الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَالْمُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ انْقِرَاضُ مَا عَدَا الْقَلِيلِ.
(وَ) عُلِمَ (أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ) فِي انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ (تَمَادِي الزَّمَنِ) عَلَيْهِ لِصِدْقِ تَعْرِيفِهِ مَعَ انْتِفَاءِ التَّمَادِي عَلَيْهِ كَأَنْ مَاتَ الْمُجْمِعُونَ عَقِبَهُ بِخُرُورِ سَقْفٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (وَشَرَطَهُ) أَيْ التَّمَادِيَ (إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي) الْإِجْمَاعِ (الظَّنِّيِّ) لِيَسْتَقِرَّ الرَّأْيُ عَلَيْهِ كَالْقَطْعِيِّ وَسَيَأْتِي التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا.
(وَ) عُلِمَ (أَنَّ إجْمَاعَ) الْأُمَمِ (السَّابِقِينَ) عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم (غَيْرُ حُجَّةٍ) فِي مِلَّتِهِ حَيْثُ أَخَذَ أُمَّتَهُ فِي التَّعْرِيفِ (وَهُوَ الْأَصَحُّ) لِاخْتِصَاصِ دَلِيلِ حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ بِأُمَّتِهِ كَحَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِ «إنَّ أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ» وَقِيلَ إنَّهُ حُجَّةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ شَرْعَهُمْ شَرْعٌ لَنَا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ.
(وَ) عُلِمَ (أَنَّهُ) أَيْ الْإِجْمَاعَ (قَدْ يَكُونُ عَنْ قِيَاسٍ) لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ الْمَأْخُوذَ فِي تَعْرِيفِهِ لَا بَدَلِهِ مِنْ مُسْتَنِدٍ كَمَا سَيَأْتِي وَالْقِيَاسُ مِنْ جُمْلَتِهِ (خِلَافًا لِمَانِعِ جَوَازِ ذَلِكَ) أَيْ الْإِجْمَاعِ عَنْ قِيَاسٍ (أَوْ) مَانِعِ (وُقُوعِهِ مُطْلَقًا أَوْ فِي) الْقِيَاسِ (الْخَفِيِّ) دُونَ الْجَلِيّ وَسَيَأْتِي التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا وَالْإِطْلَاقُ وَالتَّفْصِيلُ رَاجِعَانِ إلَى كُلٍّ مِنْ الْجَوَازِ وَالْوُقُوعِ
ــ
[حاشية العطار]
قَوْلُهُ: فَالْمُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ انْقِرَاضُ مَا عَدَا الْقَلِيلَ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ لَا يُقَالُ هَذَا يَتَّحِدُ مَعَ قَوْلِهِ الَّذِي مَرَّ أَوْ غَالِبِهِمْ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْكَثْرَةِ الْمُشْتَرَطِ انْقِرَاضُهَا هُنَا أَنْ تَكُونَ غَالِبَةً فَلَوْ كَانَ ثَلَاثَةُ آلَافٍ مَثَلًا وَانْقَرَضَ مِنْهُمْ أَلْفَانِ وَبَقِيَ أَلْفٌ لَمْ يَتَحَقَّقْ الشَّرْطُ لِمَكَانِ الْكَثْرَةِ وَتَحَقَّقَ عَلَى الْقَوْلِ السَّابِقِ لِانْقِرَاضِ غَالِبِ أَهْلِ الْعَصْرِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ الْعَامَّةِ) كَحَرْقٍ وَغَرَقٍ (قَوْلُهُ: لِيَسْتَقِرَّ الرَّأْيُ عَلَيْهِ) كَالْقَطْعِيِّ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى مَا ضَبَطَ بِهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الزَّمَنَ الَّذِي اعْتَبَرَهُ فَإِنَّهُ قَالَ الْمُعْتَبَرُ زَمَنٌ لَا يُفْرَضُ فِي مِثْلِهِ اسْتِقْرَارُ الْجَمِّ الْغَفِيرِ عَلَى رَأْيٍ إلَّا عَنْ قَاطِعٍ أَوْ نَازِلٍ مَنْزِلَةَ الْقَاطِعِ وَاعْلَمْ أَنَّ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ قَدْ شَرَطَ مَعَ تَمَادِي الزَّمَنِ تَرْدَادَ الْخَوْضِ فِي الْوَاقِعَةِ فَلَوْ وَقَعَتْ فَأَجَابُوا بِحُكْمٍ فِيهَا، ثُمَّ تَنَاسَوْهَا إلَى مَا سِوَاهَا فَلَا أَثَرَ لِلزَّمَانِ عِنْدَهُ اهـ. كَمَالٌ (قَوْلُهُ: كَالْقَطْعِيِّ) أَيْ كَاسْتِقْرَارِ الزَّمَنِ فِي الْقَطْعِيِّ.
[إجْمَاعَ الْأُمَمِ السَّابِقَة]
(قَوْلُهُ: وَعُلِمَ أَنَّ إجْمَاعَ الْأُمَمِ السَّابِقِينَ) أَيْ كُلِّ أُمَّةٍ لَا إجْمَاعَ الْجَمِيعِ مَعَ بَعْضٍ (قَوْلُهُ: غَيْرُ حُجَّةٍ) فِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْإِجْمَاعِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ لَيْسَ إجْمَاعًا نَفْيُ الْحُجِّيَّةِ إلَّا أَنَّهَا لَازِمَةٌ لَهُ فَيَلْزَمُ مِنْ نَفْيِهَا نَفْيُهُ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ شَرْعَهُمْ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْحُجِّيَّةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ شَرْعِهِمْ شُرِعَ لَنَا أَنَّ إجْمَاعَهُمْ حُجَّةٌ. قَالَ فِي الْبُرْهَانِ اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي أَنَّ الْإِجْمَاعَ فِي الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ هَلْ كَانَ حُجَّةً فَزَعَمَ زَاعِمُونَ أَنَّ إثْبَاتَهُ حُجَّةٌ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَإِنَّهَا أُمَّةٌ مُفَضَّلَةٌ عَلَى الْأُمَمِ مُزَكَّاةٌ
وَوَجْهُ الْمَنْعِ فِي الْجُمْلَةِ أَنَّ الْقِيَاسَ لِكَوْنِهِ ظَنِّيًّا فِي الْأَغْلَبِ يَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ لِأَرْجَحَ مِنْهُ فَلَوْ جَازَ الْإِجْمَاعُ عَنْهُ لَجَازَ مُخَالَفَتُهُ الْإِجْمَاعَ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ مُخَالَفَةُ الْقِيَاسِ إذَا لَمْ يُجْمَعْ عَلَى مَا ثَبَتَ بِهِ وَقَدْ أُجْمِعَ عَلَى تَحْرِيمِ شَحْمِ الْخِنْزِيرِ قِيَاسًا عَلَى لَحْمِهِ وَعَلَى إرَاقَةِ نَحْوِ الزَّيْتِ إذَا وَقَعَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ قِيَاسًا عَلَى السَّمْنِ.
(وَ) عُلِمَ (أَنَّ اتِّفَاقَهُمْ) أَيْ الْمُجْتَهِدِينَ فِي عَصْرٍ (عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) لَهُمْ (قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الْخِلَافِ) بَيْنَهُمْ بِأَنَّ قَصَرَ الزَّمَانُ بَيْنَ الِاخْتِلَافِ وَالِاتِّفَاقِ (جَائِزٌ وَلَوْ) كَانَ الِاتِّفَاقُ (مِنْ الْحَادِثِ بَعْدَهُمْ) إنْ مَاتُوا وَنَشَأَ غَيْرُهُمْ فَإِنَّهُ يُعْلَمُ جَوَازُهُ أَيْضًا لِصِدْقِ تَعْرِيفِ الْإِجْمَاعِ عَلَى كُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ الِاتِّفَاقَيْنِ، وَوَجْهُ الْجَوَازِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَظْهَرَ مُسْتَنَدٌ جَلِيٌّ يُجْمِعُونَ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية العطار]
بِتَزْكِيَةِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] وَقَالَ تَعَالَى {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 143] وَمَنَعَ مَانِعُونَ هَذَا الْفَرْقَ وَقَالُوا لَمْ يَزَلْ الْإِجْمَاعُ حُجَّةً فِي الْمِلَلِ قَالَ الْقَاضِي رحمه الله لَسْت أَدْرِي كَيْفَ كَانَ وَلَا يَشْهَدُ لَهُ مُوجِبٌ عَقْلِيٌّ عَلَى وُجُوبِ التَّسْوِيَةِ وَلَا عَلَى وُجُوبِ الْفَرْقِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا قَاطِعٌ مِنْ طَرِيقِ النَّقْلِ فَلَا وَجْهَ إلَّا التَّوَقُّفُ وَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّ أَهْلَ الْإِجْمَاعِ إذَا قَطَعُوا فَقَوْلُهُمْ فِي كُلِّ مِلَّةٍ يَسْتَنِدُ إلَى حُجَّةٍ قَاطِعَةٍ، فَإِنَّ تَلَقِّي هَذَا مِنْ قَضَايَا الْعَادَاتِ، وَالْعَادَاتُ لَا تَخْتَلِفُ إلَّا إذَا انْخَرَمَتْ.
وَأَمَّا إذَا فُرِضَ إجْمَاعُ مَنْ قَبْلَنَا عَلَى مَظْنُونٍ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ فَالْوَجْهُ الْآنَ مَا قَالَهُ الْقَاضِي رحمه الله فَإِنَّا لَا نَدْرِي أَنَّ الْمَاضِينَ هَلْ كَانُوا يُبَكِّتُونَ مَنْ كَانَ يُخَالِفُ مِثْلَ هَذَا الْإِجْمَاعِ أَمْ لَا، وَقَدْ تَحَقَّقْنَا التَّبْكِيتَ فِي مِلَّتِنَا اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْجَوَازِ وَالْوُقُوعِ وَالْخَفِيِّ وَالْجَلِيِّ (قَوْلُهُ: كَكَوْنِهِ ظَنِّيًّا فِي الْأَغْلَبِ) غَيْرُ الْأَغْلَبِ مَا قُطِعَ فِيهِ بِنَفْيِ الْفَارِقِ، وَأُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّ الدَّلِيلَ أَخَصُّ مِنْ الْمُدَّعَى؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْقِيَاسِ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ فِي الْجُمْلَةِ رَاجِعٌ لِأَصْلِ الدَّعْوَى أَيْضًا (قَوْلُهُ: الْإِجْمَاعُ عَنْهُ) أَيْ النَّاشِئُ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَقَدْ أَجْمَعَ إلَخْ) اسْتِدْلَالٌ بِالْوُقُوعِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ الْجَوَازُ فَفِيهِ رَدٌّ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: وَعَلَى إرَاقَةِ نَحْوِ الزَّيْتِ) كَأَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِر الْقَوْلَ بِقَبُولِ التَّطْهِيرِ.
وَقَدْ قِيلَ بِهِ وَمِنْ غَرَائِبِ الْمَنْقُولِ أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الطَّبَرِيَّ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ كَانَ يُلْحِقُ الزَّيْتَ بِالْمَاءِ فَيَعْتَبِرُهُ بِالْقُلَّتَيْنِ إذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ غَيْرُ مُغَيِّرَةٍ، وَنَقَلَ الْمَرْوَزِيِّ عَنْهُ أَيْضًا السَّمْنَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ جَمْعَ الْمَائِعَاتِ سَوَاءٌ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الطَّبَقَاتِ بَعْدَ نَقْلِهِ هَذَا وَنَقْلِهِ عَنْ الْقَفَّالِ الْكَبِيرِ فِي كِتَابِ مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْمَائِعِ وَفِي هَذَا الْفَرْقِ إشَارَةٌ إلَى اعْتِبَارِ الْقُلَّتَيْنِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُنَجَّسَ بِيَسِيرِ النَّجَاسَةِ مِنْ الْمَائِعِ الْكَثِيرِ الزَّائِدِ عَلَى قَدْرِ الْقُلَّتَيْنِ لَا مَا جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِجَوَازِهِ فِي الْإِنَاءِ، أَمَّا لَوْ فُرِضَ أَنْ خَلَقَ اللَّهُ بَحْرًا مِنْ زَيْتٍ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْكَمَ بِنَجَاسَتِهِ بِوُقُوعِ مَا لَا يُغَيِّرُهُ مِنْ النَّجَاسَاتِ فَإِنَّ الْمَحْكُومَ بِنَجَاسَتِهِ إنَّمَا هُوَ مَا اُعْتِيدَ مِنْ الْمَائِعَاتِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ لَا وُجُودَ لَهَا فَلَمْ يَتَكَلَّمْ السَّابِقُونَ فِيهَا وَلَكِنْ يُرْشِدُ إلَيْهَا الْفَرْقُ الْمَذْكُورُ اهـ.
كَلَامُهُ وَهُوَ فِي نَفْسِهِ حَسَنٌ وَلَكِنَّ الْعَمَلَ فِي مَسْأَلَةِ الْمَائِعَاتِ عِنْدَنَا عَلَى تَنَجُّسِهَا مُطْلَقًا قُلْت أَوْ كَثُرَتْ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ وَلَوْ يَسِيرَةً قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي مَنْهَجِهِ وَلَوْ تَنَجَّسَ مَائِعٌ تَعَذَّرَ تَطْهِيرُهُ رحمه الله (قَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى السَّمْنِ) هَذَا قِيَاسٌ بِعَدَمِ الْفَارِقِ وَهُوَ لَا يُسَمَّى قِيَاسًا حَقِيقَةً.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الْخِلَافِ) أَيْ قَبْلَ ثَبَاتِهِ وَقُوَّتِهِ بِطُولِ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ مَاتُوا إلَخْ) هَذَا بَيَانٌ لِلِاتِّفَاقِ مِنْ غَيْرِهِمْ لَا لِاسْتِقْرَارِ الْخِلَافِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ يَمُوتُونَ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُعْلَمُ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنْ لَوْ لَيْسَتْ وَصْلِيَّةً بَلْ شَرْطِيَّةٌ جَوَابُهَا مَحْذُوفٌ إذْ لَوْ كَانَتْ وَصْلِيَّةً لَأَفَادَتْ حُصُولَ الِاتِّفَاقِ بَعْدَ مَوْتِهِمْ وَلَا يُعْقَلُ (قَوْلُهُ: جَوَازُهُ أَيْضًا) أَيْ كَمَا عُلِمَ مِمَّنْ قَبْلَهُمْ (قَوْلُهُ: لِصِدْقِ تَعْرِيفِهِ إلَخْ) أَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَظَاهِرٌ.
وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَلِأَنَّ قِصَرَ الزَّمَنِ نَزَّلَهُمْ كَأَنَّهُمْ فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ وَلَيْسَ فِيهِ خَرْقٌ لِلْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ: مِنْ هَذَيْنِ الِاتِّفَاقَيْنِ) أَيْ اتِّفَاقِ أَهْلِ الْعَصْرِ بَعْدَ خِلَافِهِمْ وَاتِّفَاقِ مَنْ بَعْدَهُمْ (قَوْلُهُ: أَنْ يَظْهَرَ مُسْتَنَدٌ) أَيْ لِلْقَوْلِ الَّذِي اتَّفَقُوا عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى مُقْتَضَاهُ أَيْ عَلَى الْحُكْمِ
وَقَدْ أَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ عَلَى دَفْنِهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ عَائِشَةَ بَعْدَ اخْتِلَافِهِمْ الَّذِي لَمْ يَسْتَقِرَّ.
(وَأَمَّا) الِاتِّفَاقُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْخِلَافِ (مِنْهُمْ) هُوَ قَيْدٌ لِلِاتِّفَاقِ الْمُقَدَّرِ (فَمَنَعَهُ الْإِمَامُ) الرَّازِيّ مُطْلَقًا (وَجَوَّزَ الْآمِدِيُّ مُطْلَقًا وَقِيلَ) يَجُوزُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُهُمْ) فِي الِاخْتِلَافِ (قَاطِعًا) فَلَا يَجُوزُ حَذَرًا مِنْ إلْغَاءِ الْقَاطِعِ وَاحْتَجَّ الْمَانِعُ بِأَنَّ اسْتِقْرَارَ الْخِلَافِ بَيْنَهُمْ يَتَضَمَّنُ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى جَوَازِ الْأَخْذِ بِكُلٍّ مِنْ شِقَّيْ الْخِلَافِ بِاجْتِهَادٍ أَوْ تَقْلِيدٍ فَيَمْتَنِعُ اتِّفَاقُهُمْ بَعْدُ عَلَى أَحَدِ الشِّقَّيْنِ.
وَأَجَابَ الْمُجَوِّزُ بِأَنَّ تَضَمُّنَ مَا ذُكِرَ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ الِاتِّفَاقِ بَعْدُ عَلَى أَحَدِ الشِّقَّيْنِ فَإِذَا وُجِدَ
ــ
[حاشية العطار]
الَّذِي اقْتَضَاهُ ذَلِكَ الْمُسْتَنَدُ أَوْ الْمَعْنَى يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ فَيَنْشَأُ عَنْهُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى مُقْتَضَاهُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ إلَخْ) أَيْ لِمَا رُوِيَ لَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ يُدْفَنُ حَيْثُ مَاتَ (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْخِلَافِ) بِأَنْ يَمْضِيَ بَعْدَ الْخِلَافِ زَمَنٌ يُعْلَمُ بِهِ أَنَّ كُلَّ قَائِلٍ مُصَمِّمٌ عَلَى قَوْلِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُهُمْ) أَيْ مُسْتَنَدُ الْمُخَالِفِينَ الَّذِينَ رَجَعُوا (قَوْلُهُ: قَاطِعًا) أَيْ بِاعْتِبَارِ نَظَرِ الْقَائِلِ بِهِ إذْ لَوْ كَانَ قَاطِعًا حَقِيقَةً مَا أَمْكَنَ الْخِلَافُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلَّ اجْتِهَادٍ (قَوْلُهُ: بِاجْتِهَادٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُجْتَهِدًا وَوَافَقَ اجْتِهَادُهُ اجْتِهَادَ أَحَدِ الْمُخَالِفِينَ فَلَا يُقَالُ إنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا (قَوْلُهُ: فَتَمْتَنِعُ إلَخْ) لِأَنَّ هَذَا الْإِجْمَاعَ يَخْرِقُ الْإِجْمَاعَ السَّابِقَ (قَوْلُهُ: مَا ذُكِرَ)
فَلَا اتِّفَاقَ قَبْلَهُ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ انْقِرَاضُ الْعَصْرِ فَإِنْ اُشْتُرِطَ جَازَ الِاتِّفَاقُ مُطْلَقًا قَطْعًا وَفِيمَا نَسَبَهُ الْمُصَنِّفُ إلَى الْإِمَامِ وَالْآمِدِيِّ انْقِلَابٌ، وَالْوَاقِعُ أَنَّ الْإِمَامَ جَوَّزَ وَالْآمِدِيُّ مَنَعَ.
(وَأَمَّا) الِاتِّفَاقُ (مِنْ غَيْرِهِمْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْمُخْتَلِفِينَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْخِلَافِ بِأَنْ مَاتُوا وَنَشَأَ غَيْرُهُمْ (فَالْأَصَحُّ) أَنَّهُ (مُمْتَنِعٌ إنْ طَالَ الزَّمَانُ) أَيْ زَمَانُ الِاخْتِلَافِ إذْ لَوْ انْقَدَحَ وَجْهٌ فِي سُقُوطِهِ لَظَهَرَ لِلْمُخْتَلِفِينَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَرَ فَقَدْ لَا يَظْهَرُ
ــ
[حاشية العطار]
أَيْ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى جَوَازِ الْأَخْذِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا اتِّفَاقَ قَبْلَهُ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ لَوْ قَالَ بَدَلَهُ وَقْتَهُ لَكَانَ بَيِّنًا اهـ.
وَأَقُولُ لِأَنَّ الِاتِّفَاقَ قَبْلَهُ ثَابِتٌ قَطْعًا، وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ كَلَامِهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ فَلَا اتِّفَاقَ قَبْلَهُ يَمْتَنِعُ مُخَالَفَتُهُ أَوْ بِأَنَّ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى أَحَدِ الشِّقَّيْنِ يَتَبَيَّنُ بِهِ عَدَمُ تَحَقُّقِ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى جَوَازِ الْأَخْذِ الْمَذْكُورِ وَإِلَّا لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى أَحَدِ الشِّقَّيْنِ وَهَذَا ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ فِي عَقْلٍ وَلَا نَقْلٍ
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ كَانَ مُسْتَنَدُهُمْ قَاطِعًا أَوْ لَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الْخِلَافِ أَوْ لَا خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ النَّجَّارِيِّ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الْخِلَافِ لَيْسَ فِيهِ خِلَافٌ (قَوْلُهُ: قَطْعًا) أَيْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَقَرَّرُوا فَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُ الْإِجْمَاعِ قَالَ سم، وَقَدْ يُشْكِلُ بِالْقَوْلِ الْأَخِيرِ إذْ إلْغَاءَ الْقَاطِعِ مَحْذُورٌ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْخِلَافِ غَيْرَ هَذَا الْقَوْلِ أَوْ يَلْتَزِمَ هَذَا الْقَائِلُ أَنَّ إلْغَاءَ الْقَاطِعِ إنَّمَا يُحْذَرُ عِنْدَ الِانْقِرَاضِ لِيُبَيِّنَ أَمْرَهُ بِخِلَافِهِ عِنْدَ عَدَمِ الِانْقِرَاضِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَبَيَّنَ لِلْخَطَأِ فِي قَطْعِيَّتِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: إنْ طَالَ الزَّمَانُ) فِيهِ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَوْضُوعُ فَإِنَّ الْمَوْضُوعَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ