوصِهِ وَمُخَصَّصًا بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ بِالْأَوَّلِ مِنْ جِهَةِ عُمُومِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: مِثَالُ ذَلِكَ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ إلَخْ) قَدْ تَرَجَّحَ الْخَبَرُ الْأَوَّلُ بِقِيَامِ الْقَرِينَةِ عَلَى اخْتِصَاصِ الثَّانِي بِسَبَبِهِ، وَهُوَ الْحَرْبِيَّاتُ اهـ. ز (قَوْلُهُ: عَامٌّ فِي الْحَرْبِيَّاتِ وَالْمُرْتَدَّاتِ) فَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ تَعَارَضَا بِالنِّسْبَةِ لِلنِّسَاءِ الْمُرْتَدَّاتِ فَالْأَوَّلُ يَدُلُّ عَلَى الْأَمْرِ بِقَتْلِهِنَّ وَالثَّانِي يَدُلُّ عَلَى النَّهْيِ عَنْهُ.
[الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ]
(قَوْلُهُ: بِلَا قَيْدٍ) أَيْ بِلَا اعْتِبَارِ قَيْدٍ، وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَإِنَّ الْمَاهِيَّةَ لَا تُوجَدُ إلَّا مُقَيَّدَةً فَإِنَّهَا لَا وُجُودَ لَهَا إلَّا بِوُجُودِ الْجُزْئِيَّاتِ، وَعَدَمُ اعْتِبَارِ الْقَيْدِ صَادِقٌ بِأَنْ يُوجَدَ، وَلَا يُعْتَبَرَ، وَأَنْ يُوجَدَ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ اعْتِبَارِ الْعَدَمِ، فَإِنَّ لِلْكُلِّيِّ الَّذِي هُوَ الْمَاهِيَّةُ اعْتِبَارَاتٍ ثَلَاثَةً؛ لِأَنَّهُ إمَّا مَأْخُوذٌ لَا بِشَرْطِ شَيْءٍ أَوْ بِشَرْطِ شَيْءٍ أَوْ بِشَرْطِ لَا شَيْءَ، وَاللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَيْهِ بِالِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ يُسَمَّى مُطْلَقًا وَبِالِاعْتِبَارِ الثَّانِي يُسَمَّى مُقَيَّدًا.
وَأَمَّا الِاعْتِبَارُ الثَّالِثُ فَغَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي عِلْمِ الْأَحْكَامِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهِ مَعْرِفَةُ الْأَحْكَامِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْأَفْرَادِ الْخَارِجَةِ، وَهِيَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَا تَصْلُحُ لَأَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهَا) يَدْخُلُ فِيهِ التَّعَيُّنُ فَيَقْتَضِي أَنَّ عِلْمَ الْجِنْسِ لَيْسَ بِمُطْلَقٍ؛ لِأَنَّهُ اُعْتُبِرَ فِيهِ التَّعَيُّنُ الذِّهْنِيُّ؛ وَلِذَا كَانَ مَعْرِفَةً
أَيْ دَلَالَةَ الْمُسَمَّى بِالْمُطْلَقِ مِنْ الْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ وَنَحْوِهَا (عَلَى الْوَحْدَةِ الشَّائِعَةِ) حَيْثُ عَرَّفَاهُ بِمَا يَأْتِي عَنْهُمَا (تَوَهَّمَاهُ النَّكِرَةَ) أَيْ وَقَعَ فِي وَهْمِهِمَا أَيْ فِي ذِهْنِهِمَا أَنَّهُ هِيَ؛ لِأَنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى الْوَحْدَةِ الشَّائِعَةِ حَيْثُ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ الْأَصْلِ مِنْ الْإِفْرَادِ إلَى التَّثْنِيَةِ أَوْ الْجَمْعِ، وَالْمُطْلَقُ عِنْدَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضًا؛ إذْ عَرَّفَهُ الْأَوَّلُ
ــ
[حاشية العطار]
قَوْلُهُ: أَيْ دَلَالَةَ الْمُسَمَّى) الْمُرَادُ بِهِ الْمَاصَدَقَاتُ فَإِنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهَا كَمَا يُطْلَقُ عَلَى الْمَفْهُومِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالضَّمِيرِ فِي دَلَالَتِهِ هُوَ الْمُطْلَقَ الْمُعَرَّفَ فِيمَا سَبَقَ فَفِي الْكَلَامِ اسْتِخْدَامُ (قَوْلِهِ عَلَى الْوَحْدَةِ الشَّائِعَةِ) أَيْ الْمَاهِيَّةِ مَعَ وَحْدَةٍ لَا بِعَيْنِهَا وَتُسَمَّى فَرْدًا مُنْتَشِرًا فَخَرَجَ جَمِيعُ الْمَعَارِفِ لِاعْتِبَارِ التَّعَيُّنِ فِيهَا إمَّا شَخْصًا نَحْوُ زَيْدٍ وَهَذَا أَوْ حَقِيقَةً نَحْوُ الرَّجُلِ وَأُسَامَةَ أَوْ حِصَّةً نَحْوُ {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزمل: 16] أَوْ اسْتِغْرَاقًا نَحْوُ الرِّجَالِ أَوْ عَهْدًا ذِهْنِيًّا نَحْوُ اُدْخُلْ السُّوقَ؛ لِأَنَّ الْحُضُورَ الذِّهْنِيَّ قَيْدٌ مَانِعٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الْبُدَخْشِيِّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: إنَّهُ مُطْلَقٌ وَكَذَلِكَ خَرَجَ الْعَامُّ، وَإِنْ كَانَ نَكِرَةً نَحْوَ: كُلُّ رَجُلٍ؛ لِأَنَّهُ بِسَبَبِ مَا انْضَمَّ إلَيْهِ مِنْ كُلٍّ وَالنَّفْيِ صَارَ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ كُلًّا مِنْ التَّعْيِينِ وَالِاسْتِغْرَاقِ قَيْدٌ مِنْ الْقُيُودِ فَيُنَافِي الْإِطْلَاقَ (قَوْلُهُ: حَيْثُ عَرَّفَاهُ) تَعْلِيلٌ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَازِمُ قَوْلِهِمَا (قَوْلُهُ: وَتَوَهَّمَاهُ) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا كَأَنَّهُ قِيلَ: مَا سَبَبُ هَذَا الزَّعْمِ فَقَالَ: تَوَهَّمَاهُ إلَخْ ثُمَّ إنَّ الزَّعْمَ هَاهُنَا بِمَعْنَى الِاعْتِقَادِ؛ وَلِذَلِكَ تَعَدَّى إلَى وَاحِدٍ، وَلَوْ كَانَ بِمَعْنَاهُ تَعَدَّى لِاثْنَيْنِ كَمَا تَقُولُ: زَعَمْت الْبَاطِلَ حَقًّا
(قَوْلُهُ: أَيْ وَقَعَ فِي وَهْمِهَا إلَخْ) فَسَّرَهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَهْمَ بِمَعْنَى الطَّرَفِ الْمَرْجُوحِ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ مَذْهَبٌ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ تَوَهَّمَاهُ النَّكِرَةَ بَلْ تَحَقَّقَاهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ هِيَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا قَالَا بِتَرَادُفِهِمَا مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمَا تَوَهَّمَاهُ مِنْ أَفْرَادِهَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ تَوَهَّمَاهُ النَّكِرَةَ أَيْ تَوَهَّمَاهُ فَرْدًا مِنْ أَفْرَادِهَا؛ لِأَنَّ النَّكِرَةَ عِنْدَهُمْ أَعَمُّ؛ لِأَنَّهَا تَصْدُقُ عَلَى الْعَامِّ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ تَخْرُجْ إلَخْ) حَيْثِيَّةُ تَقْيِيدٍ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا خَرَجَتْ إلَى التَّثْنِيَةِ أَوْ الْجَمْعِ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ دَالَّةً عَلَى الْوَحْدَةِ الشَّائِعَةِ بَلْ عَلَى اثْنَيْنِ شَائِعَيْنِ فِي الْجِنْسِ أَوْ عَلَى جَمْعٍ شَائِعٍ مِنْ الْجِنْسِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا نَكِرَةٌ أَيْضًا، وَدَاخِلٌ فِي تَعْرِيفِ ابْنِ الْحَاجِبِ بِمَا دَلَّ عَلَى الشَّائِعِ، وَفِي تَعْرِيفِ الْآمِدِيِّ بِالنَّكِرَةِ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ فَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ اعْتِبَارَهُمَا الْوَحْدَةَ الشَّائِعَةَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا هُوَ الْأَصْلُ فِي دَلَالَةِ النَّكِرَةِ، وَهُوَ الْإِفْرَادُ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ، وَالْحَقُّ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ وَالْآمِدِيَّ لَمْ يُقَيِّدَا بِالْوَحْدَةِ، وَإِنَّمَا نَظَرُهُمَا إلَى الشُّيُوعِ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ مَا دَلَّ عَلَى شَائِعٍ فِي جِنْسِهِ مَعْنَاهُ مَا دَلَّ عَلَى حِصَّةٍ مِنْ الْجِنْسِ مُمْكِنَةِ الصِّدْقِ عَلَى كُلٍّ مِنْ حِصَصٍ كَثِيرَةٍ مُنْدَرِجَةٍ تَحْتَ مَفْهُومٍ
بِالنَّكِرَةِ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ وَالثَّانِي بِمَا دَلَّ عَلَى شَائِعٍ فِي جِنْسِهِ وَخَرَجَ الدَّالُّ عَلَى شَائِعٍ فِي نَوْعِهِ نَحْوُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَعَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُطْلَقِ وَالنَّكِرَةِ أُسْلُوبٌ الْمَنْطِقِيِّينَ وَالْأُصُولِيِّينَ وَكَذَا الْفُقَهَاءُ
ــ
[حاشية العطار]
كُلِّيٍّ، وَقَوْلُ الْآمِدِيِّ: إنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ النَّكِرَةِ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ بِنَحْوِ مَعْنَاهُ لَا أَنَّ مُرَادَهُ النَّكِرَةُ الْمَحْضَةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَقِبَهُ: إنَّهُ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: نَكِرَةً عَنْ الْمَعَارِفِ، وَعَمَّا مَدْلُولُهُ وَاحِدٌ مُعَيَّنٌ أَوْ عَامٌّ مُسْتَغْرِقٌ ثُمَّ تَصْرِيحُهُ بِأَنَّ النَّكِرَةَ تَخْرُجُ بِالِاسْتِغْرَاقِ عَنْ التَّنْكِيرِ؛ إذْ لَا يَخْفَى أَنَّهَا إنَّمَا تَخْرُجُ بِهِ عَنْ كَوْنِهَا نَكِرَةً مَحْضَةً لَا أَنَّهَا تَصِيرُ مَعْرِفَةً (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ الدَّالُّ عَلَى شَائِعٍ فِي نَوْعِهِ نَحْوُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) أَيْ فَلَيْسَ بِمُطْلَقٍ فَلَا يَكُونُ نَكِرَةً يَعْنِي مَحْضَةً، وَإِلَّا فَهِيَ نَكِرَةٌ مُقَيَّدَةٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: أُسْلُوبُ الْمَنْطِقِيِّينَ) فِيهِ أَنَّ الْمَنَاطِقَةَ لَا بَحْثَ لَهُمْ عَنْ الْمُطْلَقِ وَالنَّكِرَةِ، وَإِنَّمَا غَايَةُ أَمْرِهِمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي مَبْحَثِ الْقَضَايَا: إنَّ مَوْضُوعَ الْقَضِيَّةِ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْمَاهِيَّةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ كَانَتْ طَبِيعِيَّةً، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْمَاهِيَّةَ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهَا فِي بَعْضِ الْأَفْرَادِ كَانَتْ جُزْئِيَّةً، وَلَا بَحْثَ لَهُمْ عَنْ مَدْلُولِ النَّكِرَةِ مَا هُوَ، وَلَا الْمُطْلَقِ مَا هُوَ وَأُسْلُوبُهُمْ هَذَا لَا يُخَالِفُ فِيهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْآمِدِيُّ وَالْأُصُولِيُّونَ فَإِنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ وَالْآمِدِيَّ مِنْ أَئِمَّتِهِمْ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا بِكَلَامِ غَيْرِهِمَا عَلَى أَنَّ الْأُصُولِيِّينَ وَقَعَ الِاصْطِلَاحُ مِنْهُمْ عَلَى كُلٍّ مِنْ الطَّرِيقَتَيْنِ وَقَدْ أَوْضَحَ هَذَا الْمَقَامَ الْعَلَّامَةُ طَاشْ كُبْرَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَيْثُ قَالَ فِي رِسَالَتِهِ الَّتِي أَلَّفَهَا فِي بَيَانِ أَقْسَامِ النَّظْمِ: إنَّ الْمُطْلَقَ مَوْضُوعٌ لِلْمَاهِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ إجْرَاءُ الْأَحْكَامِ عَلَيْهِ فِي ضِمْنِ الْأَفْرَادِ، وَيُطْلَقُ عَلَيْهِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ الْحِصَّةُ عَرَّفُوهُ بِأَنَّهُ مَا دَلَّ عَلَى شَائِعٍ فِي جِنْسِهِ، وَأَرَادُوا بِذَلِكَ كَوْنَهُ حِصَّةً مُحْتَمَلَةً عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ لِحِصَصٍ كَثِيرَةٍ مِنْ غَيْرِ شُمُولٍ، وَلَا تَعْيِينٍ وَأَرَادُوا بِالِاحْتِمَالِ إمْكَانَ صِدْقِهَا عَلَى كُلٍّ مِنْ تِلْكَ الْحِصَصِ
وَمَا يُقَالُ: إنَّ فِي إطْلَاقِ الْحِصَّةِ تَنْبِيهًا عَلَى رَدِّ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ ظَاهِرِ عِبَارَةِ الْقَوْمِ أَنَّ الْمُطْلَقَ مَا يُطْلَقُ عَلَى الْحَقِيقَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْأَفْرَادِ دُونَ الْمَفْهُومَاتِ فَمَدْفُوعٌ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْقَوْمُ هُوَ حَالَةُ اعْتِبَارِ الْوَضْعِ، وَالتَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ حَالَةِ وُجُودِهِ فِي ضِمْنِ الْأَفْرَادِ لِتُرَتَّبَ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الِاعْتِبَارَيْنِ، وَالْفَائِدَةُ فِي وَضْعِهِ لِمُطْلَقِ الْحَقِيقَةِ هِيَ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ الْوَارِدَ عَلَيْهِ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالْبَعْضِ وَلَا عَامٍّ لِلْكُلِّ، وَحَاصِلَةُ تَمَكُّنُ الْمَأْمُورِ مِنْ الْإِتْيَانِ لِفَرْدٍ مِنْهَا
حَيْثُ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ كَانَ حَمْلُك ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَكَانَ ذَكَرَيْنِ، قِيلَ: لَا تَطْلُقُ نَظَرًا لِلتَّنْكِيرِ الْمُشْعِرِ بِالتَّوْحِيدِ، وَقِيلَ: تَطْلُقُ حَمْلًا عَلَى الْجِنْسِ اهـ.
وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ اللَّفْظَ فِي الْمُطْلَقِ وَالنَّكِرَةِ وَاحِدٌ، وَأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا بِالِاعْتِبَارِ إنْ اُعْتُبِرَ فِي اللَّفْظِ دَلَالَتُهُ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ سُمِّيَ مُطْلَقًا وَاسْمَ جِنْسٍ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ مَعَ قَيْدِ الْوَحْدَةِ الشَّائِعَةِ سُمِّيَ نَكِرَةً وَالْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ يُنَكِّرَانِ الْأَوَّلَ فِي مُسَمَّى الْمُطْلَقِ مِنْ أَمْثِلَتِهِ الْآتِيَةِ وَنَحْوِهَا وَيَجْعَلَانِهِ الثَّانِيَ فَيَدُلُّ عِنْدَهُمَا عَلَى الْوَحْدَةِ الشَّائِعَةِ وَعِنْدَ غَيْرِهِمَا عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ، وَالْوَحْدَةُ ضَرُورِيَّةٌ؛ إذْ لَا وُجُودَ لِلْمَاهِيَّةِ الْمَطْلُوبَةِ بِأَقَلَّ مِنْ وَاحِدٍ وَالْأَوَّلُ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَالتَّسْمِيَةُ عَلَيْهِ بِالْمُطْلَقِ لِمُقَابَلَةِ الْمُقَيَّدِ وَعُدُولُ الْمُصَنِّفِ فِي النَّقْلِ عَنْ الْآمِدِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ عَمَّا قَالَاهُ مِنْ التَّعْرِيفِ إلَى لَازِمِهِ السَّابِقِ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضَا لِلْبِنَاءِ.
(وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ وَمِنْ هُنَا، وَهُوَ مَا زَعَمَاهُ مِنْ دَلَالَةِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْوَحْدَةِ الشَّائِعَةِ أَيْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ (قَالَا: الْأَمْرُ بِمُطْلَقِ الْمَاهِيَّةِ)
ــ
[حاشية العطار]
أَيِّ فَرْدٍ كَانَ، وَإِنْ حَصَلَ التَّعْيِينُ وَالشُّرُوعُ مِنْ خَارِجٍ مَثَلًا الْأَمْرُ الْمُطْلَقُ يَقْتَضِي فِي نَفْسِهِ وُجُوبَ الْمَاهِيَّةِ فَقَطْ، وَلَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَالْفَوْرَ وَالتَّرَاخِيَ إلَّا مِنْ خَارِجٍ، وَقَدْ يُعَرَّفُ الْمُطْلَقُ بِمَا يَنْدَرِجُ تَحْتَ أَمْرٍ مُشْتَرَكٍ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ، وَأَرَادُوا بِالْأَمْرِ الْمُشْتَرَكِ الْمَفْهُومَ الْمُطْلَقَ بِاعْتِبَارِ الْوُجُودِ بِمَا يَنْدَرِجُ تَحْتَهُ الْحِصَصُ الْمَذْكُورَةُ اهـ.
وَبِهِ تَعْلَمُ تَرْجِيحَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْآمِدِيُّ وَإِنْ قَالَاهُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِأُسْلُوبِ الْأُصُولِيِّينَ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي قَوَاعِدِ اسْتِنْبَاطِ أَحْكَامِ أَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ، وَالتَّكْلِيفُ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَفْرَادِ دُونَ الْمَفْهُومَاتِ الْكُلِّيَّةِ الَّتِي هِيَ أُمُورٌ عَقْلِيَّةٌ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: حَيْثُ اخْتَلَفُوا) حَيْثِيَّةُ تَعْلِيلٍ (قَوْلُهُ: حَمْلًا عَلَى الْجِنْسِ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا الْحَمْلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمَاهِيَّةِ فَإِنَّ الْبِنَاءَ عَلَى احْتِمَالَيْنِ فِي الْفَتْوَى لَا يُعَيِّنُ أَنَّ مَدْلُولَ الْمُطْلَقِ مَا هُوَ (قَوْلُهُ: وَمِنْ هُنَا) أَيْ مِنْ هَذَا الْمَبْحَثِ (قَوْلُهُ: وَاحِدٌ) أَيْ إنَّ الْوَاضِعَ وَضَعَهُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْمَاهِيَّةِ وَالْفَرْدِ فَلَا يَتَمَيَّزَانِ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْمُعْتَبَرِ وَاسْتِعْمَالِهِ
(قَوْلُهُ: إنْ اُعْتُبِرَ إلَخْ) أَيْ اعْتَبَرَهُ الْوَاضِعُ كَذَا قَالَ النَّاصِرُ: وَقَدْ يُقَالُ: اعْتِبَارُ الْوَاضِعِ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ خَفِيٌّ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ فَلَا دَلِيلَ لِلْمُصَنِّفِ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ النَّكِرَةِ وَالْمُطْلَقِ فَالْأَوْفَقُ بِالنَّظَرِ مَذْهَبُهُمَا (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي مَسْأَلَةِ الِاشْتِقَاقِ بِقَوْلِهِ: وَقِيلَ: إنَّ اسْمَ الْجِنْسِ كَأَسَدٍ وَرَجُلٍ وُضِعَ لِفَرْدٍ كَمَا يُؤْخَذُ مَعَ تَضْعِيفِهِ مِمَّا سَيَأْتِي إنَّ الْمُطْلَقَ الدَّالَّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ، وَأَنَّ مَنْ زَعَمَ دَلَالَتَهُ عَلَى الْوَحْدَةِ الشَّائِعَةِ تَوَهَّمَهُ النَّكِرَةَ فَالْمُعَبَّرُ عَنْهُ هُنَا بِاسْمِ الْجِنْسِ هُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِيمَا سَيَأْتِي بِالْمُطْلَقِ نَظَرًا لِلْمُقَابِلِ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارُ الْأَوَّلِ) بِالْإِضَافَةِ أَيْ اعْتِبَارُ الْمَاهِيَّةِ، وَفِي نُسْخَةٍ الِاعْتِبَارُ الْأَوَّلُ، وَهِيَ أَحْسَنُ بِدَلِيلِ وَيَجْعَلَانِهِ الثَّانِيَ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ (قَوْلُهُ: وَيَجْعَلَانِهِ الثَّانِيَ) أَيْ ذَا الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَالْوَحْدَةُ ضَرُورِيَّةٌ) فِيهِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا مُوجِبَ لِاعْتِبَارِ الْمَاهِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ أَوَّلًا، وَأَوْرَدَ النَّاصِرُ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْحُكْمُ عَلَى الْمَاهِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ: وَالْوَحْدَةُ ضَرُورِيَّةٌ، وَتَفْرِيعُ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ،.
وَأَجَابَ سم بِأَنَّ الْوَحْدَةَ ضَرُورِيَّةٌ عِنْدَ الْحُكْمِ عَلَى الْأُمُورِ الْمَوْجُودَةِ (قَوْلُهُ: الْمَطْلُوبَةِ) قَيَّدَ بِهِ مَعَ أَنَّ مَوْضُوعَ الْكَلَامِ السَّابِقِ أَعَمُّ لِلدُّخُولِ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ) وَهُوَ كَوْنُ الْمُطْلَقِ يَدُلُّ عَلَى الْوَحْدَةِ الشَّائِعَةِ
(قَوْلُهُ: مُوَافِقٌ لِكَلَامِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ) إذْ لَا دَلِيلَ فِي كَلَامِهِمْ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: وَالتَّسْمِيَةُ عَلَيْهِ بِالْمُطْلَقِ) أَيْ مَعَ دَلَالَتِهِ عَلَى الْوَحْدَةِ الشَّائِعَةِ (قَوْلُهُ: لِمُقَابَلَةِ الْمُقَيَّدِ) وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مُقَيَّدًا بِقَيْدٍ زَائِدٍ عَلَى الْوَحْدَةِ مِنْ كَثْرَةٍ وَغَيْرِهَا، وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا قَالَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: إلَى لَازِمِهِ) فِيهِ أَنَّ الَّذِي عَدَلَ إلَيْهِ الدَّلَالَةُ، وَهِيَ خَارِجَةٌ فَلَا لُزُومَ نَعَمْ الْوَحْدَةُ لَازِمَةٌ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ لَازِمٌ لِلْكُلِّ، وَالْوَحْدَةُ الشَّائِعَةُ بَعْضُ مَعْنَى النَّكِرَةِ وَبَعْضُ مَعْنَى الشَّائِعِ (قَوْلُهُ: لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ) أَيْ بِنَاءً وَاضِحًا وَإِلَّا فَالتَّعْرِيفُ يَنْبَنِي عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضَا) جُمْلَةٌ اعْتِرَاضِيَّةٌ أَيْ وَعَدَمُ تَعَرُّضِهِمَا لَهُ فِي الذِّكْرِ لَا يُنَافِي أَنَّهُمَا ارْتَكَبَاهُ فِي الْوَاقِعِ بِمَعْنَى أَنَّ قَوْلَهُمَا مَا ذَكَرَهُ مَنْشَؤُهُ زَعْمُهُمَا الْمَذْكُورُ.
(قَوْلُهُ: الْأَمْرُ بِمُطْلَقِ الْمَاهِيَّةِ إلَخْ) قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَأَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ الْآمِدِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ فَالْأَمْرُ بِالْمُطْلَقِ أَمْرٌ بِجُزْئِيٍّ مِنْ
كَالضَّرْبِ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ (أَمْرٌ بِجُزْئِيٍّ) مِنْ جُزْئِيَّاتِهَا كَالضَّرْبِ بِسَوْطٍ أَوْ عَصًا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْوُجُودُ، وَلَا وُجُودَ لِلْمَاهِيَّةِ، وَإِنَّمَا تُوجَدُ جُزْئِيَّاتُهَا فَيَكُونُ الْأَمْرُ بِهَا أَمْرًا بِجُزْئِيٍّ لَهَا (وَلَيْسَ) قَوْلُهُمَا ذَلِكَ (بِشَيْءٍ) لِوُجُودِ الْمَاهِيَّةِ بِوُجُودِ جُزْئِيَّاتِهَا؛ لِأَنَّهَا جُزْؤُهُ وَجُزْءُ الْمَوْجُودِ مَوْجُودٌ (وَقِيلَ) أَمْرٌ (بِكُلِّ جُزْئِيٍّ) لَهَا لِإِشْعَارِ عَدَمِ التَّقْيِيدِ بِالتَّعْمِيمِ (وَقِيلَ: إذَنْ فِيهِ) أَيْ فِي كُلِّ جُزْئِيٍّ أَنْ يَفْعَلَ وَيَخْرُجَ عَنْ الْعُهْدَةِ بِوَاحِدٍ.
ــ
[حاشية العطار]
جُزْئِيَّاتِ الْمَاهِيَّةِ لَا بِالْكُلِّيِّ الْمُشْتَرَكِ فَالْمَطْلُوبُ بِاضْرِبْ مَثَلًا فِعْلٌ جُزْئِيٌّ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الضَّرْبِ مِنْ حَيْثُ مُطَابِقًا لِلْمَاهِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ؛ لِأَنَّ الْمَاهِيَّةَ الْكُلِّيَّةَ يَسْتَحِيلُ وُجُودُهَا فِي الْأَعْيَانِ، وَضُعِّفَ ذَلِكَ بِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَاهِيَّةِ بِشَرْطِ شَيْءٍ، وَبِشَرْطِ لَا شَيْءَ، وَلَا بِشَرْطِ شَيْءٍ، وَحِينَئِذٍ فَالْمَطْلُوبُ الْمَاهِيَّةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ لَا بِقَيْدِ الْجُزْئِيَّةِ، وَلَا بِقَيْدِ الْكُلِّيَّةِ، وَاسْتِحَالَةُ وُجُودِهَا فِي الْخَارِجِ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ تَجَرُّدُهَا إلَّا فِي ضِمْنٍ جُزْئِيٍّ، وَذَلِكَ كَافٍ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى تَحْصِيلِهِ نَعَمْ ابْنُ الْحَاجِبِ يَقُولُ: إنَّ الْمَاهِيَّةَ مَطْلُوبَةٌ أَوَّلًا بِاعْتِبَارِ دَلَالَةِ الْمُطْلَقِ عَلَيْهَا بِالْمُطَابَقَةِ، وَلَمَّا تَوَقَّفَ وُجُودُهَا عَلَى جُزْئِيٍّ كَانَ ذَلِكَ الْجُزْئِيُّ مِنْ حَيْثُ تَوَقُّفُ وُجُودِهَا عَلَيْهِ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ بِالْمُطْلَقِ جُزْئِيٌّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالْمُطَابَقَةِ اهـ.
وَفِيهِ إيضَاحٌ لِكَلَامِ الشَّارِحِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الرَّدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ لَا يُنْكِرُ كَوْنَ الْمَاهِيَّةِ مَطْلُوبَةً أَوَّلًا بِاعْتِبَارِ دَلَالَةِ الْمُطْلَقِ عَلَيْهَا لَكِنْ لَمَّا تَعَذَّرَ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْجُزْئِيَّاتِ الْخَارِجِيَّةِ لَا بِالْمَاهِيَّاتِ الْكُلِّيَّةِ حَتَّى إنَّ بَعْضَ الْمُحَقِّقِينَ كَالْكَمَالِ بْنِ الْهَمَّامِ فِي تَحْرِيرِهِ مَنَعَ الْوَضْعَ بِالْكُلِّيَّةِ لِلْمَاهِيَّاتِ، وَقَالَ: إنَّ الْمَوْضُوعَ لَهُ إنَّمَا هُوَ الْأَفْرَادُ إلَّا فِي عِلْمِ الْجِنْسِ عَلَى رَأْيٍ فِيهِ كَانَ الْمَطْلُوبُ قَصْدًا هُوَ الْجُزْئِيُّ، وَأَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ الْكَمَالِ بْنِ الْهَمَّامِ فَالْمَطْلُوبُ أَوَّلًا هُوَ الْجُزْئِيُّ؛ لِأَنَّهُ الْمَوْضُوعُ لَهُ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْوُجُودُ) أَيْ وُجُودُ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ لِهَذَا عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ دُونَ مَا قَالَاهُ؛ لِأَنَّهُ دَالٌّ عَلَى الْوَحْدَةِ دُونَ الْمَاهِيَّةِ فَالْمَقْصُودُ الْوَحْدَةُ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ الْمَاهِيَّةِ. . . إلَخْ) قَالَ النَّاصِرُ: الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ كَالسَّيِّدِ فِي شَرْحِ الْمَوَاقِفِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْكُلِّيَّ مُطَابِقًا لَا يُمْكِنُ وُجُودُهُ مِنْ الْخَارِجِ؛ إذْ كُلُّ مَا يُوجَدُ فِي الْخَارِجِ مُعَيَّنٌ مُشَخَّصٌ لَا يَقْبَلُ الشَّرِكَةَ فَالْحُكْمُ بِوُجُودِ الْمَاهِيَّةِ، وَهَمٌ صِرْفٌ اهـ. أَقُولُ: الْإِنْصَافُ أَنَّ هَذَا اعْتِسَافٌ فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ خِلَافِيَّةٌ حَتَّى قِيلَ بِوُجُودٍ مَا اسْتِقْلَالًا، وَقَدْ نَقَلَ الْفَاضِلُ الدَّوَانِيُّ فِي شَرْحِ التَّهْذِيبِ عِبَارَةَ ابْنِ سِينَا فِي الْإِشَارَاتِ وَهِيَ مُصَرِّحَةٌ بِذَلِكَ، وَالْمَسْأَلَةُ طَوِيلَةُ الذَّيْلِ، فَلَا يَلِيقُ أَنْ تُذْكَرَ هُنَا، وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي حَوَاشِي الْخَبِيصِيِّ وَحَوَاشِي الْمَقُولَاتِ الْكُبْرَى (قَوْلُهُ: وَقِيلَ: أَمْرٌ بِكُلِّ جُزْئِيٍّ لَهَا) أَيْ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ الْإِتْيَانُ بِكُلٍّ مِنْهَا بَلْ مَعْنَى الِاكْتِفَاءِ بِوَاحِدٍ مِنْهَا كَمَا فِي الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ خِصَالِهِ كُلِّهَا لَا يُقَالُ فَيَتَّحِدُ مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ وَاحِدُهُ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ؛ إذْ الْوَاجِبُ ثَمَّ الْأَحَدُ الْمُبْهَمُ الصَّادِقُ بِكُلِّ جُزْئِيٍّ عَلَى الْبَدَلِ، وَهُنَا الْوَاجِبُ كُلٌّ مِنْ الْجُزْئِيَّاتِ لَكِنْ يُكْتَفَى بِوَاحِدٍ مِنْهَا اهـ. ز.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ إذَنْ إلَخْ) هُوَ كَمَا قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ احْتِمَالٌ