الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَسْأَلَةٌ خَبَرُ الْوَاحِدِ لَا يُفِيدُ إلَّا بِقَرِينَةٍ)
كَمَا فِي إخْبَارِ الرَّجُلِ بِمَوْتِ وَلَدِهِ الْمُشْرِفِ عَلَى الْمَوْتِ مَعَ قَرِينَةِ الْبُكَاءِ، وَإِحْضَارِ الْكَفَنِ وَالنَّعْشِ (وَقَالَ الْأَكْثَرُ لَا) يُفِيدُ (مُطْلَقًا) وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْقَرِينَةِ يُوجَدُ مَعَ الْإِغْمَاءِ (وَ) قَالَ الْإِمَامُ (أَحْمَدُ يُفِيدُ مُطْلَقًا) بِشَرْطِ الْعَدَالَةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَإِنَّمَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِمَا يُفِيدُ الْعِلْمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ} [النجم: 23] نَهْيٌ عَنْ اتِّبَاعِ غَيْرِ الْعِلْمِ وَذَمٌّ عَلَى اتِّبَاعِ الظَّنِّ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا الْمَطْلُوبُ فِيهِ الْعِلْمُ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ كَوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَنْزِيهِهِ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ؛ لِمَا ثَبَتَ مِنْ الْعَمَلِ بِالظَّنِّ فِي الْفُرُوعِ (وَ) قَالَ (الْأُسْتَاذُ) أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ (وَابْنُ فُورَكٍ: يُفِيدُ الْمُسْتَفِيضُ) الَّذِي هُوَ مِنْهُ عِنْدَهُمَا (عِلْمًا نَظَرِيًّا) جَعَلَاهُ وَاسِطَةً بَيْنَ الْمُتَوَاتِرِ الْمُفِيدِ لِلْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ وَالْآحَادِ الْمُفِيدِ لِلظَّنِّ، وَقَدْ مَثَّلَهُ الْأُسْتَاذُ بِمَا يَتَّفِقُ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْ الْوَاحِدَ بِالْعَدْلِ كَمَا قَيَّدَهُ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ
ــ
[حاشية العطار]
بِالثَّلَاثَةِ غَرِيبٌ قَالَهُ الْكَمَالُ.
[مَسْأَلَةٌ خَبَرُ الْوَاحِدِ لَا يُفِيدُ إلَّا بِقَرِينَةٍ]
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي إخْبَارِ الرَّجُلِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ أَنْ يَكُونَ خَبَرَ آحَادٍ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ فَلَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ لَهُ جَمْعًا (قَوْلُهُ: مَعَ قَرِينَةِ الْبُكَاءِ إلَخْ) لَا يُقَالُ إنَّ الْعِلْمَ حَصَلَ بِالْقَرَائِنِ لَا بِالْخَبَرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَوْلَا الْخَبَرُ لَجَوَّزْنَا مَوْتَ غَيْرِهِ وَتَنْظِيرُ الْعُبْرِيِّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ بِأَنَّ التَّجْوِيزَ بَاقٍ مَعَ تَحَقُّقِ الْخَبَرِ أَيْضًا مَدْفُوعٌ بِأَنَّ التَّجْوِيزَ الْمَنْفِيَّ هُوَ الْعَادِي، وَلَا يُنَافِيهِ بَقَاءُ التَّجْوِيزِ الْعَقْلِيِّ (قَوْلُهُ: وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْقَرِينَةِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا مُنَاقَشَةٌ فِي الْمِثَالِ لَا يَلْزَمُ مِنْهَا إبْطَالُ الْحُكْمِ الْكُلِّيِّ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُنَاقَشُ فِي غَيْرِهِ بِمِثْلِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ مُرَادُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مِنْ ذَلِكَ وَهَلْ كَانَ يَحْصُلُ لَهُ الْعِلْمُ مِنْ الْآحَادِ وَخُصُوصًا عِنْدَ وُجُودِ الْمُعَارِضِ وَمُخَالَفَةِ بَقِيَّةِ الْأَئِمَّةِ لَهُ فِيمَا ذَهَبَ إلَيْهِ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: نَهَى عَنْ اتِّبَاعِ غَيْرِ الْعِلْمِ) وَالنَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ فَلَا يَكُونُ وَاجِبًا وَقَوْلُهُ وَذَمَّ عَلَى اتِّبَاعِ الظَّنِّ فَدَلَّ عَلَى حُرْمَتِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ النَّهْيَ وَالذَّمَّ فَهَذِهِ النُّصُوصُ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهَا الْعُمُومَ، لَكِنَّهَا مَخْصُوصَةٌ بِمَا يُطْلَبُ فِيهِ الْيَقِينُ.
وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُفِدْ الْعِلْمَ لَكَانَ الْعَمَلُ بِهِ اتِّبَاعًا لِغَيْرِ الْمَعْلُومِ بَلْ لِلْإِجْمَاعِ الْقَاطِعِ عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ بِالظَّوَاهِرِ، وَفِي شَرْحِ الْبُدَخْشِيِّ لِلْمِنْهَاجِ أَنَّهُ ظَاهِرٌ لَيْسَ بِقَطْعِيٍّ مَعَ أَنَّ الْمَدْلُولَ مِنْ مَسَائِلِ الْأُصُولِ الَّتِي لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ قَاطِعٍ مَعَ أَنَّهُ لَا عُمُومَ لَهُ فِي الْأَشْخَاصِ، وَلَا فِي الْأَزْمَانِ وَقَابِلٍ لِتَخْصِيصٍ وَلِغَيْرِهِ، مِثْلُ تَأْوِيلِ الْعِلْمِ بِمَا يَعُمُّ الظَّنَّ وَالْقَطْعَ
(قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْآحَادِ (قَوْلُهُ: عِنْدَنَا) أَيْ دُونَهُمَا فَإِنَّهُ عِنْدَهُمَا وَاسِطَةٌ، وَقَدْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّهُ يُفِيدُ الْعِلْمَ النَّظَرَ أَنَّهُ غَيْرُ آحَادٍ؛ لِأَنَّ لَهُمَا أَنْ يَقُولَا مِنْ الْآحَادِ مَا يُفِيدُ الْعِلْمَ النَّظَرِيَّ (قَوْلُهُ: عِلْمًا نَظَرِيًّا) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَوْنِ الْعِلْمِ الْمُسْتَفَادِ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْقَوْلِ فَالْمُسْتَفَادُ عَلَى الْأَوَّلِ بِالْقَرَائِنِ ضَرُورِيًّا أَوْ نَظَرِيًّا، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ ضَرُورِيًّا وَتَارَةً يَكُونُ نَظَرِيًّا بِأَنْ يَحْتَاجَ إلَى تَرْتِيبٍ وَنَظَرٍ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: بِمَا يُتَّفَقُ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ التَّوَاتُرِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ كَالْآمِدِيِّ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ صَدَرَ لَا عَنْ اتِّسَاعٍ لِلنَّظَرِ وَالتَّتَبُّعِ اهـ. كَمَالٌ