المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الثالث من مسالك العلة الإيماء] - حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع - جـ ٢

[حسن العطار]

فهرس الكتاب

- ‌مَسْأَلَةٌ) فِي صِيَغِ الْعُمُومِ

- ‌(مَسْأَلَةٌ جَوَابُ السَّائِلِ غَيْرِ الْمُسْتَقِلِّ دُونَهُ)

- ‌(مَسْأَلَةٌ إنْ تَأَخَّرَ الْخَاصُّ عَنْ الْعَمَلِ) بِالْعَامِّ الْمُعَارِضِ لَهُ أَيْ عَنْ وَقْتِهِ

- ‌(الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ)

- ‌ الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ كَالْعَامِّ وَالْخَاصِّ)

- ‌(الظَّاهِرُ وَالْمُؤَوَّلُ)

- ‌(الْمُجْمَلُ)

- ‌(مَسْأَلَةٌ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ)

- ‌(النَّسْخُ)

- ‌(مَسْأَلَةٌ النَّسْخُ وَاقِعٌ عِنْدَ كُلِّ الْمُسْلِمِينَ)

- ‌(خَاتِمَةٌ لِلنَّسْخِ)

- ‌(الْكِتَابُ الثَّانِي فِي السُّنَّةِ)

- ‌[الْكَلَامُ فِي الْأَخْبَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْخَبَرُ إمَّا مَقْطُوعٌ بِكَذِبِهِ أَوْ اسْتِدْلَالًا]

- ‌مَسْأَلَةٌ خَبَرُ الْوَاحِدِ لَا يُفِيدُ إلَّا بِقَرِينَةٍ)

- ‌[مَسْأَلَة الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ]

- ‌(مَسْأَلَةُ الْإِخْبَارِ عَنْ) شَيْءٍ (عَامٍّ) لِلنَّاسِ (لَا تَرَافُعَ فِيهِ) إلَى الْحُكَّامِ

- ‌[مَسْأَلَة الشَّخْصُ الَّذِي يُسَمَّى صَحَابِيًّا]

- ‌(مَسْأَلَةٌ الْمُرْسَلُ قَوْلَ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ)

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَقْلِ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى لِلْعَارِفِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ) : (الصَّحِيحُ يُحْتَجُّ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ)

- ‌(خَاتِمَةٌ) (مُسْتَنَدُ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ) فِي الرِّوَايَةِ

- ‌(الْكِتَابُ الثَّالِثُ فِي الْإِجْمَاعِ) مِنْ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ

- ‌[اخْتِصَاصُ الْإِجْمَاعِ بِالْمُجْتَهِدِينَ]

- ‌ اخْتِصَاصُ الْإِجْمَاعِ (بِالْمُسْلِمِينَ)

- ‌[اخْتِصَاصُ الْإِجْمَاع بِالْعُدُولِ]

- ‌ الْإِجْمَاعُ (لَا يَخْتَصُّ بِالصَّحَابَةِ)

- ‌ الْإِجْمَاعَ (الْمَنْقُولَ بِالْآحَادِ)

- ‌[إجْمَاعَ الْأُمَمِ السَّابِقَة]

- ‌ الْإِجْمَاعُ (السُّكُوتِيُّ)

- ‌[التَّمَسُّكَ بِأَقَلَّ مَا قِيلَ فِي الْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الصَّحِيحُ إمْكَانُ الْإِجْمَاعِ]

- ‌ حُرْمَةِ خَرْقِ الْإِجْمَاعِ

- ‌(خَاتِمَةٌ: جَاحِدُ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ الْمَعْلُومِ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ)

- ‌(الْكِتَابُ الرَّابِعُ فِي) (الْقِيَاسِ) مِنْ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ

- ‌ الْقِيَاسُ (حُجَّةٌ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ)

- ‌ الْقِيَاسَ عَلَى مَنْسُوخٍ)

- ‌[أَرْكَانُ الْقِيَاسِ]

- ‌[الرُّكْن الْأَوَّلُ الْأَصْلُ]

- ‌(الثَّانِي) مِنْ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ (حُكْمُ الْأَصْلِ

- ‌(الثَّالِثُ) مِنْ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ (الْفَرْعُ

- ‌(الرَّابِعُ) مِنْ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ (الْعِلَّةُ)

- ‌ الْعِلَّةُ (الْقَاصِرَةُ)

- ‌ التَّعْلِيلُ بِمُجَرَّدِ الِاسْمِ

- ‌(التَّعْلِيلَ) لِلْحُكْمِ الْوَاحِدِ (بِعِلَّتَيْنِ) فَأَكْثَرَ

- ‌(لَا يُشْتَرَطُ) فِي الْعِلَّةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ (الْقَطْعُ بِحُكْمِ الْأَصْلِ)

- ‌[انْتِفَاءُ الْمُعَارِضِ لِلْعِلَّةِ]

- ‌[لِلْمُسْتَدِلِّ دَفْعُ الْمُعَارَضَةِ فِي الْعِلَّةِ]

- ‌(مَسَالِكُ الْعِلَّةِ)

- ‌(الْأَوَّلُ) مِنْهَا (الْإِجْمَاعُ)

- ‌(الثَّانِي) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (النَّصُّ الصَّرِيحُ)

- ‌[الثَّالِثُ مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ الْإِيمَاءُ]

- ‌(الرَّابِعُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (السَّبْرُ وَالتَّقْسِيمُ

- ‌(الْخَامِسُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (الْمُنَاسَبَةُ وَالْإِخَالَةُ)

- ‌(السَّادِسُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ مَا يُسَمَّى بِالشَّبَهِ

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُنَاسَبَةُ تَنْخَرِمُ بِمَفْسَدَةٍ تَلْزَمُ الْحُكْمَ رَاجِحَةٍ عَلَى مَصْلَحَتِهِ أَوْ مُسَاوِيَةٍ لَهَا]

- ‌(السَّابِعُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (الدَّوَرَانُ

- ‌(الثَّامِنُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (الطَّرْدُ

- ‌(التَّاسِعُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ

- ‌(الْعَاشِرُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (إلْغَاءُ الْفَارِقِ)

- ‌(خَاتِمَةٌ فِي نَفْيِ مَسْلَكَيْنِ ضَعِيفَيْنِ

- ‌(الْقَوَادِحُ)

- ‌[خَاتِمَةٌ] (الْقِيَاسُ مِنْ الدِّينِ)

- ‌(الْكِتَابُ الْخَامِسُ فِي الِاسْتِدْلَالِ

- ‌(مَسْأَلَةُ الِاسْتِقْرَاءِ بِالْجُزْئِيِّ عَلَى الْكُلِّيِّ)

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي الِاسْتِصْحَابِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ لَا يُطَالَبُ النَّافِيَ) لِلشَّيْءِ (بِالدَّلِيلِ) عَلَى انْتِفَائِهِ

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ كَانَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم مُتَعَبَّدًا قَبْلَ النُّبُوَّةِ بِشَرْعٍ]

- ‌(مَسْأَلَةُ حُكْمِ الْمَنَافِعِ وَالْمَضَارِّ قَبْلَ الشَّرْعِ)

- ‌(مَسْأَلَةُ الِاسْتِحْسَانِ

- ‌(مَسْأَلَةُ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ) الْمُجْتَهِدِ

- ‌(مَسْأَلَةُ الْإِلْهَامِ

- ‌[خَاتِمَةٌ مَبْنَى الْفِقْهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أُمُورٍ]

- ‌(الْكِتَابُ السَّادِسُ فِي التَّعَادُلِ وَالتَّرَاجِيحِ)

- ‌(مَسْأَلَةٌ يُرَجَّحُ بِعُلُوِّ الْإِسْنَادِ)

- ‌(الْكِتَابُ السَّابِعُ فِي الِاجْتِهَادِ) :

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُصِيبِ مِنْ الْمُخْتَلِفِينَ فِي الْعَقْلِيَّاتِ وَاحِدٌ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الَّتِي لَا قَاطِعَ فِيهَا مِنْ مَسَائِلِ الْفِقْهِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ فِي الِاجْتِهَادِيَّاتِ)

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى لِنَبِيٍّ أَوْ عَالِمٍ عَلَى لِسَانِ نَبِيٍّ اُحْكُمْ بِمَا تَشَاءُ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ]

- ‌(مَسْأَلَةُ التَّقْلِيدِ

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَكَرَّرَتْ الْوَاقِعَةُ لِلْمُجْتَهِدِ وَتَجَدَّدَ لَهُ مَا يَقْتَضِي الرُّجُوعَ عَمَّا ظَنَّهُ فِيهَا أَوَّلًا وَلَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لِلدَّلِيلِ الْأَوَّلِ]

- ‌(مَسْأَلَةُ تَقْلِيدِ الْمَفْضُولِ)

- ‌(مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ لِلْقَادِرِ عَلَى التَّفْرِيعِ وَالتَّرْجِيحِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا)

- ‌ التَّقْلِيدِ فِي أُصُولِ الدِّينِ)

- ‌[خَاتِمَةٌ فِي مَبَادِئِ التَّصَوُّفِ الْمُصَفِّي لِلْقُلُوبِ]

الفصل: ‌[الثالث من مسالك العلة الإيماء]

إنَّهَا فِي ذَلِكَ فِي الْوَصْفِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الرَّاوِيَ يَحْكِي مَا كَانَ فِي الْوُجُودِ لَمْ يُرِدْ بِالْوَصْفِ فِيهِ الْوَصْفُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ كَمَا فِي الْأَوَّلِ فَالْفَاءُ فِيمَا ذُكِرَ لِلسَّبَبِيَّةِ الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى الْعِلِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ الْمَذْكُورَاتُ مِنْ الصَّرِيحِ لِمَجِيئِهَا لِغَيْرِ التَّعْلِيلِ كَالْعَاقِبَةِ فِي اللَّامِ وَالتَّعْدِيَةِ فِي الْبَاءِ وَمُجَرَّدِ الْعَطْفِ فِي الْفَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَبْحَثِ الْحُرُوفِ (وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الظَّاهِرِ (إنَّ) الْمَكْسُورَةُ الْمُشَدَّدَةُ نَحْوُ {رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا - إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ} [نوح: 26 - 27] الْآيَةَ (وَإِذْ) نَحْوُ ضَرَبْت الْعَبْدَ إذْ أَسَاءَ أَيْ لِإِسَاءَتِهِ (وَمَا مَضَى فِي الْحُرُوفِ) أَيْ مَبْحَثِهَا مِمَّا يَرِدُ لِلتَّعْلِيلِ غَيْرُ الْمَذْكُورِ هُنَا، وَهُوَ بَيْدَ وَحَتَّى وَعَلَى، وَفِي وَمِنْ فَلْتُرَاجَعْ، وَإِنَّمَا فَصَلَ هَذَا عَمَّا قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ وَمِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ الْأُصُولِيُّونَ وَاحْتِمَالُ إنَّ لِغَيْرِ التَّعْلِيلِ كَأَنْ تَكُونَ لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ كَمَا تَكُونُ إذْ وَمَا مَضَى لِغَيْرِ التَّعْلِيلِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَبْحَثِ الْحُرُوفِ.

(الثَّالِثُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ

ــ

[حاشية العطار]

دُونَ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْفَاءَ لِلتَّعْقِيبِ، وَدَلَالَتُهُ عَلَى الْعِلِّيَّةِ اسْتِدْلَالِيَّةٌ، وَمِنْهَا مَا دَخَلَ فِيهِ الْفَاءُ فِي لَفْظِ الرَّاوِي مِثْلُ سَهَا فَسَجَدَ وَزَنَى مَاعِزٌ فَرُجِمَ، وَهَذَا دُونَ مَا قَبْلَهُ لِاحْتِمَالِ الْغَلَطِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَنْفِي الظُّهُورَ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: إنَّهَا فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي كَلَامِ الرَّاوِي الْفَقِيهِ فِي الْوَصْفِ فَقَطْ أَيْ دُونَ الْحُكْمِ بِخِلَافِهَا فِي كَلَامِ الشَّارِعِ فَإِنَّهَا فِيهِ قَدْ تَكُونُ فِي الْحُكْمِ كَمَا فِي فَاقْطَعُوا؛ لِأَنَّهَا صِيغَةُ إيجَابٍ اهـ. نَاصِرٌ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يُرِدْ بِالْوَصْفِ إلَخْ) أَيْ بَلْ أَرَادَ بِهِ مُتَعَلِّقَ الْحُكْمِ، وَهُوَ السُّجُودُ الْمَأْخُوذُ مِنْ فَسَجَدَ؛ لِأَنَّ الرَّاوِيَ بِصَدَدِ وَصْفِ أَيْ حِكَايَةِ مَا وَقَعَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم بِحَسَبِ الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ فَهُوَ مَحْسُوسٌ بِخِلَافِ الْحُكْمِ نَفْسِهِ الَّذِي هُوَ النَّدْبُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَحْسُوسٍ وَأَوْرَدَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ كَيْفَ عُمِلَ بِقَوْلِ الرَّاوِي سَهَا فَسَجَدَ وَنَحْوِهِ مَعَ أَنَّهُ إذَا قَالَ هَذَا مَنْسُوخٌ لَا يُعْمَلُ بِهِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ عَنْ اجْتِهَادٍ.

وَأَجَابَ بِأَنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ فَهْمِ الْأَلْفَاظِ لُغَةً لَا يُرْجَعُ فِيهِ لِلِاجْتِهَادِ بِخِلَافِ نَحْوِ هَذَا مَنْسُوخٌ؛ وَلِهَذَا إذَا قَالَ أَمَرَ صلى الله عليه وسلم بِكَذَا أَوْ نَهَى عَنْ كَذَا يُعْمَلُ بِهِ حَمْلًا عَلَى الرَّفْعِ لَا عَلَى الِاجْتِهَادِ وَمَنْ مَنَعَ فِي هَذَا إنَّمَا قَالَ يَحْتَمِلُ الْخُصُوصِيَّةَ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَالْفَاءُ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ لِلسَّبَبِيَّةِ الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى الْعِلِّيَّةِ فَفِي الْأَخِيرِ مَثَلًا الْمَعْنَى فَبِسَبَبِ سَهْوِهِ سَجَدَ.

وَفِي ذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَلَى رَدِّ اعْتِرَاضِ الْعِرَاقِيِّ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الْبَيْضَاوِيَّ جَعَلَ الْفَاءَ مُطْلَقًا مِنْ قَبِيلِ الْإِيمَاءِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صَحِيحٌ، وَلَا مُشَاحَّةَ فِي الِاصْطِلَاحِ مَعَ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ التَّابِعُ لِابْنِ الْحَاجِبِ أَقْعَدُ مِنْ قَوْلِ الْبَيْضَاوِيِّ التَّابِعِ لِلْمَحْصُولِ اهـ. زَكَرِيَّا.

وَعِبَارَةُ الْبَيْضَاوِيِّ فِي مِنْهَاجِهِ هَكَذَا الثَّانِي الْإِيمَاءُ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ الْأَوَّلُ - تَرَتُّبُ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ بِالْفَاءِ، وَتَكُونُ فِي الْوَصْفِ أَوْ فِي الْحُكْمِ إمَّا فِي لَفْظِ الشَّارِعِ أَوْ فِي لَفْظِ الرَّاوِي، مِثْلُ السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ، «لَا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا» ، زَنَى مَاعِزٌ فَرُجِمَ، وَوَفَّقَ بَعْضُ شُرَّاحِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ الْحَاجِبِ بِأَنَّهُ لَمَّا احْتَاجَتْ دَلَالَةُ الْفَاءِ عَلَى الْعِلِّيَّةِ إلَى النَّظَرِ لَمْ تَكُنْ وَضْعِيَّةً صِرْفَةً؛ فَلِذَا جَعَلَهَا مِنْ الْإِيمَاءِ وَلَمَّا دَلَّتْ عَلَى التَّرْتِيبِ بِالْوَضْعِ جَعَلَهَا غَيْرَهُ مِنْ أَقْسَامِ مَا يَدُلُّ بِوَضْعِهِ اهـ.

وَطَرِيقُ النَّظَرِ أَنْ يُقَالَ: الْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ أَنْ يَثْبُتَ الْحُكْمُ عَقِيبَ مَا رَتَّبَ عَلَيْهِ فَتَلْزَمُ سَبَبِيَّتُهُ لِلْحُكْمِ إذْ لَا تَعْنِي بِهَا سِوَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ:، وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ الْمَذْكُورَاتُ) أَيْ مِنْ اللَّامِ وَالْبَاءِ وَالْفَاءِ (قَوْلُهُ: لِمَجِيئِهَا لِغَيْرِ التَّعْلِيلِ) يَرِدُ عَلَيْهِ كَيْ فَإِنَّهَا تَأْتِي لِغَيْرِهِ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يُبَالِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَجِيئَهَا قَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى الْمَقْدُورِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى التَّعْلِيلِ وَقَوْلُهُ وَالتَّعْدِيَةُ فِي الْبَاءِ اللَّائِقُ بِتَمْثِيلِهِ لِلْبَاءِ أَنْ يُقَالَ: وَالْمُقَابَلَةُ؛ لِأَنَّهَا فِي مِثَالِهِ مُحْتَمَلَةٌ احْتِمَالًا مَرْجُوحًا وَالْبَعْدِيَّةُ غَيْرُ مُحْتَمَلَةٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ الْأُصُولِيُّونَ) أَيْ مُتَقَدِّمُوهُمْ فَلَا يُنَافِي ذِكْرَ بَعْضِ مُتَأَخِّرِيهِمْ أَنَّ مِنْ الْمَسَالِكِ قِيلَ وَعَدَمُ ذِكْرِهِ هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ هَذِهِ فِي التَّعْلِيلِ إنَّمَا يَكُونُ لِقَرِينَةٍ فَلَا يَصْدُقُ تَعْرِيفُ الظَّاهِرِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَا دَلَّ دَلَالَةً ظَنِّيَّةً أَيْ ظَاهِرَةً بِطَرِيقِ الْوَضْعِ كَالْأَسَدِ أَوْ الْعُرْفِ كَالْغَائِطِ بِأَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا لِذَلِكَ الْمَعْنَى الرَّاجِحِ لُغَةً أَوْ عُرْفًا، وَمَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَرِينَةِ مُؤَوَّلٌ (قَوْلُهُ: وَاحْتِمَالُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ كَأَنْ يَكُونَ.

[الثَّالِثُ مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ الْإِيمَاءُ]

(قَوْلُهُ: الْإِيمَاءُ) أَيْ مِنْ الشَّارِعِ إلَى الْعِلَّةِ فَتَفْسِيرُهُ بِقَوْلِهِ، وَهُوَ اقْتِرَانُ إلَخْ

ص: 308

(الْإِيمَاءُ)، وَهُوَ اقْتِرَانُ الْوَصْفِ الْمَلْفُوظِ قِيلَ: أَوْ الْمُسْتَنْبَطِ بِحُكْمٍ، وَلَوْ كَانَ الْحُكْمُ (مُسْتَنْبَطًا) كَمَا يَكُونُ مَلْفُوظًا (لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلتَّعْلِيلِ هُوَ) أَيْ الْوَصْفُ (أَوْ نَظِيرُهُ) لِنَظِيرِ الْحُكْمِ حَيْثُ يُشَارُ بِالْوَصْفِ وَالْحُكْمِ إلَى نَظِيرِهِمَا أَيْ لَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ اقْتِرَانِهِ بِالْحُكْمِ لِتَعْلِيلِ الْحُكْمِ بِهِ (كَانَ) ذَلِكَ الِاقْتِرَانُ (بَعِيدًا) مِنْ الشَّارِعِ لَا يَلِيقُ بِفَصَاحَتِهِ وَإِتْيَانِهِ بِالْأَلْفَاظِ فِي مَوَاضِعِهَا (كَحُكْمِهِ) أَيْ الشَّارِعِ (بَعْدَ سَمَاعِ وَصْفٍ) كَمَا فِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ «وَاقَعْت أَهْلِي فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَقَالَ: أَعْتِقْ رَقَبَةً» إلَخْ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ فَأَمْرُهُ بِالْإِعْتَاقِ عِنْدَ ذِكْرِ الْوِقَاعِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عِلَّةٌ لَهُ

ــ

[حاشية العطار]

تَفْسِيرٌ بِاللُّزُومِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ إيمَاءِ الشَّارِعِ الِاقْتِرَانُ وَفِي الْحَقِيقَةِ الِاقْتِرَانُ صِفَةٌ لِلْوَصْفِ (قَوْلُهُ: الْمَلْفُوظِ) أَيْ الْمُصَرَّحِ بِعِلِّيَّتِهِ، وَإِنْ احْتَاجَ لِتَقْدِيرٍ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْحُكْمُ مُسْتَنْبَطًا) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْغَايَةَ رَاجِعَةٌ لِمَا قَبْلَ قَوْلِهِ، وَقِيلَ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى رُجُوعِهِ لِقَوْلِهِ، وَقِيلَ إنَّ التَّعْرِيفَ شَامِلٌ لِمَا لَيْسَ بِإِيمَاءٍ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْحُكْمِ وَالْوَصْفِ مُسْتَنْبَطًا فَيَكُونُ غَيْرَ مَانِعٍ، وَقَوْلُهُ بِحُكْمٍ أَيْ مَلْفُوظٍ أَوْ مُسْتَنْبَطٍ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ مُسْتَنْبَطًا فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ وَالْحُكْمَ إمَّا مَلْفُوظَانِ أَوْ مُسْتَنْبَطَانِ أَوْ الْوَصْفُ مَلْفُوظٌ وَالْحُكْمُ مُسْتَنْبَطٌ وَعَكْسُهُ وَلَكِنْ إذَا كَانَ الْوَصْفُ وَالْحُكْمُ مُسْتَنْبَطَيْنِ يَكُونُ لَيْسَ بِإِيمَاءٍ (قَوْلُهُ: أَوْ نَظِيرُهُ) أَيْ نَظِيرُ الْوَصْفِ إنْ كَانَ نَظِيرٌ فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ (قَوْلُهُ حَيْثُ يُشَارُ إلَخْ) أَيْ، وَإِنَّمَا يُلْتَفَتُ لِلنَّظِيرِ حَيْثُ يُشَارُ، وَإِلَّا اقْتَصَرَ عَلَى الْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ اقْتِرَانُهُ) فَالضَّمِيرُ لِلْوَصْفِ مِنْ حَيْثُ اقْتِرَانُهُ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ (قَوْلُهُ: لِتَعْلِيلِ الْحُكْمِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ أَلْ مِنْ قَوْلِهِ لِلتَّعْلِيلِ عِوَضٌ عَنْ الضَّمِيرِ الرَّابِطِ وَقَوْلُهُ لِتَعْلِيلِ الْحُكْمِ بِهِ أَيْ بِالْوَصْفِ أَيْ أَوْ بِنَظِيرِ الْوَصْفِ مِنْ حَيْثُ اقْتِرَانُهُ بِنَظِيرِ الْحُكْمِ، وَلَكِنَّ الِاقْتِرَانَ فِي الْحُكْمِ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ، وَفِي نَظِيرِ الْحُكْمِ مُقَدَّرٌ مُشَارٌ إلَيْهِ فَالِاقْتِرَانُ فِيهِ حُكْمِيٌّ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ أَوَّلًا فَانْدَفَعَ بَحْثُ النَّاصِرِ (قَوْلُهُ: كَانَ ذَلِكَ الِاقْتِرَانُ بَعِيدًا) بَحَثَ فِيهِ سم فِيمَا كَتَبَهُ بِهَامِشِ الْكَمَالِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ بِفَصَاحَةِ الشَّارِعِ وَوَضْعِهِ الْأَلْفَاظَ فِي مَحَلِّهَا أَنْ لَا يَأْتِيَ بِلَفْظٍ إلَّا لِفَائِدَةٍ مُعْتَبَرَةٍ وَالْفَائِدَةُ الْمَذْكُورَةُ لَمْ تَنْحَصِرْ فِي التَّعْلِيلِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْفَائِدَةُ بَيَانَ مَحَلِّ الْحُكْمِ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّ هَذَا خِلَافُ الظَّاهِرِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَإِنْ سَلِمَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ لَمْ يَسْلَمْ فِي جَمِيعِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: كَحُكْمِهِ) أَيْ كَالِاقْتِرَانِ الْحَاصِلِ فِي حُكْمِهِ بَعْدَ إلَخْ، وَكَذَا يُقَدَّرُ فِي الْبَاقِي؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّمْثِيلُ إلَى الْإِيمَاءِ ثُمَّ إنَّ هَذِهِ الْكَافَ مَعَ الْكَافَاتِ الْمَعْطُوفَةِ عَلَيْهَا لِلِاسْتِقْصَاءِ بِالنَّظَرِ إلَى الْإِيمَاءِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَلِلتَّمْثِيلِ بِالنَّظَرِ إلَى مُطْلَقِ الْإِيمَاءِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُحْمَلُ حَصْرُ مَنْ حَصَرَ الْإِيمَاءَ فِي مَدْخُولَاتِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِإِعَادَةِ الْكَافِ فِي الْأَمْثِلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا (قَوْلُهُ: فَقَالَ أَعْتِقْ رَقَبَةً) فَوُجُوبُ الْإِعْتَاقِ حُكْمٌ قَارَنَ وَصْفًا، وَهُوَ الْوِقَاعُ (قَوْلُهُ: فَأَمْرُهُ) أَيْ فَالِاقْتِرَانُ الَّذِي تَضَمَّنَهُ أَمْرُهُ

ص: 309

وَإِلَّا لَخَلَا السُّؤَالُ عَنْ الْجَوَابِ وَذَلِكَ بَعِيدٌ فَيُقَدَّرُ السُّؤَالُ فِي الْجَوَابِ؛ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَاقَعْتَ فَأَعْتِقْ (وَكَذِكْرِهِ فِي الْحُكْمِ وَصْفًا لَوْ لَمْ يَكُنْ عِلَّةً) لَهُ (لَمْ يُفِدْ) ذِكْرُهُ كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا يَحْكُمُ أَحَدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَهُوَ غَضْبَانُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَتَقْيِيدُهُ الْمَنْعَ مِنْ الْحُكْمِ بِحَالَةِ الْغَضَبِ الْمُشَوِّشِ لِلْفِكْرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عِلَّةٌ لَهُ، وَإِلَّا لَخَلَا ذِكْرُهُ عَنْ الْفَائِدَةِ وَذَلِكَ بَعِيدٌ (وَكَتَفْرِيقِهِ بَيْنَ حُكْمَيْنِ بِصِفَةٍ مَعَ ذِكْرِهِمَا أَوْ ذِكْرِ أَحَدِهِمَا) فَقَطْ مِثَالُ الْأَوَّلِ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّجُلِ أَيْ صَاحِبِهِ سَهْمًا» فَتَفْرِيقُهُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ بِهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِعِلِّيَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا

ــ

[حاشية العطار]

قَوْلُهُ:، وَإِلَّا لَخَلَا السُّؤَالُ إلَخْ) جَعَلَهُ سُؤَالًا بِاعْتِبَارِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سُؤَالًا بِحَسَبِ الصُّورَةِ قَالَ النَّاصِرُ، وَهَذِهِ اللَّامُ تَقَعُ فِي جَوَابِ إنْ الشَّرْطِيَّةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِينَ كَثِيرًا سَهْوًا وَتَوَهُّمًا أَنَّهَا فِي جَوَابِ لَوْ (قَوْلُهُ: فَيُقَدَّرُ السُّؤَالُ إلَخْ) الدَّاعِي إلَى هَذَا التَّقْدِيرِ تَحَقُّقُ الِاقْتِرَانِ بَيْنَ الْوَصْفِ وَالْحُكْمِ فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ إذْ الِاقْتِرَانُ بَيْنَهُمَا فِي كَلَامَيْنِ غَيْرُ مَعْقُولٍ وَجَعَلَهُ مَلْفُوظًا بِعِلِّيَّتِهِ حِينَئِذٍ مِنْ حَيْثُ وُقُوعُهُ فِي هَذَا الْمَسْلَكِ.

(قَوْلُهُ: فِي الْحُكْمِ) أَيْ مَعَهُ أَوْ فِي مُتَعَلَّقِهِ (قَوْلُهُ: يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْغَضَبَ عِلَّةٌ لَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ تَشْوِيشُ الْفِكْرِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَضَبِ هُنَا لَازِمُهُ، وَهُوَ تَشْوِيشُ الْفِكْرِ فَالْوَصْفُ كَاشِفٌ وَالْحِكْمَةُ خَوْفُ الْمَيْلِ فِي الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: وَكَتَفْرِيقِهِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ إلَى فَاعِلِهِ وَالضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى الشَّارِعِ وَالْمُرَادُ بِتَفْرِيقِهِ فَرَّقَهُ وَبِالصِّفَةِ الصِّفَةُ الْأُصُولِيَّةُ، وَهِيَ اللَّفْظُ الْمُقَيِّدُ لِغَيْرِهِ وَلَيْسَ غَايَةً، وَلَا شَرْطًا، وَلَا اسْتِثْنَاءً وَالْمُرَادُ جِنْسُ الصِّفَةِ فَإِنَّ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ تَفْرِيقًا بَيْنَ صِفَتَيْنِ وَأَمَّا الثَّانِي، وَهُوَ لَا يَرِثُ الْقَاتِلُ إلَخْ، فَفِيهِ صِفَةٌ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ:، وَإِلَّا خَلَا ذِكْرُهُ إلَخْ) عَلَيْهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُهُ لِإِفَادَةِ مَحَلِّ الْحُكْمِ أَيْ صَاحِبُهُ قَدَّرَ ذَلِكَ إلَخْ لِيَكُونَ الثَّلَاثَةُ لِصَاحِبِ الْفَرَسِ، وَإِلَّا فَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ فَرَسٌ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ) ، وَهُمَا جَعْلُ سَهْمٍ وَجَعْلُ سَهْمَيْنِ وَقَوْلُهُ بِهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ هُمَا الرَّجُلِيَّةُ وَالْفَرَسِيَّةُ أَيْ هَذَا الْمَفْهُومُ لَا نَفْسُ الرَّجُلِ وَالْفَرَسِ فَإِنَّهُمَا لَقَبَانِ لَا مَدْخَلَ لِلتَّسْمِيَةِ بِهِمَا فِي الْحُكْمَيْنِ ثُمَّ أَصْلُ الِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَنَا مَعَاشِرَ الشَّافِعِيَّةِ مَنُوطٌ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ: إمَّا بِالْقِتَالِ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ بِنِيَّتِهِ وَإِمَّا بِالْحُضُورِ بِنِيَّةِ الْقِتَالِ، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ، وَأَمَّا خُصُوصُ كَوْنِهِ لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ فَعِلَّتُهُ الْفَرَسِيَّةُ وَالرَّجْلِيَّةُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ، وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ فَانْدَفَعَ قَوْلُ النَّاصِرِ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَيْسَ عِلَّةً لِمَا ذُكِرَ بَلْ الْعِلَّةُ الْقِتَالُ.

(قَوْلُهُ: لَوْ لَمْ يَكُنْ لِعِلَّتِهِ إلَخْ) لَمْ يُبْرِزْ هُنَا ضَمِيرَ يَكُنْ؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ صِفَةٌ لِوَصْفًا فَهِيَ جَارِيَةٌ عَلَى مَا هِيَ صِفَةٌ لَهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ سَابِقًا هُوَ أَوْ نَظِيرُهُ؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ هُنَاكَ صِفَةٌ

ص: 310

لَكَانَ بَعِيدًا.

وَمِثْلُ الثَّانِي حَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ «الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ» أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِهِ الْمَعْلُومِ إرْثُهُ فَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ عَدَمِ الْإِرْثِ الْمَذْكُورِ وَبَيْنَ الْإِرْثِ الْمَعْلُومِ بِصِفَةِ الْقَتْلِ الْمَذْكُورِ مَعَ عَدَمِ الْإِرْثِ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِعِلِّيَّتِهِ لَهُ لَكَانَ بَعِيدًا (أَوْ) تَفْرِيقِهِ بَيْنَ حُكْمَيْنِ (بِشَرْطٍ أَوْ غَايَةٍ أَوْ اسْتِثْنَاءٍ أَوْ اسْتِدْرَاكٍ) مِثَالُ الشَّرْطِ حَدِيثُ مُسْلِمٍ «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» فَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ مَنْعِ الْبَيْعِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مُتَفَاضِلًا وَبَيْنَ جَوَازِهِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِعِلِّيَّةِ الِاخْتِلَافِ لِلْجَوَازِ لَكَانَ بَعِيدًا، وَمِثَالُ الْغَايَةِ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] أَيْ فَإِذَا طَهُرْنَ فَلَا مَنْعَ مِنْ قُرْبَانِهِنَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ عَقِبَهُ {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} [البقرة: 222] بَيْنَ الْمَنْعِ مِنْ قُرْبَانِهِنَّ فِي الْحَيْضِ وَبَيَّنَ جَوَازِهِ فِي الطُّهْرِ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِعِلِّيَّةِ الطُّهْرِ لِلْجَوَازِ لَكَانَ بَعِيدًا، وَمِثَالُ الِاسْتِثْنَاءِ قَوْله تَعَالَى {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلا أَنْ يَعْفُونَ} [البقرة: 237] أَيْ الزَّوْجَاتُ عَنْ ذَلِكَ النِّصْفِ فَلَا شَيْءَ لَهُنَّ فَتَفْرِيقُهُ بَيْنَ ثُبُوتِ النِّصْفِ لَهُنَّ وَبَيْنَ انْتِفَائِهِ عِنْدَ عَفْوِهِنَّ عَنْهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِعِلِّيَّةِ الْعَفْوِ لِلِانْتِفَاءِ لَكَانَ بَعِيدًا وَمِثَالُ الِاسْتِدْرَاكِ قَوْله تَعَالَى {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ} [المائدة: 89] فَتَفْرِيقُهُ بَيْنَ عَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ بِالْأَيْمَانِ وَبَيْنَ الْمُؤَاخَذَةِ بِهَا عِنْدَ تَعْقِيدِهَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لِعِلِّيَّةِ التَّعْقِيدِ لِلْمُؤَاخَذَةِ لَكَانَ بَعِيدًا (وَكَتَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ) نَحْوُ أَكْرِمْ الْعُلَمَاءَ فَتَرْتِيبُ الْإِكْرَامِ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِعِلِّيَّةِ الْعِلْمِ لَهُ لَكَانَ بَعِيدًا (وَكَمَنْعِهِ) أَيْ الشَّارِعِ

ــ

[حاشية العطار]

لِحُكْمٍ فَهِيَ جَارِيَةٌ عَلَى غَيْرِ مَا هِيَ صِفَةٌ لَهُ؛ فَلِذَلِكَ أَبْرَزَهُ عَلَى أَنَّ هُوَ أَيْضًا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَأْكِيدًا لِلْمُسْتَتِرِ لِيَصِحَّ عَطْفُ نَظِيرِهِ عَلَيْهِ قَالَهُ النَّاصِرُ (قَوْلُهُ: فَكَانَ بَعِيدًا) أَيْ لَكَانَ التَّفْرِيقُ مِنْ حَيْثُ تَضَمُّنُهُ الِاقْتِرَانَ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بِصِفَةِ الْقَتْلِ) لَمْ يَقُلْ هُنَا بِهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ الْقَتْلِ وَعَدَمِهِ إذْ عَدَمُهُ لَيْسَ عَمَلُهُ لِلْإِرْثِ بَلْ عِلَّتُهُ النَّسَبُ أَوْ السَّبَبُ قَالَهُ النَّاصِرُ (قَوْلُهُ: لِعِلِّيَّتِهِ) أَيْ لِعِلِّيَّةِ الْقَتْلِ لِعَدَمِ الْإِرْثِ وَقَوْلُهُ بَعِيدًا أَيْ عَنْ الْفَصَاحَةِ وَالْبَلَاغَةِ حَيْثُ يَذْكُرْ شَيْئًا لِغَيْرِ حُكْمِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ شَرْطٌ إلَخْ) فَصَّلَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ الصِّفَةِ الْأُصُولِيَّةِ قَوْلُهُ «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ» إلَخْ مَوْضِعُ التَّمْثِيلِ مِنْ الْحَدِيثِ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ إلَخْ قَوْلُهُ «مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ» الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِلتَّأْكِيدِ أَوْ الْأَوَّلُ فِي الْمَكِيلِ، وَالثَّانِي فِي الْمَوْزُونِ أَوْ عَكْسُهُ وَقَوْلُهُ يَدًا بِيَدٍ أَيْ مُقَابَضَةً وَيَلْزَمُهُ الْحُلُولُ (قَوْلُهُ: فَالتَّفْرِيقُ) أَيْ فَالِاقْتِرَانُ الَّذِي تَضَمَّنَهُ التَّفْرِيقُ (قَوْلُهُ: مَنْعِ الْبَيْعِ) أَيْ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مِثْلًا بِمِثْلٍ» إلَخْ (قَوْلُهُ: مُتَفَاضِلًا) حَالٌ مِنْ الْبَيْعِ بِمَعْنَى الْمَبِيعِ أَوْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ وَصْفِ الشَّيْءِ بِحَالِ مُتَعَلَّقِهِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ فَإِذَا طَهُرْنَ) التَّفْرِيقُ بِالْغَايَةِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ مَفْهُومِهَا إذْ هِيَ نَفْسُهَا لَا يَحْصُلُ بِهَا تَفْرِيقٌ فَتَقْدِيرُ الشَّرْطِ إنَّمَا هُوَ لِبَيَانِ مَفْهُومِهَا وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ، تَنْبِيهًا عَنْ أَنَّ الشَّرْطَ مُقَدَّرٌ فَلَا يَرِدُ قَوْلُ النَّاصِرِ إنَّ تَقْدِيرَ الشَّرْطِ يُخْرِجُهُ عَنْ الْغَايَةِ إلَى التَّفْرِيقِ بِالشَّرْطِ، وَلَا قَوْلُ الشِّهَابِ هَلَّا كَانَ التَّفْرِيقُ بِالشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتِمُّ عَلَى اعْتِبَارِ تَقْدِيرِهِ، وَلَوْ سُلِّمَ فَلَا مَانِعَ مِنْ اعْتِبَارِهِ أَيْضًا لَكِنَّهُمْ سَلَكُوا الْأَوَّلَ لِأَجْلِ التَّمْثِيلِ بِالْغَايَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْحَيْضِ) الْأَوْلَى قَبْلَ الطُّهْرِ اهـ. زَكَرِيَّا؛ لِأَنَّهُ إذَا انْقَطَعَ حَيْضُهَا، وَلَمْ تَطْهُرْ بِالِاغْتِسَالِ لَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ قَوْلُهُ {إِلا أَنْ يَعْفُونَ} [البقرة: 237] الْوَاوُ لَامُ الْكَلِمَةِ وَالنُّونُ لِلنِّسْوَةِ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ وَنُونُ النِّسْوَةِ فَاعِلٌ خِلَافًا لِبَعْضِ مَنْ جَعَلَ النُّونَ نُونَ الرَّفْعِ وَالْوَاوَ فَاعِلًا تَعُودُ عَلَى الْأَزْوَاجِ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ فَسَادٌ فِي اللَّفْظِ مِنْ حَيْثُ إبْطَالُ عَمَلِ النَّاصِبِ، وَهُوَ أَنْ، وَفِي الْمَعْنَى أَيْضًا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ لَهُنَّ) أَيْ مِنْ نِصْفٍ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَتَفْرِيقُهُ بَيْنَ عَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ) بِالْأَيْمَانِ الَّتِي هِيَ لَغْوٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الْوَصْفِ)

ص: 311

(مِمَّا قَدْ يُفَوِّتُ الْمَطْلُوبَ) نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] فَالْمَنْعُ مِنْ الْبَيْعِ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ الَّذِي قَدْ يُفَوِّتُهَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لِمَظِنَّةِ تَفْوِيتِهَا لَكَانَ بَعِيدًا.

وَهَذِهِ أَمْثِلَةٌ لِمَا اُتُّفِقَ عَلَى أَنَّهُ إيمَاءٌ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ وَالْحُكْمُ مَلْفُوظَيْنِ، وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهَا تَقْدِيرٌ وَعَكْسُ هَذَا الْقِسْمُ لَيْسَ بِإِيمَاءٍ قَطْعًا، وَفِي الْوَصْفِ الْمَلْفُوظِ وَالْحُكْمِ الْمُسْتَنْبَطِ وَعَكْسِهِ، وَفِي أَكْثَرِ الْعِلَلِ خِلَافٌ مُخْتَلِفُ التَّرْجِيحِ كَمَا أَفَادَتْهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ قِيلَ: إنَّهَا إيمَاءٌ تَنْزِيلًا لِلْمُسْتَنْبَطِ مَنْزِلَةَ الْمَلْفُوظِ فَيُقَدَّمَانِ عِنْدَ التَّعَارُضِ عَلَى الْمُسْتَنْبَطِ بِلَا إيمَاءٍ، وَقِيلَ لَيْسَا إيمَاءً وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْأَوَّلَ إيمَاءٌ لِاسْتِلْزَامِ الْوَصْفِ لِلْحُكْمِ

ــ

[حاشية العطار]

أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْوَصْفُ مُنَاسِبًا أَوْ لَا وَهُوَ مُخْتَارُ الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيِّ وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَوْ قِيلَ: أَكْرِمْ الْجَاهِلَ وَأَهِنْ الْعَالِمَ نُسِبَ إلَى الْقُبْحِ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِمُجَرَّدِ الْأَمْرِ بِإِكْرَامِ الْجَاهِلِ وَإِهَانَةِ الْعَالِمِ فَإِنَّهُ قَدْ يَحْسُنُ لِشَرَفِ الْجَاهِلِ بِنَسَبٍ أَوْ شَجَاعَةٍ مَثَلًا وَلِفِسْقِ الْعَالِمِ وَخُبْثِهِ وَدَنَاءَةِ نَفْسِهِ وَحَسَبِهِ فَالِاسْتِقْبَاحُ لِسَبْقِ التَّعْلِيلِ إلَى الْفَهْمِ مِنْ جَعْلِ الْجَهْلِ عِلَّةً لِلْإِكْرَامِ وَالْعِلْمِ عِلَّةً لِلْإِهَانَةِ فَمُطْلَقُ التَّرْتِيبِ مُفِيدٌ لِعِلِّيَّةِ الْوَصْفِ لِلْحُكْمِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَوْ سُلِّمَ دَلَالَتُهُ عَلَى التَّعْلِيلِ هُنَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا يَسْتَلْزِمُ دَلَالَتُهَا عَلَيْهِ فِي الْكُلِّ إذْ الْمِثَالُ الْجُزْئِيُّ لَا يُصَحِّحُ الْقَاعِدَةَ الْكُلِّيَّةَ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إذَا دَلَّ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَجِبُ أَنْ يَدُلَّ عَلَيْهَا فِي الْجَمِيعِ دَفْعًا لِلِاشْتِرَاكِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ دَالًّا عَلَى غَيْرِ الْعِلِّيَّةِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ لَاشْتَرَكَ، وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ وَرَدَّهُ الْخَنْجِيُّ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ الِاشْتِرَاكُ لَوْ دَلَّ التَّرْكِيبُ عَلَى عَدَمِ الْعِلِّيَّةِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الدَّلَالَةِ الدَّلَالَةُ عَلَى الْعَدَمِ اهـ.

وَقِيلَ إنَّمَا يُفِيدُ التَّرْتِيبَ إذَا كَانَ الْوَصْفُ مُنَاسِبًا (قَوْلُهُ: بِمَا قَدْ يَفُوتُ) أَيْ فِعْلٌ يَفُوتُ قَوْلُهُ {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] مِثَالٌ لِلْمَطْلُوبِ (قَوْلُهُ: لِمَظِنَّةِ تَفْوِيتِهَا) أَيْ لِأَجْلِ كَوْنِ التَّشَاغُلِ بِالْبَيْعِ عَنْ السَّعْيِ مَظِنَّةً لِتَفْوِيتِ الْجُمُعَةِ الْمُعَبَّرِ عَنْهَا فِي الْآيَةِ بِذِكْرِ اللَّهِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مَلْفُوظَيْنِ) أَيْ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِمَا لَا مُسْتَنْبَطَيْنِ وَالْمُقَدَّرُ مِنْ قَبِيلِ الْمَلْفُوظِ (قَوْلُهُ:، وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهَا تَقْدِيرٌ) أَيْ كَمِثَالِ الْغَايَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] فَإِنَّ الْوَصْفَ وَالْحُكْمَ فِيهِ مُقَدَّرَانِ مِثَالُ الِاسْتِثْنَاءِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلا أَنْ يَعْفُونَ} [البقرة: 237] فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهِ مُقَدَّرٌ قَالَ الْمُحَقِّقُ الْعَضُدُ: إذَا ذُكِرَ كُلٌّ مِنْ الْوَصْفِ وَالْحُكْمِ فَإِنَّهُ إيمَاءٌ اتِّفَاقًا فَإِنْ ذُكِرَ الْوَصْفُ وَاسْتُنْبِطَ الْحُكْمُ مِثْلُ أَنْ يَذْكُرَ حِلَّ الْبَيْعِ وَتُسْتَنْبَطَ مِنْهُ الصِّحَّةُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] أَوْ بِالْعَكْسِ مِثْلُ أَنْ يَذْكُرَ حُرْمَةَ الْخَمْرِ وَيَسْتَنْبِطَ الْإِسْكَارَ فِي مِثْلِ حُرْمَةِ الْخَمْرَةِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي أَنَّهُ هَلْ يَكُونُ إيمَاءً حَتَّى يُقَدَّمَ عَلَى الْمُسْتَنْبَطَةِ بِلَا إيمَاءٍ عِنْدَ التَّعَارُضِ فَعِنْدَ الْبَعْضِ كِلَاهُمَا إيمَاءٌ، وَعِنْدَ الْبَعْضِ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْهُمَا بِإِيمَاءٍ وَعِنْدَ آخَرِينَ الْأَوَّلُ إيمَاءٌ دُونَ الثَّانِي وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْإِيمَاءَ اقْتِرَانُ الْحُكْمِ وَالْوَصْفِ، وَإِنْ قُدِّرَ أَحَدُهُمَا وَالثَّانِي - عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذِكْرِهِمَا لِيَتَحَقَّقَ الِاقْتِرَانُ.

وَالثَّالِثُ - عَلَى أَنَّ إثْبَاتَ مُسْتَلْزَمِ الشَّيْءِ يَقْتَضِي إثْبَاتَهُ وَالْعِلَّةُ كَالْحِلِّ تَسْتَلْزِمُ الْمَعْلُولَ كَالصِّحَّةِ فَيَتَحَقَّقُ الِاقْتِرَانُ تَقْدِيرًا أَوْ اللَّازِمُ حَيْثُ لَيْسَ إثْبَاتُهُ إثْبَاتًا لِلْمَلْزُومِ وَلَا يَقْتَضِي إثْبَاتُهُ فَلَا يَتَحَقَّقُ الِاقْتِرَانُ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِإِيمَاءٍ قَطْعًا) أَيْ خِلَافًا لِمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ بِمَا إذَا كَانَ الْحُكْمُ مُسْتَنْبَطًا وَالْوَصْفُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ:، وَفِي الْوَصْفِ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَخِلَافُ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَعَكْسِهِ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الْوَصْفِ وَالْعَكْسُ هُوَ الْوَصْفُ الْمُسْتَنْبَطُ وَالْحُكْمُ الْمَلْفُوظُ وَقَوْلُهُ وَفِيهِ أَيْ فِي عَكْسِهِ خَبَرُ قَوْلِهِ أَكْثَرُ الْعِلَلِ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَثِيرًا مَا يُذْكَرُ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ وَالْعِلَلُ تَسْتَنْبِطُهَا الْأَئِمَّةُ (قَوْلُهُ: مُخْتَلِفُ التَّرْجِيحِ) يَعْنِي أَنَّ الْمُرَجَّحَ فِي اقْتِرَانِ الْوَصْفِ الْمَلْفُوظِ بِالْحُكْمِ الْمُسْتَنْبَطِ خِلَافُ الْمُرَجَّحِ فِي عَكْسِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَتْهُ) أَيْ أَفَادَتْ اخْتِلَافَ التَّرْجِيحِ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ أَتَى فِي جَانِبِ الْوَصْفِ الْمُسْتَنْبَطِ بِقِيلِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّضْعِيفِ، وَفِي الْحُكْمِ الْمُسْتَنْبَطِ بِلَوْ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحّ إلَخْ) بَيَانٌ لِاخْتِلَافِ التَّرْجِيحِ (قَوْلُهُ: لِاسْتِلْزَامِ الْوَصْفِ إلَخْ) أَيْ فَكَأَنَّهُمَا مَنْصُوصَانِ

ص: 312