الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَمَا يَكُونُ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ (كَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ فِي الْعِتْقِ) فَإِنَّهُمَا لَمْ يُعْتَبَرَا فِيهِ فَلَا يُعَلَّلُ بِهِمَا شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِهِ، وَإِنْ اُعْتُبِرَا فِي الشَّهَادَةِ وَالْقَضَاءِ وَالْإِرْثِ وَوِلَايَةِ النِّكَاحِ. وَالطَّرْدُ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ كَالطُّولِ وَالْقِصَرِ فَإِنَّهُمَا لَمْ يُعْتَبَرَا فِي الْقِصَاصِ، وَلَا الْكَفَّارَةِ، وَلَا الْإِرْثِ وَلَا الْعِتْقِ، وَلَا غَيْرِهِمَا فَلَا يُعَلَّلُ بِهِمَا حُكْمٌ أَصْلًا (وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ طُرُقِ الْإِبْطَالِ (أَنْ لَا تَظْهَرَ مُنَاسَبَةُ) الْوَصْفِ (الْمَحْذُوفِ) عَنْ الِاعْتِبَارِ لِلْحُكْمِ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهَا لِانْتِفَاءِ مُثْبِتِ الْعِلِّيَّةِ بِخِلَافِهِ فِي الْإِيمَاءِ (وَيَكْفِي) فِي عَدَمِ ظُهُورِ مُنَاسَبَتِهِ (قَوْلُ الْمُسْتَدِلِّ: بَحَثْتُ فَلَمْ أَجِدْ) فِيهِ (مُوهِمَ مُنَاسَبَةٍ) أَيْ مَا يُوقِعُ فِي الْوَهْمِ أَيْ الذِّهْنِ مُنَاسَبَةً لِعَدَالَتِهِ مَعَ أَهْلِيَّةِ النَّظَرِ (فَإِنْ ادَّعَى الْمُعْتَرِضُ أَنَّ) الْوَصْفَ (الْمُسْتَبْقَى كَذَلِكَ) أَيْ لَمْ تَظْهَرْ مُنَاسَبَتُهُ (فَلَيْسَ لِلْمُسْتَدِلِّ بَيَانُ مُنَاسَبَتِهِ؛ لِأَنَّهُ انْتِقَالٌ) مِنْ طَرِيقِ السَّبْرِ إلَى طَرِيقِ الْمُنَاسَبَةِ وَالِانْتِقَالُ يُؤَدِّي إلَى الِانْتِشَارِ الْمَحْذُورِ (وَلَكِنْ يُرْجِعُ سَبْرَهُ) عَلَى سَبْرِ الْمُعْتَرِضِ النَّافِي لِعِلِّيَّةِ الْمُسْتَبْقَى كَغَيْرِهِ (بِمُوَافَقَةِ التَّعْدِيَةِ) حَيْثُ يَكُونُ الْمُسْتَبْقَى مُتَعَدِّيًا فَإِنَّ تَعْدِيَةَ الْحُكْمِ مَحَلُّهُ أَفْيَدُ مِنْ قُصُورِهِ عَلَيْهِ.
(الْخَامِسُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (الْمُنَاسَبَةُ وَالْإِخَالَةُ)
سُمِّيَتْ مُنَاسَبَةُ الْوَصْفِ بِالْإِخَالَةِ؛ لِأَنَّ بِهَا يُخَالُ أَيْ يُظَنُّ أَنَّ الْوَصْفَ عِلَّةٌ
ــ
[حاشية العطار]
مِنْ أَفْرَادِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا يَكُونُ إلَخْ) تَشْبِيهٌ، وَهُوَ بَيَانٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ: وَالطَّرْدُ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ) أَيْ الَّذِي هُوَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمَا لَمْ يُعْتَبَرَا إلَخْ) لَا يُقَالُ قَدْ اُعْتُبِرَا فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ الطُّولُ وَالْقِصَرُ الْمُتَعَلِّقَانِ بِالْآدَمِيِّينَ (قَوْلُهُ: وَلَا الْكَفَّارَةِ) أَيْ، وَلَوْ بِغَيْرِ عِتْقٍ كَكِسْوَةٍ وَصَوْمٍ وَفِدْيَةِ حَجٍّ بِحَيَوَانٍ فَلَا يُعْتَبَرْ طُولٌ أَوْ قِصَرٌ فِي الْعَتِيقِ، وَلَا فِي مَنْ يُعْطَى الْكِسْوَةَ، وَلَا فِي نَهَارِ الصَّوْمِ، وَلَا فِي حَيَوَانِ الْفِدْيَةِ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ:، وَلَا الْعِتْقِ)، وَلَوْ فِي غَيْرِ الْكَفَّارَةِ كَالْوَصِيَّةِ بِعِتْقِ عَبْدٍ وَنَذْرِهِ اهـ. زَكَرِيَّا (قَوْلُهُ: الْوَصْفُ الْمَحْذُوفُ) أَيْ الَّذِي يُرَادُ حَذْفُهُ وَإِلْغَاؤُهُ لِعَدَمِ ظُهُورِ الْمُنَاسَبَةِ (قَوْلُهُ: لِلْحُكْمِ) صِلَةُ مُنَاسَبَةُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْبَحْثِ) ظَرْفٌ لِلْمَنْفِيِّ أَيْ الظُّهُورُ بَعْدَ الْبَحْثِ انْتَفَى، وَيَصِحُّ كَوْنُهُ ظَرْفًا لِلنَّفْيِ أَيْ انْتَفَى الظُّهُورُ بَعْدَ الْبَحْثِ (قَوْلُهُ: مُثْبِتٌ لِلْعِلَّةِ) ، وَهُوَ ظُهُورُ الْمُنَاسَبَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِي الْإِيمَاءِ) أَيْ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ظُهُورُ الْمُنَاسَبَةِ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ هُنَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَدَّدَتْ فِيهِ الْأَوْصَافُ اُحْتِيجَ إلَى بَيَانِ صَلَاحِيَّةِ بَعْضِهَا لِلْعِلِّيَّةِ بِظُهُورِ الْمُنَاسَبَةِ فِيهِ فَاشْتِرَاطُهُ هُنَا لِعَارِضٍ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ بِمَعْنَى الْبَاعِثِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ تَرْجِيحِ أَنَّهَا بِمَعْنَى الْمُعَرِّفِ اهـ. زَكَرِيَّا.
فَقَوْلُهُ بِخِلَافِهِ فِي الْإِيمَاءِ أَيْ عَدَمِ الظُّهُورِ فِي الْإِيمَاءِ فَلَا يُقْدَحُ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَا يُوقِعُ فِي الْوَهْمِ) أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الطَّرَفَ الْمَرْجُوحَ (قَوْلُهُ: الْمُسْتَبْقَى) أَيْ الَّذِي أَبْقَاهُ الْمُسْتَدِلُّ (قَوْلُهُ: مِنْ طَرِيقِ السَّبْرِ) الْإِضَافَةُ وَفِيمَا بَعْدَهُ بَيَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: إلَى الِانْتِشَارِ) أَيْ فِي الْمُنَاظَرَةِ (قَوْلُهُ: الْمَحْذُورِ) ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْغَضَبِ وَالْحَمِيَّةِ فَيُؤَدِّي إلَى إخْفَاءِ الْحَقِّ.
(قَوْلُهُ: وَلَكِنْ يُرْجِعُ سَبْرِهِ) أَيْ لَهُ ذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ: إنَّ عِلَّتِي مُتَعَدِّيَةٌ فِي سَائِرِ الْمَحَلَّاتِ بِخِلَافِ عِلَّتِكَ فَإِنَّهَا قَاصِرَةٌ عَلَى بَعْضِ الْمَحَلَّاتِ فَهُوَ يُسَلِّمُ لَهُ بِعَدَمِ مُنَاسَبَةِ وَصْفِهِ جَدَلًا لَكِنْ أَفْحَمَهُ بِمُرَجِّحٍ لِوَصْفِهِ عَلَى وَصْفِهِ (قَوْلُهُ: النَّافِي) نَعْتٌ لِلْمُعْتَرِضِ أَوْ يُسْبَرُ الْمُعْتَرِضِ (قَوْلُهُ: بِمُوَافَقَةِ التَّعْدِيَةِ) أَيْ بِمُوَافَقَةِ سَبْرِهِ لِلتَّعْدِيَةِ أَيْ تَعْدِيَةِ الْحُكْمِ قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ وَمِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحِ تَرْجِيحُ وَصْفِ الْمُسْتَدِلِّ بِكَوْنِهِ مُوَافِقًا لِتَعْدِيَةِ الْحُكْمِ وَكَوْنُ وَصْفِ الْمُعْتَرِضِ مُوَافِقًا لِعَدَمِ التَّعْدِيَةِ؛ لِأَنَّ التَّعْدِيَةَ أَوْلَى لِعُمُومِ حُكْمِهَا وَكَثْرَةِ فَائِدَتِهَا (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَكُونُ) ظَرْفٌ لِلتَّعْدِيَةِ، قُيِّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُنَاظَرَةَ قَدْ تَكُونُ فِي ثُبُوتِ عِلَّةِ الْحُكْمِ مِنْ غَيْرِ قِيَاسٍ عَلَى مَحَلِّ الْحُكْمِ اهـ. نَجَّارِيٌّ (قَوْلُهُ: كَغَيْرِهِ) تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْفِيِّ (قَوْلُهُ: مَحَلَّهُ) مَفْعُولُ تَعْدِيَةِ الْحُكْمِ.
[الْخَامِسُ مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ الْمُنَاسَبَةُ وَالْإِخَالَةُ]
(قَوْلُهُ: الْمُنَاسَبَةُ وَالْإِخَالَةُ) ظَاهِرَةٌ أَنَّهُمَا اسْمَانِ لِلْمَسْلَكِ الْمَخْصُوصِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ قَوْلَهُ وَالْإِخَالَةُ مِنْ عَطْفِ الِاسْمِ عَلَى الْمُسَمَّى، ثُمَّ إنَّ الْإِخَالَةَ مَصْدَرُ أَخَالَهُ إذَا جَعَلَهُ ظَنًّا وَالْمُنَاسَبَةُ الْمُلَاءَمَةُ، وَفِي شَرْحِ الْبُدَخْشِيِّ عَلَى الْمِنْهَاجِ الرَّابِعُ - مِنْ الطُّرُقِ الْمُنَاسَبَةُ وَتُسَمَّى إخَالَةً؛ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ إلَى الْوَصْفِ يُخَالُ أَنَّهُ عِلَّةٌ أَيْ يُظَنُّ ذَلِكَ وَيُسَمَّى تَخْرِيجَ الْمَنَاطِ؛ لِأَنَّهُ إبْدَاءُ مَنَاطِ الْحُكْمِ
(وَيُسَمَّى اسْتِخْرَاجُهَا) بِأَنْ يُسْتَخْرَجَ الْوَصْفُ الْمُنَاسِبُ (تَخْرِيجَ الْمَنَاطِ) ؛ لِأَنَّهُ إبْدَاءُ مَا نِيطَ بِهِ الْحُكْمُ (وَهُوَ) أَيْ تَخْرِيجُ الْمَنَاطِ (تَعْيِينُ الْعِلَّةِ بِإِبْدَاءِ مُنَاسَبَةٍ) بَيْنَ الْمُعَيِّنِ وَالْحُكْمِ (مَعَ الِاقْتِرَانِ) بَيْنَهُمَا (وَالسَّلَامَةِ) لِلْمُعَيَّنِ (عَنْ الْقَوَادِحِ) فِي الْعِلِّيَّةِ (كَالْإِسْكَارِ) فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» فَهُوَ لِإِزَالَتِهِ الْعَقْلَ الْمَطْلُوبَ حِفْظُهُ مُنَاسِبٌ لِلْحُرْمَةِ، وَقَدْ اقْتَرَنَ بِهَا وَسَلِمَ عَنْ الْقَوَادِحِ وَبِاعْتِبَارِ الْمُنَاسَبَةِ فِي هَذَا يَنْفَصِلُ عَنْ التَّرْتِيبِ مِنْ الْإِيمَاءِ ثُمَّ السَّلَامَةُ عَنْ الْقَوَادِحِ كَأَنَّهَا قَيْدٌ فِي التَّسْمِيَةِ بِحَسَبِ الْوَاقِعِ، وَإِلَّا فَكُلُّ مَسْلَكٍ لَا يَتِمُّ بِدُونِهَا، وَهِيَ وَالِاقْتِرَانُ مَزِيدَانِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ فِي الْحَدِّ لَكِنَّهُ حَدَّ بِهِ الْمُنَاسَبَةَ وَسَمَّاهَا تَخْرِيجَ الْمَنَاطِ وَمَا صَنَعَهُ الْمُصَنِّفُ أَقْعَدُ
ــ
[حاشية العطار]
قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى اسْتِخْرَاجُهَا) أَيْ اسْتِخْرَاجَ الْعِلَّةِ بِهَذَا الْمَسْلَكِ وَقَالَ الشَّيْخُ خَالِدٌ أَيْ اسْتِخْرَاجُ الْعِلَّةِ الْمُنَاسِبَةِ وَصَوَّرَ الشَّارِحُ اسْتِخْرَاجَ الْمُنَاسَبَةِ بِقَوْلِهِ بِأَنْ يُسْتَخْرَجَ إلَخْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الَّذِي نِيطَ بِهِ الْحُكْمُ الْوَصْفُ الْمُنَاسِبُ لَا الْمُنَاسَبَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْبَاءَ سَبَبِيَّةٌ؛ لِأَنَّهَا سَبَبٌ فِي اسْتِخْرَاجِ الْوَصْفِ (قَوْلُهُ: الْمَنَاطُ) اسْمُ مَكَانِ النَّوْطِ، وَهُوَ الرَّبْطُ سُمِّيَ بِهِ الْوَصْفُ لِلْمُبَالَغَةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ اسْتِخْرَاجَ الْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ اسْتِخْرَاجٌ لِلْمُنَاسَبَةِ لِاشْتِمَالِ الْمُنَاسِبِ عَلَى الذَّاتِ وَالْوَصْفِ (قَوْلُهُ: تَعْيِينُ الْعِلَّةِ) بِأَنْ يَقُولَ عِلَّةُ الْحُكْمِ هِيَ هَذَا الْوَصْفُ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْمُعَيِّنِ) أَيْ الْوَصْفِ الْمُعَيِّنِ لِلْعِلَّةِ (قَوْلُهُ: مَعَ الِاقْتِرَانِ) خَرَجَ بِهِ إبْدَاءُ الْمُنَاسَبَةِ فِي الْمُسْتَبْقَى فِي السَّبْرِ (قَوْلُهُ: كَالْإِسْكَارِ) أَيْ اسْتِخْرَاجُ عِلِّيَّةِ الْإِسْكَارِ مِنْ النَّصِّ الدَّالِّ عَلَى تَحْرِيمِ الْخَمْرِ (قَوْلُهُ: مُنَاسِبٌ لِلْحُرْمَةِ) لِإِزَالَتِهِ مَا يُطْلَبُ حِفْظُهُ (قَوْلُهُ:، وَقَدْ اقْتَرَنَ بِهَا) أَيْ فِي الْقَضِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَبِاعْتِبَارِ الْمُنَاسَبَةِ فِي هَذَا) أَيْ فِي هَذَا الْمَسْلَكِ (قَوْلُهُ: يَنْفَصِلُ) أَيْ يَتَمَيَّزُ عَنْ التَّرْتِيبِ أَيْ تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ الَّذِي هُوَ قِسْمٌ مِنْ الْإِيمَاءِ كَأَكْرِمْ الْعَالِمَ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إبْدَاءُ الْمُنَاسَبَةِ.
(قَوْلُهُ: كَأَنَّهَا قَيْدٌ فِي التَّسْمِيَةِ) يَعْنِي جُزْءًا مِنْ مُسَمَّى هَذَا الْمَسْلَكِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ فَشَرْطٌ خَارِجٌ عَنْ مُسَمَّاهُ عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي حَدِّ الْمَسْلَكِ لِيَحْتَاجَ إلَى هَذَا الِاعْتِذَارِ بَلْ فِي اسْتِخْرَاجِهِ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ:، وَإِلَّا فَكُلُّ مَسْلَكٍ إلَخْ) أَيْ فَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِهِ بِمَا هُنَا ثُمَّ لَمَّا كَانَ هَذَا تَكَلُّفًا أَتَى الْمُصَنِّفُ بِالْكَأَنِّيَّةِ إشَارَةً إلَى عَدَمِ الْجَزْمِ بِهِ (قَوْلُهُ: مَزِيدَانِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ) أَيْ عَلَى حَدِّهِ (قَوْلُهُ: وَمَا صَنَعَهُ الْمُصَنِّفُ أَقْعَدُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الِاقْتِرَانَ لِبَيَانِ أَنَّ الْمُنَاسَبَةَ مُعْتَبَرَةٌ فِي التَّعْلِيلِ لَا لِبَيَانِ حَقِيقَتِهَا؛ وَلِأَنَّ تَسْمِيَةَ الِاسْتِخْرَاجِ تَخْرِيجًا أَنْسَبُ مِنْ تَسْمِيَةِ الْمُنَاسَبَةِ تَخْرِيجًا وَلِأَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ أَخَذَ الْمُنَاسَبَةَ فِي حَدِّ الْمُنَاسَبَةِ فَوَرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَعْرِيفٌ لِلشَّيْءِ بِنَفْسِهِ فَاحْتِيجَ إلَى الْجَوَابِ أَنَّ الْمَحْدُودَ الْمُنَاسَبَةُ بِالْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ وَالْمَأْخُوذُ فِي الْحَدِّ الْمُنَاسَبَةُ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَالْمُصَنِّفُ أَخَذَهَا فِي تَعْرِيفِ تَخْرِيجِ الْمَنَاطِ فَسَلِمَ مِنْ الِاعْتِرَاضِ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: وَتُحُقِّقَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَفِي نُسْخَةٍ وَيَتَحَقَّقُ (قَوْلُهُ: فِي الْعِلِّيَّةِ) مُتَعَلِّقٌ بِالِاسْتِقْلَالِ وَبِعَدَمِ مُتَعَلِّقٌ
(وَتُحُقِّقَ الِاسْتِقْلَالُ) أَيْ اسْتِقْلَالُ الْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ فِي الْعِلِّيَّةِ (بِعَدَمِ مَا سِوَاهُ بِالسَّبْرِ) لَا يَقُولُ الْمُسْتَدِلُّ بَحَثْت فَلَمْ أَجِدْ غَيْرَهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي السَّبْرِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا الْإِثْبَاتُ، وَهُنَاكَ النَّفْيُ.
(وَالْمُنَاسِبُ) الْمَأْخُوذُ مِنْ الْمُنَاسَبَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (الْمُلَائِمُ لِأَفْعَالِ الْعُقَلَاءِ) عَادَةً كَمَا يُقَالُ هَذِهِ اللُّؤْلُؤَةُ مُنَاسِبَةٌ لِهَذِهِ اللُّؤْلُؤَةِ بِمَعْنَى أَنَّ جَمْعَهَا مَعَهَا فِي سِلْكٍ مُوَافِقٌ لِعَادَةِ الْعُقَلَاءِ فِي فِعْلِ مِثْلِهِ، فَمُنَاسَبَةُ الْوَصْفِ لِلْحُكْمِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ مُوَافِقَةٌ لِعَادَةِ الْعُقَلَاءِ فِي ضَمِّهِمْ الشَّيْءَ إلَى مَا يُلَائِمُهُ (وَقِيلَ) هُوَ (مَا يَجْلِبُ) لِلْإِنْسَانِ (نَفْعًا أَوْ يَدْفَعُ) عَنْهُ (ضَرَرًا) قَالَ فِي الْمَحْصُولِ وَهَذَا قَوْلُ مَنْ يُعَلِّلُ أَحْكَامَ اللَّهِ بِالْمَصَالِحِ، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ مَنْ يَأْبَاهُ وَالنَّفْعُ اللَّذَّةُ وَالضَّرَرُ الْأَلَمُ (وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ) الدَّبُوسِيُّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ (مَا لَوْ عُرِضَ عَلَى الْعُقُولِ لَتَلَقَّتْهُ بِالْقَبُولِ) مِنْ حَيْثُ
ــ
[حاشية العطار]
بِتُحُقِّقَ وَقَوْلُهُ بِالسَّبْرِ مُتَعَلِّقٌ بِعَدَمِ أَوْ أَنَّ بِعَدَمِ مُتَعَلِّقٌ بِالِاسْتِقْلَالِ وَقَوْلُهُ بِالسَّبْرِ مُتَعَلِّقٌ بِتُحَقَّقُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ السَّبْرَ بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ كَمَا يُشِيرُ لَهُ الشَّارِحُ بَلْ الِاسْتِقْرَاءُ التَّامُّ أَيْ التَّتَبُّعُ الْحَقِيقِيُّ فَانْدَفَعَ مَا قَالَ زَكَرِيَّا قَدْ يُقَالُ فِي إثْبَاتِ الْمُسْتَدِلِّ اسْتِقْلَالُ الْوَصْفِ بِعَدَمِ غَيْرِهِ الْمُثْبَتِ لَهُ بِالسَّبْرِ انْتِقَالٌ مِنْ طَرِيقِ الْمُنَاسَبَةِ إلَى طَرِيقِ السَّبْرِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِلِانْتِشَارِ الْمَحْذُورِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى جَوَابِهِ بِقَوْلِهِ إنَّ الْمَمْنُوعَ مِنْهُ الِانْتِقَالُ مِنْ الْمَسْلَكِ إلَى آخَرَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُنَا لَمْ يَنْتَقِلْ بَلْ تَمَّمَ دَلِيلَهُ بِمَسْلَكٍ آخَرَ.
(قَوْلُهُ: كَمَا تَقَدَّمَ) رَاجِعٌ لِلْمَنْفِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُسْتَدِلِّ (قَوْلُهُ: الْإِثْبَاتُ) أَيْ إثْبَاتُ اسْتِقْلَالِ الْوَصْفِ الَّذِي يَصْلُحُ لِلْعِلِّيَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُسْتَنَدٍ وَقَوْلُهُ، وَهُنَاكَ النَّفْيُ أَيْ نَفْيُ مَا لَا يَصْلُحُ لِلْعِلِّيَّةِ (قَوْلُهُ: الْمُلَائِمُ) أَيْ ضَمُّهُ لِلْحُكْمِ لِأَفْعَالِ الْعُقَلَاءِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّارِحِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ فَمُنَاسَبَةُ الْوَصْفِ لِلْحُكْمِ إلَخْ فَالْمُرَادُ الْمُلَاءَمَةُ مِنْ حَيْثُ جَعْلُهُ عِلَّةً لِهَذَا الْحُكْمِ لَا الْمُنَاسَبَةُ مِنْ حَيْثُ الذَّاتَيْنِ، وَالْمُلَائِمُ بِالْهَمْزِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُخْتَارِ، وَفِي الْقَامُوسِ لَائَمَهُ مُلَاءَمَةً وَافَقَهُ (قَوْلُهُ:، وَهَذَا قَوْلُ مَنْ يُعَلِّلُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا يَجْلِبُ مَصْلَحَةً أَيْ عَلَى أَنَّهُ حِكْمَةٌ وَمُنَاسَبَةٌ فَيُرْجَعُ لِلْأَوَّلِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَمَا أَبْعَدَ عَنْ الْحَقِّ مَنْ قَالَ إنَّهَا غَيْرُ مُعَلَّلَةٍ بِهَا فَإِنَّ بَعْثَ الْأَنْبِيَاءِ لِاهْتِدَاءِ الْخَلْقِ وَإِظْهَارَ الْمُعْجِزَاتِ لِتَصْدِيقِهِمْ فَمَنْ أَنْكَرَ التَّعْلِيلَ فَقَدْ أَنْكَرَ النُّبُوَّةَ وَقَوْلُهُ {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] وَقَوْلُهُ {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ} [البينة: 5] وَأَمْثَالُ ذَلِكَ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ وَدَالَّةٌ عَلَى مَا قُلْنَا، وَأَيْضًا لَوْ لَمْ يَفْعَلْ لِغَرَضٍ أَصْلًا يَلْزَمُ الْعَبَثُ وَدَلِيلُهُمْ أَنَّهُ إنْ فَعَلَ لِغَرَضٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حُصُولُ ذَلِكَ الْغَرَضِ أَوْلَى بِهِ مِنْ عَدَمِهِ امْتَنَعَ مِنْهُ فِعْلُهُ، وَإِنْ كَانَ أَوْلَى بِهِ كَانَ مُسْتَكْمِلًا بِهِ فَيَكُونُ نَاقِصًا، وَقَدْ قِيلَ: عَلَيْهِ إنَّمَا يَكُونُ مُسْتَكْمِلًا بِهِ لَوْ كَانَ الْغَرَضُ رَاجِعًا إلَيْهِ، وَهُنَا رَاجِعٌ إلَى الْعَبْدِ اهـ.
وَوَجَّهَ فِي التَّلْوِيحِ قَوْلَهُ فَمَنْ أَنْكَرَ التَّعْلِيلَ فَقَدْ أَنْكَرَ النُّبُوَّةَ بِأَنَّ تَعْلِيلَ بَعْثَةِ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام بِاهْتِدَاءِ الْخَلْقِ لَازِمٌ لَهَا، وَكَذَا تَعْلِيلُ إظْهَارِ الْمُعْجِزَةِ عَلَى يَدِ النَّبِيِّ عليه السلام لِتَصْدِيقِ الْخَلْقِ، وَإِنْكَارُ اللَّازِمِ إنْكَارٌ لِلْمَلْزُومِ لِانْتِفَاءِ الْمَلْزُومِ بِانْتِفَاءِ اللَّازِمِ اهـ.
وَقَدْ أَوْرَدَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى التَّعْرِيفَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ بِأَنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ الْعَمْدَ الْعُدْوَانَ مُنَاسِبٌ لِمَشْرُوعِيَّةِ الْقِصَاصِ مَعَ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ الصَّادِرَ مِنْ الْجَانِي لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِعْلٌ مُلَائِمٌ لِأَفْعَالِ الْعُقَلَاءِ عَادَةً، وَلَا أَنَّهُ وَصْفٌ جَالِبٌ لِلنَّفْعِ أَوْ دَافِعٌ لِلضَّرَرِ بَلْ الْجَالِبُ أَوْ الدَّافِعُ إنَّمَا هُوَ الْمَشْرُوعِيَّةُ اهـ.
وَأَجَابَ سم بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مُلَائِمٌ لِأَفْعَالِ الْعُقَلَاءِ مِنْ حَيْثُ تَرَتُّبُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ وَجَالِبٌ أَوْ دَافِعٌ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ انْتَهَى، وَقَدْ أَوْرَدَهُ فِي التَّلْوِيحِ عَلَى قَوْلِ الدَّبُوسِيِّ أَيْضًا، وَلَمْ يُجِبْ عَنْهُ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: الدَّبُوسِيُّ) نِسْبَةً إلَى دَبُوسَ بِتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى سَمَرْقَنْدَ قَالَهُ الْكَمَالُ وَقَالَ زَكَرِيَّا بَيْنَ بُخَارَى وَسَمَرْقَنْدَ وَلَا تَنَافِيَ فَإِنَّ الْبَلْدَتَيْنِ مُتَقَارِبَانِ، وَهُمَا مِنْ أَعْظَمِ
التَّعْلِيلُ بِهِ، وَهَذَا مَعَ الْأَوَّلِ مُتَقَارِبَانِ، وَقَوْلُ الْخَصْمِ فِيمَا هُوَ كَذَلِكَ لَا يَتَلَقَّاهُ عَقْلِيٌّ بِالْقَبُولِ غَيْرُ قَادِحٍ (وَقِيلَ) هُوَ (وَصْفٌ ظَاهِرُهُ مُنْضَبِطٌ يَحْصُلُ عَقْلًا مِنْ تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ مَا يَصْلُحُ كَوْنُهُ مَقْصُودًا لِلشَّارِعِ) فِي شَرْعِيَّةِ ذَلِكَ الْحُكْمِ (مِنْ حُصُولِ مَصْلَحَةٍ أَوْ دَفْعِ مَفْسَدَةٍ فَإِنْ كَانَ) الْوَصْفُ (خَفِيًّا أَوْ غَيْرَ مُنْضَبِطٍ اُعْتُبِرَ مُلَازِمُهُ) الَّذِي هُوَ ظَاهِرًا مُنْضَبِطٌ (وَهُوَ الْمَظِنَّةُ) لَهُ فَيَكُونُ هُوَ الْعِلَّةُ كَالسَّفَرِ مَظِنَّةً لِلْمَشَقَّةِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهَا التَّرَخُّصُ فِي الْأَصْلِ لَكِنَّهَا لَمَّا لَمْ تَنْضَبِطْ لِاخْتِلَافِهَا بِحَسَبِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ وَالْأَزْمَانِ نِيطَ
ــ
[حاشية العطار]
مُدُنِ مَا وَرَاءِ النَّهْرِ، وَهُوَ أَجَلُّ الْأَقَالِيمِ السَّبْعَةِ عَلَى مَا نُصَّ عَلَيْهِ فِي كُتُبِ جُغْرَافِيَا وَسَمَرْقَنْدَ مِنْ حَيْثُ الْبِنَاءُ وَالْمُنْتَزَهَاتُ وَكَثْرَةُ الْخَيْرَاتِ أَجَلُّ مِنْ بُخَارَى، وَإِنْ فُضِّلَتْ بُخَارَى عَنْهَا بِكَوْنِ الْإِمَامِ الْبُخَارِيِّ مَنْسُوبًا إلَيْهَا وَبِخُرُوجِ عُلَمَاءَ كَثِيرِينَ مِنْهَا وَقَالُوا: إنَّ مُنْتَزَهَاتِ الدُّنْيَا أَرْبَعٌ غُوطَةُ دِمَشْقَ وَشِعْبُ بَوَّانَ وَصُغْدُ سَمَرْقَنْدَ وَصَنْعَاءُ الْيَمَنِ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ التَّعْلِيلُ) أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ (قَوْلُهُ: مُتَقَارِبَانِ) لِاتِّحَادِهِمَا مَا صَدَقَا، وَإِنْ اخْتَلَفَا مَفْهُومًا (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْخَصْمِ إلَخْ) وَجْهُهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِتَلَقِّي الْعُقُولِ السَّلِيمَةِ بِالْقَبُولِ فَلَا يَقْدَحُ فِيهِ عَدَمُ تَلَقِّي عَقْلِ الْمُعْتَرِضِ، وَهَذَا قَالَهُ بَعْضُ مَنْ اعْتَنَى كَالشَّارِحِ بِكَلَامِ الدَّبُوسِيِّ وَاَلَّذِي حَرَّرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَالْعَضُدِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الدَّبُوسِيَّ قَائِلٌ بِامْتِنَاعِ التَّمَسُّكِ بِذَلِكَ فِي مَقَامِ الْمُنَاظَرَةِ لَا فِي مَقَامِ النَّظَرِ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَ لَا يُكَابِرُ نَفْسَهُ فِيمَا يَقْتَضِي بِهِ عَقْلُهُ. اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ:، وَقِيلَ هُوَ وَصْفٌ ظَاهِرٌ إلَخْ) نَظَرَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْمُنَاسِبَ قَدْ يَكُونُ ظَاهِرًا مُنْضَبِطًا، وَقَدْ لَا يَكُونُ بِدَلِيلِ صِحَّةِ انْقِسَامِهِ إلَيْهَا حَيْثُ قَالُوا: إنْ كَانَ ظَاهِرًا مُنْضَبِطًا اُعْتُبِرَ فِي نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ خَفِيًّا أَوْ غَيْرَ مُنْضَبِطٍ اُعْتُبِرَتْ مَظِنَّتُهُ اهـ.
وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِالظُّهُورِ وَالِانْضِبَاطِ بِاعْتِبَارِ مَا يَصْلُحُ بِنَفْسِهِ لِلتَّعْلِيلِ اهـ. سم (قَوْلُهُ: مَا يَصْلُحُ كَوْنُهُ إلَخْ) فَاعِلُ يَحْصُلُ وَالْمَقْصُودُ هُوَ الْحِكْمَةُ وَالْمُرَادُ بِالْحُكْمِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ الْمَحْكُومُ بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَحْكُومٌ بِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ حُصُولِ مَصْلَحَةٍ إلَخْ) الْمَصْلَحَةُ اللَّذَّةُ أَوْ سَبَبُهَا وَالْمَفْسَدَةُ الْأَلَمُ أَوْ سَبَبُهُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا دُنْيَوِيٌّ وَأُخْرَوِيٌّ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ مُلَازِمُهُ) أَيْ عَادَةً وَالْمُرَادُ بِالْمُلَازِمِ الْمَلْزُومُ، وَهُوَ السَّفَرُ فِي الْمِثَالِ فَيَكُونُ التَّعْلِيلُ بِهِ لَا بِاللَّازِمِ الَّذِي هُوَ الْمَشَقَّةُ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ (قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ ظَاهِرٌ إلَخْ) فِيهِ إيمَاءٌ إلَى وَجْهِ اعْتِبَارِ الْمُلَازِمِ (قَوْلُهُ: كَالسَّفَرِ) مِثَالٌ لِمَظِنَّةِ غَيْرِ الْمُنْضَبِطِ وَمِثَالُ مَظِنَّةِ
التَّرْخِيصُ بِمَظِنَّتِهَا. (وَقَدْ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنْ شَرْعِ الْحُكْمِ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا كَالْبَيْعِ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ) مِنْ شَرْعِهِ، وَهُوَ الْمِلْكُ يَقِينًا (وَالْقِصَاصِ) يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنْ شَرْعِهِ، وَهُوَ الِانْزِجَارُ عَنْ الْقَتْلِ ظَنًّا فَإِنَّ الْمُمْتَنِعِينَ عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ الْمُقْدِمِينَ عَلَيْهِ (وَقَدْ يَكُونُ) حُصُولُ الْمَقْصُودِ مِنْ شَرْعِ الْحُكْمِ (مُحْتَمِلًا) كَاحْتِمَالِ انْتِفَائِهِ (سَوَاءً كَحَدِّ الْخَمْرِ) فَإِنَّ حُصُولَ الْمَقْصُودِ مِنْ شَرْعِهِ، وَهُوَ الِانْزِجَارُ عَنْ شُرْبِهَا وَانْتِفَاؤُهُ مُتَسَاوِيَانِ بِتَسَاوِي الْمُمْتَنِعِينَ عَنْ شُرْبِهَا وَالْمُقْدِمِينَ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ (أَوْ) يَكُونُ (نَفْيُهُ) أَيْ انْتِفَاءُ الْمَقْصُودِ مِنْ نَفَى الشَّيْءُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ انْتَفَى (أَرْجَحُ) مِنْ حُصُولِهِ (كَنِكَاحِ الْآيِسَةِ لِلتَّوَالُدِ) الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ النِّكَاحِ فَإِنَّ انْتِفَاءَهُ فِي نِكَاحِهَا أَرْجَحُ مِنْ حُصُولِهِ (وَالْأَصَحُّ جَوَازُ التَّعْلِيلِ بِالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ) أَيْ بِالْمَقْصُودِ الْمُتَسَاوِي الْحُصُولِ وَالِانْتِفَاءِ وَالْمَقْصُودِ الْمَرْجُوحِ الْحُصُولِ نَظَرًا إلَى حُصُولِهِمَا فِي الْجُمْلَةِ (كَجَوَازِ الْقَصْرِ لِلْمُتَرَفِّهِ) فِي سَفَرِهِ الْمُنْتَفِي فِيهِ الْمَشَقَّةُ الَّتِي
ــ
[حاشية العطار]
الْخَفِيِّ الْوَطْءُ فَإِنَّهُ مَظِنَّةٌ لِشَغْلِ الرَّحِمِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ وُجُوبُ الْعِدَّةِ فِي الْأَصْلِ حِفْظًا لِلنَّسَبِ لَكِنَّهُ لَمَّا خَفِيَ نِيطَ بِوُجُوبِهَا بِمَظِنَّتِهِ اهـ. زَكَرِيَّا (قَوْلُهُ: كَالْبَيْعِ) أَيْ كَالْمَقْصُودِ مِنْ الْبَيْعِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ يَحْصُلُ إلَخْ، وَكَذَا يُقَدَّرُ فِي بَقِيَّةِ الْأَمْثِلَةِ وَذَلِكَ الْمَقْصُودُ هُوَ الْمِلْكُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَهُوَ مُتَرَتِّب عَلَى الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ الِاحْتِيَاجُ إلَى الْمُعَاوَضَةِ.
(قَوْلُهُ:، وَهُوَ الِانْزِجَارُ) فِيهِ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ التَّمْثِيلُ لِلْحِكْمَةِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْقِصَاصِ بِحِفْظِ النُّفُوسِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْحِكْمَةَ الْمَقْصُودَةَ بِالذَّاتِ هِيَ حِفْظُ النُّفُوسِ، وَهِيَ الْمُمَثَّلُ بِهَا فِيمَا سَبَقَ، وَهَذَا الِانْزِجَارُ حِكْمَةٌ عَرَضِيَّةٌ لِكَوْنِهِ سَبَبًا فِي حِفْظِ النُّفُوسِ فَلَا مُنَافَاةَ (قَوْلُهُ: مُحْتَمِلًا) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ مُمْكِنًا وَقَوْلُهُ سَوَاءً نَعْتُ مُحْتَمِلًا أَيْ مُسَاوِيًا لِاحْتِمَالِ انْتِفَائِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمُمْتَنِعِينَ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْ حَالِ الْمُكَلَّفِ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ إذَا قُتِلَ كَفَّ نَفْسَهُ عَنْ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ لَنَا) أَيْ لَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لِتَعَذُّرِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ فَهُوَ تَقْرِيبِيٌّ لَا تَحْقِيقِيٌّ (قَوْلُهُ: مِنْ نَفَى الشَّيْءُ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ إشَارَةً إلَى أَنَّ نَفَى بِصِيغَةِ الْفِعْلِ يُسْتَعْمَلُ لَازِمًا كَمَا يُسْتَعْمَلُ مُتَعَدِّيًا، وَإِنَّ الْوَاقِعَ فِي الْمَتْنِ مَصْدَرًا لِلَّازِمِ بِمَعْنَى الِانْتِفَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ نُفِيَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ: لِلتَّوَالُدِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّوَالُدِ فَاللَّامُ لَيْسَتْ لِلتَّعْلِيلِ؛ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ تَعْلِيلُ التَّمْثِيلِ لِمَا يَكُونُ نَفْيُ الْمَقْصُودِ مِنْهُ أَرْجَحَ فَهُوَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِ نِكَاحِ الْآيِسَةِ صَادِرًا لِأَجْلِ التَّوَالُدِ بَلْ يَحْصُلُ مَعَ كَوْنِهِ صَادِرًا لِأَجْلِ عَدَمِ التَّوَالُدِ أَوْ لِأَجْلِ شَيْءٍ آخَرَ أَوْ صَادِرًا لَا بِقَصْدِ شَيْءٍ، وَإِنْ أَرَادَ تَعْلِيلَ شَيْءٍ آخَرَ لَمْ يُنَاسِبْ هَاهُنَا، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ التَّعْلِيلَ مُطْلَقًا فَهُوَ زَائِدٌ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَوَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى التَّعْلِيلِ.
(قَوْلُهُ: الْمَقْصُودُ مِنْ النِّكَاحِ) أَيْ الَّذِي قُصِدَ لِلشَّارِعِ مِنْ شَرْعِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ جَوَازُ التَّعْلِيلِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ جَوَازُ التَّعْلِيلِ بِالْحِكْمَةِ وَمَحَلُّهُ إذَا انْضَبَطَتْ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ قَبْلُ فَإِنْ كَانَ الْوَصْفُ خَفِيًّا أَوْ غَيْرَ مُنْضَبِطٍ إلَخْ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ فِي أَوَائِلِ شُرُوطِ الْعِلَّةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ مَعَ مَا مَرَّ أَنَّ الْحِكْمَةَ إذَا عُلِّلَ بِهَا يَكُونُ لَهَا حُكْمُهُ اهـ. شَيْخُ الْإِسْلَامِ
وَقَالَ النَّجَّارِيُّ الْمَقْصُودُ الْمُتَسَاوِي الْحُصُولِ مَعْنَى، الثَّالِثِ وَالْمَقْصُودُ الْمَرْجُوحُ الْحُصُولِ مَعْنَى الرَّابِعِ وَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ هِيَ الْوَصْفُ الْمُنَاسِبُ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالتَّعْلِيلِ هُوَ ذَلِكَ الْمَقْصُودُ: وَإِيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ التَّعْلِيلُ بِالْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ مِنْ حَيْثُ اشْتِمَالُهُ عَلَى حِكْمَةٍ جَازَ أَنْ يُسْنَدَ التَّعْلِيلُ إلَى نَفْسِ الْحِكْمَةِ مِنْ حَيْثُ اشْتِمَالُ الْوَصْفِ عَلَيْهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى وَالْأَصَحُّ جَوَازُ التَّعْلِيلِ بِمَا اشْتَمَلَ عَلَى الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ مِنْ الْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ وَكَذَا الْقَوْلُ فِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي اهـ.
(قَوْلُهُ: كَجَوَازِ الْقَصْرِ لِلْمُتَرَفِّهِ) نَظِيرٌ لِلَّذِي قَبْلَهُ فَيَكُونُ دَلِيلًا لَهُ كَمَا صَنَعَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمَعْنَى كَجَوَازِ الْقَصْرِ لِمَنْ ذَكَرَ حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِيهِ السَّفَرُ مَعَ انْتِفَاءِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ ظَنًّا أَوْ شَكًّا وَالْجَامِعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَيْنِكَ انْتِفَاءُ الْمَقْصُودِ، وَإِنْ لَمْ يُعَلَّلْ بِهِ فِي هَذَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ
هِيَ حِكْمَةُ التَّرْخِيصِ نَظَرًا إلَى حُصُولِهَا فِي الْجُمْلَةِ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ التَّعْلِيلُ بِهِمَا؛ لِأَنَّ الثَّالِثَ مَشْكُوكُ الْحُصُولِ وَالرَّابِعَ مَرْجُوحُهُ أَمَّا الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فَيَجُوزُ التَّعْلِيلُ بِهِمَا قَطْعًا
(فَإِنْ كَانَ) الْمَقْصُودُ مِنْ شَرْعِ الْحُكْمِ (فَائِتًا قَطْعًا) فِي بَعْضِ الصُّوَرِ.
(فَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: يُعْتَبَرُ) الْمَقْصُودُ فِيهِ حَتَّى يَثْبُتَ فِيهِ الْحُكْمُ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ كَمَا سَيَظْهَرُ (وَالْأَصَحُّ لَا يُعْتَبَرُ) لِلْقَطْعِ بِانْتِفَائِهِ (سَوَاءٌ) فِي الِاعْتِبَارِ وَعَدَمِهِ (مَا) أَيْ الْحُكْمُ الَّذِي (لَا تَعَبُّدَ فِيهِ كَلُحُوقِ نَسَبِ الْمَشْرِقِيِّ بِالْمَغْرِبِيَّةِ) عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا مَنْ تَزَوَّجَ بِالْمَشْرِقِ امْرَأَةً بِالْمَغْرِبِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ يَلْحَقُهُ فَالْمَقْصُودُ مِنْ التَّزَوُّجِ، وَهُوَ حُصُولُ النُّطْفَةِ فِي الرَّحِمِ لِيَحْصُلَ الْعُلُوقُ فَيَلْحَقَ النَّسَبُ فَائِتٌ قَطْعًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِلْقَطْعِ عَادَةً بِعَدَمِ تَلَاقِي الزَّوْجَيْنِ، وَقَدْ اعْتَبَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ فِيهَا لِوُجُودِ مَظِنَّتِهِ وَهِيَ التَّزَوُّجُ
ــ
[حاشية العطار]
وَقَالَ النَّاصِرُ إنَّهُ تَنْظِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ فِي الِاعْتِبَارِ لِأَجْلِ الْحُصُولِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِلَّا فَمَا قَبْلَهُ الْمُنْتَفِي فِيهِ عَلَى السَّوَاءِ أَوْ الرُّجْحَانِ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ شَرْعِ الْحُكْمِ إذْ هُوَ التَّحْقِيقُ، وَهُوَ حَاصِلٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: هِيَ حِكْمَةُ التَّرَخُّصِ) قَالَ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ إذَا نَظَرْت فِي هَذَا الْكَلَامِ مَعَ مَا قَبْلَهُ أَعْنِي قَوْلَهُ وَالْأَصَحُّ جَوَازُ التَّعْلِيلِ إلَى آخِرِ كَلَامِ الشَّارِحِ تَحَصَّلَ لَك مِنْهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ شَرْعِ التَّرَخُّصِ الْمَشَقَّةُ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ انْتِفَاؤُهَا اهـ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا الْأَوَّلُ وَالثَّانِي إلَخْ) هَذَا مُقَيِّدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِي جَوَازِ التَّعْلِيلِ بِالْحِكْمَةِ أَوْ هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ التَّعْلِيلِ بِهِمَا إنْ انْضَبَطَتْ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا مُفَرَّعٌ عَلَيْهِ قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ) الَّذِي هُوَ الْحِكْمَةُ (قَوْلُهُ: يُعْتَبَرُ الْمَقْصُودُ إلَخْ) أَيْ يُقَدَّرُ حُصُولُهُ فِي الْمَحَلِّ نَظَرًا لِلْمَظِنَّةِ (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمَقْصُودِ أَوْ لِلْحُكْمِ الْمُرَادِ التَّرَتُّبُ عَلَيْهِ، وَلَوْ بِوَاسِطَةِ تَرَتُّبِهِ عَلَى الْمَقْصُودِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ لَا يُعْتَبَرُ) أَيْ لَا يُقَدَّرُ حُصُولُهُ فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ فِي الِاعْتِبَارِ) أَيْ كَمَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَعَدَمِهِ أَيْ كَمَا عِنْدَنَا (قَوْله كَلُحُوقِ نَسَبٍ) أَيْ كَالْحُكْمِ بِاللُّحُوقِ إلَخْ أَيْ ارْتِبَاطُ نَسَبِ الْمَشْرِقِيِّ بِالْمَغْرِبِيَّةِ فَلَا حَاجَةَ لِمَا قِيلَ: فِي الْعِبَارَةِ تَقْدِيرٌ وَقَلْبٌ وَالْمَعْنَى كَلُحُوقِ نَسَبِ وَلَدِ الْمَغْرِبِيَّةِ لِلْمَشْرِقِيِّ (قَوْلُهُ: بِالْمَشْرِقِ) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ
حَتَّى يَثْبُتَ اللُّحُوقُ وَغَيْرُهُمْ لَمْ يَعْتَبِرْهُ، وَقَالَ لَا عِبْرَةَ بِمَظِنَّتِهِ مَعَ الْقَطْعِ بِانْتِفَائِهِ فَلَا لُحُوقَ (وَمَا) أَيْ وَالْحُكْمُ الَّذِي (فِيهِ تَعَبُّدٌ كَاسْتِبْرَاءِ جَارِيَةٍ اشْتَرَاهَا بَائِعُهَا) لِرَجُلٍ مِنْهُ (فِي الْمَجْلِسِ) أَيْ مَجْلِسِ الْبَيْعِ فَالْمَقْصُودُ مِنْ اسْتِبْرَاءِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَاةِ مِنْ رَجُلٍ، وَهُوَ مَعْرِفَةُ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا مِنْهُ الْمَسْبُوقَةُ بِالْجَهْلِ بِهَا فَاتَتْ قَطْعًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِانْتِفَاءِ الْجَهْلِ فِيهَا قَطْعًا، وَقَدْ اعْتَبَرَ الْحَنَفِيَّةُ فِيهَا تَقْدِيرًا حَتَّى يَثْبُتَ فِيهَا الِاسْتِبْرَاءُ وَغَيْرُهُمْ لَمْ يَعْتَبِرْهُ وَقَالَ بِالِاسْتِبْرَاءِ فِيهَا تَعَبُّدًا كَمَا فِي الْمُشْتَرَاةِ مِنْ امْرَأَةٍ؛ لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ فِيهِ نَوْعُ تَعَبُّدٍ كَمَا عُلِمَ فِي مَحَلِّهِ بِخِلَافِ لُحُوقِ النَّسَبِ.
(وَالْمُنَاسِبُ) مِنْ حَيْثُ شَرْعُ الْحُكْمِ لَهُ أَقْسَامٌ (ضَرُورِيٌّ، فَحَاجِيٌّ فَتَحْسِينِيٌّ) عَطَفَهُمَا بِالْفَاءِ لِيُفِيدَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا دُونَ مَا قَبْلَهُ فِي الرُّتْبَةِ (وَالضَّرُورِيُّ) ، وَهُوَ مَا تَصِلُ الْحَاجَةُ إلَيْهِ حَدَّ الضَّرُورَةِ (كَحِفْظِ الدِّينِ) الْمَشْرُوعِ لَهُ قَتْلُ الْكُفَّارِ وَعُقُوبَةُ الدَّاعِينَ إلَى الْبِدَعِ (فَالنَّفْسِ) أَيْ حِفْظُهَا الْمَشْرُوعُ لَهُ الْقِصَاصُ (فَالْعَقْلِ) أَيْ حِفْظُهُ الْمَشْرُوعُ لَهُ حَدُّ السُّكْرِ (فَالنَّسَبِ) أَيْ حِفْظُهُ الْمَشْرُوعُ لَهُ حَدُّ الزِّنَا (فَالْمَالِ) أَيْ حِفْظُهُ الْمَشْرُوعُ لَهُ حَدُّ السَّرِقَةِ وَحَدُّ قَطْعِ الطَّرِيقِ (وَالْعِرْضِ) أَيْ حِفْظُهُ الْمَشْرُوعُ لَهُ
ــ
[حاشية العطار]
تَزَوَّجَ وَبِالْمَغْرِبِ حَالٌ مِنْ امْرَأَةٍ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ مُدَّةٍ يُمْكِنُ ذَهَابُهُ إلَيْهَا وَعُلُوقُهَا مِنْهُ فِيهَا، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ:
أَيُّهَا الْمُنْكِحُ الثُّرَيَّا سُهَيْلًا
…
عَمْرُكَ اللَّهُ كَيْفَ يَلْتَقِيَانِ
هِيَ شَامِيَّةٌ إذَا مَا اسْتَهَلَّتْ
…
وَسُهَيْلٌ إذَا مَا اسْتَهَلَّ يَمَانِي
(قَوْلُهُ: حَتَّى يَثْبُتَ) ابْتِدَائِيَّةٌ أَوْ تَعْلِيلِيَّةٌ (قَوْلُهُ:، وَقَدْ اعْتَبَرَهُ) عَطْفٌ عَلَى فَالْمَقْصُودُ فَائِتٌ أَوْ حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي فَائِتٌ (قَوْلُهُ: لَا عِبْرَةَ بِمَظِنَّتِهِ) أَيْ الْمَقْصُودِ (قَوْلُهُ: وَمَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَا لَا تَعَبُّدَ فِيهِ (قَوْلُهُ: كَاسْتِبْرَاءِ جَارِيَةٍ) أَيْ كَوُجُوبِ اسْتِبْرَائِهَا (قَوْلُهُ: لِرَجُلٍ) مُتَعَلِّقٌ بِبَائِعِهَا وَقَوْلُهُ مِنْهُ مُتَعَلِّقٌ بِاشْتَرَاهَا (قَوْلُهُ: الْمَسْبُوقَةُ) نَعْتٌ لِمَعْرِفَةِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ بِالِاسْتِبْرَاءِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْحُكْمِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي كَوْنِهِ تَعَبُّدًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فِيهِ نَوْعُ تَعَبُّدٍ) ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْعِلْمَ بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ لُحُوقِ النَّسَبِ) أَيْ الْحُكْمِ بِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَوْعُ تَعَبُّدٍ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُنَاسِبُ) بِمَعْنَى الْحِكْمَةِ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهَا الْعِلَّةُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِيمَا مَرَّ بِالْمَقْصُودِ لِلشَّارِعِ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ شَرْعُ الْحُكْمِ لَهُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ مَقْصُودُ شَرْعِ الْحُكْمِ لِأَجْلِهِ أَيْ تَرَتُّبِهِ عَلَيْهِ وَتَعَلُّقِهِ بِهِ (قَوْلُهُ: لِيُفِيدَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إلَخْ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَعَاطِيفَ بِحَرْفٍ مُرَتَّبٌ كُلٌّ عَلَى مَا قَبْلَهُ لَا عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ دُونَ مَا قَبْلَهُ فِي الرُّتْبَةِ) أَيْ فَيُقَدَّمُ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّعَارُضِ، وَقَدْ اجْتَمَعَتْ أَقْسَامُ الْمُنَاسِبِ فِي النَّفَقَةِ فَنَفَقَةُ النَّفْسِ ضَرُورِيَّةٌ، وَالزَّوْجَةِ حَاجِيَّةٌ وَالْأَقَارِبِ تَحْسِينِيَّةٌ، وَيُعَبَّرُ عَنْ الْحَاجِيِّ بِالْمَصْلَحِيِّ كَمَا صَنَعَ الْبَيْضَاوِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ وَمَصْلَحِيٌّ كَنَصْبِ الْوَلِيِّ لِلصَّغِيرِ كَيْ لَا تَضِيعَ حُقُوقُهُ.
(قَوْلُهُ: إلَى حَدِّ الضَّرُورَةِ) مِنْ إضَافَةِ الْأَعَمِّ إلَى الْأَخَصِّ وَالْمُرَادُ حَدُّهَا الْأَوَّلُ لَا غَايَتُهَا وَنِهَايَتُهَا بِدَلِيلِ تَفَاوُتِ الْأَقْسَامِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ اشْتِرَاكِهَا فِي الْبُلُوغِ إلَى حَدِّ الضَّرُورَةِ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ نِهَايَةَ الضَّرُورَةِ لَمْ يَصْدُقْ بِغَيْرِ أَعْلَاهَا اهـ. نَجَّارِيٌّ
(قَوْلُهُ: كَحِفْظِ الدَّيْنِ إلَخْ) الْكَافُ فِيهِ اسْتِقْصَائِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الْكُلِّيَّاتِ الْمُرَادَةَ هُنَا مَحْصُورَةٌ فِيمَا ذَكَرَهُ اهـ. زَكَرِيَّا
(قَوْلُهُ: الْمَشْرُوعُ لَهُ قَتْلُ إلَخْ) فَالْحُكْمُ بِمَعْنَى الْمَحْكُومِ بِهِ الْقَتْلُ وَالْعِلَّةُ الْكُفْرُ وَالْمُنَاسِبُ حِفْظُ الدِّينِ وَقِسْ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَعُقُوبَةُ الدَّاعِينَ إلَخْ) الْأَوْلَى
حَدُّ الْقَذْفِ وَهَذَا زَادَهُ الْمُصَنِّفُ كَالطُّوفِيِّ وَعَطَفَهُ بِالْوَاوِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ فِي رُتْبَةِ الْمَالِ وَعَطَفَ كُلًّا مِنْ الْأَرْبَعَةِ قَبْلَهُ بِالْفَاءِ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ دُونَ مَا قَبْلَهُ فِي الرُّتْبَةِ (وَيُلْحَقُ بِهِ) أَيْ بِالضَّرُورِيِّ فَيَكُونُ فِي رُتْبَتِهِ (مُكَمِّلُهُ كَحَدِّ قَلِيلِ الْمُسْكِرِ) فَإِنَّ قَلِيلَهُ يَدْعُو إلَى كَثِيرِهِ الْمُفَوِّتِ لِحِفْظِ الْعَقْلِ فَبُولِغَ فِي حِفْظِهِ بِالْمَنْعِ مِنْ الْقَلِيلِ وَالْحَدِّ عَلَيْهِ كَالْكَثِيرِ (وَالْحَاجِيُّ) ، وَهُوَ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَا يَصِلُ إلَى حَدِّ الضَّرُورَةِ (كَالْبَيْعِ فَالْإِجَارَةِ) الْمَشْرُوعَيْنِ لِلْمِلْكِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ، وَلَا يَفُوتُ بِفَوَاتِهِ لَوْ لَمْ يُشْرَعَا شَيْءٌ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ السَّابِقَةِ وَعَطَفَ الْإِجَارَةَ بِالْفَاءِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهَا دُونَ الْحَاجَةِ إلَى الْبَيْعِ (وَقَدْ يَكُونُ) الْحَاجِيُّ فِي الْأَصْلِ (ضَرُورِيًّا) فِي بَعْضِ الصُّوَرِ (كَالْإِجَارَةِ لِتَرْبِيَةِ الطِّفْلِ) فَإِنَّ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ فِيهَا وَهِيَ تَرْبِيَتُهُ يَفُوتُ بِفَوَاتِهِ لَوْ لَمْ تُشْرَعْ الْإِجَارَةُ حِفْظَ نَفْسِ الطِّفْلِ (وَمُكَمِّلَهُ) أَيْ الْحَاجِيِّ (كَخِيَارِ الْبَيْعِ) الْمَشْرُوعِ لِلتَّرَوِّي كَمُلَ بِهِ الْبَيْعُ
ــ
[حاشية العطار]
جَعْلُهَا مِنْ مُكَمِّلِ الضَّرُورِيِّ الْآتِي اهـ. زَكَرِيَّا (قَوْلُهُ: حَدُّ الْقَذْفِ) أَيْ أَوْ التَّعْزِيرُ؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ فِي قَذْفِ غَيْرِ الْمُحْصَنِ فِي الْإِيذَاءِ فِي الْعِرْضِ بِغَيْرِ قَذْفٍ اهـ. زَكَرِيَّا
(قَوْلُهُ: إشَارَةً إلَى أَنَّهُ فِي رُتْبَةِ الْمَالِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَعْرَاضَ تَتَفَاوَتُ فَمِنْهَا مَا هُوَ مِنْ الْكُلِّيَّاتِ، وَهُوَ الْأَنْسَابُ وَهِيَ أَرْفَعُ مِنْ الْأَمْوَالِ فَإِنَّ حِفْظَهَا ` تَارَةً بِتَحْرِيمِ الزِّنَا وَتَارَةً بِتَحْرِيمِ الْقَذْفِ الْمُفْضِي إلَى الشَّكِّ فِي الْأَنْسَابِ، وَتَحْرِيمُ الْأَنْسَابِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَمْوَالِ وَمِنْهَا مَا هُوَ دُونَهَا، وَهُوَ مَا عَدَا الْأَنْسَابِ اهـ.
فَقَوْلُهُ وَمِنْهَا مَا هُوَ دُونَهَا أَيْ وَمِنْ الْأَعْرَاضِ مَا هُوَ دُونَ الْكُلِّيَّاتِ فَهُوَ دُونَ الْأَمْوَالِ لَا فِي رُتْبَتِهَا كَمَا زَعَمَهُ الْمُصَنِّفُ اهـ. زَكَرِيَّا
(قَوْلُهُ: فَيَكُونُ فِي رُتْبَتِهِ) لَكِنَّ الطَّرِيقَ الْمُتَّبَعَ (قَوْلُهُ: مُكَمِّلُهُ) مَعْنَى كَوْنِهِ مُكَمِّلًا لَهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ ضَرُورِيًّا بِنَفْسِهِ بَلْ بِطَرِيقِ الِانْضِمَامِ فَلَهُ تَأْثِيرٌ فِيهِ لَكِنَّهُ لَا بِنَفْسِهِ لَا يَكُونُ فِي حُكْمِ الضَّرُورِيِّ مُبَالَغَةً فِي مُرَاعَاتِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ قَلِيلَهُ يَدْعُو إلَى كَثِيرِهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْوَصْفَ الْمُنَاسِبَ هُنَا هُوَ كَوْنُ الْقَلِيلِ يَدْعُو إلَى الْكَثِيرِ الْمُفَوِّتِ، وَالْحُكْمُ هُوَ الْحَدُّ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ شَرْعِ الْحَدِّ الْمُبَالَغَةُ فِي الْحِفْظِ بِالْحِفْظِ مِنْ الدُّعَاءِ إلَى الْمُفَوِّتِ فَجَعَلَ الْمُبَالَغَةَ فِي الْحِفْظِ مُسَبَّبَةً عَنْ الْحَدِّ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ فَعُلِمَ أَنَّهَا الْحِكْمَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْ شَرْعِ ذَلِكَ الْحَدِّ اهـ. نَجَّارِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَبُولِغَ إلَخْ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالتَّكْمِيلِ الْمُبَالَغَةُ فِيمَا يَقْتَضِيهِ (قَوْلُهُ: وَالْحَاجِيُّ) أَيْ الْمَقْصُودُ الْحَاجِيُّ، وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِمَعْنَى الْحِكْمَةِ فَقَوْلُهُ كَالْبَيْعِ أَيْ كَالْمَقْصُودِ مِنْ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ التَّمْثِيلُ لِلْحِكْمَةِ، وَكَذَا يُقَدَّرُ فِي نَظِيرِهِ وَقَوْلُهُ وَلَا يَصِلُ إلَى حَدِّ الضَّرُورَةِ بِهَذَا الْقَدْرِ تَمَيَّزَ الضَّرُورِيُّ عَنْ الْحَاجِيِّ اصْطِلَاحًا لِصِدْقِ الْحَاجِيِّ لُغَةً بِالضَّرُورِيِّ إذْ هُوَ فِي اللُّغَةِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مُطْلَقًا وَصَلَتْ الْحَاجَةُ إلَى حَدِّ الضَّرُورَةِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لِلْمِلْكِ) أَيْ مِلْكِ الرَّقَبَةِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ فَالْحُكْمُ الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ وَالْعِلَّةُ حَاجَةُ الْإِنْسَانِ وَالْحِكْمَةُ التَّمَكُّنُ مِنْ الْمِلْكِ فَقَوْلُهُ كَالْبَيْعِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ كَمُنَاسِبِ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ:، وَلَا يَفُوتُ بِفَوَاتِهِ) أَيْ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْبَيْعِ) أَيْ لِأَنَّ أَفْرَادَ الْبَيْعِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا أَكْثَرُ مِنْ أَفْرَادِ الْإِجَارَةِ إذْ قَدْ يَحْتَاجُ لِأَفْرَادٍ بِالْبَيْعِ، وَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ فِيهَا كَثِيرًا كَرَغِيفٍ يَأْكُلُهُ أَوْ مَاءٍ يَشْرَبُهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ بِالْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَكُونُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ يَكُونُ الْحَاجِيُّ ضَرُورِيًّا مَعَ أَنَّ الْحَاجِيَّ قَسِيمُ الضَّرُورِيِّ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ اتِّصَافَهُ بِالضَّرُورَةِ بِحَسَبِ الْعُرُوضِ وَكَوْنُهُ حَاجِيًّا الْأَصْلُ (قَوْلُهُ: يَفُوتُ بِفَوَاتِهِ) الْمُرَادُ أَنَّ فَوَاتَ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ لَوْ لَمْ تُشْرَعْ الْإِجَارَةُ مَظِنَّةً لِفَوَاتِ حِفْظِ نَفْسِ الطِّفْلِ فَهُوَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ ضَرُورِيٌّ وَالتَّبَرُّعُ نَادِرٌ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ وَمِنْ الْجِعَالَةِ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِتَحْصِيلِهِ الْمَقْصُودَ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّهُ قَدْ يَفُوتُ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ، وَلَا يَفُوتُ حِفْظُ نَفْسِ الطِّفْلِ بِأَنْ يُوجَدَ مُتَبَرِّعٌ أَوْ مَنْ يُرَبِّيهِ بِجُعْلٍ اهـ. كَمَالٌ.
(قَوْلُهُ: كَخِيَارِ الْبَيْعِ) أَيْ كَمُنَاسِبِ خِيَارِ الْبَيْعِ
لِيَسْلَمَ عَنْ الْغَبْنِ (وَالتَّحْسِينِيُّ) ، وَهُوَ مَا اُسْتُحْسِنَ عَادَةً مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَيْهِ قِسْمَانِ (غَيْرُ مُعَارِضِ الْقَوَاعِدِ كَسَلْبِ الْعَبْدِ أَهْلِيَّةَ الشَّهَادَةِ) فَإِنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ إذْ لَوْ أُثْبِتَتْ لَهُ الْأَهْلِيَّةُ مَا ضَرَّ لَكِنَّهُ مُسْتَحْسَنٌ فِي الْعَادَةِ لِنَقْصِ الرَّقِيقِ عَنْ هَذَا الْمَنْصِبِ الشَّرِيفِ الْمُلْزِمِ بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ (وَالْمُعَارِضُ كَالْكِتَابَةِ) فَإِنَّهَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهَا إذْ لَوْ مُنِعَتْ مَا ضَرَّ لَكِنَّهَا مُسْتَحْسَنَةٌ فِي الْعَادَةِ لِلتَّوَسُّلِ بِهَا إلَى فَكِّ الرَّقَبَةِ مِنْ الرِّقِّ وَهِيَ خَارِمَةٌ لِقَاعِدَةِ امْتِنَاعِ بَيْعِ الشَّخْصِ بَعْضَ مَا لَهُ بِبَعْضٍ آخَرَ إذْ مَا يُحَصِّلُهُ الْمُكَاتَبُ فِي قُوَّةِ مِلْكِ السَّيِّدِ لَهُ بِأَنْ يُعْجِزَ نَفْسَهُ.
(ثُمَّ الْمُنَاسِبُ) مِنْ حَيْثُ اعْتِبَارُهُ أَقْسَامٌ؛ لِأَنَّهُ (إنْ اُعْتُبِرَ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ عَيْنُ الْوَصْفِ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ فَالْمُؤَثِّرُ) لِظُهُورِ تَأَثُّرِهِ بِمَا اُعْتُبِرَ بِهِ مِثَالُ الِاعْتِبَارِ بِالنَّصِّ تَعْلِيلُ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّ الذَّكَرِ فَإِنَّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَمِثَالُ الِاعْتِبَارِ بِالْإِجْمَاعِ تَعْلِيلُ وِلَايَةِ الْمَالِ عَلَى الصَّغِيرِ بِالصِّغَرِ فَإِنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ (وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ)
ــ
[حاشية العطار]
قَوْلُهُ: لِيَسْلَمَ مِنْ الْغَبْنِ) وَجْهُ كَوْنِهِ مُكَمِّلًا أَنَّ الْغَبْنَ يُوجِبُ الرَّدَّ فَيَفُوتُ مَا شُرِعَ الْبَيْعُ لِأَجْلِهِ (قَوْلُهُ: قِسْمَانِ) ظَاهِرُ حَلِّ الشَّارِحِ أَنَّ قَوْلَهُ وَالتَّحْسِينِيُّ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ وَتَقْدِيرُهُ قِسْمَانِ، وَأَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ مُعَارِضِ الْقَوَاعِدِ بِالْإِضَافَةِ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ قِسْمٌ مِنْهُمَا غَيْرُ مُعَارِضِ الْقَوَاعِدِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ مُعَارِضِ الْقَوَاعِدِ نَعْتٌ لِلتَّحْسِينِيِّ وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ كَسَلْبِ الْعَبْدِ إلَخْ، وَإِنَّ قَوْلَهُ وَالْمُعَارِضُ نَعْتٌ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَالتَّحْسِينِيُّ الْمُعَارِضُ وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ كَالْكِتَابَةِ، وَالْعَطْفُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَمَقْصُودُ السِّيَاقِ التَّمْثِيلُ لِكُلٍّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ وَيُسْتَفَادُ التَّقْسِيمُ إلَيْهِمَا تَبَعًا اهـ. كَمَالٌ.
وَكَتَبَ بِهَامِشِهِ سم يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْحَامِلُ لِلشَّارِحِ عَلَى هَذَا الظَّاهِرِ أَنَّ التَّقْسِيمَ سَابِقٌ فِي الِاعْتِبَارِ عَلَى التَّمْثِيلِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالتَّمْثِيلِ إيضَاحُ كُلِّ قِسْمٍ بِخُصُوصِهِ فَلَا بُدَّ أَوَّلًا مِنْ تَمْيِيزِ خُصُوصِهِ لِيَرِدَ عَلَيْهِ التَّمْثِيلُ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّ الْأَقْعَدَ مَا سَلَكَهُ الشَّارِحُ اهـ.
(قَوْلُهُ: غَيْرُ مُعَارِضِ الْقَوَاعِدِ) أَيْ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ وَقَوْلُهُ كَسَلْبِ الْعَبْدِ إلَخْ فَسَلْبُ الْعَبْدِ أَهْلِيَّةَ الشَّهَادَةِ هُوَ الْحُكْمُ وَالْعِلَّةُ هِيَ النَّقْصُ وَالْحِكْمَةُ هِيَ الْجَرْيُ عَلَى مُسْتَحْسَنِ الْعَادَاتِ (قَوْلُهُ: الْمَلْزَمُ) أَيْ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ لِإِلْزَامِ الْحُقُوقِ لِأَهْلِهَا عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ اهـ. زَكَرِيَّا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ) فَإِنَّهُ لَا إلْزَامَ فِيهَا.
(قَوْلُهُ: وَالْمُعَارِضُ) اللَّامُ فِيهِ لِلْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ وَكَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ التَّنْكِيرَ لِسِيَاقِ مَا قَبْلَهُ لَكِنَّهُ لَمَّا سَبَقَ التَّلْوِيحُ لَهُ بِذِكْرِ قَسِيمِهِ صَارَ لَهُ تَقَرُّرٌ فِي ذِهْنِ السَّامِعِ فَكَأَنَّهُ قَالَ فِي أَمْثَالِ الْمُعَارِضِ فَأَجَابَهُ بِقَوْلِهِ وَالْمُعَارِضُ أَيْ الْمَعْهُودُ فِي ذَلِكَ كَالْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ مُنِعَتْ مَا ضَرَّ) فَإِنَّ الْمَالَ لِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُهُ الْعِتْقُ وَيَكُونُ بِدُونِ شَيْءٍ (قَوْلُهُ: فِي قُوَّةِ إلَخْ) إنَّمَا قَالَ فِي قُوَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مِلْكِهِ إذْ قَدْ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ الْمُنَاسِبُ) أَيْ الْوَصْفُ الْمُنَاسِبُ الْمُعَلَّلُ بِهِ أَيْ الْعِلَّةُ الْمُنَاسَبَةُ لَا الْحِكْمَةُ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ اعْتِبَارُهُ) أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ إنْ اُعْتُبِرَ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ وَحَاصِلُ هَذَا التَّقْسِيمِ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُعْلَمَ اعْتِبَارُ الشَّرْعِ لَهُ أَوْ يُعْلَمَ إلْغَاؤُهُ أَوْ لَا يُعْلَمَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَالْأَوَّلُ يُعَلَّلُ بِهِ بِلَا نِزَاعٍ وَالثَّانِي عَكْسُهُ، وَالثَّالِثُ لَا يُعَلَّلُ بِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ: أَقْسَامٌ) أَيْ أَرْبَعَةٌ مُؤَثِّرٌ وَمُلَائِمٌ وَغَرِيبٌ وَمُرْسَلٌ وَسَتَأْتِي (قَوْلُهُ: بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ) أَيْ عَلَى الْعِلَّةِ وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ وَيُشْكَلُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُنَاسِبَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمُنَاسَبَةِ الَّتِي هِيَ تَعْيِينُ الْعِلَّةِ بِمُجَرَّدِ إبْدَاءِ الْمُنَاسَبَةِ مِنْ ذَاتِهِ لَا بِنَصٍّ، وَلَا غَيْرِهِ فَكَيْفَ يَنْقَسِمُ الْمُنَاسِبُ إلَى مُعْتَبَرٍ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ وَإِلَى غَيْرِهِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُنَاسِبَ الْمُنْقَسِمَ أَعَمُّ مِنْ الْمُنَاسِبِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْمُنَاسَبَةِ الْمَعْرُوفَةِ بِمَا ذُكِرَ.
وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ فَهْمَ الْمُنَاسَبَةِ مِنْ ذَاتِ
عَيْنُ الْوَصْفِ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ (بِهِمَا) أَيْ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ (بَلْ) اُعْتُبِرَ (بِتَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَى وَفْقِهِ) أَيْ الْوَصْفِ حَيْثُ يَثْبُتُ الْحُكْمُ مَعَهُ (وَلَوْ) كَانَ الِاعْتِبَارُ بِالتَّرْتِيبِ (بِاعْتِبَارِ جِنْسِهِ فِي جِنْسِهِ) أَيْ جِنْسِ الْوَصْفِ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ كَمَا يَكُونُ بِاعْتِبَارِ عَيْنِهِ فِي جِنْسِهِ أَوْ الْعَكْسِ كَذَلِكَ الْأَوْلَى
ــ
[حاشية العطار]
الْمُنَاسِبِ لَا يُنَافِي اعْتِبَارُهُ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ (قَوْلُهُ: عَيْنُ الْوَصْفِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْعَيْنِ النَّوْعُ لَا الشَّخْصُ إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِنَقْضِ الْوُضُوءِ نَقْضٌ مُشَخَّصٌ، وَلَا الْمَسُّ فِي الْحَدِيثِ مَسٌّ بِخُصُوصِهِ بَلْ الْمُرَادُ أَيُّ نَقْضٍ كَانَ وَمَسُّ أَيِّ ذَكَرٍ كَانَ (قَوْلُهُ: فَالْمُؤَثِّرُ) أَيْ فَهُوَ الْوَصْفُ الْمُسَمَّى بِالْمُؤَثِّرِ (قَوْلُهُ: لِظُهُورِ تَأْثِيرِهِ) أَيْ مُنَاسَبَتِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُؤَثِّرِ الْمُوجِبَ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ الْحُكْمُ (قَوْلُهُ: بِمَا اُعْتُبِرَ بِهِ) أَيْ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ الَّذِي اُعْتُبِرَ بِهِ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِظُهُورِ وَقَوْلُهُ نَقْضُ الْوُضُوءِ لَيْسَ حُكْمًا مِنْ الْأَحْكَامِ وَأَمَّا الْحُكْمُ لَازِمُهُ، وَهُوَ حُرْمَةُ الصَّلَاةِ، وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ، وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْحُكْمَ الْوَضْعِيَّ وَنَقْضُ الْوُضُوءِ حُكْمٌ وَضْعِيٌّ.
(قَوْلُهُ:، وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ عَيْنُ الْوَصْفِ إلَخْ) الْمَنْفِيُّ هُوَ الْقَيْدُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ، وَهُوَ الِاعْتِبَارُ بِهِمَا أَيْ بِالنَّصِّ أَوْ الْإِجْمَاعِ، وَإِلَّا فَاعْتِبَارُ عَيْنِ الْوَصْفِ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ مَوْجُودٌ فِي الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: بَلْ اُعْتُبِرَ) أَيْ اُعْتُبِرَ عَيْنُ الْوَصْفِ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ بِسَبَبِ تَرَتُّبِ الشَّارِعِ الْحُكْمَ عَلَى مُوَافِقِهِ وَجَعَلَهُ مُوَافِقًا مِنْ تَرَتُّبِ جِنْسِ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ لِلْمُغَايَرَةِ الِاعْتِبَارِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ تَرَتُّبُ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ عَلَيْهِ غَيْرُ نَفْسِهِ مِنْ حَيْثُ تَرَتُّبُ الْآخَرِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَثْبُتُ إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِلتَّرْتِيبِ فَالشَّارِعُ رَتَّبَ عَيْنَ هَذَا الْحُكْمِ عَلَى عَيْنِ هَذَا الْوَصْفِ بِمَعْنَى أَنَّهُ أَفَادَ هَذَا الْحُكْمَ مَعَ هَذَا الْوَصْفِ مِنْ غَيْرِ إفَادَةِ أَنَّهُ عِلَّةٌ فَالْمُرَادُ بِالتَّرَتُّبِ مُجَرَّدُ الْمُوَافَقَةِ فِي الثُّبُوتِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِعُ عَلَى أَنَّهُ عِلَّةٌ فَنَعْتَبِرُ عَيْنَ هَذَا الْوَصْفِ فِي عَيْنِ هَذَا الْحُكْمِ وَطَرِيقَةُ اعْتِبَارِ الشَّارِعِ الْجِنْسَ فِي الْجِنْسِ أَوْ الْعَيْنَ فِي الْجِنْسِ أَوْ الْعَكْسَ (قَوْلُهُ: مَعَهُ) أَيْ الْوَفْقُ فَهُوَ مِثْلُ الْقَضِيَّةِ الِاتِّفَاقِيَّةِ الَّتِي قَالَ بِهَا الْمَنَاطِقَةُ (قَوْلُهُ:، وَلَوْ كَانَ الِاعْتِبَارُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ اعْتِبَارُ الْمُجْتَهِدِ الْحَاصِلُ مِنْ التَّرْتِيبِ بِسَبَبِ اعْتِبَارِ جِنْسِهِ فِي جِنْسِهِ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ اعْتِبَارَ الْمُجْتَهِدِ سَبَبُهُ اعْتِبَارُ الشَّارِعِ الْجِنْسَ فِي الْجِنْسِ مَثَلًا مَعَ أَنَّ سَبَبَ اعْتِبَارِ الْمُجْتَهِدِ هُوَ التَّرْتِيبُ الْمُسَبَّبُ عَنْ اعْتِبَارِ الشَّارِعِ لَا نَفْسُ اعْتِبَارِ الشَّارِعِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ النَّاصِرُ الصَّوَابُ حَذْفُ الِاعْتِبَارِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ اعْتِبَارُ الشَّارِعِ سَبَبٌ لِاعْتِبَارِ الْمُجْتَهِدِ، وَإِنْ كَانَ بِوَاسِطَةٍ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ وَخَرَجَ بِاعْتِبَارِ الْمُنَاسِبِ بِأَحَدِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ بِالنَّصِّ أَوْ الْإِجْمَاعِ مَا إذَا لَمْ يُعْتَبَرْ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يُسَمَّى غَرِيبًا لَا مُلَائِمًا كَمَا ذَكَرَهُ الْعَضُدُ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: الْأَوْلَى) نَعْتُ اعْتِبَارٍ عَنْهُ إلَخْ يَعْنِي أَنَّ
مِنْ الْمَذْكُورِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِلَوْ (فَالْمُلَائِمُ) لِمُلَاءَمَتِهِ لِلْحُكْمِ فَأَقْسَامُهُ ثَلَاثَةٌ، مِثَالُ الْأَوَّلِ أَيْ اعْتِبَارُ الْعَيْنِ فِي الْعَيْنِ بِالتَّرْتِيبِ، وَقَدْ اُعْتُبِرَ الْعَيْنُ فِي الْجِنْسِ تَعْلِيلُ وِلَايَةِ النِّكَاحِ بِالصِّغَرِ حَيْثُ تَثْبُتَ مَعَهُ، وَإِنْ اُخْتُلِفَ فِي أَنَّهَا لَهُ أَوْ لِلْبَكَارَةِ أَوْ لَهُمَا، وَقَدْ اُعْتُبِرَ فِي جِنْسِ الْوِلَايَةِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِي وِلَايَةِ الْمَالِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا تَقَدَّمَ وَمِثَالُ الثَّانِي أَيْ اعْتِبَارُ الْعَيْنِ فِي الْعَيْنِ، وَقَدْ اُعْتُبِرَ الْجِنْسُ فِي الْعَيْنِ تَعْلِيلُ جَوَازِ الْجَمْعِ فِي الْحَضَرِ حَالَةَ الْمَطَرِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ بِالْحَرَجِ، وَقَدْ اُعْتُبِرَ جِنْسُهُ فِي الْجَوَازِ فِي السَّفَرِ بِالْإِجْمَاعِ وَمِثَالُ الثَّالِثِ أَيْ اعْتِبَارُ الْعَيْنِ فِي الْعَيْنِ، وَقَدْ اُعْتُبِرَ الْجِنْسُ فِي الْجِنْسِ تَعْلِيلُ الْقِصَاصِ فِي الْقَتْلِ بِمُثَقَّلٍ بِالْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ حَيْثُ ثَبَتَ مَعَهُ، وَقَدْ اُعْتُبِرَ جِنْسُهُ فِي جِنْسِ الْقِصَاصِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِي الْقَتْلِ بِمُحَدَّدٍ بِالْإِجْمَاعِ.
(وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ) أَيْ الْمُنَاسِبُ (فَإِنْ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى إلْغَائِهِ فَلَا يُعَلَّلُ بِهِ) كَمَا فِي مُوَاقَعَةِ الْمَلِكِ فَإِنَّ يُنَاسِبُ التَّكْفِيرَ ابْتِدَاءً بِالصَّوْمِ لِيَرْتَدِعَ بِهِ دُونَ الْإِعْتَاقِ إذْ يَسْهُلُ عَلَيْهِ بَذْلُ الْمَالِ فِي شَهْوَةِ الْفَرْجِ، وَقَدْ أَفْتَى
ــ
[حاشية العطار]
كُلًّا مِنْ الْقِسْمَيْنِ، وَهُمَا اعْتِبَارُ الْعَيْنِ فِي الْجِنْسِ وَاعْتِبَارُ الْجِنْسِ فِي الْعَيْنِ أَوْلَى فِي تَرَتُّبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ مِنْ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ اعْتِبَارُ الْجِنْسِ فِي الْجِنْسِ وَقَوْلُهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِلَوْ أَيْ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الْغَايَةِ أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِمَّا بَعْدَهَا وَلِذَا صَدَّرَ الشَّارِحُ الْأَمْثِلَةَ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَذْكُورِ) أَيْ بَعْدَ لَوْ (قَوْلُهُ: لِمُلَاءَمَتِهِ لِلْحُكْمِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسُ (قَوْلُهُ: فَأَقْسَامُهُ) أَيْ أَقْسَامُ الِاعْتِبَارِ بِالتَّرْتِيبِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الْأَمْثِلَةِ أَيْ الْمُنَاسِبُ الْمُعْتَبَرُ (قَوْلُهُ: أَيْ اعْتِبَارُ الْعَيْنِ فِي الْعَيْنِ) أَيْ مِنْ الْمُجْتَهِدِ وَقَوْلُهُ، وَقَدْ اُعْتُبِرَ الْعَيْنُ فِي الْجِنْسِ أَيْ مِنْ الشَّارِعِ، وَالْوَاوُ الدَّاخِلَةُ عَلَى قَدْ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ:، وَقَدْ اعْتَبَرَ) أَيْ الشَّارِعُ وَالْمُنَاسِبُ لِمَا يَأْتِي أَنْ يَقُولَ أَيْ مِنْ الْمُجْمِعِينَ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الْإِجْمَاعُ مُسْتَنِدًا لِنَصِّ الشَّارِعِ عَبَّرَ بِالشَّارِعِ (قَوْلُهُ: فِي جِنْسِ الْوِلَايَةِ) ؛ لِأَنَّهُ جَامِعٌ لِوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَوِلَايَةِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ اُعْتُبِرَ) بَيَانٌ لِاعْتِبَارِ الصِّغَرِ فِي جِنْسِ الْوِلَايَةِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى اعْتِبَارِهِ فِي وِلَايَةِ الْمَالِ إجْمَاعٌ عَلَى اعْتِبَارِهِ فِي جِنْسِ الْوِلَايَةِ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ مَوْجُودٌ فِي ضِمْنِ الْفَرْدِ (قَوْلُهُ: بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ عِنْدَنَا وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَإِلَّا فَفِيهِ خِلَافٌ لِبَعْضِهِمْ فَلَوْ عَبَّرَ بِالنَّصِّ كَانَ أَوْلَى اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْله، وَقَدْ اُعْتُبِرَ جِنْسُهُ) أَيْ الْحَرَجُ الشَّامِلُ لِحَرَجِ السَّفَرِ وَالْمَطَرِ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: فِي الْجَوَازِ) أَيْ فِي عَيْنِ هَذَا الْحُكْمِ فَإِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ شَيْءٌ وَاحِدٌ.
(قَوْلُهُ:، وَقَدْ اُعْتُبِرَ جِنْسُهُ) أَيْ الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهُ فِي فَرْدٍ وَقَوْلُهُ فِي جِنْسِ الْقِصَاصِ أَيْ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُ هَذَا الْجِنْسِ فِي فَرْدٍ آخَرَ، وَهُوَ الْقَتْلُ بِمُحَدَّدٍ وَقَوْلُهُ فِي الْقَتْلِ بِمُحَدَّدٍ أَيْ فِي خُصُوصِ هَذَا الْفَرْدِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ اُعْتُبِرَ) أَيْ الْقَتْلُ الْعَمْدُ الْعُدْوَانُ؛ لِأَنَّهُ جِنْسٌ جَامِعٌ لِلْقَتْلِ بِمُثَقَّلٍ وَالْقَتْلِ بِمُحَدَّدٍ وَالْمُنَاسِبُ لِمَا قَبْلَهُ أَنْ يَقُولَ حَيْثُ اُعْتُبِرَ الْقِصَاصُ بِمُحَدَّدٍ فِي الْقَتْلِ بِمُحَدَّدٍ.
(قَوْلُهُ:، وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ) أَيْ لَا بِنَصٍّ وَلَا إجْمَاعٍ، وَلَا تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَى وَفْقِهِ وَمَعْنَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِ عَدَمُ دَلَالَةِ الدَّلِيلِ عَلَى اعْتِبَارِهِ أَيْ لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَشْمَلْ الْمُرْسَلَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ) أَيْ مِنْ صُعُوبَةِ الصَّوْمِ وَسُهُولَةِ الْإِعْتَاقِ عَلَيْهِ يُنَاسِبُ التَّكْفِيرَ ابْتِدَاءً بِالصَّوْمِ فَالْوَصْفُ الْمُلْغَى حَالُهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بَعْدُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُوَافَقَتُهُ فِي الْحُكْمِ هُوَ التَّكْفِيرُ ابْتِدَاءً بِالصَّوْمِ (قَوْلُهُ:، وَقَدْ أَفْتَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى الْمَغْرِبِيُّ الْأَنْدَلُسِيُّ) إمَامُ أَهْلِ الْأَنْدَلُسِ تَرْجَمَةُ الْمُقْرِي فِي نَفْحِ الطِّيبِ وَغَيْرِهِ تَرْجَمَةً وَاسِعَةً ارْتَحَلَ إلَى الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَخَذَ عَنْهُ ثُمَّ قَدِمَ الْأَنْدَلُسَ وَحَصَلَتْ لَهُ حَظْوَةٌ تَامَّةٌ عِنْدَ مُلُوكِهَا وَالْمَلِكُ الَّذِي أَفْتَاهُ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ الْأُمَوِيُّ وَاقَعَ جَارِيَةً لَهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَسَأَلَ يَحْيَى فَقَالَ تَصُومُ
يَحْيَى بْنُ يَحْيَى الْمَغْرِبِيُّ مَلِكًا جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ بِصَوْمِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ نَظَرًا إلَى ذَلِكَ لَكِنَّ الشَّارِعَ أَلْغَاهُ بِإِيجَابِهِ الْإِعْتَاقَ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ تَفْرِقَةٍ بَيْنَ مَلِكٍ وَغَيْرِهِ، وَيُسَمَّى هَذَا الْقِسْمُ بِالْغَرِيبِ لِبُعْدِهِ عَنْ الِاعْتِبَارِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى إلْغَائِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِهِ (فَهُوَ الْمُرْسَلُ) لِإِرْسَالِهِ أَيْ إطْلَاقِهِ عَمَّا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِهِ أَوْ إلْغَائِهِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ وَبِالِاسْتِصْلَاحِ (وَقَدْ قَبِلَهُ) الْإِمَامُ (مَالِكٌ مُطْلَقًا) رِعَايَةً لِلْمَصْلَحَةِ
ــ
[حاشية العطار]
شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ وَلَمَّا سُئِلَ عَنْ حِكْمَةِ مُخَالَفَتِهِ لِإِمَامِ مَذْهَبِهِ الْإِمَامِ مَالِكٍ، وَهُوَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ وَالْإِطْعَامِ فَقَالَ: لَوْ فَتَحْنَا لَهُ هَذَا الْبَابَ سَهُلَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَأَ كُلَّ يَوْمٍ وَيَعْتِقَ فَحَمَلْتُهُ عَلَى أَصْعَبِ الْأُمُورِ عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّوْمُ (قَوْلُهُ: نَظَرًا إلَى ذَلِكَ) أَيْ إلَى أَنَّ يُنَاسِبُ التَّكْفِيرَ بِالصَّوْمِ قَالَ الْقَرَافِيُّ، وَهُوَ الْأَوْفَقُ بِكَوْنِ مَشْرُوعِيَّةِ الْكَفَّارَاتِ لِلزَّجْرِ، وَلَمْ يُفْتِهِ يَحْيَى عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ اهـ. أَيْ فَكَأَنَّهُ أَفْتَاهُ بِمَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ (قَوْلُهُ: بِإِيجَابِهِ الْإِعْتَاقَ ابْتِدَاءً) هُوَ مَذْهَبُنَا مَعَاشِرَ الشَّافِعِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: بِالْغَرِيبِ) أَيْ الْمُنَاسِبِ الْغَرِيبِ (قَوْلُهُ:، وَإِلَّا فَهُوَ الْمُرْسَلُ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مَحَلُّهُ لِيَجْرِيَ فِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي إذَا عُلِمَ اعْتِبَارُ عَيْنِهِ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ أَوْ عَكْسِهِ أَوْ جِنْسِهِ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ، وَإِلَّا فَهُوَ مَرْدُودٌ اتِّفَاقًا كَمَا ذَكَرَهُ الْعَضُدُ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ: بِالْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ) أَيْ الْمُطْلَقَةِ عَنْ الْإِلْغَاءِ وَالِاعْتِبَارِ (قَوْلُهُ:، وَقَدْ قَبِلَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ مُطْلَقًا) هُوَ مُقَابِلُ التَّقْيِيدِ الْآتِي أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْعِبَادَاتِ أَوْ غَيْرِهَا كَذَا قِيلَ: هُنَا لَكِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ الْمِنْهَاجِ وَشَرْحِهِ خِلَافُهُ فَإِنَّهُ قَالَ إذَا كَانَ ضَرُورِيًّا قَطْعِيًّا كُلِّيًّا اُعْتُبِرَ وَأَمَّا مَالِكٌ فَقَدْ اعْتَبَرَهُ مُطْلَقًا قَالَ شَارِحُهُ أَيْ سَوَاءٌ اشْتَمَلَ عَلَى هَذِهِ الْقُيُودِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: رِعَايَةً لِلْمَصْلَحَةِ) فَإِنَّ اعْتِبَارَ جِنْسِ الْمَصَالِحِ يُوجِبُ ظَنَّ اعْتِبَارِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ظَنَّ أَنَّ فِي الْحُكْمِ مَصْلَحَةً غَالِبَةً عَلَى الْمَفْسَدَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ مَصْلَحَةٍ كَذَلِكَ مُعْتَبَرَةٌ شَرْعًا لَزِمَ ظَنُّ أَنَّ هَذِهِ الْمَصْلَحَةَ مُعْتَبَرَةٌ وَالْعَمَلُ بِالظَّنِّ وَاجِبٌ، وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم قَنَعُوا فِي إثْبَاتِ الْأَحْكَامِ بِمَعْرِفَةِ الْمَصَالِحِ وِفَاقًا، وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إلَى الشَّرَائِطِ الْمُعْتَبَرَةِ عِنْدَ فُقَهَاءِ الزَّمَانِ فِي الْقِيَاسِ وَالْأَصْلِ وَالْفَرْعِ إذْ الْمَقْصُودُ مِنْ الشَّرَائِعِ الْمَصَالِحُ كَمَا عُلِمَ بِالِاسْتِقْرَاءِ فَيَلْزَمُ اعْتِبَارُ الْمُنَاسِبِ الْمُرْسَلِ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الشَّرَائِطُ الثَّلَاثَةُ كَذَا فِي الْمِنْهَاجِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَّامَةِ الْبُدَخْشِيِّ لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ إذَا وَجَبَ اتِّبَاعُ الْمَصَالِحِ لَزِمَ تَغْيِيرُ الْأَحْكَامِ عِنْدَ تَبَدُّلِ الْأَشْخَاصِ وَتَغَيُّرِ الْأَوْقَاتِ وَاخْتِلَافِ الْبِقَاعِ عِنْدَ تَبَدُّلِ الْمَصَالِحِ، وَهَذَا يُفْضِي إلَى تَغَيُّرِ الشَّرْعِ ثُمَّ قَالَ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِالْمُرْسَلِ فِي الشَّرْعِ لَا يُتَصَوَّرُ حَتَّى يُتَكَلَّمَ فِيهِ بِنَفْيٍ أَوْ إثْبَاتٍ إذْ الْوَقَائِعُ لَا حَصْرَ لَهَا، وَكَذَا الْمَصَالِحُ وَمَا مِنْ مَسْأَلَةٍ تَعْرِضُ إلَّا وَفِي الشَّرْعِ دَلِيلٌ عَلَيْهَا إمَّا بِالْقَبُولِ أَوْ بِالرَّدِّ فَإِنَّا نَعْتَقِدُ اسْتِحَالَةَ خُلُوِّ وَاقِعَةٍ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ الدِّينَ قَدْ كَمُلَ.
وَقَدْ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِرَسُولِهِ وَانْقَطَعَ الْوَحْيُ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ كَمَالِ الدِّينِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3]
حَتَّى جَوَّزَ ضَرْبَ الْمُتَّهَمِ بِالسَّرِقَةِ لِيُقِرَّ وَعُورِضَ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بَرِيئًا وَتَرْكُ الضَّرْبِ لِمُذْنِبٍ أَهْوَنُ مِنْ ضَرْبِ بَرِيءٍ (وَكَادَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ يُوَافِقُهُ مَعَ مُنَادَاتِهِ عَلَيْهِ بِالنَّكِيرِ)
ــ
[حاشية العطار]
وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ تَصَوُّرِهِ أَنَّ أَحْكَامَ الشَّرْعِ تَنْقَسِمُ إلَى مَوَاقِعِ التَّعَبُّدَاتِ وَالْمُتَّبَعُ فِيهَا النُّصُوصُ وَمَا فِي مَعْنَاهَا وَمَا لَمْ تُرْشِدْ النُّصُوصُ إلَيْهِ فَلَا تَعَبُّدَ بِهِ، وَإِلَى مَا لَيْسَ مِنْ التَّعَبُّدَاتِ، وَهُوَ يَنْقَسِمُ إلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَلْفَاظِ كَالْأَيْمَانِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَالطَّلَاقِ، وَقَدْ أَحَالَنَا الشَّرْعُ فِي مُوجِبَاتِهَا إلَى قَضَايَا الْعُرْفِ فِيهَا بِنَفْيٍ أَوْ إثْبَاتٍ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الشَّارِعُ عليه الصلاة والسلام كَالِاكْتِفَاءِ بِالْعُثْكَالِ الَّذِي عَلَيْهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ إذَا حَلَفَ أَنْ يَضْرِبَ مِائَةً لِمَا وَرَدَ فِي قِصَّةِ أَيُّوبَ عليه السلام، وَلَمْ يُنْسَخْ فِي شَرْعِنَا وَإِلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِ الْأَلْفَاظِ، وَهُوَ مُنْقَسِمٌ إلَى مَا يَنْضَبِطُ فِي نَفْسِهِ كَالنَّجَاسَاتِ وَالْمَحْظُورَاتِ وَطُرُقِ تَلَقِّي الْمِلْكِ فَهَذِهِ الْأَقْسَامُ مُنْضَبِطَةٌ وَمُسْتَنِدَاتُهَا مَعْلُومَةٌ وَإِلَى مَا لَا يَنْضَبِطُ إلَّا بِالضَّبْطِ فِي مُقَابَلَةٍ كَالْأَشْيَاءِ الطَّاهِرَةِ وَالْأَفْعَالِ الْمُبَاحَةِ تَنْضَبِطُ بِضَبْطِ النَّجَاسَةِ وَالْحَظْرِ وَكَذَلِكَ الْأَمْلَاكُ مُنْتَشِرَةٌ تَنْضَبِطُ بِضَبْطِ طُرُقِ النَّقْلِ، وَالْإِبْدَاءُ مُحَرَّمٌ عَلَى الِاسْتِرْسَالِ مِنْ غَيْرِ ضَبْطٍ وَيَنْضَبِطُ بِضَبْطِ مَا اسْتَثْنَى الشَّرْعُ فِي مُقَابَلَتِهِ فَالْوَقَائِعُ إنْ وَقَعَتْ فِي جَانِبِ الضَّبْطِ أُلْحِقَتْ بِهِ، وَإِنْ وَقَعَتْ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ أُلْحِقَتْ بِهِ، وَإِنْ تَرَدَّدَتْ بَيْنَهُمَا وَتَجَاذَبَهَا الطَّرَفَانِ أُلْحِقَتْ بِأَقْرَبِهِمَا وَلَا بُدَّ وَأَنْ يَلُوحَ التَّرْجِيحُ لَا مَحَالَةَ فَخَرَجَ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَصْلَحَةٍ تُتَخَيَّلُ فِي كُلِّ وَاقِعَةٍ مَحْبُوسَةٍ بِالْأُصُولِ الْمُتَعَارِضَةِ لَا بُدَّ أَنْ تَشْهَدَ الْأُصُولُ بِرَدِّهَا أَوْ قَبُولِهَا (قَوْلُهُ: حَتَّى جَوَازُ إلَخْ) فَجَوَازُ الضَّرْبِ هُوَ الْحُكْمُ وَالْوَصْفُ الْمُنَاسِبُ تَوَقُّعُ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: الْمُتَّهَمُ) بِالشُّهْرَةِ لَا بِسُوءِ الظَّنِّ قَالَ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ فَإِنْ قِيلَ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَذْهَبِكُمْ وَمَذْهَبِ مَالِكٍ رضي الله عنه حَيْثُ انْتَهَى الْأَمْرُ بِهِ فِي اتِّبَاعِ الْمَصَالِحِ إلَى الْقَتْلِ فِي التَّعْزِيرِ وَالضَّرْبِ بِمُجَرَّدِ التُّهْمَةِ وَقَتْلِ ثُلُثِ الْأُمَّةِ
لِاسْتِصْلَاحِ
ثُلُثَيْهَا وَمُصَادَرَةِ الْأَغْنِيَاءِ وَقَطْعِ اللِّسَانِ فِي الْهَذْرِ عِنْدَ
الْمَصْلَحَةِ
وَمَا الَّذِي مَنَعَكُمْ مِنْ اتِّبَاعِهَا وَالْعَمَلِ بِهَا، وَالْحَاجَةُ قَدْ تَمَسُّ إلَى التَّعْزِيرِ بِالتُّهْمَةِ فَإِنَّ الْأَمْوَالَ مَحْبُوبَةٌ وَالسَّارِقُ لَا يُقِرُّ وَإِثْبَاتُهَا بِالْبَيِّنَةِ أَمْرٌ عَسِرٌ وَلَا وَجْهَ لِإِظْهَارِهَا إلَّا بِالضَّرْبِ، وَهَذِهِ
مَصْلَحَةٌ ظَاهِرَةٌ
إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا عَدَاهَا؟ .
قُلْنَا: الْفَرْقُ بَيْنَنَا أَنَّنَا انْتَبَهْنَا لِأَصْلٍ عَظِيمٍ لَمْ يَكْتَرِثْ مَالِكٌ بِهِ، وَهُوَ أَنَّا قَدَّمْنَا إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ عَلَى قَضِيَّةِ الْمَصْلَحَةِ وَكُلُّ مَصْلَحَةٍ نَعْلَمُ عَلَى الْقَطْعِ وُقُوعَهَا زَمَنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم وَامْتِنَاعَهُمْ عَنْ الْقَضَاءِ بِمُوجَبِهَا فَهِيَ مَتْرُوكَةٌ وَنَعْلَمُ عَلَى الْقَطْعِ أَنَّ الْأَعْصَار لَا تَنْفَكُّ عَنْ السَّرِقَةِ وَكَانَ ذَلِكَ يَكْثُرُ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُعَزِّرُوا بِالتُّهْمَةِ، وَلَمْ يَقْطَعُوا لِسَانًا فِي الْهَذْرِ مَعَ كَثْرَةِ الْهَذَّارِينَ، وَلَا صَادَرُوا غَنِيًّا مَعَ كَثْرَةِ الْأَغْنِيَاءِ وَمَسِيسِ الْحَاجَاتِ، وَكُلُّ مَا امْتَنَعُوا عَنْهُ نَمْتَنِعُ عَنْهُ وَمَالِكٌ لَمْ يَتَنَبَّهْ لِهَذَا الْأَصْلِ فَإِنْ قِيلَ: رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه صَادَرَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَلَى نِصْفِ الْمَالِ وَخَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَقَالَ لِمَنْ مَدَّ يَدَهُ إلَى لِحْيَتِهِ لِيَأْخُذَ الْقَذَى مِنْهَا أَبِنْ مَا أَبَنْت، وَإِلَّا أَبَنْت يَدَك وَقَطْعُ الْيَدِ لَا يُوجِبُونَهُ فِي مِثْلِهِ، وَلَا الْمُصَادَرَةُ، وَقَدْ فَعَلَهُ، قُلْنَا: إنَّهُ لَوْ لَمْ يُبِنْ مَا أَبَانَ مَا قَطَعَ يَدَهُ لَكِنْ ذَكَرَهُ تَهْوِيلًا وَتَخْوِيفًا وَتَعْظِيمًا لِأُبَّهَةِ الْإِمَامَةِ كَيْ لَا يُبَاسَطَ فَتَضْعُفَ حِشْمَتُهُ فِي الصُّدُورِ وَأَمَّا مُصَادَرَةُ خَالِدٍ وَعَمْرٍو فَلَا تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْمُصَادَرَةِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَانَ أَعْلَمَ بِأَحْوَالِهِمْ وَكَانَ يَتَجَسَّسُ بِالنَّهَارِ وَيَتَعَسَّسُ بِاللَّيْلِ فَلَعَلَّهُ اطَّلَعَ عَلَى أَمْرٍ خَفِيٍّ سَوَّغَ لَهُ ذَلِكَ وَذَلِكَ مُسَلَّمٌ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَّخَذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى مُصَادَرَةِ الْأَغْنِيَاءِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ قَدْ رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه كَانَ يَشُقُّ بُطُونَ أَصَابِعِ الصِّبْيَانِ فِي السَّرِقَةِ
لِأَجْلِ الْمَصْلَحَةِ
وَأَنْتُمْ تَرَكْتُمْ هَذِهِ الْمَصْلَحَةَ، قُلْنَا: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي مَظِنَّةِ الِاجْتِهَادِ؛ لِأَنَّ الشَّقَّ الْيَسِيرَ قَرِيبٌ مِنْ الضَّرْبِ فِي التَّخْوِيفِ، وَالصِّبْيَانُ يُضْرَبُونَ عَلَى السَّرِقَةِ فَنَحْنُ رَاعَيْنَا مَعْنًى أَظْهَرَ مِنْهُ فَلِذَلِكَ تَرَكْنَاهُ.
(قَوْلُهُ: قَدْ يَكُونُ بَرِيئًا) فَيَلْزَمُ ضَرْبُ بَرِيءٍ (قَوْلُهُ: وَتَرْكُ الضَّرْبِ إلَخْ) أَيْ اللَّازِمِ عَلَى عَدَمِ الضَّرْبِ، وَقَدْ كَانَ مُذْنِبًا فِي الْوَاقِعِ لَكِنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا رضي الله عنه رَأَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُضْرَبْ لَزِمَ ضَيَاعُ الْأَمْوَالِ (قَوْلُهُ: مَعَ مُنَادَاتِهِ عَلَيْهِ إلَخْ)
أَيْ قَرُبَ مِنْ مُوَافَقَتِهِ، وَلَمْ يُوَافِقْهُ (وَرَدَّهُ الْأَكْثَرُ) مِنْ الْعُلَمَاءِ (مُطْلَقًا) لِعَدَمِ مَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِهِ (وَ) رَدَّهُ (قَوْمٌ فِي الْعِبَادَاتِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ فِيهَا لِلْمَصْلَحَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَالْبَيْعِ وَالْحَدِّ (وَلَيْسَ مِنْهُ مَصْلَحَةٌ ضَرُورِيَّةٌ كُلِّيَّةٌ قَطْعِيَّةٌ؛ لِأَنَّهَا مِمَّا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى اعْتِبَارِهَا فَهِيَ حَقٌّ قَطْعًا وَاشْتَرَطَهَا الْغَزَالِيُّ لِلْقَطْعِ بِالْقَوْلِ بِهِ لَا لِأَصْلِ الْقَوْلِ بِهِ)
ــ
[حاشية العطار]
أَيْ الْإِنْكَارِ بِالنَّظَرِ لِلْقَاعِدَةِ الْأُصُولِيَّةِ فِي قَبُولِ الْمُرْسَلِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْأُصُولِيِّينَ عَلَى عَدَمِ قَبُولِهِ، وَإِلَّا فَالْمُجْتَهِدُ لَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ فِي فَرْعٍ مِنْ الْفُرُوعِ (قَوْلُهُ: أَيْ قَرُبَ مِنْ مُوَافَقَتِهِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا اعْتَبَرَ الْمَصَالِحَ الْمُرْسَلَةَ؛ لِأَنَّ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ قَيَّدَ مَا اعْتَبَرَهُ مِنْهَا بِكَوْنِهَا مُشَبَّهَةً لِمَا عُلِمَ اعْتِبَارُهُ شَرْعًا وَمَالِكٌ لَمْ يُقَيِّدْ بِهِ (قَوْلُهُ:، وَلَمْ يُوَافِقْهُ) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ كَادَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ خَبَرَهَا مَنْفِيٌّ إذَا كَانَتْ مُثْبَتَةً، وَهُوَ قَوْلٌ مُشْتَهِرٌ بَيْنَ النُّحَاةِ، وَإِنْ كَانَ التَّحْقِيقُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ أَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ، وَلَا إثْبَاتِهِ قَالَهُ النَّاصِرُ وَمَنَعَهُ سم بِأَنَّ قَوْلَهُ، وَلَمْ يُوَافِقْهُ كَمَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِبَيَانِ أَنَّ هَذَا النَّفْيَ مِنْ جُمْلَةِ مَدْلُولِهَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ زَائِدًا عَلَيْهِ قُصِدَ بِهِ بَيَانُ الْوَاقِعِ هُنَا، وَلَا نُسَلِّمُ رُجْحَانَ الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْهُ) أَيْ الْمُرْسَلِ (قَوْلُهُ: ضَرُورِيَّةٌ) أَيْ دَعَتْ إلَيْهَا الضَّرُورَةُ بِأَنْ تَكُونَ وَاحِدَةً مِنْ الْخَمْسَةِ الَّتِي هِيَ حِفْظُ الدِّينِ وَالنَّفْسِ وَالْعَقْلِ وَالنَّسَبِ وَالْمَالِ، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهَا قَطْعِيَّةً أَنْ يَكُونَ الْجَزْمُ بِوُجُودِهَا حَاصِلًا وَبِالْكُلِّيَّةِ أَنْ لَا تَكُونَ مَخْصُوصَةً بِبَعْضِ الْمُسْلِمِينَ دُونَ بَعْضٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا مِمَّا دَلَّ) أَيْ مِنْ مُنَاسِبٍ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى اعْتِبَارِهِ وَذَلِكَ الدَّلِيلُ هُوَ أَنَّ حِفْظَ الْكُلِّيِّ أَهَمُّ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ مِنْ حِفْظِ الْجُزْئِيِّ (قَوْلُهُ: وَاشْتَرَطَهَا) أَيْ الْمَصْلَحَةَ الْمَذْكُورَةَ الْغَزَالِيُّ قَالَ فِي الْمَنْخُولِ فَإِنْ قِيلَ: لَوْ وَقَعَتْ حَادِثَةٌ لَمْ يُعْهَدْ مِثْلُهَا فِي عَصْرِ الْأَوَّلِينَ وَنُسِخَتْ مَصْلَحَةٌ لَا يَرُدُّهَا أَصْلٌ، وَلَكِنَّهَا حَدِيثَةٌ فَهَلْ تَتَّبِعُونَهَا، قُلْنَا: نَعَمْ وَلِذَلِكَ نَقُولُ لَوْ فَرَضْنَا انْقِلَابَ أَمْوَالِ الْعَالَمِ بِجُمْلَتِهَا مُحَرَّمَةً لِكَثْرَةِ الْمُعَامَلَاتِ الْفَاسِدَةِ وَاشْتِبَاهِ الْغُصُوبِ بِغَيْرِهَا وَعُسْرِ الْوُصُولُ إلَى الْحَلَالِ الْمَحْضِ، وَقَدْ وَقَعَ فَنُبِيحُ لِكُلِّ مُحْتَاجٍ أَنْ يَأْخُذَ مِقْدَارَ كِفَايَتِهِ مِنْ كُلِّ مَالٍ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ التَّنَاوُلِ يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ وَتَخْصِيصَهُ بِمِقْدَارِ سَدِّ الرَّمَقِ يَكُفُّ النَّاسَ عَنْ مُعَامَلَاتِهِمْ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ وَيَتَدَاعَى ذَلِكَ إلَى فَسَادِ الدُّنْيَا وَخَرَابِ الْعَالَمِ فَلَا يَتَفَرَّغُونَ وَهُمْ عَلَى حَالَتِهِمْ مُشْرِفُونَ عَلَى الْمَوْتِ إلَى صِنَاعَتِهِمْ وَأَشْغَالِهِمْ، وَالشَّرْعُ لَا يَرْضَى بِمِثْلِهِ فَنُبِيحُ لِكُلِّ غَنِيٍّ مِنْ مَالِهِ مِقْدَارَ كِفَايَتِهِ مِنْ غَيْرِ سَرَفٍ وَلَا اقْتِصَارٍ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ وَنُبِيحُ لِكُلِّ مُقْتِرٍ فِي مَالِ مَنْ فَضَلَ مِنْهُ هَذَا الْقَدْرُ مِثْلَهُ وَيَشْهَدُ لِهَذَا قَاعِدَةُ، وَهُوَ أَنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ إذَا اُضْطُرَّ إلَى طَعَامِ غَيْرِهِ أَوْ إلَى مَيْتَةٍ يُبَاحُ لَهُ مِقْدَارُ الِاسْتِقْلَالِ مُحَافَظَةً عَلَى الرُّوحِ فَالْمُحَافَظَةُ عَلَى الْأَرْوَاحِ أَوْلَى وَأَحَقُّ وَكَذَلِكَ نَقُولُ فِي الْمُسْتَظْهِرِ بِشَوْكَتِهِ الْمُسْتَوْلِي عَلَى النَّاسِ الْمُطَاعِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَقَدْ سَفَرَ الزَّمَانُ عَنْ مُسْتَجْمِعٍ لِشَرَائِطِ الْإِمَامَةِ يَتَعَذَّرُ أَمْرُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُجْرِي فَسَادًا عَظِيمًا لَوْ لَمْ نَقُلْ بِهِ اهـ.
أَقُولُ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ، وَقَدْ وَقَعَ هَذَا حَصَلَ فِي عَصْرِهِ وَأَمَّا الْعَصْرُ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ الْآنَ
فَجَعَلَهَا مِنْهُ مَعَ الْقَطْعِ بِقَبُولِهَا (قَالَ وَالظَّنُّ الْقَرِيبُ مِنْ الْقَطْعِ كَالْقَطْعِ) فِيهَا مِثَالُهَا رَمْيُ الْكُفَّارِ الْمُتَتَرِّسِينَ بِأَسْرَى الْمُسْلِمِينَ فِي الْحَرْبِ الْمُؤَدِّي إلَى قَتْلِ التُّرْسِ مَعَهُمْ إذَا قُطِعَ أَوْ ظُنَّ ظَنًّا قَرِيبًا مِنْ الْقَطْعِ بِأَنَّهُمْ إنْ لَمْ يُرْمَوْا اسْتَأْصَلُوا الْمُسْلِمِينَ بِالْقَتْلِ التُّرْسَ وَغَيْرَهُ وَبِأَنَّهُمْ إنْ رُمُوا سَلِمَ غَيْرُ التُّرْسِ فَيَجُوزُ رَمْيُهُمْ
لِحِفْظِ
بَاقِي الْأُمَّةِ بِخِلَافِ رَمْيِ أَهْلِ قَلْعَةٍ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمِينَ فَإِنَّ فَتْحَهَا لَيْسَ ضَرُورِيًّا وَرَمْيُ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ السَّفِينَةِ فِي الْبَحْرِ لِنَجَاةِ الْبَاقِينَ فَإِنَّ نَجَاتَهُمْ لَيْسَ كُلِّيًّا أَيْ مُتَعَلِّقًا بِكُلِّ الْأُمَّةِ وَرَمْيُ الْمُتَتَرِّسِينَ فِي الْحَرْبِ إذَا لَمْ يُقْطَعْ أَوْ لَمْ يُظَنَّ ظَنًّا قَرِيبًا مِنْ الْقَطْعِ بِاسْتِئْصَالِهِمْ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَجُوزُ الرَّمْيُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ
ــ
[حاشية العطار]
فَالْحَالُ أَقْوَى وَأَشَدُّ نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ وَالسَّلَامَةَ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا لَنَا بِهَا تَمَسُّكٌ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِتَرْشِيحِ التَّوْشِيحِ كَلَامًا يَقْرُبُ مِمَّا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ حَيْثُ نَقَلَ عَنْ وَالِدِهِ فِي ذِكْرِ الْمَسَائِلِ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا وَاسْتَخْرَجَهَا قَالَ: مَنْ جَاءَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ، وَهُوَ غَيْرُ مُشْرِفٍ، وَلَا مُسَائِلٍ، يَأْخُذُهُ حَرَامًا كَانَ أَمْ حَلَالًا ثُمَّ إنْ كَانَ حَلَالًا لَا تَبِعَةَ فِيهِ تَمَوَّلَهُ، وَإِلَّا رَدَّهُ فِي مَرَدِّهِ إنْ عَرَفَ مُسْتَحِقَّهُ، وَإِلَّا فَهُوَ كَالْمَالِ الضَّائِعِ قَالَ وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَا أَتَاك مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ، وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ وَمَا لَا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَك» قَالَ وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم هَذَا مَا يَدْفَعُ مَا نَقُولُهُ؛ لِأَنَّا عَلَى الْقَطْعِ بِأَنَّهُ لَمْ يَعْنِ خُصُوصَ ذَلِكَ الْمَالِ الَّذِي دَفَعَهُ هُوَ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَعَمُّ مِنْهُ مِنْ كُلِّ حَلَالٍ أَوْ الْأَعَمُّ مُطْلَقًا مِنْ كُلِّ مَالٍ قَالَ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ الْمُتَبَادِرُ إلَى الذِّهْنِ، وَأَمْلَى عَلَى الْمَسْأَلَةِ كَلَامًا عَلَى الْأُخْتِ سُتَيْتَةَ إمْلَاءً عَلَيْهَا، وَهُوَ مَرِيضٌ فَكَتَبَتْهُ عَنْهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ اهـ.
وَهَذَا الْكِتَابُ أَعْنِي: تَرْشِيحَ التَّوْشِيحِ مِنْ أَجَلِّ كُتُبِ الْمُصَنِّفِ وَقَعَتْ إلَيَّ نُسْخَتُهُ وَأَنَا بِمَدِينَةِ دِمَشْقَ الشَّامِ وَمُقَدِّمَةُ ذَلِكَ الْكِتَابِ بِخَطِّهِ فَاشْتَرَيْتهَا، وَقَدْ أَلَّفَ هُوَ ذَلِكَ الْكِتَابَ بِمَدِينَةِ دِمَشْقَ فَإِنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ فَرَغْت مِنْ تَصْنِيفِ هَذَا الْكِتَابِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَعْبَانَ الْمُكَرَّمِ سَنَةَ سَبْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ بِمَنْزِلِي فِي الدَّهْشَةِ ظَاهِرِ دِمَشْقَ الْمَحْرُوسَةِ وَأَرْسَلْت فِي صَفَرٍ سَنَةَ إحْدَى وَسَبْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ مِنْهُ نُسْخَةً إلَى أَخِي الشَّيْخِ الْأُسْتَاذِ الْعَلَّامَةِ الْمُحَقِّقِ الْحَبْرِ الْبَحْرِ بَهَاءِ الدِّينِ أَبِي حَامِدٍ أَحْمَدَ إلَى آخِرِ مَا قَالَ وَأَخُوهُ بَهَاءُ الدِّينِ هَذَا هُوَ الَّذِي شَرَحَ تَلْخِيصَ الْمِفْتَاحِ وَسَمَّى شَرْحَهُ بِعَرُوسِ الْأَفْرَاحِ، وَلَا أَعْلَمُ مُؤَلِّفًا غَيْرَهُ وَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْ كَوْنِ الشَّيْخِ سَكَنَ دِمَشْقَ أَنَّهُ وُلِدَ بِهَا بَلْ مَوْلِدُهُ بِمِصْرَ وَالِدُهُ مِنْ قَرْيَةِ سُبْكٍ، وَإِنَّمَا تَوَلَّى وَالِدُهُ قَضَاءَ الشَّامِ وَاسْتَصْحَبَهُ مَعَهُ وَسُتَيْتَةُ أُخْتُ الشَّيْخِ ثَبَتَ لَهَا مُشَارَكَةٌ مَعَهُ فِي الْأَخْذِ عَنْ وَالِدِهِ فَهُمْ أَهْلُ بَيْتِ عِلْمٍ رحمهم الله، وَقَدْ ظَفِرْت وَأَنَا بِدِمَشْقَ أَيْضًا بِمُؤَلَّفَيْنِ صَغِيرَيْ الْحَجْمِ مِنْ تَأْلِيفِ وَالِدِ الشَّيْخِ بِخَطِّهِ، وَهُمَا عِنْدِي إلَى الْآنَ (قَوْلُهُ: فَجَعَلَهَا مِنْهُ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ كَشَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ يُفِيدُك أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ وَاشْتَرَطَهَا الْغَزَالِيُّ إلَخْ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَقُولَ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ فَقَوْلُهُ فَجَعَلَهَا مُقَابِلَ قَوْلِهِ وَلَيْسَ مِنْهُ زَادَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ لَكِنْ اُنْظُرْ مَا مَذْهَبُ الْغَزَالِيِّ فِي الْمُرْسَلِ إذَا لَمْ تَكُنْ الْمَصْلَحَةُ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ هَلْ يَقُولُ بِهِ كَمَالِكٍ أَمْ لَا اهـ.
وَأَقُولُ قَدْ يُفْهَمُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا لِأَصْلِ الْقَوْلِ بِهِ أَنَّهُ يَقُولُ بِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ تَقْرِيرِ الْكَمَالِ لَكِنَّ اقْتِصَارَ الشَّارِحِ عَلَى قَوْلِهِ فَجَعَلَهَا مِنْهُ مَعَ الْقَطْعِ بِقَبُولِهَا قَدْ يُفْهَمُ عَدَمُ قَوْلِهِ بِهِ اهـ. سم.
أَقُولُ قَدْ سَبَقَ لَك مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْغَزَالِيِّ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي إنْكَارِهِ فَتَدَبَّرْهُ (قَوْلُهُ: كَالْقَطْعِ فِيهَا) أَيْ الْمَصْلَحَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ رَمْيُهُمْ
لِحِفْظِ بَاقِي الْأُمَّةِ
) بَحَثَ فِيهِ النَّاصِرُ بِأَنَّ بَاقِيَ الْأُمَّةِ قَبْلَ حُصُولِ الرَّمْيِ لَيْسُوا كُلَّ الْأُمَّةِ حَتَّى يَكُونَ حِفْظُهُمْ كُلِّيًّا أَيْ مُتَعَلِّقًا بِكُلِّ الْأُمَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ حِفْظُ الْبَاقِي كُلِّيًّا قَبْلَ الرَّمْيِ لَمْ يَجُزْ الرَّمْيُ إذْ الْمُجَوِّزُ إنَّمَا هُوَ الْمَصْلَحَةُ الْكُلِّيَّةُ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ الْكُلِّيَّةَ فِي الْمِثَالِ هِيَ انْدِفَاعُ الِاسْتِئْصَالِ فَإِنَّهُ كُلِّيٌّ لِتَعَلُّقِهِ بِالِاسْتِئْصَالِ الَّذِي هُوَ قَتْلُ كُلِّ الْأُمَّةِ فَيَكُونُ الِاسْتِئْصَالُ كُلِّيًّا فَالْمُتَعَلِّقُ بِهِ كُلِّيٌّ إذْ الْمُتَعَلِّقُ بِالْكُلِّيِّ كُلِّيٌّ بِخِلَافِ انْدِفَاعِ غَرَقِ مَنْ فِي السَّفِينَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ كُلِّيًّا إذْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِغَرَقِ أَهْلِ السَّفِينَةِ، وَهُوَ لَيْسَ بِكُلِّيٍّ اهـ.
وَأَجَابَ سم بِأَنَّ هَذَا بَحْثٌ ضَعِيفٌ، وَهُوَ فِي الْمَعْنَى مُنَاقَشَةٌ لَفْظِيَّةٌ لِمَا اُشْتُهِرَ مَنْ جَعْلِ الْأَكْثَرِ فِي حُكْمِ الْكُلِّ فِي مَسَائِلَ لَا تُحْصَى، وَخُصُوصًا إذَا اقْتَضَى الْمَعْنَى