المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قِيلَ (عِيسَى وَ) قِيلَ (مَا ثَبَتَ أَنَّهُ شَرْعٌ) مِنْ غَيْرِ - حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع - جـ ٢

[حسن العطار]

فهرس الكتاب

- ‌مَسْأَلَةٌ) فِي صِيَغِ الْعُمُومِ

- ‌(مَسْأَلَةٌ جَوَابُ السَّائِلِ غَيْرِ الْمُسْتَقِلِّ دُونَهُ)

- ‌(مَسْأَلَةٌ إنْ تَأَخَّرَ الْخَاصُّ عَنْ الْعَمَلِ) بِالْعَامِّ الْمُعَارِضِ لَهُ أَيْ عَنْ وَقْتِهِ

- ‌(الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ)

- ‌ الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ كَالْعَامِّ وَالْخَاصِّ)

- ‌(الظَّاهِرُ وَالْمُؤَوَّلُ)

- ‌(الْمُجْمَلُ)

- ‌(مَسْأَلَةٌ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ)

- ‌(النَّسْخُ)

- ‌(مَسْأَلَةٌ النَّسْخُ وَاقِعٌ عِنْدَ كُلِّ الْمُسْلِمِينَ)

- ‌(خَاتِمَةٌ لِلنَّسْخِ)

- ‌(الْكِتَابُ الثَّانِي فِي السُّنَّةِ)

- ‌[الْكَلَامُ فِي الْأَخْبَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْخَبَرُ إمَّا مَقْطُوعٌ بِكَذِبِهِ أَوْ اسْتِدْلَالًا]

- ‌مَسْأَلَةٌ خَبَرُ الْوَاحِدِ لَا يُفِيدُ إلَّا بِقَرِينَةٍ)

- ‌[مَسْأَلَة الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ]

- ‌(مَسْأَلَةُ الْإِخْبَارِ عَنْ) شَيْءٍ (عَامٍّ) لِلنَّاسِ (لَا تَرَافُعَ فِيهِ) إلَى الْحُكَّامِ

- ‌[مَسْأَلَة الشَّخْصُ الَّذِي يُسَمَّى صَحَابِيًّا]

- ‌(مَسْأَلَةٌ الْمُرْسَلُ قَوْلَ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ)

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَقْلِ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى لِلْعَارِفِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ) : (الصَّحِيحُ يُحْتَجُّ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ)

- ‌(خَاتِمَةٌ) (مُسْتَنَدُ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ) فِي الرِّوَايَةِ

- ‌(الْكِتَابُ الثَّالِثُ فِي الْإِجْمَاعِ) مِنْ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ

- ‌[اخْتِصَاصُ الْإِجْمَاعِ بِالْمُجْتَهِدِينَ]

- ‌ اخْتِصَاصُ الْإِجْمَاعِ (بِالْمُسْلِمِينَ)

- ‌[اخْتِصَاصُ الْإِجْمَاع بِالْعُدُولِ]

- ‌ الْإِجْمَاعُ (لَا يَخْتَصُّ بِالصَّحَابَةِ)

- ‌ الْإِجْمَاعَ (الْمَنْقُولَ بِالْآحَادِ)

- ‌[إجْمَاعَ الْأُمَمِ السَّابِقَة]

- ‌ الْإِجْمَاعُ (السُّكُوتِيُّ)

- ‌[التَّمَسُّكَ بِأَقَلَّ مَا قِيلَ فِي الْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الصَّحِيحُ إمْكَانُ الْإِجْمَاعِ]

- ‌ حُرْمَةِ خَرْقِ الْإِجْمَاعِ

- ‌(خَاتِمَةٌ: جَاحِدُ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ الْمَعْلُومِ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ)

- ‌(الْكِتَابُ الرَّابِعُ فِي) (الْقِيَاسِ) مِنْ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ

- ‌ الْقِيَاسُ (حُجَّةٌ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ)

- ‌ الْقِيَاسَ عَلَى مَنْسُوخٍ)

- ‌[أَرْكَانُ الْقِيَاسِ]

- ‌[الرُّكْن الْأَوَّلُ الْأَصْلُ]

- ‌(الثَّانِي) مِنْ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ (حُكْمُ الْأَصْلِ

- ‌(الثَّالِثُ) مِنْ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ (الْفَرْعُ

- ‌(الرَّابِعُ) مِنْ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ (الْعِلَّةُ)

- ‌ الْعِلَّةُ (الْقَاصِرَةُ)

- ‌ التَّعْلِيلُ بِمُجَرَّدِ الِاسْمِ

- ‌(التَّعْلِيلَ) لِلْحُكْمِ الْوَاحِدِ (بِعِلَّتَيْنِ) فَأَكْثَرَ

- ‌(لَا يُشْتَرَطُ) فِي الْعِلَّةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ (الْقَطْعُ بِحُكْمِ الْأَصْلِ)

- ‌[انْتِفَاءُ الْمُعَارِضِ لِلْعِلَّةِ]

- ‌[لِلْمُسْتَدِلِّ دَفْعُ الْمُعَارَضَةِ فِي الْعِلَّةِ]

- ‌(مَسَالِكُ الْعِلَّةِ)

- ‌(الْأَوَّلُ) مِنْهَا (الْإِجْمَاعُ)

- ‌(الثَّانِي) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (النَّصُّ الصَّرِيحُ)

- ‌[الثَّالِثُ مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ الْإِيمَاءُ]

- ‌(الرَّابِعُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (السَّبْرُ وَالتَّقْسِيمُ

- ‌(الْخَامِسُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (الْمُنَاسَبَةُ وَالْإِخَالَةُ)

- ‌(السَّادِسُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ مَا يُسَمَّى بِالشَّبَهِ

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُنَاسَبَةُ تَنْخَرِمُ بِمَفْسَدَةٍ تَلْزَمُ الْحُكْمَ رَاجِحَةٍ عَلَى مَصْلَحَتِهِ أَوْ مُسَاوِيَةٍ لَهَا]

- ‌(السَّابِعُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (الدَّوَرَانُ

- ‌(الثَّامِنُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (الطَّرْدُ

- ‌(التَّاسِعُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ

- ‌(الْعَاشِرُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (إلْغَاءُ الْفَارِقِ)

- ‌(خَاتِمَةٌ فِي نَفْيِ مَسْلَكَيْنِ ضَعِيفَيْنِ

- ‌(الْقَوَادِحُ)

- ‌[خَاتِمَةٌ] (الْقِيَاسُ مِنْ الدِّينِ)

- ‌(الْكِتَابُ الْخَامِسُ فِي الِاسْتِدْلَالِ

- ‌(مَسْأَلَةُ الِاسْتِقْرَاءِ بِالْجُزْئِيِّ عَلَى الْكُلِّيِّ)

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي الِاسْتِصْحَابِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ لَا يُطَالَبُ النَّافِيَ) لِلشَّيْءِ (بِالدَّلِيلِ) عَلَى انْتِفَائِهِ

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ كَانَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم مُتَعَبَّدًا قَبْلَ النُّبُوَّةِ بِشَرْعٍ]

- ‌(مَسْأَلَةُ حُكْمِ الْمَنَافِعِ وَالْمَضَارِّ قَبْلَ الشَّرْعِ)

- ‌(مَسْأَلَةُ الِاسْتِحْسَانِ

- ‌(مَسْأَلَةُ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ) الْمُجْتَهِدِ

- ‌(مَسْأَلَةُ الْإِلْهَامِ

- ‌[خَاتِمَةٌ مَبْنَى الْفِقْهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أُمُورٍ]

- ‌(الْكِتَابُ السَّادِسُ فِي التَّعَادُلِ وَالتَّرَاجِيحِ)

- ‌(مَسْأَلَةٌ يُرَجَّحُ بِعُلُوِّ الْإِسْنَادِ)

- ‌(الْكِتَابُ السَّابِعُ فِي الِاجْتِهَادِ) :

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُصِيبِ مِنْ الْمُخْتَلِفِينَ فِي الْعَقْلِيَّاتِ وَاحِدٌ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الَّتِي لَا قَاطِعَ فِيهَا مِنْ مَسَائِلِ الْفِقْهِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ فِي الِاجْتِهَادِيَّاتِ)

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى لِنَبِيٍّ أَوْ عَالِمٍ عَلَى لِسَانِ نَبِيٍّ اُحْكُمْ بِمَا تَشَاءُ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ]

- ‌(مَسْأَلَةُ التَّقْلِيدِ

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَكَرَّرَتْ الْوَاقِعَةُ لِلْمُجْتَهِدِ وَتَجَدَّدَ لَهُ مَا يَقْتَضِي الرُّجُوعَ عَمَّا ظَنَّهُ فِيهَا أَوَّلًا وَلَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لِلدَّلِيلِ الْأَوَّلِ]

- ‌(مَسْأَلَةُ تَقْلِيدِ الْمَفْضُولِ)

- ‌(مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ لِلْقَادِرِ عَلَى التَّفْرِيعِ وَالتَّرْجِيحِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا)

- ‌ التَّقْلِيدِ فِي أُصُولِ الدِّينِ)

- ‌[خَاتِمَةٌ فِي مَبَادِئِ التَّصَوُّفِ الْمُصَفِّي لِلْقُلُوبِ]

الفصل: قِيلَ (عِيسَى وَ) قِيلَ (مَا ثَبَتَ أَنَّهُ شَرْعٌ) مِنْ غَيْرِ

قِيلَ (عِيسَى وَ) قِيلَ (مَا ثَبَتَ أَنَّهُ شَرْعٌ) مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لِنَبِيٍّ هَذِهِ (أَقْوَالٌ) مَرْجِعُهَا التَّارِيخُ (وَالْمُخْتَارُ) كَمَا قَالَهُ كَثِيرٌ (الْوَقْفُ تَأْصِيلًا) عَنْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ (وَتَفْرِيعًا) عَلَى الْإِثْبَاتِ عَنْ تَعْيِينِ قَوْلٍ مِنْ أَقْوَالِهِ (وَ) الْمُخْتَارُ (بَعْدَ النُّبُوَّةِ الْمَنْعُ) مِنْ تَعَبُّدِهِ بِشَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ لِأَنَّ لَهُ شَرْعًا يَخُصُّهُ وَقِيلَ تَعَبَّدَ بِمَا لَمْ يُنْسَخْ مِنْ شَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ اسْتِصْحَابًا لِتَعَبُّدِهِ بِهِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ

(مَسْأَلَةُ حُكْمِ الْمَنَافِعِ وَالْمَضَارِّ قَبْلَ الشَّرْعِ)

أَيْ الْبَعْثَةِ (مَرَّ) فِي أَوَائِلِ الْكِتَابِ حَيْثُ قِيلَ وَلَا حُكْمَ قَبْلَ الشَّرْعِ بَلْ الْأَمْرُ مَوْقُوفٌ إلَى وُرُودِهِ (وَبَعْدَهُ الصَّحِيحُ أَنَّ أَصْلَ الْمَضَارِّ التَّحْرِيمُ وَالْمَنَافِعِ الْحِلُّ) قَالَ تَعَالَى {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] ذَكَرَهُ فِي مَعْرِضِ الِامْتِنَانِ وَلَا يُمْتَنُّ إلَّا بِالْجَائِزِ وَقَالَ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» أَيْ فِي دِينِنَا أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ (قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ) وَالِدُ الْمُصَنِّفِ (إلَّا أَمْوَالَنَا) فَإِنَّهَا مِنْ الْمَنَافِعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا التَّحْرِيمُ (لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ) وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَيُخَصُّ بِهِ عُمُومُ الْآيَةِ السَّابِقَةِ وَغَيْرُهُ سَاكِتٌ عَنْ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ إطْلَاقُ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ التَّحْرِيمُ وَبَعْضُهُمْ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا الْحِلُّ

‌(مَسْأَلَةُ الِاسْتِحْسَانِ

ــ

[حاشية العطار]

إلَخْ فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى الْمُضَافِ الْمُقَدَّرِ ثُمَّ أَنَّهُ لَمْ يَحْكِ آدَم مَعَ أَنَّهُ مَحْكِيٌّ ثُمَّ الْقَائِلُ بِأَنَّهُ نُوحٌ تَمَسَّكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} [الشورى: 13] وَبِأَنَّهُ إبْرَاهِيمُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ} [آل عمران: 68] وقَوْله تَعَالَى {أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} [النحل: 123] وَبِأَنَّهُ مُوسَى بِقَوْلِهِ {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ مُوسَى وَبِأَنَّهُ عِيسَى لِقُرْبِهِ مِنْهُ قَالَ فِي الْبُرْهَانِ إنَّ الْمُرَادَ بِمَسَاقِ هَذِهِ الْآيِ الرَّدُّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَبَيَانُ إطْبَاقِ النَّبِيِّينَ عَلَى الدُّعَاءِ إلَى التَّوْحِيدِ وَكَانَ إبْرَاهِيمُ عليه السلام عَلَى مَسْلَكِهِ الْمَعْرُوفِ رَادًّا عَلَى عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ فَلَمَّا بُلِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَرَتْ الْآيُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى ذِكْرِ إبْرَاهِيمَ فِي تَأْيِيدِ التَّوْحِيدِ وَالرَّدِّ عَلَى عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ عِيسَى إلَخْ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَصَارَ طَائِفَةٌ مِمَّنْ يَنْتَمِي إلَى تَحْقِيقٍ إلَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ عَلَى شَرِيعَةِ عِيسَى عليه السلام فَإِنَّهَا آخِرُ الشَّرَائِعِ قَبْلَ شَرِيعَتِهِ عليه السلام وَكَانَ الْخَلْقُ كَافَّةً مُكَلَّفِينَ بِهَا وَكَانَ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْمُكَلَّفِينَ وَهَذَا غَيْرُ سَدِيدٍ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَنَا أَنَّ عِيسَى عليه السلام كَانَ مَبْعُوثًا إلَى النَّاسِ كَافَّةً وَلَوْ ثَبَتَ ابْتِعَاثُهُ إلَيْهِمْ فَقَدْ كَانَتْ شَرِيعَتُهُ دَارِسَةَ الْأَعْلَامِ مُؤْذِنَةً بِالِانْصِرَامِ وَالشَّرَائِعُ إذَا دُرِسَتْ سَقَطَ التَّكْلِيفُ بِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: مَرْجِعُهَا التَّارِيخُ) أَيْ كُتُبُ التَّارِيخِ فَإِنَّهُ بُيِّنَ فِيهَا كَيْفِيَّةُ تَعَبُّدِهِ (قَوْلُهُ: تَأْصِيلًا) أَيْ فِي أَصْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَتَفْرِيعًا أَيْ فِي تَفْرِيعِهَا فَكُلٌّ مِنْهُمَا مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَيَجُوزُ نَصْبُهَا عَلَى التَّمْيِيزِ وَقَوْلُهُ عَنْ تَعْيِينِ مُتَعَلِّقٍ بِالْوَقْفِ كَقَوْلِهِ عَنْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: وَتَفْرِيعًا) لَازِمٌ لِلْأَوَّلِ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَلَوْ قَدَّمَهُ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَقِيلَ تَعَبَّدَ بِمَا لَمْ يُنْسَخْ إلَخْ) هُوَ مُخْتَارُ ابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَلِلشَّافِعِيِّ مَيْلٌ إلَيْهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهُ فِيمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ وَحْيٌ لَهُ اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ الصَّحِيحُ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يَثْبُتَ هَذَا الْأَصْلُ بِمُجَرَّدِ الْبَعْثَةِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَمَا بَعْدَهَا إلَّا بِوُرُودِ الشَّرْعِ بَعْدَهَا وَعَدَمِ وُرُودِهِ قَبْلَهَا وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَتِمَّ بِمُجَرَّدِ الْبَعْثَةِ فَأَيُّ شَيْءٍ لَمْ يَرِدْ حُكْمُهُ بَعْدَ الْبَعْثَةِ يَكُونُ حُكْمُهُ كَمَا قَبْلَهَا فَلَا يَثْبُتُ هَذَا الْأَصْلُ بَعْدَ الْبَعْثَةِ إلَّا بَعْدَ نُزُولِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّوْمَ وَالْحَجَّ مَثَلًا لَمْ يَثْبُتْ وُجُوبُهُمَا مِنْ أَوَّلِ الْبَعْثَةِ بَلْ تَأَخَّرَ إلَى نُزُولِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اهـ. سم

[مَسْأَلَةُ حُكْمِ الْمَنَافِعِ وَالْمَضَارِّ قَبْلَ الشَّرْعِ]

(قَوْلُهُ: أَنَّ الْأَصْلَ) أَيْ أَنَّ حُكْمَهَا الْأَصْلِيَّ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فِي مِعْرَضِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ.

قَوْلُهُ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» أَيْ لَا يَضُرُّ نَفْسَهُ وَلَا يَضُرُّ غَيْرَهُ فَالْمَعْنَى لَا ضَرَرَ تُدْخِلُونَهُ عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلَا ضِرَارَ لِغَيْرِكُمْ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ الْجَوَازِ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِي نَفْسِهِ مَوْجُودٌ بِكَثْرَةٍ (قَوْلُهُ: إلَّا أَمْوَالَنَا) أَيْ الْمُخْتَصَّةَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِالْإِضَافَةِ وَكَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ سَاكِتٌ إلَخْ) وَهُوَ الْوَجْهُ لِأَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ النَّصِّ وَتَحْرِيمُ مَا ذَكَرَ بِالنَّصِّ

[مَسْأَلَةُ الِاسْتِحْسَانِ]

(قَوْلُهُ: الِاسْتِحْسَانُ)

ص: 394

قَالَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَنْكَرَ الْبَاقُونَ) مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ الْحَنَابِلَةُ خِلَافَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (وَفُسِّرَ بِدَلِيلٍ يَنْقَدِحُ فِي نَفْسِ الْمُجْتَهِدِ تَقْصُرُ عِبَارَتُهُ عَنْهُ وَرُدَّ بِأَنَّهُ) أَيْ الدَّلِيلَ الْمَذْكُورَ (إنْ تَحَقَّقَ) عِنْدَ الْمُجْتَهِدِ (فَمُعْتَبَرٌ) وَلَا يَضُرُّ قُصُورُ عِبَارَتِهِ عَنْهُ قَطْعًا وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ عِنْدَهُ فَمَرْدُودٌ قَطْعًا (وَ) فُسِّرَ أَيْضًا (بِعُدُولٍ عَنْ قِيَاسٍ إلَى) قِيَاسٍ (أَقْوَى) مِنْهُ (وَلَا خِلَافَ فِيهِ) بِهَذَا الْمَعْنَى فَإِنَّ أَقْوَى الْقِيَاسَيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْآخَرِ قَطْعًا (أَوْ) بِعُدُولٍ (عَنْ الدَّلِيلِ إلَى الْعَادَةِ) لِلْمَصْلَحَةِ كَدُخُولِ الْحَمَّامِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ زَمَنِ الْمُكْثِ وَقَدْرِ الْمَاءِ وَالْأُجْرَةِ فَإِنَّهُ مُعْتَادٌ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ لِلْمَصْلَحَةِ وَكَذَا شُرْبُ الْمَاءِ مِنْ السِّقَاءِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ قَدْرِهِ (وَرُدَّ بِأَنَّهُ إنْ ثَبَتَ أَنَّهَا) أَيْ الْعَادَةَ (حَقٌّ) لِجَرَيَانِهَا فِي زَمَنِهِ عليه الصلاة والسلام أَوْ بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ مِنْهُ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ (فَقَدْ قَامَ دَلِيلُهَا) مِنْ السُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ فَيُعْمَلُ بِهَا قَطْعًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ حَقِيقَتُهَا (رُدَّتْ) قَطْعًا فَلَمْ يَتَحَقَّقْ مَعْنًى لِلِاسْتِحْسَانِ مِمَّا ذُكِرَ يَصْلُحُ مَحَلًّا لِلنِّزَاعِ (فَإِنْ تَحَقَّقَ اسْتِحْسَانٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَمَنْ قَالَ بِهِ فَقَدْ شَرَّعَ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه مَنْ اسْتَحْسَنَ فَقَدْ شَرَّعَ أَيْ وَضَعَ شَرْعًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ (أَمَّا اسْتِحْسَانُ الشَّافِعِيِّ التَّحْلِيفَ عَلَى الْمُصْحَفِ وَلِخَطٍّ فِي الْكِتَابَةِ) لِبَعْضٍ مِنْ عِوَضِهَا (وَنَحْوِهِمَا) كَاسْتِحْسَانِهِ فِي الْمُتْعَةِ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا

ــ

[حاشية العطار]

قَالَ فِي التَّلْوِيحِ هُوَ فِي اللُّغَةِ عَدُّ الشَّيْءِ حَسَنًا وَقَدْ كَثُرَ فِيهِ الْمُدَافَعَةُ وَالرَّدُّ عَلَى الْمُدَافِعِينَ وَمَنْشَؤُهُمَا عَدَمُ تَحْقِيقِ مَقْصُودِ الْفَرِيقَيْنِ وَمَبْنَى الطَّعْنِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ عَلَى الْجُرْأَةِ وَقِلَّةِ الْمُبَالَاةِ فَإِنَّ الْقَائِلِينَ بِالِاسْتِحْسَانِ يُرِيدُونَ بِهِ مَا هُوَ أَحَدُ الْأَدِلَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَالْقَائِلِينَ بِأَنَّ مَنْ اسْتَحْسَنَ فَقَدْ شَرَّعَ يُرِيدُونَ أَنَّ مَنْ أَثْبَتَ حُكْمًا بِأَنَّهُ مُسْتَحْسَنٌ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ عَنْ الشَّارِعِ فَهُوَ الشَّارِعُ لِذَلِكَ الْحُكْمِ حَيْثُ لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْ الشَّارِعِ ثُمَّ سَاقَ اخْتِلَافًا فِي تَعَارِيفِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: قَالَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ) أَيْ وَأَصْحَابُهُ وَأَصْحَابُ مَالِكٍ اهـ. زَكَرِيَّا (قَوْلُهُ: خِلَافَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ إلَخْ) فِي شَرْحِ الْبُدَخْشِيِّ عَلَى الْمِنْهَاجِ مَا يُوَافِقُ ابْنَ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ: تَقْصُرُ عَنْهُ عِبَارَتُهُ) قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْمَنْخُولِ إنَّ مَعَانِيَ الشَّرْعِ إذَا لَاحَتْ فِي الْعُقُولِ انْطَلَقَتْ الْأَلْسُنُ بِالتَّعْبِيرِ عَنْهَا فَمَا لَا عِبَارَةَ عَنْهُ لَا يُعْقَلُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ أَقْوَى الْقِيَاسَيْنِ إلَخْ) مِثَالُ ذَلِكَ الْعِنَبُ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ تَحْرِيمُ بَيْعِهِ بِالزَّبِيبِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى رَأْسِ الشَّجَرِ أَمْ لَا قِيَاسًا عَلَى الرُّطَبِ ثُمَّ إنَّ الشَّارِعَ أَرْخَصَ فِي جَوَازِ بَيْعِ الرُّطَبِ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ بِالتَّمْرِ فَقِسْنَا عَلَيْهِ الْعِنَبَ وَتَرَكْنَا الْقِيَاسَ الْأَوَّلَ لِكَوْنِ الثَّانِي أَقْوَى فَلَمَّا اجْتَمَعَ فِي الثَّانِي الْقُوَّةُ وَالِاضْطِرَارُ كَانَ اسْتِحْسَانًا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِعُدُولٍ عَنْ الدَّلِيلِ) أَيْ عَنْ مُقْتَضَاهُ إلَى مُقْتَضَى الْعَادَةِ (قَوْلُهُ: كَدُخُولِ الْحَمَّامِ) أَيْ كَجَوَازِ دُخُولِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ) أَيْ الْعَامِّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ) أَيْ الْمُعْتَادَ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ يَعْنِي الْعَامَّ لِأَنَّهُ غَرَرٌ (قَوْلُهُ: فَقَدْ قَامَ دَلِيلُهَا) أَيْ وَإِذَا قَامَ دَلِيلُهَا فَلَا يَسُوغُ الْإِنْكَارُ مِنْ الْبَاقِينَ (قَوْلُهُ: رُدَّتْ قَطْعًا) أَيْ فَلَا تَصْلُحُ مَحَلًّا لِلنِّزَاعِ وَفِيهِ أَنَّ مِنْ الْقَوَاعِدِ أَنَّ الضَّرُورَاتِ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ وَإِذَا ضَاقَ الْأَمْرُ اتَّسَعَ فَالْحَقُّ أَنَّ هَذَا مِمَّا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ.

(قَوْلُهُ: فَقَدْ شَرَّعَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ) جَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ أَيْضًا قَالَ الْعِرَاقِيُّ وَلَا مَعْنَى لِلْجَزْمِ بِتَشْدِيدِهَا وَاَلَّذِي أَحْفَظُهُ بِالتَّخْفِيفِ وَيُقَالُ فِي نَصْبِ الشَّرِيعَةِ شَرَعَ بِالتَّخْفِيفِ قَالَ تَعَالَى {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} [الشورى: 13] اهـ زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ) اُشْتُهِرَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله وَنَقَلَهَا الْغَزَالِيُّ فِي مَنْخُولِهِ وَغَيْرِهِ وَلَكِنْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ أَنَا لَمْ أَجِدْ إلَى الْآنَ هَذَا فِي كَلَامِهِ نَصًّا وَلَكِنْ وَجَدْتُ فِي الْأُمِّ أَنَّ مَنْ قَالَ بِالِاسْتِحْسَانِ فَقَدْ قَالَ قَوْلًا عَظِيمًا وَوَضَعَ نَفْسَهُ فِي رَأْيِهِ وَاسْتِحْسَانِهِ عَلَى غَيْرِ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ مَوْضِعَهَا فِي أَنْ يَتْبَعَ رَأْيَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ كُفْرٌ أَوْ كَبِيرَةٌ اهـ. زَكَرِيَّا.

قَالَ الْبُدَخْشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ بَالَغَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي رَدِّ الِاسْتِحْسَانِ حَيْثُ قَالَ مَنْ اسْتَحْسَنَ فَقَدْ شَرَّعَ يَعْنِي مَنْ أَثْبَتَ حُكْمًا بِالِاسْتِحْسَانِ فَهُوَ الشَّارِعُ لِهَذَا الْحُكْمِ وَهُوَ كُفْرٌ أَوْ كَبِيرَةٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ إثْبَاتُ الْحُكْمِ بِالتَّشَهِّي مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ (قَوْلُهُ: أَمَّا اسْتِحْسَانُ الشَّافِعِيِّ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ قَدْ اسْتَحْسَنَ الشَّافِعِيُّ حَيْثُ قَالَ

ص: 395