الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ) قَالَتْهُ عَائِشَةُ لِظُهُورِ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ النَّاسِ الَّذِي هُوَ إجْمَاعٌ وَقِيلَ لَا لِجَوَازِ إرَادَةِ نَاسٍ مَخْصُوصَةٍ وَعَطَفَ الصُّوَرِ بِالْفَاءِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ كُلَّ صُورَةٍ دُونَ مَا قَبْلَهَا فِي الرُّتْبَةِ وَمِنْ ذَلِكَ يُسْتَفَادُ حِكَايَةُ الْخِلَافِ الَّذِي فِي الْأَوَّلِ فِي غَيْرِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ
(خَاتِمَةٌ)(مُسْتَنَدُ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ) فِي الرِّوَايَةِ
(قِرَاءَةُ الشَّيْخِ) عَلَيْهِ (إمْلَاءً وَتَحْدِيثًا) مِنْ غَيْرِ إمْلَاءٍ (فَقِرَاءَتُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الشَّيْخِ (فَسَمَاعُهُ) بِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ عَلَى الشَّيْخِ (فَالْمُنَاوَلَةُ مَعَ الْإِجَازَةِ) كَأَنْ يَدْفَعَ لَهُ الشَّيْخُ أَصْلَ سَمَاعِهِ أَوْ فَرْعًا مُقَابَلًا بِهِ وَيَقُولَ لَهُ أَجَزْت لَك رِوَايَتَهُ عَنِّي (فَالْإِجَازَةُ) مِنْ غَيْرِ مُنَاوَلَةٍ (لِخَاصٍّ فِي خَاصٍّ) نَحْوُ أَجَزْت لَك رِوَايَةَ الْبُخَارِيِّ (فَخَاصٌّ فِي عَامٍّ) نَحْوُ أَجَزْت لَك رِوَايَةَ جَمِيعِ مَسْمُوعَاتِي (فَعَامٌّ فِي خَاصٍّ) نَحْوُ أَجَزْت لِمَنْ أَدْرَكَنِي رِوَايَةَ مُسْلِمٍ (فَعَامٌّ فِي عَامٍّ) نَحْوُ أَجَزْت لِمَنْ عَاصَرَنِي رِوَايَةَ جَمِيعِ مَرْوِيَّاتِي (فَلِفُلَانٍ وَمَنْ يُوجَدُ مِنْ نَسْلِهِ) تَبَعًا لَهُ (فَالْمُنَاوَلَةُ) مِنْ غَيْرِ إجَازَةٍ (فَالْإِعْلَامُ) كَأَنْ يَقُولَ هَذَا الْكِتَابُ مِنْ مَسْمُوعَاتِي عَلَى فُلَانٍ (فَالْوَصِيَّةُ) كَأَنْ يُوصِيَ بِكِتَابٍ إلَى غَيْرِهِ عِنْدَ سَفَرِهِ أَوْ مَوْتِهِ (فَالْوِجَادَةُ) كَأَنْ يَجِدَ كِتَابًا أَوْ حَدِيثًا بِخَطِّ شَيْخٍ مَعْرُوفٍ
ــ
[حاشية العطار]
التَّافِهِ أَيْ فِي سَرِقَتِهِ وَأَخَّرَهُ عَمَّا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ أَخْفَى إذْ هُوَ أَمْرٌ عَدَمِيٌّ بِخِلَافِ الْفِعْلِ فَإِنَّهُ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ (قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ إجْمَاعٌ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ وَجْهَ الْحُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعُ دُونَ التَّقْرِيرِ (قَوْلُهُ: فِي الرُّتْبَةِ) أَيْ بِحَسَبِ الِاحْتِجَاجِ (قَوْلُهُ: حِكَايَةُ الْخِلَافِ) أَيْ مُطْلَقُ الْخِلَافِ لَا عَيْنُهُ لِجَوَازِ أَنْ يُوَافِقَ فِي الْأَضْعَفِ مَنْ يُخَالِفُ فِي الْأَقْوَى.
[خَاتِمَةٌ مُسْتَنَدُ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ فِي الرِّوَايَةِ]
(قَوْلُهُ: خَاتِمَةٌ) مُشْتَمِلَةٌ عَلَى مَرَاتِبِ التَّحَمُّلِ وَأَلْفَاظِ الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ: مُسْتَنَدُ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ) قَيَّدَ بِهِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ مِنْ سَمَاعِهِ مِنْهُ عليه الصلاة والسلام، وَإِلَّا فَقَدْ يَرْوِي الصَّحَابِيُّ عَنْ صَحَابِيٍّ آخَرَ أَوْ تَابِعِيٍّ فَيَكُونُ مُسْتَنَدُهُ مَا ذَكَرَهُ كَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: قِرَاءَةُ الشَّيْخِ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ كِتَابِهِ الَّذِي فِي يَدِهِ أَوْ مِنْ حِفْظِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَتَحْدِيثًا (قَوْلُهُ: وَمَنْ يُوجَدُ مِنْ نَسْلِهِ) إشَارَةٌ إلَى جَوَازِ الْإِجَازَةِ لِلْمَعْدُومِ وَلَهَا صُورَتَانِ الْعَطْفُ عَلَى مَوْجُودٍ كَهَذِهِ وَبِدُونِهِ كَأَجَزْتُ لِمَنْ يُولَدُ لِفُلَانٍ وَفِيهَا خِلَافٌ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ، وَأَمَّا الْإِجَازَةُ لِلطِّفْلِ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ فَصَحِيحَةٌ وَقِيلَ لَا تَصِحُّ كَمَا لَا يَصِحُّ سَمَاعُهُ وَالْإِجَازَةُ لِمَجْنُونٍ صَحِيحَةٌ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَقَالَ الْعِرَاقِيُّ لَمْ أَجِدْ فِيهِ نَقْلًا وَإِنْ كَانَ سَمَاعُهُ صَحِيحًا، وَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ أَجَازَ الْكَافِرَ إلَّا أَنَّ شَخْصًا مِنْ الْأَطِبَّاءِ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّيِّدِ سَمِعَ الْحَدِيثَ فِي حَالِ يَهُودِيَّتِهِ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصُّورِيِّ وَكَتَبَ اسْمَهُ فِي الطَّبَقَةِ مَعَ السَّامِعِينَ وَأَجَازَ الصُّورِيُّ لَهُمْ وَهُوَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ بِحُضُورِ الْمِزِّيِّ فَلَوْلَا أَنَّهُ يَرَى جَوَازَ ذَلِكَ مَا أَقَرَّ عَلَيْهِ ثُمَّ هَدَى اللَّهُ هَذَا الْيَهُودِيَّ لِلْإِسْلَامِ وَحَدَّثَ وَسَمِعَ مِنْهُ أَصْحَابُنَا اهـ.
(قَوْلُهُ: فَالْمُنَاوَلَةُ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ تَحْتَفَّ بِقَرَائِنَ تَدُلُّ عَلَى الْإِجَازَةِ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ ذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى الْإِجَازَةِ، وَفِي الْمَنْخُولِ وَأَمَّا الْمُنَاوَلَةُ فَلَا فَائِدَةَ فِيهَا وَهِيَ مِنْ جَهَالَاتِ بَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ اهـ.
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَأَحْسَنُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَيْهَا مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ بِكِتَابِهِ إلَى كِسْرَى مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ فَدَفَعَهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إلَى كِسْرَى» وَفِي مُعْجَمِ الْبَغَوِيّ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ قَالَ كُنَّا إذَا أَكْثَرْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَتَانَا بِمَجَالَّ لَهُ فَأَلْقَاهَا إلَيْنَا وَقَالَ هَذِهِ أَحَادِيثُ سَمِعْتهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَتَبْتهَا وَعَرَضْتهَا اهـ.
(قَوْلُهُ: فَالْوَصِيَّةُ) قَالَ سم يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْعَارِيَّةُ كَالْوَصِيَّةِ بَلْ قَدْ تَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ هُنَا؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا مِنْهَا الْوَصِيَّةَ عِنْدَ السَّفَرِ وَقَابَلُوا بِهَا الْوَصِيَّةَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ لَمْ يُرِيدُوا بِهَا الْوَصِيَّةَ الْمُعَرَّفَةَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَأَنْ تَكُونَ الْهِبَةُ وَنَحْوُ الْبَيْعِ وَالْوَقْفِ عَلَيْهِ كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَالْوِجَادَةُ) بِكَسْرِ الْوَاوِ مَصْدَرُ وَجَدَ مُوَلَّدٌ غَيْرُ مَسْمُوعٍ مِنْ الْعَرَبِ قَالَ الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا النَّهْرَوَانِيُّ فَرَّعَ الْمُوَلِّدُونَ قَوْلَهُمْ وِجَادَةً فِيمَا أُخِذَ مِنْ الْعِلْمِ مِنْ صَحِيفَةٍ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ وَلَا إجَازَةٍ وَلَا مُنَاوَلَةٍ مِنْ تَفْرِيقِ الْعَرَبِ بَيْنَ مَصَادِرِ وَجَدَ لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْمَعَانِي الْمُخْتَلِفَةِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ يَعْنِي قَوْلَهُمْ وَجَدَ ضَالَّتَهُ وِجْدَانًا وَمَطْلُوبَهُ وُجُودًا وَفِي الْغَضَبِ مَوْجِدَةً وَفِي الْغِنَى وُجْدًا وَفِي الْحُبِّ وَجْدًا اهـ.
وَصِفَةُ التَّحْدِيثِ بِهَا أَنْ يَقُولَ وَجَدْت أَوْ قَرَأْت بِخَطِّ فُلَانٍ أَوْ فِي كِتَابِهِ بِخَطِّهِ حَدِيثَ فُلَانٍ وَيَسُوقُ الْإِسْنَادَ وَالْمَتْنَ أَوْ قَرَأْت بِخَطِّ فُلَانٍ عَنْ فُلَانٍ
(وَمَنَعَ) إبْرَاهِيمُ (الْحَرْبِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ) الْأَصْفَهَانِيُّ (وَالْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالْمَاوَرْدِيُّ الْإِجَازَةَ) أَقْسَامَهَا السَّابِقَةَ (وَ) مَنَعَ (قَوْمٌ الْعَامَّةَ مِنْهَا) دُونَ الْخَاصَّةِ (وَ) مَنَعَ (الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ) إجَازَةَ (مَنْ يُوجَدُ مِنْ نَسْلِ زَيْدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى مَنْعِ) إجَازَةِ (مَنْ يُوجَدُ مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ التَّقْيِيدِ بِنَسْلِ فُلَانٍ وَعَطَفَ الْأَقْسَامَ بِالْفَاءِ إشَارَةً إلَى أَنَّ كُلَّ قِسْمٍ دُونَ مَا يَلِيهِ فِي الرُّتْبَةِ وَمِنْ ذَلِكَ مَعَ حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي الْإِجَازَةِ يُسْتَفَادُ حِكَايَةُ خِلَافٍ فِيمَا بَعْدَهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ (وَأَلْفَاظُ) الرِّوَايَةُ أَوْ الْأَلْفَاظُ الَّتِي تُؤَدَّى بِهَا الرِّوَايَةُ (مِنْ صِنَاعَةِ الْمُحَدِّثِينَ) فَلْيَطْلُبْهَا مِنْهُمْ مَنْ يُرِيدُهَا مِنْهَا عَلَى تَرْتِيبِ مَا تَقَدَّمَ: أَمْلَى عَلَيَّ، حَدَّثَنِي، قَرَأْت عَلَيْهِ، قُرِئَ عَلَيْهِ، وَأَنَا أَسْمَعُ، أَخْبَرَنِي إجَازَةً وَمُنَاوَلَةً، أَخْبَرَنِي إجَازَةً، أَنْبَأَنِي مُنَاوَلَةً، أَخْبَرَنِي إعْلَامًا، أَوْصَى إلَيَّ، وَجَدْت بِخَطِّهِ.
ــ
[حاشية العطار]
وَأَمَّا الْعَمَلُ بِهَا فَنُقِلَ عَنْ مُعْظَمِ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ الْمَالِكِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَنُظَّارِ أَصْحَابِهِ جَوَازُهُ وَبَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ الشَّافِعِيَّةِ بِوُجُوبِ الْعَمَلِ بِهَا عِنْدَ حُصُولِ الثِّقَةِ بِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي لَا يَتَّجِهُ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ غَيْرُهُ وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ إنَّهُ لَوْ تَوَقَّفَ الْعَمَلُ بِهَا عَلَى الرِّوَايَةِ لَانْسَدَّ بَابُ الْعَمَلِ بِالْمَنْقُولِ لِتَعَذُّرِ شُرُوطِهِ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ لِلْعَمَلِ بِالْوِجَادَةِ «أَيُّ الْخَلْقِ أَعْجَبُ إيمَانًا؟ قَالُوا الْمَلَائِكَةُ. قَالَ وَكَيْفَ لَا يُؤْمِنُونَ وَهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ؟ قَالُوا الْأَنْبِيَاءُ. قَالَ وَكَيْفَ لَا يُؤْمِنُونَ وَهُمْ يَأْتِيهِمْ الْوَحْيُ؟ قَالُوا فَنَحْنُ. قَالَ وَكَيْفَ لَا تُؤْمِنُونَ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ قَالُوا فَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قَوْمٌ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِكُمْ يَجِدُونَ صُحُفًا يُؤْمِنُونَ بِمَا فِيهَا» . قَالَ وَهَذَا اسْتِنْبَاطٌ حَسَنٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمَنَعَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ إلَخْ) قَالُوا مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَجَزْت لَك أَنْ تَرْوِيَ عَنِّي مَا لَمْ تَسْمَعْ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَجَزْت لَك أَنْ تَكْذِبَ عَلَيَّ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَا يُبِيحُ رِوَايَةَ مَا لَمْ يُسْمَعْ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه وَحَكَاهُ الْآمِدِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه وَأَبِي يُوسُفَ نَقَلَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رضي الله عنه، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ إنَّهَا بِدْعَةٌ غَيْرُ جَائِزَةٍ، ثُمَّ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِهَا لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ فَلَوْ وَرَدَ الْمُجَازُ قَالَ السُّيُوطِيّ الَّذِي يَنْقَدِحُ فِي النَّفْسِ الصِّحَّةُ، وَكَذَا لَوْ رَجَعَ الشَّيْخُ عَنْ الْإِجَازَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنْ قُلْنَا الْإِجَازَةُ إخْبَارٌ فَلَمْ يَضُرَّ الرَّدُّ وَلَا الرُّجُوعُ، وَإِنْ قُلْنَا إذْنٌ وَإِبَاحَةٌ ضَرَّ كَالْوَقْفِ وَالْوَكَالَةِ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الظَّاهِرُ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ.
(خَاتِمَةٌ مُهِمَّةٌ) قَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي الْأَوْسَطِ ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ كَافَّةً إلَى أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ الْعَمَلُ بِالْحَدِيثِ عَلَى سَمَاعِهِ بَلْ إذَا صَحَّ عِنْدَهُ النُّسْخَةُ جَازَ لَهُ الْعَمَلُ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ، وَحَكَى الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِ النَّقْلِ مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّصَالُ السَّنَدِ إلَى مُصَنِّفِهَا وَذَلِكَ شَامِلٌ لِكُتُبِ الْأَحَادِيثِ وَالْفِقْهِ، وَقَالَ الطَّبَرِيُّ مَنْ وَجَدَ حَدِيثًا فِي كِتَابٍ صَحِيحٍ جَازَ لَهُ أَنْ يَرْوِيَهُ وَيَحْتَجُّ بِهِ، وَقَالَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْوِيَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ وَهَذَا غَلَطٌ، وَكَذَا حَكَاهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ عَنْ بَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ، وَقَالَ هُمْ عُصْبَةٌ لَا مُبَالَاةَ بِهِمْ اهـ.
وَكَتَبَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ كَتَبَهُ إلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْحَمِيدِ وَأَمَّا الِاعْتِمَادُ عَلَى كُتُبِ الْفِقْهِ الصَّحِيحَةِ الْمَوْثُوقِ بِهَا فَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْعَصْرِ عَلَى جَوَازِ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهَا وَالِاسْتِنَادِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الثِّقَةَ قَدْ حَصَلَتْ بِهَا كَمَا تَحْصُلُ بِالرِّوَايَةِ وَبُعْدُ التَّدْلِيسِ وَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ النَّاسَ قَدْ اتَّفَقُوا عَلَى الْخَطَأِ فِي ذَلِكَ فَهُوَ أَوْلَى بِالْخَطَأِ مِنْهُمْ، وَلَوْلَا جَوَازُ الِاعْتِمَادِ عَلَى ذَلِكَ
لَتَعَطَّلَ
كَثِيرٌ مِنْ الْمَصَالِحِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَا، وَقَدْ رَجَعَ الشَّارِعُ إلَى قَوْلِ الْأَطِبَّاءِ فِي صُوَرٍ وَلَيْسَتْ كُتُبُهُمْ مَأْخُوذَةً فِي الْأَصْلِ إلَّا عَنْ قَوْمٍ كُفَّارٍ وَلَكِنْ لَمَّا بَعُدَ التَّدْلِيسُ فِيهَا اُعْتُمِدَ عَلَيْهَا كَمَا اُعْتُمِدَ فِي اللُّغَةِ عَلَى أَشْعَارِ الْعَرَبِ وَهُمْ كُفَّارٌ لِبُعْدِ التَّدْلِيسِ قَالَ وَكُتُبُ الْحَدِيثِ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ وَغَيْرِهَا لِاعْتِنَائِهِمْ بِضَبْطِ النُّسَخِ وَتَحْرِيرِهَا فَمَنْ قَالَ إنَّ شَرْطَ التَّخْرِيجِ مِنْ كِتَابٍ يَتَوَقَّفُ عَلَى اتِّصَالِ السَّنَدِ إلَيْهِ فَقَدْ خَرَقَ الْإِجْمَاعَ وَغَايَةُ الْمُخَرِّجُ أَنْ يَنْقُلَ الْحَدِيثَ مِنْ أَصْلٍ مَوْثُوقٍ بِصِحَّتِهِ وَيَنْسُبَهُ إلَى مَنْ رَوَاهُ وَيَتَكَلَّمَ عَلَى عِلَّتِهِ وَغَرِيبِهِ وَفِقْهِهِ قَالَ وَلَيْسَ النَّاقِلُ لِلْإِجْمَاعِ مَشْهُورًا بِالْعِلْمِ مِثْلَ اشْتِهَارِ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ بَلْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الرِّسَالَةِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُحَدِّثَ بِالْخَبَرِ، وَإِنْ لَمْ