الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَدْ اُشْتُهِرَ أَنَّهُ حُجَّةٌ عِنْدَنَا
ــ
[حاشية العطار]
عَلَى الرَّاحِلَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَإِنَّا اسْتَقْرَأْنَا مَا يُؤَدَّى مِنْ الصَّلَوَاتِ عَلَى الرَّاحِلَةِ فَلَمْ نَجِدْ مِنْهُ وَاجِبًا فَعُلِمَ أَنَّ الْوِتْرَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَإِنْ قُلْت الْوِتْرُ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ يُؤَدِّيهِ عَلَى الرَّاحِلَةِ.
قُلْت أُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَدَّاهُ فِي السَّفَرِ وَالْوِتْرُ إنَّمَا كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ فِي الْحَضَرِ وَبِأَنَّ وُجُوبَهُ كَانَ مِنْ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم وَبِأَنَّهُ عليه السلام حِينَ أَدَّاهُ عَلَى الرَّاحِلَةِ كَانَ قَدْ نُسِخَ وُجُوبُهُ فِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم اهـ. زَكَرِيَّا.
وَقَدْ يُمَثَّلُ لَنَا بِقَوْلِنَا كُلُّ حَيَوَانٍ يَحْتَرِقُ وَتَتَفَرَّقُ أَجْزَاؤُهُ بِالْمُكْثِ فِي النَّارِ لِأَنَّهُ إمَّا إنْسَانٌ أَوْ فَرَسٌ أَوْ حِمَارٌ إلَخْ وَالْكُلُّ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وُجُودُ حَيَوَانٍ حُكْمُهُ خِلَافُ مَا ذُكِرَ بَلْ وُجِدَ بِالْعَقْلِ كَالسَّمَنْدَلِ فَإِنَّهُ يَعِيشُ فِي النَّارِ وَيُوجَدُ فِي ذَخَائِرِ الْمُلُوكِ مَنَادِيلُ مُتَّخَذَةٌ مِنْ رِيشِهِ إذْ اتَّسَخَتْ تُرْمَى فِي النَّارِ فَتَرْجِعُ نَظِيفَةً وَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ غَسْلِهَا وَيُمَثَّلُ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِنَا كُلُّ حَرَكَةٍ إمَّا حَرَكَةٌ مِنْ الْمَرْكَزِ أَوْ إلَى الْمَرْكَزِ أَوْ عَلَى الْمَرْكَزِ وَكُلٌّ مِنْهَا يَقْطَعُ الْمَسَافَةَ فَكُلُّ حَرَكَةٍ كَذَلِكَ ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقِيَاسِ الْأُصُولِيِّ وَالْمَنْطِقِيِّ وَالِاسْتِقْرَائِيّ أَنَّ الْأُصُولِيَّ هُوَ الِاسْتِدْلَال بِثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي جُزْءٍ لِإِثْبَاتِهِ فِي جُزْءٍ آخَرَ مِثْلِهِ بِجَامِعٍ وَالْمَنْطِقِيَّ هُوَ الِاسْتِدْلَال بِثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي كُلِّيٍّ لِإِثْبَاتِهِ فِي جُزْئِيٍّ وَالِاسْتِقْرَائِيّ عَكْسُ الْمَنْطِقِيِّ
[مَسْأَلَةٌ فِي الِاسْتِصْحَابِ]
(قَوْلُهُ: وَقَدْ اُشْتُهِرَ أَنَّهُ حُجَّةٌ عِنْدَنَا) أَيْ مَعَاشِرَ الشَّافِعِيَّةِ وَأَوْرَدَ الْبُدَخْشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ أَنَّ مِثْلَ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ وَالطَّهَارَةِ وَنَحْوِهَا أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِأَدِلَّةٍ شَرْعِيَّةٍ نَصَبَهَا الشَّارِعُ وَهِيَ مُنْحَصِرَةٌ فِي النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَالْقِيَاسِ إجْمَاعًا وَالِاسْتِصْحَابُ لَيْسَ مِنْهَا فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهِ فِي الشَّرْعِيَّاتِ قُلْنَا ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ إثْبَاتُ الْحُكْمِ ابْتِدَاءً وَأَمَّا فِي الْحُكْمِ بِبَقَائِهِ فَمَمْنُوعٌ يَكْفِي الِاسْتِصْحَابُ وَلَوْ سَلِمَ فَلَا نُسَلِّمُ انْحِصَارَ الْأَدِلَّةِ فِيمَا ذُكِرَ ثَمَّ بَلْ عِنْدَنَا رَابِعٌ وَهُوَ الِاسْتِصْحَابُ فَإِنَّ ذَلِكَ عَيْنُ النِّزَاعِ فَإِنْ قُلْت الْقِيَاسُ جَائِزٌ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَ ظَنِّ بَقَاءِ الْأَصْلِ إذْ الْقِيَاسُ رَافِعٌ لِحُكْمِ الْأَصْلِ وِفَاقًا بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ أَحْكَامٌ لَوْلَاهُ لَبَقِيَتْ عَلَى نَفْيِهَا فَلَا يُظَنُّ بَقَاءُ الْأَصْلِ إلَّا عِنْدَ انْتِفَاءِ قِيَاسٍ يَرْفَعُهُ وَلَا يُمْكِنُ الْحُكْمُ بِذَلِكَ الِانْتِفَاءِ لِعَدَمِ تَنَاهِي الْأُصُولِ الَّتِي يُمْكِنُ الْقِيَاسُ عَلَيْهَا فَمِنْ أَيْنَ لِلْعَقْلِ الْإِحَاطَةُ بِنَفْيِهَا قُلْنَا الظَّنُّ بِانْتِفَاءِ مِثْلِ هَذَا الْقِيَاسِ كَافٍ وَلَا حَاجَةَ إلَى الْقَطْعِ وَالظَّنُّ حَاصِلٌ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الْوِجْدَانِ بَعْدَ الْبَحْثِ وَالتَّفْتِيشِ وَمُجَرَّدُ
دُونَ الْحَنَفِيَّةِ فَنَقُولُ لِتَحْرِيرِ مَحَلِّ النِّزَاعِ (قَالَ عُلَمَاؤُنَا اسْتِصْحَابُ الْعَدَمِ الْأَصْلِيِّ) وَهُوَ نَفْيُ مَا نَفَاهُ الْعَقْلُ وَلَمْ يُثْبِتْهُ الشَّرْعُ كَوُجُوبِ صَوْمِ رَجَبٍ حُجَّةٌ جَزْمًا (وَ) اسْتِصْحَابُ (الْعُمُومِ أَوْ النَّصِّ إلَى وُرُودِ الْغَيْرِ) مِنْ مُخَصِّصٍ أَوْ نَاسِخٍ حُجَّةٌ جَزْمًا فَيُعْمَلُ بِهِمَا إلَى وُرُودِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ابْنَ سُرَيْجٍ خَالَفَ فِي الْعَمَلِ بِالْعَامِّ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنْ الْمُخَصِّصِ (وَ) اسْتِصْحَابُ (مَا دَلَّ الشَّرْعُ عَلَى ثُبُوتِهِ لِوُجُودِ سَبَبِهِ) كَثُبُوتِ الْمِلْكِ بِالشِّرَاءِ (حُجَّةٌ مُطْلَقًا وَقِيلَ) حُجَّةٌ (فِي الدَّفْعِ) بِهِ عَمَّا ثَبَتَ لَهُ (دُونَ الرَّفْعِ) بِهِ لِمَا ثَبَتَ كَاسْتِصْحَابِ حَيَاةِ الْمَعْقُودِ قَبْلَ الْحُكْمِ
ــ
[حاشية العطار]
احْتِمَالِ قِيَاسٍ رَافِعٍ لَا يُنَافِي ظَنَّ انْتِفَائِهِ وَإِنَّمَا الْمُنَافِي لَهُ احْتِمَالُ مُسَاوٍ أَوْ رَاجِحٍ.
(قَوْلُهُ: دُونَ الْحَنَفِيَّةِ) أَيْ بِحَسَبِ مَا اُشْتُهِرَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَقَدْ اُشْتُهِرَ وَإِلَّا فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ قَائِلَةٌ بِحُجِّيَّتِهِ مُطْلَقًا وَطَائِفَةٌ أُخْرَى قَائِلَةٌ بِحُجِّيَّتِهِ فِي الدَّفْعِ دُونَ الرَّفْعِ فِيمَا دَلَّ الشَّرْعُ عَلَى ثُبُوتِهِ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: فَنَقُولُ لِتَحْرِيرِ مَحَلِّ النِّزَاعِ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ مِنْ رُجُوعِ الْخِلَافِ الْآتِي إلَى جَمِيعِ الِاسْتِصْحَابَاتِ وَقَوْلُهُ جَزْمًا فِي الِاسْتِصْحَابَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَيْ عِنْدَنَا بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ قَالَ عُلَمَاؤُنَا وَإِلَّا فَهُمَا مَحَلُّ خِلَافٍ أَيْضًا اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا إلَخْ) وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ يُعْمَلُ بِالِاسْتِصْحَابِ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ أَقْوَى مِنْهُ كَذَا بِخَطِّ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: مَا نَفَاهُ الْعَقْلُ) أَيْ لَمْ يُدْرِكْ فِيهِ الْعَقْلُ شَيْئًا فَالْمُرَادُ بِنَفْيِهِ ذَلِكَ عَدَمُ إدْرَاكِ وُجُودِهِ وَالْمَعْنَى هُوَ انْتِفَاءُ مَا لَمْ يُدْرِكْ الْعَقْلُ وُجُودَهُ اهـ سم (قَوْلُهُ: حُجَّةٌ) هُوَ خَبَرٌ عَمَّا قَبْلَهُ مِنْ الِاسْتِصْحَابَاتِ الثَّلَاثَةِ وَالْخِلَافُ الْمَحْكِيُّ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ فِي الدَّفْعِ وَمَا بَعْدَهُ خَاصٌّ بِالثَّالِثِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ لَا خِلَافَ فِيهِمَا وَالْخِلَافُ الْمَحْكِيُّ فِي الثَّالِثِ لَيْسَ لِلْحَنَفِيَّةِ فَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّارِحُ فِي الْأَوَّلَيْنِ جَزْمًا وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي فَعُرِفَ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ اهـ. نَاصِرٌ.
(قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ أَنَّ ابْنَ سُرَيْجٍ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ مُخَالَفَةَ ابْنِ سُرَيْجٍ لَا تُؤَثِّرُ فِي الْجَزْمِ لِأَنَّهَا فِي الْعَمَلِ لَا فِي الْحُجَّةِ الَّتِي الْكَلَامُ فِيهَا وَيُجَابُ بِأَنَّ عَدَمَ الْعَمَلِ لَازِمٌ لِعَدَمِ الْحُجِّيَّةِ بَلْ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ مَحَلَّ الْجَزْمِ فِيمَا قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّ خِلَافِيَّةَ ابْنِ سُرَيْجٍ إنَّمَا هِيَ فِيمَا بَعْدَهَا كَمَا مَرَّ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ الدَّفْعُ وَالرَّفْعُ عَارَضَهُ ظَاهِرٌ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: حُجَّةٌ فِي الدَّفْعِ بِهِ عَمَّا ثَبَتَ) أَيْ حُجَّةٌ فِي إبْقَاءِ مَا كَانَ وَاَلَّذِي ثَبَتَ هُوَ عَدَمُ الْإِرْثِ مِنْهُ بِسَبَبِ الْحَيَاةِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنَّهُ دَافِعٌ لِلْإِرْثِ مِنْهُ لِأَنَّ مَا يَأْتِي فِي الدَّافِعِ وَلِلْإِرْثِ
بِمَوْتِهِ فَإِنَّهُ دَافِعٌ لِلْإِرْثِ مِنْهُ وَلَيْسَ بِدَافِعٍ لِعَدَمِ إرْثِهِ مِنْ غَيْرِهِ لِلشَّكِّ فِي حَيَاتِهِ فَلَا يُثْبِتُ اسْتِصْحَابُهَا لَهُ مِلْكًا جَدِيدًا إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ (وَقِيلَ) حُجَّةٌ (بِشَرْطِ أَنْ لَا يُعَارِضَهُ ظَاهِرٌ مُطْلَقًا وَقِيلَ ظَاهِرٌ غَالِبًا قِيلَ مُطْلَقًا وَقِيلَ ذُو سَبَبٍ) فَإِنْ عَارَضَهُ ظَاهِرٌ مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطٍ عَلَى الْخِلَافِ قُدِّمَ الظَّاهِرُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَرْجُوحُ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ وَالتَّقْيِيدُ بِذِي السَّبَبِ
ــ
[حاشية العطار]
مِنْهُ وَمَا هُنَا فِي الْمَدْفُوعِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ دَافِعٌ لِلْإِرْثِ) أَيْ عَنْ الْإِرْثِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ إرْثِهِ) أَيْ لَيْسَ بِدَافِعِ عَدَمِ إرْثِهِ فَاللَّازِمُ صِلَةُ رَافِعٍ وَلَوْ رَفَعَ عَدَمَ الْإِرْثِ لَثَبَتَ الْإِرْثُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِثَابِتٍ (قَوْلُهُ: عَلَى الْخِلَافِ) أَيْ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قُبَيْلَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَرْجُوحُ إلَخْ) أَيْ فِي الْأَكْثَرِ وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ الرَّاجِحُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْبَوْلِ عَلَى مَا فَصَّلَهُ الْمُصَنِّفُ فَالْمُعْتَمَدُ الْأَخْذُ بِالْأَصْلِ إلَّا إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ قُوَّةُ الظَّاهِرِ عَلَيْهِ فَيُؤْخَذُ بِالظَّاهِرِ وَقَدْ نَقَلَ الشَّمْسُ الْبِرْمَاوِيُّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ تَصْحِيحَ الْأَخْذِ بِالْأَصْلِ دَائِمًا وَعَنْ السُّبْكِيّ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ وَذَكَرَهَا ثُمَّ قَالَ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِمَسَائِلَ كَثِيرَةٍ وَذَكَرَهَا قَالَ وَبِالْجُمْلَةِ فَالتَّحْقِيقُ الْأَخْذُ فِي تَعَارُضِهَا بِأَقْوَى الظَّنَّيْنِ اهـ.
وَلَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ مَا إذَا عَارَضَ الْأَصْلَ احْتِمَالٌ مُجَرَّدٌ كَاحْتِمَالِ الْحَدَثِ بِمُجَرَّدِ مُضِيِّ الزَّمَانِ لِمَنْ تَيَقَّنَ طُهْرَهُ إذْ يُقَدِّمُ الْأَصْلَ جَزْمًا وَإِلَّا نَصَبَ الشَّرْعُ الظَّاهِرَ سَبَبًا كَالشَّهَادَةِ فَإِنَّهَا تُعَارِضُ الْأَصْلَ مِنْ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِ جَزْمًا قَالَهُ زَكَرِيَّا وَفِي قَوَاعِدِ الزَّرْكَشِيّ تُعَارِضُ الْأَصْلَ وَالْغَالِبُ فِيهِ قَوْلَانِ وَلِجَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ شُرُوطٌ أَحَدُهَا أَنْ لَا تَطَّرِدَ الْعَادَةُ بِمُخَالَفَةِ الْأَصْلِ فَإِنْ اطَّرَدَتْ عَادَةٌ بِذَلِكَ كَاسْتِعْمَالِ السِّرْقِينِ فِي أَوَانِي الْفَخَّارِ قُدِّمَتْ عَلَى الْأَصْلِ قَطْعًا فَيُحْكَمُ بِالنَّجَاسَةِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.
وَمِثْلُهُ الْمَاءُ الْهَارِبُ فِي الْحَمَّامِ لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ بِالْبَوْلِ فِيهِ الثَّانِي أَنْ تَكْثُرَ أَسْبَابُ الظَّاهِرِ فَإِنْ نَدَرَتْ لَمْ يُنْظَرْ إلَيْهِ قَطْعًا وَلِهَذَا اتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّهُ إذَا تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الْحَدَثُ أَنَّ لَهُ الْأَخْذَ بِالْوُضُوءِ وَلَمْ يُجْرُوا فِيهِ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ نَجَاسَتُهُ هَلْ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ وَفَرَّقَ الْإِمَامُ بِأَنَّ الْأَسْبَابَ الَّتِي تَظْهَرُ بِهَا النَّجَاسَةُ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَهِيَ قَلِيلَةٌ فِي الْأَحْدَاثِ وَلَا أَثَرَ لِلنَّادِرِ وَالتَّمَسُّكُ بِاسْتِصْحَابِ الْيَقِينِ أَوْلَى الثَّالِثُ أَنْ لَا يَكُونَ مَعَ أَحَدِهَا مَا يَعْتَضِدُ بِهِ فَإِنْ كَانَ فَالْعَمَلُ بِالتَّرْجِيحِ مُتَعَيَّنٌ وَالضَّابِطُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الظَّاهِرُ حُجَّةً يَجِبُ قَبُولُهَا شَرْعًا كَالشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ وَالْأَخْبَارِ فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَصْلِ قَطْعًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بَلْ كَانَ سَنَدُهُ الْعُرْفَ أَوْ الْقَرَائِنَ أَوْ غَلَبَةَ الظَّنِّ فَهَذِهِ يَتَفَاوَتُ أَمْرُهَا فَتَارَةً يُعْمَلُ بِالظَّاهِرِ وَتَارَةً يَخْرُجُ خِلَافٌ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ مَا قَطَعُوا فِيهِ بِالظَّاهِرِ كَالْبَيِّنَةِ فَإِنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَمَعَ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ الْمَالُ الْمَشْهُودُ بِهِ قَطْعًا وَمِنْهُ السَّيِّدُ فِي الدَّعْوَى فَإِنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمِلْكِ وَالظَّاهِرُ مِنْ الْيَدِ الْمِلْكُ وَهُوَ ثَابِتٌ بِالْإِجْمَاعِ الثَّانِي مَا فِيهِ خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ تَقْدِيمُ الظَّاهِرِ فَمِنْهُ لَوْ شَكَّ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي تَرْكِ فَرْضٍ مِنْهَا لَمْ يُؤَثِّرْ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ جَرَيَانُهَا عَلَى الصِّحَّةِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ عَدَمَ إتْيَانِهِ بِهِ وَكَذَا حُكْمُ غَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ كَالْوُضُوءِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَمِنْهُ اخْتِلَافُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ عَلَى الْأَظْهَرِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْعُقُودِ الْجَارِيَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ الصِّحَّةُ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ عَدَمَهَا وَمِنْهَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَقْصِدْ تَأْكِيدًا وَلَا اسْتِئْنَافًا بَلْ أَطْلَقَ فَالْأَظْهَرُ يَقَعُ ثَلَاثٌ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْإِيقَاعِ لِلَّفْظِ الْأَوَّلِ وَلِهَذَا يُقَالُ إذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ التَّأْسِيسِ أَوْلَى وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى الْحَمْلِ عَلَى الظَّاهِرِ وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ أَنَّ الْأَصْلَ الْمُتَيَقَّنَ عَدَمُ ذَلِكَ الثَّالِثُ مَا قَطَعُوا فِيهِ بِالْأَصْلِ وَإِلْغَاءِ الْقَرَائِنِ الظَّاهِرَةِ فَمِنْهُ لَوْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ أَوْ ظَنَّهُ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى تَيَقُّنِ الطَّهَارَةِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ فِي رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الْأَكْلُ حَتَّى تَيَقُّنِ طُلُوعِهِ وَمِنْهُ لَوْ اخْتَلَطَ الْحَرَامُ بِالْحَلَالِ فَكَانَ الْحَرَامُ مَغْمُورًا كَمَا لَوْ اشْتَبَهَ مَحْرَمُهُ
(لِيَخْرُجَ بَوْلٌ وَقَعَ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ فَوُجِدَ مُتَغَيِّرًا وَاحْتُمِلَ كَوْنُ التَّغْيِيرِ بِهِ) وَكَوْنُهُ بِغَيْرِهِ مِمَّا لَا يَضُرُّ كَطُولِ الْمُكْثِ فَإِنَّ اسْتِصْحَابَ طَهَارَةِ الْأَصْلِ عَارَضَهُ نَجَاسَتُهُ الظَّاهِرَةُ الْغَالِبَةُ ذَاتُ السَّبَبِ فَقُدِّمَتْ عَلَى الطَّهَارَةِ عَلَى قَوْلِ اعْتِبَارِ الظَّاهِرِ كَمَا تُقَدَّمُ الطَّهَارَةُ عَلَى قَوْلِ اعْتِبَارِ الْأَصْلِ (وَالْحَقُّ) التَّفْصِيلُ أَيْ (سُقُوطُ الْأَصْلِ إنْ قَرُبَ الْعَهْدُ) بِعَدَمِ تَغَيُّرِهِ (وَاعْتِمَادُهُ إنْ بَعُدَ) الْعَهْدُ بِعَدَمِ تَغَيُّرِهِ (وَلَا يُحْتَجُّ بِاسْتِصْحَابٍ
ــ
[حاشية العطار]
بِنِسْوَةِ قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ فَإِنَّ لَهُ نِكَاحَ مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ فَإِنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ.
وَمِثْلُهُ لَوْ اشْتَبَهَتْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّاةِ بَلَدٍ أَوْ إنَاءُ بَوْلٍ بِأَوَانِي بَلَدٍ فَلَهُ أَخْذُ بَعْضِهَا بِالِاجْتِهَادِ قَطْعًا وَإِلَى أَيِّ حَدٍّ يَنْتَهِي وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا إلَى أَنْ يَبْقَى وَاحِدٌ وَمِنْهُ مَا لَوْ زَوَّجَ الْأَبُ ابْنَتَهُ مُعْتَقِدًا بَكَارَتَهَا فَشَهِدَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ بِثُيُوبَتِهَا عِنْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَبْطُلْ لِجَوَازِ إزَالَتِهَا بِأُصْبُعٍ أَوْ ظُفْرٍ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَيْ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ الْبَكَارَةُ الرَّابِعُ مَا فِيهِ خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ تَقْدِيمُ الْأَصْلِ فَمِنْهُ لَوْ أَدْخَلَ الْكَلْبُ رَأْسَهُ فِي الْإِنَاءِ وَشَكَّ هَلْ وَلَغَ فِيهِ أَمْ لَا وَأَخْرَجَهُ وَفَمُهُ رَطْبٌ فَإِنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِتَنَجُّسِ الْمَاءِ فِي الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُلُوغِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الرُّطُوبَةَ الَّتِي عَلَى فَمِهِ نَكَادُ نَقْطَعُ بِكَوْنِهَا مِنْ الْمَاءِ وَلَعَلَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا شَكَّ فِي أَنَّ الرُّطُوبَةَ الَّتِي عَلَى فَمِ الْكَلْبِ مِنْ أَيْنَ حَصَلَتْ كَمَا إذَا شَاهَدْنَا رَأْسَهُ فِي الْمَاءِ وَأَخْرَجَهُ وَعَلَى فَمِهِ رُطُوبَةٌ وَأَمَّا لَوْ شَاهَدْنَا فَمَهُ يَابِسًا وَأَدْخَلَ رَأْسَهُ فِي الْإِنَاءِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ رَطْبًا أَوْ أَدْخَلَ وَسَمِعْنَاهُ يَلَغُ فِي الْإِنَاءِ فَلَا وَجْهَ إلَّا الْقَطْعُ بِالنَّجَاسَةِ وَمِنْهَا مَا لَوْ شَكَّ فِي صَلَاةِ يَوْمٍ مِنْ الْأَيَّامِ الْمَاضِيَةِ هَلْ صَلَّاهَا أَمْ لَا قَالَ الرُّويَانِيُّ إنْ كَانَ مَعَ بُعْدِ الزَّمَانِ لَمْ يُعِدْ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى ضَبْطِ مَا يَقَعُ مِنْهُ فِي الْمَاضِي وَيَغِيبُ عَلَيْهِ تَذَكُّرُهُ وَإِنْ كَانَ مَعَ قُرْبِ الزَّمَانِ كَمَنْ شَكَّ فِي آخِرِ الْأُسْبُوعِ فِي صَلَاةِ يَوْمٍ مِنْ أَوَّلِهِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ عَلَى مَنْ كَانَتْ عَادَتُهُ مُوَاظَبَةَ الصَّلَاةِ أَمَّا مَنْ اعْتَادَ تَرْكَهَا أَوْ بَعْضَهَا فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ وَهَذَا مُتَعَيَّنٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَمِنْهَا ثِيَابُ مُدْمِنِي النَّجَاسَةِ وَطِينُ الشَّارِعِ الَّذِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ اخْتِلَاطُهُ بِالنَّجَاسَةِ وَالْمَقَابِرُ الَّتِي يَغْلِبُ نَبْشُهَا وَالْأَصَحُّ الطَّهَارَةُ وَلِطِينِ الشَّارِعِ أُصُولٌ يُبْنَى عَلَيْهَا مَا ذُكِرَ مِنْ تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ ثَانِيهَا طَهَارَةُ الْأَرْضِ بِالْجَفَافِ وَالرِّيحِ وَالشَّمْسِ عَلَى الْقَدِيمِ ثَالِثُهَا طَهَارَةُ النَّجَاسَةِ بِالِاسْتِحَالَةِ إذَا اُسْتُهْلِكَتْ فِيهَا عَيْنُ النَّجَاسَةِ وَصَارَتْ طِينًا.
وَأَمَّا الَّذِي يُظَنُّ نَجَاسَتُهُ وَلَا نَتَيَقَّنُ طَهَارَتَهُ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ إنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَخَالَفَهُمَا النَّوَوِيُّ فَقَالَ الْمُخْتَارُ الْجَزْمُ بِطَهَارَتِهِ وَمِنْهَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي وَلَدِ الْأَمَةِ الْمَبِيعَةِ فَقَالَ الْبَائِعُ وَضَعَتْهُ قَبْلَ الْعَقْدِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ بَعْدَهُ قَالَ الْإِمَامُ فِي آخِرِ النِّهَايَةِ كَتَبَ الْحَلِيمِيُّ إلَى الشَّيْخِ أَبِي زَيْدٍ يَسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ.
فَأَجَابَ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِهِ وَحَكَى الدَّارِمِيُّ فِيهَا وَجْهَيْنِ وَإِذَا تَعَارَضَ أَصْلَانِ يَخْرُجُ فِيهِ قَوْلَانِ فِي كُلِّ صُورَةٍ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يُؤْخَذُ بِالْأَحْوَطِ وَقَدْ يَتَعَارَضَانِ وَيُعْمَلُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا كَالْعَبْدِ الْمُنْقَطِعِ الْخَبَرِ تَجِبُ فِطْرَتُهُ مَعَ أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْأَصْلَ شَغْلُ الذِّمَّةِ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِيَقِينٍ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْحَيَاةِ فَتَجِبُ فِطْرَتُهُ وَإِذَا تَعَارَضَ الْحَظْرُ وَالْإِبَاحَةُ يُقَدَّمُ الْحَظْرُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَوَلَّدَ الْحَيَوَانُ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ حَرُمَ أَكْلُهُ أَوْ بَيْنَ كَلْبٍ وَغَيْرِهِ وَجَبَ التَّعْفِيرُ اهـ. مُلَخَّصًا.
(قَوْلُهُ: لِيَخْرُجَ بَوْلٌ) أَيْ اسْتِصْحَابُ طَهَارَةِ الْمَاءِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَعْنِي حَالَةَ مُعَارَضَةِ الظَّاهِرِ الْغَالِبِ ذِي السَّبَبِ كَالتَّنْجِيسِ فِي الْمِثَالِ عَنْ الِاعْتِبَارِ وَالْحُجِّيَّةِ أَوْ لِيَخْرُجَ تَنْجِيسُ الْبَوْلِ الَّذِي هُوَ ظَاهِرٌ غَالِبٌ ذُو سَبَبٍ عَنْ عَدَمِ الْمُعَارَضَةِ لِلِاسْتِصْحَابِ فَيَكُونُ مُعَارِضًا لَهُ.
(قَوْلُهُ: الْأَصْلِ) بَدَلٌ مِنْ طَهَارَتِهِ (قَوْلُهُ: عَارَضَهُ نَجَاسَتُهُ الظَّاهِرَةُ الْغَالِبَةُ) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي غَلَبَةِ نَجَاسَةِ الْمَاءِ الْكَثِيرِ بِوُقُوعِ الْبَوْلِ فِيهِ فَإِنَّ نَجَاسَتَهُ بِسَبَبِ تَغَيُّرِهِ وَقَدْ تُمْنَعُ غَلَبَةُ تَغَيُّرِهِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَالْحَقُّ التَّفْصِيلُ) أَيْ فِي صُورَةِ الْبَوْلِ وَكَتَبَ سم بِهَامِشِ الْكَمَالِ هَذَا التَّفْصِيلَ: الْمَعْنَى الَّذِي قَرَّرَهُ الشَّارِحُ خِلَافُ مَا فِي الْفُرُوعِ فَإِنَّ الَّذِي فِيهَا اعْتِبَارُ مَا بَعْدَ وُقُوعِ النَّجَاسَةِ لَا مَا قَبْلَهَا وَكَانَ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
حَالَ الْإِجْمَاعِ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ) أَيْ إذَا أُجْمِعَ عَلَى حُكْمٍ فِي حَالٍ وَاخْتُلِفَ فِيهِ فِي حَالٍ أُخْرَى فَلَا يُحْتَجُّ بِاسْتِصْحَابِ تِلْكَ الْحَالَةِ فِي هَذِهِ (خِلَافًا لِلْمُزَنِيِّ وَالصَّيْرَفِيِّ وَابْنِ سُرَيْجٍ وَالْآمِدِيِّ) فِي قَوْلِهِمْ يُحْتَجُّ بِذَلِكَ مِثَالُهُ الْخَارِجُ النَّجِسُ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ عِنْدَنَا اسْتِصْحَابًا لِمَا قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ نَقَائِهِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ (فَعُرِفَ) مِمَّا ذُكِرَ (أَنَّ الِاسْتِصْحَابَ) الَّذِي قُلْنَا بِهِ دُونَ الْحَنَفِيَّةِ وَيَنْصَرِفُ الِاسْمُ إلَيْهِ (ثُبُوتُ أَمْرٍ فِي) الزَّمَنِ (الثَّانِي لِثُبُوتِهِ فِي الْأَوَّلِ لِفُقْدَانِ مَا يَصْلُحُ لِلتَّغْيِيرِ) مِنْ الْأَوَّلِ إلَى الثَّانِي فَلَا زَكَاةَ عِنْدَنَا فِيمَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا نَاقِصَةً تَرُوجُ رَوَاجَ الْكَامِلَةِ بِالِاسْتِصْحَابِ (أَمَّا ثُبُوتُهُ) أَيْ الْأَمْرِ (فِي الْأَوَّلِ لِثُبُوتِهِ فِي الثَّانِي فَمَقْلُوبٌ) كَأَنْ يُقَالَ فِي الْمِكْيَالِ الْمَوْجُودِ الْآنَ كَانَ عَلَى عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ فِي الْمَاضِي (وَقَدْ قَالَ فِيهِ) أَيْ الِاسْتِصْحَابِ الْمَقْلُوبِ لِيَظْهَرَ الِاسْتِدْلَال بِهِ (لَوْ لَمْ يَكُنْ الثَّابِتُ الْيَوْمَ ثَابِتًا أَمْسِ
ــ
[حاشية العطار]
عَلَى مَا فِي الْفُرُوعِ بِأَنْ يُرَادَ قُرْبُ الْعَهْدِ بِالتَّغَيُّرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوُقُوعِ أَيْ إنْ قَرُبَ الْعِلْمُ بِالتَّغَيُّرِ مِنْ وُقُوعِ النَّجَاسَةِ وَإِنْ بَعُدَ الْعِلْمُ بِذَلِكَ مِنْ وُقُوعِهَا فَتَأَمَّلْ اهـ.
وَفِي قَوَاعِدِ الزَّرْكَشِيّ وَمِنْهُ أَيْ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ الْأَنْوَاعِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا سَابِقًا وَهُوَ مَا فِيهِ خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ تَقْدِيمُ الظَّاهِرِ رَأَى حَيَوَانًا يَبُولُ فِي مَاءٍ ثُمَّ جَاءَ فَوَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِنَجَاسَتِهِ وَإِنْ احْتَمَلَ تَغَيُّرُهُ بِغَيْرِ مُكْثٍ أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ نَصَّ عَلَيْهِ فَأَسْنَدَ التَّغَيُّرَ إلَيْهِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَتُهُ لَكِنَّهُ بَعْدَ التَّغَيُّرِ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ لِلْمُكْثِ وَأَنْ يَكُونَ بِذَلِكَ الْبَوْلِ وَإِحَالَتُهُ عَلَى الْبَوْلِ الْمُتَيَقَّنِ أَوْلَى مِنْ إحَالَتِهِ عَلَى طُولِ الْمُكْثِ فَإِنَّهُ مَظْنُونٌ فَقَدَّمَ الطَّهَارَةَ عَلَى الْأَصْلِ وَقِيلَ إنْ كَانَ عَهْدُهُ عَنْ قُرْبٍ غَيْرِ مُتَعَيَّنٍ فَنَجِسٌ وَإِلَّا فَطَاهِرٌ وَلَوْ ذَهَبَ إلَيْهِ عَقِبَ الْبَوْلِ فَلَمْ يَجِدْهُ مُتَغَيِّرًا ثُمَّ عَادَ فِي زَمَنٍ آخَرَ فَوَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا قَالَ الْأَصْحَابُ لَا يَحْكُمُ بِنَجَاسَتِهِ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ يَحْكُمُ اهـ.
(قَوْلُهُ: حَالَ الْإِجْمَاعِ) أَيْ الصُّورَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْإِجْمَاعُ أَيْ اسْتِصْحَابُ حُكْمِ مَحَلِّ الْإِجْمَاعِ فَفِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ (قَوْلُهُ: أَيْ إذَا أُجْمِعَ عَلَى حُكْمٍ) أَيْ كَعَدَمِ نَقْضِ الْخَارِجِ النَّجِسِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ قَبْلَ خُرُوجِهِ وَاخْتُلِفَ فِيهِ أَيْ فِي ذَلِكَ فِي حَالٍ أُخْرَى كَبَعْدِ خُرُوجِهِ فَلَا يُحْتَجُّ بِاسْتِصْحَابِ ذَلِكَ الْحَالِ أَيْ فِي حُكْمِهِمَا (قَوْلُهُ: وَفِي هَذِهِ) هِيَ الْحَالُ الْمُخْتَلَفُ فِيهَا (قَوْلُهُ: اسْتِصْحَابًا إلَخْ) أَيْ فَهَذَا الِاسْتِصْحَابُ يَصْلُحُ حُجَّةً عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَحُجَّةً عِنْدَ الْمُزَنِيّ وَمَنْ بَعْدَهُ لَا يُقَالُ يَرِدُ هَذَا فِي خُرُوجِ الْأَخْبَثَيْنِ لِأَنَّ الْحُكْمَ مُعَلَّلٌ بِالْخُرُوجِ وَهُوَ يَدُورُ مَعَ الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ: مَعَ بَقَائِهِ) بَيَانٌ لِمَا وَالضَّمِيرُ لِلْوُضُوءِ وَقَوْلُهُ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ نَعْتُ بَقَائِهِ (قَوْلُهُ: فَعُرِفَ إلَخْ) وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا عَزَا حُجِّيَّةَ الِاسْتِصْحَابِ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ إلَى عُلَمَائِنَا مَعَ اشْتِهَارِ مُخَالَفَةِ الْحَنَفِيَّةِ لَهُمْ فِي حُجِّيَّةِ الِاسْتِصْحَابِ فُهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَهُوَ ثُبُوتُ إلَخْ اهـ. سم (قَوْلُهُ: ثُبُوتُ أَمْرٍ لِأَمْرٍ) يَشْمَلُ جَمِيعَ الْأَنْوَاعِ الَّتِي قَدَّمَهَا فَكُلُّهَا مَحَلُّ خِلَافٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُخَالِفِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُهَا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ عِنْدَنَا اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: لِفُقْدَانِ) اللَّامُ فِيهِ بِمَعْنَى عِنْدَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} [الفجر: 24](قَوْلُهُ: مِنْ الْأَوَّلِ) مُتَعَلِّقٌ بِفُقْدَانِ أَيْ فُقْدَانِهِ فُقْدَانًا مُسْتَمِرًّا مِنْ الزَّمَنِ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي (قَوْلُهُ: بِالِاسْتِصْحَابِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَلَا زَكَاةَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَيْ نَفْيُ الزَّكَاةِ عَمَّا ذُكِرَ ثَابِتُ الِاسْتِصْحَابِ فَيُسْتَصْحَبُ عَدَمُ الزَّكَاةِ الثَّابِتُ قَبْلَ الْحَوْلِ فِيمَا بَعْدَ الْحَوْلِ (قَوْلُهُ: كَانَ عَلَى عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم) وَالدَّلِيلُ كَوْنُهُ مُسْتَعْمَلًا الْآنَ وَوَاقِعًا فَاسْتَدَلَّ عَلَى ثُبُوتِهِ فِي الْأَوَّلِ وَهُوَ عَهْدُهُ صلى الله عليه وسلم بِثُبُوتِهِ فِي الثَّانِي وَهَذَا هُوَ الزَّمَانُ الَّذِي بَعْدَهُ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ) أَيْ الْمَوْجُودِ الْآنَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ خَالِدٌ وَلَمَّا كَانَ الِاسْتِدْلَال بِالِاسْتِصْحَابِ الْمَقْلُوبِ خَفِيًّا أَشَارَ لِطَرِيقٍ يُرْجَعُ فِيهَا إلَى الِاسْتِصْحَابِ الْمُسْتَقِيمِ لِيَظْهَرَ