الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ أُقْرِعَ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ لَا أَصْلَ لَهَا فِي الشَّرْعِ فِي ذَلِكَ.
(مَسْأَلَةُ الْمُنَاسَبَةُ تَنْخَرِمُ) أَيْ تَبْطُلُ (بِمَفْسَدَةٍ تَلْزَمُ) الْحُكْمَ (رَاجِحَةٍ) عَلَى مَصْلَحَتِهِ (أَوْ مُسَاوِيَةٌ) لَهَا (خِلَافًا لِإِمَامِ) الرَّازِيّ فِي قَوْلِهِ بِبَقَائِهَا مَعَ مُوَافَقَتِهِ عَلَى انْتِفَاءِ الْحُكْمِ فَهُوَ عِنْدَهُ لِوُجُودِ الْمَانِعِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لِانْتِفَاءِ الْمُقْتَضِي.
(السَّادِسُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ مَا يُسَمَّى بِالشَّبَهِ
ــ
[حاشية العطار]
ذَلِكَ كَمَا هُنَا، وَإِنَّمَا الْبَحْثُ فِي أَنَّ قَضِيَّةَ الْعِبَارَةِ اسْتِئْصَالُ جَمِيعِ مَنْ عَدَا التُّرْسِ مِنْ الْمَوْجُودِينَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ الْأُمَّةِ، وَقَضِيَّتُهُ مَا فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ اعْتِبَارُ اسْتِئْصَالِ بَقِيَّةِ الْجَيْشِ فَقَطْ، وَقَدْ يُوَجَّهُ قَضِيَّةُ الْعِبَارَةِ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ حِفْظُ الْأُمَّةِ بِحِفْظِ الْجَيْشِ؛ لِأَنَّهُ الدَّافِعُ عَنْهَا وَالْقَائِمُ بِحِفْظِهَا كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ كَانَ اسْتِئْصَالُهُ بِمَنْزِلَةِ اسْتِئْصَالِ الْجَمِيعِ أَوْ مَظِنَّةً لَهُ فَجُعِلَ فِي حُكْمِهِ لَكِنَّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ اسْتِئْصَالُ بَقِيَّةِ الْجَيْشِ بِحَيْثُ يُخْشَى مَعَهُ عَلَى الْأُمَّةِ.
بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَمَا لَوْ لَمْ يَحْضُرْ الْوَقْعَةَ إلَّا بَعْضُ جَيْشِ الْإِسْلَامِ، وَكَانَ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ بِحَيْثُ يَحْصُلُ بِهِ الْحِفْظُ التَّامُّ لِلْأُمَّةِ، وَقَدْ تُسْتَشْكَلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِمَسْأَلَةِ غَرَقِ السَّفِينَةِ إذَا كَانَ مَنْ بِهَا جَيْشَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ اسْتِئْصَالَ الْجَيْشِ فِي الْحَرْبِ مِمَّا لَا يُمْكِنُ دَفْعُ مَفْسَدَتِهِ لِمُسَارَعَةِ الْكُفَّارِ حِينَئِذٍ إلَى اسْتِئْصَالِ بَقِيَّةِ الْمُسْلِمِينَ بِنَحْوِ الْقَتْلِ وَالْأَسْرِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ تَهْيِئَةِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَ الْجَيْشِ، وَلَا كَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْغَرَقِ ثُمَّ قَدْ تُشْكِلُ أَيْضًا بِمَا إذَا كَانَ الْأَسْرَى أَكْثَرَ مِنْ الْمُحَارِبِينَ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّهُمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ تَحْتَ الْقَهْرِ، وَلَمْ يَقُومُوا بِالدَّفْعِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ الْمُقَاتِلِينَ فَإِنَّهُمْ قَامُوا بِالدَّفْعِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فَقَتْلُهُمْ يُؤَدِّي لِمَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ (قَوْلُهُ:، وَإِنْ أُقْرِعَ) قِيلَ هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِيَّةِ فَإِنَّهُ يُقْرَعُ عِنْدَهُمْ لِأَجْلِ نَجَاةِ الْبَاقِينَ لَكِنْ بَعْدَ رَمْيِ الْأَمْوَالِ غَيْرِ الرَّقِيقِ، وَلَا فَرْقَ عِنْدَهُمْ بَيْنَ الْحُرِّ وَالرَّقِيقِ (اسْتِطْرَادٌ) ذَكَرَ الصَّلَاحُ الصَّفَدِيُّ أَنَّ مَرْكَبًا كَانَ فِي الْبَحْرِ وَفِيهِ مُسْلِمُونَ وَكُفَّارٌ فَأَشْرَفُوا عَلَى الْغَرَقِ وَأَرَادُوا أَنْ يَرْمُوا بَعْضَهُمْ إلَى الْبَحْرِ لِتَخِفَّ الْمَرْكَبُ وَيَنْجُوا فَقَالُوا: نَقْتَرِعُ وَمَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ أَلْقَيْنَاهُ فَقَالَ الرَّئِيسُ نَعُدُّ الْجَمَاعَةَ فَكُلُّ مَنْ كَانَ تَاسِعًا فِي الْعَدَدِ أَلْقَيْنَاهُ فَارْتَضَوْا بِذَلِكَ فَلَمْ يَزَلْ يَعُدُّهُمْ وَيُلْقِي التَّاسِعَ فَالتَّاسِعَ إلَى أَنْ أَلْقَى الْكُفَّارَ أَجْمَعِينَ وَسَلِمَ الْمُسْلِمُونَ وَكَانَ وَضَعَهُمْ عَلَى هَيْئَةٍ مَخْصُوصَةٍ بِأَنْ وَضَعَ أَرْبَعَةً مُسْلِمِينَ وَخَمْسَةً كُفَّارًا ثُمَّ مُسْلِمَيْنِ ثُمَّ كَافِرًا إلَى آخِرِ ذَلِكَ وَوَضَعَ لَهُمْ ضَابِطًا، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ:
اللَّهُ يَقْضِي بِكُلِّ يُسْرٍ
…
وَيَرْزُقُ الضَّيْفَ حَيْثُ كَانَ
فَمُهْمَلُ الْحُرُوفِ لِلْمُسْلِمِينَ وَمُعْجَمُهَا لِلْكُفَّارِ وَالِابْتِدَاءُ بِالْمُسْلِمِينَ وَالسَّيْرُ إلَى جِهَةِ الشِّمَالِ بِالْعَدَدِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ، وَإِنْ أَرَدْت إيضَاحَهُ فَضَعْ نُقَطًا سَوْدَاءَ مَكَانَ الْمُسْلِمِينَ مَثَلًا بِعَدَدِ الْحُرُوفِ الْمُهْمَلَةِ الْأَوَّلِ ثُمَّ ضَعْ نُقَطًا حَمْرَاءَ بِعَدَدِ الْكُفَّارِ، وَهَكَذَا مُرَاعِيًا الْمُهْمَلَ مِنْ حُرُوفِ الْبَيْتِ وَالْمُعْجَمَ مِنْهُ يَتَّضِحُ لَك الْحَالُ.
[مَسْأَلَةُ الْمُنَاسَبَةُ تَنْخَرِمُ بِمَفْسَدَةٍ تَلْزَمُ الْحُكْمَ رَاجِحَةٍ عَلَى مَصْلَحَتِهِ أَوْ مُسَاوِيَةٍ لَهَا]
(قَوْلُهُ: بِمَفْسَدَةٍ) أَيْ بِاشْتِمَالِ الْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ عَلَى مَفْسَدَةٍ مُعَارِضَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ، وَإِنَّمَا انْخَرَمَتْ لِقَضَاءِ الْعَقْلِ بِأَنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ مَعَ وُجُودِ الْمَفْسَدَةِ؛ لِأَنَّ دَرْءَ الْمَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَيُمَثَّلُ لِذَلِكَ بِمَا إذَا سَلَكَ مُسَافِرٌ الطَّرِيقَ الْبَعِيدَ لَا لِغَرَضٍ غَيْرِ الْقَصْرِ فَإِنَّهُ لَا يَقْصُرُ فِي الْأَظْهَرِ؛ لِأَنَّ الْمُنَاسِبَ، وَهُوَ السَّفَرُ الْبَعِيدُ عُورِضَ بِمَفْسَدَةٍ وَهِيَ الْعُدُولُ عَنْ الْقَرِيبِ لَا لِغَرَضٍ غَيْرِ الْقَصْرِ حَتَّى كَأَنَّهُ حَصَرَ قَصْدَهُ فِي تَرْكِ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَشَقَّةَ فِي السَّفَرِ الْمُنَاسِبِ لِلْقَصْرِ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا مَصْلَحَةُ التَّخْفِيفِ بِالْقَصْرِ فَإِذَا عَدَلَ عَنْ طَرِيقٍ قَصِيرَةٍ إلَى طَوِيلَةٍ كَانَ ذَلِكَ مَفْسَدَةً لِدُخُولِهِ عَلَى إسْقَاطِ شَطْرِ الصَّلَاةِ بِدُونِ عُذْرٍ فَقَدْ عَارَضَتْ هَذِهِ الْمَفْسَدَةُ مَصْلَحَةَ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَصْلَحَتِهِ) أَيْ عَلَى عِلَّةِ مَصْلَحَتِهِ أَوْ عَلَى مُقْتَضَى مَصْلَحَتِهِ (قَوْلُهُ: مَعَ مُوَافَقَتِهِ إلَخْ) فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ هَذَا الْوَصْفَ هَلْ يَبْقَى فِيهِ مَعَ ذَلِكَ مُنَاسَبَةٌ أَمْ لَا مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى ذَلِكَ.
[السَّادِسُ مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ مَا يُسَمَّى بِالشَّبَهِ]
(قَوْلُهُ: مَا يُسَمَّى بِالشَّبَهِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ السَّادِسُ إلَخْ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مُقَدَّرٌ وَأَنَّ قَوْلَهُ الشَّبَهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ مَنْزِلَةٌ إلَخْ ثُمَّ إنَّ الشَّبَهَ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَسْلَكِ وَبَيْنَ الْوَصْفِ فِيهِ
كَالْوَصْفِ فِيهِ الْمُعَرَّفِ بِقَوْلِهِ (الشَّبَهُ مَنْزِلَةٌ بَيْنَ الْمُنَاسِبِ وَالطَّرْدِ) أَيْ ذُو مَنْزِلَةٍ بَيْنَ مَنْزِلَتَيْهِمَا فَإِنَّهُ يُشْبِهُ الطَّرْدَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ غَيْرُ مُنَاسِبٍ بِالذَّاتِ وَيُشْبِهُ الْمُنَاسِبَ بِالذَّاتِ مِنْ حَيْثُ الْتِفَاتُ الشَّرْعِ إلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ كَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ فِي الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَةِ قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَقَدْ تَكَاثَرَ التَّشَاجُرُ فِي تَعْرِيفِ هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ، وَلَمْ أَجِدْ لِأَحَدٍ تَعْرِيفًا صَحِيحًا فِيهَا (وَقَالَ الْقَاضِي) أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ (هُوَ الْمُنَاسِبُ بِالتَّبَعِ) كَالطَّهَارَةِ لِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ
ــ
[حاشية العطار]
الْمُعَرَّفِ بِقَوْلِهِ الشَّبَهُ إلَخْ فَإِنَّ الْمُنَاسِبَ وَالطَّرْدَ مِنْ قَبِيلِ الْأَوْصَافِ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّبَهِ فِي التَّعْرِيفِ الْوَصْفُ لَا الْمَسْلَكُ وَأَمَّا الْمَسْلَكُ الْمُسَمَّى بِالشَّبَهِ فَهُوَ كَوْنُ الْوَصْفِ شَبِيهًا أَيْ لَيْسَ مُنَاسِبًا بِالذَّاتِ، وَهُوَ مِمَّا اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ وَتَحْقِيقُ كَوْنِهِ أَيْ الشَّبَهِ بِمَعْنَى الْوَصْفِ مِنْ الْمَسَالِكِ أَنَّ الْوَصْفَ كَمَا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُنَاسِبًا فَيُظَنُّ بِذَلِكَ كَوْنُهُ عِلَّةً كَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ شَبِيهًا فَيُفِيدُ ظَنًّا بِالْعِلِّيَّةِ، وَقَدْ يُنَازِعُ فِي إفَادَتِهِ الظَّنَّ فَيَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهِ بِشَيْءٍ مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الْمُنَاسَبَةِ، وَإِلَّا لَخَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ شَبِيهًا إلَى كَوْنِهِ مُنَاسِبًا مَعَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّقَابُلِ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَالْوَصْفِ فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْمَسْلَكِ وَقَوْلُهُ الْمُعَرَّفِ صِفَةٌ لِلْوَصْفِ (قَوْلُهُ: أَيْ ذُو مَنْزِلَةٍ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الشَّبَهَ بِمَعْنَى الْوَصْفِ وَأَلْجَأَهُ إلَى ذَلِكَ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْمُنَاسِبِ وَالطَّرْدِ وَفِيهِ أَنَّ الْمُنَاسِبَ وَالطَّرْدَ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْمَسْلَكِ فَيَصِحُّ جَعْلُ التَّعْرِيفِ لِلْمَسْلَكِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى مَا تَكَلَّفَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْتِفَاتُ الشَّرْعِ إلَيْهِ) أَيْ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ فَإِنَّ الْأُنُوثَةَ اُلْتُفِتَ إلَيْهَا مِنْ حَيْثُ نَفْيُهَا فِي نَحْوِ الْقَضَاءِ لَا الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: فِي تَعْرِيفِ هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ) أَيْ ذِي الْمَنْزِلَةِ، وَهُوَ الْوَصْفُ بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ: بِالتَّبَعِ) أَيْ بِالِاسْتِلْزَامِ مَثَّلَ لَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِتَعْلِيلِ وُجُوبِ النِّيَّةِ فِي التَّيَمُّمِ بِكَوْنِهِ طَهَارَةً يُقَاسُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ فَإِنَّ الطَّهَارَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ لَا تُنَاسِبُ اشْتِرَاطَ النِّيَّةِ، وَإِلَّا اُشْتُرِطَتْ فِي الطَّهَارَةِ عَنْ النَّجِسِ لَكِنْ تُنَاسِبُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا عِبَادَةٌ وَالْعِبَادَةُ مُنَاسِبَةٌ لِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ اهـ.
وَتَعَقَّبَهُ سم بِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُنَاسِبُ لِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ جِهَةَ الْعِبَادَةِ فَهَلَّا اُشْتُرِطَتْ فِي الطَّهَارَةِ عَنْ النَّجِسِ لِتَحَقُّقِ تِلْكَ الْجِهَةِ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ لَمْ تُوضَعْ لِلتَّعَبُّدِ، وَقَدْ لَا تَكُونُ وَاجِبَةً وَلَا مَنْدُوبَةً كَإِزَالَتِهَا عَنْ أَرْضٍ فَإِنَّهَا قَدْ تُزَالُ دَفْعًا لِلِاسْتِقْذَارِ اهـ.
وَأُورِدَ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ يُجْمَعُ بِالْمُسْتَلْزِمِ مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ لِلَازِمِ الْمُنَاسِبِ
فَإِنَّهَا إنَّمَا تُنَاسِبُهُ بِوَاسِطَةِ أَنَّهَا عِبَادَةٌ بِخِلَافِ الْمُنَاسِبِ بِالذَّاتِ كَالْإِسْكَارِ لِحُرْمَةِ الْخَمْرِ، (وَلَا يُصَارُ إلَيْهِ) بِأَنْ يُصَارَ إلَى قِيَاسِهِ (مَعَ إمْكَانِ قِيَاسِ الْعِلَّةِ) الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْمُنَاسِبِ بِالذَّاتِ (إجْمَاعًا فَإِنْ تَعَذَّرَتْ) أَيْ الْعِلَّةُ بِتَعَذُّرِ الْمُنَاسِبِ بِالذَّاتِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُ قِيَاسِ الشَّبَهِ (فَقَالَ الشَّافِعِيُّ) رضي الله عنه هُوَ (حُجَّةٌ) نَظَرًا لِشَبَهِهِ بِالْمُنَاسِبِ (وَقَالَ) أَبُو بَكْرٍ (الصَّيْرَفِيُّ وَ) أَبُو إِسْحَاقَ (الشِّيرَازِيُّ مَرْدُودٌ) نَظَرًا لِشَبَهِهِ بِالطَّرْدِ (وَأَعْلَاهُ) عَلَى الْقَوْلِ بِحُجِّيَّتِهِ (قِيَاسُ غَلَبَةِ الْأَشْبَاهِ فِي الْحُكْمِ وَالصِّفَةِ) ، وَهُوَ إلْحَاقُ فَرْعٍ مُرَدَّدٍ بَيْنَ أَصْلَيْنِ بِأَحَدِهِمَا الْغَالِبِ شَبَهُهُ بِهِ فِي الْحُكْمِ وَالصِّفَةِ عَلَى شَبَهِهِ بِالْآخَرِ فِيهِمَا إلْحَاقَ الْعَبْدِ بِالْمَالِ فِي إيجَابِ الْقِيمَةِ بِقَتْلِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ؛ لِأَنَّ شَبَهَهُ بِالْمَالِ فِي الْحُكْمِ وَالصِّفَةِ أَكْثَرُ مِنْ شَبَهِهِ بِالْحُرِّ فِيهِمَا (ثُمَّ) الْقِيَاسُ (الصُّورِيُّ)
ــ
[حاشية العطار]
بِالذَّاتِ فَفِيهِ أَنَّهُ كَيْفَ يُقَالُ بِغَيْرِ الْمُنَاسِبِ مَعَ وُجُودِهِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يُجْمَعُ بِالْمُنَاسِبِ بِالذَّاتِ فَفِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ حِينَئِذٍ مِنْ قِيَاسِ الشَّبَهِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الْجَمْعَ بِالْمُسْتَلْزَمِ بِاعْتِبَارِ لَازِمِهِ الْمُنَاسِبِ بِالذَّاتِ لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ فَالْجَمْعُ حِينَئِذٍ بِذَلِكَ الْمُنَاسِبِ بِالذَّاتِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ اكْتَفَى بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا) أَيْ الطَّهَارَةَ إنَّمَا تُنَاسِبُهُ أَيْ الِاشْتِرَاطَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُنَاسِبِ بِالذَّاتِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْمُنَاسِبِ بِالذَّاتِ ظُهُورُ الْعِلَّةِ إذَا عُرِضَتْ عَلَى ذَوِي الْعُقُولِ السَّلِيمَةِ (قَوْلُهُ:، وَلَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَخْ) يُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَتْ جِهَاتُ الْقِيَاسِ يُصَارُ إلَى أَقْوَاهَا وَقَوْلُهُ بِأَنَّهُ يُصَارُ إلَى قِيَاسِهِ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ كَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يَقُولَ، وَلَا يُصَارُ إلَى قِيَاسِهِ لِيُوَافِقَ قَوْلُهُ مَعَ إمْكَانِ قِيَاسِ الْعِلَّةِ إذْ الْمُقَابَلَةُ إنَّمَا تَحْصُلُ بَيْنَ الْقِيَاسَيْنِ لَا بَيْنَ الشَّبَهِ وَالْقِيَاسِ لَكِنَّهُ أَقَامَ الْمُسَبَّبَ مَقَامَ السَّبَبِ فَإِنَّ الصَّيْرُورَةَ إلَى قِيَاسِهِ سَبَبٌ لِلصَّيْرُورَةِ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَتْ أَيْ الْعِلَّةُ إلَخْ) يَعْنِي كَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يَقُولَ فَإِنْ تَعَذَّرَ قِيَاسُ اللُّغَةِ لَكِنَّهُ أَقَامَ الْمُسَبَّبَ مَقَامَ السَّبَبِ إذْ تَعَذُّرُ قِيَاسِ الْعِلَّةِ سَبَبٌ فِي تَعَذُّرِهَا (قَوْلُهُ: وَأَعْلَاهُ) أَيْ أَعْلَى أَقْيِسَتِهِ قِيَاسُ غَلَبَةِ الْأَشْبَاهِ، وَهُوَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَالْأَشْبَاهُ جَمْعُ شَبَهٍ وَقَوْلُهُ فِي الْحُكْمِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ جَعَلَهُ نَوْعًا مِنْ قِيَاسِ الشَّبَهِ الَّذِي هُوَ مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ وَقَالَ الْعَضُدُ لَيْسَ نَوْعًا مِنْ الشَّبَهِ بَلْ حَاصِلُهُ تَعَارُضُ مُنَاسِبَيْنِ رَجَحَ أَحَدُهُمَا أَيْ فَهُوَ مِنْ مَسْلَكِ الْمُنَاسِبِ لَا مِنْ الْمَسْلَكِ الْمُسَمَّى بِالشَّبَهِ وَخَالَفَ أَيْضًا فِي الْإِلْحَاقِ فَجَعَلَ إلْحَاقَ الْعَبْدِ بِالْحُرِّ أَشْبَهَ مِنْهُ بِالْمَالِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ شَبَهَ الْوَصْفِ بِمُنَاسِبَيْنِ لَا يُنَافِي شَبَهَهُ بِالطَّرْدِيِّ أَيْضًا فَمَا فَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ أَقْعَدُ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ أَعْلَى قِيَاسِ الشَّبَهِ مُطْلَقًا مَا لَهُ أَصْلٌ وَاحِدٌ لِسَلَامَةِ أَصْلِهِ مِنْ مُعَارَضَةِ أَصْلٍ آخَرَ لَهُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ لِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فِي الْحُكْمِ) كَبَيْعِهِ وَإِجَارَتِهِ وَإِعَارَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالصِّفَةِ) كَقِلَّةِ الْقِيمَةِ وَكَثْرَتِهَا بِاعْتِبَارِ الصِّفَاتِ (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ مِنْ شَبَهِهِ إلَخْ) الَّذِي فِي الْعَضُدِ أَنَّ شَبَهَهُ بِالْحُرِّ فِيهَا أَكْثَرَ يَعْنِي؛ لِأَنَّهُ يُشَابِهُهُ فِي الصِّفَاتِ الْبَدَنِيَّةِ وَالنَّفْسَانِيَّةِ، وَفِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ التَّكْلِيفِيَّةِ اهـ. نَاصِرٌ.
قَالَ سم الْمُعَارَضَةُ بِمَا فِي الْعَضُدِ لَا تُفِيدُ إذْ مُتَابَعَةُ الشَّارِحِ لَهُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ وَأَنَّ مَا وَجَّهَ بِهِ كَلَامَهُ لَا يُفِيدُ أَكْثَرِيَّةَ الْمُشَابَهَةِ لِلْحُرِّ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ أَنَّهُ يُشَابِهُهُ فِيمَا ذُكِرَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمُشَابَهَةُ أَكْثَرَ مِنْ مُشَابَهَتِهِ لِلْمَالِ وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَشَى عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ مِنْ إلْحَاقِ الْعَبْدِ فِي الضَّمَانِ بِالْأَمْوَالِ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ الْقِيَاسُ الصُّورِيُّ) أَيْ قِيَاسُ الشَّبَهِ فِي الصُّورَةِ