الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ فَجَزَمُوا بِالرُّجُوعِ فَعَزَمَ عَلَيْهِ عَمْرٌو رضي الله عنه ثُمَّ جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَقَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «إذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ» فَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ ثُمَّ انْصَرَفَ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (أَمَّا وِفَاقُ الشَّافِعِيِّ زَيْدًا فِي الْفَرَائِضِ) حَتَّى تَرَدَّدَ حَيْثُ تَرَدَّدَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ زَيْدٍ (فَلِدَلِيلٍ لَا تَقْلِيدًا) بِأَنْ وَافَقَ اجْتِهَادَهُ وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم «أَعْلَمُ أُمَّتِي بِالْفَرَائِضِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَكَذَا الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ
(مَسْأَلَةُ الْإِلْهَامِ
إيقَاعُ شَيْءٍ فِي الْقَلْبِ يَثْلُجُ) بِضَمِّ اللَّامِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا أَيْ يَطْمَئِنُّ (لَهُ الصَّدْرُ يَخُصُّ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى بَعْضَ أَصْفِيَائِهِ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ لِعَدَمِ ثِقَةِ مَنْ لَيْسَ مَعْصُومًا بِخَوَاطِرِهِ) لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ مِنْ دَسِيسَةِ الشَّيْطَانِ فِيهَا خِلَافًا لِبَعْضِ الصُّوفِيَّةِ فِي قَوْلِهِ إنَّهُ حُجَّةٌ فِي حَقِّهِ أَمَّا الْمَعْصُومُ كَالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ حُجَّةٌ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ غَيْرِهِ إذَا تَعَلَّقَ بِهِمْ كَالْوَحْيِ
(خَاتِمَةٌ: قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ مَبْنَى الْفِقْهِ عَلَى) أَرْبَعَةِ أُمُورٍ (أَنَّ الْيَقِينَ لَا يُرْفَعُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ اسْتِصْحَابُهُ (بِالشَّكِّ) وَمِنْ مَسَائِلِهِ مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ يَأْخُذُ بِالطَّهَارَةِ (وَ) أَنَّ (الضَّرَرَ يُزَالُ) وَمِنْ مَسَائِلِهِ وُجُوبُ رَدِّ الْمَغْصُوبِ وَضَمَانِهِ بِالتَّلَفِ (وَ) أَنَّ (الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ) وَمَسَائِلُهُ جَوَازُ الْقَصْرِ وَالْجَمْعِ وَالْفِطْرِ فِي السَّفَرِ بِشَرْطِهِ
ــ
[حاشية العطار]
كُلٍّ مِنْهُمْ حُجَّةٌ مِنْ غَيْرِ انْضِمَامِ قَوْلِ غَيْرِهِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: مَشْيَخَةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الشَّيْنِ وَفَتْحِ الْيَاءِ كَمُتَرَتِّبَةٍ مِنْ جُمْلَةِ جُمُوعِ شَيْخٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا وِفَاقُ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ خَالِدٌ وَلَمَّا كَانَ هَاهُنَا مَظِنَّةَ سُؤَالٍ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْأَرْجَحَ مِنْ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَدِيدِ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ لَيْسَ حُجَّةً فَكَيْفَ احْتَجَّ بِقَوْلِ زَيْدٍ وَقَلَّدَهُ الْفَرَائِضَ أَشَارَ إلَى جَوَابِهِ بِقَوْلِهِ أَمَّا وِفَاقُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا تَقْلِيدًا) أَيْ فِي السِّيَاقِ وَالِاحْتِجَاجِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى السِّيَاقِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم إلَخْ) الْمَقْصُودُ مِنْهُ مُجَرَّدُ الثَّنَاءِ عَلَى زَيْدٍ إذْ لَا شَاهِدَ فِيهِ عَلَى مَا نَحْنُ فِيهِ
[مَسْأَلَةُ الْإِلْهَامِ]
(قَوْله يَثْلُجُ لَهُ الصَّدْرُ) أَيْ يَطْمَئِنُّ شَبَّهَ حَالَةَ اطْمِئْنَانِ الْقَلْبِ بِالْوَارِدَاتِ الرَّبَّانِيَّةِ وَسُكُونَ شُبْهَتِهِ بِحَالَةِ سُكُونِ حَرَارَةِ الْقِدْرِ الْحَاصِلَةِ بِإِصَابَةِ بَرْدِ الثَّلْجِ لَهُ وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالثَّلْجِ فَأَطْلَقَ عَلَيْهَا لَفْظَهَا فَفِي الْكَلَامِ اسْتِعَارَةٌ تَمْثِيلِيَّةٌ تَبَعِيَّةٌ قَالَهُ النَّجَّارِيُّ (قَوْلُهُ: بِضَمِّ اللَّامِ إلَخْ) فَهُوَ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ بَابِ دَخَلَ وَعَلَى الثَّانِي مِنْ بَابِ طَرِبَ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ) اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} [الحشر: 2] وَبِقَوْلِهِ {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ} [الغاشية: 17] إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْآيَاتِ الْآمِرَةِ بِالِاسْتِدْلَالِ وَلَمْ يَقَعْ الْأَمْرُ فِي الْأَحْكَامِ وَالْعَقَائِدِ بِالرُّجُوعِ إلَى الْقَلْبِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي حَقِّهِ) أَيْ فِي حَقِّ الْمُلْهَمِ دُونَ غَيْرِهِ بِذَلِكَ صَرَّحَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ السُّهْرَوَرْدِيّ وَمَالَ إلَيْهِ التَّفْتَازَانِيُّ فِي بَعْضِ مُصَنَّفَاتِهِ وَالْحَقُّ كَمَا قَالَ صَاحِبُ مَتْنِ الْعَقَائِدِ النَّسَفِيَّةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَسْبَابَ الْعِلْمِ، وَالْإِلْهَامُ لَيْسَ مِنْ أَسْبَابِ الْمَعْرِفَةِ فَالْمَرْجُوعُ إلَيْهِ فِي الْأَحْكَامِ هُوَ الشَّرْعُ وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَيَقْرَبُ مِنْ الْإِلْهَامِ رُؤْيَا الْمَنَامِ فَمَنْ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي نَوْمِهِ يَأْمُرُهُ بِشَيْءٍ أَوْ يَنْهَاهُ عَنْهُ لَا يَجُوزُ اعْتِمَادُهُ مَعَ أَنَّ مَنْ رَآهُ فَقَدْ رَآهُ حَقًّا لِعَدَمِ ضَبْطِ الرَّائِي اهـ
[خَاتِمَةٌ مَبْنَى الْفِقْهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أُمُورٍ]
(قَوْلُهُ: خَاتِمَةٌ) أَيْ فِي قَوَاعِدَ ثَبَتَ مَضْمُونُهَا بِالدَّلِيلِ فَشَبَّهَ ارْتِبَاطَ جُزْئِيَّاتِهَا بِهَا فِي تَعَرُّفِ حُكْمِهَا مِنْهَا بِارْتِبَاطِ الْمَدْلُولِ بِالدَّلِيلِ فِي تَعَرُّفِ حُكْمِهِ مِنْهُ فَنَاسَبَ لِذَلِكَ إيرَادُهَا خَاتِمَةً لِلْكَلَامِ فِي الْأَدِلَّةِ (قَوْلُهُ: مَبْنَى الْفِقْهِ) أَيْ وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ أَوْ أَنَّ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْأَغْلَبِ وَإِلَّا فَهِيَ تَزِيدُ عَلَى مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: الْيَقِينُ لَا يُرْفَعُ بِالشَّكِّ) أَيْ مُطْلَقِ التَّرَدُّدِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا فَلَا يَنْصَرِفْ مِنْ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ اسْتِصْحَابُهُ) أَيْ اسْتِصْحَابُ حُكْمِهِ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ فَلَا يُعْقَلُ اجْتِمَاعُهُ مَعَ الشَّكِّ أَصْلًا فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ لَا يَرْفَعُهُ حَتَّى يَبْقَى (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَشْبَاهِ وَإِنْ ثَبَتَ قُلْت إذَا ضَاقَ الْأَمْرُ اتَّسَعَ وَقَدْ عَزَا الْخَطَّابِيُّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ إلَى الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه عِنْدَ كَلَامِهِ عَلَى الذُّبَابِ يَقَعُ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ وَيَقْرَبُ مِنْهَا الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ وَمِنْ ثَمَّ التَّيَمُّمُ وَالْمَسْحُ وَصَلَاةُ الْمُتَنَفِّلِ قَاعِدًا وَالرُّخَصُ إسْقَاطًا وَتَخْفِيفًا.
(قَوْلُهُ: مِنْ مَسَائِلِهِ جَوَازُ الْقَصْرِ إلَخْ)
(وَ) أَنَّ (الْعَادَةَ مُحَكَّمَةٌ) بِفَتْحِ الْكَافِ الْمُشَدَّدَةِ وَمِنْ مَسَائِلِهِ أَقَلُّ الْحَيْضِ وَأَكْثَرُهُ (قِيلَ) زِيَادَةً عَلَى الْأَرْبَعَةِ (وَ) أَنَّ (الْأُمُورَ بِمَقَاصِدِهَا) وَمِنْ مَسَائِلِهِ وُجُوبُ النِّيَّةِ فِي الطَّهَارَةِ وَرَجَّعَهُ الْمُصَنِّفُ إلَى الْأَوَّلِ فَإِنَّ الشَّيْءَ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْيَقِينَ عُدِمَ حُصُولُهُ
ــ
[حاشية العطار]
وَمِنْهَا لَوْ تَنَجَّسَ الْخُفُّ بِخَرْزِهِ مِنْ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ فَغُسِلَ سَبْعًا إحْدَاهُنَّ بِتُرَابٍ طَاهِرٍ طَهُرَ ظَاهِرُهُ دُونَ بَاطِنِهِ وَهُوَ مَوْضِعُ الْخَرْزِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْأَطْعِمَةِ وَقِيلَ كَانَ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ يُصَلِّي فِي الْخُفِّ النَّوَافِلَ دُونَ الْفَرَائِضِ فَرَاجَعَهُ الْقَفَّالُ فَقَالَ إذَا ضَاقَ الْأَمْرُ اتَّسَعَ قَالَ الرَّافِعِيُّ أَشَارَ إلَى كَثْرَةِ النَّوَافِلِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ بَلْ إلَى عُمُومِ الْبَلْوَى بِذَلِكَ وَمَشَقَّةُ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ فَعُفِيَ عَنْهُ مُطْلَقًا وَكَانَ لَا يُصَلِّي فِيهِ الْفَرِيضَةَ احْتِيَاطًا لَهَا وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فِي اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَشْبَاهِ (قَوْلُهُ: مُحَكَّمَةٌ) أَيْ حَكَّمَهَا الشَّرْعُ فَيُعْمَلُ بِهَا شَرْعًا فَهِيَ كَالْحُكْمِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ مَسَائِلِهِ أَقَلُّ الْحَيْضِ أَوْ أَكْثَرُهُ) وَكَذَلِكَ قِصَرُ الزَّمَانِ وَطُولُهُ عِنْدَ الْبِنَاءِ عَلَى الصَّلَاةِ أَوْ الِاسْتِئْنَافِ، وَتَنَاوُلُ الثِّمَارِ السَّاقِطَةِ مِنْ الْأَشْجَارِ الْمَمْلُوكَةِ فِي الطَّرِيقِ، وَأَخْذُ ظَرْفِ هَدِيَّةٍ لَمْ يُعْتَدْ رَدُّ مِثْلِهِ، وَحَمْلُ الْإِذْنِ فِي النِّكَاحِ عَلَى الْكُفُؤِ، وَمَهْرُ الْمِثْلِ، وَاعْتِمَادُ الْعُرْفِ فِي قَدْرِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْ دَمِ الْبَرَاغِيثِ وَفِي قَدْرِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لِمَنْ جَمَعَ تَقْدِيمًا، وَخِفَّةُ اللِّحْيَةِ وَكَثَافَتُهَا فِي الْوُضُوءِ، وَقَدْرُ الْمُحَقَّرَاتِ فِي الْبَيْعِ وَمِنْهَا كُتُبُ الْمُرَاسَلَاتِ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاعِ فِي بَابِ الْوَلِيمَةِ مِنْ الشَّامِلِ حَكَى الْقَاضِي أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا قَالَ لَا يَمْلِكُهَا الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ وَلَكِنْ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا بِحُكْمِ الْعَادَةِ الْجَارِيَةِ فِي إبَاحَةِ ذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَشْبَاهِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْأُمُورَ بِمَقَاصِدِهَا) أَيْ لَا تَحْصُلُ الْعِبَادَاتُ إلَّا بِقَصْدِهَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَشْبَاهِ وَأَرْشَقُ وَأَحْسَنُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ قَوْلُ مَنْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ إنَّمَا «الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» .
(قَوْلُهُ: وَرَجَّعَهُ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) رَجَّعَهُ غَيْرُهُ إلَى تَحْكِيمِ الْعَادَةِ فَإِنَّهَا تَقْضِي أَنَّ غَيْرَ الْمَنْوِيِّ كَغُسْلٍ وَصَلَاةٍ وَكِتَابَةٍ فِي عَقْدٍ لَا يُسَمَّى غُسْلًا وَلَا قُرْبَةً وَلَا عَقْدًا هَذَا وَقَدْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ رُجُوعَ الْجَمِيعِ إلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ اهـ. زَكَرِيَّا.
وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ رُجُوعَ الْجَمِيعِ الْأُمُورَ الْأَرْبَعَةَ فَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ رُجُوعِ الْفِقْهِ كُلِّهِ إلَى قَاعِدَتَيْنِ اعْتِبَارِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ كَمَا شَرَحَ ذَلِكَ فِي قَوَاعِدِهِ وَأَمَّا قَاعِدَةُ سَدِّ الذَّرَائِعِ فَقَدْ اُشْتُهِرَتْ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَزَعَمَ الْقَرَافِيُّ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَقُولُ بِهَا وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمَالِكِيَّةِ إلَّا مِنْ حَيْثُ زِيَادَتُهُمْ فِيهَا قَالَ فَإِنَّ مِنْ الذَّرَائِعِ مَا يُعْتَبَرُ إجْمَاعًا كَحَفْرِ الْآبَارِ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ وَإِلْقَاءِ السُّمِّ فِي طَعَامِهِمْ وَسَبِّ الْأَصْنَامِ عِنْدَ مَنْ يُعْلَمُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ يَسُبُّ اللَّهَ عِنْدَ سَبِّهَا وَتُلْغَى إجْمَاعًا كَزِرَاعَةِ الْعِنَبِ فَإِنَّهَا لَا تُمْنَعُ خَشْيَةَ الْخَمْرِ وَمَا يُخْتَلَفُ فِيهِ كَبُيُوعِ الْآجَالِ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَقَدْ أَطْلَقَ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ عَلَى أَعَمَّ مِنْهَا ثُمَّ زَعَمَ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَقُولُ بِبَعْضِهَا وَسَنُوَضِّحُ لَك أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يَقُولُ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَأَنَّ مَا ذُكِرَ أَنَّ الْأُمَّةَ أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ مُسَمَّى سَدِّ الذَّرَائِعِ فِي شَيْءٍ نَعَمْ حَاوَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَخْرِيجَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ مِنْ الْأُمِّ عِنْدَ النَّهْيِ عَنْ مَنْعِ الْمَاءِ لِيَمْنَعَ بِهِ الْكَلَأَ أَنَّ مَا كَانَ ذَرِيعَةً إلَى مَنْعِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَمْ يَحِلَّ وَكَذَا مَا كَانَ ذَرِيعَةً إلَى إحْلَالِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ اهـ.
فَقَالَ فِي هَذَا مَا يُثْبِتُ أَنَّ الذَّرَائِعَ إلَى الْحَرَامِ وَالْحَلَالِ تُشْبِهُ مَعَانِيَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ اهـ.
وَنَازَعَهُ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْوَالِدُ وَقَالَ إنَّمَا أَرَادَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تَحْرِيمَ الْوَسَائِلِ لَا سَدَّ الذَّرَائِعِ وَالْوَسَائِلُ تَسْتَلْزِمُ الْمُتَوَسَّلَ إلَيْهِ وَمِنْ هَذَا مَنْعُ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ مَنْعَ الْكَلَأِ الَّذِي هُوَ حَرَامٌ وَنَحْنُ لَا نُنَازِعُ فِيمَا يَسْتَلْزِمُ مِنْ الْوَسَائِلِ وَلِذَلِكَ نَقُولُ مَنْ حَبَسَ شَخْصًا وَمَنَعَهُ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَهُوَ قَاتِلٌ لَهُ وَمَا هَذَا مِنْ سَدِّ الذَّرَائِعِ فِي شَيْءٍ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي نَفْسِ الذَّرَائِعِ لَا فِي سَدِّهَا وَأَصْلُ النِّزَاعِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمَالِكِيَّةِ إنَّمَا هُوَ فِي سَدِّهَا (قَوْلُهُ: عَدَمَ حُصُولِهِ) أَيْ شَرْعًا وَإِنْ وُجِدَتْ صُورَتُهُ فِي الْخَارِجِ