الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ يَقِينِيٍّ مَشْهُورٍ) مِنْ جَانِبِ الْمُسْتَدِلِّ فَلَا يُمْكِنُهُ الِاعْتِرَاضُ لِذَلِكَ
[خَاتِمَةٌ](الْقِيَاسُ مِنْ الدِّينِ)
لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} [الحشر: 2] وَقِيلَ لَيْسَ مِنْهُ لِأَنَّ اسْمَ الدِّينِ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى مَا هُوَ ثَابِتٌ مُسْتَمِرٌّ وَالْقِيَاسُ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ (وَثَالِثُهَا) مِنْهُ (حَيْثُ يَتَعَيَّنُ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَسْأَلَةِ دَلِيلٌ غَيْرُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (وَ) الْقِيَاسُ (مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ) كَمَا عُرِفَ مِنْ تَعْرِيفِهِ (خِلَافًا لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ) فِي قَوْلِهِ لَيْسَ مِنْهُ وَإِنَّمَا يُبَيِّنُ فِي كُتُبِهِ لِتَوَقُّفِ غَرَضِ الْأُصُولِيِّ مِنْ إثْبَاتِ حُجَّتِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهَا الْفِقْهُ عَلَى بَيَانِهِ (وَحُكْمُ الْمَقِيسِ قَالَ السَّمْعَانِيُّ يُقَالُ إنَّهُ دِينُ اللَّهِ) وَشَرْعُهُ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ قَالَهُ اللَّهُ) وَلَا رَسُولُهُ لِأَنَّهُ مُسْتَنْبَطٌ لَا مَنْصُوصٌ
ــ
[حاشية العطار]
مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى الْمَفْعُولِ أَيْ إفْحَامِ السَّائِلِ الْمُعَلِّلَ وَكَذَا الْإِضَافَةُ فِي أَوْ إلْزَامِ الْمَانِعِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَقِينِيٍّ مَشْهُورٍ) الْمَشْهُورَاتُ قَضَايَا يَحْكُمُ الْعَقْلُ بِهَا بِوَاسِطَةِ اعْتِرَافِ جَمِيعِ النَّاسِ بِهَا لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ أَوْ رَأْفَةٍ وَحَمِيَّةٍ كَقَوْلِهِمْ الْعَدْلُ حَسَنٌ وَالظُّلْمُ قَبِيحٌ وَقَوْلُهُمْ مُرَاعَاةُ الضُّعَفَاءِ مَحْمُودَةٌ وَقَوْلُهُمْ كَشْفُ الْعَوْرَةِ مَذْمُومٌ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَمِنْ الْمَشْهُورَاتِ تَتَرَكَّبُ الْخِطَابِيَّاتُ (قَوْلُهُ: مِنْ جَانِبِ الْمُسْتَدِلِّ) مُتَعَلِّقٌ بِإِلْزَامِ
[خَاتِمَةٌ الْقِيَاسُ مِنْ الدِّينِ]
(قَوْلُهُ: الْقِيَاسُ مِنْ الدِّينِ إلَخْ) حَاصِلُ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَذَاهِبَ لِلْمُعْتَزِلَةِ وَتَبِعَهُ السُّيُوطِيّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْحَقُّ أَنَّهُمْ إنْ عَنَوْا بِالدِّينِ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ الْمَقْصُودَةَ لِأَنْفُسِهَا بِالْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ فَلَيْسَ الْقِيَاسُ كَذَلِكَ وَإِنْ عَنَوْا مَا تَعَبَّدْنَا بِهِ فَهُوَ دِينٌ اهـ.
وَلَمَّا كَانَ كَوْنُهُ مِنْ الدِّينِ ظَاهِرًا مُوَافِقًا لِقَوَاعِد أَهْلِ الْحَقِّ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَمْ يُبَالِ بِكَوْنِ ذَلِكَ مَنْقُولًا عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ عَلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ رَآهُ لِأَهْلِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ وَكُلُّ مَأْمُورٍ بِهِ مِنْ الدِّينِ) دَلِيلُ الصُّغْرَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْآيَةِ وَدَلِيلُ الْكُبْرَى أَنَّ الدِّينَ مَا يُدَانُ اللَّهُ بِهِ أَيْ يُطَاعُ وَكُلُّ مَأْمُورٍ بِهِ كَذَلِكَ فَفِي كَلَامِهِ قِيَاسٌ مِنْ الشَّكْلِ الْأَوَّلِ ذُكِرَ صُغْرَاهُ وَدَلِيلُهَا حَذْفُ كُبْرَاهُ وَدَلِيلُهَا وَدَلِيلُ الصُّغْرَى إنَّمَا يَتِمُّ أَنْ لَوْ أُرِيدَ بِالِاعْتِبَارِ الْقِيَاسُ لَكِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الِاتِّعَاظُ فَلَا يَدُلُّ حِينَئِذٍ وَفِي النَّجَّارِيِّ الِاعْتِبَارُ هُوَ التَّرَدُّدُ بِالْفِكْرِ مِنْ مَعْلُومٍ إلَى مَجْهُولٍ لِيَتَعَرَّفَ مِنْهُ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْجَامِعِ وَذَلِكَ غَيْرُ الْقِيَاسِ، وَالِاعْتِبَارُ وَإِنْ صَدَقَ بِالِاتِّعَاظِ أَيْضًا لَكِنَّهُ لَا يُنَافِي الِاسْتِدْلَالَ إذْ يَصْدُقُ عَلَى الِاتِّعَاظِ أَنَّهُ عُبُورٌ مِنْ شَيْءٍ إلَى شَيْءٍ فَالِاعْتِبَارُ يَعُمُّ الْأَمْرَيْنِ فَيَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِالْآيَةِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لِعُمُومِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ لَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ لَيْسَ ثَابِتًا مُسْتَمِرًّا أَيْ لَمْ يَجْتَمِعْ فِيهِ الْأَمْرَانِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَتَعَيَّنُ) أَيْ لِلِاسْتِدْلَالِ (قَوْلُهُ: كَمَا عُرِفَ مِنْ تَعْرِيفِهِ) أَيْ تَعْرِيفِ أُصُولِ الْفِقْهِ بِأَنَّهُ أَدِلَّةُ الْفِقْهِ الْإِجْمَالِيَّةُ الَّتِي هِيَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ فَأَدِلَّةُ الْفِقْهِ الْإِجْمَالِيَّةُ هِيَ الْقَوَاعِدُ الْبَاحِثَةُ عَنْهَا إذْ حَقِيقَةُ كُلِّ عِلْمٍ مَسَائِلُهُ أَيْ الْقَوَاعِدُ الْكُلِّيَّةُ فَتَكُونُ الْأُمُورُ الْأَرْبَعَةُ مَوْضُوعَ عِلْمِ أُصُولِ الْفِقْهِ فَقَوْلُهُ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ مِنْ مَوْضُوعِ أُصُولِ الْفِقْهِ فَفِيهِ تَسَامُحٌ اُغْتُفِرَ لِمَا
(ثُمَّ الْقِيَاسُ فَرْضُ كِفَايَةٍ) عَلَى الْمُجْتَهِدِينَ (يَتَعَيَّنُ عَلَى مُجْتَهِدٍ احْتَاجَ إلَيْهِ) بِأَنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ فِي وَاقِعَةٍ أَيْ يَصِيرُ فَرْضَ عَيْنٍ عَلَيْهِ
(وَهُوَ جَلِيٌّ وَخَفِيٌّ فَالْجَلِيُّ مَا قُطِعَ فِيهِ بِنَفْيِ الْفَارِقِ) أَيْ بِإِلْغَائِهِ (أَوْ كَانَ) ثُبُوتُ الْفَارِقِ أَيْ تَأْثِيرُهُ فِيهِ (احْتِمَالًا ضَعِيفًا) الْأَوَّلُ كَقِيَاسِ الْأَمَةِ عَلَى الْعَبْدِ فِي تَقْوِيمِ حِصَّةِ التَّشْرِيكِ عَلَى شَرِيكِهِ الْمُعْتِقِ الْمُوسِرِ وَعِتْقِهَا عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ فِي إلْغَاءِ الْفَارِقِ وَالثَّانِي كَقِيَاسِ الْعَمْيَاءِ عَلَى الْعَوْرَاءِ فِي الْمَنْعِ فِي التَّضْحِيَةِ الثَّابِتِ بِحَدِيثِ السُّنَنِ الْأَرْبَعِ «أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا.» إلَخْ (وَالْخَفِيُّ خِلَافُهُ) وَهُوَ مَا كَانَ احْتِمَالُ تَأْثِيرِ الْفَارِقِ فِيهِ قَوِيًّا كَقِيَاسِ الْقَتْلِ بِمُثَقَّلٍ عَلَى الْقَتْلِ بِمُحَدَّدٍ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ وَقَدْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ فِي الْمُثَقَّلِ (وَقِيلَ الْجَلِيُّ هَذَا) أَيْ الَّذِي ذُكِرَ (وَالْخَفِيُّ الشَّبَهُ وَالْوَاضِحُ بَيْنَهُمَا وَقِيلَ الْجَلِيُّ) الْقِيَاسُ (الْأَوْلَى) كَقِيَاسِ الضَّرْبِ عَلَى التَّأْفِيفِ فِي التَّحْرِيمِ (وَالْوَاضِحُ الْمُسَاوِي) كَقِيَاسِ إحْرَاقِ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى أَكْلِهِ فِي التَّحْرِيمِ (وَالْخَفِيُّ الْأَدْوَنُ) كَقِيَاسِ التُّفَّاحِ عَلَى الْبُرِّ فِي بَابِ الرِّبَا كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ الْجَلِيُّ عَلَى الْأَوَّلِ يَصْدُقُ بِالْأَوْلَى كَالْمُسَاوِي
ــ
[حاشية العطار]
سَبَقَ مِنْ شَرْحِ ذَلِكَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا قَالَهُ النَّاصِرُ هَذَا يَقْضِي أَيْ قَوْلُهُ كَمَا عُرِفَ مِنْ تَعْرِيفِهِ أَنَّ الْأَدِلَّةَ مِنْ نَفْسِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالْقِيَاسِ وَكَوْنُ الْقُرْآنِ نَفْسِهِ مَثَلًا مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ مِمَّا يَمُجُّهُ الْعَقْلُ
(قَوْلُهُ: ثُمَّ الْقِيَاسُ) أَيْ التَّهَيُّؤ لَهُ (قَوْلُهُ: فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَيْ حَيْثُ لَمْ تَحْدُثُ حَادِثَةٌ وَتَعَدَّدَ الْمُجْتَهِدُونَ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمُجْتَهِدِينَ فِي تَقْدِيرِهِ إشَارَةٌ إلَى نَفْيِ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ مَعْمُولَ قَوْلِهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى مُجْتَهِدٍ دَلَّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ لِفَسَادِ ذَلِكَ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِمُتَعَدِّدٍ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ تَنَاقُضٌ لِأَنَّ وُجُوبَهُ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْحَاجَةِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُجْتَهِدِ عِنْدَ الْحَاجَةِ مَوْصُوفًا بِالصِّفَتَيْنِ أَعْنِي كَوْنَهُ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَكَوْنَهُ فَرْضَ عَيْنٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ عَلَى الْمُجْتَهِدِينَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُقَلِّدِينَ إذَا تَعَلَّقَ بِوَاجِبٍ وَكَذَا إذَا تَعَلَّقَ بِسُنَّةٍ وَأَرَادَ الْعَمَلَ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لَهُمْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فَرْضَ عَيْنٍ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ لِامْتِنَاعِ تَقْلِيدِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا تَأَمَّلْ سم
(قَوْلُهُ: أَيْ بِإِلْغَائِهِ) أَيْ بِإِلْغَاءِ تَأْثِيرِهِ وَإِنْ كَانَتْ ذَاتُهُ مَوْجُودَةً (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ ثُبُوتُ الْفَارِقِ إلَخْ) تَحْوِيلٌ لِلْعِبَارَةِ عَنْ ظَاهِرِهَا الْمُوهِمِ لِلْفَسَادِ لِاقْتِضَائِهِ عَوْدَ ضَمِيرِ كَانَ إلَى نَفْيِ الْفَارِقِ وَهُوَ فَاسِدٌ لِأَنَّ مَا كَانَ نَفْيُ الْفَارِقِ فِيهِ احْتِمَالًا ضَعِيفًا هُوَ الْخَفِيُّ لَا الْجَلِيُّ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا اهـ. نَجَّارِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فِي إلْغَاءِ الْفَارِقِ) أَيْ وَهُوَ الْمَسْلَكُ الْعَاشِرُ (قَوْلُهُ: فِي الْمَنْعِ مِنْ التَّضْحِيَةِ) أَيْ لَا حَتْمًا وَتَأْثِيرُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْعَمْيَاءَ تُرْشَدُ إلَى الْمَرْعَى الْجَيِّدِ فَتَرْعَى فَتَسْمَنُ وَالْعَوْرَاءُ يُوَكَّلُ أَمْرُهَا إلَى نَفْسِهَا وَهِيَ نَاقِصَةُ الْبَصَرِ فَلَا تَرْعَى فِي حَقِّ الرَّاعِي فَيَكُونُ الْعَوَرُ مَظِنَّةَ الْهُزَالِ وَبِهَذَا سَقَطَ قَوْلُ الْعِرَاقِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا الْمِثَالَ مِنْ قِسْمِ الْقَطْعِيِّ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا كَانَ احْتِمَالُ تَأْثِيرِ الْفَارِقِ فِيهِ قَوِيًّا) أَيْ وَكَانَ احْتِمَالُ نَفْيِ الْفَارِقِ أَقْوَى مِنْهُ لِيَصِحَّ الْقِيَاسُ وَقِيَاسُ مَا زَادَهُ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ فِي الْجَلِيِّ أَنْ يُزَادَ هَذَا أَوْ مَا كَانَ احْتِمَالُ تَأْثِيرِ الْفَارِقِ فِيهِ ضَعِيفًا أَوْ لَيْسَ بَعِيدًا كُلَّ الْبُعْدِ اهـ. زَكَرِيَّا (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ فِي الْمُثَقَّلِ) جَعَلَهُ كَشِبْهِ الْعَمْدِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُحَدَّدِ أَنَّ الْمُحَدَّدَ وَهُوَ الْمُفَرِّقُ لِلْأَجْزَاءِ آلَةٌ مَوْضُوعَةٌ لِلْقَتْلِ وَالْمُثَقَّلُ كَالْعِصِيِّ آلَةٌ مَوْضُوعَةٌ لِلتَّأْدِيبِ بِالْأَصَالَةِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُثَقَّلِ الْمُلْحَقُ بِالْمُحَدَّدِ مَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَالْحَجَرِ وَالدَّبُّوسِ الْكَبِيرَيْنِ وَالتَّحْرِيقِ وَهَدْمِ الْجِدَارِ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: أَيْ الَّذِي ذَكَرَهُ) يَعْنِي مَا قَطَعَ فِيهِ بِنَفْيِ الْفَارِقِ أَوْ كَانَ احْتِمَالًا ضَعِيفًا
فَلْيُتَأَمَّلْ (وَقِيَاسُ الْعِلَّةِ مَا صُرِّحَ فِيهِ بِهَا) كَأَنْ يُقَالَ يَحْرُمُ النَّبِيذُ كَالْخَمْرِ لِلْإِسْكَارِ (وَقِيَاسُ الدَّلَالَةِ مَا جُمِعَ فِيهِ بِلَازِمِهَا فَأَثَرِهَا فَحُكْمِهَا) الضَّمَائِرُ لِلْعِلَّةِ وَكُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ يَدُلُّ عَلَيْهَا وَكُلٌّ مِنْ الْآخَرِينَ مِنْهَا دُونَ مَا قَبْلَهُ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْفَاءُ مِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْ يُقَالَ النَّبِيذُ حَرَامٌ كَالْخَمْرِ بِجَامِعِ الرَّائِحَةِ الْمُشْتَدَّةِ وَهِيَ لَازِمَةٌ لِلْإِسْكَارِ وَمِثَالُ الثَّانِي أَنْ يُقَالَ الْقَتْلُ بِمُثَقَّلٍ يُوجِبُ الْقِصَاصَ كَالْقَتْلِ بِمُحَدَّدٍ بِجَامِعِ الْإِثْمِ وَهُوَ أَثَرُ الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ الْقَتْلُ الْعَمْدُ الْعُدْوَانُ وَمِثَالُ الثَّالِثِ أَنْ يُقَالَ تُقْطَعُ الْجَمَاعَةُ بِالْوَاحِدِ كَمَا يُقْتَلُونَ بِهِ بِجَامِعِ وُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ غَيْرَ عَمْدٍ وَهُوَ حُكْمُ الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ الْقَطْعُ مِنْهُمْ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَالْقَتْلُ مِنْهُمْ فِي الثَّانِيَةِ وَحَاصِلُ ذَلِكَ اسْتِدْلَالٌ بِأَحَدِ مُوجِبَيْ الْجِنَايَةِ مِنْ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ الْفَارِقُ بَيْنَهُمَا الْعَمْدُ عَلَى الْآخَرِ (وَالْقِيَاسُ فِي مَعْنَى الْأَصْلِ)
ــ
[حاشية العطار]
قَوْلُهُ: فَلْيُتَأَمَّلْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي صِدْقِهِ بِالْأَوْلَى خَفَاءً لِأَنَّ الْقَطْعَ بِنَفْيِ الْفَارِقِ أَوْ بِثُبُوتِهِ مَرْجُوحًا يَتَبَادَرُ مِنْهُ الْمُسَاوَاةُ إذْ قَوْلُك لَا فَارِقَ بَيْنَهُمَا غَايَتُهُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الْأَوْلَى فَوَجْهُ صِدْقِهِ بِالْأَوْلَى أَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِمَا سَوَاءٌ الْمُسَاوَاةُ فِي الْحُكْمِ أَيْ ثُبُوتِهِ لَا فِي عِلَّتِهِ فَقَدْ تَكُونُ هِيَ فِي الْفُرُوعِ أَقْوَى مِنْهَا فِي الْأَصْلِ وَإِنْ كَانَا سَوَاءً فِي أَصْلِ ثُبُوتِ الْحُكْمِ قَالَهُ النَّاصِرُ وَكَتَبَ سم بِهَامِشِ الْكَمَالِ وَجْهُ الْأَمْرِ بِالتَّأَمُّلِ خَفَاءُ صِدْقِهِ عَلَى الْأَوْلَى وَلِذَلِكَ جُعِلَ صِدْقُهُ بِالْمُسَاوِي أَمْرًا مُسَلَّمًا وَجُعِلَ مَحَلُّ الِاشْتِبَاهِ صِدْقَهُ بِالْأَوْلَى حَيْثُ قَالَ يَصْدُقُ بِالْأَوْلَى كَالْمُسَاوِي مَعَ أَنَّهُ كَانَ الْمُتَبَادَرُ عَكْسَهُ فَيُقَالُ يَصْدُقُ بِالْمُسَاوِي كَالْأَوْلَى لِأَنَّهُ يَتَبَادَرُ أَنَّ صِدْقَهُ بِالْأَوْلَى لَا اشْتِبَاهَ فِيهِ بِخِلَافِ صِدْقِهِ بِالْمُسَاوِي وَوَجْهُ خَفَاءِ الصِّدْقِ أَنَّ تَعْرِيفَهُ بِقَوْلِهِ قَطَعَ فِيهِ بِنَفْيِ الْفَارِقِ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ عَدَمُ صِدْقِهِ بِالْأَوْلَى لِلْقَطْعِ بِتَأْثِيرِ الْفَارِقِ فِيهِ وَلِذَا كَانَ ثُبُوتُ الْحُكْمِ فِيهِ أَوْلَى إلَّا أَنَّ تَأْثِيرَ الْفَارِقِ تَارَةً يُنَافِي الْحُكْمَ وَتَارَةً يُؤَكِّدُهُ وَيُفِيدُ أَوْلَوِيَّتَهُ وَوَجْهُ الصِّدْقِ أَنَّ الْمُرَادَ بِتَأْثِيرِ الْفَارِقِ نَفْيُ الْحُكْمِ لَا مُطْلَقًا فَهَذَا وَجْهُ الْأَمْرِ بِالتَّأَمُّلِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ الدَّلَالَةِ) أَيْ عَلَى الْعِلَّةِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَدُلُّ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ مَا جُمِعَ فِيهِ بِلَازِمِهَا أَيْ مَا كَانَ الْجَامِعُ فِيهِ بِلَازِمِهَا (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ الْقَطْعِ وَالْقَتْلِ (قَوْلُهُ: وَحَاصِلُ ذَلِكَ) أَيْ الثَّابِت قَالَ النَّجَّارِيُّ اعْلَمْ أَنَّ كُلًّا مِنْ قَتْلِ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ فِي الْعَمْدِ وَوُجُوبِ الدِّيَةِ بِقَطْعِهِ عَلَيْهِمْ فِي الْخَطَأِ أَمْرٌ ثَابِتٌ مَعْلُومٌ مِنْ الشَّرْعِ مُتَقَرِّرٌ فِيهِ وَأَمَّا قَطْعُ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ فَمَجْهُولٌ حُكْمُهُ مِنْ النُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ فَأُثْبِتَ بِمَعْلُومٍ وَهُوَ وُجُوبُ الدِّيَةِ عَلَيْهِ بِقَطْعِهِ فَلَا يُقَالُ الِاسْتِدْلَال بِأَحَدِ الْمُوجِبَيْنِ عَلَى الْآخَرِ تَحَكُّمٌ (قَوْلُهُ: اسْتِدْلَالٌ بِأَحَدِ مُوجِبَيْ الْجِنَايَةِ) أَيْ لِأَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِوُجُوبِ الدِّيَةِ حَيْثُ قَالَ بِجَامِعِ وُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَيْهِمْ عَلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ فِي مَعْنَى الْأَصْلِ) وَهُوَ الْمُسَمَّى بِإِلْغَاءِ الْفَارِقِ وَتَنْقِيحِ الْمَنَاطِ. اهـ. زَكَرِيَّا سم.
لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ تَسْمِيَةٌ اصْطِلَاحِيَّةٌ لَكِنْ يَنْبَغِي التَّأَمُّلُ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ لِتَظْهَرَ الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ فَيُحْتَاجُ أَنْ تَكُونَ لَفْظَةُ فِي مَحْمُولَةً فِيهَا عَلَى السَّبَبِيَّةِ وَلَفْظُ الْمَعْنَى مَحْمُولٌ عَلَى الْحِكْمَةِ، وَالْمَعْنَى وَالْقِيَاسُ بِسَبَبِ حِكْمَةِ الْأَصْلِ فِي الْفَرْعِ لِأَنَّ وُجُودَهَا فِيهِ مَظِنَّةُ وُجُودِ الْعِلَّةِ فَالْجَمْعُ فِي هَذَا الْقِيَاسِ مَظِنَّةُ الْعِلَّةِ لِدَلَالَتِهَا عَلَيْهَا فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ بِالْعِلَّةِ إلَّا أَنَّهُ أُقِيمَ فِيهِ مَظِنَّةُ الْعِلَّةِ مَقَامَهَا دَلَالَةً عَلَيْهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالْحِكْمَةُ) أَيْ حِكْمَةُ الْمَنْعِ هُنَا هِيَ إفْسَادُ الْمَاءِ بِاسْتِقْذَارِهِ أَوْ تَنَجُّسِهِ