الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَعْنًى (وَهُوَ مَوْجُودٌ) كَمَدْلُولِ لَفْظِ الْهَذَيَانِ (خِلَافًا لِلْإِمَامِ) الرَّازِيّ فِي نَفْيِهِ وُجُودَهُ قَائِلًا: التَّرْكِيبُ إمَّا يُصَارُ إلَيْهِ لِلْإِفَادَةِ فَحَيْثُ انْتَفَتْ انْتَفَى فَمَرْجِعُ خِلَافِهِ إلَى أَنَّ مِثْلَ مَا ذُكِرَ لَا يُسَمَّى مُرَكَّبًا (وَلَيْسَ مَوْضُوعًا) اتِّفَاقًا (وَإِمَّا مُسْتَعْمَلٌ) بِأَنْ يَكُونَ لَهُ مَعْنًى (وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ) أَيْ بِالنَّوْعِ، وَقِيلَ: لَا وَالْمَوْضُوعُ مُفْرَدَاتُهُ، وَلِلتَّعْبِيرِ عَنْهُ بِالْكَلَامِ قَالَ (وَالْكَلَامُ مَا تَضَمَّنَ مِنْ الْكَلِمِ) أَيْ كَلِمَتَانِ فَصَاعِدًا تَضَمَّنَتَا
ــ
[حاشية العطار]
[الْكَلَامُ فِي الْأَخْبَارِ]
قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَعْنًى) عَدَلَ عَنْ أَنْ يَقُولَ بِأَنْ لَا يُوضَعَ لِمَعْنًى لِئَلَّا يَدْخُلَ فِيهِ الْكَلَامُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ دَلَالَتَهُ عَقْلِيَّةٌ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يُوضَعْ (قَوْلُهُ: كَمَدْلُولِ لَفْظِ الْهَذَيَانِ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ إنْ أُرِيدَ بِهِ مَا لَا مَعْنَى لَهُ مِنْ الْمُرَكَّبَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا مُهْمَلٌ إلَّا وَهُوَ هَذَيَانٌ وَلِلْإِدْخَالِ إنْ أُرِيدَ بِهِ خُصُوصُ مَا يَحْصُلُ مِنْ نَحْوِ الْمَرِيضِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْهَذَيَانَ قَاصِرٌ عَلَى الْمُرَكَّبِ فَالْمُفْرَدُ لَا يُوصَفُ بِالْإِهْمَالِ، وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ كَمَدْلُولِ مَاصَدَقَاتِ لَفْظِ الْهَذَيَانِ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِوُجُودِ الْكُلِّيِّ فِي مَاصَدَقَاتِهِ، أَوْ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَدْلُولِ الْمَاصَدَقَاتُ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ اللَّفْظِ) وَإِلَّا فَالْمُرَكَّبُ أَعَمُّ (قَوْلُهُ: فِي نَفْيِهِ) أَيْ نَفْيِ وُجُودِهِ مُسَمًّى بِهَذَا الِاسْمِ؛ لِأَنَّ التَّرْكِيبَ عِنْدَهُ ضَمُّ لَفْظٍ لِآخَرَ لِلْإِفَادَةِ، وَإِلَّا فَوُجُودُهُ لَا يُمْكِنُ إنْكَارُهُ لِوُجُودِ لَفْظٍ مَضْمُومٍ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ لَا مَعْنَى لَهُ (قَوْلُهُ: فَحَيْثُ انْتَفَتْ انْتَفَى) أَيْ انْتَفَى تَسْمِيَتُهُ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَمَرْجِعُ خِلَافِهِ إلَخْ) لَا يَتَفَرَّعُ إلَى مَا قَبْلَهُ فَإِنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ الْخِلَافُ فِي الْوُجُودِ لَا فِي التَّسْمِيَةِ، وَلَوْ حُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي اللُّغَةِ، وَالْقَائِلُ بِوُجُودِهِ فِي غَيْرِ اللُّغَةِ، وَكَانَ الْخِلَافُ بِهَذَا لَفْظِيًّا كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: لَا يُسَمَّى مُرَكَّبًا) أَيْ وَلَا مُفْرَدًا (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مَوْضُوعًا إلَخْ) لَوْ قَابَلَ الْمُهْمَلَ بِالْمَوْضُوعِ لَاسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ: وَلَيْسَ عَنْ قَوْلِهِ مَوْضُوعًا وَقَالَ الْكَمَالُ: لَا فَائِدَةَ لِلتَّصْرِيحِ بِهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْمُهْمَلِ تَضَمُّنُهُ؛ إذْ الْمُهْمَلُ مَا لَمْ يُوضَعْ لِمَعْنًى فَيَئُولُ الْكَلَامُ إلَى الْحُكْمِ بِأَنَّ غَيْرَ الْمَوْضُوعِ لِمَعْنًى غَيْرُ مَوْضُوعٍ لِمَعْنًى، وَلَا فَائِدَةَ لَهُ، لَا يُقَالُ: صَرَّحَ بِهِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَوْدِ الضَّمِيرِ فِي أَنَّهُ عَلَى الْمُرَكَّبِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: تَصَوُّرُ مَعْنَى الْمُهْمَلِ يَدْفَعُ هَذَا التَّوَهُّمَ، وَيُغَيِّرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُسْتَعْمَلُ اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَرِّفْهُ بِأَنَّهُ غَيْرُ الْمَوْضُوعِ بَلْ بِمَا لَمْ يَدُلَّ عَلَى مَعْنًى، وَالْمَفْهُومَانِ مُتَغَايِرَانِ ثُمَّ إذَا كَانَ الْمُهْمَلُ غَيْرَ مَوْضُوعٍ اتِّفَاقًا كَانَ إطْلَاقُهُ مُرَادًا بِهِ نَفْسَهُ نَحْوَ جسق مُهْمَلٌ لَيْسَ بِحَقِيقَةٍ وَلَا مَجَازٍ إذْ لَمْ يُوضَعْ لِنَفْسِهِ وَالِاسْتِعْمَالُ تَابِعٌ لِلْوَضْعِ بَلْ الْوَضْعُ نَفْسُهُ كَالْعَدَمِ فَالِاسْتِعْمَالُ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ كَذَلِكَ وَوَضْعُ الْأَلْفَاظِ لِأَنْفُسِهَا بِتَبَعِيَّةِ وَضْعِهَا لِمَعَانِيهَا فِيهِ كَلَامٌ بَسَطْنَاهُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْعِصَامِ عَلَى الرِّسَالَةِ الْوَضْعِيَّةِ (قَوْلُهُ: بِالنَّوْعِ) أَيْ بِالْأَمْرِ الْكُلِّيِّ دُونَ الْأَفْرَادِ كَمَا فِي الْوَضْعِ الشَّخْصِيِّ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ وَضْعٌ لِفَرْدٍ مِنْ نَوْعِهِ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ وَبَسَطَ هَذَا الْمَقَامَ وَيُؤْخَذُ مِمَّا كَتَبْنَاهُ عَلَى شَرْحِ الْعِصَامِ لِلْوَضْعِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلِلتَّعْبِيرِ عَنْهُ بِالْكَلَامِ إلَخْ) الْأَوْلَى فِي الْمُنَاسَبَةِ وَلَكِنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْبَحْثِ بِالْقَصْدِ الْأَوْلَى الْخَبَرُ الَّذِي هُوَ أَحَدُ أَقْسَامِ الْكَلَامِ إلَخْ وَإِلَّا فَالْمُرَكَّبُ أَعَمُّ مِنْ الْكَلَامِ فَإِنَّ الْكَلَامَ خَاصٌّ بِالْمُرَكَّبِ التَّامِّ، وَالْمُرَكَّبُ الْمُسْتَعْمَلُ يَعُمُّ التَّامَّ وَالنَّاقِصَ (قَوْلُهُ فَصَاعِدًا) ادَّعَى الْكُورَانِيُّ أَنَّهُ لَا يَتَرَكَّبُ إلَّا مِنْ كَلِمَتَيْنِ فَقَطْ وَهُمَا طَرَفَا الْإِسْنَادِ وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ الْمَفْعُولَ وَفَضَلَاتِ الْجُمْلَةِ مِنْهَا أَقَوْلُ: وَالْمَسْأَلَةُ خِلَافِيَّةٌ مُسْتَقْصَاةٌ فِي كُتُبِ النَّحْوِ
(إسْنَادًا مُفِيدًا مَقْصُودًا لِذَاتِهِ) فَخَرَجَ غَيْرُ الْمُفِيدِ نَحْوُ رَجُلٌ يَتَكَلَّمُ بِخِلَافِ تَكَلَّمَ رَجُلٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ بَيَانًا بَعْدَ إبْهَامٍ، وَغَيْرُ الْمَقْصُودِ كَالصَّادِرِ مِنْ النَّائِمِ، وَالْمَقْصُودُ لِغَيْرِهِ كَصِلَةِ الْمَوْصُولِ نَحْوُ جَاءَ الَّذِي قَامَ أَبُوهُ فَإِنَّهَا مُفِيدَةٌ بِالضَّمِّ إلَيْهِ مَقْصُودَةٌ لِإِيضَاحِ مَعْنَاهُ وَلِإِطْلَاقِ الْكَلَامِ عَلَى النَّفْسَانِيِّ كَاللِّسَانِيِّ، وَالِاخْتِلَافُ فِي أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي مَاذَا قَالَ حَاكِيًا لَهُ (وَقَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ إنَّهُ) أَيْ الْكَلَامَ (حَقِيقَةٌ فِي اللِّسَانِيِّ) وَهُوَ الْمَحْدُودُ بِمَا تَقَدَّمَ لِتَبَادُرِهِ إلَى الْأَذْهَانِ دُونَ النَّفْسَانِيِّ الَّذِي أَثْبَتَتْهُ الْأَشَاعِرَةُ دُونَ الْمُعْتَزِلَةِ (وَقَالَ الْأَشْعَرِيُّ مَرَّةً) إنَّهُ حَقِيقَةٌ (فِي النَّفْسَانِيِّ) وَهُوَ الْمَعْنَى الْقَائِمُ بِالنَّفْسِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِمَا صَدَقَاتِ اللِّسَانِيِّ مَجَازٌ فِي اللِّسَانِيِّ (وَهُوَ الْمُخْتَارُ) قَالَ الْأَخْطَلُ:
إنَّ الْكَلَامَ لَفِي الْفُؤَادِ وَإِنَّمَا
…
جُعِلَ اللِّسَانُ عَلَى الْفُؤَادِ دَلِيلَا
(وَمَرَّةً) إنَّهُ (مُشْتَرَكٌ) بَيْنَ اللِّسَانِيِّ وَالنَّفْسَانِيِّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِطْلَاقِ الْحَقِيقَةُ قَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ: وَعَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مِنَّا
وَيُجَابُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ عَنْ تَبَادُرِ اللِّسَانِيِّ بِأَنَّهُ قَدْ يَكْثُرُ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي مَعْنَاهُ الْمَجَازِيِّ، أَوْ فِي أَحَدِ مَعْنَيَيْهِ الْحَقِيقَيْنِ فَيَتَبَادَرُ إلَى الْأَذْهَانِ، وَالنَّفْسَانِيُّ مَنْسُوبٌ إلَى النَّفْسِ، وَنُونٌ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْعَظَمَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ شَعْرَانِيٌّ لِلْعَظِيمِ الشِّعْرِ (وَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ الْأُصُولِيُّ فِي اللِّسَانِيِّ)
ــ
[حاشية العطار]
قَوْلُهُ: إسْنَادًا مُفِيدًا) أَيْ بِالْفِعْلِ عَلَى اشْتِرَاطِ تَجَدُّدِ الْفَائِدَةِ أَوْ مَا كَانَ الشَّأْنُ فِيهِ الْإِفَادَةَ عَلَى مُقَابِلِهِ (قَوْلُهُ: نَحْوُ رَجُلٌ يَتَكَلَّمُ) لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَى النَّكِرَةِ لَا يُفِيدُ؛ إذْ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا وَيَكْفِي فِي الْمَحْكُومِ لَهُ الشُّعُورُ بِوَجْهٍ مَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِيهِ بَيَانًا بَعْدَ إيهَامٍ) ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيمِ الْفِعْلِ تَشَوَّقَتْ النَّفْسُ إلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَشَعَرَتْ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ فَفِي ذِكْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَائِدَةٌ بِخِلَافِ الْمُبْتَدَأِ
(قَوْلُهُ: مَقْصُودَةُ لِإِيضَاحِهِ) أَيْ لَا لِذَاتِهَا وَكَذَا جُمْلَةُ الْقَسَمِ فَإِنَّهَا مَقْصُودَةٌ لِتَأْكِيدِ الْجَوَابِ وَكَذَلِكَ جُمْلَةُ الشَّرْطِ فَإِنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا تَقْيِيدُ الْجَوَابِ كَذَا قِيلَ وَرَدَّهُ السَّيِّدُ الشَّرِيفُ بِأَنَّ الْفَائِدَةَ الْمَقْصُودَةَ التَّعْلِيقُ، وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِمَجْمُوعِ الشَّرْطِ وَالْجَوَابِ فَالْحَقُّ أَنَّ الْكَلَامَ هُوَ الْمَجْمُوعُ (قَوْلُهُ: فِي أَنَّهُ) أَيْ الْكَلَامَ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِي الْكَلَامِ لُغَةٌ فَلَا يُنَافِي أَنَّ النَّحْوِيِّينَ اصْطَلَحُوا عَلَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي اللِّسَانِيِّ وَهُمْ لَا يُقَالُ لَهُمْ مُعْتَزِلَةٌ (قَوْلُهُ: حَقِيقَةٌ فِي مَاذَا) فِيهِ إخْرَاجُ مَا عَنْ الصَّدَارَةِ مَعَ أَنَّ الِاسْتِفْهَامَ لَا يَعْمَلُ فِيهِ مَا قَبْلَهُ، وَلَكِنَّ الْمُخْتَارَ عِنْدَ ابْنِ مَالِكٍ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَغَيْرِهَا مِنْ أَدَوَاتِ الِاسْتِفْهَامِ فِي اسْتِحْقَاقِ الصَّدَارَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَحْدُودُ بِمَا تَقَدَّمَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ اللِّسَانِيَّ مَخْصُوصٌ لُغَةً بِمَا تَقَدَّمَ لَكِنْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: إنَّ الْكَلَامَ لُغَةً مَا تُكُلِّمَ بِهِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ مِنْ أَفْرَادِهِ الْمَحْدُودَ بِمَا تَقَدَّمَ أَوْ يَكُونَ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ قَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ (قَوْلُهُ: دُونَ الْمُعْتَزِلَةِ) فَإِنَّهُمْ لَا يُثْبِتُونَهُ حَقِيقَةً وَيَرُدُّونَهُ إلَى الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِمَا صَدَقَاتِ اللِّسَانِيِّ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْكَلَامَ النَّفْسِيَّ هُوَ ثُبُوتُ النِّسْبَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ قَضَايَا كُلِّيَّةٌ مُشَابِهَةٌ لِلْقَضَايَا اللَّفْظِيَّةِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَخْطَلُ إلَخْ) قِيلَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ: وَإِنَّمَا جُعِلَ اللِّسَانُ إلَخْ مَا يُوجِبُ أَنَّ اسْمَ الْكَلَامِ عِنْدَهُمْ مَجَازٌ فِي اللَّفْظِيِّ؛ إذْ اللَّفْظِيُّ يَتَبَادَرُ عِنْدَ إطْلَاقِ الْكَلَامِ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ اللَّفْظِيِّ دَلِيلًا عَلَى النَّفْسِيِّ أَنْ يَكُونَ إطْلَاقُ الْكَلَامِ عَلَى اللَّفْظِيِّ مَجَازًا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ مِنْ قَوْلِ الْأَخْطَلِ عَلَى الْحَصْرِ هُوَ قَوْلُهُ: إنَّ الْكَلَامَ لَفِي الْفُؤَادِ فَهُوَ مَحَلُّ الشَّاهِدِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِطْلَاقِ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: مِنَّا) أَيْ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُجَابُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مُطْلَقَ التَّبَادُرِ لَيْسَ عَلَامَةَ الْحَقِيقَةِ بَلْ عَلَامَتُهَا التَّبَادُرُ الْحَاصِلُ بِالصِّيغَةِ، وَإِلَّا لَانْتَقَضَ بِالْحَاصِلِ بِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ فِي الْمَجَازِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَقِيقَةٍ وَفِي أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ الْحَقِيقَةُ مَعَ أَنَّ الْحَقِيقَةَ فِيهِ لَمْ تُعْرَفْ بِهِ
لِأَنَّ بَحْثَهُ فِيهِ لَا فِي الْمَعْنَى النَّفْسِيِّ (فَإِنْ أَفَادَ) أَيْ مَا صَدَقَ اللِّسَانِيِّ (بِالْوَضْعِ طَلَبًا فَطَلَبُ ذِكْرِ الْمَاهِيَّةِ) أَيْ اللَّفْظِ الْمُفِيدِ لِطَلَبِ ذَلِكَ (اسْتِفْهَامٌ) نَحْوُ مَا هَذَا (وَ) طَلَبُ (تَحْصِيلِهَا أَوْ تَحْصِيلِ طَلَبِ الْكَفِّ عَنْهَا) أَيْ اللَّفْظِ الْمُفِيدِ لِذَلِكَ (أَمْرٌ وَنَهْيٌ) نَحْوُ قُمْ وَلَا تَقْعُدْ (وَلَوْ) كَانَ طَلَبُ تَحْصِيلِ مَا ذُكِرَ (مِنْ مُلْتَمِسٍ) أَيْ مُسَاوٍ لِلْمَطْلُوبِ مِنْهُ رُتْبَةً (وَسَائِلٍ) أَيْ دُونَ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ رُتْبَةً، فَإِنَّ اللَّفْظِ الْمُفِيدَ لِذَلِكَ مِنْهُمَا يُسَمَّى أَمْرًا وَنَهْيًا، وَقِيلَ: لَا بَلْ يُسَمَّى مِنْ الْأَوَّلِ الْتِمَاسًا وَمِنْ الثَّانِي سُؤَالًا وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى هَذَا الْخِلَافِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُفِدْ
ــ
[حاشية العطار]
بَلْ بِالْحَاصِلِ بِالصِّيغَةِ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ بَحْثَهُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُسْتَدَلُّ بِهِ فِي الْأَحْكَامِ وَفِيهِ تَعْلِيلُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْبَحْثَ هُوَ الْكَلَامُ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ مِنْ الْبَحْثِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَا صَدَقَاتِ اللِّسَانِيِّ) أَعَادَ الضَّمِيرَ إلَيْهِ دُونَ الْمُرَكَّبِ أَوْ الْكَلَامِ؛ لِأَنَّهُ الْمُقَسَّمُ مَعَ كَوْنِهِ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا التَّقْسِيمَ بِاعْتِبَارِ مَا صَدَقَاتِهِ دُونَ مَفْهُومِهِ (قَوْلُهُ: ذِكْرِ الْمَاهِيَّةِ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ ذِكْرَ عَوَارِضِهَا فَيَشْمَلُ الِاسْتِفْهَامَ عَنْ الْوَصْفِ وَعَنْ التَّعْيِينِ فَذُكِرَ بِضَمِّ الذَّالِ أَيْ عِلْمُهَا وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ اسْتِفْهَامٌ وَذَلِكَ نَحْوُ مَا الْإِنْسَانُ، أَوْ تَعْيِينُ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهَا نَحْوُ مَنْ عِنْدَك أَزَيْدٌ أَمْ عَمْرٌو أَوْ بَيَانُ حَالِ الْفَرْدِ نَحْوُ كَيْفَ زَيْدٌ أَوْ زَمَانِهِ نَحْوُ مَتَى السَّفَرُ أَوْ مَكَانِهِ نَحْوُ أَيْنَ زَيْدٌ أَوْ التَّصْدِيقِ بِهِ نَحْوُ هَلْ الْحَرَكَةُ الْمَوْجُودَةُ دَائِمًا، أَوْ وَصْفِهِ نَحْوُ هَلْ أَخْصَبَ الزَّرْعُ (قَوْلُهُ: وَطَلَبُ تَحْصِيلِهَا إلَخْ) فَإِنْ قُلْت: الْمَطْلُوبُ بِالِاسْتِفْهَامِ طَلَبُ ذِكْرِ الْمَاهِيَّةِ أَيْ طَلَبُ الْمُسْتَفْهِمِ مِنْ الْمُخَاطَبِ إفَادَتَهُ إيَّاهَا كَمَا قَالَ السَّيِّدُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الشَّمْسِيَّةِ: إنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الِاسْتِفْهَامِ هُوَ تَفْهِيمُ الْمُخَاطَبِ لِلْمُتَكَلِّمِ، وَالتَّفْهِيمُ فِعْلٌ بِلَا اشْتِبَاهٍ اهـ.
أَيْ فَلَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَهِّمْنِي وَعَلِّمْنِي فَرْقٌ؛ إذْ الْمَطْلُوبُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا تَفْهِيمُ الْمُتَكَلِّمِ، وَقَدْ أَجَابَ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الْحَكِيمِ فِي حَوَاشِي ذَلِكَ الشَّرْحِ بَعْدَ تَمْهِيدِ مُقَدِّمَةٍ ذَكَرَ فِيهَا الْفَرْقَ بَيْنَ الْوُجُودِ الظِّلِّيِّ وَالْوُجُودِ الْأَصْلِيِّ أَنَّ الْفَرْضَ فِي الِاسْتِفْهَامِ وُجُودُ النِّسْبَةِ الْمُسْتَفْهَمَةِ بِوُجُودٍ ظِلِّيٍّ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُسْتَلْزِمًا لِلِاتِّصَافِ بِصُورَتِهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَفْهِمَ لَيْسَ غَرَضُهُ مِنْ الْجُمْلَةِ الِاسْتِفْهَامِيَّة إلَّا أَنْ يُحَصِّلَ الْمُخَاطَبُ فِي ذِهْنِهِ تِلْكَ النِّسْبَةَ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا
وَالْفَرْضُ مِنْ الْأَمْرِ اتِّصَافُ الْفَاعِلِ بِالْحَدَثِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ جَوْهَرِهِ وَوُقُوعِهِ عَلَى الْمَفْعُولِ لَا حُصُولُ شَيْءٍ فِي الذِّهْنِ وَإِنْ كَانَ يَسْتَلْزِمُهُ فِي بَعْضِ الْأَوَامِرِ بِوَاسِطَةِ كَوْنِهِ أَثَرًا لِذَلِكَ الْحَدَثِ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ حُصُولُ شَيْءٍ فِي الذِّهْنِ كَمَا فِي فَهِّمْنِي، فَإِنَّ مَعْنَاهُ: أَطْلُبُ مِنْك تَفْهِيمًا وَاقِعًا عَلَيَّ كَمَا أَنَّ اضْرِبْنِي أَطْلُبُ مِنْك ضَرْبًا وَاقِعًا عَلَيَّ إلَّا أَنَّ التَّفْهِيمَ لَمَّا لَمْ يَتَحَقَّقْ إلَّا بِحُصُولِ شَيْءٍ فِي الذِّهْنِ اقْتَضَاهُ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ حُصُولُ شَيْءٍ فِي الذِّهْنِ بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَثَرُ التَّفْهِيمِ كَمَا أَنَّ حُصُولَ الضَّرْبِ اقْتَضَى حُصُولَ أَثَرِهِ فِي الْخَارِجِ، وَهُوَ الْأَلَمُ. فَحُصُولُ شَيْءٍ فِي الذِّهْنِ مَقْصُودُ الْمُتَكَلِّمِ وَغَرَضُهُ لَكِنْ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَثَرُ التَّفْهِيمِ قَالَ فَظَهَرَ لَك بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْفَرْقَ دَقِيقٌ يَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ صَادِقٍ غَفَلَ عَنْهُ الْقَاصِرُ وَحَسِبُوهُ هَيِّنًا اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ تَحْصِيلُ طَلَبِ الْكَفِّ) قَالَ سم يَرِدُ عَلَيْهِ اُكْفُفْ فَإِنَّهُ أَمْرٌ وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ حَدُّ النَّهْيِ وَهُوَ طَلَبُ تَحْصِيلِ الْكَفِّ عَنْهَا دُونَ حَدِّ الْأَمْرِ وَهُوَ طَلَبُ تَحْصِيلِهَا فَلَا يَكُونُ حَدُّ الْأَمْرِ جَامِعًا وَلَا حَدُّ النَّهْيِ مَانِعًا وَنَحْوُ يَا زَيْدُ فَإِنَّهُ يُفِيدُ طَلَبَ تَحْصِيلِ مَاهِيَّةِ الْإِقْبَالِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِأَمْرٍ وَلَا نَهْيٍ، وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْحُدُودَ الضِّمْنِيَّةَ الْمُسْتَفَادَةَ مِنْ التَّقْسِيمِ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهَا الْمُؤَاخَذَةُ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُمْ تَسَمَّحُوا فِي تَفْسِيرِ النِّدَاءِ بِطَلَبِ الْإِقْبَالِ، وَإِنَّمَا طَلَبُ الْإِقْبَالِ لَازِمٌ لِمَعْنَاهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ شَيْخُنَا الشَّرِيفُ: إنَّ النِّدَاءَ وُضِعَ لِتَنْبِيهِ الْمُخَاطَبِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ طَلَبُ الْإِقْبَالِ اهـ. وَأَقُولُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْحُدُودَ الضِّمْنِيَّةَ إلَخْ قَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ الْقَصْدَ الْأَوْلَى إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّقْسِيمِ
وَأَمَّا تَعَارِيفُ الْأَقْسَامِ فَحَاصِلَةٌ بِطَرِيقِ التَّبَعِ وَلَكِنْ الْمُحَقِّقُونَ كَثِيرًا مَا يَعْتَرِضُونَ عَلَى التَّعَارِيفِ الضِّمْنِيَّةِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُجَابَ بِمَا حَقَّقَهُ الْفَاضِلُ عَبْدُ الْحَكِيمِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الشَّمْسِيَّةِ بِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي النَّهْيِ هُوَ الْكَفُّ عَنْ فِعْلٍ غَيْرِ الْكَفِّ الْمَطْلُوبِ سَوَاءٌ كَانَ كَفًّا أَوْ غَيْرَهُ فَيَدْخُلُ فِيهِ لَا تَكْفُفْ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ الْكَفُّ عَنْ الْكَفِّ الْمَطْلُوبِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ اُكْفُفْ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ هُوَ الْكَفُّ لَا الْكَفُّ عَنْ شَيْءٍ، وَكَذَا اُكْفُفْ عَنْ الزِّنَا مَثَلًا؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ
بِالْوَضْعِ طَلَبًا.
(فَمَا لَا يُحْتَمَلُ) مِنْهُ (الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ) فِيمَا دَلَّ عَلَيْهِ (تَنْبِيهٌ وَإِنْشَاءٌ) أَيْ يُسَمَّى بِكُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ سَوَاءٌ لَمْ يُفِدْ طَلَبًا نَحْوُ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْ أَفَادَ طَلَبًا بِاللَّازِمِ كَالتَّمَنِّي وَالتَّرَجِّي نَحْوُ لَيْتَ الشَّبَابَ يَعُودُ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَعْفُوَ عَنِّي (وَمُحْتَمِلُهُمَا) أَيْ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ مِنْ حَيْثُ هُوَ (الْخَبَرُ) وَقَدْ يَقْطَعُ بِصِدْقِهِ أَوْ كَذِبِهِ لِأُمُورٍ خَارِجَةٍ عَنْهُ كَمَا سَيَأْتِي (وَأَبَى قَوْمٌ تَعْرِيفَهُ كَالْعِلْمِ وَالْوُجُودِ وَالْعَدَمِ) أَيْ كَمَا أَبَوْا تَعْرِيفَ مَا ذُكِرَ قِيلَ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَرْبَعَةِ ضَرُورِيٌّ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَعْرِيفِهِ
ــ
[حاشية العطار]
بِالصِّيغَةِ هُوَ كَفُّهُ، وَأَمَّا كَوْنُهُ مِنْ الزِّنَا فَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ مُتَعَلَّقِهَا وَمَا أَجَابَ بِهِ عَنْ الثَّانِي مِنْ أَنَّ النِّدَاءَ وُضِعَ لِتَنْبِيهِ الْمُخَاطَبِ إلَخْ قَدْ يُمْنَعُ فَإِنَّ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيَّ هُوَ طَلَبُ الْإِقْبَالِ، وَلَكِنَّهُمْ قَيَّدُوهُ بِحَرْفٍ مَخْصُوصٍ، وَبِهَذَا الْقَيْدِ يَخْرُجُ عَنْ حَدِّ الْأَمْرِ فَتَأَمَّلْهُ.
(قَوْلُهُ: فَمَا لَا يَحْتَمِلُ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ فَمَا لَمْ يُفِدْ بِالْوَضْعِ طَلَبًا، وَهُوَ حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي يُحْتَمَلُ أَيْ حَالَ كَوْنِهِ كَائِنًا مِنْهُ أَيْ مِمَّا بَعْدُ إلَّا، وَصَرَّحَ بِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ قَوْلَهُ فَمَا لَا يُحْتَمَلُ إلَخْ تَفْرِيعٌ عَلَى الشِّقَّيْنِ أَعْنِي مَا قَبْلَ إلَّا وَمَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: طَلَبًا بِاللَّازِمِ) أَيْ بِالطَّرِيقِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِاللَّازِمِ بِأَنْ يَكُونَ الْمُفَادُ لَازِمَ مَعْنَاهُ فَعَوْدُ الشَّبَابِ فِي التَّمَنِّي غَيْرُ مُمْكِنٍ عَادَةً فَلَا يُطْلَبُ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ الْحُزْنُ عَلَى فَوَاتِهِ، وَيَلْزَمُ ذَلِكَ كَوْنُهُ مَطْلُوبًا (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ هُوَ) أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ خَبَرًا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْحَيْثِيَّاتِ مُعْتَبَرَةٌ فِي التَّعَارِيفِ فَدَخَلَ فِي التَّعْرِيفِ الْأَخْبَارُ الْوَاجِبَةُ الصِّدْقِ، وَالْأَخْبَارُ الْوَاجِبَةُ الْكَذِبِ، فَإِنَّ الْقَطْعَ بِصِدْقِ الْأُولَى لَا لِمُجَرَّدِ النَّظَرِ إلَى خَبَرِيَّتِهَا، وَالْقَطْعُ بِكَذِبِ الثَّانِيَةِ لَا لِمُجَرَّدِ كَوْنِهَا أَخْبَارًا بَلْ الْأُمُورُ خَارِجَةٌ عَنْ مَفْهُومِ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: أَيْ كَمَا أَبَوْا) أَيْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ وَأَشَارَ بِهَذَا التَّفْسِيرِ إلَى دَفْعِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الْمَتْنِ مِنْ أَنَّ
وَقِيلَ لِعُسْرِ تَعْرِيفِهِ (وَقَدْ يُقَالُ الْإِنْشَاءُ مَا) أَيْ كَلَامٌ (يَحْصُلُ مَدْلُولُهُ فِي الْخَارِجِ بِالْكَلَامِ) نَحْوُ أَنْتِ طَالِقٌ وَقُمْ فَإِنَّ مَدْلُولَهُ مِنْ إيقَاعِ الطَّلَاقِ
ــ
[حاشية العطار]
هَذِهِ الثَّلَاثَةَ لَا تُعْرَفُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لِعُسْرِ تَعْرِيفِهِ) أَيْ لِخَفَائِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ التَّصْدِيقِ بِهِ ضَرُورِيًّا أَنَّ حَقِيقَتَهُ وَاضِحَةٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ عُسْرَهُ لِوُضُوحِهِ؛ لِأَنَّ تَوْضِيحَ الْوَاضِحَاتِ مِنْ الْمُشْكِلَاتِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ) حَاصِلُهُ تَقْسِيمُ الْكَلَامِ اللِّسَانِيِّ إلَى خَبَرٍ وَإِنْشَاءٍ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْبَيَانِيُّونَ، وَحَاصِلُ مَا مَرَّ تَقْسِيمُهُ
وَطَلَبُ الْقِيَامِ يَحْصُلُ بِهِ لَا بِغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ بِالْكَلَامِ مِنْ إقَامَةِ الظَّاهِرِ مَقَامَ الْمُضْمَرِ لِلْإِيضَاحِ فَالْإِنْشَاءُ بِهَذَا الْمَعْنَى أَعَمُّ مِنْهُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ لِشُمُولِهِ مَا قَبْلَ الْأَوَّلِ مَعَهُ (وَالْخَبَرُ خِلَافُهُ) أَيْ مَا يَحْصُلُ مَدْلُولُهُ فِي الْخَارِجِ بِغَيْرِهِ (أَيْ مَا لَهُ خَارِجُ صِدْقٍ أَوْ كَذِبٍ) نَحْوُ قَامَ زَيْدٌ فَإِنَّ مَدْلُولَهُ
ــ
[حاشية العطار]
إلَى خَبَرٍ وَطَلَبٍ وَإِنْشَاءٍ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ الرَّازِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ فَالْقِسْمَةُ عَلَى قَوْلِهِمْ ثُلَاثِيَّةٌ وَعَلَى قَوْلِ الْبَيَانِيَّيْنِ ثُنَائِيَّةٌ اهـ. زَكَرِيَّا
(قَوْلُهُ: وَطَلَبُ الْقِيَامِ) أَيْ اللَّفْظِيِّ فَإِنَّ النَّفْسِيَّ يَحْصُلُ مِنْ غَيْرِ اللَّفْظِ (قَوْلُهُ: يَحْصُلُ بِهِ) وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ (قَوْلُهُ: فَالْإِنْشَاءُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْمِثَالِ (قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْهُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ) أَيْ وَهُوَ مَا يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ مِمَّا لَا يُفِيدُ بِالْوَضْعِ طَلَبًا وَقَوْلُهُ: لِشُمُولِهِ أَيْ الْإِنْشَاءِ بِهَذَا الْمَعْنَى مَا قَبْلَ الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَا أَفَادَ بِالْوَضْعِ طَلَبًا مَعَ أَيْ: مَعَ الْأَوَّلِ فَنَحْوُ قُمْ إنْشَاءٌ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ لِإِفَادَتِهِ بِالْوَضْعِ طَلَبًا بِخِلَافِ أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ إنْشَاءٌ عَلَى الْأَوَّلِ كَالثَّانِي فَلِذَا مَثَّلَ الشَّارِحِ لِلْإِنْشَاءِ عَلَى الثَّانِي بِالْمِثَالَيْنِ (قَوْلُهُ: فِي الْخَارِجِ) أَيْ خَارِجِ الْأَذْهَانِ وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّ النِّسْبَةَ الذِّهْنِيَّةَ وَالْخَارِجِيَّةَ قَدْ يَتَّحِدَانِ ذِهْنًا كَقَوْلِ الْقَائِلِ: أَطْلُبُ مِنْك الضَّرْبَ لِحُصُولِ الِاكْتِفَاءِ بِالْمُغَايَرَةِ الِاعْتِبَارِيَّةِ فَإِنَّ النِّسْبَةَ الْقَائِمَةَ بِالنَّفْسِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مَدْلُولُ اللَّفْظِ مُطَابِقَةٌ لَهَا لَا مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ بَلْ مِنْ حَيْثُ ثُبُوتُهَا فِي النَّفْسِ تَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِهِ) أَيْ فَيَكُونُ هُوَ حِكَايَةً لِذَلِكَ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: خَارِجُ صِدْقٍ) مِنْ إضَافَةِ السَّبَبِ لِلْمُسَبَّبِ
أَيْ مَضْمُونَهُ مِنْ قِيَامِ زَيْدٍ يَحْصُلُ بِغَيْرِهِ، وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لَأَنْ يَكُونَ وَاقِعًا فِي الْخَارِجِ فَيَكُونَ هُوَ صِدْقًا، وَغَيْرَ وَاقِعٍ فَيَكُونَ هُوَ كَذِبًا (وَلَا مَخْرَجَ لَهُ) أَيْ لِلْخَبَرِ مِنْ حَيْثُ مَضْمُونُهُ (عَنْهُمَا) أَيْ عَنْ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ (لِأَنَّهُ إمَّا مُطَابِقٌ لِلْخَارِجِ) فَالصِّدْقُ (أَوْ لَا) فَالْكَذِبُ (وَقِيلَ بِالْوَاسِطَةِ) بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ (فَالْجَاحِظُ) قَالَ: الْخَبَرُ (إمَّا مُطَابِقٌ) لِلْخَارِجِ (مَعَ الِاعْتِقَادِ) أَيْ اعْتِقَادِ الْمُخْبِرِ الْمُطَابِقَةَ (وَنَفْيِهِ) أَيْ فِي اعْتِقَادِهَا بِأَنْ اعْتَقَدَ عَدَمَهَا، أَوْ لَمْ يَعْتَقِدْ شَيْئًا (أَوْ لَا مُطَابِقَ) لِلْخَارِجِ (مَعَ الِاعْتِقَادِ) أَيْ اعْتِقَادِ الْمُخْبِرِ عَدَمَ الْمُطَابَقَةِ (وَنَفْيِهِ) أَيْ نَفْيِ اعْتِقَادِ عَدَمِهَا بِأَنْ اعْتَقَدَهَا أَوْ لَمْ يَعْتَقِدْ شَيْئًا (فَالثَّانِي) أَيْ مَا انْتَفَى فِيهِ الِاعْتِقَادُ الْمَذْكُورُ الصَّادِقُ بِصُورَتَيْنِ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمُطَابِقِ وَغَيْرِ الْمُطَابِقِ
ــ
[حاشية العطار]
أَيْ خَارِجٌ يَتَحَقَّقُ بِسَبَبِهِ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ، وَفِي الْكَلَامِ قَيْدٌ مَحْذُوفٌ هُوَ مَحَطُّ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْي أَيْ خَارِجٌ يَقْصِدُ مُطَابَقَتَهُ أَوْ لَا يَقْصِدُ مُطَابَقَتَهُ، وَإِلَّا فَالْإِنْشَاءُ لَهُ خَارِجٌ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَيْءٍ فِي الْوَاقِعِ لَكِنَّهُ لَا نَقْصِدُ مُطَابَقَتَهُ وَلَا عَدَمَ مُطَابَقَتِهِ ثُمَّ إنَّ إثْبَاتَ أَوْ يَقْتَضِي أَنَّ الْخَبَرَ أَحَدُهُمَا مَعَ أَنَّهُ يَتَّصِفُ بِهِمَا مَعًا أَيْ هُوَ مُحْتَمَلٌ لَهُمَا وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ لِدَفْعِ الْإِشْكَالِ الْمَشْهُورِ بِأَنَّ التَّعْرِيفَ لَا يَصْدُقُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَفْرَادِهِ أَصْلًا؛ إذْ لَا يَصْدُقُ عَلَى خَبَرٍ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ صِدْقًا وَكِذْبًا مَعًا؛ لِأَنَّهُ إنْ طَابَقَ فَلَا يَحْتَمِلُ الْكَذِبَ، وَإِنْ لَمْ يُطَابِقْ فَلَا يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَقَدْ أَشَارَ لِدَفْعِهِ الْعَلَامَةُ التَّفْتَازَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمِفْتَاحِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِاحْتِمَالِهِ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ صِحَّةُ اتِّصَافِهِ بِأَنَّهُ صَادِقٌ أَوْ كَاذِبٌ أَيْ بِالنَّظَرِ إلَى نَفْسِهِ أَيْ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا يَعْرِضُ لَهُ مِنْ صِدْقِ الْمُتَكَلِّمِ أَوْ كَذِبِهِ قَطْعًا، وَمِنْ الْعِلْمِ بِمُطَابَقَةِ النِّسْبَةِ لِلْوَاقِعِ، أَوْ عَدَمِهَا ضَرُورَةً أَوْ اسْتِدْلَالًا؛ إذْ مَعَ اعْتِبَارِ شَيْءٍ آخَرَ مِنْ الْعَوَارِضِ قَدْ لَا يَحْتَمِلُ إلَّا الصِّدْقَ، وَقَدْ لَا يَحْتَمِلُ إلَّا الْكَذِبَ، وَعَلَى هَذَا لَا يَرِدُ الِاعْتِرَاضُ بِكَلَامِ الصَّادِقِ قَطْعًا وَلَا بِمِثْلِ: السَّمَاءُ فَوْقَنَا حَيْثُ لَا يَحْتَمِلُ الْكَذِبَ، وَلَا بِمِثْلِ: السَّمَاءُ تَحْتَنَا حَيْثُ لَا يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ، وَلَا حَاجَةَ إلَى تَغْيِيرِ الْوَاوِ إلَى أَوْ أَوْ جَعْلِهَا بِمَعْنَى أَوْ، وَأَمَّا مِثْلُ: السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ فَوْقَنَا فَكَذِبُهُ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ مُطَابَقَتِهِ الْوَاقِعَ ضَرُورَةَ انْتِفَاءِ الْكُلِّ بِانْتِفَاءِ الْجُزْءِ
(قَوْلُهُ: أَيْ مَضْمُونِهِ) إنَّمَا فَسَّرَ الْمَدْلُولَ بِالْمَضْمُونِ لَيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ مَدْلُولَ الْخَبَرِ هُنَا النِّسْبَةُ لَا مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَدْلُولَهُ الْحُكْمُ بِهَا أَوْ ثُبُوتُهَا لَكِنْ يَرِدُ أَنَّ الْمَضْمُونَ غَيْرُ النِّسْبَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهَا أَيْضًا، أَوْ فِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ مِنْ ثُبُوتِ قِيَامِ زَيْدٍ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: وَلَا مَخْرَجَ) أَيْ خُرُوجَ أَيْ لَا وَاسِطَةَ ثُمَّ إنَّهُ يَشْمَلُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الرَّاغِبِ وَمَوْصُوفٌ بِهِمَا بِجِهَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ صَادِقٌ بِالصِّدْقِ فَقَطْ أَوْ الْكَذِبِ فَقَطْ أَوْ بِالصِّدْقِ وَالْكَذِبِ بِاعْتِبَارَيْنِ، وَيَصْدُقُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُمَا فَلَمْ يَسْلَمْ لِلْمُصَنِّفِ غَرَضُهُ مِنْ إثْبَاتِ مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ، وَلَمْ تَتِمَّ لَهُ الْمُقَابَلَةُ، وَقَدْ يُقَالُ: اعْتِبَارُ قَيْدِ اللَّفْظِيَّةِ مَلْحُوظٌ فَقَوْلُهُ: وَلَا مَخْرَجَ لَهُ عَنْهُمَا أَيْ عَنْ الصِّدْقِ فَقَطْ أَوْ الْكَذِبِ فَقَطْ فَلَا يَشْمَلُ حِينَئِذٍ قَوْلَ الرَّاغِبِ الْآتِي فَقَوْلُهُ: أَوْ بِالصِّدْقِ وَالْكَذِبِ بِاعْتِبَارَيْنِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ (قَوْلُهُ: الْجَاحِظُ إلَخْ) حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ الْخَبَرَ إمَّا مُطَابِقٌ لِلْوَاقِعِ أَوْ لَا، وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا مَعَ اعْتِقَادِ أَنَّهُ مُطَابِقٌ أَوْ اعْتِقَادِ أَنَّهُ غَيْرُ مُطَابِقٍ أَوْ بِدُونِ الِاعْتِقَادِ فَالْأَقْسَامُ سِتَّةٌ، وَالْمُرَادُ بِالِاعْتِقَادِ الْحُكْمُ الذِّهْنِيُّ الْجَازِمُ، أَوْ الرَّاجِحُ فَيَعُمُّ الْعِلْمَ وَالظَّنَّ دُونَ الشَّكِّ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَعْتَقِدْ شَيْئًا) أَيْ كَالشَّاكِّ، وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الشَّاكَّ لَا حُكْمَ مَعَهُ، وَلَا تَصْدِيقَ بَلْ الْحَاصِلُ مَعَهُ تَصَوُّرٌ مُجَرَّدٌ فَلَفْظُهُ بِالْجُمْلَةِ الْخَبَرِيَّةِ لَيْسَ بِخَبَرٍ وَرُدَّ بِمَنْعِ أَنَّ تَلَفُّظَهُ بِهَا لَيْسَ بِخَبَرٍ بَلْ هُوَ خَبَرٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ حُكْمٌ وَتَصْدِيقٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ وُقُوعَ النِّسْبَةِ وَاللَّاوُقُوعَهَا اهـ. زَكَرِيَّا
وَذَلِكَ أَرْبَعُ صُوَرٍ (وَاسِطَةٌ) بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، وَالْأَوَّلُ، وَهُوَ مَا مَعَهُ الِاعْتِقَادُ الْمَذْكُورُ فِي الْمُطَابِقِ الصِّدْقُ، وَفِي غَيْرِ الْمُطَابِقِ الْكَذِبُ (وَغَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْجَاحِظِ قَالَ (الصِّدْقُ: الْمُطَابَقَةُ) أَيْ صِدْقُ الْخَبَرِ مُطَابَقَتُهُ (لِاعْتِقَادِ الْمُخْبِرِ طَابَقَ) اعْتِقَادُهُ (الْخَارِجَ أَوْ لَا وَكَذِبُهُ عَدَمَهَا) أَيْ عَدَمَ مُطَابَقَتِهِ لِاعْتِقَادِ الْمُخْبِرِ، طَابَقَ اعْتِقَادُهُ الْخَارِجَ أَوْ لَا (فَالسَّاذَجُ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ مَا لَيْسَ مَعَهُ اعْتِقَادٌ (وَاسِطَةٌ) بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ طَابَقَ الْخَارِجَ أَوْ لَا (وَالرَّاغِبُ) قَالَ (الصِّدْقُ فِي الْمُطَابَقَةِ الْخَارِجِيَّةِ مَعَ الِاعْتِقَادِ) لَهَا كَمَا قَالَ فِي الْجَاحِظِ (فَإِنْ فُقِدَ) أَيْ الْمُطَابَقَةُ الْخَارِجِيَّةُ وَاعْتِقَادُهَا أَيْ مَجْمُوعُهُمَا بِأَنْ فُقِدَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا (فَمِنْهُ كَذِبٌ) وَهُوَ مَا فُقِدَ فِيهِ كُلٌّ مِنْهُمَا سَوَاءٌ صَدَقَ فَقْدُ اعْتِقَادِ الْمُطَابَقَةِ
ــ
[حاشية العطار]
قَوْلُهُ: وَذَلِكَ أَرْبَعُ صُوَرٍ) وَمَا عَدَاهُ صُورَتَانِ وَاحِدَةٌ صَدْرُ الْأُخْرَى كَذِبٌ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ) إنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَالنَّظَّامُ وَإِنْ اُشْتُهِرَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْهُ كَمَا اُشْتُهِرَ الَّذِي قَبْلَهُ عَنْ الْجَاحِظِ إشَارَةً إلَى أَنَّ غَيْرَ النَّظَّامِ تَبِعَ النَّظَّامَ فِي الْقَوْلِ بِهِ فَلَمْ يَنْفَرِدْ كَالْجَاحِظِ اهـ. كَمَالٌ.
وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِ صَاحِبِ الْمِفْتَاحِ عِنْدَ تَعْدَادِ الْمَذَاهِبِ فِي صِدْقِ الْخَبَرِ وَكَذِبِهِ وَهَا هُنَا مَذْهَبٌ آخَرُ فِي غَايَةِ السَّخَافَةِ، وَأَوْرَدَ مَذْهَبَ النَّظَّامِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: سَخَافَةٌ فِي نَفْسِهِ لَا تُنَافِي اتِّبَاعَهُ اغْتِرَارًا بِقَائِلِهِ فَإِنَّ الْأَخْذَ بِالْقَوْلِ نَظَرًا لِقَائِلِهِ كَثِيرٌ وَقَدْ شَاهَدْنَا مِثْلَهُ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: الْمُطَابَقَةُ لِاعْتِقَادِ الْمُخْبِرِ) وَلَيْسَ مِنْ هَذَا قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم «كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ» فَإِنَّ الْمُرَادَ لَمْ يَكُنْ فِي اعْتِقَادِي؛ لِأَنَّ مُطَابَقَةَ الْوَاقِعَ بِاعْتِبَارِ الِاعْتِقَادِ وَعَدَمِهَا غَيْرُ الْمُطَابَقَةِ لِلِاعْتِقَادِ وَعَدَمِهَا، وَلَكِنَّ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مُطَابِقًا لِمَذْهَبِ النَّظَّامِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ مَذْهَبٌ سَخِيفٌ مَعَ لُزُومِ الْخَطَأِ فِي الِاعْتِقَادِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ فِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم كَالْخَطَأِ اللِّسَانِيِّ فَالْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ عَبْدُ الْحَكِيمِ فِي حَاشِيَةِ الْمُطَوَّلِ: إنَّ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ كِنَايَةٌ عَنْ لَمْ أَشْعُرْ اهـ.
فَيَكُونُ ذَلِكَ وَقَعَ عَلَى سَبِيلِ السَّهْوِ وَهُوَ جَائِزٌ فِي حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ دُونَ النِّسْيَانِ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: وَالرَّاغِبُ) أَيْ مِمَّنْ يَقُولُ بِالْوَاسِطَةِ
(قَوْلُهُ: الْمُطَابَقَةُ الْخَارِجِيَّةُ) أَيْ مُطَابَقَةُ النِّسْبَةِ الْكَلَامِيَّةِ لِلنِّسْبَةِ الْخَارِجِيَّةِ مَعَ الِاعْتِقَادِ لَهَا أَيْ لِلْمُطَابَقَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ الصِّدْقَ هُوَ الْمُطَابَقَةُ لِلْخَارِجِ وَالِاعْتِقَادِ مَعًا فَإِنْ فُقِدَ أَحَدُهُمَا فَأَمَّا أَنْ لَا يُوصَفَ بِصِدْقٍ وَلَا كَذِبٍ أَصْلًا كَخَبَرِ الْمُبَرْسَمِ الَّذِي لَا قَصْدَ لَهُ، وَإِمَّا أَنْ يُوصَفَ بِالصِّدْقِ وَالْكَذِبِ بِاعْتِبَارَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَذَلِكَ إذَا كَانَ مُطَابِقًا لِلْخَارِجِ دُونَ الِاعْتِقَادِ وَعَكْسِهِ فَيُوصَفُ بِالصِّدْقِ إلَى مُطَابَقَتِهِ لِأَحَدِهِمَا وَبِالْكَذِبِ بِالنَّظَرِ إلَى عَدَمِ مُطَابَقَتِهِ لِلْآخَرِ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي كِتَابِ الذَّرِيعَةِ بِأَنَّ مَا اسْتَجْمَعَ الْمُطَابَقَةَ لِلْخَارِجِ وَالِاعْتِقَادِ يُسَمَّى الصِّدْقَ التَّامَّ، وَيُقَابِلُهُ الْكَذِبُ التَّامُّ، وَهُوَ مَا اسْتَجْمَعَ عَدَمَ الْمُطَابَقَةِ لِلْخَارِجِ وَالِاعْتِقَادِ، وَصَرَّحَ بِأَنَّ مَا انْتَفَى فِيهِ الْوَصْفَانِ وَاسِطَةٌ، وَعِبَارَتُهُ أَنَّ الصِّدْقَ التَّامَّ هُوَ الْمُطَابَقَةُ لِلْخَارِجِ وَالِاعْتِقَادِ مَعًا فَإِنْ انْخَرَمَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لَمْ يَكُنْ صِدْقًا تَامًّا بَلْ إمَّا أَنْ لَا يُوصَفَ بِصِدْقٍ وَلَا كَذِبٍ كَقَوْلِ الْمُبَرْسَمِ الَّذِي لَا قَصْدَ لَهُ: زَيْدٌ فِي الدَّارِ، فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ صِدْقٌ وَلَا كَذِبٌ، وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ لَهُ: صِدْقٌ وَكَذِبٌ بِاعْتِبَارَيْنِ، وَذَلِكَ إذَا كَانَ مُطَابِقًا لِلْخَارِجِ غَيْرَ مُطَابِقٍ لِلِاعْتِقَادِ وَعَكْسُهُ كَقَوْلِ الْمُنَافِقِينَ {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} [المنافقون: 1] فَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لِهَذَا صَادِقُ اعْتِبَارٍ بِالْمُطَابَقَةِ لِمَا فِي الْخَارِجِ وَكَذِبٌ لِمُخَالَفَةِ ضَمِيرِ الْقَائِلِ؛ وَلِهَذَا كَذَّبَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى اهـ.
قَالَ الْكَمَالُ: وَعِبَارَةُ الْمَتْنِ لَا تُفِيدُ وَصْفَ الصِّدْقِ بِالتَّمَامِ وَلَا تَصْرِيحَ فِيهَا بِالْوَاسِطَةِ نَعَمْ فِي قَوْلِهِ: أَوْ لَا
وَقِيلَ: بِالْوَاسِطَةِ ثُمَّ تَفْصِيلُهُ أَقْوَالَ الْقَائِلِينَ بِهَا يُفِيدُ أَنَّ الرَّاغِبَ قَائِلٌ بِالْوَاسِطَةِ، وَلَعَلَّهُ سَكَتَ عَنْ التَّصْرِيحِ بِالْوَاسِطَةِ عِنْدَ الرَّاغِبِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْوَاسِطَةِ فِي الْمَذْهَبِ الَّذِي قَبْلَهُ وَيَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ فُقِدَا مَعْنَاهُ فَإِنْ فُقِدَا مَعًا أَوْ عَلَى الْبَدَلِ بِأَنْ يُفْقَدَ هَذَا تَارَةً وَهَذَا تَارَةً وَقَدْ حَمَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ أَبُو زُرْعَةَ وَالْبِرْمَاوِيُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ فَقْدُهُمَا مَعًا فَاعْتَرَضُوا بِأَنَّهُ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِكَلَامِ الرَّاغِبِ؛ لِأَنَّ الرَّاغِبَ إنَّمَا بَنَاهُ عَلَى
بِاعْتِقَادِ عَدَمِهَا أَوْ بِعَدَمِ اعْتِقَادِ شَيْءٍ (وَ) مِنْهُ (مَوْصُوفٌ بِهِمَا) أَيْ بِالصِّدْقِ وَالْكَذِبِ (بِجِهَتَيْنِ) وَهُوَ مَا فُقِدَ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْ الْمُطَابَقَةِ لِلْخَارِجِ، وَاعْتِقَادُهَا يُوصَفُ بِالصِّدْقِ مِنْ حَيْثُ مُطَابَقَتُهُ لِلِاعْتِقَادِ أَوْ لِلْخَارِجِ وَبِالْكَذِبِ مِنْ حَيْثُ انْتَفَتْ فِيهِ الْمُطَابَقَةُ لِلْخَارِجِ أَوْ اعْتِقَادُهَا فَهُوَ وَاسِطَةٌ بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ.
(وَمَدْلُولُ الْخَبَرِ) فِي الْإِثْبَاتِ (الْحُكْمُ بِالنِّسْبَةِ) الَّتِي تَضَمَّنَهَا كَقِيَامِ زَيْدٍ فِي قَامَ زَيْدٌ مَثَلًا (لَا ثُبُوتُهَا)
ــ
[حاشية العطار]
فَقْدِ أَحَدِهِمَا لَا عَلَى فَقْدِهِمَا مَعًا، وَحَمَلَهُ الشَّارِحُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا لِيَنْدَفِعَ الِاعْتِرَاضُ غَيْرَ أَنَّ الشَّارِحَ جَعَلَ مِنْ الْكَذِبِ مَا لَا اعْتِقَادَ فِيهِ أَصْلًا، وَهُوَ عِنْدَ الرَّاغِبِ الْوَاسِطَةُ كَمَا يُنْبِئُ عَنْهُ كَلَامُهُ حَيْثُ قَالَ: كَقَوْلِ الْمُبَرْسَمِ الَّذِي لَا قَصْدَ لَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِاعْتِقَادٍ) مُتَعَلَّقُ يَصْدُقُ وَالْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ (قَوْلُهُ: أَمْ بَعْدَ اعْتِقَادِ شَيْءٍ) إدْخَالُهُ فِي قِسْمِ الْكَذِبِ مُخَالِفٌ لِجَعْلِ الرَّاغِبِ لَهُ وَاسِطَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصِّدْقِ اهـ. زَكَرِيَّا.
فَالصُّوَرُ عِنْدَ الرَّاغِبِ خَمْسَةٌ وَاحِدَةٌ صِدْقٌ وَاثْنَانِ كَذِبٌ وَاثْنَانِ وَاسِطَةٌ عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ وَعَلَى مَا نَقَلَهُ الْكَمَالُ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ الرَّاغِبِ وَاحِدَةٌ كَذِبٌ وَثَلَاثَةٌ وَاسِطَةٌ، وَأَمَّا الصُّوَرُ عَلَى كَلَامِ النَّظَّامِ فَسِتَّةٌ اثْنَانِ صِدْقٌ، وَاثْنَانِ كَذِبٌ وَاثْنَانِ وَاسِطَةٌ (قَوْلُهُ: أَيْ بِالصِّدْقِ وَالْكَذِبِ) أَيْ غَيْرِ التَّامَّيْنِ؛ لِأَنَّ الصِّدْقَ التَّامِّ مَا وُجِدَ فِيهِ الْأَمْرَانِ، وَالْكَذِبُ التَّامُّ مَا انْتَفَى فِيهِ الْأَمْرَانِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ بِوَاسِطَةٍ بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ) أَيْ التَّامَّيْنِ، وَهَذَا مَعْلُومٌ مِنْ كَوْنِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ تَفْصِيلًا لِأَقْوَالِ الْقَائِلِينَ بِإِثْبَاتِ الْوَاسِطَةِ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُصَنِّفِ الْقَوْلُ بِالْوَاسِطَةِ عِنْدَ الرَّاغِبِ.
(قَوْلُهُ: وَمَدْلُولُ الْخَبَرِ) أَيْ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ خَبَرٌ كَ زَيْدٌ قَائِمٌ مَثَلًا لَا مَدْلُولُ نَفْسِ الْخَبَرِ فَإِنَّهُ كَمَا تَقَدَّمَ مَا يَحْصُلُ مَدْلُولُهُ فِي الْخَارِجِ بِغَيْرِهِ أَوْ مَا لَهُ خَارِجُ صِدْقٍ أَوْ كَذِبٍ إلَخْ وَمُرَادُهُ بِالْحُكْمِ إيقَاعُ النِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ: الْحُكْمُ بِالنِّسْبَةِ، وَقَوْلُهُ: كَقِيَامِ زَيْدٍ أَيْ ثُبُوتِ الْقِيَامِ لَهُ، وَتَفْسِيرُ الْحُكْمِ هُنَا بِالْإِيقَاعِ هُوَ مَا قَالَهُ سم قِيلَ: وَهُوَ أَخْذٌ بِالظَّاهِرِ، وَإِلَّا فَمَدْلُولُهُ فِي الْوَاقِعِ هُوَ النِّسْبَةُ أَيْ ثُبُوتُ الْحُكْمِ فِي الْوَاقِعِ، وَإِلَّا لِمَا يَأْتِي إنْكَارُهُ؛ لِأَنَّ إذْعَانَ الْمُتَكَلِّمِ وَاقِعٌ فَحِينَئِذٍ يُرَادُ بِالْحُكْمِ النِّسْبَةُ الْحُكْمِيَّةُ، وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّصْوِيرِ أَيْ النِّسْبَةُ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ بِهَا لَا مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهَا فِي الْخَارِجِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ: وَمَوْرِدُ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ النِّسْبَةُ إلَخْ تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ عَبْدِ الْحَكِيمِ عَلَى الْمُطَوَّلِ أَنَّ مَدْلُولَ الْخَبَرِ هُوَ النِّسْبَةُ الذِّهْنِيَّةُ أَعْنِي الْإِيقَاعَ وَالِانْتِزَاعَ، وَمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ أَنَّ مَدْلُولَ الْخَبَرِ هُوَ النِّسْبَةُ بِمَعْنَى الْوُقُوعِ، وَاللَّاوُقُوعِ فَالْمُرَادُ فِيهِ مِنْ حَيْثُ حُصُولُهُمَا فِي الذِّهْنِ فَيَرْجِعُ إلَى الْإِيقَاعِ وَالِانْتِزَاعِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي الْإِثْبَاتِ) أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفُ لَا ثُبُوتُهَا؛ لِأَنَّ الثُّبُوتَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْإِثْبَاتِ وَيَأْتِي أَنَّ النَّفْيَ يُقَاسُ عَلَيْهِ
فِي الْخَارِجِ (وِفَاقًا لِلْإِمَامِ) الرَّازِيّ فِي أَنَّهُ الْحُكْمُ بِهَا (وَخِلَافًا لِلْقَرَافِيِّ) فِي أَنَّهُ ثُبُوتُهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَدْلُولُ الْخَبَرِ الْحُكْمَ بِالنِّسْبَةِ بَلْ كَانَ ثُبُوتَهَا (لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ الْخَبَرِ كَذِبًا) أَيْ غَيْرَ ثَابِتِ النِّسْبَةِ فِي الْخَارِجِ، وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُقَلَاءُ عَلَى أَنَّ مِنْ الْخَبَرِ كَذِبًا.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ كَذِبَ الْخَبَرِ بِأَنْ لَمْ تَثْبُتْ نِسْبَتُهُ فِي الْخَارِجِ لَيْسَ مَدْلُولَهُ حَتَّى يُنَافِيَ مَا جُعِلَ مَدْلُولُهُ مِنْ ثُبُوتِ النِّسْبَةِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْخَبَرَ الْكَذِبَ تَخَلَّفَ فِيهِ الْمَدْلُولُ عَنْ الدَّلِيلِ؛ لِأَنَّ دَلَالَتَهُ وَضْعِيَّةٌ لَا عَقْلِيَّةٌ، وَتَقْسِيمُ الْخَبَرِ إلَى الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ بِاعْتِبَارِ وُجُودِ مَدْلُولِهِ مَعَهُ وَتَخَلُّفِهِ عَنْهُ نَعَمْ الْأَوَّلُ الْمُوَافِقُ لِلْإِمَامِ الرَّازِيّ
ــ
[حاشية العطار]
قَوْلُهُ: فِي الْخَارِجِ) يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِهِ خَارِجُ النِّسْبَةِ الذِّهْنِيَّةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ الْكَلَامِ وَهُوَ مَعْنَى الْوَاقِعِ وَنَفْسُ الْأَمْرِ لَا مَا يُرَادِفُ الْأَعْيَانَ، وَإِلَّا فَالنِّسْبَةُ لَيْسَتْ خَارِجِيَّةَ الثُّبُوتِ بِهَذَا الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْأُمُورِ الِاعْتِبَارِيَّةِ، وَفِي شَرْحِ التَّفْتَازَانِيِّ عَلَى الْمِفْتَاحِ مَا نَصُّهُ: لَا يَخْفَى أَنَّ كُلَّ أَمْرَيْنِ إذَا نُسِبَ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ فَمَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ تَلَفُّظِ اللَّافِظِ وَتَعَقُّلِ الْعَاقِلِ بَيْنَهُمَا نِسْبَةٌ ثُبُوتِيَّةٌ بِأَنَّهُ هُوَ هُوَ أَوْ سَلْبِيَّةٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَهُوَ مَعْنَى الْوَاقِعِ وَالْخَارِجِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ النِّسْبَةُ أَمْرًا مُتَحَقَّقًا فِي الْخَارِجِ، وَلَا الْأَمْرُ أَنَّ مِمَّا يَلْزَمُ تَحَقُّقُهُ فِي الْخَارِجِ اهـ.
أَيْ كَقَوْلِنَا: شَرِيكُ الْبَارِي مُمْتَنِعٌ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فِي أَنَّهُ) أَيْ مَدْلُولَ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: الْحُكْمُ بِالنِّسْبَةِ) أَيْ النِّسْبَةِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ بِهَا (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ كَانَ ثُبُوتُهَا) أَيْ بَلْ كَانَ مَدْلُولُهُ الْخَبَرَ النِّسْبَةَ مِنْ حَيْثُ ثُبُوتُهَا فِي الْخَارِجِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ الْخَبَرِ كَذِبًا) لِأَنَّ الْخَبَرَ لَمْ تَتَحَقَّقْ نِسْبَتُهُ فِي الْخَارِجِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُقَلَاءُ) دَلِيلٌ لِلِاسْتِثْنَائِيَّةِ أَيْ وَكَوْنُ لَا شَيْءَ مِنْ الْخَبَرِ كَذِبًا بَاطِلٌ كَيْفَ وَقَدْ اتَّفَقَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَثْبُتْ) الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ مَدْلُولًا لَهُ) لِأَنَّ مَدْلُولَ الْخَبَرِ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ احْتِمَالٌ عَقْلِيٌّ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ التَّحَقُّقِ فِي الْخَارِجِ خُرُوجُ الْخَبَرِ عَنْ كَوْنِ مَدْلُولِهِ الصِّدْقَ (قَوْلُهُ: حَتَّى يُنَافِيَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ (قَوْلُهُ: مَا جُعِلَ مَدْلُولُهُ) أَيْ دَائِمًا وَهُوَ الصِّدْقُ وَلَوْ عِنْدَ التَّخَلُّفِ (قَوْلُهُ: عَنْ الدَّلِيلِ) وَهُوَ الْخَبَرُ؛ لِأَنَّ دَلَالَتَهُ وَضْعِيَّةٌ وَهِيَ جَائِزَةُ التَّخَلُّفِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ مَدْلُولِ الْخَبَرِ ثُبُوتَ النِّسْبَةِ فِي الْخَارِجِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ مِنْ الْخَبَرِ بِكَذِبٍ، وَبِهَذَا الْجَوَابِ يَرْجِعُ الْخِلَافُ لَفْظِيًّا قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمِفْتَاحِ: وَلَقَدْ أَحْسَنَ مَنْ قَالَ: إنَّ مَدْلُولَ الْخَبَرِ هُوَ الصِّدْقُ، وَإِنَّمَا الْكَذِبُ احْتِمَالٌ عَقْلِيٌّ أَلَا يَرَى أَنَّهُ إذَا قِيلَ لَك: مِنْ أَيْنَ عَلِمْت أَنَّ زَيْدًا قَائِمٌ تَقُولُ سَمِعْته مِنْ فُلَانٍ (قَوْلُهُ: لَا عَقْلِيَّةٌ) أَيْ لَا يَجُوزُ تَخَلُّفُهَا (قَوْلُهُ: وَتَقْسِيمُ الْخَبَرِ) أَيْ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ وُجُودِ إلَخْ) فِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ الْأَوَّلُ الْمُوَافِقُ لِلْإِمَامِ إلَخْ) يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِ الشَّارِحِ لَهُ، وَهُوَ مُعَارِضٌ بِمَا هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّا نَقْطَعُ بِأَنَّ الَّذِي نَقْصِدُهُ عِنْدَ إخْبَارِنَا بِقَوْلِنَا: زَيْدٌ قَائِمٌ هُوَ إفَادَةُ الْمُخَاطَبِ ثُبُوتُ نِسْبَةِ الْقِيَامِ لِزَيْدٍ لَا حُكْمُنَا بِذَلِكَ، وَنَقْطَعُ بِأَنَّ الَّذِي نَفْهَمُهُ مِنْ إخْبَارِنَا بِأَنَّ زَيْدًا قَائِمٌ مِثْلُ ذَلِكَ وَهُوَ الَّذِي نَصَرَهُ فِي الْمُطَوَّلِ وَرُدَّ مَا رَجَّحَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ إيقَاعُ النِّسْبَةِ لَمَا كَانَ لِإِنْكَارِ الْحُكْمِ مَعْنَى الِامْتِنَاعِ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَمْ يُوقِعْ النِّسْبَةَ اهـ. كَمَالٌ
سَالِمٌ عَنْ هَذَا التَّخَلُّفِ وَتَقْسِيمُ الْخَبَرِ عَلَيْهِ إلَى الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ بِاعْتِبَارِ مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ النِّسْبَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَيُقَاسُ عَلَى الْخَبَرِ فِي الْإِثْبَاتِ الْخَبَرُ فِي النَّفْي فَيُقَالُ: مَدْلُولُهُ الْحُكْمُ بِانْتِفَاءِ النِّسْبَةِ، وَقِيلَ: انْتِفَاؤُهَا، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ الْخَبَرِ كَذِبًا أَوْضَحُ كَمَا قَالَ مِنْ عِبَارَةِ الْمَحْصُولِ لَمْ يَكُنْ الْكَذِبُ خَبَرًا وَمِنْ عِبَارَةِ التَّحْصِيلِ وَغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ الْخَبَرُ كَذِبًا.
(وَمَوْرِدُ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ) فِي الْخَبَرِ (النِّسْبَةُ الَّتِي تَضَمَّنَهَا لَيْسَ غَيْرُ كَقَائِمٌ فِي: زَيْدُ بْنُ عَمْرٍو قَائِمٌ لَا بُنُوَّةُ زَيْدٍ) لِعَمْرٍو
ــ
[حاشية العطار]
قَوْلُهُ: سَالِمٌ عَنْ هَذَا التَّخَلُّفِ) لِأَنَّ النِّسْبَةَ الْحُكْمِيَّةَ لَا تَتَخَلَّفُ، وَلَا يُرَدُّ خَبَرُ الشَّاكِّ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ التَّخَلُّفُ الْمَخْصُوصُ (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ عَلَى مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهَا إنْ طَابَقَتْ النِّسْبَةَ الْحُكْمِيَّةَ الْخَارِجِيَّةَ فَصِدْقٌ، وَإِلَّا فَكَذِبٌ (قَوْلُهُ: أَوْضَحُ مِنْ عِبَارَةِ الْمَحْصُولِ إلَخْ) فَإِنَّ عِبَارَتَهُ صَادِقَةٌ بِالسَّلْبِ الْجُزْئِيِّ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ السَّلْبُ الْكُلِّيُّ، وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرَةٌ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: وَمَوْرِدُ الصِّدْقِ إلَخْ) جَعَلَ النِّسْبَةَ مَحَلَّ وُرُودِ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، وَهُوَ مَحَلٌّ مَجَازِيٌّ، وَالْمُرَادُ بِالنِّسْبَةِ الْمَنْسُوبُ، فَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرٍ فِي قَوْلِهِ: كَقَائِمٌ إلَخْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَبْقَى النِّسْبَةُ عَلَى حَالِهَا، وَهِيَ اتِّصَافُ ذَاتِ الْمَوْضُوعِ بِمَفْهُومِ الْمَحْمُولِ فَقَوْلُهُ: كَقَائِمٌ أَيْ كَنِسْبَةِ " قَائِمٌ " وَقَوْلُهُ: فِي الْخَبَرِ مُصَرِّحٌ بِهِ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَرْجِعُ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي تَضَمُّنِهَا (قَوْلُهُ: الَّتِي تَضَمَّنَهَا) أَيْ النِّسْبَةَ الْإِسْنَادِيَّةَ الَّتِي تَضَمَّنَهَا تَضَمُّنًا مَقْصُودًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لَيْسَ غَيْرُ) أَيْ لَا زَائِدَ عَلَيْهَا مِنْ النِّسَبِ التَّقْيِيدِيَّةِ (قَوْلُهُ: كَقَائِمٌ) أَيْ كَنِسْبَةِ " قَائِمٌ " الَّتِي هِيَ ثُبُوتُ الْقِيَامِ وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ بِظَاهِرِهِ يُفِيدُ أَنَّ النِّسْبَةَ فِي: زَيْدُ بْنُ عَمْرٍو قَائِمٌ هِيَ نِسْبَةُ " قَائِمٌ " إلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِيهِ، وَأَنَّهَا هِيَ قِيَامُ زَيْدٍ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهُمَا صَحِيحًا.
أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ النِّسْبَةَ الْمَقْصُودَةَ بِالْأَصَالَةِ الَّتِي هِيَ النِّسْبَةُ الْحُكْمِيَّةُ هِيَ الْمُرْتَبِطَةُ بَيْنَ " قَائِمٌ، وَزَيْدٌ " وَأَمَّا نِسْبَةُ " قَائِمٌ " إلَى ضَمِيرِهِ فَغَيْرُ مُتَلَفَّتٍ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ النِّسْبَةَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي الصِّفَاتِ نِسَبٌ تَقْيِيدِيَّةٌ غَيْرُ تَامَّةٍ لَا تَقْتَضِي انْفِرَادَ الْمَعْنَى عَنْ غَيْرِهِ، وَأَيْضًا هِيَ نِسَبٌ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ أَصَالَةً مِنْ التَّرْكِيبِ؛ فَلِذَلِكَ جَازَ أَنْ يُلَاحَظَ فِيهَا جَانِبُ الذَّاتِ فَتُجْعَلَ مَحْكُومًا عَلَيْهَا، وَتَارَةً جَانِبُ الْوَصْفِ كَالْقِيَامِ فَتُجْعَلَ مَحْكُومًا بِهَا، وَأَمَّا النِّسْبَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِيهَا فَلَا تَصْلُحُ لِلْحُكْمِ عَلَيْهَا وَلَا لِلْحُكْمِ بِهَا لَا وَحْدَهَا وَلَا مَعَ غَيْرِهَا لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهَا، وَهَذَا جَعَلَ النُّحَاةَ إيَّاهَا مِنْ قَبِيلِ الْمُفْرَدَاتِ
وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ قِيَامَ زَيْدٍ مَضْمُونُ الْجُمْلَةِ، وَهُوَ غَيْرُ النِّسْبَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ صَرْفِ كَلَامِهِ عَنْ ظَاهِرِهِ، وَأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: فَقَائِمٌ الْمُسْنَدُ إلَى ضَمِيرِ زَيْدٍ إلَخْ الْمُسْنَدُ إلَى زَيْدٍ الْمُشْتَمِلِ قَائِمٌ عَلَى ضَمِيرِهِ فَإِنَّ الضَّمِيرَ لَمَّا كَانَ عَيْنَ زَيْدٍ كَانَ الْإِسْنَادُ أَيْ الْإِخْبَارُ عَنْ زَيْدٍ إخْبَارًا عَنْ ضَمِيرِهِ، وَتَقْدِيرُ مُضَافٍ فِي قَوْلِهِ قِيَامُ زَيْدٍ كَمَا قُلْنَا، وَالْخَطْبُ سَهْلٌ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ فِي الْعُلُومِ الْحُكْمِيَّةِ أَنَّ النَّفْسَ لَا تُلْفَتُ لِشَيْئَيْنِ مَعًا قَصْدًا، وَقَدْ اعْتَبَرَ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ فَقَدْ ذَكَرَ السَّيِّدُ فِي