الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالِامْتِنَاعِ عَنْ كُلِّ فَرْدٍ مِمَّا تَصْدُقُ عَلَيْهِ الْعِلَّةُ وَالْعِلَّةُ فِي الْفِعْلِ الْمَصْلَحَةُ وَيَحْصُلُ الْغَرَضُ مِنْ حُصُولِهَا بِفَرْدٍ. قُلْنَا قَوْلُهُ عَنْ كُلِّ فَرْدٍ مِمَّا تَصْدُقُ عَلَيْهِ الْعِلَّةُ مَمْنُوعٌ بَلْ يَكْفِي عَنْ كُلِّ فَرْدٍ مِمَّا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْمُعَلَّلُ.
(وَأَرْكَانُهُ) أَيْ الْقِيَاسِ (أَرْبَعَةٌ) مَقِيسٌ عَلَيْهِ وَمَقِيسٌ وَمَعْنًى مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَحُكْمٌ لِلْمَقِيسِ عَلَيْهِ يَتَعَدَّى بِوَاسِطَةِ الْمُشْتَرَكِ إلَى الْمَقِيسِ وَلَمَّا كَانَ يُعَبَّرُ عَنْ الْأَوَّلَيْنِ مِنْهَا بِالْأَصْلِ وَالْفَرْعِ عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي ضِمْنِ تَعَدِّيهَا فَقَالَ الْأَوَّلُ (الْأَصْلُ وَهُوَ مَحَلُّ الْحُكْمِ الْمُشَبَّهُ بِهِ) بِالرَّفْعِ صِفَةُ الْمَحَلِّ أَيْ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ (وَقِيلَ دَلِيلُهُ) أَيْ دَلِيلُ الْحُكْمِ (وَقِيلَ حُكْمُهُ) أَيْ حُكْمُ الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْفَرْعَ الْمَحَلُّ الْمُشَبَّهُ وَقِيلَ حُكْمُهُ وَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ قَوْلٌ بِأَنَّ دَلِيلَ الْحُكْمِ كَيْفَ وَدَلِيلُهُ الْقِيَاسُ فَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى الثَّالِثِ وَكَذَا عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ تَفَرُّعُ الْحُكْمِ عَنْ الْحُكْمِ
ــ
[حاشية العطار]
لِسَانِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ الْمُعْتَزِلِيِّ (قَوْلُهُ: بِالِامْتِنَاعِ عَنْ كُلِّ فَرْدٍ إلَخْ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّرْكِ دَفْعُ الْمَفْسَدَةِ (قَوْلُهُ مِمَّا تَصْدُقُ عَلَيْهِ الْعِلَّةُ) أَيْ تُوجَدُ فِيهِ وَهِيَ الْإِسْكَارُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ إسْكَارُ خَمْرٍ أَمْ إسْكَارُ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مِمَّا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْمُعَلَّلُ) أَيْ مُتَعَلِّقُ الْمُعَلَّلِ أَوْ مَحَلُّهُ إنْ أُرِيدَ بِهِ الْحُكْمُ فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْمَحَلُّ فَالْمُرَادُ الْمُعَلَّلُ مِنْ حَيْثُ حُكْمُهُ يَعْنِي فَلَا يَلْزَمُ الْقِيَاسُ.
[أَرْكَانُ الْقِيَاسِ]
[الرُّكْن الْأَوَّلُ الْأَصْلُ]
(قَوْلُهُ: مَقِيسٌ عَلَيْهِ) لَمْ يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ كَمَا سَتَرَى (قَوْلُهُ: عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ مَا هُمَا هَلْ هُمَا الْمَقِيسُ وَالْمَقِيسُ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرُهُمَا كَحُكْمِ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ أَوْ الْأَصْلُ دَلِيلُ حُكْمِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَيْ حُكْمُ الْمَحَلِّ) فَفِيهِ تَشْتِيتُ الضَّمَائِرِ (قَوْلُهُ: كَيْفَ وَدَلِيلُهُ الْقِيَاسُ) أَيْ فَيَلْزَمُ جَعْلُ الشَّيْءِ رُكْنًا فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْعَ قَدْ جُعِلَ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ، نَعَمْ إنْ لَمْ يُعَدَّ الْفَرْعُ رُكْنًا تَأَتَّى ذَلِكَ فَانْدَفَعَ مَا قَالَهُ النَّاصِرُ (قَوْلُهُ: فَالْأَوَّلُ) أَيْ مِنْ
صَحَّ تَفَرُّعُهُ عَلَى دَلِيلِهِ لِاسْتِنَادِ الْحُكْمِ إلَيْهِ، وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الَّتِي فِي التَّسْمِيَةِ لَا تَخْرُجُ عَمَّا فِي اللُّغَةِ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ مَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَالْفَرْعَ مَا يَنْبَنِي عَلَى غَيْرِهِ وَالْأَوَّلُ مِنْ الْأَقْوَالِ فِيهَا أَقْرَبُ كَمَا لَا يَخْفَى وَلِكَوْنِ حُكْمِ الْفَرْعِ غَيْرَ حُكْمِ الْأَصْلِ بِاعْتِبَارِ الْمَحَلِّ، وَإِنْ كَانَ عَيْنُهُ بِالْحَقِيقَةِ صَحَّ تَفَرُّعُ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي بِاعْتِبَارِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِمَا
ــ
[حاشية العطار]
قَوْلَيْ الْفَرْعِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْ مِنْ أَقْوَالِ الْأَصْلِ وَهَذَا اقْتِصَارٌ عَلَى مَا هُوَ الْأَنْسَبُ لِلتَّفْرِيعِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ أَحَدٌ بِالْأَوَّلِ هُنَا وَبِالثَّانِي فِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: صَحَّ تَفَرُّعُهُ عَنْ دَلِيلٍ) لِأَنَّ فَرْعَ الْفَرْعِ فَرْعٌ (قَوْلُهُ: لِاسْتِنَادِ الْحُكْمِ) أَيْ حُكْمِ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ فِي التَّسْمِيَةِ) أَيْ فِي مُتَعَلِّقِهَا (قَوْلُهُ: أَقْرَبُ) أَيْ لِاسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ وَالنُّظَّارِ
(قَوْلُهُ: وَلِكَوْنِ حُكْمِ الْفَرْعِ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ وَهُوَ أَنَّ مَعْنَى تَفَرُّعِ الْحُكْمِ عَنْ الْحُكْمِ ابْتِنَاؤُهُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَغَايُرَهُمَا وَتَقَدَّمَ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ مِنْهُمَا فِي الْوُجُودِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْحُكْمَ هُوَ خِطَابُ اللَّهِ تَعَالَى النَّفْسِيُّ الْقَدِيمُ وَهُوَ وَصْفٌ وَاحِدٌ لَا تَكْثُرُ فِيهِ فَلَا يُوصَفُ بِالتَّأْخِيرِ لِقِدَمِهِ وَلَا بِالتَّغَيُّرِ لِوَحْدَتِهِ، وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ أَنَّ الْحُكْمَ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فِي ذَاتِهِ لِكَوْنِهِ صِفَةً وَاحِدَةً لَكِنَّهُ يَتَكَثَّرُ بِاعْتِبَارِ مُتَعَلِّقَاتِهِ وَهِيَ الْمَحَالُّ فَفِي مَحَلٍّ مِنْهَا يَدُلُّ عَلَى الْحُكْمِ بِالنَّصِّ وَفِي مَحَلٍّ آخَرَ الْقِيَاسُ عَلَى مَحَلِّ النَّصِّ لِأَمَارَةٍ نَصَبَهَا الشَّارِعُ وَهِيَ الْعِلَّةُ الْجَامِعَةُ بَيْنَهُمَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَيَكُونُ حُكْمُ الْأَصْلِ غَيْرَ حُكْمِ الْفَرْعِ بِاعْتِبَارِ الْمَحَلِّ يَعْنِي فَالتَّغْيِيرُ حَقِيقَتُهُ فِي الْمَحَلِّ لَا فِي الْحُكْمِ وَقَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِمَا إلَخْ يَعْنِي فَالتَّفَرُّعُ حَقِيقَةٌ فِي الدَّلِيلِ لَا فِي الْمَدْلُولِ وَفِي عِلْمِ الْمُجْتَهِدِ بِالدَّلِيلِ لَا فِي الْحُكْمِ فَقَوْلُهُ عِلْمِ الْمُجْتَهِدِ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى مَا يَدُلُّ أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِمَا وَبِاعْتِبَارِ عِلْمِ الْمُجْتَهَدِ بِهِ أَيْ بِمَا يَدُلُّ اهـ. نَجَّارِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ عَيْنُهُ بِالْحَقِيقَةِ) فَإِنَّ الْحُكْمَ خِطَابُ اللَّهِ وَهُوَ لَا تَعَدُّدَ فِيهِ وَلَا تَفَرُّعَ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْحُدُوثَ وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ قَدِيمٌ لَنَا عَلَى أَنَّهُ حَادِثٌ بِاعْتِبَارِ التَّعَلُّقِ التَّنْجِيزِيِّ فَلَا مَانِعَ فِيهِ مِنْ التَّعَدُّدِ وَالْفَرْعِ (قَوْلُهُ: مَا يَدُلُّ عَلَيْهِمَا) وَهُوَ دَلِيلُ الْأَصْلِ وَهُوَ النَّصُّ وَدَلِيلُ الْفَرْعِ وَهُوَ الْقِيَاسُ بِاعْتِبَارِ فَهْمِ الْمُجْتَهِدِ وَدُفِعَ بِهِ مَا يُقَالُ
وَعِلْمُ الْمُجْتَهِدِ بِهِ لِاعْتِبَارِ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَإِنَّ الْأَحْكَامَ قَدِيمَةٌ وَلَا تَفَرُّعَ فِي الْقَدِيمِ
(وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي الْأَصْلِ الَّذِي يُقَاسُ عَلَيْهِ (دَالٌّ عَلَى جَوَازِ الْقِيَاسِ عَلَيْهِ بِنَوْعِهِ أَوْ شَخْصِهِ وَلَا اتِّفَاقٌ عَلَى وُجُودِ الْعِلَّةِ فِيهِ خِلَافًا لِزَاعِمَيْهِمَا) بِالتَّثْنِيَةِ أَيْ زَاعِمِ اشْتِرَاطِ الْأَوَّلِ وَهُوَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ وَزَاعِمِ اشْتِرَاطِ الثَّانِي وَهُوَ بِشْرٌ الْمَرِيسِيِّ، فَعِنْدَ الْأَوَّلِ لَا يُقَاسُ فِي مَسَائِلِ الْبَيْعِ مَثَلًا إلَّا إذَا قَامَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْقِيَاسِ فِيهِ، وَعِنْدَ الثَّانِي لَا يُقَاسُ فِيمَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُودِ الْعِلَّةِ فِيهِ بَلْ لَا بُدَّ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْأَصْلِ مُعَلَّلٌ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ عِلَّتَهُ كَذَا وَمَا اشْتَرَطَاهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ.
ــ
[حاشية العطار]
الِاخْتِلَافُ بِاعْتِبَارِ الْمَحَلِّ لَا يُصَحِّحُ التَّفَرُّعَ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْحُدُوثَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّفَرُّعَ لَيْسَ مِنْ حَيْثُ ذَاتُ الْحُكْمِ بَلْ حَيْثُ دَلِيلُهُ (قَوْلُهُ: وَعِلْمُ الْمُجْتَهِدِ بِهِ) أَيْ بِالدَّلِيلِ لَا الْحُكْمِ فَإِنَّهُ بَعِيدٌ
(قَوْلُهُ: عَلَى وُجُودِ الْعِلَّةِ) أَيْ الْمُعَيَّنَةِ فَالنَّعْتُ مَحْذُوفٌ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْأَصْلِ مُعَلَّلٌ (قَوْلُهُ: أَيْ زَاعِمِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ خِلَافًا لِزَاعِمَيْهِمَا عَلَى التَّوْزِيعِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَعَمَ الشَّيْئَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ (قَوْلُهُ: عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ) هُوَ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ فَمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ نِسْبَةً إلَى بَيْعِ الْبُتُوتِ جَمْعُ بَتٍّ وَهِيَ الثِّيَابُ كَانَ يَبِيعُهَا بِالْبَصْرَةِ وَقِيلَ إلَى الْبَتِّ مَوْضِعٍ بِنَوَاحِي الْبَصْرَةِ وَهُوَ عُثْمَانُ بْنُ مُسْلِمٍ فَقِيهُ الْبَصْرَةِ فِي زَمَنِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: بِشْرٌ الْمَرِيسِيِّ) هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ نِسْبَةً إلَى مَرِّيسَةَ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى مِصْرَ وَهُوَ بِشْرُ بْنُ غِيَاثٍ كَانَ مِنْ الْمُبْتَدِعَةِ اهـ. زَكَرِيَّا.
وَلَيْسَ هُوَ مِنْ تِلْكَ الْقَرْيَةِ وَلَا مِنْ مِصْرَ، وَإِنَّمَا كَانَ بِبَغْدَادَ قَالَ صَاحِبُ عُيُونِ التَّوَارِيخِ بِشْرُ بْنُ غِيَاثٍ الْمُعْتَزِلِيُّ قَالَ الْخَطِيبُ كَانَ أَبُوهُ يَهُودِيًّا وَسَمِعَ الْفِقْهَ مِنْ أَبِي يُوسُفَ اشْتَغَلَ بِعِلْمِ الْكَلَامِ فَقَالَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَكَانَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيّ يَقُولُ بِشْرُ بْنُ غِيَاثٍ زِنْدِيقٌ لَهُ أَقْوَالٌ شَنِيعَةٌ وَمَذَاهِبُ مُسْتَنْكَرَةٌ كَفَّرَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِهَا، وَكَانَ إذَا دَعَا قَلَبَ يَدَهُ إلَى الْأَرْضِ وَجَعَلَ بَاطِنَهَا إلَيْهَا وَيَقُولُ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي الْأَرْضِ كَمَا هُوَ فِي السَّمَاءِ رُوِيَ أَنَّهُ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ قَوْمٌ بِبَغْدَادَ فَمَرَّ بِهِمْ يَهُودِيٌّ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ احْذَرُوهُ لَا يَفْسُدْ عَلَيْكُمْ دِينَكُمْ وَكِتَابَكُمْ كَمَا أَفْسَدَ عَلَيْنَا أَبُوهُ دِينَنَا وَكِتَابَنَا يَعْنِي التَّوْرَاةَ. قَالَ بَعْضُهُمْ رَأَيْت بِشْرًا شَيْخَنَا قَصِيرًا ذَمِيمًا قَبِيحَ الْمَنْظَرِ وَسِخَ الثِّيَابِ أَشْبَهَ شَيْءٍ بِالْيَهُودِ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ دَخَلَ بِشْرٌ عَلَى الْمَأْمُونِ فَقَالَ إنَّ هَاهُنَا رَجُلًا قَدْ هَجَانَا فِيمَا أَحْدَثْنَاهُ مِنْ الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ فَعَاتَبَهُ فَقَالَ إنْ كَانَ شَاعِرًا لَمْ أَقْدَمْ عَلَيْهِ فَقَالَ إنَّهُ يَدَّعِي الشِّعْرَ وَلَيْسَ بِشَاعِرٍ، فَقَالَ الْمَأْمُونُ حَتَّى أَخْتَبِرَهُ فَكَتَبَ إلَيْهِ:
قَدْ قَالَ مَأْمُونُنَا وَسَيِّدُنَا
…
قَوْلًا لَهُ فِي الْكِتَابِ تَصْدِيقُ
إنَّ عَلِيًّا يَعْنِي أَبَا حَسَنٍ
…
أَفْضَلُ مِمَّا أَقَلَّتْ النُّوقُ
بَعْدَ نَبِيِّ الْهُدَى وَإِنَّ لَنَا
…
أَعْمَالُنَا وَالْقُرْآنُ مَخْلُوقُ
فَكَتَبَ الْجَوَابَ:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ لَا قَوْلٌ وَلَا عَمَلٌ
…
لِمَنْ يَقُولُ كَلَامُ اللَّهِ مَخْلُوقُ
مَا قَالَ ذَاكَ أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ
…
وَلَا الرَّسُولُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ صِدِّيقُ
وَلَمْ يَقُلْ ذَاكَ إلَّا مُبْتَدِعٌ
…
عِنْدَ الْعِبَادِ وَعِنْدَ اللَّهِ زِنْدِيقُ
وَرَوَى الْخَطِيبُ عَنْ يَحْيَى بْنِ يُوسُفَ الزَّمِنِ قَالَ رَأَيْت إبْلِيسَ فِي الْمَنَامِ مُشَوَّهَ الْخَلْقِ وَهُوَ مُلَبَّسٌ بِالشَّعْرِ وَرَأْسُهُ إلَى أَسْفَلَ وَرِجْلَاهُ إلَى فَوْقُ وَفِي يَدَيْهِ عُيُونٌ مِثْلُ النَّارِ وَهُوَ يَقُولُ مَا مِنْ مَدِينَةٍ إلَّا وَلِي فِيهَا خَلِيفَةٌ قُلْت وَمَنْ خَلِيفَتُك بِالْعِرَاقِ قَالَ بِشْرٌ الْمَرِيسِيِّ دَعَا النَّاسَ إلَى مَا عَجَزْت عَنْهُ اهـ. مُلَخَّصًا.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ عِلَّتَهُ