المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(مسألة يجوز للقادر على التفريع والترجيح وإن لم يكن مجتهدا) - حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع - جـ ٢

[حسن العطار]

فهرس الكتاب

- ‌مَسْأَلَةٌ) فِي صِيَغِ الْعُمُومِ

- ‌(مَسْأَلَةٌ جَوَابُ السَّائِلِ غَيْرِ الْمُسْتَقِلِّ دُونَهُ)

- ‌(مَسْأَلَةٌ إنْ تَأَخَّرَ الْخَاصُّ عَنْ الْعَمَلِ) بِالْعَامِّ الْمُعَارِضِ لَهُ أَيْ عَنْ وَقْتِهِ

- ‌(الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ)

- ‌ الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ كَالْعَامِّ وَالْخَاصِّ)

- ‌(الظَّاهِرُ وَالْمُؤَوَّلُ)

- ‌(الْمُجْمَلُ)

- ‌(مَسْأَلَةٌ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ)

- ‌(النَّسْخُ)

- ‌(مَسْأَلَةٌ النَّسْخُ وَاقِعٌ عِنْدَ كُلِّ الْمُسْلِمِينَ)

- ‌(خَاتِمَةٌ لِلنَّسْخِ)

- ‌(الْكِتَابُ الثَّانِي فِي السُّنَّةِ)

- ‌[الْكَلَامُ فِي الْأَخْبَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْخَبَرُ إمَّا مَقْطُوعٌ بِكَذِبِهِ أَوْ اسْتِدْلَالًا]

- ‌مَسْأَلَةٌ خَبَرُ الْوَاحِدِ لَا يُفِيدُ إلَّا بِقَرِينَةٍ)

- ‌[مَسْأَلَة الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ]

- ‌(مَسْأَلَةُ الْإِخْبَارِ عَنْ) شَيْءٍ (عَامٍّ) لِلنَّاسِ (لَا تَرَافُعَ فِيهِ) إلَى الْحُكَّامِ

- ‌[مَسْأَلَة الشَّخْصُ الَّذِي يُسَمَّى صَحَابِيًّا]

- ‌(مَسْأَلَةٌ الْمُرْسَلُ قَوْلَ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ)

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَقْلِ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى لِلْعَارِفِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ) : (الصَّحِيحُ يُحْتَجُّ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ)

- ‌(خَاتِمَةٌ) (مُسْتَنَدُ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ) فِي الرِّوَايَةِ

- ‌(الْكِتَابُ الثَّالِثُ فِي الْإِجْمَاعِ) مِنْ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ

- ‌[اخْتِصَاصُ الْإِجْمَاعِ بِالْمُجْتَهِدِينَ]

- ‌ اخْتِصَاصُ الْإِجْمَاعِ (بِالْمُسْلِمِينَ)

- ‌[اخْتِصَاصُ الْإِجْمَاع بِالْعُدُولِ]

- ‌ الْإِجْمَاعُ (لَا يَخْتَصُّ بِالصَّحَابَةِ)

- ‌ الْإِجْمَاعَ (الْمَنْقُولَ بِالْآحَادِ)

- ‌[إجْمَاعَ الْأُمَمِ السَّابِقَة]

- ‌ الْإِجْمَاعُ (السُّكُوتِيُّ)

- ‌[التَّمَسُّكَ بِأَقَلَّ مَا قِيلَ فِي الْإِجْمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الصَّحِيحُ إمْكَانُ الْإِجْمَاعِ]

- ‌ حُرْمَةِ خَرْقِ الْإِجْمَاعِ

- ‌(خَاتِمَةٌ: جَاحِدُ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ الْمَعْلُومِ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ)

- ‌(الْكِتَابُ الرَّابِعُ فِي) (الْقِيَاسِ) مِنْ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ

- ‌ الْقِيَاسُ (حُجَّةٌ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ)

- ‌ الْقِيَاسَ عَلَى مَنْسُوخٍ)

- ‌[أَرْكَانُ الْقِيَاسِ]

- ‌[الرُّكْن الْأَوَّلُ الْأَصْلُ]

- ‌(الثَّانِي) مِنْ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ (حُكْمُ الْأَصْلِ

- ‌(الثَّالِثُ) مِنْ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ (الْفَرْعُ

- ‌(الرَّابِعُ) مِنْ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ (الْعِلَّةُ)

- ‌ الْعِلَّةُ (الْقَاصِرَةُ)

- ‌ التَّعْلِيلُ بِمُجَرَّدِ الِاسْمِ

- ‌(التَّعْلِيلَ) لِلْحُكْمِ الْوَاحِدِ (بِعِلَّتَيْنِ) فَأَكْثَرَ

- ‌(لَا يُشْتَرَطُ) فِي الْعِلَّةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ (الْقَطْعُ بِحُكْمِ الْأَصْلِ)

- ‌[انْتِفَاءُ الْمُعَارِضِ لِلْعِلَّةِ]

- ‌[لِلْمُسْتَدِلِّ دَفْعُ الْمُعَارَضَةِ فِي الْعِلَّةِ]

- ‌(مَسَالِكُ الْعِلَّةِ)

- ‌(الْأَوَّلُ) مِنْهَا (الْإِجْمَاعُ)

- ‌(الثَّانِي) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (النَّصُّ الصَّرِيحُ)

- ‌[الثَّالِثُ مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ الْإِيمَاءُ]

- ‌(الرَّابِعُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (السَّبْرُ وَالتَّقْسِيمُ

- ‌(الْخَامِسُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (الْمُنَاسَبَةُ وَالْإِخَالَةُ)

- ‌(السَّادِسُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ مَا يُسَمَّى بِالشَّبَهِ

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُنَاسَبَةُ تَنْخَرِمُ بِمَفْسَدَةٍ تَلْزَمُ الْحُكْمَ رَاجِحَةٍ عَلَى مَصْلَحَتِهِ أَوْ مُسَاوِيَةٍ لَهَا]

- ‌(السَّابِعُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (الدَّوَرَانُ

- ‌(الثَّامِنُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (الطَّرْدُ

- ‌(التَّاسِعُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ

- ‌(الْعَاشِرُ) مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (إلْغَاءُ الْفَارِقِ)

- ‌(خَاتِمَةٌ فِي نَفْيِ مَسْلَكَيْنِ ضَعِيفَيْنِ

- ‌(الْقَوَادِحُ)

- ‌[خَاتِمَةٌ] (الْقِيَاسُ مِنْ الدِّينِ)

- ‌(الْكِتَابُ الْخَامِسُ فِي الِاسْتِدْلَالِ

- ‌(مَسْأَلَةُ الِاسْتِقْرَاءِ بِالْجُزْئِيِّ عَلَى الْكُلِّيِّ)

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي الِاسْتِصْحَابِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ لَا يُطَالَبُ النَّافِيَ) لِلشَّيْءِ (بِالدَّلِيلِ) عَلَى انْتِفَائِهِ

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ كَانَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم مُتَعَبَّدًا قَبْلَ النُّبُوَّةِ بِشَرْعٍ]

- ‌(مَسْأَلَةُ حُكْمِ الْمَنَافِعِ وَالْمَضَارِّ قَبْلَ الشَّرْعِ)

- ‌(مَسْأَلَةُ الِاسْتِحْسَانِ

- ‌(مَسْأَلَةُ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ) الْمُجْتَهِدِ

- ‌(مَسْأَلَةُ الْإِلْهَامِ

- ‌[خَاتِمَةٌ مَبْنَى الْفِقْهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أُمُورٍ]

- ‌(الْكِتَابُ السَّادِسُ فِي التَّعَادُلِ وَالتَّرَاجِيحِ)

- ‌(مَسْأَلَةٌ يُرَجَّحُ بِعُلُوِّ الْإِسْنَادِ)

- ‌(الْكِتَابُ السَّابِعُ فِي الِاجْتِهَادِ) :

- ‌[مَسْأَلَةُ الْمُصِيبِ مِنْ الْمُخْتَلِفِينَ فِي الْعَقْلِيَّاتِ وَاحِدٌ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الَّتِي لَا قَاطِعَ فِيهَا مِنْ مَسَائِلِ الْفِقْهِ]

- ‌(مَسْأَلَةٌ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ فِي الِاجْتِهَادِيَّاتِ)

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى لِنَبِيٍّ أَوْ عَالِمٍ عَلَى لِسَانِ نَبِيٍّ اُحْكُمْ بِمَا تَشَاءُ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ]

- ‌(مَسْأَلَةُ التَّقْلِيدِ

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَكَرَّرَتْ الْوَاقِعَةُ لِلْمُجْتَهِدِ وَتَجَدَّدَ لَهُ مَا يَقْتَضِي الرُّجُوعَ عَمَّا ظَنَّهُ فِيهَا أَوَّلًا وَلَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لِلدَّلِيلِ الْأَوَّلِ]

- ‌(مَسْأَلَةُ تَقْلِيدِ الْمَفْضُولِ)

- ‌(مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ لِلْقَادِرِ عَلَى التَّفْرِيعِ وَالتَّرْجِيحِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا)

- ‌ التَّقْلِيدِ فِي أُصُولِ الدِّينِ)

- ‌[خَاتِمَةٌ فِي مَبَادِئِ التَّصَوُّفِ الْمُصَفِّي لِلْقُلُوبِ]

الفصل: ‌(مسألة يجوز للقادر على التفريع والترجيح وإن لم يكن مجتهدا)

، (وَثَالِثُهَا) يَجُوزُ (إنْ فُقِدَ الْحَيُّ) لِلْحَاجَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُفْقَدْ، (وَرَابِعُهَا قَالَ) الصَّفِيُّ (الْهِنْدِيُّ) يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ فِيمَا نُقِلَ عَنْهُ (إنْ نَقَلَهُ عَنْهُ مُجْتَهِدٌ فِي مَذْهَبِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لِمَعْرِفَتِهِ مَدَارِكَهُ يُمَيِّزُ بَيْنَ مَا اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ وَمَا لَمْ يَسْتَمِرَّ عَلَيْهِ فَلَا يَنْقُلُ لِمَنْ يُقَلِّدُهُ إلَّا مَا اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ.

(وَيَجُوزُ اسْتِفْتَاءُ مَنْ عُرِفَ بِالْأَهْلِيَّةِ) لِلْإِفْتَاءِ (أَوْ ظُنَّ) أَهْلًا لَهُ (بِاشْتِهَارِهِ بِالْعِلْمِ وَالْعَدَالَةِ) هَذَا رَاجِعٌ إلَى الْأَوَّلِ (وَانْتِصَابِهِ وَالنَّاسُ مُسْتَفْتُونَ) لَهُ هَذَا رَاجِعٌ إلَى الثَّانِي (وَلَوْ) كَانَ مَنْ ذُكِرَ (قَاضِيًا) فَإِنَّهُ يَجُوزُ إفْتَاؤُهُ كَغَيْرِهِ (وَقِيلَ لَا يُفْتِي قَاضٍ فِي الْمُعَامَلَاتِ) لِلِاسْتِغْنَاءِ بِقَضَائِهِ فِيهَا عَنْ الْإِفْتَاءِ وَعَنْ الْقَاضِي شُرَيْحٍ أَنَا أَقْضِي وَلَا أُفْتِي (لَا الْمَجْهُولِ) عِلْمًا أَوْ عَدَالَةً فَلَا يَجُوزُ اسْتِفْتَاؤُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الْبَحْثِ عَنْ عِلْمِهِ) بِأَنْ يَسْأَلَ النَّاسُ عَنْهُ، وَقِيلَ يَكْفِي اسْتِفَاضَتُهُ بَيْنَهُمْ (وَالِاكْتِفَاءُ بِظَاهِرِ الْعَدَالَةِ) وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ الْبَحْثِ عَنْهَا (وَ) الِاكْتِفَاءِ (بِخَبَرِ الْوَاحِدِ) عَنْ عِلْمِهِ وَعَدَالَتِهِ بِنَاءً عَلَى الْبَحْثِ عَنْهُمَا وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ (وَلِلْعَامِّيِّ سُؤَالُهُ) أَيْ الْعَالِمِ (عَنْ مَأْخَذِهِ) فِيمَا أَفْتَاهُ بِهِ (اسْتِرْشَادًا) أَيْ طَلَبًا لِإِرْشَادِ نَفْسِهِ بِأَنْ تُذْعِنَ لِلْقَبُولِ بِبَيَانِ الْمَأْخَذِ لَا تَعَنُّتًا (ثُمَّ عَلَيْهِ) أَيْ الْعَالِمِ (بَيَانُهُ) أَيْ الْمَأْخَذِ لِسَائِلِهِ الْمَذْكُورِ تَحْصِيلًا لِإِرْشَادِهِ (إنْ لَمْ يَكُنْ خَفِيًّا) عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يَقْصُرُ فَهْمُهُ عَنْهُ فَلَا يُبَيِّنُهُ لَهُ صَوْنًا لِنَفْسِهِ عَنْ التَّعَبِ فِيمَا لَا يُفِيدُ وَيَعْتَذِرُ لَهُ بِخَفَاءِ الْمُدْرَكِ عَلَيْهِ.

(مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ لِلْقَادِرِ عَلَى التَّفْرِيعِ وَالتَّرْجِيحِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا)

أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ مُتَّصِفٍ بِصِفَاتِ الْمُجْتَهِدِ (الْإِفْتَاءُ بِمَذْهَبِ مُجْتَهِدٍ اطَّلَعَ عَلَى مَأْخَذِهِ وَاعْتَقَدَهُ) وَهَذَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْآمِدِيُّ مُجْتَهِدُ الْمَذْهَبِ لِانْطِبَاقِ تَعْرِيفِهِ السَّابِقِ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ لَهُ الْإِفْتَاءُ بِمَذْهَبِ إمَامِهِ مُطْلَقًا لِوُقُوعِ ذَلِكَ فِي الْأَعْصَارِ مُتَكَرِّرًا شَائِعًا مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَقَدْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ لَهُ لِانْتِفَاءِ وَصْفِ الِاجْتِهَادِ عَنْهُ

ــ

[حاشية العطار]

الْقُوَّةِ مَا لَيْسَ لِكُلِّ فَرْدٍ (قَوْلُهُ: وَثَالِثُهَا يَجُوزُ إنْ فُقِدَ الْحَيُّ) قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ لَكِنْ إذَا قُلْنَا يُقَلِّدُ الْمَيِّتَ مُطْلَقًا، وَكَانَ الْحَيُّ دُونَهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَلِّدَ الْمَيِّتَ لَا رُجْحِيَّتِهِ، وَأَنْ يُقَلِّدَ الْحَيَّ لِحَيَاتِهِ وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ الِاسْتِوَاءُ لِتَعَارُضِ الْمُرَجِّحَيْنِ قُلْت بَلْ الْأَظْهَرُ الثَّانِي لِتَرَجُّحِهِ بِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي تَقْلِيدِ الْحَيِّ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: فِي مَذْهَبِهِ) أَيْ مَذْهَبِ الْمَيِّتِ أَوْ النَّاقِلِ وَهُمَا مُتَّفِقَانِ فِي الْمَذْهَبِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى فَالظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِمُجْتَهِدٍ وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ مُتَعَلِّقًا بِنَقْلِهِ.

(قَوْلُهُ: لَا الْمَجْهُولِ) عَطْفٌ عَلَى مَنْ عُرِفَ بِالْأَهْلِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الْبَحْثِ إلَخْ) قَالَ سم لَا وَجْهَ لِإِيجَابِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَعْرِفَةِ أَوْ الظَّنِّ بِوَاسِطَةِ الِاشْتِهَارِ كَمَا تَقَدَّمَ وَبَيْنَ الْبَحْثِ الْمَذْكُورِ إذْ الْمَدَارُ عَلَى الْمَعْرِفَةِ أَوْ الظَّنِّ فَإِذَا حَصَلَتْ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ فَالْوَجْهُ هُوَ الِاكْتِفَاءُ بِهَا بَلْ لَا مَعْنَى رَأْسًا مَعَ حُصُولِ الْمَعْرِفَةِ الَّتِي هِيَ الْعِلْمُ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهَا بِالظَّنِّ إلَى اشْتِرَاطِ الْبَحْثِ بِالظَّنِّ إذْ غَايَتُهُ تَحْصِيلُ الْعِلْمِ وَهُوَ حَاصِلٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالِاكْتِفَاءُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ) أَيْ مَنْ يُقْبَلُ خَبَرُهُ وَهُوَ الْعَدْلُ.

(قَوْلُهُ: أَيْ الْعَالِمُ) مُجْتَهِدًا كَانَ أَوْ مُقَلِّدًا (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ خَفِيًّا) يُمْكِنُ أَنْ يُضْبَطَ بِمَا لَا يَسْهُلُ عَادَةً تَفْهِيمُ مِثْلِهِ لَهُ.

[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ لِلْقَادِرِ عَلَى التَّفْرِيعِ وَالتَّرْجِيحِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا]

(قَوْلُهُ: يَجُوزُ لِلْقَادِرِ إلَخْ) هَذَا مَعْلُومٌ تَقَدَّمَ إلَّا أَنَّهُ أَعَادَهُ لِأَجْلِ إفَادَةِ مَا فِيهَا مِنْ التَّفَاصِيلِ (قَوْلُهُ: عَلَى التَّفْرِيعِ) أَيْ تَفْرِيعِ الْوُجُوهِ وَهِيَ الْأَحْكَامُ عَلَى نُصُوصِ إمَامِهِ أَيْ اسْتِنْبَاطِهَا مِنْهَا أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ مُتَّصِفٍ بِصِفَاتِ الْمُجْتَهِدِ أَيْ الْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَالِ لَا لِلْعَطْفِ عَلَى مُقَدَّرٍ لِيُنَاسِبَ الْخِلَافَةَ الْآتِيَةَ اهـ زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: اطَّلَعَ) أَيْ الْقَادِرُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَاطَّلَعَ صِفَةٌ جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْآمِدِيُّ مُجْتَهِدُ الْمَذْهَبِ) نَبَّهَ بِهِ عَلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ إفْتَاءِ الْمُجْتَهِدِ الْمُقَيَّدِ، وَهُوَ مُجْتَهِدُ الْمَذْهَبِ وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ مِنْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي جَوَازِ إفْتَاءِ مُجْتَهِدِ الْمَذْهَبِ لَكِنْ الْأَقْعَدُ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالْبِرْمَاوِيُّ وَغَيْرُهُمَا تَبَعًا لِلْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي جَوَازِ إفْتَاءِ مُجْتَهِدِ الْفَتْوَى وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فَيُقَيَّدُ تَصْحِيحُ جَوَازِ إفْتَائِهِ وَيُعَلَّلُ مُقَابِلُهُ بِمَا يُنَاسِبُهُ اهـ زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْقَادِرِ

ص: 437

وَإِنَّمَا يَجُوزُ الْإِفْتَاءُ لِلْمُجْتَهِدِ وَلَا نُسَلِّمُ وُقُوعَهُ مِنْ غَيْرِهِ فِي الْأَعْصَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ (وَثَالِثُهَا) يَجُوزُ لَهُ (عِنْدَ عَدَمِ الْمُجْتَهِدِ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَ الْمُجْتَهِدُ، (وَرَابِعُهَا) يَجُوزُ لِلْمُقَلِّدِ الْإِفْتَاءُ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا) عَلَى التَّفْرِيعِ وَالتَّرْجِيحِ (لِأَنَّهُ نَاقِلٌ) لِمَا يُفْتِي بِهِ عَنْ إمَامِهِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِنَقْلِهِ عَنْهُ وَهَذَا الْوَاقِعُ فِي الْأَعْصَارِ الْمُتَأَخِّرَةِ

(وَيَجُوزُ خُلُوُّ الزَّمَانِ عَنْ مُجْتَهِدٍ) أَيْ أَنْ لَا يَبْقَى فِيهِ مُجْتَهِدٌ (خِلَافًا لِلْحَنَابِلَةِ) فِي مَنْعِهِمْ الْخُلُوَّ عَنْهُ (مُطْلَقًا وَلِابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ) فِي مَنْعِهِ الْخُلُوَّ عَنْهُ (مَا لَمْ يَتَدَاعَ الزَّمَانُ بِتَزَلْزُلِ الْقَوَاعِدِ) فَإِنْ تَدَاعَى بِأَنْ أَتَتْ أَشْرَاطُ السَّاعَةِ الْكُبْرَى كَطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ جَازَ الْخُلُوُّ عَنْهُ (وَالْمُخْتَارُ) بَعْدَ جَوَازِهِ أَنَّهُ (لَمْ يَثْبُتُ وُقُوعُهُ) وَقِيلَ يَقَعُ دَلِيلُ عَدَمِ الْوُقُوعِ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ بِطُرُقِ «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي

ــ

[حاشية العطار]

الْمَذْكُورِ فَيَدْخُلُ فِي غَيْرِهِ مُجْتَهِدُ الْفَتْوَى وَهُوَ كَمَا مَرَّ الْمُجْتَهِدُ الْقَادِرُ عَلَى التَّرْجِيحِ دُونَ التَّفْرِيعِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يُسَمَّى مُجْتَهِدَ الْفَتْوَى وَفِيهِ مَعَ هَذَا تَنَاقُضٌ لَا يَخْفَى.

قَالَ النَّاصِرُ وَأَجَابَ سم بِمَنْعِ التَّنَاقُضِ بِأَنَّ مَا هُنَا مِنْ قَبِيلِ الْمُطْلَقِ أَوْ الْعَامِّ وَمَا مَرَّ مِنْ قَبِيلِ الْمُقَيَّدِ أَوْ الْخَاصِّ، وَلَا تَنَاقُضَ بَيْنَهُمَا بَلْ يُقَيَّدُ الْمُطْلَقُ وَيُخَصَّصُ الْعَامُّ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ الْإِفْتَاءُ لِلْمُجْتَهِدِ) أَيْ الْمُطْلَقِ كَمَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْمُجْتَهِدِ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ، وَثَالِثُهَا عِنْدَ عَدَمِ الْمُجْتَهِدِ اهـ. نَجَّارِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَرَابِعُهَا يَجُوزُ إلَخْ) مُقَابِلٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ يَجُوزُ لِلْقَادِرِ إلَخْ لَا لِمَنْطُوقِهِ لَكِنْ لَوْ عَبَّرَ بَدَلَ رَابِعِهَا بِقِيلِ كَانَ أَنْسَبَ إذْ لَيْسَ لِلْمَفْهُومِ مُقَابِلٌ غَيْرُ هَذَا اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ خُلُوُّ الزَّمَانِ) عَنْ مُجْتَهِدٍ الْمُتَبَادِرُ مِنْ ذِكْرِ الْمُجْتَهِدِ هُوَ الْمُجْتَهِدُ الْمُطْلَقُ لَكِنْ صَرَّحَ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ بِإِجْرَاءِ هَذَا الْخِلَافِ فِي غَيْرِهِ أَيْضًا حَيْثُ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ يَجُوزُ خُلُوُّ عَصْرٍ مِنْ الْأَعْصَارِ عَنْ الَّذِي يُمْكِنُ تَفْوِيضُ الْفَتْوَى إلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ مُجْتَهِدًا مُطْلَقًا، أَوْ كَانَ مُجْتَهِدًا فِي مَذْهَبِ الْمُجْتَهِدِ وَمَنَعَ مِنْهُ الْأَقَلُّونَ كَالْحَنَابِلَةِ اهـ. سم.

وَفِي النَّجَّارِيِّ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِالْأَحَادِيثِ الْآتِيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْجَوَازُ الشَّرْعِيُّ وَظَاهِرُ اسْتِدْلَالِ ابْنِ الْحَاجِبِ كَالْآمِدِيِّ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْعَقْلِيُّ وَفِي حَوَاشِي الْمَوْلَى سَعْدِ الدِّينِ مَا يُشْعِرُ بِتَجْوِيزِ كُلٍّ مِنْهُمَا انْتَهَى، وَفِي الْمَنْخُولِ أَنَّ الشَّرِيعَةَ هَلْ يَجُوزُ فُتُورُهَا وَإِنْ أَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ فِي شَرِيعَةِ مَنْ قَبْلَنَا سِوَى الْكَعْبِيِّ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِهِ مِنْ وُجُوبِ مُرَاعَاةِ الْأَصْلَحِ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ يُنَازِعُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّ شَرْعَنَا كَشَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا فِي هَذَا الْمَعْنَى وَفَرَّقَ فَارِقُونَ بِأَنَّ هَذِهِ الشَّرِيعَةَ خَاتِمَةُ الشَّرَائِعِ وَلَوْ فَتَرَتْ لَبَقِيَتْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَهَذَا فَاسِدٌ إذْ لَيْسَ فِي الْعَقْلِ مَا يُحِيلُهُ وَاَلَّذِينَ فَتَرَتْ عَلَيْهِمْ الشَّرَائِعُ سَابِقًا قَدْ مَاتُوا وَقَامَتْ قِيَامَتُهُمْ إذْ لَمْ يَلْحَقُهُمْ تَدَارُكُ شَيْءٍ آخَرَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «سَيَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ يَخْتَلِفُ الرَّجُلَانِ فِي فَرِيضَةٍ فَلَا يَجِدَانِ مِنْ يَقْسِمُهَا بَيْنَهُمَا» وقَوْله تَعَالَى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] ظَاهِرٌ مُعَرَّضٌ لِلتَّأْوِيلِ، وَيُمْكِنُ تَخَصُّصُهُ بِالْقُرْآنِ دُونَ سَائِرِ أَحْكَامِ الشَّرْعِ وَهَذَا الْكَلَامُ فِي الْجَوَازِ الْعَقْلِيِّ.

وَأَمَّا الْوُقُوعُ فَالْغَالِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْقِيَامَةَ إنْ قَامَتْ عَلَى قُرْبٍ فَلَا تَفْتُرُ الشَّرِيعَةُ وَإِنْ امْتَدَّتْ إلَى خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ مَثَلًا؛ لِأَنَّ الدَّوَاعِيَ مُتَوَفِّرَةٌ عَلَى نَقْلِهَا فَلَا تَضْعُفُ إلَّا عَلَى تَدْرِيجٍ وَلَوْ تَطَاوَلَ الزَّمَانُ فَالْغَالِبُ فُتُورُهُ إذْ الْهِمَمُ عَلَى التَّرَاجُعِ مَصِيرُهَا إذَا فَتَرَتْ ارْتَفَعَ التَّكْلِيفُ فَهِيَ كَالْأَحْكَامِ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ، وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ إنَّهُمْ يُكَلَّفُونَ الرُّجُوعَ إلَى مَحَاسِنِ الْعُقُولِ وَهَذَا لَا يَلِيقُ بِمَذْهَبِنَا؛ لِأَنَّا لَا نَقُولُ بِتَحْسِينِ الْعَقْلِ اهـ.

وَقَوْلُهُ وَإِنْ امْتَدَّتْ إلَى خَمْسِمِائَةٍ مَثَلًا أَيْ مِنْ عَصْرِهِ وَقَدْ مَضَتْ الْخَمْسُمِائَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى عَصْرِنَا وَالشَّرِيعَةُ بِحَمْدِ اللَّهِ مَحْفُوظَةٌ وَلَكِنَّهُ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْأَلْفِ اشْتَدَّ التَّنَاقُضُ وَفِي عَصْرِنَا وَهُوَ الْقَرْنُ الثَّالِثَ عَشَرَ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ بِتَرَاكُمِ عَظَائِمِ الْخُطُوبِ نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَبْقَى فِيهِ مُجْتَهِدٌ) إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْأَعَمُّ مِنْ أَنْ لَا يُوجَدَ فِيهِ أَصْلًا أَوْ يُوجَدَ ثُمَّ يُفْقَدَ لَا الْأَوَّلُ فَقَطْ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ لَفْظِ الْخُلُوِّ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَدَاعَ الزَّمَانُ) الْمُرَادُ بِتَدَاعِيهِ دُعَاءُ بَعْضِهِ بَعْضًا إلَى الزَّوَالِ كِنَايَةً عَنْ إشْرَافِهِ عَلَى الزَّوَالِ وَتَغَيُّرِهِ عَمَّا كَانَ، وَالْمُرَادُ بِالْقَوَاعِدِ الْأُمُورُ الْمَعْهُودَةُ فِيهِ فَتَزَلْزُلُهَا عَدَمُ بَقَائِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فِيهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ قَوَاعِدُ الدِّينِ وَأَحْكَامُ الشَّرِيعَةِ وَتَزَلْزُلُهَا تَعَطُّلُهَا.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَثْبُتْ وُقُوعُهُ) أَيْ لَا فِي الْمَاضِي وَلَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ وَقِيلَ يَقَعُ. (قَوْلُهُ: دَلِيلُ عَدَمِ الْوُقُوعِ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَثْبُتْ

ص: 438

ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ أَيْ السَّاعَةُ» ، كَمَا صَرَّحَ بِهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ أَيْ لِابْتِدَاءِ الْحَدِيثِ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ بِقَوْلِهِ «مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» وَيَدُلُّ لِلْوُقُوعِ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا «أَنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا هَذَا» لَفْظُ الْبُخَارِيِّ وَفِي مُسْلِمٍ حَدِيثُ «إنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ أَيَّامًا يُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ وَيُتْرَكُ فِيهَا الْجَهْلُ» وَنَحْوُهُ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ «أَنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ» ، وَالْمُرَادُ بِرَفْعِ الْعِلْمِ قَبْضُ أَهْلِهِ وَلِمُعَارَضَةِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ لِلْأَوَّلِ قَالَ الْمُصَنِّفُ لَمْ يَثْبُتْ وُقُوعُهُ دُونَ لَا يَقَعُ وَيُمْكِنُ رَدُّ الْأَوَّلِ إلَيْهَا بِأَنْ يُرَادَ بِالسَّاعَةِ مَا قَرُبَ مِنْهَا.، (وَإِذَا عَمِلَ الْعَامِّيُّ بِقَوْلِ مُجْتَهِدٍ) فِي حَادِثَةٍ (فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ) إلَى غَيْرِهِ فِي مِثْلِهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ الْتَزَمَ ذَلِكَ الْقَوْلَ بِالْعَمَلِ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْمَلْ بِهِ (وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ) بِهِ (بِمُجَرَّدِ الْإِفْتَاءِ) فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ إلَى غَيْرِهِ فِيهِ (وَقِيلَ) يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بِهِ (بِالشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ) بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَشْرَعْ (وَقِيلَ) يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بِهِ

ــ

[حاشية العطار]

وُقُوعُهُ أَوْ عَدَمُ وُقُوعِهِ لَكِنَّهُ آثَرَ التَّعْبِيرَ بِلَمْ يَثْبُتْ وُقُوعُهُ لِمُعَارَضَةِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ لِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ) فِيهِ أَنَّ ظُهُورَهُمْ عَلَى الْحَقِّ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ بِمَرْتَبَةِ الِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ: وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ) أَيْ الْمُجْتَهِدُونَ حَتَّى تَتِمَّ الدَّعْوَى وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ) أَيْ عُمُومًا فَلَا يُنَافِي الْوُقُوعَ لِبَعْضِ الْأَفْرَادِ، وَيَنْتَزِعُهُ بَدَلٌ مِنْ يَقْبِضُ الْمَنْفِيُّ فَهُوَ تَفْسِيرٌ لَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ لَا يَنْزِعُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا وَرُؤَسَاءُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْهَمْزَةِ بَعْدَهَا وَفَتْحِ سِينٍ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَمْدُودَةٌ جَمْعُ رَئِيسٍ وَفِي رِوَايَةٍ بِضَمِّ الرَّاءِ وَالْهَمْزَةِ بَعْدَهَا الرَّاءُ وَفَتْحِ السِّينِ مَنُونَةً جَمْعُ رَأْسٍ بِمَعْنَى رَئِيسٍ وَاِتَّخَذَ بِمَعْنَى صَيَّرَ مَفْعُولُهُ الْأَوَّلُ جُهَّالًا وَالثَّانِي رُءُوسًا أَيْ اتَّخَذَ النَّاسُ الْجُهَّالَ رُءُوسًا.

(قَوْلُهُ: وَيُتْرَكُ فِيهَا الْجَهْلُ) أَيْ يُتْرَكُ بِلَا رَفْعٍ (قَوْلُهُ: وَلِمُعَارَضَةِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ إلَخْ) قَالَ النَّجَّارِيُّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْخُلُوِّ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ وُقُوعِ الْخُلُوِّ فَالْأَوَّلُ يُعَارِضُهَا فِي ثُبُوتِ الْوُقُوعِ فَالْمُنَاسِبُ إسْنَادُ الْمُعَارَضَةِ إلَيْهِ لَا إلَيْهَا كَمَا يُعْرَفُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ حُكِيَ أَنَّ بَعْضَ السَّلَفِ ذُكِرَ لَهُ حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَشَكَوْنَا إلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنْ الْحَجَّاجِ فَقَالَ «اصْبِرُوا فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إلَّا وَاَلَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ سَمِعْته مِنْ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم» قِيلَ وَكَيْفَ هَذَا وَقَدْ جَاءَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعْدَ الْحَجَّاجِ فَقَالَ لَا بُدَّ لِلزَّمَانِ أَنْ يَتَنَفَّسَ رَأَيْتُهُ فِي تَارِيخِ ابْنِ عَسَاكِرَ، وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا فِي خُطْبَةِ كِتَابِ تَرْشِيحِ التَّوْشِيحِ وَأَمَّا مَا اُشْتُهِرَ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَامَّةِ كُلَّ عَامٍ تُرْذَلُونَ فَلَا أَصْلَ لَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ مَعْنَى الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ رَدُّ الْأَوَّلِ إلَيْهَا إلَخْ) أَيْ فَيَثْبُتُ الْوُقُوعُ لِسَلَامَةِ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى الْوُقُوعِ عَنْ الْمُعَارِضِ وَقَدْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى الْمُجْتَهِدِ غَيْرِ الْمُطْلَقِ وَحَمْلِ الْبَقِيَّةِ عَلَى الْمُطْلَقِ وَهُوَ مَنْ اسْتَقَلَّ بِقَوَاعِدَ لِنَفْسِهِ يَبْنِي عَلَيْهَا الْفِقْهَ خَارِجًا عَنْ قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ الْمُقَرَّرَةِ، وَهَذَا مَفْقُودٌ مِنْ دَهْرٍ طَوِيلٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ مِنْهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَالِكِيَّةِ ابْنُ الْمُنِيرِ وَابْنُ الْحَاجِّ وَمِنْ أَئِمَّتِنَا ابْنُ بُرْهَانَ وَالنَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ اهـ. زَكَرِيَّا.

أَقُولُ قَدْ سَلَفَ مِنَّا نَقْلٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ أَثْبَتَ رُتْبَةَ الِاجْتِهَادِ لِوَالِدِهِ فِي تَرْشِيحِ التَّوْشِيحِ وَنُقِلَ فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ عَنْهُ أَقْوَالًا انْفَرَدَ بِهَا عَنْ مَذْهَبِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ، وَأَنَّ الشَّيْخَ الْإِمَامَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ عَصْرِ النَّوَوِيِّ لَكِنَّهُ اجْتَمَعَ مَعَ تِلْمِيذِهِ ابْنِ الْعَطَّارِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِمِائَةٍ بِدِمَشْقَ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا عَمِلَ الْعَامِّيُّ إلَخْ) قَالَ سم ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ إلَى فَرْعٍ مِنْ الْعَمَلِ وَيُؤَيِّدُهُ مُقَابَلَتُهُ بِقَوْلِهِ بَعْدَهُ، وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بِالشُّرُوعِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ شَرَعَ فِي الْعَمَلِ ثُمَّ أَبْطَلَهُ جَازَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ كَمَا أَنَّ قَضِيَّةَ الِاكْتِفَاءِ بِالشُّرُوعِ عَلَى الْقَوْلِ الْآتِي أَنَّهُ لَوْ أَبْطَلَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ لِحُصُولِ الشُّرُوعِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي مِثْلِهَا) إفْصَاحٌ عَمَّا أَرَادَهُ بَعْضُ الشَّارِحِينَ كَالزَّرْكَشِيِّ بِقَوْلِهِ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ بِعَيْنِهَا بِأَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْعَيْنِ النَّوْعُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بِهِ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ وَإِذَا عَمِلَ الْعَامِّيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَى غَيْرِهِ فِيهِ) أَيْ فِي غَيْرِ

ص: 439

(إنْ الْتَزَمَهُ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ، (وَقَالَ السَّمْعَانِيُّ) يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بِهِ (إنْ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ صِحَّتُهُ) وَإِلَّا فَلَا (وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ) يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بِهِ (إنْ لَمْ يُوجَدْ مُفْتٍ آخَرَ فَإِنْ وُجِدَ تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا، وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ) أَيْ جَوَازُ الرُّجُوعِ إلَى غَيْرِهِ (فِي حُكْمٍ آخَرَ) وَقِيلَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ بِسُؤَالِ الْمُجْتَهِدِ وَالْعَمَلُ بِقَوْلِهِ الْتِزَامُ مَذْهَبِهِ.

(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَجِبُ) عَلَى الْعَامِّيِّ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ لَمْ يَبْلُغْ رُتْبَةَ الِاجْتِهَادِ (الْتِزَامُ مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ) مِنْ مَذَاهِبِ الْمُجْتَهِدِينَ (يَعْتَقِدُهُ أَرْجَحَ) مِنْ غَيْرِهِ (أَوْ مُسَاوِيًا) لَهُ وَإِنْ كَانَ نَفْسُ الْأَمْرِ مَرْجُوحًا عَلَى الْمُخْتَارِ الْمُتَقَدِّمِ، (ثُمَّ) فِي الْمُسَاوِي (يَنْبَغِي السَّعْيُ فِي اعْتِقَادِهِ أَرْجَحَ) لِيُتَّجَهَ اخْتِيَارُهُ عَلَى غَيْرِهِ (ثُمَّ فِي خُرُوجِهِ عَنْهُ) أَقْوَالٌ أَحَدُهَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ الْتِزَامُهُ، ثَانِيهَا يَجُوزُ وَالْتِزَامُ مَا لَا يَلْزَمُ غَيْرُ مُلْزَمٍ، (ثَالِثُهَا لَا يَجُوزُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ) وَيَجُوزُ فِي بَعْضٍ تَوَسُّطًا بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، وَالْجَوَازُ فِي غَيْرِ مَا عَمِلَ بِهِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي عَمَلِ غَيْرِ الْمُلْتَزِمِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ كَالْآمِدِيِّ اتِّفَاقًا

ــ

[حاشية العطار]

الْمُفْتِي فِيمَا أَفْتَاهُ فِيهِ (قَوْلُهُ: إنْ الْتَزَمَهُ) أَيْ الْعَمَلَ بِأَنْ صَمَّمَ عَلَى التَّمَسُّكِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ) نُقِلَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْخَطِيبِ وَغَيْرِهِ مَا يُوَافِقُهُ وَاخْتَارَهُ اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: فِي حُكْمٍ آخَرَ) هَذَا غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمِثْلِ وَمَا هُنَا فِي حُكْمٍ آخَرَ مُغَايِرٍ لَهُ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ هُنَا وَفِيمَا تَقَدَّمَ فِي عَامِّيٍّ غَيْرِ مُلْتَزِمٍ لِمَذْهَبِ الْإِمَامِ الَّذِي قَلَّدَهُ فِي حَادِثَةٍ مَا كَالشَّافِعِيِّ قَلَّدَ مَالِكًا أَوْ أَبَا حَنِيفَةَ فِي حَادِثَةٍ، أَمَّا الْتِزَامُ الْمَذْهَبِ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنَّهُ يَجِبُ الْتِزَامُ إلَخْ وَفِي التَّحْرِيرِ لَا يَرْجِعُ فِيمَا قَلَّدَ فِيهِ اتِّفَاقًا، وَهَلْ يُقَلِّدُ غَيْرَهُ فِي حُكْمِ غَيْرِهِ الْمُخْتَارُ نَعَمْ لِلْقَطْعِ بِأَنَّ الْمُسْتَفْتِينَ فِي كُلِّ عَصْرٍ مِنْ زَمَنِ الصَّحَابَةِ إلَى الْآنَ كَانُوا يَسْتَفْتُونَ مَرَّةً وَاحِدًا مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ وَمَرَّةً غَيْرَهُ غَيْرَ مُلْتَزِمِينَ مُفْتِيًا وَاحِدًا فَلَوْ الْتَزَمَ مَذْهَبًا مُبَيَّنًا كَأَبِي حَنِيفَةَ أَوْ الشَّافِعِيِّ فَقِيلَ يَلْزَمُ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُ اهـ.

قَالَ شَارِحُهُ السَّيِّدُ بادشاه وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْتِزَامَهُ غَيْرَ مُلْزِمٍ إذَا لَا وَاجِبَ إلَّا مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَلَمْ يُوجِبْ عَلَى أَحَدٍ أَنْ يَتَمَذْهَبَ بِمَذْهَبٍ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ فَيُقَلِّدَهُ فِي كُلِّ مَا يَأْتِي بِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَالْتِزَامُهُ لَيْسَ بِنَذْرٍ حَتَّى يَجِبَ الْوَفَاءُ بِهِ اهـ.

قَالَ السَّيِّدُ عَلِيٌّ السَّمْهُودِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي رِسَالَتِهِ الْمُسَمَّاةِ بِالْعِقْدِ الْفَرِيدِ فِي أَحْكَامِ التَّقْلِيدِ وَلَوْ نَذَرَهُ لَا يَلْزَمُهُ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ الْبَحْثُ عَنْ الْأَعْلَمِ وَإِسْنَادُ الْمَذَاهِبِ عَلَى الْمُقَرَّرِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَجُوزُ إلَخْ) حُكِيَ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ جَوَازُهُ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْعُهُ فِي الْعَصْرِ الَّذِي اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ الْمَذَاهِبُ، وَقَوْلُهُ وَالْعَمَلُ بِقَوْلِهِ أَيْ إنْ عَمِلَ وَإِلَّا فَالْمُعَلَّلُ أَعَمُّ اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: الْتِزَامُ مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ فِيمَا يَقَعُ لَهُ مِنْ الْأَحْكَامِ إلَّا بِمَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ فِي الْمُسَاوِي إلَخْ) الْقَرِينَةُ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِالْمُسَاوِي قَوْلُهُ ثُمَّ يَنْبَغِي السَّعْيُ فِي اعْتِقَادِهِ أَرْجَحُ إذْ لَوْ أُرِيدَ مَا يَعُمُّ الْأَرْجَحَ لَكَانَ قَوْلُهُ ثُمَّ يَنْبَغِي السَّعْيُ فِي اعْتِقَادِهِ تَحْصِيلًا لِلْحَاصِلِ اهـ. نَجَّارِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ) أَيْ بِالتَّقْلِيدِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ الْتِزَامُهُ أَيْ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَا عَمِلَ بِهِ) أَيْ وَعَدَمُهُ وَقَوْلُهُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ أَيْ مِنْ مَفْهُومِهِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيمَا عُمِلَ بِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ كَالْآمِدِيِّ اتِّفَاقًا) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَسْنَدَ نَقْلَ الِاتِّفَاقِ إلَيْهِمَا لِيَبْرَأَ عَنْ عُهْدَتِهِ لِقَوْلِ وَالِدِ الْمُصَنِّفِ فِي فَتَاوِيهِ إنَّ فِي دَعْوَى الِاتِّفَاقِ نَظَرًا، وَإِنَّ فِي كَلَامِ غَيْرِهِمَا مَا يُشْعِرُ بِإِثْبَاتِ خِلَافٍ بَعْدَ الْعَمَلِ اهـ.

وَفِي رِسَالَةِ السَّيِّدِ السَّمْهُودِيِّ الْمُخْتَارُ أَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ اتَّصَلَ عَمَلُهُ بِهَا فَلَا مَانِعَ مِنْ اتِّبَاعِ غَيْرِ مَذْهَبِ الْأَوَّلِ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي حِكَايَةِ إطْلَاقِ الِاتِّفَاقِ عَلَى الْمَنْعِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ اتِّفَاقُ الْأُصُولِيِّينَ ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ وَضْعِ الرُّجُوعِ حَيْثُ عَمِلَ فِي عَيْنِ تِلْكَ الْوَاقِعَةِ الْمُنْقَضِيَةِ لَا مَا يَحْدُثُ بَعْدَهَا مِنْ جِنْسِهَا فَهُوَ ظَاهِرٌ كَحَنَفِيٍّ سَلَّمَ شُفْعَةً بِالْجِوَارِ عَمَلًا بِعَقِيدَتِهِ ثُمَّ عَنَّ لَهُ تَقْلِيدُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه حَتَّى يَنْزِعَ الْعَقَارَ مِمَّنْ سَلَّمَهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ لَا يُخَاطَبُ بَعْدَ تَقْلِيدِهِ الشَّافِعِيَّ بِإِعَادَةِ مَا مَضَى مِنْ عِبَادَاتِهِ الَّتِي يَقُولُ الشَّافِعِيُّ بِبُطْلَانِهِ لِمُضِيِّهَا عَلَى الصِّحَّةِ فِي اعْتِقَادِهِ فِيمَا مَضَى فَلَوْ اشْتَرَى هَذَا الْحَنَفِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ عَقَارًا آخَرَ، وَقَلَّدَ الشَّافِعِيَّ بِعَدَمِ الْقَوْلِ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ فَلَا يَمْنَعُهُ مَا سَبَقَ أَنْ يُقَلِّدَهُ فِي ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ تَسْلِيمِ الْعَقَارِ الثَّانِي فَإِنْ قَالَ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَمَنْ تَبِعَهُمَا بِالْمَنْعِ فِي مِثْلِ هَذَا، وَعَمَّمُوا ذَلِكَ جَمِيعَ صُوَرِ مَا وَقَعَ الْعَمَلُ بِهِ أَوْ لَا فَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ وَدَعْوَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ

ص: 440

فَالْمُلْتَزِمُ أَوْلَى بِذَلِكَ، وَقَدْ حَكَيَا فِيهِ الْجَوَازَ فَيُقَيَّدُ بِمَا قُلْنَاهُ، وَقِيلَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْتِزَامُ مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِيمَا يَقَعُ لَهُ بِهَذَا الْمَذْهَبِ تَارَةً وَبِغَيْرِهِ أُخْرَى وَهَكَذَا.

(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَمْتَنِعُ تَتَبُّعُ الرُّخَصِ) فِي الْمَذَاهِبِ بِأَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا مَا هُوَ الْأَهْوَنُ فِيمَا يَقَعُ مِنْ الْمَسَائِلِ (وَخَالَفَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ) فَجَوَّزَ ذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا النَّقْلَ عَنْهُ سَهْوٌ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ حِكَايَةِ الْحَنَّاطِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ يَفْسُقُ بِذَلِكَ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ لَا يَفْسُقُ بِهِ وَالثَّانِي

ــ

[حاشية العطار]

مَمْنُوعَةٌ فَفِي الْخَادِمِ أَنَّ الْإِمَامَ الطُّرْطُوشِيَّ حَكَى أَنَّهُ أُقِيمَتْ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَهَمَّ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ بِالتَّكْبِيرِ فَإِذَا طَائِرٌ قَدْ ذَرَقَ عَلَيْهِ فَقَالَ أَنَا حَنْبَلِيٌّ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الشَّيْخَ شَافِعِيٌّ يَتَجَنَّبُ الصَّلَاةَ بِذَرْقِ الطَّائِرِ فَلَمْ يَمْنَعْهُ عَمَلُهُ السَّابِقُ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَفِي ذَلِكَ تَقْلِيدُ الْمُخَالِفِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَفِي الْخَادِمِ أَيْضًا أَنَّ الْقَاضِيَ أَبَا عَاصِمٍ الْعَامِرِيَّ الْحَنَفِيَّ كَانَ يُفْتِي عَلَى بَابِ مَسْجِدِ الْقَفَّالِ وَالْمُؤَذِّنُ يُؤَذِّنُ الْمَغْرِبَ فَتَرَكَ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمَّا رَآهُ الْقَفَّالُ أَمَرَ الْمُؤَذِّنَ أَنْ يُثَنِّيَ الْإِقَامَةَ وَقَدَّمَ الْقَاضِيَ فَتَقَدَّمَ وَجَهَرَ بِالْبَسْمَلَةِ مَعَ الْقِرَاءَةِ وَأَتَى بِشِعَارِ الشَّافِعِيَّةِ فِي صَلَاتِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْقَاضِيَ أَبَا عَاصِمٍ إنَّمَا يُصَلِّي قَبْلُ بِشِعَارِ مَذْهَبِهِ فَلَمْ يَمْنَعْهُ سَبْقُ عَمَلِهِ بِمَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا قَالَ السَّمْهُودِيُّ ثُمَّ رَأَيْت فِي فَتَاوَى السُّبْكِيّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فِي ضِمْنِ مَسَائِلَ إلَى أَنْ قَالَ وَدَعْوَى الِاتِّفَاق فِيهَا نَظَرٌ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِمَا مَا يُشْعِرُ بِإِثْبَاتِ الْخِلَافِ بَعْدَ الْعَمَلِ أَيْضًا، وَكَيْفَ يَمْتَنِعُ إذَا اعْتَقَدَ صِحَّتَهُ وَلَكِنْ وَجْهُ مَا قَالَاهُ أَنَّهُ بِالْتِزَامِهِ مَذْهَبَ إمَامٍ مُكَلَّفٍ بِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ غَيْرُهُ، وَالْعَامِّيُّ لَا يَظْهَرُ لَهُ الْغَيْرُ بِخِلَافِ الْمُجْتَهِدِ حَيْثُ يَنْتَقِلُ مِنْ إمَارَةٍ إلَى إمَارَةٍ وَلَا بَأْسَ بِهِ لَكِنِّي أَرَى تَنْزِيلَهُ عَلَى خُصُوصِ الْعَيْنِ فَلَا يَبْطُلُ عَيْنُ مَا فَعَلَهُ وَلَهُ فِعْلُ جِنْسِهِ بِخِلَافِهِ اهـ. كَلَامُ السَّمْهُودِيِّ.

أَقُولُ: وَقَدْ وَقَعَ التَّقْلِيدُ بَعْدَ مُضِيِّ الْعَمَلِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَعْمُولِ بِهَا كَمَا نَقَلَ صَاحِبُ الْفَتَاوَى الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا يُوسُفَ صَلَّى يَوْمَ الْجُمُعَةِ مُغْتَسِلًا مِنْ الْحَمَّامِ، وَصَلَّى بِالنَّاسِ وَتَفَرَّقُوا ثُمَّ أُخْبِرُوا بِوُجُودِ فَارَةٍ مَيِّتَةٍ فِي بِئْرِ الْحَمَّامِ فَقَالَ إذَنْ نَأْخُذُ بِقَوْلِ إخْوَانِنَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ خُبْثًا نَقَلَ هَذِهِ الشَّيْخُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ الْحَنَفِيُّ فِي رِسَالَتِهِ الْمُؤَلَّفَةِ فِي جَوَازِ التَّقْلِيدِ سَاكِتًا عَلَيْهَا، وَنَقَلَهَا بِيرِيّ زَادَهْ أَيْضًا فِي رِسَالَةٍ لَهُ مَعْمُولَةٍ فِي عَدَمِ جَوَازِ التَّقْلِيدِ فَلِذَلِكَ تَعَقَّبَهَا بِقَوْلِهِ إنَّ مَا أَفَادَتْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهَا لِتَصْرِيحِهِمْ بِعَدَمِ الْجَوَازِ وَلَا عَمَلَ لِلدَّلَالَةِ مَعَ الصَّرِيحِ، وَقَدْ نَصَّ فِي الْقُنْيَةِ عَلَى إعَادَتِهِ لِلصَّلَاةِ حَيْثُ قَالَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَذَكَرَ الْحِكَايَةَ ثُمَّ قَالَ فَاغْتَسَلَ وَأَعَادَ الصَّلَاةَ وَلَمْ يَأْمُرْ الْقَوْمَ بِالْإِعَادَةِ، وَقَالَ اجْتِهَادِي يَلْزَمُ نَفْسِي لَا غَيْرِي، وَنَقَلَ بِيرِيّ زَادَهْ عَنْ الْحَلْوَانِيِّ فِي شَرْحِ آدَابِ الْخَصَّافِ مَسْأَلَةً يَحْتَاجُ إلَيْهَا الْقُضَاةُ وَهِيَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا جَاءَ إلَى الْقَاضِي وَهُوَ يَرَى مَذْهَبَ الْمُخَالِفِ وَادَّعَى الشُّفْعَةَ بِالْجِوَارِ عَلَى رَجُلٍ هَلْ يَقْضِي لَهُ الْقَاضِي بِالشُّفْعَةِ أَمْ لَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَقْضِي؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَدَّعِي أَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِيمَا يَدَّعِي فَإِذَا عَلِمَ الْقَاضِي ذَلِكَ لَا يَلْتَفِتُ إلَى دَعْوَاهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَقْضِي؛ لِأَنَّهُ لَمَّا طَلَبَ الشُّفْعَةَ فَقَدْ رَكَنَ إلَى مَذْهَبِنَا فَيُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَيَقْضِي لَهُ وَإِنْ كَانَ يَعْتَقِدُ خِلَافَ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إذَا تَقَدَّمَ لِلْقَاضِي يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ وَيَقُولُ هَلْ يُعْتَقَدُ وُجُوبُ الشُّفْعَةِ بِالْجِوَارِ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ يَقْضِي وَإِنْ قَالَ لَا رَفَعَهُ عَنْ مَجْلِسِهِ وَلَا يَسْمَعُ كَلَامَهُ، وَهَذَا أَوْجَهُ الْأَقَاوِيلِ وَأَحْسَنُهَا (قَوْلُهُ: وَقَدْ حَكَيَا فِيهِ) أَيْ فِي الْمُلْتَزَمِ (قَوْلُهُ: الْجَوَازَ) أَيْ عَلَى الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: فَيُقَيَّدُ بِمَا قُلْنَاهُ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْمَلْ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْتِزَامُ مَذْهَبٍ إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ هَذَا كَلَامُ الْأَصْحَابِ، وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الدَّلِيلُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ بَلْ يَسْتَفْتِي مَنْ شَاءَ لَكِنْ مِنْ غَيْرِ تَلَفُّظٍ لِلرُّخَصِ وَلَعَلَّ مَنْ مَنَعَهُ لَمْ يَثِقْ بِعَدَمِ تَلَفُّظِهِ النَّهْيَ.

وَأَوْرَدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ صَحَّحَ جَوَازَ تَقْلِيدِ غَيْرِهِ فِي حُكْمٍ آخَرَ بَعْدَ اسْتِفْتَائِهِ فِي غَيْرِهِ مَعَ إيجَابِهِ الْتِزَامَ مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ ابْتِدَاءً، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إذَا جَازَ خُرُوجُ الْمُلْتَزِمِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى، وَإِنَّمَا جَازَ خُرُوجُ الْمُلْتَزِمِ مَعَ إيجَابِ الْتِزَامِ مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَجُوِّزَ ذَلِكَ) نَقَلَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ الْحَنَفِيُّ عَنْ السَّيِّدِ بادشاه فِي شَرْحِ التَّجْرِيدِ يَجُوزُ

ص: 441