المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الرابع) من أركان القياس (العلة) - حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع - جـ ٢

[حسن العطار]

فهرس الكتاب

- ‌مَسْأَلَةٌ) فِي صِيَغِ الْعُمُومِ

- ‌(مَسْأَلَةٌ جَوَابُ السَّائِلِ غَيْرِ الْمُسْتَقِلِّ دُونَهُ)

- ‌(مَسْأَلَةٌ إنْ تَأَخَّرَ الْخَاصُّ عَنْ الْعَمَلِ) بِالْعَامِّ الْمُعَارِضِ لَهُ أَيْ عَنْ وَقْتِهِ

- ‌(الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ)

- ‌ الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ كَالْعَامِّ وَالْخَاصِّ)

- ‌(الظَّاهِرُ وَالْمُؤَوَّلُ)

- ‌(الْمُجْمَلُ)

- ‌(مَسْأَلَةٌ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ)

- ‌(النَّسْخُ)

- ‌(مَسْأَلَةٌ النَّسْخُ وَاقِعٌ عِنْدَ كُلِّ الْمُسْلِمِينَ)

- ‌(خَاتِمَةٌ لِلنَّسْخِ)

- ‌(الْكِتَابُ الثَّانِي فِي السُّنَّةِ)

- ‌[الْكَلَامُ فِي الْأَخْبَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْخَبَرُ إمَّا مَقْطُوعٌ بِكَذِبِهِ أَوْ اسْتِدْلَالًا]

- ‌مَسْأَلَةٌ خَبَرُ الْوَاحِدِ لَا يُفِيدُ إلَّا بِقَرِينَةٍ)

- ‌[مَسْأَلَة الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ]

- ‌(مَسْأَلَةُ الْإِخْبَارِ عَنْ) شَيْءٍ (عَامٍّ) لِلنَّاسِ (لَا تَرَافُعَ فِيهِ) إلَى الْحُكَّامِ

- ‌[مَسْأَلَة الشَّخْصُ الَّذِي يُسَمَّى صَحَابِيًّا]

- ‌(مَسْأَلَةٌ الْمُرْسَلُ قَوْلَ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ)

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَقْلِ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى لِلْعَارِفِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ) : (الصَّحِيحُ يُحْتَجُّ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ)

- ‌(خَاتِمَةٌ) (مُسْتَنَدُ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ) فِي الرِّوَايَةِ

- ‌(الْكِتَابُ الثَّالِثُ فِي الْإِجْمَاعِ) مِنْ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ

- ‌[اخْتِصَاصُ الْإِجْمَاعِ بِالْمُجْتَهِدِينَ]

- ‌ اخْتِصَاصُ الْإِجْمَاعِ (بِالْمُسْلِمِينَ)

- ‌[اخْتِصَاصُ الْإِجْمَاع بِالْعُدُولِ]

- ‌ الْإِجْمَاعُ (لَا يَخْتَصُّ بِالصَّحَابَةِ)

- ‌ الْإِجْمَاعَ (الْمَنْقُولَ بِالْآحَادِ)

- ‌[إجْمَاعَ الْأُمَمِ السَّابِقَة]

- ‌ الْإِجْمَاعُ (السُّكُوتِيُّ)

- ‌[التَّمَسُّكَ بِأَقَلَّ مَا قِيلَ فِي الْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الصَّحِيحُ إمْكَانُ الْإِجْمَاعِ]

- ‌ حُرْمَةِ خَرْقِ الْإِجْمَاعِ

- ‌(خَاتِمَةٌ: جَاحِدُ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ الْمَعْلُومِ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ)

- ‌(الْكِتَابُ الرَّابِعُ فِي) (الْقِيَاسِ) مِنْ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ

- ‌ الْقِيَاسُ (حُجَّةٌ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ)

- ‌ الْقِيَاسَ عَلَى مَنْسُوخٍ)

- ‌[أَرْكَانُ الْقِيَاسِ]

- ‌[الرُّكْن الْأَوَّلُ الْأَصْلُ]

- ‌(الثَّانِي) مِنْ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ (حُكْمُ الْأَصْلِ

- ‌(الثَّالِثُ) مِنْ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ (الْفَرْعُ

- ‌(الرَّابِعُ) مِنْ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ (الْعِلَّةُ)

- ‌ الْعِلَّةُ (الْقَاصِرَةُ)

- ‌ التَّعْلِيلُ بِمُجَرَّدِ الِاسْمِ

- ‌(التَّعْلِيلَ) لِلْحُكْمِ الْوَاحِدِ (بِعِلَّتَيْنِ) فَأَكْثَرَ

- ‌(لَا يُشْتَرَطُ) فِي الْعِلَّةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ (الْقَطْعُ بِحُكْمِ الْأَصْلِ)

- ‌[انْتِفَاءُ الْمُعَارِضِ لِلْعِلَّةِ]

- ‌[لِلْمُسْتَدِلِّ دَفْعُ الْمُعَارَضَةِ فِي الْعِلَّةِ]

- ‌(مَسَالِكُ الْعِلَّةِ)

- ‌(الْأَوَّلُ) مِنْهَا (الْإِجْمَاعُ)

- ‌(الثَّانِي) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (النَّصُّ الصَّرِيحُ)

- ‌[الثَّالِثُ مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ الْإِيمَاءُ]

- ‌(الرَّابِعُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (السَّبْرُ وَالتَّقْسِيمُ

- ‌(الْخَامِسُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (الْمُنَاسَبَةُ وَالْإِخَالَةُ)

- ‌(السَّادِسُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ مَا يُسَمَّى بِالشَّبَهِ

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُنَاسَبَةُ تَنْخَرِمُ بِمَفْسَدَةٍ تَلْزَمُ الْحُكْمَ رَاجِحَةٍ عَلَى مَصْلَحَتِهِ أَوْ مُسَاوِيَةٍ لَهَا]

- ‌(السَّابِعُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (الدَّوَرَانُ

- ‌(الثَّامِنُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (الطَّرْدُ

- ‌(التَّاسِعُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ

- ‌(الْعَاشِرُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (إلْغَاءُ الْفَارِقِ)

- ‌(خَاتِمَةٌ فِي نَفْيِ مَسْلَكَيْنِ ضَعِيفَيْنِ

- ‌(الْقَوَادِحُ)

- ‌[خَاتِمَةٌ] (الْقِيَاسُ مِنْ الدِّينِ)

- ‌(الْكِتَابُ الْخَامِسُ فِي الِاسْتِدْلَالِ

- ‌(مَسْأَلَةُ الِاسْتِقْرَاءِ بِالْجُزْئِيِّ عَلَى الْكُلِّيِّ)

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي الِاسْتِصْحَابِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ لَا يُطَالَبُ النَّافِيَ) لِلشَّيْءِ (بِالدَّلِيلِ) عَلَى انْتِفَائِهِ

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ كَانَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم مُتَعَبَّدًا قَبْلَ النُّبُوَّةِ بِشَرْعٍ]

- ‌(مَسْأَلَةُ حُكْمِ الْمَنَافِعِ وَالْمَضَارِّ قَبْلَ الشَّرْعِ)

- ‌(مَسْأَلَةُ الِاسْتِحْسَانِ

- ‌(مَسْأَلَةُ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ) الْمُجْتَهِدِ

- ‌(مَسْأَلَةُ الْإِلْهَامِ

- ‌[خَاتِمَةٌ مَبْنَى الْفِقْهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أُمُورٍ]

- ‌(الْكِتَابُ السَّادِسُ فِي التَّعَادُلِ وَالتَّرَاجِيحِ)

- ‌(مَسْأَلَةٌ يُرَجَّحُ بِعُلُوِّ الْإِسْنَادِ)

- ‌(الْكِتَابُ السَّابِعُ فِي الِاجْتِهَادِ) :

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُصِيبِ مِنْ الْمُخْتَلِفِينَ فِي الْعَقْلِيَّاتِ وَاحِدٌ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الَّتِي لَا قَاطِعَ فِيهَا مِنْ مَسَائِلِ الْفِقْهِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ فِي الِاجْتِهَادِيَّاتِ)

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى لِنَبِيٍّ أَوْ عَالِمٍ عَلَى لِسَانِ نَبِيٍّ اُحْكُمْ بِمَا تَشَاءُ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ]

- ‌(مَسْأَلَةُ التَّقْلِيدِ

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَكَرَّرَتْ الْوَاقِعَةُ لِلْمُجْتَهِدِ وَتَجَدَّدَ لَهُ مَا يَقْتَضِي الرُّجُوعَ عَمَّا ظَنَّهُ فِيهَا أَوَّلًا وَلَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لِلدَّلِيلِ الْأَوَّلِ]

- ‌(مَسْأَلَةُ تَقْلِيدِ الْمَفْضُولِ)

- ‌(مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ لِلْقَادِرِ عَلَى التَّفْرِيعِ وَالتَّرْجِيحِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا)

- ‌ التَّقْلِيدِ فِي أُصُولِ الدِّينِ)

- ‌[خَاتِمَةٌ فِي مَبَادِئِ التَّصَوُّفِ الْمُصَفِّي لِلْقُلُوبِ]

الفصل: ‌(الرابع) من أركان القياس (العلة)

وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ نَصٌّ لَا جُمْلَةً وَلَا تَفْصِيلًا.

(وَلَا) يُشْتَرَطُ فِي الْفَرْعِ (انْتِفَاءُ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ يُوَافِقُهُ) فِي حُكْمِهِ أَيْ لَا يُشْتَرَطُ انْتِفَاءُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَلْ يَجُوزُ الْقِيَاسُ مَعَ مُوَافَقَتِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا لَهُ (خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ وَالْآمِدِيِّ) فِي اشْتِرَاطِهِمَا انْتِفَاءَهُمَا مَعَ تَجْوِيزِهِمَا دَلِيلَيْنِ عَلَى مَدْلُولٍ وَاحِدٍ نَظَرَا إلَى أَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْقِيَاسِ إنَّمَا تَدْعُو عِنْدَ فَقْدِ النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَإِنْ لَمْ تَقَعْ مَسْأَلَتُهُ بَعْدُ بِخِلَافِ قَوْلِ ابْنِ عَبْدَانَ السَّابِقِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَدِلَّةَ الْقِيَاسِ مُطْلَقَةٌ عَنْ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ نَعَمْ فِي نَفْيِ الْمُصَنِّفِ اشْتِرَاطَ انْتِفَاءِ النَّصِّ مُخَالَفَةٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا وَلَا يَكُونُ مَنْصُوصًا.

(الرَّابِعُ) مِنْ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ (الْعِلَّةُ)

وَفِي مَعْنَاهَا حَيْثُمَا أُطْلِقَتْ عَلَى شَيْءٍ فِي كَلَامِ أَئِمَّةِ الشَّرْعِ أَقْوَالٌ يَنْبَنِي عَلَيْهَا مَسَائِلُ تَأْتِي (قَالَ أَهْلُ الْحَقِّ) هِيَ (الْمُعَرِّفُ) لِلْحُكْمِ فَمَعْنَى كَوْنِ الْإِسْكَارِ عِلَّةً

ــ

[حاشية العطار]

فَيَنْتَهِي بِكَفَّارَتِهِ كَأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ أَوْ كَحُرْمَةِ الْإِيلَاءِ فَيَجِبُ فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَالْمُرَجَّحِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ اهـ. زَكَرِيَّا

(قَوْلُهُ: بَلْ يَجُوزُ الْقِيَاسُ مَعَ مُوَافَقَتِهِمَا إلَخْ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ عِنْدَ انْتِفَائِهِمَا لَا عِنْدَ مُخَالَفَتِهِمَا؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ لَا يُخَالِفُ النَّصَّ وَالْإِجْمَاعَ (قَوْلُهُ: مَعَ تَجْوِيزِهِمَا إلَخْ) قِيلَ مَحَلُّ تَجْوِيزِهِمَا مَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُ الدَّلِيلَيْنِ قِيَاسًا فَلَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ: نَظَرَا إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَأُجِيبَا أَنْ يُقْرَأَ بِأَلِفِ التَّثْنِيَةِ مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ وَيَكُونَ فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَقَعْ مَسْأَلَتُهُ إلَخْ) مُبَالَغَةٌ عَلَى قَوْلِهِ تَدْعُو يَعْنِي أَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى الْقِيَاسِ عِنْدَ مُجَرَّدِ فَقْدِ النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ سَوَاءٌ وَقَعَتْ مَسْأَلَتُهُ أَوْ لَمْ تَقَعْ بِخِلَافِ قَوْلِ ابْنِ عَبْدَانَ فَإِنَّهَا لَا تَدْعُو إلَيْهِ عِنْدَهُ إلَّا عِنْدَ فَقْدِهِمَا وَوُقُوعِ مَسْأَلَتِهِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ أَدِلَّةَ الْقِيَاسِ إلَخْ) أَيْ الْأَدِلَّةَ الدَّالَّةَ عَلَى جَوَازِ الْقِيَاسِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} [الحشر: 2](قَوْلُهُ مُطْلَقَةٌ) أَيْ وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ فَلَا يُرْتَكَبُ إلَّا بِدَلِيلٍ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ الْمُوهِمِ أَنَّهُ لَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَدْ نُقِلَ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ عَنْ الْأَكْثَرِ مَا هُنَا مِنْ نَفْيِ الِاشْتِرَاطِ مَعَ أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْفَرْعِ نَفْسِهِ وَهَذَا فِي النَّصِّ عَلَى مُشَبَّهِهِ قَالَ الْعِرَاقِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ فَكَيْفَ يُتَخَيَّلُ أَنَّ النَّصَّ عَلَى مُشَبَّهِهِ يَمْنَعُ جَرَيَانَ الْقِيَاسِ فِيهِ وَهَلْ النَّصُّ عَلَى مُشَبَّهِهِ إلَّا النَّصَّ عَلَى أَصْلِهِ الَّذِي هُوَ مُشَبَّهُهُ وَذَلِكَ مُقْتَضٍ لِلْقِيَاسِ لَا مَانِعٌ مِنْهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ جَمْعَ الزَّرْكَشِيّ بِمَا ذَكَرَهُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ لَا يَصْلُحُ جَمْعًا فَالْمُخَالَفَةُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرَةٌ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: مُخَالَفَةٌ إلَخْ) حَاوَلَ بَعْضٌ الْجَوَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا مَرَّ أَنْ لَا يَكُونَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ وَمَا هُنَا فِيمَا يُشْبِهُهُ وَفِيهِ أَنَّ مُشَبَّهَهُ هُوَ الْأَصْلُ وَالنَّصُّ عَلَيْهِ مُصَحِّحٌ لِلْقِيَاسِ

[الرَّابِعُ مِنْ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ الْعِلَّةُ]

(قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَاهَا) أَيْ مَعْنَى لَفْظِ الْعِلَّةِ وَأُطْلِقَ عَلَيْهَا لَفْظُ الْعِلَّةِ لِمَا أَنَّ تَأْثِيرَهَا فِي الْحُكْمِ كَتَأْثِيرِ الْعِلَّةِ فِي الْمَرِيضِ (قَوْلُهُ: حَيْثُمَا أُطْلِقَتْ) أَيْ فِي جَمِيعِ أَمَاكِنِ الْإِطْلَاقِ وَالْمَعْنَى ذُكِرَتْ مُطْلَقَةً كَأَنْ قِيلَ مَثَلًا الْعِلَّةُ الْإِسْكَارُ وَقَوْلُهُ فِي كَلَامِ أَئِمَّةِ الشَّرْعِ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمُتَكَلِّمِينَ وَالْحُكَمَاءِ حَيْثُ يُطْلِقُونَهَا عَلَى الْمُؤَثِّرِ (قَوْلُهُ: تَنْبَنِي عَلَيْهَا مَسَائِلُ تَأْتِي) مِنْهَا مَجِيءُ الْخِلَافِ فِي ثُبُوتِ حُكْمِ الْأَصْلِ بِهَا أَوْ بِالنَّصِّ وَمِنْهَا جَوَازُ كَوْنِهَا حُكْمًا شَرْعِيًّا (قَوْلُهُ: هِيَ الْمُعَرِّفُ لِلْحُكْمِ) اعْتَرَضَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِشُمُولِهِ الْعَلَامَةَ مَعَ أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا وَهُوَ أَنَّ الْأَحْكَامَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا مُضَافَةٌ لَهَا كَالْمِلْكِ إلَى الشِّرَاءِ وَالْقِصَاصِ إلَى الْقَتْلِ وَلَيْسَتْ الْأَحْكَامُ مُضَافَةً إلَى الْعَلَامَاتِ كَالرَّجْمِ إلَى الْإِحْصَانِ وَالْأَذَانِ لِلصَّلَاةِ فَإِنَّ الْعَلَامَةَ مَا يُعْرَفُ بِهِ وُجُودُ الْحُكْمِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ وُجُودُهُ وَلَا وُجُوبُهُ قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ وَغَيْرُ جَامِعٍ أَيْضًا لِخُرُوجِ الْمُسْتَنْبَطَةِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهَا عُرِفَتْ بِالْحُكْمِ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ طَلَبِ عِلَّتِهِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْ مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ فَلَوْ عُرِفَ الْحُكْمُ بِهَا لَكَانَ الْعِلْمُ بِهَا سَابِقًا عَنْ مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُعَرِّفَ لِلْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَ عَلَيْهَا هُوَ حُكْمُ الْأَصْلِ وَالْمُعَرِّفُ بِالْعِلَّةِ الْمُتَأَخِّرُ عَنْهَا هُوَ حُكْمُ الْفَرْعِ فَلَا دَوْرَ، فَإِنْ قِيلَ هُمَا مِثْلَانِ يَشْتَرِكَانِ فِي الْمَاهِيَّةِ وَلَوَازِمِهَا قُلْنَا لَا يُنَافِي

ص: 272

أَنَّهُ مُعَرِّفٌ أَيْ عَلَامَةٌ عَلَى حُرْمَةِ الْمُسْكِرِ كَالْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ.

(وَحُكْمُ الْأَصْلِ) عَلَى هَذَا (ثَابِتٌ بِهَا لَا بِالنَّصِّ)(خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ) فِي قَوْلِهِمْ بِالنَّصِّ؛ لِأَنَّهُ الْمُفِيدُ لِلْحُكْمِ قُلْنَا لَمْ يُفِدْهُ بِقَيْدِ كَوْنِ مَحَلِّهِ أَصْلًا يُقَاسُ عَلَيْهِ وَالْكَلَامُ فِي ذَلِكَ وَالْمُفِيدُ لَهُ هُوَ الْعِلَّةُ إذْ هِيَ مَنْشَأُ التَّعْدِيَةِ الْمُحَقِّقَةِ لِلْقِيَاسِ (وَقِيلَ) الْعِلَّةُ (الْمُؤَثِّرُ بِذَاتِهِ) فِي الْحُكْمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَتْبَعُ الْمَصْلَحَةَ وَالْمَفْسَدَةَ

ــ

[حاشية العطار]

كَوْنَ أَحَدِهِمَا أَجْلَى مِنْ الْآخَرِ بِعَارِضٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْ عَلَامَةٌ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّنَا إذَا اطَّلَعْنَا عَلَى الْعِلَّةِ اسْتَفَدْنَا مِنْهَا عِلْمًا وَهُوَ حُرْمَةُ الْمُسْكِرِ فِي الْمِثَالِ هَذَا هُوَ مَعْنَى كَوْنِ الْعِلَّةِ عَلَامَةً عِنْدَ الْجُمْهُورِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَهُوَ غَيْرُ مَعْنَاهَا عَلَى قَوْلِ الْغَزَالِيِّ الْآتِي (قَوْلُهُ عَلَى حُرْمَةِ الْمُسْكِرِ) أَيْ تَعَلُّقُ الْحُرْمَةِ بِشُرْبِ الْمُسْكِرِ أَيْ عَلَى ظُهُورِ الْحُكْمِ وَإِلَّا فَهُوَ قَدِيمٌ (قَوْلُهُ كَالْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ) مِثَالٌ لِلْفَرْعِ وَالْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ تُنْسَبُ لَهُمَا

(قَوْلُهُ: وَحُكْمُ الْأَصْلِ) أَيْ كَوْنُ مَحَلِّهِ أَصْلًا يُقَاسُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَالْمَحَلُّ لِلْفَاءِ فَكَانَ الْأَوْلَى فَحُكْمُ؛ لِأَنَّهُ تَفْرِيعٌ (قَوْلُهُ: عَلَى هَذَا) احْتَرَزَ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَقْوَالِ فَلَا يَجِيءُ فِيهَا خِلَافُ الْحَنَفِيَّةِ أَوْ عَنْ مَجْمُوعِهِمَا لِاحْتِمَالِ مَجِيئِهِ عَلَى الْأَخِيرِ وَإِنْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ فِيمَا أَعْلَمُ اهـ زَكَرِيَّا (قَوْلُهُ: ثَابِتٌ بِهَا) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى الثُّبُوتِ إنْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ لَزِمَ كَوْنُ الْعِلَّةِ مُؤَثِّرَةً وَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْمُكَلَّفِ لَزِمَ أَنَّ الْمُكَلَّفَ يَعْرِفُ الْحُكْمَ بِمُجَرَّدِ مَعْرِفَةِ الْعِلَّةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْحُكْمَ إلَّا مِنْ النَّصِّ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ الْآتِي أَنَّ الْمُرَادَ الثُّبُوتُ مِنْ جِهَةِ كَوْنِ مَحَلِّهِ أَصْلًا يُقَاسُ عَلَيْهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: قُلْنَا لَمْ يُفِدْهُ) أَيْ الْحُكْمُ فَإِنَّ الْعِلَّةَ تُعَرِّفُ الْحُكْمَ مَنُوطًا بِهَا حَتَّى إذَا وُجِدَتْ بِمَحَلٍّ آخَرَ ثَبَتَ الْحُكْمُ فِيهِ أَيْضًا، وَالنَّصُّ يُعَرِّفُ الْحُكْمَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى ذَلِكَ فَلَيْسَا مُعَرِّفَيْنِ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ عِنْدَ مَنْ يُجَوِّزُ تَعَدُّدَ الْأَدِلَّةِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْمَدْلُولِ (قَوْلُهُ: وَالْكَلَامُ) أَيْ النِّزَاعُ فِي ذَلِكَ أَيْ إفَادَةِ الْحُكْمِ مَعَ كَوْنِ مَحَلِّهِ أَصْلًا يُقَاسُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُفِيدُ لَهُ الْعِلَّةُ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعِلَّةَ مُفِيدَةٌ لِلْحُكْمِ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ وَلَا مِنْ حَيْثُ تَعَدِّيهِ، وَإِنَّمَا الْمُفِيدُ لَهُ النَّصُّ وَهُوَ مُنَوِّهٌ بِالْعِلَّةِ.

وَأَجَابَ سم بِأَنَّ الْمُرَادَ تَقَيُّدُهُ بَعْدَ تَقَرُّرِ النَّصِّ وَعَلَيْهِ فَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ: إذْ هِيَ مَنْشَأُ التَّعْدِيَةِ) أَيْ الْمَحَلِّ وَأَوْرَدَ أَنَّ التَّعْدِيَةَ ثَمَرَةُ الْقِيَاسِ فَكَيْفَ تَكُونُ هِيَ الْمَنْشَأُ وَرَدَّهُ سم بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّعْدِيَةَ هِيَ الْمَحَلُّ الْمَأْخُوذُ فِي تَعْرِيفِهِ فَهِيَ الْمُحَقِّقَةُ لَهُ

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْعِلَّةُ الْمُؤَثِّرُ بِذَاتِهِ) أَيْ حَقِيقَةً كَالْعِلَلِ الْعَقْلِيَّةِ لِقَوْلِهِمْ بِالْوُجُوبِ عَلَى اللَّهِ وَرِعَايَةِ الْأَصْلَحِ فَالْقَتْلُ الْعَمْدُ الْعُدْوَانُ يُوجِبُ عِنْدَهُمْ شَرْعَ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ تَعَالَى، وَعِنْدَنَا كَمَا أَنَّ آثَارَ الْعِلَلِ الْعَقْلِيَّةِ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى ابْتِدَاءً، وَمَعْنَى تَأْثِيرِهَا جَرَيَانُ سُنَّةِ اللَّهِ تَعَالَى بِخَلْقِهَا عَقِبَهَا كَذَلِكَ الْعِلَلُ الشَّرْعِيَّةُ أَمَارَاتٌ لِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى الْأَحْكَامَ عِنْدَهَا وَإِنْ كَانَتْ مُؤَثِّرَةً بِالنِّسْبَةِ إلَيْنَا بِمَعْنَى نَوْطِهِ الْمَصَالِحَ بِهَا تَفَضُّلًا وَإِحْسَانًا حَتَّى أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ التَّعْلِيلَ فَقَدْ أَنْكَرَ النُّبُوَّةَ إذْ كَوْنُ الْبَعْثِ لِاهْتِدَاءِ النَّاسِ وَكَوْنُ الْمُعْجِزَةِ لِتَصْدِيقِهِمْ لَازِمَهَا فَمُنْكِرُهُ مُنْكِرُهَا لَكِنْ لَا لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ

ص: 273

وَهُوَ قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ (وَقَالَ الْغَزَالِيُّ) هِيَ الْمُؤَثِّرُ فِيهِ (بِإِذْنِ اللَّهِ) أَيْ بِجَعْلِهِ لَا بِالذَّاتِ (وَقَالَ الْآمِدِيُّ) هِيَ (الْبَاعِثُ عَلَيْهِ) وَقَالَ إنَّهُ مُرَادُ الشَّافِعِيَّةِ فِي قَوْلِهِمْ حُكْمُ الْأَصْلِ ثَابِتٌ بِهَا أَيْ أَنَّهَا بَاعِثٌ عَلَيْهِ وَأَنَّ مُرَادَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ النَّصَّ مُعَرِّفٌ لَهُ وَأَنَّ كُلًّا لَا يُخَالِفُ الْآخَرَ فِي مُرَادِهِ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي ذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَنَحْنُ مَعَاشِرَ الشَّافِعِيَّةِ إنَّمَا نُفَسِّرُ الْعِلَّةَ بِالْمُعَرِّفِ وَلَا نُفَسِّرُهَا بِالْبَاعِثِ أَبَدًا وَنُشَدِّدُ النَّكِيرَ عَلَى مَنْ فَسَّرَهَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّبَّ تَعَالَى لَا يَبْعَثُهُ شَيْءٌ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ عَبَّرَ مِنْ الْفُقَهَاءِ عَنْهَا بِالْبَاعِثِ

ــ

[حاشية العطار]

يُنِطْهَا بِهَا لَكَانَ عَبَثًا وَإِلَّا لَوَجَبَ عَلَيْهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا يَصِيرُ عَبَثًا لَوْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهَا الْمَصَالِحُ وَلَيْسَتْ أَغْرَاضًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ تُشْرَعْ لِقَصْدِ حُصُولِهَا، وَإِنَّمَا حَصَلَتْ بَعْدَهُ بِإِرَادَتِهِ وَإِلَّا كَانَ مُسْتَكْمِلًا بِهَا حَيْثُ تَرَجَّحَ أَحَدُ طَرَفَيْهَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَهِيَ مَصَالِحُ لِأَغْرَاضِ التَّعْلِيلَاتِ الْوَارِدَةِ مِثْلَ:{إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] اسْتِعَارَةٌ تَبَعِيَّةٌ تَشْبِيهًا لَهَا بِالْأَغْرَاضِ وَالْبَوَاعِثِ كَذَا فِي فُصُولِ الْبَدَائِعِ لِلْغَزِّيِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ) مَبْنِيٌّ عَلَى مَا تَقَرَّرَ عِنْدَهُمْ مِنْ الْحَسَنِ وَالْقَبِيحِ الْعَقْلِيَّيْنِ وَأَنَّ الْحُكْمَ حَادِثٌ بِنَاءً عَلَى نَفْيِهِمْ الْكَلَامَ النَّفْسِيَّ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْغَزَالِيُّ هِيَ الْمُؤَثِّرَةُ فِيهِ) أَيْ فِي تَعَلُّقِهِ لَا فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ الْغَزَالِيِّ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَشَاعِرَةِ قَدِيمٌ يَمْتَنِعُ التَّأْثِيرُ فِيهِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ الْعِلَّةَ حَادِثَةٌ وَالْحُكْمُ قَدِيمٌ وَالْحَادِثُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ اللَّهِ) فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ السَّبَبِ الْعَادِيِّ

(قَوْلُهُ: أَيْ يَجْعَلُهُ) بِمَعْنَى أَنَّهَا مَتَى تَحَقَّقَتْ الْعِلَّةُ وُجِدَ الْحُكْمُ عَلَى وَجْهِ الِارْتِبَاطِ الْعَادِيِّ بِاعْتِبَارِ التَّعَلُّقِ التَّنْجِيزِيِّ وَبِهَذَا يَرْجِعُ كَلَامُهُ إلَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ وَإِنْ كَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ عَلَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ الِارْتِبَاطُ بَيْنَ الْعِلْمِ بِالْعِلَّةِ وَالْحُكْمِ وَعَلَى كَلَامِ الْغَزَالِيِّ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ مُرَادَ الْحَنَفِيَّةِ) أَيْ فِي قَوْلِهِمْ حُكْمُ الْأَصْلِ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرَّبَّ تَعَالَى لَا يَبْعَثُهُ شَيْءٌ إلَخْ) لِأَنَّ أَفْعَالَهُ تَعَالَى لَا تُعَلَّلُ بِالْأَغْرَاضِ.

وَأَمَّا مَا اُشْتُهِرَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَنَّ أَفْعَالَ الْبَارِي تَابِعَةٌ لِلْحِكَمِ وَالْمَصَالِحِ تَفَضُّلًا لَا وُجُوبًا كَمَا يَقُولُ الْمُعْتَزِلَةُ فَمُرَادُهُمْ أَنَّهَا مُرْتَبِطَةٌ بِالْحِكَمِ وَالْمَصَالِحِ لَا بِمَعْنَى أَنَّهَا تَابِعَةٌ لَهَا فِي الْوُجُودِ بَلْ بِمَعْنَى تَرَتُّبِ الْحِكَمِ وَالْمَصَالِحِ عَلَى شَرْعِيَّتِهَا وَأَنَّهَا ثَمَرَاتٌ لِتَعَلُّقِهَا تَعُودُ تِلْكَ الْحِكَمُ وَالْمَصَالِحُ عَلَيْنَا لَا أَنَّهَا تَابِعَةٌ لَهَا فِي الْوُجُودِ حَتَّى تَكُونَ عِلَّةً غَائِيَّةً بَاعِثَةً لَهُ تَعَالَى كَمَا تَقُولُ الْمُعْتَزِلَةُ وَمَا وَرَدَ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] وَقَوْلِهِ {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} [المائدة: 32] وَقَوْلِهِ {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا} [آل عمران: 178] مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ اشْتِمَالِ الْأَفْعَالِ عَلَى الْمَصَالِحِ الَّتِي تَعُودُ عَلَيْنَا دُونَ الْغَرَضِ وَالْعِلَّةِ الْغَائِبَةِ، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ كَلَامُ الْآمِدِيِّ السَّابِقُ وَمِنْ هُنَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي شُرُوطِ الْعِلَّةِ وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الْبَاعِثِ أَيْ مُشْتَمِلَةً عَلَى حِكْمَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلشَّارِعِ مِنْ شَرْعِ الْحُكْمِ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا وَإِذَا كَانَ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْبَاعِثِ لَمْ يَلْزَمْ التَّشْنِيعُ الْمَذْكُورُ

ص: 274

أَرَادَ أَنَّهَا بَاعِثَةٌ لِلْمُكَلَّفِ عَلَى الِامْتِثَالِ نَبَّهَ عَلَيْهِ أَبِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ.

(وَقَدْ تَكُونُ) الْعِلَّةُ (دَافِعَةً) لِلْحُكْمِ (وَرَافِعَةً) لَهُ (أَوْ فَاعِلَةً الْأَمْرَيْنِ) أَيْ الدَّفْعَ وَالرَّفْعَ مِثَالُ الْأَوَّلِ الْعِدَّةُ فَإِنَّهَا تَدْفَعُ حِلَّ النِّكَاحِ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ وَلَا تَرْفَعُهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ عَنْ شُبْهَةٍ وَمِثَالُ الثَّانِي الرَّضَاعُ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ حِلَّ النِّكَاحِ وَيَرْفَعُهُ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ.

(وَ) تَكُونُ الْعِلَّةُ (وَصْفًا حَقِيقِيًّا) وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى عُرْفٍ أَوْ غَيْرِهِ (ظَاهِرًا مُنْضَبِطًا) كَالطُّعْمِ فِي بَابِ الرِّبَا (أَوْ) وَصْفًا (عُرْفِيًّا مُطَّرِدًا) لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ كَالشَّرَفِ وَالْخِسَّةِ فِي الْكَفَاءَةِ (وَكَذَا) تَكُونُ (فِي الْأَصَحِّ) وَصْفًا (لُغَوِيًّا) كَتَعْلِيلِ حُرْمَةِ النَّبِيذِ بِأَنَّهُ يُسَمَّى خَمْرًا كَالْمُشْتَدِّ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ اللُّغَةِ بِالْقِيَاسِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَقُولُ

ــ

[حاشية العطار]

(قَوْلُهُ: أَرَادَ أَنَّهَا بَاعِثَةٌ لِلْمُكَلَّفِ) هَذَا أَمْرٌ مُخْتَرَعٌ لِوَالِدِ الْمُصَنِّفِ لَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّ الْبَعْثَ لِلْحَاكِمِ عَلَى شَرْعِ الْحُكْمِ أَيْ إظْهَارِ تَعَلُّقِهِ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ لَا لِلْمُكَلَّفِ وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ الْبَاعِثُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْحُكْمِ قَالَهُ الْكُورَانِيُّ وَكَلَامُ سم مَعَهُ هُنَا غَيْرُ ظَاهِرٍ

(قَوْلُهُ: دَافِعَةً لِلْحُكْمِ هُنَا إلَخْ) فِي التَّعْبِيرِ بِالدَّفْعِ وَالرَّفْعِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ الِاصْطِلَاحِ الْمُتَقَدِّمِ تَسَمُّحٌ وَإِلَّا فَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ وَقَدْ تَكُونُ عَلَامَةً لِلدَّفْعِ أَوْ الرَّفْعِ إذْ التَّعْبِيرُ بِالدَّفْعِ وَالرَّفْعِ يَقْتَضِي أَنَّهَا مُؤَثِّرَةٌ وَمَعْنَى كَوْنِهَا دَافِعَةً لِلْحُكْمِ أَنَّهَا دَافِعَةٌ لِحُدُوثِهِ وَطُرُوِّهِ بِتَعَلُّقِهِ تَنْجِيزًا وَقَوْلُهُ أَوْ رَافِعَةً أَيْ قَاطِعَةً لِاسْتِمْرَارِهِ.

وَأَوْرَدَ النَّاصِرُ أَنَّ مَا تَدْفَعُهُ أَوْ تَرْفَعُهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْحُكْمَ الَّذِي يَثْبُتُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ تَقْتَضِي وُجُودَهُ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ حُكْمًا آخَرَ وَهُوَ ضِدُّهُ فَالْمُنَاسِبُ ذِكْرُ الدَّافِعِ وَالرَّافِعِ فِي أَقْسَامِ الْمَانِعِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ بِاعْتِبَارِ ضِدِّ حُكْمِهَا مَانِعَةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مَبَاحِثِ الْعِلَّةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا عِلَّةٌ وَهُوَ كَلَامٌ ظَاهِرٌ وَكَلَامُ سم لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِ الْمُرَادِ ضِدَّ حُكْمِهَا فَالْأَحْسَنُ فِي الْجَوَابِ أَنَّهُ اصْطِلَاحٌ لَا مُشَاحَّةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَرْفَعُهُ) أَيْ النِّكَاحَ أَوْ حِلَّهُ بِمَعْنَى حِلِّ اسْتِمْرَارِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ كَانَتْ عَنْ شُبْهَةٍ) فَإِنَّهَا لَا تَرْفَعُ نِكَاحَ الزَّوْجِ وَإِلَّا لَمْ تَحْصُلْ لَهُ بَعْدَهَا إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ، وَإِنَّمَا تَرْفَعُ حِلَّ الِاسْتِمْتَاعِ، وَإِنَّمَا قَالَ كَمَا لَوْ كَانَتْ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ عِدَّةٌ حَقِيقِيَّةٌ مَعَ وُجُودِ النِّكَاحِ مِنْ قَبْلُ (قَوْلُهُ: إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ) أَيْ إذَا طَرَأَ الرَّضَاعُ عَلَى النِّكَاحِ كَمَا إذَا تَزَوَّجَ بِرَضِيعَةٍ فَأَرْضَعَتْهَا زَوْجَتُهُ

(قَوْلُهُ: وَتَكُونُ الْعِلَّةُ) لَمْ يَعُدَّ قَدْ إشَارَةً إلَى أَنَّ هَذَا كَثِيرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ مِنْ لُغَةٍ أَوْ شَرْعٍ بِدَلِيلِ الْمُقَابَلَةِ فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ: عَلَى عُرْفٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ لُغَةٍ أَوْ شَرْعٍ وَإِنْ كَانَ تَعْرِيفُ الْوَصْفِ لِلْحُكْمِ لَا يُسْتَفَادُ إلَّا مِنْ الشَّرْعِ (قَوْلُهُ: ظَاهِرًا) أَيْ مُتَمَيِّزًا عَنْ غَيْرِهِ لَا خَفِيًّا وَذَلِكَ كَعُلُوقِ الرَّحِمِ أَوْ الْإِنْزَالِ أَوْ الْوَطْءِ فَلَا تُعَلَّلُ بِهِ الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى، وَإِنَّمَا تُعَلَّلُ بِالْخَلْوَةِ (قَوْلُهُ: مُنْضَبِطًا) أَيْ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَفْرَادِ فَخَرَجَ الْمَشَقَّةُ بِالنَّظَرِ إلَى الْقَصْرِ وَالْفِطْرِ فَلَا يُعَلَّلُ بِهِ بَلْ يُعَلَّلُ بِالْمُشَاقَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَصْفًا عُرْفِيًّا) فِي زِيَادَةِ وَصْفًا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ عُرْفِيًّا قَسِيمُ قَوْلِهِ حَقِيقِيًّا وَلَمْ يُقَيِّدْهُ وَمَا بَعْدَهُ بِكَوْنِهِ ظَاهِرًا مُنْضَبِطًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ) إذْ لَوْ اخْتَلَفَ بِاخْتِلَافِهَا لَجَازَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْعُرْفُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْقَاتِ فَلَا يُعَلَّلُ بِهِ (قَوْلُهُ: كَالشَّرَفِ) مِثَالٌ لِلنَّفْيِ وَهُوَ الِاخْتِلَافُ لَا النَّفْيُ فَإِنَّهُ قَدْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ وَالْأَحْوَالِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا يَكُونُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ مَحَلُّ كَذَا نَصْبٌ صِفَةً لِمَصْدَرٍ مُقَدَّرٍ أَيْ تَكُونُ فِي الْأَصَحِّ وَصْفًا لُغَوِيًّا كَوْنًا كَذَا أَيْ مِثْلَ هَذَا الْكَوْنِ السَّابِقِ اهـ.

وَأَقُولُ إنَّمَا يَظْهَرُ هَذَا إنْ جَوَّزْنَا نَصْبَ الْفِعْلِ النَّاقِصِ لِمَصْدَرِهِ كَمَا قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا مَنَعْنَاهُ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فَيَنْبَغِي تَعَلُّقُ هَذَا الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ بِالْفِعْلِ اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: كَالْمُشْتَدِّ إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ يُسَمَّى

ص: 275

لَا يُعَلَّلُ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ بِالْأَمْرِ اللُّغَوِيِّ.

(أَوْ حُكْمًا شَرْعِيًّا) سَوَاءٌ كَانَ الْمَعْلُولُ حُكْمًا شَرَعَا أَيْضًا كَتَعْلِيلِ جَوَازِ رَهْنِ الْمُشَاعِ بِجَوَازِ بَيْعِهِ أَمْ كَانَ أَمْرًا حَقِيقِيًّا كَتَعْلِيلِ حَيَاةِ الشَّعْرِ بِحُرْمَتِهِ بِالطَّلَاقِ وَحِلِّهِ بِالنِّكَاحِ كَالْيَدِ وَقِيلَ لَا تَكُونُ حُكْمًا؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْحُكْمِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُولًا لَا عِلَّةً، وَرُدَّ بِأَنَّ الْعِلَّةَ بِمَعْنَى الْمُعَرِّفِ وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُعَرِّفَ حُكْمٌ حُكْمًا أَوْ غَيْرَهُ (وَثَالِثُهَا) تَكُونُ حُكْمًا شَرْعِيًّا (إنْ كَانَ الْمَعْلُولُ حَقِيقِيًّا) هَذَا مُقْتَضَى سِيَاقِ الْمُصَنِّفِ وَفِيهِ سَهْوٌ وَصَوَابُهُ أَنْ يُزَادَ لَفْظُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَثَالِثُهَا وَذَلِكَ أَنَّ فِي تَعْلِيلِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ بِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ خِلَافًا وَعَلَى الْجَوَازِ الرَّاجِحِ هَلْ يَجُوزُ تَعْلِيلُ الْأَمْرِ الْحَقِيقِيِّ بِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ؟ قَالَ فِي الْمَحْصُولِ الْحَقُّ الْجَوَازُ فَمُقَابِلُهُ الْمَانِعُ مِنْ ذَلِكَ مَعَ تَجْوِيزِهِ تَعْلِيلَ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ بِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ هُوَ التَّفْصِيلُ فِي الْمَسْأَلَةِ.

(أَوْ) وَصْفًا (مُرَكَّبًا) وَقِيلَ لَا؛ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ بِالْمُرَكَّبِ يُؤَدِّي إلَى مُحَالٍ فَإِنَّهُ بِانْتِفَاءِ جُزْءٍ مِنْهُ تَنْتَفِي عِلِّيَّتُهُ فَبِانْتِفَاءٍ آخَرَ يَلْزَمُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْجُزْءِ عِلَّةٌ لِعَدَمِ الْعَامَّةِ قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ عِلَّةٌ وَإِنَّمَا هُوَ عَدَمُ شَرْطٍ فَإِنَّ كُلَّ جُزْءٍ شَرْطٌ وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ عِلَّةٌ

ــ

[حاشية العطار]

قَوْلُهُ: لَا يُعَلَّلُ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ إلَخْ) لِأَنَّهُ لَا دَخْلَ لِلْأُمُورِ اللُّغَوِيَّةِ فِي الشَّرْعِ

(قَوْلُهُ: أَمْ كَانَ أَمْرًا) عَبَّرَ بِهِ دُونَ الْوَصْفِ؛ لِأَنَّ الْمَعْلُولَ قَدْ يَكُونُ عَلَى غَيْرِ وَصْفٍ (قَوْلُهُ: كَتَعْلِيلِ حَيَاةِ الشَّعْرِ) أَيْ كَتَعْلِيلِ ثُبُوتِ الْحَيَاةِ لِلشَّعْرِ لِيَكُونَ الْمُعَلَّلُ نِسْبَةً وَحُكْمًا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ عَلَى حَيَاةِ الشَّعْرِ عَدَمُ تَأَثُّرِهِ بِالْمَنَافِرِ كَالْإِحْرَاقِ وَالْقَطْعِ مَثَلًا لِمَا أَنَّ ذَلِكَ الْإِحْسَاسَ بِالْعَصَبِ الْمُنْبَثِّ وَلَا عَصَبَ فِيهَا وَلِذَلِكَ لَا إحْسَاسَ لِلْعَظْمِ وَمَا نُحِسّهُ أَلَمُ الْأَسْنَانِ وَالْأَضْرَاسِ مَعَ أَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ الْعَظْمِ عَلَى الرَّاجِحِ عِنْدَ الْمُشَرِّحِينَ، فَفِي الْحَقِيقَةِ الْإِيلَامُ إنَّمَا هُوَ مَعَ الْمَادَّةِ الْمُحْتَبِسَةِ تَحْتَهَا بِسَبَبِ الِانْضِغَاطِ وَدَفْعِ الطَّبِيعَةِ لِلْجِسْمِ الْغَرِيبِ أَمَّا عَلَى أَنَّهَا مِنْ نَوْعِ الْأَعْصَابِ فَلَا إشْكَالَ كَمَا أَوْضَحْنَا ذَلِكَ فِي شَرْحِ مَنْظُومَتِنَا الَّتِي فِي عِلْمِ التَّشْرِيحِ (قَوْلُهُ: هَذَا مُقْتَضَى) أَيْ قَوْلُهُ تَكُونُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالتَّفْصِيلُ) أَيْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْلُولُ حَقِيقِيًّا أَوْ شَرْعِيًّا، فَإِنْ كَانَ حَقِيقِيًّا امْتَنَعَ وَإِنْ كَانَ شَرْعِيًّا جَازَ

(قَوْلُهُ: أَوْ مُرَكَّبًا) مَعْطُوفٌ عَلَى لُغَوِيًّا فَهُوَ مِنْ مَدْخُولِ الْخِلَافِ السَّابِقِ وَالْأَوْلَى أَمْرًا مُرَكَّبًا لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ مُرَكَّبَةً مِنْ أَحْكَامٍ شَرْعِيَّةٍ كَتَعْلِيلِ حَيَاةِ الشَّعْرِ بِحِلِّهِ بِالنِّكَاحِ وَحُرْمَتِهِ بِالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: إلَى مُحَالٍ) أَيْ مُحَالٍ عَقْلِيٍّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ) أَيْ الْمُرَكَّبَ لَا التَّعْلِيلَ بِهِ (قَوْلُهُ: تَنْتَفِي عِلِّيَّتُهُ) أَيْ كَوْنُهُ عِلَّةً فَإِنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى وُجُودِ الْكُلِّ (قَوْلُهُ: يَلْزَمُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ) أَيْ وَهُوَ إعْدَامُ الْمَعْدُومِ وَرُدَّ زِيَادَةً عَلَى مَا رَدَّ بِهِ الشَّارِحُ بِأَنَّ هَذَا اللُّزُومَ إنَّمَا يَأْتِي فِي الْعِلَلِ الْعَقْلِيَّةِ لَا الْمُعَرِّفَاتِ وَكُلٌّ مِنْ الِانْتِفَاءَاتِ هُنَا مَعْرُوفٌ لِعَدَمِ الْعِلِّيَّةِ وَلَا اسْتِحَالَةَ فِي اجْتِمَاعِ مُعَرِّفَاتٍ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْجُزْءِ) أَيْ وَالْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ وُجُودًا أَوْ عَدَمًا فَكُلَّمَا انْتَفَى جُزْءٌ انْتَفَتْ مَعَهُ الْعِلَّةُ (قَوْلُهُ: قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ) أَيْ انْتِفَاءُ الْجُزْءِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ:، وَإِنَّمَا هُوَ عَدَمُ شَرْطٍ) أَيْ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ عِلَّةٌ هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ دَفْعُ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ يُؤَثِّرُ أَيْضًا بِطَرِيقِ الْعَدَمِ وَالدَّافِعُ لِذَلِكَ إنَّمَا

ص: 276

فَحَيْثُ لَمْ يَسْبِقْهُ غَيْرُهُ أَيْ انْتِفَاءُ جُزْءٍ آخَرَ كَمَا فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ، وَمِنْ التَّعْلِيلِ بِالْمُرَكَّبِ تَعْلِيلُ وُجُوبِ الْقِصَاصِ بِالْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ لِمُكَافِئٍ غَيْرِ وَلَدٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ كَثِيرٌ وَمَا أَرَى لِلْمَانِعِ مِنْهُ مُخَلِّصًا إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِوَصْفٍ مِنْهُ وَيُجْعَلَ الْبَاقِي شُرُوطًا فِيهِ وَيَئُولُ الْخِلَافُ حِينَئِذٍ إلَى اللَّفْظِ (وَثَالِثُهَا) يَجُوزُ لَكِنْ (لَا يَزِيدُ عَلَى خَمْسٍ) مِنْ الْأُجَرَاءِ حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ كَالْمَاوَرْدِيِّ عَنْ بَعْضِهِمْ فِي شَرْحِ اللُّمَعِ وَحَكَاهُ عَنْ حِكَايَتِهِ الْإِمَامُ فِي الْمَحْصُولِ بِلَفْظِ سَبْعَةٍ وَكَأَنَّهَا تَصَحَّفَتْ فِي نُسْخَتِهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ قَالَ أَيْ الْإِمَامُ وَلَا أَعْرِفُ لِهَذَا الْحَصْرِ حُجَّةً وَقَدْ يُقَالُ فِي حُجِّيَّتِهِ الِاسْتِقْرَاءُ مِنْ قَائِلِهِ وَتَأْنِيثُ الْعَدَدِ عِنْدَ حَذْفِ الْمَعْدُودِ الْمُذَكَّرِ كَمَا هُنَا جَائِزٌ عَدَلَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْأَصْلِ اخْتِصَارًا.

(وَمِنْ شُرُوطِ الْإِلْحَاقِ بِهَا) أَيْ بِسَبَبِ الْعِلَّةِ

ــ

[حاشية العطار]

هُوَ الْجَوَابُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: فَحَيْثُ لَمْ يَسْبِقْهُ إلَخْ) فَبَعْدَ انْعِدَامِ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ لَا يُقَالُ الْبَاقِي عِلَّةٌ (قَوْلُهُ: بِالْقَتْلِ إلَخْ) فَالْوَصْفُ هُنَا مُرَكَّبٌ مِنْ خَمْسَةِ أَجْزَاءٍ (قَوْلُهُ: غَيْرِ وَلَدٍ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِخُرُوجِ الْوَلَدِ بِالْمُكَافِئِ إذْ مَعْنَى الْمُكَافَأَةِ أَنْ لَا يَفْضُلَ الْقَاتِلُ قَتِيلَهُ بِإِسْلَامٍ أَوْ أَمَانٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ أَوْ أَصْلِيَّةٍ أَوْ سِيَادَةٍ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ انْتِفَاءَ الْوَالِدِيَّةِ جُزْءٌ مِنْ الْعِلَّةِ فَالْوَالِدِيَّةُ مَانِعُ عِلَّةٍ فَجَعْلُهَا فِيمَا مَرَّ فِي الْمُقَدِّمَاتِ مَانِعَ حُكْمٍ فِيهِ تَجَوُّزٌ. اهـ. زَكَرِيَّا

وَمَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ أَنَّهُ كُفُؤٌ لَهُ، وَعَدَمُ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي وُجُودِهِ فَلَا يَكُونُ سَبَبًا فِي عَدَمِهِ

(قَوْلُهُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ) أَيْ التَّعْلِيلُ بِالْمُرَكَّبِ (قَوْلُهُ: وَيُؤَوَّلُ الْخِلَافُ إلَخْ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ اتَّفَقَ عَلَى أَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ وَالْخِلَافُ فِي التَّسْمِيَةِ، وَمُنِعَ كَوْنُ الْخِلَافِ لَفْظِيًّا بِأَنَّ مَنْ قَالَ بِعِلِّيَّةِ كُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا يَشْتَرِطُ الْمُنَاسَبَةَ فِي جَمِيعِهَا وَمَنْ قَالَ جُزْءٌ مِنْهَا الْعِلَّةُ وَالْبَاقِي شُرُوطٌ لَا يَشْتَرِطُ الْمُنَاسَبَةَ فِي الْبَاقِي (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهَا تَصَحَّفَتْ فِي نُسْخَتِهِ) أَيْ الْإِمَامِ مِنْ شَرْحِ اللُّمَعِ (قَوْلُهُ: وَلَا أَعْرِفُ لِهَذَا الْحَصْرِ) أَيْ فِي سَبْعَةٍ (قَوْلُهُ: حُجِّيَّتِهِ الِاسْتِقْرَاءُ إلَخْ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الِاسْتِقْرَاءَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُودِ الزَّائِدِ لَا عَلَى امْتِنَاعِهِ الَّذِي هُوَ الْمُدَّعَى.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الِاسْتِقْرَاءَ لَا يَدُلُّ عَلَى الِامْتِنَاعِ قَطْعًا لَكِنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَنًّا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَوْ جَازَ مَعَ كَثْرَةِ التَّعْلِيلَاتِ لَوَقَعَ وَلَوْ قَلِيلًا فَعَدَمُ وُقُوعِهِ يُوجِبُ ظَنَّ امْتِنَاعِهِ (قَوْلُهُ: وَتَأْنِيثُ الْعَدَدِ) أَيْ الْإِتْيَانُ فِيهِ بِالصِّيغَةِ الَّتِي تُسْتَعْمَلُ فِي الْمُؤَنَّثِ وَهِيَ الْمُجَرَّدَةُ مِنْ التَّاءِ (قَوْلُهُ: عَنْ الْأَصْلِ) أَيْ الْكَثِيرِ الْغَالِبِ أَوْ الْأَصْلِ الَّذِي تَبِعَهُ

(قَوْلُهُ: أَيْ بِسَبَبِ الْعِلَّةِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِالْعِلَّةِ لِلسَّبَبِيَّةِ لَا لِلتَّعْدِيَةِ؛ لِأَنَّ الْمُلْحَقَ بِهِ هُوَ الْأَصْلُ فَبَاءُ التَّعْدِيَةِ مَحْذُوفَةٌ مَعَ مَدْخُولِهَا أَيْ وَمِنْ شُرُوطِ الْإِلْحَاقِ بِالْأَصْلِ

ص: 277

(اشْتِمَالُهَا عَلَى حِكْمَةٍ تَبْعَثُ) الْمُكَلَّفَ (عَلَى الِامْتِثَالِ وَتَصْلُحُ شَاهِدًا لِإِنَاطَةِ الْحُكْمِ) بِالْعِلَّةِ كَحِفْظِ النُّفُوسِ فَإِنَّهُ حِكْمَةُ تَرَتُّبِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى عِلَّتِهِ مِنْ الْقَتْلِ الْعَمْدِ إلَى آخِرِهِ فَإِنَّ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ إذَا قَتَلَ اُقْتُصَّ مِنْهُ انْكَفَّ عَنْ الْقَتْلِ

ــ

[حاشية العطار]

بِمَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: اشْتِمَالُهَا) أَيْ اشْتِمَالُ تَرَتُّبِ الْحُكْمِ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ عَلَى حِكْمَةٍ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي أَنَّهُ قَدْ يَنْقَطِعُ بِانْتِفَائِهَا فِي صُورَةٍ وَقَوْلُهُ يَصْلُحُ شَاهِدًا لِإِنَاطَةِ الْحُكْمِ أَيْ دَلِيلًا لِتَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِالْعِلَّةِ كَأَنْ يُقَالَ لِمَاذَا كَانَ السَّفَرُ سَبَبًا لِلرُّخْصَةِ فَيُقَالُ لِلْمَشَقَّةِ وَلَا بُدَّ مِنْ ضَمِيمَةٍ مُقَدَّمَةٍ وَهِيَ أَنَّ دِينَنَا يُسْرٌ مَثَلًا وَتُلَاحَظُ الْمُقَدِّمَةَ فِي قَوْلِنَا مَثَلًا لِمَاذَا تَرَتَّبَ وُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَى عِلَّتِهِ؟ فَيُقَالُ لِحِفْظِ النُّفُوسِ بِوَاسِطَةِ مُقَدِّمَةٍ وَهِيَ أَنَّ الشَّارِعَ نَهَى عَنْ تَضْيِيعِ النُّفُوسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: حِكْمَةُ تَرَتُّبِ) بِالْإِضَافَةِ وَعَدَمِهَا وَلَا يَرِدُ عَلَى الْإِضَافَةِ اقْتِضَاؤُهَا أَنَّ الْمُشْتَمِلَ عَلَى التَّرْتِيبِ الْحِكْمَةُ دُونَ الْعِلَّةِ مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ مُفَادِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْحِكْمَةَ لَهَا ارْتِبَاطٌ

ص: 278

وَقَدْ يُقَدِّمُ عَلَيْهِ تَوْطِينًا لِنَفْسِهِ عَلَى تَلَفِهَا وَهَذِهِ الْحِكْمَةُ تَبْعَثُ الْمُكَلَّفَ مِنْ الْقَاتِلِ وَوَلِيَّ الْأَمْرِ عَلَى امْتِثَالِ الْأَمْرِ الَّذِي هُوَ إيجَابُ الْقِصَاصِ بِأَنْ يُمَكِّنَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَارِثَ الْقَتِيلِ مِنْ الِاقْتِصَاصِ، وَتَصْلُحُ شَاهِدًا لِإِنَاطَةِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ بِعِلَّتِهِ فَيَلْحَقُ حِينَئِذٍ الْقَتْلُ بِمُثَقَّلٍ بِالْقَتْلِ بِمُحَدِّدٍ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْعِلَّةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْحِكْمَةِ الْمَذْكُورَةِ وَقَوْلُهُ تَبْعَثُ عَلَى الِامْتِثَالِ أَيْ حَيْثُ يُطَّلَعُ عَلَيْهَا وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَجُوزُ التَّعْلِيلُ بِمَا لَا يُطَّلَعُ عَلَى حِكْمَتِهِ (وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ هُنَا وَهُوَ اشْتِرَاطُ الْعِلَّةِ عَلَى الْحِكْمَةِ الْمَذْكُورَةِ أَيْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ (كَانَ مَانِعُهَا وَصْفًا وُجُودِيًّا يُخِلُّ بِحِكْمَتِهَا) كَالدَّيْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَى الْمَدِينِ فَإِنَّهُ وَصْفٌ وُجُودِيٌّ يُخِلُّ بِحِكْمَةِ الْعِلَّةِ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ الْمُعَلَّلِ بِمِلْكِ النِّصَابِ وَهِيَ الِاسْتِغْنَاءُ بِمِلْكِهِ فَإِنَّ الْمَدِينَ لَيْسَ مُسْتَغْنِيًا بِمِلْكِهِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى وَفَاءِ دَيْنِهِ بِهِ وَلَا يَضُرُّ خُلُوُّ الْمِثَالِ عَنْ الْإِلْحَاقِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ.

(وَمِنْ) شُرُوطِ الْإِلْحَاقِ بِهَا (أَنْ تَكُونَ) وَصْفًا (ضَابِطًا لِحِكْمَةٍ) كَالسَّفَرِ فِي جَوَازِ الْقَصْرِ مَثَلًا لَا نَفْسَ الْحِكْمَةِ كَالْمَشَقَّةِ فِي السَّفَرِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهَا

ــ

[حاشية العطار]

بِالْعِلَّةِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَدَّمُ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْحِكْمَةَ هُنَا تَقْلِيلُ مَفْسَدَةِ الْقَتْلِ لَا دَفْعُهَا بِالْكُلِّيَّةِ إذْ قَدْ يُقْدِمُ الْإِنْسَانُ عَلَى الْقَتْلِ مُوَطِّنًا نَفْسَهُ عَلَى تَلَفِهَا (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْحِكْمَةُ تَبْعَثُ إلَخْ) أَمَّا وَلِيُّ الْأَمْرِ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً.

وَأَمَّا الْقَاتِلُ نَفْسُهُ إذَا رَجَعَ إلَى مُقْتَضَى الشَّرْعِ وَمَالَ عَنْ التَّعَصُّبِ لِنَفْسِهِ أَوْ مِنْ حَيْثُ امْتِثَالُ أَمْرِ الشَّارِعِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي أَمْرٍ يَرْجِعُ إلَى ذَاتِ الْحِكْمَةِ (قَوْلُهُ: وَتَصْلُحُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ تُبْعَثُ (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ وُجُودِ شَرْطِ الْإِلْحَاقِ بِسَبَبِ الْعِلَّةِ وَهُوَ اشْتِمَالُهَا عَلَى الْحِكْمَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي إلَخْ) أَيْ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) قَالَ زَكَرِيَّا لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى اشْتِرَاطِ مَا ذُكِرَ إنَّمَا هُوَ كَوْنُ مَانِعِ الْعِلَّةِ مَا يُخِلُّ بِحِكْمَتِهَا لَا كَوْنُهُ وَصْفًا وُجُودِيًّا أَيْضًا وَكَأَنَّهُ ضَمَّهُ إلَيْهِ لِيُفِيدَ تَفْرِيعَ مَانِعِ الْعِلَّةِ بِاخْتِصَارٍ عَلَى أَنَّ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى ذَلِكَ حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ مَانِعُ الْإِلْحَاقِ بِهَا لَا مَانِعُهَا (قَوْلُهُ يُخِلُّ بِحِكْمَتِهَا) هَذَا هُوَ مَحَطُّ التَّفْرِيعِ (قَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مَانِعٌ) أَيْ لَا عَلَى أَنَّهُ عَدَم اشْتِرَاطٍ أَوْ عَدَمُ تَأْثِيرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ خُلُوُّ الْمِثَالِ) أَيْ فَإِنَّ الْمِثَالَ لِلْمَانِعِ الْمُخِلِّ بِالْحِكْمَةِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي الْعِلَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ

(قَوْلُهُ: وَمِنْ شُرُوطِ الْإِلْحَاقِ بِهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي حَدِّ ذَاتِهَا صَحِيحَةٌ وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ الْإِلْحَاقُ بِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مَانِعٌ مِنْ التَّعْلِيلِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْإِلْحَاقِ فَالْأَوْلَى أَنْ تُجْعَلَ هَذِهِ الشُّرُوطُ لِلْعِلَّةِ فِي حَدِّ ذَاتِهَا ثُمَّ هَذَا إنَّمَا يُنَاسِب مَنْ يَخُصُّ الْقِيَاسَ بِالْفِقْهِ.

وَأَمَّا مَنْ يُجِيزُهُ فِي اللُّغَوِيَّاتِ فَلَا يَتَأَتَّى هَذَا؛ لِأَنَّ اللُّغَوِيَّاتِ وَالْعَقْلِيَّاتِ لَا حُكْمَ فِيهَا وَلَا حِكْمَةَ يُنَاطُ بِهَا (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ انْضِبَاطهَا) ؛ لِأَنَّ مَرَاتِبَ الْمَشَقَّةِ لَا تُحْصَى لِاخْتِلَافِهَا بِحَسَبِ

ص: 279

(وَقِيلَ يَجُوزُ كَوْنُهَا نَفْسَ الْحِكْمَةِ) ؛ لِأَنَّهَا الْمَشْرُوعُ لَهَا الْحُكْمُ (وَقِيلَ) يَجُوزُ (إنْ انْضَبَطَتْ) لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ.

(وَ) مِنْ شُرُوطِ الْإِلْحَاقِ بِهَا (أَنْ لَا تَكُونَ عَدَمًا فِي الثُّبُوتِيِّ)(وِفَاقًا لِلْإِمَامِ) الرَّازِيّ (وَخِلَافًا لِلْآمِدِيِّ) هَذَا انْقَلَبَ عَلَى الْمُصَنِّفِ سَهْوًا

ــ

[حاشية العطار]

اخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ كُلِّ مَرْتَبَةٍ مِنْهَا مَنَاطًا وَلَا تَتَعَيَّنُ مَرْتَبَةٌ مِنْهَا إذْ لَا طَرِيقَ إلَى تَمْيِيزِهَا بِنَفْسِهَا فَنِيطَ الْقَصْرُ وَنَحْوُهُ بِرُخْصِ السَّفَرِ بِالسَّفَرِ الْخَاصِّ اهـ. نَجَّارِيٌّ (قَوْلُهُ: إنْ انْضَبَطَتْ) أَيْ كَحِفْظِ النُّفُوسِ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ) أَيْ وَهُوَ عَدَمُ الِانْضِبَاطِ

(قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ عَدَمًا إلَخْ) الْوَجْهُ عَدَمُ هَذَا الِاشْتِرَاطِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بِمَعْنَى الْمُعَرِّفِ فَهُوَ جَارٍ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعِلَّةَ بِمَعْنَى الْمُؤَثِّر

ص: 280

وَصَوَابُهُ مَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وِفَاقًا لِلْآمِدِيِّ وَخِلَافًا لِلْإِمَامِ الرَّازِيّ أَنَّ فِي تَجْوِيزِهِ تَعْلِيلَ الثُّبُوتِيِّ بِالْعَدَمِيِّ لِصِحَّةِ أَنْ يُقَالَ ضَرَبَ فُلَانٌ عَبْدَهُ لِعَدَمِ امْتِثَالِهِ فِي أَمْرِهِ.

وَأُجِيبَ بِمَنْعِ صِحَّةِ التَّعْلِيلِ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ بِالْكَفِّ عَنْ الِامْتِثَالِ وَهُوَ أَمْرٌ ثُبُوتِيٌّ وَالْخِلَافُ فِي الْعَدَمِ الْمُضَافِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الدَّلِيلِ وَجَوَابِهِ لَكِنَّ الْآمِدِيَّ إنَّمَا مَنَعَ الْعَدَمَ الْمَحْضَ أَيْ وَالْمُطْلَقَ وَأَجَازَ الْمُضَافَ الصَّادِقَ بِالْوُجُودِيِّ كَالْإِمَامِ وَالْأَكْثَرِ وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا جُزْؤُهُ عَدَمِيٌّ وَيَجُوزُ وِفَاقًا تَعْلِيلُ الْعَدَمِيِّ بِمِثْلِهِ أَوْ بِالثُّبُوتِيِّ كَتَعْلِيلِ عَدَمِ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ بِعَدَمِ الْعَقْلِ أَوْ بِالْإِسْرَافِ كَمَا يَجُوزُ قَطْعًا تَعْلِيلُ الْوُجُودِيِّ بِمِثْلِهِ كَتَعْلِيلِ حُرْمَةِ الْخَمْرِ بِالْإِسْكَارِ وَمِنْ أَمْثِلَةِ التَّعْلِيلِ الثُّبُوتِيِّ بِالْعَدَمِيِّ مَا يُقَالُ يَجِبُ قَتْلُ الْمُرْتَدِّ لِعَدَمِ إسْلَامِهِ وَإِنْ صَحَّ أَنْ يُقَالَ لِكُفْرِهِ كَمَا يَصِحُّ أَنْ يُعَبِّرَ عَنْ عَدَمِ الْعَقْلِ بِالْجُنُونِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْوَاحِدَ قَدْ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِعِبَارَتَيْنِ مَنْفِيَّةٍ وَمُثْبَتَةٍ وَلَا مُشَاحَّةَ فِي التَّعْبِيرِ (وَالْإِضَافِيُّ) كَالْأُبُوَّةِ

ــ

[حاشية العطار]

لِأَنَّ الْعَدَمِيَّ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الثُّبُوتِيُّ وَقَوْلُهُ فِي الثُّبُوتِيِّ أَيْ الْحُكْمِ الثُّبُوتِيِّ بِمَعْنَى النِّسْبَةِ بِدَلِيلِ الْمِثَالِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ ضَرَبَ فُلَانٌ عَبْدَهُ فَلَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ بِالشَّرْعِيِّ (قَوْلُهُ: وَصَوَابُهُ) أَيْ لِمُجَرَّدِ مُوَافَقَةِ النَّقْلِ وَإِنْ كَانَ يَأْتِي لَهُ أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ (قَوْلُهُ: فِي تَجْوِيزِهِ تَعْلِيلٌ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فِي تَجْوِيزِهِ عِنْدَ الْإِلْحَاقِ عِنْدَ تَعْلِيلِ الثُّبُوتِيِّ بِالْعَدَمِيِّ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْإِلْحَاقِ (قَوْلُهُ: وَالْخِلَافُ) أَيْ فَرْضًا وَتَقْدِيرًا وَقَوْلُهُ فِي الِاسْتِدْرَاكِ إنَّمَا مَعَ إلَخْ نَفْيٌ لِلْخِلَافِ فِي الْوَاقِعِ وَالْحَقِيقَةِ وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ الِاعْتِرَاضُ بِعَدَمِ تَوَارُدِ الْخِلَافِ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ فِي الْعَدِمِ الْمَحْضِ وَالْجَوَازَ فِي الْمُضَافِ (قَوْلُهُ: يُؤْخَذُ مِنْ الدَّلِيلِ إلَخْ) جِهَةُ الْأَخْذِ مِنْ الدَّلِيلِ إضَافَةُ الْعَدَمِ فِيهِ إلَى امْتِثَالِ أَمْرِ السَّيِّدِ وَمِنْ الْجَوَابِ الْإِشَارَةُ إلَى الْعَدَمِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ مَعَ التَّفْسِيرِ بِالْكَفِّ عَنْ الِامْتِثَالِ (قَوْلُهُ: وَأَجَازَ) أَيْ الْآمِدِيُّ الْمُضَافَ أَيْ التَّعْلِيلَ بِهِ وَقَوْلُهُ الصَّادِقَ بِالْوُجُودِيِّ أَيْ كَمَا فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ إذْ يَصْدُقُ عَدَمُ الِامْتِثَالِ بِكَفِّ النَّفْسِ عَنْ الِامْتِثَالِ وَهُوَ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ كَمَا مَرَّ وَفِي قَوْلِهِ الصَّادِقَ بِالْوُجُودِيِّ دَفْعٌ لِتَوَهُّمِ أَنَّ الصَّادِقَ بِالْوُجُودِيِّ لَيْسَ مِنْ الْعَدَمِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ بَلْ مِنْ الْوُجُودِيِّ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ عَبَّرَ بِالْعَدَمِ الْإِضَافِيِّ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَإِنْ صَدَقَ بِالْوُجُودِيِّ اهـ. نَجَّارِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَيَجْرِي الْخِلَافُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ مُرَكَّبَةً مِنْ جُزْأَيْنِ مَثَلًا وَأَحَدُهُمَا عَدَمِيٌّ كَأَنْ يُعَلَّلَ تَعَيُّنُ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ بِأَنَّهُ قَتْلٌ بِفِعْلٍ مَقْصُودٍ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا (وَإِنْ صَحَّ أَنْ يُقَالَ لِكُفْرِهِ) أَيْ فَصِحَّةُ هَذَا لَا تُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِ التَّعْلِيلِ بِعَدَمِ الْإِسْلَامِ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: عَدَمِيٌّ) نَظَرًا إلَى أَنَّهُ لَا وُجُودَ

ص: 281