الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(تَرْجِعُ) ثَلَاثَتُهَا (إلَى ضَرْبِ شَبَهٍ إذْ تَحَصَّلَ الظَّنُّ فِي الْجُمْلَةِ) لَا مُطْلَقًا (وَلَا تُعَيَّنُ جِهَةُ الْمَصْلَحَةِ) الْمَقْصُودَةِ مِنْ شَرْعِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُدْرَكُ بِوَاحِدٍ مِنْهَا بِخِلَافِ الْمُنَاسَبَةِ.
(خَاتِمَةٌ فِي نَفْيِ مَسْلَكَيْنِ ضَعِيفَيْنِ
لَيْسَ تَأَتِّي الْقِيَاسِ بِعِلِّيَّةِ وَصْفٍ، وَلَا الْعَجْزِ عَنْ إفْسَادِهِ دَلِيلُ عِلِّيَّتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا) ، وَقِيلَ نَعَمْ فِيهِمَا أَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَلِأَنَّ الْقِيَاسَ مَأْمُورٌ بِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاعْتَبِرُوا} [الحشر: 2] عَلَى تَقْدِيرِ عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ يَخْرُجُ بِقِيَاسِهِ عَنْ عُهْدَةِ الْأَمْرِ فَيَكُونُ الْوَصْفُ عِلَّةً.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا تَتَعَيَّنُ عِلِّيَّتُهُ أَنْ لَوْ لَمْ يُخْرَجْ عَنْ عُهْدَةِ الْأَمْرِ إلَّا بِقِيَاسِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَأَمَّا الثَّانِي فَكَمَا فِي الْمُعْجِزَةِ فَإِنَّهَا إنَّمَا دَلَّتْ عَلَى صِدْقِ الرَّسُولِ لِلْعَجْزِ عَنْ مُعَارَضَتِهَا، وَأُجِيبَ بِالْفَرْقِ فَإِنَّ الْعَجْزَ هُنَاكَ مِنْ الْخَلْقِ، وَهُنَا مِنْ الْخَصْمِ.
(الْقَوَادِحُ)
أَيْ هَذَا مَبْحَثُهَا وَهِيَ مَا يَقْدَحُ
ــ
[حاشية العطار]
قَوْلُهُ: تَرْجِعُ ثَلَاثَتُهَا إلَخْ) أَيْ أَنَّهَا تُفِيدُ شَبَهًا لِلْعِلَّةِ لَا عِلَّةً حَقِيقِيَّةً لِمَا ذَكَرَهُ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْمَسَالِكِ الْمُرَادَةِ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ الْمُنَاسَبَةِ وَقَوْلُهُ يَحْصُلُ الظَّنُّ أَيْ لِلْعِلِّيَّةِ. اهـ. شَيْخُ الْإِسْلَامِ.
ثُمَّ إنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الشَّبَهَ مَنْزِلَةٌ بَيْنَ الْمُنَاسَبَةِ وَالطَّرْدِ فَكَيْفَ يَرْجِعُ الطَّرْدُ إلَى الشَّبَهِ الَّذِي هُوَ مَنْزِلَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُنَاسِبِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ هَذِهِ إذَا اجْتَمَعَتْ تَرْجِعُ إلَى نَوْعِ شَبَهٍ وَلَعَلَّ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ ثَلَاثَتُهَا إشَارَةٍ إلَى ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ يَرْجِعُ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَتْنِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ دُونَ سَائِرِ الصُّوَرِ وَقَوْلُهُ لَا مُطْلَقًا أَيْ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ (قَوْلُهُ: جِهَةُ الْمَصْلَحَةِ) وَهِيَ الْحِكْمَةُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُنَاسَبَةِ) أَيْ فَإِنَّهَا تُحَصِّلُ الظَّنَّ وَتُعَيِّنُ جِهَةَ الْمَصْلَحَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمُنَاسَبَةَ أُخْتَ الْإِخَالَةِ حَتَّى يُعْتَرَضَ بِأَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْمَسَالِكِ.
[خَاتِمَةٌ فِي نَفْيِ مَسْلَكَيْنِ ضَعِيفَيْنِ]
(قَوْلُهُ: خَاتِمَةٌ) اسْمُ الْفَاعِلِ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ أَيْ مَخْتُومٌ بِهَا فَهِيَ مَجَازٌ فِي الْمُفْرَدِ أَوْ أَنَّ الْمَجَازَ فِي الْإِسْنَادِ فَمَعْنَى كَوْنِهَا خَاتِمَةً أَنَّ صَاحِبَ الْكِتَابِ خَتَمَهُ بِهَا (قَوْلُهُ: لَيْسَ تَأَتِّي الْقِيَاسِ إلَخْ) كَأَنْ يُقَالَ إذَا كَانَ الْوَصْفُ الْمَذْكُورُ عِلَّةَ الْحُكْمِ أَمْكَنَ الْقِيَاسُ عَلَى مَحَلِّ نَصِّهِ (قَوْلُهُ: عَنْ إفْسَادِهِ) أَيْ الْوَصْفِ الْمَجْعُولِ عِلَّةً، وَلَوْ قَالَ إفْسَادُهَا أَيْ الْعِلَّةِ كَانَ أَنْسَبَ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: يَخْرُجُ بِقِيَاسِهِ) أَيْ الْقِيَاسِ الْمُسْتَنِدِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ الْوَصْفُ عِلَّةً) فِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الدَّوْرُ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْعِلَّةِ، وَقَدْ تَوَقَّفَتْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) لِجَوَازِ أَنْ يَثْبُتَ بِقِيَاسٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: فَكَمَا فِي الْمُعْجِزَةِ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الْمُعْجِزَةِ فَهُوَ تَنْظِيرٌ (قَوْلُهُ:، وَهُنَا مِنْ الْخَصْمِ) وَيُمْكِنُ أَنْ يَنْتَفِيَ الْعَجْزُ عَنْ خَصْمٍ آخَرَ.
[الْقَوَادِحُ]
(قَوْلُهُ: الْقَوَادِحُ) وَهِيَ كَثِيرَةٌ وَتَقَدَّمَ بَعْضُهَا وَذَكَرَ مِنْهَا هَاهُنَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ قَادِحًا؛ وَلِذَا قَالَ مِنْهَا إلَخْ وَعَدَّهَا الْبَيْضَاوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ سِتَّةً قَالَ الْعَضُدُ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ اعْتِرَاضَاتٌ عَلَى الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى الْعِلِّيَّةِ وَكُلُّهَا تَرْجِعُ إلَى مَنْعٍ وَمُعَارَضَةٍ، وَإِلَّا لَمْ تُسْمَعْ؛ لِأَنَّ غَرَضَ الْمُسْتَدِلِّ إثْبَاتُ مُدَّعَاهُ بِدَلِيلِهِ وَالْإِلْزَامُ وَغَرَضُ الْمُعْتَرِضِ إفْحَامُهُ بِمَنْعِهِ عَنْ الْإِثْبَاتِ فَالْمُسْتَدِلُّ هُوَ الْمُدَّعِي وَالْإِثْبَاتُ هُوَ مُدَّعَاهُ وَالشَّاهِدُ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ وَصَلَاحِيَّتُهُ لِلشَّهَادَةِ بِصِحَّةِ الْمُقَدِّمَاتِ، وَنَفَاذُهَا بِتَرَتُّبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ، وَإِلَّا يَكُونُ كَتَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَالْمُعْتَرِضُ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالدَّافِعُ لِلدَّعْوَى وَالدَّفْعُ يَكُونُ بِهَدْمِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ فَهَدْمُ شَهَادَةِ الدَّلِيلِ بِالْقَدْحِ فِي صِحَّتِهِ بِمَنْعِ مُقَدِّمَةٍ مِنْ مُقَدِّمَاتِهِ وَطَلَبُ الدَّلِيلِ عَلَيْهَا وَعَدَمُ نَفَاذِ شَهَادَتِهِ بِالْمُعَارَضَةِ بِمَا يُقَاوِمُهَا وَيَمْنَعُ ثُبُوتَ حُكْمِهَا فَمَا لَيْسَ مِنْ الْقَبِيلِ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَقْصُودِ الِاعْتِرَاضِ فَلَا يُسْمَعُ، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ بِالْجَوَابِ بَلْ الْجَوَابُ عَنْهُ فَاسِدٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ جَوَابٌ لِمَنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُجَابَ، وَإِنْ فُرِضَ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ اهـ.
وَقَدْ لَخَّصَ فِي التَّلْوِيحِ التَّفْتَازَانِيُّ وَفَرَّعَ عَلَيْهِ أَنَّ النَّقْضَ وَفَسَادَ الْوَضْعِ مِنْ قَبِيلِ الْمَنْعِ وَالْقَلْبِ وَالْعَكْسِ، وَالْقَوْلَ بِالْمُوجَبِ مِنْ قَبِيلِ الْمُعَارَضَةِ وَعِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ الْمُنَاقَضَةُ عِبَارَةٌ عَنْ مَنْعِ مُقَدِّمَةِ الدَّلِيلِ سَوَاءٌ كَانَ مَعَ السَّنَدِ أَوْ بِدُونِهِ وَعِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ عِبَارَةٌ عَنْ النَّقْضِ وَمَرْجِعُهَا إلَى الْمُمَانَعَةِ؛ لِأَنَّهَا امْتِنَاعٌ عَنْ تَسْلِيمِ بَعْضِ الْمُقَدِّمَاتِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ، وَتَخَلُّفُ الْحُكْمِ بِمَنْزِلَةِ السَّنَدِ لَهُ فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَكُونَ
فِي الدَّلِيلِ مِنْ حَيْثُ الْعِلَّةُ أَوْ غَيْرُهَا (مِنْهَا تَخَلُّفُ الْحُكْمِ عَنْ الْعِلَّةِ) بِأَنْ وُجِدَتْ فِي صُورَةٍ مَثَلًا بِدُونِ الْحُكْمِ
ــ
[حاشية العطار]
الْمُعَارَضَةُ مِنْ أَقْسَامِ الِاعْتِرَاضِ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَ الْخَصْمِ قَدْ ثَبَتَ بِتَمَامِ دَلِيلِهِ، قُلْنَا: هِيَ فِي الْمَعْنَى نَفْيٌ لِتَمَامِ الدَّلِيلِ وَنَفَاذِ شَهَادَتِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ حَيْثُ قُوبِلَ بِمَا يَمْنَعُ ثُبُوتَ مَدْلُولِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي الدَّلِيلِ) الْمُرَادُ بِهِ الْقِيَاسُ وَبِالْغَيْرِ أَرْكَانُهُ كَالْفَرْعِ، وَالْأَصْلِ مَثَلًا وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْأَوْضَحُ عِلَّةً كَانَ الدَّلِيلَ أَوْ غَيْرَهَا اهـ.
وَفِيهِ أَنَّ الدَّلِيلَ الَّذِي هُوَ الْقِيَاسُ لَا يَكُونُ عِلَّةً (قَوْلُهُ: مِنْهَا تَخَلُّفُ الْحُكْمِ عَنْ الْعِلَّةِ) مِثَالُهُ أَنْ يَقُولَ الشَّافِعِيُّ مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ النِّيَّةَ فِي صَوْمٍ وَاجِبٍ يَعْرَى أَوَّلُ صَوْمِهِ عَنْ النِّيَّةِ فَلَا يَصِحُّ فَيَنْقُضُهُ الْحَنَفِيُّ بِصَوْمِ التَّطَوُّعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِلَا تَبْيِيتٍ فَقَدْ وُجِدَتْ الْعِلَّةُ وَهِيَ الْعُرْيُ عَنْ النِّيَّةِ بِدُونِ الْحُكْمِ، وَهُوَ عَدَمُ الصِّحَّةِ ثُمَّ إنَّ إطْلَاقَهُ التَّخَلُّفَ يَصْدُقُ بِوُجُودِ مَانِعٍ وَفَقْدِ شَرْطٍ وَغَيْرِهِمَا وَإِطْلَاقُهُ الْعِلَّةَ يَصْدُقُ بِالْمَنْصُوصَةِ قَطْعًا وَالْمَنْصُوصَةِ ظَنًّا وَالْمُسْتَنْبَطَةِ وَالْحَاصِلُ مِنْ ذَلِكَ تِسْعَةُ أَقْسَامٍ؛ لِأَنَّهَا الْخَارِجَةُ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ لَكِنَّ النَّقْضَ إنَّمَا يَأْتِي فِيمَا أَمْكَنَ فِيهِ مِنْهَا قَالَ النَّاصِرُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ فِي الْمَنْصُوصَةِ إذْ الْقَدْحُ فِيهَا بِذَلِكَ رَدٌّ لِلنَّصِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ التَّخَلُّفُ فِي صُورَةِ نَاسِخٍ لِلْعِلِّيَّةِ، وَفِيهِ إشْكَالٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الْقَدْحَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَرُدَّ جَمِيعَ الْأَقْوَالِ الَّتِي فِي الْعِلَّةِ، وَفِي ذَلِكَ تَخْطِئَةُ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ أَحَدُهَا إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ إحْدَاثِ قَوْلٍ ثَالِثٍ إذَا أُجْمِعَ عَلَى قَوْلَيْنِ مَثَلًا اهـ.
أَقُولُ الْإِشْكَالُ الْأَوَّلُ مَنْصُوصٌ فِي التَّلْوِيحِ وَعِبَارَتُهُ هَكَذَا: ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ النَّقْضَ غَيْرُ مَسْمُوعٍ عَلَى الْعِلَلِ الْمُؤَثِّرَةِ؛ لِأَنَّ التَّأْثِيرَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ، وَلَا يُتَصَوَّرُ الْمُنَاقَضَةُ فِيهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ ثُبُوتَ التَّأْثِيرِ قَدْ يَكُونُ ظَنًّا فَيَصِحُّ الِاعْتِرَاضُ بِالنَّقْضِ إلَى آخِرِ مَا قَالَ وَقَالَ سم إنَّ الْعِلَّةَ، وَإِنْ كَانَ نَصُّهَا قَطْعِيَّ الْمَتْنِ وَالدَّلَالَةِ فَإِنَّ النَّصَّ الْمَذْكُورَ، وَإِنْ أَفَادَ الْقَطْعَ بِأَنَّ الْعِلَّةَ كَذَا لَكِنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْقَطْعَ بِأَنَّ كَذَا بِمُجَرَّدِهِ، أَوْ مُطْلَقًا هُوَ الْعِلَّةُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُعْتَبَرَ مَعَهُ شَيْءٌ آخَرُ كَانْتِفَاءِ مَانِعٍ، فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ النَّصَّ أَفَادَ الْقَطْعَ بِأَنَّ الْعِلَّةَ مُجَرَّدُ كَذَا وَأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَعَهُ شَيْءٌ آخَرُ كَأَنْ قَالَ: الْعِلَّةُ كَذَا بِمُجَرَّدِهِ، وَلَا مَانِعَ لَهُ، وَلَا شَرْطَ لَمْ يُتَصَوَّرْ تَخَلُّفٌ حِينَئِذٍ حَتَّى يُتَصَوَّرَ اخْتِلَافٌ فِي الْقَدْحِ بِهِ.
قَالَ، وَأَمَّا الْإِشْكَالُ الثَّانِي فَجَوَابُهُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ فِي ذَلِكَ تَخْطِئَةَ الْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّخَلُّفِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ يَسْتَبِينُ أَنَّهُ اُعْتُبِرَ عَلَى كُلٍّ مَعَ مَا ذُكِرَ فِيهِ أَمْرٌ آخَرُ شَرْطًا أَوْ شَطْرًا؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْإِجْمَاعِ إذَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ أَحَدُهَا وَسَلَّمُوا تَخَلُّفَ الْحُكْمِ فِي الْمَادَّةِ الْمَخْصُوصَةِ فَقَدْ يَلْزَمُهُمْ أَنْ يَعْتَبِرُوا مَعَ كَوْنِ الْعِلَّةِ أَحَدَهَا شَيْئًا آخَرَ لَا تَصْدُقُ الْعِلَّةُ مَعَهُ عَلَى الْمَادَّةِ الْمَخْصُوصَةِ فَتَكُونُ الْعِلَّةُ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ هِيَ ذَلِكَ الْمَجْمُوعُ أَوْ ذَلِكَ الْوَصْفُ بِشَرْطِ ذَلِكَ الْأَمْرِ الْآخَرِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِمَا ذُكِرَ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ أَنَّهُ مُعْتَبَرٌ لَا أَنَّهُ بِمُجَرَّدِهِ هُوَ الْمُعْتَبَرُ فَيَكُونُ الْمَوْجُودُ مِنْ الْإِجْمَاعِ هُوَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ لَا تَخْرُجُ عَنْ تِلْكَ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ فِي تِلْكَ الْأَقْوَالِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَيَكُونُ مَعْنَى الْقَدْحِ بِالتَّخَلُّفِ هُوَ أَنَّ الْوَصْفَ الْمَذْكُورَ
(وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ) رضي الله عنه فِي أَنَّهُ قَادِحٌ فِي الْعِلَّةِ (وَسَمَّاهُ النَّقْضَ، وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: لَا يَقْدَحُ) فِيهَا (وَسَمَّوْهُ تَخْصِيصَ الْعِلَّةِ، وَقِيلَ لَا) يَقْدَحُ (فِي) الْعِلَّةِ (الْمُسْتَنْبَطَةِ) ؛ لِأَنَّ دَلِيلَهَا اقْتِرَانُ الْحُكْمِ بِهَا، وَلَا وُجُودَ لَهُ فِي صُورَةِ التَّخَلُّفِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الْعِلِّيَّةِ فِيهَا بِخِلَافِ الْمَنْصُوصَةِ فَإِنَّ دَلِيلَهَا النَّصُّ الشَّامِلُ لِصُورَةِ التَّخَلُّفِ وَانْتِفَاءُ الْحُكْمِ فِيهَا يُبْطِلُهُ بِأَنْ يُوقِفَهُ عَنْ الْعَمَلِ بِهِ، وَالْحَنَفِيَّةُ تَقُولُ: يُخَصِّصُهُ وَيُجَابُ عَنْ دَلِيلِ الْمُسْتَنْبَطَةِ بِأَنَّ اقْتِرَانَ الْحُكْمِ بِالْوَصْفِ يَدُلُّ عَلَى عِلِّيَّتِهِ فِي جَمِيعِ صُوَرِهِ كَدَلِيلِ الْمَنْصُوصَةِ (وَقِيلَ عَكْسُهُ) أَيْ لَا يَقْدَحُ فِي الْمَنْصُوصَةِ وَيَقْدَحُ فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَهُ أَنْ يُطْلِقَ الْعَامَّ وَيَرُدَّ بَعْضَهُ مُؤَخِّرًا بَيَانَهُ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ إذَا عَلَّلَ بِشَيْءِ وَنُقِضَ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ: أَرَدْت غَيْرَ ذَلِكَ لِسَدِّهِ بَابَ إبْطَالِ الْعِلَّةِ (وَقِيلَ يَقْدَحُ) فِيهِمَا (إلَّا أَنْ يَكُونَ) التَّخَلُّفُ (لِمَانِعٍ أَوْ فَقْدِ شَرْطٍ) لِلْحُكْمِ
ــ
[حاشية العطار]
فِي كُلِّ قَوْلٍ لَيْسَ هُوَ تَمَامُ الْعِلَّةِ وَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُ تَخْطِئَةُ الْإِجْمَاعِ اهـ.
وَأَثَرُ التَّكَلُّفِ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ ظَاهِرٌ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ) ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ فِي شِفَاءِ الْغَلِيلِ إنَّهُ لَا يُعْرَفُ لِلشَّافِعِيِّ فِيهِ نَصٌّ كَأَنَّهُ أَرَادَ صَرِيحًا أَوْ فِيمَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَمُنَاظَرَاتُ الشَّافِعِيِّ مَعَ خُصُومِهِ طَافِحَةٌ بِذَلِكَ ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الْبِرْمَاوِيُّ وَزَادَ فِي بَيَانِهِ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ) أَيْ أَكْثَرُهُمْ فَإِنَّ صَاحِبَ التَّوْضِيحِ صَرَّحَ بِأَنَّهُ لَا يَقُولُ بِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ وَمَعْنَى تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ تَخْصِيصُهَا بِبَعْضِ صُوَرِهَا وَالتَّخْصِيصُ إنْ كَانَتْ مَنْصُوصَةً فَمِنْ الشَّارِعِ، وَإِلَّا فَمِنْ الْمُجْتَهِدِ (قَوْلُهُ:، وَلَا وُجُودَ لَهُ) لِعَدَمِ اقْتِرَانِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ فِي صُورَةِ التَّخَلُّفِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ دَلِيلَهَا) أَيْ دَلِيلَ عِلِّيَّتِهَا فَالْمُرَادُ بِدَلِيلِهَا مَسْلَكُهَا؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ عَدُّ النَّصِّ مِنْ الْمَسَالِكِ.
(قَوْلُهُ: الشَّامِلُ لِصُورَةِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ هُوَ هَذَا الْمَعْنَى كَانَ شَامِلًا لِجَمِيعِ أَفْرَادِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُوقِفَهُ عَنْ الْعَمَلِ بِهِ) أَيْ حَتَّى يُوجَدَ مُرَجِّحٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِبْطَالِ وَالْإِلْغَاءِ بِالْكُلِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ) أَيْ مِنْ طَرَفِ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: عَنْ دَلِيلِ الْمُسْتَنْبَطَةِ) أَيْ الَّذِي يَتَمَسَّكُ بِهِ الْخَصْمُ (قَوْلُهُ: يَدُلُّ عَلَى عِلِّيَّتِهِ) أَيْ فَيَقْدَحُ فِيهِ بِالتَّخَلُّفِ كَالْمَنْصُوصَةِ (قَوْلُهُ: مُؤَخِّرًا بَيَانَهُ) أَيْ الْعَامِّ بِبَيَانِ مَا خَرَجَ مِنْهُ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ أَيْ إلَى الْبَيَانِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَيْرِهِ) أَيْ الشَّارِعِ، وَهُوَ الْمُجْتَهِدُ (قَوْلُهُ: غَيْرَ ذَلِكَ) أَيْ غَيْرَ الْمَنْقُوضِ بِهِ (قَوْلُهُ: لِسَدِّهِ بَابَ إبْطَالِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ كُلَّمَا بَطَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، قَالَ أَرَدْت غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: لِمَانِعٍ) كَتَعْلِيلِ إيجَابِ الْقِصَاصِ بِالْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ تَخَلَّفَ الْحُكْمُ
فَلَا يَقْدَحُ (وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ فُقَهَائِنَا، وَقِيلَ يَقْدَحُ إلَّا أَنْ يَرِدَ عَلَى جَمِيعِ الْمَذَاهِبِ كَالْعَرَايَا) ، وَهُوَ بَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ قَبْلَ الْقَطْعِ بِتَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ، فَإِنَّ جَوَازَهُ وَارِدٌ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ فِي عِلَّةِ حُرْمَةِ الرِّبَا مِنْ الطَّعْمِ وَالْقُوتِ وَالْكَيْلِ وَالْمَالِ فَلَا يَقْدَحُ.
(وَعَلَيْهِ الْإِمَامُ) الرَّازِيّ وَنَقَلَ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ حُرْمَةَ الرِّبَا لَا تُعَلَّلُ إلَّا بِأَحَدِ هَذِهِ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ (وَقِيلَ يَقْدَحُ فِي) الْعِلَّةِ (الْحَاظِرَةِ) دُونَ الْمُبِيحَةِ؛ لِأَنَّ الْحَظْرَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَتُقَدَّمَ فِيهِ الْإِبَاحَةُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ (وَقِيلَ) يَقْدَحُ (فِي الْمَنْصُوصَةِ إلَّا) إذَا ثَبَتَتْ
ــ
[حاشية العطار]
عَنْهُ فِي الْأَبِ وَالسَّيِّدِ لِمَانِعِ الْأُبُوَّةِ وَالسِّيَادَةِ، وَقَوْلُهُ أَوْ فَقْدِ شَرْطٍ كَتَعْلِيلِ وُجُوبِ الرَّجْمِ بِالزِّنَا فَتَخَلَّفَ الْحُكْمُ عَنْهُ فِي الْبِكْرِ لِانْتِفَاءِ شَرْطِ الْإِحْصَانِ فَلَا يَقْدَحُ التَّخَلُّفُ فِيهِمَا فِي الْعِلَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَنْصُوصَةً أَوْ مُسْتَنْبَطَةً.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَقْدَحُ) ؛ لِأَنَّ التَّخَلُّفَ لِمَانِعٍ لَا يُبْطِلُ كَوْنَ الْوَصْفِ عِلَّةً فِي حَدِّ ذَاتِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَرِدَ) أَيْ التَّخَلُّفُ أَيْ الِاعْتِرَاضُ بِهِ وَيُجِيبُ الْفُقَهَاءُ عَنْهُ بِأَنَّ التَّخَلُّفَ فِيهِ لِفِقْدَانِ شَرْطٍ مَثَلًا أَوْ لِوُجُودِ مَانِعٍ أَوْ يَجْعَلُهُ مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ كَأَنْ يُقَالَ مَثَلًا الطَّعْمُ عِلَّةُ الرِّبَا لَا فِي بَيْعِ الْعَرَايَا لِدَلِيلٍ يَخُصُّهَا لِئَلَّا يَرِدَ النَّقْضُ عَلَيْهِمْ وَالِاسْتِثْنَاءُ الْمُصَرَّحُ بِهِ اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْجَمِيعُ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ أَيْ الَّذِي بِالْقُوَّةِ (قَوْلُهُ: كَالْعَرَايَا) أَيْ كَبَيْعِ الْعَرَايَا قَالَ النَّاصِرُ: فِيهِ إشْكَالٌ، الْعَرَايَا رُخْصَةٌ بِإِجْمَاعٍ، وَالرُّخْصَةُ مَا شُرِعَ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ الْمَانِعِ مِنْهُ لَوْلَا الْعُذْرُ وَالْمَانِعُ لَيْسَ إلَّا الْعِلَّةُ فَهُوَ إجْمَاعٌ عَلَى أَنَّ قِيَامَ الْعِلَّةِ بِدُونِ الْحُكْمِ فِي مَحَلِّ الْعُذْرِ، وَلَا يَمْنَعُ عِلَّتَهَا فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ الطَّعْمِ) أَيْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَقَوْلُهُ وَالْقُوتِ أَيْ عِنْدَ مَالِكٍ وَقَوْلُهُ وَالْكَيْلِ أَيْ وَالْوَزْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ - قَوْلُهُ، وَالْمَالِ يُنْظَرُ مَنْ عَلَّلَ بِهِ وَعَلَى التَّعْلِيلِ بِهِ يَلْزَمُ أَنَّ كُلَّ مَا وُجِدَتْ فِيهِ الْمَالِيَّةُ كَانَ رِبَوِيًّا مَعَ أَنَّ كَثِيرًا مِمَّا وُجِدَتْ فِيهِ الْمَالِيَّةُ غَيْرُ رِبَوِيٍّ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَ الْإِجْمَاعَ إلَخْ) اُعْتُرِضَ هَذَا النَّقْلُ بِأَنَّ الْعِلَّةَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رضي الله عنه الِاقْتِنَاءُ وَالِادِّخَارُ لِلْعَيْشِ غَالِبًا قَالَهُ النَّجَّارِيُّ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ إجْمَاعٌ مَذْهَبِيٌّ أَوْ لَعَلَّ مَالِكًا يَجْعَلُ الِادِّخَارَ شَرْطًا أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِجْمَاعِ الْوِفَاقُ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: فَيُقْدَحُ فِيهِ بِالْإِبَاحَةِ) أَيْ التَّخَلُّفُ بِهَا كَالْإِبَاحَةِ فِي التُّفَّاحِ بِأَنْ يُقَالَ مَثَلًا لَا يَحْرُمُ الرِّبَا فِي التُّفَّاحِ لِعَدَمِ الِاقْتِيَاتِ فَهَذِهِ عِلَّةٌ مُبِيحَةٌ فَإِذَا تَخَلَّفَ الْحُكْمُ، وَهُوَ عَدَمُ الرِّبَوِيَّةِ فِي صُورَةٍ وُجِدَتْ فِيهَا الرِّبَوِيَّةُ مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا فِي الْمِلْحِ
(بِظَاهِرٍ عَامٍّ) لِقَبُولِهِ لِلتَّخْصِيصِ بِخِلَافِ الْقَاطِعِ (وَ) يَقْدَحُ فِي (الْمُسْتَنْبَطَةِ) أَيْضًا (إلَّا) أَنْ يَكُونَ التَّخَلُّفُ (لِمَانِعٍ أَوْ فَقْدِ شَرْطٍ) لِلْحُكْمِ فَلَا يَقْدَحُ فِيهَا وَقَالَ الْآمِدِيُّ إنْ كَانَ التَّخَلُّفُ لِمَانِعٍ أَوْ فَقْدِ شَرْطٍ أَوْ فِي مِعْرَضِ الِاسْتِثْنَاءِ مَنْصُوصَةً كَانَتْ أَوْ مُسْتَنْبَطَةً (أَوْ كَانَتْ مَنْصُوصَةً بِمَا لَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ لَمْ يَقْدَحْ) ، وَإِلَّا قَدَحَ إلَّا فِي الْمَنْصُوصَةِ بِمَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ فَيُؤَوَّلُ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ عَنْهُ فِي الْمَنْصُوصَةِ بِمَا لَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ لَمْ يَقْدَحْ هُوَ لَازِمُ قَوْلِهِ فِيهَا إنْ كَانَ التَّخَلُّفُ لِدَلِيلٍ ظَنِّيٍّ فَالظَّنِّيُّ لَا يُعَارِضُ الْقَطْعِيَّ أَوْ قَطْعِيٍّ فَتَعَارُضُ قَطْعِيَّيْنِ مُحَالٌ
ــ
[حاشية العطار]
لَا يَقْدَحُ بِالتَّخَلُّفِ حِينَئِذٍ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَأَمَّا الْحَاظِرَةُ فَكَمَا لَوْ قِيلَ: تَحْرُمُ الْمُفَاضَلَةُ فِي الرِّبَوِيَّاتِ لِلْكَيْلِ فَإِذَا تَخَلَّفَ الْحُكْمُ فِي صُورَةٍ كَالْبِرْسِيمِ مَثَلًا تَأَتَّيْ الْقَدْحُ حِينَئِذٍ قَالَ الشَّيْخُ خَالِدٌ، وَهَذَا الْقَوْلُ حَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ.
(قَوْلُهُ: بِظَاهِرٍ عَامٍّ) كَحَدِيثِ «الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ رِبًا» وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْقَاطِعِ أَيْ كَمَا لَوْ قِيلَ: إنَّ كُلَّ مَطْعُومٍ رِبَوِيٌّ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَيْ وَبِخِلَافِ الظَّاهِرِ الْخَاصُّ بِمَحَلِّ النَّقْضِ أَوْ بِغَيْرِهِ سَوَاءٌ عَمَّ الْقَاطِعُ الْمَحَالَّ أَمْ اخْتَصَّ بِمَحَلِّ النَّقْضِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَيَقْدَحُ النَّقْضُ حِينَئِذٍ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا وَهْمٌ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ إذَا ثَبَتَتْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلَا نَقْضَ لِاسْتِحَالَةِ التَّخَلُّفِ فِي الْقَاطِعِ الْعَامِّ، وَفِي الْخَاصِّ، وَلَوْ ظَاهِرًا بِمَحَلِّ النَّقْضِ وَعَدَمِ التَّعَارُضِ فِي الْخَاصِّ بِغَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا قَدْحَ فِي الْمَنْصُوصَةِ مُطْلَقًا كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ كَلَامٌ كَثِيرٌ حَتَّى الْمُصَنِّفَ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ فَعُلِمَ أَنَّ الْقَدْحَ عَلَى هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ إذَا كَانَ التَّخَلُّفُ بِلَا مَانِعٍ أَوْ فَقْدٍ، وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ وَلِي بِهِمْ أُسْوَةٌ اهـ.
وَقَالَ النَّجَّارِيُّ لَا يُمْكِنُ مُعَارَضَةُ الْقَاطِعِ سَوَاءٌ كَانَ خَاصًّا بِمَحَلِّ النَّقْضِ أَوْ عَامًّا لَهُ وَلِغَيْرِهِ مِنْ الْمَحَالِّ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ نَسْخُهُ بِدَلِيلٍ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمَتْنِ عَلَى ذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ: مِعْرَضِ الِاسْتِثْنَاءِ) كَتَخَلُّفِ حُكْمِ الرِّبَا فِي الْعَرَايَا مَعَ وُجُودِ عِلَّةِ الرِّبَا فِيهَا وَهِيَ الطَّعْمُ وَمِعْرَضُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ كَمِبْضَعٍ (قَوْلُهُ: مَنْصُوصَةً كَانَتْ أَوْ مُسْتَنْبَطَةً) أَيْ مَعَ كُلٍّ مِنْ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ مَنْصُوصَةً بِمَا لَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَقَوْلُهُ بِمَا أَيْ بِنَصٍّ (قَوْلُهُ: وَالْقَدْحُ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ التَّخَلُّفُ لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ، وَلَمْ تَكُنْ الْعِلَّةُ مَنْصُوصَةً بِمَا ذُكِرَ بَلْ كَانَ التَّخَلُّفُ لِغَيْرِهَا وَكَانَتْ الْعِلَّةُ مُسْتَنْبَطَةً أَوْ مَنْصُوصَةً بِمَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ فَافْهَمْ اهـ. نَاصِرٌ.
(قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْمَنْصُوصَةِ بِمَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ) فِيهِ إشَارَةٌ خَفِيَّةٌ إلَى أَنَّ تَقْيِيدَ الْآمِدِيِّ بِمَا لَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ مُنْتَقَدٌ (قَوْلُهُ: فَيُؤَوَّلُ) أَيْ النَّصُّ، وَقَوْلُهُ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ أَيْ دَلِيلِ الْعِلَّةِ وَدَلِيلِ التَّخَلُّفِ (قَوْلُهُ: لَازِمُ قَوْلِهِ) أَيْ الْآمِدِيِّ فِيهَا أَيْ فِي الْمَنْصُوصَةِ وَوَجْهُ لُزُومِهِ أَنَّ الْقَدْحَ فَرْعُ التَّعَارُضِ فَيَلْزَمُ مِنْ انْتِفَائِهِ انْتِفَاءُ الْقَدْحِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْآمِدِيِّ تَمَامُ عَشْرَةِ أَقْوَالٍ مَحْكِيَّةٍ فِي الْقَدْحِ قَالَهُ الشَّيْخُ خَالِدٌ، وَفِي النَّجَّارِيِّ أَنَّ مُحَصَّلَ عِبَارَةِ
قَالَ الْمُصَنِّفُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا نَاسِخًا (وَالْخِلَافُ) فِي الْقَدْحِ (مَعْنَوِيٌّ لَا لَفْظِيٌّ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ) فِي قَوْلِهِ إنَّهُ لَفْظِيٌّ مَبْنِيٌّ عَلَى تَفْسِيرِ الْعِلَّةِ إنْ فُسِّرَتْ بِمَا يَسْتَلْزِمُ وُجُودُهُ وُجُودَ الْحُكْمِ، وَهُوَ مَعْنَى الْمُؤَثِّرِ فَالتَّخَلُّفُ قَادِحٌ، أَوْ بِالْبَاعِثِ وَكَذَا بِالْمُعَرِّفِ فَلَا (وَمِنْ فُرُوعِهِ) أَيْ فُرُوعِ أَنَّ الْخِلَافَ مَعْنَوِيٌّ (التَّعْلِيلُ بِعِلَّتَيْنِ) فَيَمْتَنِعُ إنْ قَدَحَ التَّخَلُّفُ، وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا التَّفْرِيعُ نَشَأَ عَنْ سَهْوٍ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي تَخَلُّفِ الْعِلَّةِ عَنْ الْحُكْمِ، وَالْكَلَامُ فِي عَكْسِ ذَلِكَ (وَالِانْقِطَاعُ) لِلْمُسْتَدِلِّ فَيَحْصُلُ إنْ قَدَحَ التَّخَلُّفُ، وَإِلَّا فَلَا وَيُسْمَعُ قَوْلُهُ أَرَدْتُ الْعِلِّيَّةَ فِي غَيْرِ مَا حَصَلَ فِيهِ التَّخَلُّفُ (وَانْخِرَامُ الْمُنَاسَبَةِ بِمَفْسَدَةٍ) فَيَحْصُلُ إنْ قَدَحَ التَّخَلُّفُ، وَإِلَّا فَلَا وَلَكِنْ يَنْتَفِي الْحُكْمُ لِوُجُودِ الْمَانِعِ (وَغَيْرُهَا) بِالرَّفْعِ أَيْ غَيْرُ ذَلِكَ الْمَذْكُورَاتِ كَتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ
ــ
[حاشية العطار]
الْآمِدِيِّ فِيهَا أَنَّ تَخَلُّفَ الْحُكْمِ عَنْ الْمَنْصُوصَةِ بِمَا ذُكِرَ لَا يُمْكِنُ إذْ التَّخَلُّفُ لَوْ فُرِضَ فَإِمَّا بِظَنِّيٍّ، وَلَا يُمْكِنُ لِعَدَمِ مُعَارَضَتِهِ لِلْقَطْعِيِّ وَإِمَّا بِقَطْعِيٍّ، وَلَا يُمْكِنُ وُجُودُهُ لِاسْتِلْزَامِ تَعَارُضِ قَطْعِيَّيْنِ، وَهُوَ مُحَالٌ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْقَدْحِ فِي الْمَنْصُوصَةِ الصَّادِقِ بِعَدَمِ وُجُودِ الْقَادِحِ، وَهُوَ تَخَلُّفُ الْحُكْمِ مِنْ أَصْلِهِ إذْ السَّالِبَةُ تَصْدُقُ بِعَدَمِ الْمَوْضُوعِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا نَاسِخًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ اسْتِدْرَاكٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْآمِدِيِّ وَأَنَّ الْآمِدِيَّ لَمْ يَذْكُرْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مِنْ كَلَامِ الْآمِدِيِّ نَفْسِهِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِحْكَامِ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: وَالْخِلَافُ فِي الْقَدْحِ) أَيْ بِأَقْوَالِهِ التِّسْعَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: فِي تَخَلُّفِ الْعِلَّةِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يُوجَدَ الْحُكْمُ بِدُونِهَا فَعَلَى مَنْعِ التَّعْلِيلِ بِعِلَّتَيْنِ يَمْتَنِعُ لِوُجُودِ الْحُكْمِ بِدُونِ الْعِلَّةِ وَعَلَى الْجَوَازِ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا إذَا تَخَلَّفَتْ خَلَفَهَا عِلَّةٌ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْقَدْحَ فِي تَخَلُّفِ الْعِلَّةِ فَرْعٌ عَنْ امْتِنَاعِ التَّعْلِيلِ بِعِلَّتَيْنِ لَا عَكْسُهُ كَمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ الْمَتْنِ وَتَقْرِيرُ الشَّارِحِ لَهُ (قَوْلُهُ: وَيُسْمَعُ قَوْلُهُ) عَطْفٌ عَلَى لَا مَعَ الْمُقَدَّرِ بَعْدَهَا أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَقْدَحْ التَّخَلُّفُ فَلَا يَنْقَطِعُ الْمُسْتَدِلُّ، وَيُسْمَعُ قَوْلُهُ أَرَدْتُ إلَخْ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: وَانْخِرَامُ الْمُنَاسَبَةِ إلَخْ) وَذَلِكَ كَالْمُسَافِرِ الَّذِي لَهُ طَرِيقَانِ، وَيَسْلُكُ الْبَعِيدَ لَا لِغَرَضٍ غَيْرِ الْقَصْرِ فَإِنَّهُ لَا يَتَرَخَّصُ فَقَدْ تَخَلَّفَ الْحُكْمُ، وَهُوَ جَوَازُ التَّرَخُّصِ عَنْ الْعِلَّةِ، وَهُوَ السَّفَرُ فَيَحْصُلُ انْخِرَامُ الْمُنَاسَبَةِ إنْ قَدَحَ التَّخَلُّفُ؛ لِأَنَّ الْمُنَاسَبَةَ، وَهُوَ السَّفَرُ عُورِضَ بِمَفْسَدَةِ الْعُدُولِ عَنْ الْقَرِيبِ لَا لِغَرَضٍ غَيْرِ الْقَصْرِ، وَإِلَّا يَقْدَحُ التَّخَلُّفُ فَلَا يَحْصُلُ الِانْخِرَامُ لَكِنْ يَنْتَفِي الْحُكْمُ لِوُجُودِ الْمَانِعِ، وَهُوَ الْمَفْسَدَةُ.
(قَوْلُهُ: فَيَحْصُلُ) أَيْ الِانْخِرَامُ إنْ قَدَّمَ التَّخَلُّفَ أَيْ إنْ قُلْنَا: النَّقْضُ قَادِحٌ فَتَبْطُلُ بِهِ مُنَاسَبَةُ الْوَصْفِ لِلْحُكْمِ فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُقْتَضِيًا لِتَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ، وَإِنْ، قُلْنَا: إنَّهُ غَيْرُ قَادِحٍ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ الْمُنَاسَبَةُ وَلَكِنْ يَنْتَفِي الْحُكْمُ لِوُجُودِ الْمَانِعِ، وَهُوَ الْمَفْسَدَةُ إذْ لَا عَمَلَ لِلْمُقْتَضِي مَعَ وُجُودِ الْمَانِعِ اهـ. نَجَّارِيٌّ.
وَقَوْلُهُ لِوُجُودِ الْمَانِعِ فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمُرَادُ بِالْمَانِعِ الْمَفْسَدَةُ، وَهِيَ إنَّمَا تُوجَدُ بِوُجُودِ الْحُكْمِ فَلَيْسَتْ مَعَ عَدَمِهِ مَوْجُودَةً وَوُجُودُهَا عِلَّةٌ لِانْتِفَائِهِ حَتَّى يَكُونَ مِنْ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ لِوُجُودِهَا مَانِعَةً بَلْ مِنْ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ لِانْتِفَاءِ عِلَّتِهِ بِسَبَبِ الْمَفْسَدَةِ الْمُقَاوِمَةِ لَهَا اهـ. نَاصِرٌ.
(قَوْلُهُ: بِالرَّفْعِ) بَيَّنَ إعْرَابَهُ لِئَلَّا
فَيَمْتَنِعُ إنْ قَدَحَ التَّخَلُّفُ، وَإِلَّا فَلَا.
(وَجَوَابُهُ) أَيْ التَّخَلُّفِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ قَادِحٌ (مَنْعُ وُجُودِ الْعِلَّةِ) فِيمَا اُعْتُرِضَ بِهِ (أَوْ) مَنْعُ (انْتِفَاءِ الْحُكْمِ) عَنْ ذَلِكَ (إنْ لَمْ يَكُنْ انْتِفَاؤُهُ مَذْهَبَ الْمُسْتَدِلِّ) ، وَإِلَّا فَلَا يَتَأَتَّى الْجَوَابُ بِمَنْعِهِ (وَعِنْدَ مَنْ يَرَى الْمَوَانِعَ) أَيْ يَعْتَبِرُهَا بِالنَّفْيِ فِي قَدْحِ التَّخَلُّفِ حَتَّى إذَا وُجِدَتْ أَوْ وَاحِدٌ مِنْهَا لَا يَقْدَحُ عِنْدَهُ (بَيَانُهَا) فَيَحْصُلُ الْجَوَابُ عَلَى رَأْيِهِ بِبَيَانِهَا أَوْ بَيَانِ وَاحِدٍ مِنْهَا.
(وَلَيْسَ لِلْمُعْتَرِضِ) بِالتَّخَلُّفِ (الِاسْتِدْلَال عَلَى وُجُودِ الْعِلَّةِ) فِيمَا اُعْتُرِضَ (بِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ) مِنْ النُّظَّارِ، وَلَوْ بَعْدَ مَنْعِ الْمُسْتَدِلِّ وُجُودَهَا (لِلِانْتِقَالِ) مِنْ الِاعْتِرَاضِ إلَى الِاسْتِدْلَالِ الْمُؤَدِّي إلَى الِانْتِشَارِ، وَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ لِيَتِمَّ مَطْلُوبُهُ مِنْ إبْطَالِهِ الْعِلَّةِ (وَقَالَ الْآمِدِيُّ) لَهُ ذَلِكَ (مَا لَمْ يَكُنْ دَلِيلٌ أَوْلَى) مِنْ التَّخَلُّفِ (بِالْقَدْحِ) فَإِنْ كَانَ فَلَا، وَلَوْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِلَفْظِهِ لَهُ لَسَلِمَ مِنْ إيهَامِ نَفْيِهَا أَيْ إيقَاعِهِ فِي الْوَهْمِ أَيْ الذِّهْنِ وَمَا حَكَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّهُ يُمْكِنُ
ــ
[حاشية العطار]
يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى مَفْسَدَةٍ بَلْ هُوَ عَطْفٌ عَلَى التَّعْلِيلِ بِعِلَّتَيْنِ (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ إنْ قَدَحَ التَّخَلُّفُ، وَإِلَّا فَلَا) ؛ لِأَنَّ الْقَدْحَ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْعِلِّيَّةِ وَالتَّخْصِيصُ يَسْتَلْزِمُ وُجُودَهَا (قَوْلُهُ: مَنْعُ وُجُودِ الْعِلَّةِ) يَعْنِي أَنَّ الْفَرْعَ الَّذِي ادَّعَى الْمُعْتَرِضُ وُجُودَ الْعِلَّةِ فِيهِ وَتَخَلُّفَ الْحُكْمِ عَنْهُ يَمْنَعُ وُجُودَ الْعِلَّةِ فِيهِ فَلَا تَخَلُّفَ فِيهِ لِلْحُكْمِ عَنْ الْعِلَّةِ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمُقْتَضِي، وَمِثَالُهُ أَنْ يُقَالَ: النَّبَّاشُ آخِذٌ لِلنِّصَابِ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ عُدْوَانًا فَهُوَ سَارِقٌ يَسْتَحِقُّ الْقَطْعَ فَإِنْ اعْتَرَضَ الْخَصْمُ بِمَا إذَا سَرَقَ الْكُتُبَ مِنْ مَقْبَرَةٍ فِي مَفَازَةٍ فَلَا يُقْطَعُ فِي الْأَصَحِّ فَجَوَابُهُ مَنْعُ وُجُودِ الْعِلَّةِ فِيهِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ فِي حِرْزِ مِثْلِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مَنْعُ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ) مِثَالُهُ قَوْلُنَا: السَّلَمُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّأْجِيلُ فَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ حَالًّا فَإِنْ اعْتَرَضَ الْخَصْمُ بِالْإِجَارَةِ لِكَوْنِهَا عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ، وَالتَّأْجِيلُ شَرْطٌ فِيهَا فَجَوَابُهُ مَنْعُ انْتِفَاءٍ الْحُكْمِ، وَهُوَ شَرْطُ التَّأْجِيلِ فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْأَجَلِ فِيهَا لَيْسَ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ بَلْ لِيَسْتَقِرَّ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ مَنْ يَرَى الْمَوَانِعَ) مَانِعَةً مِنْ الْقَدْحِ بِأَنْ يَرَى أَنَّ التَّخَلُّفَ إذَا كَانَ لِمَانِعٍ لَا يَكُونُ قَادِحًا، وَإِنَّمَا يَكُونُ قَادِحًا إذَا لَمْ يَكُنْ لِمَانِعٍ، وَهَذَا مُرَادُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ أَيْ يَعْتَبِرُهَا بِالنَّفْيِ فِي قَدْحِ التَّخَلُّفِ أَيْ يَعْتَبِرُ انْتِفَاءَهَا فِي كَوْنِ التَّخَلُّفِ قَادِحًا وَكَالْمَوَانِعِ انْتِفَاءُ الشَّرْطِ فَيَحْصُلُ الْجَوَابُ بِبَيَانِ انْتِفَائِهِ وَقَوْلُهُ بَيَانُهَا قَالَ الْكَمَالُ وَتَبِعَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ التَّقْدِيرُ، وَجَوَابُهُ عِنْدَ مَنْ يَرَى الْمَوَانِعَ بَيَانُهَا أَيْ الْمَوَانِعِ وَالْجُمْلَةُ عَطْفٌ عَلَى الْجُمْلَةِ قَبْلَهَا اهـ.
قُلْت لَا يُتَّجَهُ تَعَيُّنُ ذَلِكَ وَلَا الِاحْتِجَاجُ إلَيْهِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ مَعْطُوفًا بِالْوَاوِ الدَّاخِلَةِ عَلَى عِنْدَ مَنْ يَرَى عَلَى مَنْعِ وُجُودِ الْعِلَّةِ فَيَكُونُ خَبَرًا عَنْ الْمُبْتَدَأِ الْمَذْكُورِ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْقَيْدِ أَعْنِي عِنْدَ مَنْ يَرَى، وَإِنَّمَا قَدَّمَ هَذَا الْقَيْدَ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ رُجُوعِهِ لِلْجَمِيعِ لَوْ أَخَّرَهُ بِأَنْ قَالَ، وَبَيَانُ الْمَوَانِعِ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا أَيْ الْمَذْكُورَاتِ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَطْفُهُ عَلَى وُجُودِ الْعِلَّةِ اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ لِئَلَّا يَقْوَى ذَلِكَ الْإِيهَامُ اهـ. سم (قَوْلُهُ: أَيْ يَعْتَبِرُهَا بِالنَّفْيِ) عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يُجْعَلُ نَفْيُهَا مُؤَثِّرًا فِي الْقَدْحِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَانِعُ مِنْ الْحُكْمِ فِي الْمَحَلِّ الْمُعْتَرَضِ بِهِ مَوْجُودًا فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ التَّخَلُّفُ قَادِحًا (قَوْلُهُ: بِبَيَانِهَا) إنَّمَا غَيَّرَ الْأُسْلُوبَ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ أَوْ بَيَانِ الْمَوَانِعِ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا لِئَلَّا يُوهِمَ عَطْفُهُ عَلَى وُجُودِ الْعِلَّةِ مِثَالُ ذَلِكَ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلِ بِمُثَقَّلٍ كَالْقَتْلِ بِمُحَدَّدٍ فَإِنْ نُقِضَ بِقَتْلِ الْأَبِ ابْنَهُ فَإِنَّ الْحُكْمَ تَخَلَّفَ فِيهِ مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ، فَجَوَابُهُ أَنَّ التَّخَلُّفَ لِمَانِعٍ، وَهُوَ كَوْنُ الْأَبِ سَبَبًا لِإِيجَادِ ابْنِهِ فَلَا يَكُونُ ابْنُهُ سَبَبًا لِإِعْدَامِ أَبِيهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْمُعْتَرِضِ إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَالْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ فِي قَوْلِهِ وَلَيْسَ لَهُ الِاسْتِدْلَال عَلَى تَخَلُّفِ الْحُكْمِ مُتَعَلِّقَانِ بِالْجَوَابَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ، وَهُمَا مَنْعُ وُجُودِ الْعِلَّةِ أَوْ انْتِفَاءُ الْحُكْمِ عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ فَقَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْمُعْتَرِضِ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِالْجَوَابِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ الْآتِي، وَلَيْسَ لَهُ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِالْجَوَابِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: الْمُؤَدِّي) صِفَةٌ لِلِانْتِقَالِ (قَوْلُهُ: أَوْلَى) أَيْ أَوْلَى بِالْقَدْحِ بِهِ (قَوْلُهُ: سَلِمَ مِنْ إيهَامِ نَفْيِهَا) أَيْ لَفْظَةُ لَهُ إذْ يُتَوَهَّمُ مِنْ إسْقَاطِهَا أَنَّ قَوْلَهُ مَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ قَيْدٌ فِي النَّفْيِ إذْ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي
مَا لَمْ يَكُنْ حُكْمًا شَرْعِيًّا أَيْ بِأَنْ كَانَ عَقْلِيًّا قَالَ الْمُصَنِّفُ لَمْ يُوجَدْ لِغَيْرِهِ قَالَ وَوَجْهُهُ أَنَّ التَّخَلُّفَ فِي الْقَطْعِيِّ قَادِحٌ بِخِلَافِ الشَّرْعِيِّ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ لِوُجُودِ مَانِعٍ أَوْ فَوَاتِ شَرْطٍ (وَلَوْ دَلَّ) الْمُسْتَدِلُّ (عَلَى وُجُودِهَا) فِيمَا عَلَّلَهُ بِهَا (بِمُوجِدٍ فِي مَحَلِّ النَّقْضِ ثُمَّ مَنَعَ وُجُودَهَا) فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ.
(فَقَالَ) لَهُ الْمُعْتَرِضُ (يُنْتَقَضُ دَلِيلُك) عَلَى الْعِلَّةِ حَيْثُ وُجِدَ فِي مَحَلِّ النَّقْضِ دُونَهَا عَلَى مُقْتَضَى مُنْفَكِّ وُجُودِهَا فِيهِ (فَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُسْمَعُ) قَوْلُ الْمُعْتَرِضِ (لِانْتِقَالِهِ مِنْ نَقْضِ الْعِلَّةِ إلَى نَقْضِ دَلِيلِهَا) وَالِانْتِقَالُ مُمْتَنِعٌ وَأَشَارَ بِالصَّوَابِ إلَى دَفْعِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِيهِ أَيْ فِي عَدَمِ السَّمَاعِ نَظَرٌ أَيْ؛ لِأَنَّ الْقَدْحَ فِي الدَّلِيلِ قَدْحٌ فِي الْمَدْلُولِ
ــ
[حاشية العطار]
اللَّفْظِ مَا يُحَالُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَذَلِكَ خِلَافُ الْفَرْضِ الْمَقْصُودِ إذْ الْمَعْنَى يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا قَيْدٌ فِي الْإِثْبَاتِ كَمَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ وَكَأَنَّ وَجْهَ صِحَّةِ تَرْكِهَا الِاتِّكَالُ عَلَى الْمَعْنَى فَإِنَّ مُلَاحَظَتَهُ تُرْشِدُ إلَى الْمَقْصُودِ إذْ لَا مَعْنَى لِتَقْيِيدِ الْمَنْعِ بِانْتِفَاءِ الدَّلِيلِ الْأَوْلَى وَالْجَوَازِ بِوُجُودِهِ بَلْ لَا مَعْنَى إلَّا لِلْعَكْسِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ حُكْمًا) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ شَرْعًا إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ يُوجَدْ لِغَيْرِهِ) صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ بِنَاءٌ عَلَى رُجُوعِ الضَّمِيرِ فِي يَكُنْ إلَى الْحُكْمِ الْمُعَلَّلِ لَا إلَى مَا يُعَلَّلُ بِهِ إذْ لَوْ بَنَاهُ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَ لِغَيْرِهِ كَصَاحِبِ الْمُقْتَرَحِ أَبِي مَنْصُورٍ الْبَرَوِيِّ بِمُوَحَّدَةٍ وَرَاءٍ مَفْتُوحَتَيْنِ حَيْثُ قَالَ إنْ كَانَ أَيْ مَا يُعَلَّلُ بِهِ حُكْمًا شَرْعِيًّا فَلَيْسَ لِلْمُعْتَرِضِ إثْبَاتُهُ بِالدَّلِيلِ كَتَعْلِيلِ الْحَنَفِيِّ وُجُوبَ الْمَضْمَضَةِ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ بِأَنَّ الْفَمَ مَحَلٌّ يَجِبُ غَسْلُهُ عَنْ الْخَبَثِ فَيَجِبُ عَنْهَا فَإِذَا نُقِضَ بِالْعَيْنِ فَلِلْمُسْتَدِلِّ مَنْعُ وُجُوبِ غَسْلِهَا عَنْ الْخَبَثِ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لِلْمُعْتَرِضِ إثْبَاتُهُ بِالدَّلِيلِ أَمَّا إذَا كَانَ مَا يُعَلَّلُ بِهِ أَمْرًا حَقِيقِيًّا فَلَهُ ذَلِكَ كَتَعْلِيلِ الْحَنَفِيِّ عَدَمَ الْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ بِالْعَقْدِ بِأَنَّهَا عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ فَلَا يَمْلِكُ عِوَضَهَا بِالْعَقْدِ كَالْمُضَارَبَةِ فَإِنْ نُقِضَ بِالنِّكَاحِ مُنِعَ وُرُودُهُ عَلَى الْمَنْفَعَةِ، وَحِينَئِذٍ فَلَهُ إثْبَاتُهُ بِالدَّلِيلِ قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْمُقْتَرَحُ اسْمُ الْكِتَابِ هَكَذَا الْمُقْتَرَحُ فِي الْمُصْطَلَحِ كِتَابُ فِي عِلْمِ الْجَدَلِ وَمُؤَلِّفُهُ الْمَذْكُورُ فَقِيهٌ شَافِعِيٌّ، وَقَدْ شَرَحَ هَذَا الْكِتَابَ تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو الْفَتْحِ مُظَفَّرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ شَرْحًا مُسْتَوْفًى وَعُرِفَ بِهِ وَاشْتُهِرَ بِاسْمِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَحْفَظُهُ وَكَثِيرًا مَا يَقُولُ الشَّيْخُ السَّنُوسِيُّ فِي شَرْحِ كُبْرَاهُ قَالَ الْمُقْتَرَحُ مُرَادًا بِهِ الشَّيْخُ الْمَذْكُورُ، وَهُوَ بَصْرِيٌّ بِالْبَاءِ لَا بِالْمِيمِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ حَوَاشِي الْكُبْرَى.
(قَوْلُهُ: فِي الْقَطْعِيِّ) أَيْ الْعَقْلِيِّ لِمُقَابَلَتِهِ بِالشَّرْعِيِّ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُهُ) أَيْ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: قَادِحٌ) أَيْ فَيُمْكِنُ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ) أَيْ التَّخَلُّفُ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ مَانِعٍ إلَخْ) أَيْ وَالتَّخَلُّفُ لِذَلِكَ لَيْسَ بِقَادِحٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ دَلَّ) أَيْ اسْتَدَلَّ وَقَوْلُهُ فِيمَا عَلَّلَهُ بِهِ أَيْ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي عَلَّلَهُ أَيْ عَلَّلَ حُكْمَهُ بِهَا (قَوْلُهُ: بِمَوْجُودٍ) أَيْ بِدَلِيلٍ مَوْجُودٍ (قَوْلُهُ: فِي مَحَلِّ النَّقْض)، وَهُوَ التُّفَّاحُ مَثَلًا (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَنَعَ وُجُودَهَا إلَخْ) كَأَنْ أَثْبَتَ الْمُسْتَدِلُّ كَوْنَ الْبُرِّ مَطْعُومًا بِدَلِيلٍ، وَهُوَ كَوْنُهُ يُدَارُ فِي الْفَمِ وَيُمْضَغُ فَقَالَ لَهُ الْمُعْتَرِضُ مَا ذَكَرْت مِنْ أَنَّ الْعِلَّةَ الطَّعْمُ يُنْتَقَضُ بِالتُّفَّاحِ فَإِنَّهُ مَطْعُومٌ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ رِبَوِيٍّ فَقَالَ الْمُسْتَدِلُّ: لَا أُسَلِّمُ كَوْنَ التُّفَّاحِ مَطْعُومًا. فَقَالَ لَهُ الْمُعْتَرِضُ: مَا ذَكَرْت مِنْ الدَّلِيلِ مَوْجُودٌ بِعَيْنِهِ فِي التُّفَّاحِ فَحِينَئِذٍ يُنْتَقَضُ دَلِيلُك وَمَثَّلَهُ الشَّيْخُ خَالِدٌ فِي شَرْحِهِ بِأَنْ يَقُولَ الْحَنَفِيُّ يَصِحُّ صَوْمُ رَمَضَانَ بِنِيَّةِ قَبْلِ الزَّوَالِ كَالنَّفْلِ وَيَسْتَدِلُّ عَلَى وُجُودِ الْعِلَّةِ بِمَا يُسَمَّى صَوْمًا، وَهُوَ الْإِمْسَاكُ مَعَ النِّيَّةِ فَيَنْقُضُهُ الشَّافِعِيُّ بِالنِّيَّةِ بَعْدَ الزَّوَالِ فَإِنَّهَا لَا تَكْفِي فِي صَوْمِ رَمَضَانَ فَيَمْنَعُ الْحَنَفِيُّ وُجُودَ الْعِلَّةِ السَّابِقَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَيَقُولُ الشَّافِعِيُّ مَا أَقَمْته دَلِيلًا عَلَى وُجُودِ الْعِلَّةِ فِي مَحَلِّ التَّعْلِيلِ دَالٌّ عَلَى وُجُودِهَا فِي مَحَلِّ النَّقْضِ.
(قَوْلُهُ: فَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُسْمَعُ إلَخْ) قَالَ الْعَضُدُ هَذَا إذَا ادَّعَى انْتِقَاضَ دَلِيلِ الْعِلِّيَّةِ مُعَيَّنًا، وَلَوْ ادَّعَى أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ فَقَالَ يَلْزَمُ إمَّا انْتِقَاضُ الْعِلَّةِ أَوْ انْتِقَاضُ دَلِيلِهَا، وَكَيْفَ كَانَ فَلَا تَثْبُتُ الْعِلِّيَّةُ إنْ كَانَ مَسْمُوعًا بِالِاتِّفَاقِ فَإِنَّ عَدَمَ الِانْتِقَالِ فِيهِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: قَدْحٌ فِي الْمَدْلُولِ) لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِهِ بُطْلَانُ الْمَدْلُولِ لِظُهُورِ فَسَادِهِ بَلْ بِمَعْنَى أَنَّهُ مُحْوِجٌ إلَى الِانْتِقَالِ إلَى إثْبَاتِهِ بِدَلِيلٍ آخَرَ، وَإِلَّا كَانَ قَوْلًا بِلَا دَلِيلٍ، وَهُوَ بَاطِلٌ اهـ.
فَلَا يَكُونُ الِانْتِقَالُ إلَيْهِ مُمْتَنِعًا (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْمُعْتَرِضِ (الِاسْتِدْلَال عَلَى تَخَلُّفِ الْحُكْمِ) فِيمَا اُعْتُرِضَ بِهِ، وَلَوْ بَعْدَ مَنْعِ الْمُسْتَدِلِّ تَخَلُّفَهُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الِانْتِقَالِ مِنْ الِاعْتِرَاضِ إلَى الِاسْتِدْلَالِ الْمُؤَدِّي إلَى الِانْتِشَارِ، وَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ لِيَتِمَّ مَطْلُوبُهُ مِنْ إبْطَالِ الْعِلَّةِ (وَثَالِثُهَا) لَهُ ذَلِكَ (إنْ لَمْ يَكُنْ دَلِيلٌ أَوْلَى) مِنْ التَّخَلُّفِ بِالْقَدْحِ فَإِنْ كَانَ فَلَا (وَيَجِبُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ التَّخَلُّفِ بِأَنْ يَذْكُرَ فِي الدَّلِيلِ مَا يَخْرُجُ مَحَلُّهُ لِيَسْلَمَ عَنْ الِاعْتِرَاضِ (عَلَى الْمُنَاظِرِ مُطْلَقًا وَعَلَى النَّاظِرِ) لِنَفْسِهِ (إلَّا فِيمَا اشْتَهَرَ مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ) كَالْعَرَايَا (فَصَارَ كَالْمَذْكُورِ) فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاحْتِرَازِ عَنْهُ (وَقِيلَ يَجِبُ) عَلَيْهِ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ (مُطْلَقًا) وَلَيْسَ غَيْرُ الْمَذْكُورِ كَالْمَذْكُورِ (وَقِيلَ) يَجِبُ عَلَيْهِ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ (إلَّا فِي الْمُسْتَثْنَيَاتِ مُطْلَقًا) أَيْ مَشْهُورَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مَشْهُورَةٍ فَلَا يَجِبُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا لِلْعِلْمِ بِأَنَّهَا غَيْرُ مُرَادَةٍ (وَدَعْوَى صُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مُبْهَمَةٍ) بِالْإِثْبَاتِ أَيْ إثْبَاتِهَا (أَوْ نَفْيِهَا يُنْتَقَضُ بِالْإِثْبَاتِ أَوْ النَّفْيِ الْعَامَّيْنِ) بَدَأَ بِالْإِثْبَاتِ الرَّاجِعِ إلَى النَّفْيِ لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ طَبْعًا (وَبِالْعَكْسِ) أَيْ الْإِثْبَاتِ الْعَامِّ فَيُنْتَقَضُ بِصُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مُبْهَمَةٍ
ــ
[حاشية العطار]
زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ الِانْتِقَالُ إلَيْهِ مُمْتَنِعًا) أَيْ لِكَوْنِهِ لَيْسَ بِأَجْنَبِيٍّ مِمَّا كَانَ فِيهِ لِمَا بَيْنَ الدَّلِيلِ وَالْمَدْلُولِ مِنْ الِارْتِبَاطِ فَكَأَنَّهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ الِاسْتِدْلَال إلَخْ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الِاسْتِدْلَال عَلَى وُجُودِ الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ: مِنْ الِانْتِقَالِ) أَيْ مِنْ مَنْعِ الِانْتِقَالِ (قَوْلُهُ: وَثَالِثُهَا إلَخْ) أَيْ وَثَانِيهَا لَهُ ذَلِكَ لِيَتِمَّ مَطْلُوبُهُ مِنْ إبْطَالِ الْعِلَّةِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ هُمَامٍ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ اهـ. خَالِدٌ.
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ طَرِيقٌ) أَيْ قَادِحٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فَلَا) كَأَنْ عَلَّلَ الرِّبَوِيَّةَ بِالْكَيْلِ فَيُعْتَرَضُ بِالتَّخَلُّفِ فِي الْبِرْسِيمِ، فَهَذَا التَّخَلُّفُ قَادِحٌ فِي الْعِلَّةِ وَلَكِنْ وُجِدَ مَا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ بِالْقَدْحِ، وَهُوَ حَدِيثُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الطَّعْمُ فَلَيْسَ لِلْمُعْتَرِضِ الِاسْتِدْلَال (قَوْلُهُ: فِي الدَّلِيلِ) أَيْ الدَّالِّ عَلَى الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُنَاظِرِ مُطْلَقًا) أَيْ اُشْتُهِرَ أَوْ لَا، وَالْمُنَاظِرُ مُقَلِّدٌ يَسْتَدِلُّ لِإِمَامِهِ وَيَذُبُّ عَنْ مَذْهَبِهِ وَيُسَمَّى جَدَلِيًّا وَخِلَافِيًّا وَالنَّاظِرُ لِنَفْسِهِ هُوَ الْمُجْتَهِدُ (قَوْلُهُ:، وَقِيلَ يَجِبُ عَلَيْهِ) أَيْ النَّاظِرِ لِنَفْسِهِ نَجَّارِيٌّ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَقِيلَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْمُسْتَدِلِّ مُنَاظِرًا كَانَ أَوْ نَاظِرًا لِنَفْسِهِ لِيُوَافِقَ مَا فِي شَرْحِهِ لِلْمُخْتَصَرِ فَيَكُونُ الرَّاجِحُ مُفَصِّلًا بَيْنَ الْمُنَاظِرِ وَالنَّاظِرِ، وَالْقَوْلَانِ الْأَخِيرَانِ بَعْدَهُ عَامَّانِ فِيهِمَا، وَإِنْ قُيِّدَا بِأَمْرٍ آخَرَ وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُوهِمُ أَنَّهُمَا فِي النَّاظِرِ فَقَطْ كَالْعَرَايَا أَيْ وَالْمُصَرَّاةِ وَضَرْبِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا) أَيْ عَنْ التَّخَلُّفِ فِيهَا.
(قَوْلُهُ: بِالْإِثْبَاتِ) الْبَاءِ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ دَعْوَى صُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مُبْهَمَةٍ مُلْتَبِسَةٍ بِالْإِثْبَاتِ وَبَيَّنَ بِهَذَا الْكَلَامِ مَا يُتَّجَهُ مِنْ النُّقُوضِ وَيَسْتَحِقُّ الْجَوَابَ، وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى ثَمَانِ صُوَرٍ وَلِأَنَّ دَعْوَى الْحُكْمِ قَدْ يَكُونُ فِي صُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مُبْهَمَةٍ أَوْ جَمِيعِ الصُّوَرِ هُوَ الْمُفَادُ بِقَوْلِهِ وَبِالْعَكْسِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْهَا فَالْمُدَّعَى إمَّا إثْبَاتُ الْحُكْمِ أَوْ نَفْيُهُ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ فِي الثَّالِثَةِ فَالنَّقْضُ إمَّا بِصُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مُبْهَمَةٍ (قَوْلُهُ: أَيْ إثْبَاتُهَا) أَيْ إثْبَاتِ الْحُكْمِ فِيهَا، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ، وَهُوَ بِالرَّفْعِ تَفْسِيرُ دَعْوَى، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ أَوْ نَفْيُهَا، وَمُحَصَّلُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَا ذَكَرَهُ الْمَنَاطِقَةُ فِي بَابِ التَّنَاقُضِ مِنْ أَنَّ نَقِيضَ الْمُوجَبَةِ الْجُزْئِيَّةِ سَالِبَةٌ كُلِّيَّةٌ وَنَقِيضَ السَّالِبَةِ الْجُزْئِيَّةِ مُوجَبَةٌ كُلِّيَّةٌ، وَقَدْ وَضَّحَ الشَّارِحُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: الْعَامَّيْنِ) بَيَّنَ بِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي التَّنَاقُضِ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي الْكَيْفِ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الْحُكْمِ أَيْضًا وَمَا وَقَعَ فِي قَوْلِ صَاحِبِ السُّلَّمِ تَنَاقُضٌ خَلَفَ الْقَضِيَّتَيْنِ فِي كَيْفَ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْكَيْفِ تَسَاهُلٌ مِنْهُ كَمَا هُوَ دَأْبُهُ فِي هَذَا الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ طَبْعًا) ؛ لِأَنَّ نَفْيَ الشَّيْءِ فَرْعٌ عَنْ ثُبُوتِهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى نَفْيِهِ أَنَّهُ لَا ثُبُوتَ لَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعَقُّلِ ثُبُوتِهِ فَانْدَفَعَ بَحْثُ النَّاصِرِ بِأَنَّ النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ مُتَوَارِدَانِ عَلَى النِّسْبَةِ الْحُكْمِيَّةِ لَا تَقَدُّمَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى
نَحْوُ زَيْدٌ كَاتِبٌ أَوْ إنْسَانٌ مَا كَاتِبٌ يُنَاقِضُهُ لَا شَيْءَ مِنْ الْإِنْسَانِ بِكَاتِبٍ، وَنَحْوُ زَيْدٌ لَيْسَ بِكَاتِبٍ أَوْ إنْسَانٌ مَا لَيْسَ بِكَاتِبٍ يُنَاقِضُهُ كُلُّ إنْسَانٍ كَاتِبٌ.
(وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ الْقَوَادِحِ (الْكَسْرُ) هُوَ (قَادِحٌ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ نَقْضُ الْمَعْنَى) أَيْ الْمُعَلَّلِ بِهِ بِإِلْغَاءِ بَعْضِهِ كَمَا قَالَ (وَهُوَ إسْقَاطُ وَصْفٍ مِنْ الْعِلَّةِ) أَيْ بِأَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ مَلْغِيٌّ بِوُجُودِ الْحُكْمِ عِنْدَ انْتِفَائِهِ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ يَقُولُ: إنَّ ذَلِكَ غَيْرُ قَادِحٍ وَصَرَّحَ بِقَادِحٍ لِيَتَعَلَّقَ بِهِ الْجَارُّ
ــ
[حاشية العطار]
الْآخَرِ.
(قَوْلُهُ: فَنَحْوُ: زَيْدٌ كَاتِبٌ أَوْ إنْسَانٌ كَاتِبٌ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَدَعْوَى صُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مُبْهَمَةٍ أَيْ بِالْإِثْبَاتِ كَمَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ وَقَوْلُهُ وَنَحْوُ زَيْدٌ لَيْسَ بِكَاتِبٍ أَوْ إنْسَانٌ مَا لَيْسَ بِكَاتِبٍ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ نَفْيِهَا (قَوْلُهُ: يُنَاقِضُهُ كُلُّ إنْسَانٍ كَاتِبٌ) ؛ لِأَنَّ الْمُوجَبَةَ الْكُلِّيَّةَ تُنَاقِضُ السَّالِبَةَ الْجُزْئِيَّةَ وَالْمُهْمَلَةُ فِي قُوَّةِ الْجُزْئِيَّةِ، وَلَمْ يُمَثِّلْ لِلْعَكْسِ لِوُضُوحِهِ وَالِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: الْكَسْرُ) وَيُسَمَّى النَّقْضُ الْمَكْسُورُ، وَإِنَّمَا يَرِدُ عَلَى الْوَصْفِ الْمُرَكَّبِ مِنْ جُزْأَيْنِ أَحَدُهُمَا مَلْغِيٌّ وَالْآخَرُ مَنْقُوضٌ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ قَدْحٌ فِي تَمَامِ الْعِلَّةِ بِعَدَمِ التَّأْثِيرِ وَفِي جُزْئِهَا بِالنَّقْضِ قَالَهُ الْبُدَخْشِيُّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ نَقْضٌ إلَخْ) أَيْ مَآلُهُ إلَى النَّقْضِ، وَإِلَّا فَهُوَ فِي الِابْتِدَاءِ لَيْسَ نَقْضًا (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُعَلَّلُ بِهِ) فَسَّرَ الْمَعْنَى بِالْمُعَلَّلِ بِهِ مَعَ أَنَّ الْأَقْرَبَ تَفْسِيرُهُ بِالْحِكْمَةِ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذْ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ نَقْضُ الْمَعْنَى رَاجِعٌ لِلْكَسْرِ فَإِذَا فَسَّرَهُ مَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ، وَهُوَ إسْقَاطُ وَصْفٍ مِنْ الْعِلَّةِ تَعَيَّنَ أَنْ يُرَادَ بِالْمَعْنَى الْعِلَّةُ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِنَقْضِهِ إلْغَاءُ بَعْضِهِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ النَّاصِرِ أَنَّ الْأَقْرَبَ إلَى لَفْظِ الْمَعْنَى أَنَّهُ الْحِكْمَةُ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ إسْقَاطُ وَصْفٍ مِنْ الْعِلَّةِ) أَيْ وَنَقَضَ بَاقِيهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِيمَا بَعْدُ ثُمَّ يُنْقَضُ إلَى أَخْذِهِ فَفِي التَّعْرِيفِ حَذْفٌ لِقَرِينَةٍ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ مَرْضِيٍّ لَا سِيَّمَا مَعَ انْفِصَالِ الْقَرِينَةِ وَتَأَخُّرِهَا وَالْمُصَنِّفُ رحمه الله لَا يَتَحَاشَا عَنْ أَمْثَالِ ذَلِكَ فِي التَّعَارِيفِ، وَقَدْ سَبَقَ لَهُ نَظَائِرُ أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ أَمَّا مَعَ إبْطَالِ إلَخْ مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْرِيفِ، وَفِي ضِمْنِهِ التَّمْثِيلُ، وَهُوَ أَشَدُّ بُعْدًا مِمَّا قَبْلَهُ لِوُجُودِ حَرْفِ التَّفْصِيلِ الْمُنَافِي لِلتَّعْرِيفِ ثُمَّ حَيْثُ كَانَ مَعْنَى الْكَسْرِ مَا ذُكِرَ كَانَ مِنْ قَبِيلِ الْقَدْحِ بِالتَّخَلُّفِ، وَلَكِنَّهُ يَنْفَرِدُ عَنْهُ بِأَنَّ الْقَدْحَ بِهِ تَمَّ ابْتِدَاءً، وَهُنَا إنَّمَا يَقَعُ بَعْدَ الْإِلْغَاءِ مَعَ الْإِبْدَالِ أَوْ بِدُونِهِ فَذِكْرُ الْمُصَنِّفُ إيَّاهُ اسْتِقْلَالٌ مَعَ اسْتِفَادَةِ الْقَدْحِ بِهِ مِمَّا سَبَقَ؛ لِأَنَّهُ تَخَلُّفٌ مَعَ زِيَادَةٍ وَإِفَادَةُ تَسْمِيَتِهِ وَذِكْرِ الْخِلَافِ فِيهِ (قَوْلُهُ: لِيَتَعَلَّقَ بِهِ الْجَارُّ إلَخْ)
وَالْمَجْرُورُ وَقَوْلُهُ (إمَّا مَعَ إبْدَالِهِ) أَيْ الْإِتْيَانُ بَدَلَ الْوَصْفِ بِغَيْرِهِ أَوْ لَا الْمَعْلُومُ مِنْ ذِكْرِ مُقَابِلِهِ بَيَانٌ لِصُورَتَيْ الْكَسْرِ (كَمَا يُقَالُ فِي) إثْبَاتِ صَلَاةِ (الْخَوْفِ) هِيَ (صَلَاةٌ يَجِبُ قَضَاؤُهَا) لَوْ لَمْ تُفْعَلْ (فَيَجِبُ أَدَاؤُهَا كَالْأَمْنِ) فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ كَمَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا لَوْ لَمْ تُفْعَلْ يَجِبُ أَدَاؤُهَا (فَيُعْتَرَضُ بِأَنَّ خُصُوصَ الصَّلَاةِ مَلْغِيٌّ) وَيُبَيَّنُ بِأَنَّ الْحَجَّ وَاجِبُ الْأَدَاءِ كَالْقَضَاءِ (فَلْيُبَدِّلْ) خُصُوصَ الصَّلَاةِ (بِالْعِبَادَةِ) لِيَنْدَفِعَ الِاعْتِرَاضُ، وَكَأَنَّهُ قِيلَ عِبَادَةٌ إلَخْ (ثُمَّ يُنْقَضُ) هَذَا الْمَقُولُ (بِصَوْمِ الْحَائِضِ) فَإِنَّهُ عِبَادَةٌ يَجِبُ قَضَاؤُهَا وَلَا يَجِبُ أَدَاؤُهَا بَلْ يَحْرُمُ (أَوْ لَا يُبَدِّلُ) خُصُوصَ الصَّلَاةِ (فَلَا يَبْقَى) عِلَّةٌ لِلْمُسْتَدِلِّ (إلَّا) قَوْلُهُ (يَجِبُ قَضَاؤُهَا) فَيُقَالُ عَلَيْهِ (وَلَيْسَ كُلُّ مَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ يُؤَدَّى، دَلِيلُهُ الْحَائِضُ) فَإِنَّهَا يَجِبُ عَلَيْهَا قَضَاءُ الصَّوْمِ دُونَ أَدَائِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ عَرَّفَ الْبَيْضَاوِيُّ كَالْإِمَامِ الرَّازِيّ بِعَدَمِ تَأْثِيرِ أَحَدِ جُزْأَيْ الْعِلَّةِ وَنَقْضِ الْآخَرِ، وَهُوَ مُنْطَبِقٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بِصُورَتَيْهِ وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ الْحَاجِبِ كَالْآمِدِيِّ بِالنَّقْضِ الْمَكْسُورِ
ــ
[حاشية العطار]
مَعَ أَنَّ لِذِكْرِهِ فَائِدَةً مَعَ ذَلِكَ وَهِيَ دَفْعُ إيهَامِ تَعَلُّقِ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ بِالْكَسْرِ، وَقَدْ كَانَ يُمْكِنُ عَدَمُ التَّصْرِيحِ وَيَتَعَلَّقُ قَوْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ قَوْلُهُ مِنْهَا كَذَا وَقَوْلُ سم إنَّمَا صَرَّحَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ كَوْنُهُ مِنْ الْقَوَادِحِ لَا لِكَوْنِهِ قَادِحًا، وَإِنْ لَزِمَ مِنْهُ كَوْنُهُ قَادِحًا إلَّا أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَاصِلِ الْمَقْصُودِ وَغَيْرِهِ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ بَيِّنٌ.
(قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ إمَّا إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ بَيَانٌ لِصُورَتَيْ الْكَسْرِ (قَوْلُهُ: الْمَعْلُومُ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِالرَّفْعِ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ أَوْ لَا مَعَ إبْدَالِهِ وَفِي سم أَنَّ الْمُتَبَادَرَ تَعَلُّقُ قَوْلِهِ إبْدَالُهُ إلَخْ بِقَوْلِهِ إسْقَاطٍ وَذَلِكَ لَا يُوَافِقُ الرَّفْعَ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْكَمَالِ أَنَّهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُوَ الْمَعْلُومُ مَثَلًا وَطَرِيقُ الْقَدْحِ بِهِ أَنْ يُقَالَ لِلْمُسْتَدِلِّ: إنْ عَنَيْتَ أَنَّ الْعِلَّةَ الْمَجْمُوعُ لَمْ يَصِحَّ لِإِلْغَاءِ الْوَصْفِ الْفُلَانِيِّ، وَإِنْ عَنَيْت أَنَّ الْعِلَّةَ مَا سِوَى الْمَلْغِيِّ لَمْ يَصِحَّ لِلنَّقْضِ ثُمَّ فِي قَوْلِهِ الْمَعْلُومُ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ مَا لِلتَّقْسِيمِ الْمُسْتَلْزِمِ لِتَعَدُّدِ الْأَقْسَامِ بِأَنْ يَكُونَ هُنَاكَ قِسْمَانِ فَأَكْثَرُ، وَلَمْ يَذْكُرْ إلَّا قِسْمًا وَاحِدًا.
وَالْجَوَابُ أَنَّهُ أَسْقَطَ الْقِسْمَ الثَّانِي لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ مُقَابِلِهِ، وَهُوَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: كَمَا يُقَالُ فِي الْخَوْفِ) عَلَى حَذْفِ مُضَافَاتٍ أَرْبَعٍ أَيْ فِي إثْبَاتِ وُجُوبِ أَدَاءِ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَذَكَرَ الشَّارِحُ مِنْهَا اثْنَيْنِ فَالْمَقِيسُ صَلَاةُ الْخَوْفِ وَالْمَقِيسُ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْأَمْنِ وَالْحُكْمُ وُجُوبُ الْأَدَاءِ وَالْعِلَّةُ الْمُرَكَّبَةُ هِيَ قَوْلُهُ صَلَاةٌ يَجِبُ قَضَاؤُهَا (قَوْلُهُ: خُصُوصَ الصَّلَاةِ) أَيْ الَّذِي هُوَ جُزْءُ الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ كَالْأَمْنِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ كَصَلَاةِ الْأَمْنِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِي الْأَمْنِ هِيَ الْأَصْلُ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ لَا الْأَمْنُ.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْحَجَّ وَاجِبُ الْأَدَاءِ كَالْقَضَاءِ) نَظَرَ فِيهِ الْعُبْرِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ أَنَّ الْحَجَّ الْمُتَطَوَّعَ بِهِ إذَا أَفْسَدَهُ بِالْجِمَاعِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ مَعَ عَدَمِ وُجُوبِ أَدَائِهِ.
وَأَجَابَ الْبُدَخْشِيُّ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَدَاءُ حَجِّ التَّطَوُّعِ بَلْ يَجِبُ بَعْدَ الشُّرُوعِ لِمَا عُرِفَ أَنَّ هَذَا مِنْ لَوَازِمِ عِبَادَةٍ يَمْضِي فِي فَاسِدِهَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ نَعَمْ لَوْ قِيلَ: الْمِثَالُ مِنْ أَصْلِهِ غَيْرُ مُطَابِقٍ لَكَانَ وَجِيهًا؛ لِأَنَّهُ يَتَأَتَّى النَّقْضُ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ إلْغَاءَ خُصُوصِيَّةِ الصَّلَاةِ بِصَلَاةِ النَّائِمِ فَإِنَّهَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا، وَلَا يَجِبُ أَدَاؤُهَا، وَلَوْ دُفِعَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مِنْ شَأْنِهَا الْوُجُوبُ فِي الْجُمْلَةِ لَمْ يَتَأَتَّ النَّقْضُ بِصَوْمِ الْحَائِضِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ أَيْضًا كَذَلِكَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ مَا مِنْ شَأْنِهَا الْوُجُوبُ لَوْلَا الْمَانِعُ الْعَقْلِيُّ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَبْقَى إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ خَالِدٌ وَطَرِيقُ الْقَدْحِ بِالْكَسْرِ أَنْ يُقَالَ لِلْمُسْتَدِلِّ إنْ عَنَيْت أَنَّ الْعِلَّةَ الْمَجْمُوعُ لَمْ يَصِحَّ لِإِلْغَاءِ وَصْفِ كَذَا، وَإِنْ عَنَيْت أَنَّ الْعِلَّةَ مَا سِوَى الْوَصْفِ الْمَلْغِيِّ لَمْ يَصِحَّ لِلنَّقْضِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيُقَالُ عَلَيْهِ) أَيْ نَقْضًا فَلَيْسَ الْكَسْرُ مُجَرَّدَ الْإِسْقَاطِ.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كُلُّ مَا إلَخْ) بَيَانٌ لِلنَّقْضِ (قَوْلُهُ:، وَقَدْ عَرَّفَ الْبَيْضَاوِيُّ إلَخْ) عِبَارَتُهُ هَكَذَا: هُوَ عَدَمُ تَأْثِيرِ أَحَدِ الْجُزْأَيْنِ وَنَقْضُ الْآخَرِ وَالْغَرَضُ مِنْ نَقْلِ هَذَا بَيَانُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْبَيْضَاوِيُّ وَالْإِمَامُ وَقَوْلُ بَعْضِ الْحَوَاشِي إنَّ غَرَضَ الشَّارِحِ مِنْ نَقْلِهِ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ فِي كَلَامِهِ خَلَلًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ نَقْضَ الْجُزْءِ الْآخَرِ فَتَعْرِيفُهُ غَيْرُ جَامِعِ ذُهُولٌ عَنْ قَوْلِ الشَّارِحِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ثُمَّ إنَّ هَذَا الِاعْتِرَاضَ مُتَوَجِّهٌ عَلَى ظَاهِرِ تَعْرِيفِ الْمُصَنِّفِ وَبَعْدَمَا ذَكَرْنَا
وَعَرَّفَا الْكَسْرَ بِوُجُودِ حِكْمَةِ الْعِلَّةِ بِدُونِ الْعِلَّةِ وَالْحُكْمِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِنَقْضِ الْمَعْنَى أَيْ الْحِكْمَةِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يَقْدَحُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ عَلَى الْعِلَّةِ، وَقِيلَ يَقْدَحُ لِاعْتِرَاضِهِ الْمَقْصُودَ، مِثَالُهُ أَنْ يَقُولَ الْحَنَفِيُّ فِي الْعَاصِي بِسَفَرِهِ مُسَافِرٌ فَيَتَرَخَّصُ كَغَيْرِ الْعَاصِي لِحِكْمَةِ الْمَشَقَّةِ فَيُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِذِي الْحِرْفَةِ الشَّاقَّةِ فِي الْحَضَرِ كَمَنْ يَحْمِلُ الْأَثْقَالَ وَيَضْرِبُ بِالْمَعَاوِلِ فَإِنَّهُ لَا يُتَرَخَّصُ لَهُ.
(وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ الْقَوَادِحِ (الْعَكْسُ) أَيْ تَخَلُّفُهُ كَمَا سَيَأْتِي (وَهُوَ) أَيْ الْعَكْسُ (انْتِفَاءُ الْحُكْمِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ فَإِنْ ثَبَتَ مُقَابِلُهُ) ، وَهُوَ ثُبُوتُ الْحُكْمِ لِثُبُوتِ الْعِلَّةِ أَبَدًا الْمُسَمَّى بِالطَّرْدِ (فَأَبْلَغُ)
ــ
[حاشية العطار]
مِنْ التَّأْوِيلِ السَّابِقِ يُدْفَعُ فَتَذَكَّرْ (قَوْلُهُ: وَعَرَّفَا الْكَسْرَ إلَخْ) عَرَّفَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ أَيْضًا بِأَنَّهُ نَقْضُ الْمَعْنَى أَيْ الْمُعَلَّلِ بِهِ بِمَعْنَى تَخَلُّفِ الْحُكْمِ عَنْ الْعِلَّةِ فَلِلْكَسْرِ عِنْدَهُ مَعْنَيَانِ تَخَلُّفُ الْحُكْمِ وَالْعِلَّةِ عَنْ حِكْمَتِهَا وَتَخَلُّفُ الْحُكْمِ عَنْ الْعِلَّةِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ الْحِكْمَةُ اُحْتُرِزَ عَنْ نَقْضِ الْمَعْنَى بِمَعْنَى نَقْضِ الْعِلَّةِ اهـ. زَكَرِيَّا (قَوْلُهُ: لِاعْتِرَاضِهِ الْمَقْصُودَ) أَيْ مِنْ الْعِلَّةِ، وَهُوَ الْحِكْمَةُ.
(قَوْلُهُ: أَيْ تَخَلُّفُهُ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَعْدُودَ مِنْ الْقَوَادِحِ هُوَ تَخَلُّفُ الْعَكْسِ لَا نَفْسَ الْعَكْسِ إذْ الْعَكْسُ مِنْ شُرُوطِ الْعِلَّةِ عَلَى الْقَوْلِ بِامْتِنَاعِ التَّعْلِيلِ بِعِلَّتَيْنِ فَفِي الْكَلَامِ إضْمَارٌ أَوْ مَجَازٌ وَالْقَرِينَةُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فِيمَا سَيَأْتِي وَتَخَلُّفُهُ قَادِحٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَإِلَى ذَلِكَ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِ الشَّارِحِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ:، وَهُوَ أَيْ الْعَكْسُ) أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ شِبْهَ اسْتِخْدَامٍ حَيْثُ أَطْلَقَ
فِي الْعَكْسِيَّةِ مِمَّا لَمْ يَثْبُتْ مُقَابِلُهُ بِأَنْ ثَبَتَ الْحُكْمُ مَعَ انْتِفَاءِ الْعِلَّةِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ عَكْسٌ لِجَمِيعِ الصُّوَرِ وَفِي الثَّانِي لِبَعْضِهَا (وَشَاهِدُهُ) أَيْ الْعَكْسِ فِي صِحَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ أَيْ بِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ عَلَى انْتِفَاءِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم) لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ «أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ وِزْرٌ» ) فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا نَعَمْ فَقَالَ: «فَكَذَلِكَ إذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ» فِي جَوَابِ) قَوْلِهِمْ (أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ) أَيْ الدَّاعِي إلَيْهِ قَوْلُهُ فِي تَعْدِيدِ وُجُوهِ الْبِرِّ «وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ» الْحَدِيثَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ اُسْتُنْتِجَ مِنْ ثُبُوتِ الْحُكْمِ أَيْ الْوِزْرُ فِي الْوَطْءِ الْحَرَامِ انْتِفَاؤُهُ فِي الْوَطْءِ الْحَلَالِ الصَّادِقِ بِحُصُولِ الْأَجْرِ حَيْثُ عَدَلَ بِوَضْعِ الشَّهْوَةِ عَنْ الْحَرَامِ إلَى الْحَلَالِ وَهَذَا الِاسْتِنْتَاجُ يُسَمَّى قِيَاسَ الْعَكْسِ الْآتِي فِي الْكِتَابِ الْخَامِسِ وَبَادَرَ الْمُصَنِّفُ بِإِفَادَتِهِ هُنَا مَعَ الْعَكْسِ، وَإِنْ كَانَ الْمَبْحَثُ فِي الْقَدْحِ بِتَخَلُّفِهِ كَمَا قَالَ (وَتَخَلُّفُهُ) أَيْ الْعَكْسُ بِأَنْ يُوجَدَ الْحُكْمُ بِدُونِ الْعِلَّةِ (قَادِحٌ) فِيهَا (عِنْدَ مَانِعِ عِلَّتَيْنِ) بِخِلَافِ مُجَوِّزِهِمَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ وُجُودُ الْحُكْمِ لِلْعِلَّةِ الْأُخْرَى (وَنَعْنِي بِانْتِفَائِهِ) أَيْ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ (انْتِفَاءَ الْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ) بِهِ لَا انْتِفَاءَهُ فِي نَفْسِهِ (إذْ لَا يَلْزَمُ
ــ
[حاشية العطار]
الْعَكْسَ أَوَّلًا عَلَى تَخَلُّفِهِ وَثَانِيًا عَلَى الْعَكْسِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فِي الْعَكْسِيَّةِ) أَيْ فِي حُصُولِ شَرْطِ الْعِلَّةِ مِنْ كَوْنِهَا مُنْعَكِسَةً عِنْدَ مَنْ يَمْنَعُ تَعَدُّدَ الْعِلَلِ (قَوْلُهُ: مِمَّا لَمْ يَثْبُتْ مُقَابِلُهُ) أَيْ مِنْ عَكْسٍ لَمْ يَثْبُتْ مُقَابِلُهُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ ثَبَتَ الْحُكْمُ إلَخْ) صَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ بِأَنْ ثَبَتَتْ الْعِلَّةُ مَعَ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ كَمَا قَالَهُ النَّاصِرُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ ثُبُوتِ الْمُقَابِلِ مُصَوَّرٌ بِمَا ذُكِرَ لَا بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ تَصْوِيرٌ لِلْعَكْسِ غَيْرِ الْأَبْلَغِ بِاللَّازِمِ فَيَكُونُ تَصْوِيرًا لِمَا مِنْ قَوْلِهِ مِمَّا إلَخْ لَا لِلنَّفْيِ أَعْنِي لَمْ يَثْبُتْ كَمَا فَهِمَهُ النَّاصِرُ (قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ) أَيْ الْعَكْسِ الَّذِي ثَبَتَ مَعَهُ الطَّرْدُ وَقَوْلُهُ، وَفِي الثَّانِي أَيْ، وَهُوَ مَا عَدَا هَذِهِ الصُّورَةَ (قَوْلُهُ: فِي صِحَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ) فِيهِ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِالْعَكْسِ الَّذِي هُوَ انْتِفَاءُ الْحُكْمِ لَا انْتِفَاءُ الْعِلَّةِ يَحْصُلُ بِأَنْ يُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ لَا بِأَنْ يُسْتَدَلَّ بِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ عَلَى انْتِفَاءِ الْحُكْمِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّ هَذَا اسْتِدْلَالٌ بِأَحَدِ جُزْأَيْهِ عَلَى الْآخَرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ الِاسْتِشْهَادُ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ عَلَى صِحَّةِ مَا فُهِمَ مِنْ الْعَكْسِ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ بِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ عَلَى انْتِفَاءِ الْحُكْمِ.
(قَوْلُهُ: أَرَأَيْتُمْ) أَيْ أَخْبِرُونِي، وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ تَقْرِيرِيٌّ قَوْلُهُ «فَكَذَلِكَ إذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ» أَيْ مِثْلُ ثُبُوتِ الْوِزْرِ لِثُبُوتِ الْوَضْعِ فِي الْحَرَامِ ثُبُوتٌ أَيْضًا الصَّادِقُ بِثُبُوتِ الْأَجْرِ لِثُبُوتِ الْوَضْعِ فِي الْحَلَالِ فِي أَنَّ كُلًّا تَرَتَّبَ عَلَى مَا يُنَاسِبُهُ (قَوْلُهُ: أَيْ الدَّاعِي إلَيْهِ) أَيْ إلَى قَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ:) فَاعِلُ الدَّاعِي قَوْلُهُ، «وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ» أَيْ وَطْئِهِ أَهْلَهُ (قَوْلُهُ: اُسْتُنْتِجَ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَوْ الْمَفْعُولِ، وَهُوَ النَّبِيُّ أَوْ الْمُجْتَهِدُ (قَوْلُهُ: انْتِفَاؤُهُ فِي الْوَطْءِ الْحَلَالِ) لِانْتِفَاءِ عِلَّتِهِ الَّتِي هِيَ الْوَطْءُ الْحَرَامُ فَفِيهِ الِاسْتِدْلَال بِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ الْوَطْءُ الْحَرَامُ عَلَى انْتِفَاءِ الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ الْوِزْرُ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْأَجْرِ لِصِدْقِ انْتِفَاءِ الْوِزْرِ بِحُصُولِهِ مَعَ اقْتِضَاءِ الْمَقَامِ بَيَانَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ إذَا انْتَفَى الْوَطْءُ الْحَرَامُ فَلَا وِزْرَ وَحِينَئِذٍ قَدْ يَثْبُتُ الْأَجْرُ اهـ. سم
(قَوْلُهُ: الصَّادِقُ) بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ نَعْتُ الِانْتِفَاءِ وَصَحَّ نَصْبُهُ وَرَفْعُهُ نَظَرًا لِقِرَاءَةِ اُسْتُنْتِجَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ، وَفِي هَذَا الْكَلَامِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مُجَرَّدَ الْوَطْءِ الْحَلَالِ لَا يَسْتَلْزِمُ تَرَتُّبَ الْأَجْرِ عَلَيْهِ بَلْ لَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ قَرْنِهِ بِالنِّيَّةِ الصَّالِحَةِ كَأَنْ يَقْصِدَ بِالْوَطْءِ الْعُدُولَ بِوَضْعِ الشَّهْوَةِ عَنْ الْحَرَامِ إلَى الْحَلَالِ أَوْ حُصُولَ الْوَلَدِ لِتَكْثِيرِ الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ وَأَمَّا إذَا قُصِدَ اسْتِيفَاءُ اللَّذَّةِ فَلَا أَجْرَ، وَهَكَذَا كُلُّ مُبَاحٍ.
(قَوْلُهُ: وَبَادَرَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) أَيْ فَاسْتَطْرَدَ أَمْرَيْنِ الْعَكْسَ وَدَلِيلَهُ؛ لِأَنَّ الْمَبْحَثَ لِلْقَوَادِحِ، وَالْعَكْسُ لَيْسَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَتَخَلُّفُهُ، وَلَوْ فِي صُورَةِ قَادِحٌ) أَيْ كَمَا يَقْدَحُ تَخَلُّفُ الِاطِّرَادِ إذْ شَرْطُ الْعِلَّةِ أَنْ تَكُونَ مُطَّرِدَةً مُنْعَكِسَةً كَمَا عُرِفَ فَإِنْ اُعْتُرِضَ بِأَنَّهَا غَيْرُ مُطَّرِدَةٍ فَهُوَ النَّقْضُ أَوْ غَيْرُ مُنْعَكِسَةٍ فَهُوَ تَخَلُّفُ الْعَكْسِ فَيُقْدَحُ عِنْدَ مَانِعِ عِلَّتَيْنِ دُونَ مُجَوِّزِهِمَا كَمَا ذَكَرَهُ اهـ. زَكَرِيَّا
(قَوْلُهُ: لَا انْتِفَاؤُهُ فِي نَفْسِهِ) قَالَ الْعَضُدُ بَعْدَ تَقْرِيرِهِ
مِنْ عَدَمِ الدَّلِيلِ) الَّذِي مِنْ جُمْلَتِهِ الْعِلَّةُ (عَدَمُ الْمَدْلُولِ) لِلْقَطْعِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَوْ لَمْ يَخْلُقْ الْعَالَمَ الدَّالَّ عَلَى وُجُودِهِ لَمْ يَنْتَفِ وُجُودُهُ، وَإِنَّمَا يَنْتَفِي الْعِلْمُ بِهِ.
(وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ الْقَوَادِحِ (عَدَمُ التَّأْثِيرِ أَيْ أَنَّ الْوَصْفَ لَا مُنَاسَبَةَ فِيهِ) لِلْحُكْمِ (وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ هُنَا، وَهُوَ نَفْيُ الْمُنَاسَبَةِ فِيهِ أَيْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ (اُخْتُصَّ بِقِيَاسِ الْمَعْنَى) لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْمُنَاسِبِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَالشَّبَهِ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ (وَبِالْمُسْتَنْبَطَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا) فَلَا يَتَأَتَّى فِي الْمَنْصُوصَةِ وَالْمُسْتَنْبَطَةِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا (وَهُوَ أَرْبَعَةٌ) الْقِسْمُ الْأَوَّلُ
ــ
[حاشية العطار]
وَتَقْرِيرُ دَلِيلِهِ الْمَذْكُورِ وَعَلَى رَأْيِنَا أَنَّ الْمُصِيبَ وَاحِدٌ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِسُقُوطِ الْحُكْمِ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَكْلِيفُ الْمُحَالِ، وَقَدْ يُقَالُ الْعِلَّةُ الدَّلِيلُ الْبَاعِثُ عَلَى الْحُكْمِ، وَقَدْ يُخَالِفُ مُطْلَقَ الدَّلِيلِ فَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ الْحُكْمِ وَكَيْفَ لَا وَالْحُكْمُ لَا يَكُونُ إلَّا لِبَاعِثٍ إمَّا وُجُوبًا أَوْ تَفَضُّلًا اهـ. نَاصِرٌ (قَوْلُهُ: مِنْ عَدَمِ الدَّلِيلِ) أَيْ مِنْ عَدَمِ إقَامَةِ الدَّلِيلِ (قَوْلُهُ: الَّذِي مِنْ جُمْلَتِهِ الْعِلَّةُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا الْمُعَرِّفُ.
(قَوْلُهُ: عَدَمُ التَّأْثِيرِ) أَيْ عَدَمُ تَأْثِيرِ الْوَصْفِ فِي الْحُكْمِ وَعَدَمُ تَأْثِيرِهِ إمَّا بِاعْتِبَارِ كُلِّهِ كَمَا فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَإِمَّا بِاعْتِبَارِ جُزْئِهِ كَمَا فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ فَإِنَّهُ فِيهِمَا إنَّمَا أَثَّرَ جُزْؤُهُ لَا كُلُّهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: أَيْ أَنَّ الْوَصْفَ لَا مُنَاسَبَةَ فِيهِ) تَفْسِيرٌ لِعَدَمِ التَّأْثِيرِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّأْثِيرِ الْمُنَاسَبَةُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْعِلَّةَ عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ بِمَعْنَى الْمُعَرِّفِ لَا الْمُؤَثِّرِ، وَلَا الْبَاعِثِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: لَا يُقَالُ الْمُنَاسِبُ لِمَا يَأْتِي فِي تَفْسِيرِ الطَّرْدِيِّ أَنْ يَزِيدَ وَلَا شُبْهَةَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْكَلَامُ هُنَا فِي تَفْسِيرِ عَدَمِ التَّأْثِيرِ وَثَمَّ فِي تَفْسِيرِ الطَّرْدِيّ فَلَا جَامِعَ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ يُقَالُ تَفْسِيرُ عَدَمِ التَّأْثِيرِ بِعَدَمِ الْمُنَاسَبَةِ لَا يَصْدُقُ عَلَى الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُنَاسَبَةَ فِيهِ فِي وَصْفِ الْمُسْتَدِلِّ مَوْجُودَةٌ إلَّا أَنَّهُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِيهِ فَلَوْ فَسَّرَهُ بِبَقَاءِ الْحُكْمِ بِدُونِ الْوَصْفِ فِي الْأَصْلِ كَمَا فَسَّرَهُ بِهِ الْبَيْضَاوِيُّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ الرَّازِيّ لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَغْنَى عَنْهُ فِي الثَّانِي عُدَّ غَيْرَ مُنَاسِبٍ تَغْلِيبًا بَلْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مُنَاسِبٌ إذْ الْمُرَادُ بِالْمُنَاسِبِ مَا دَارَ مَعَهُ الْحُكْمُ، وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي الثَّانِي كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ فِيهِ وَعَدَمُهَا مَوْجُودٌ مَعَ الرُّؤْيَةِ مَعَ أَنَّ تَفْسِيرَهُ بِمَا قَالَهُ هُوَ الْأَنْسَبُ بِقَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا مُنَاسَبَةَ فِيهِ) أَيْ ظَاهِرَةٌ، وَإِلَّا فَهِيَ لَا بُدَّ مِنْهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ) إذْ لَمْ يَدَّعِ فِيهِ مُنَاسَبَةً فَلَا يَتَأَتَّى الْقَدْحُ بِعَدَمِ التَّأْثِيرِ فِيهِ (قَوْلُهُ: اُخْتُصَّ بِقِيَاسِ الْمَعْنَى) أَيْ، وَهُوَ مَا ثَبَتَ فِيهِ عِلِّيَّةُ الْوَصْفِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ بِالْمُنَاسَبَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ لِاشْتِمَالِهِ أَيْ قِيَاسِ الْمَعْنَى عَلَى الْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ فَلَا يَقْدَحُ فِيهِ لِوُجُودِ الْمُنَاسَبَةِ فِيهِ بِخِلَافِ قِيَاسِ الشَّبَهِ وَالطَّرْدِ فَالْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ وَالْمَقْصُورُ قَدْحُ عَدَمِ التَّأْثِيرِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَأَتَّى فِي الْمَنْصُوصَةِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُمَا لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَا عِلَّةً
عَدَمُ التَّأْثِيرِ (فِي الْوَصْفِ بِكَوْنِهِ طَرْدِيًّا) كَقَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ فِي الصُّبْحِ صَلَاةٌ لَا يُقْصَرُ فَلَا يُقَدَّمُ آذَانُهَا كَالْمَغْرِبِ فَعَدَمُ الْقَصْرِ فِي عَدَمِ تَقْدِيمِ الْآذَانِ طَرْدِيٌّ لَا مُنَاسَبَةَ فِيهِ، وَلَا شُبْهَةَ وَعَدَمُ التَّقْدِيمِ مَوْجُودٌ فِيمَا يُقْصَرُ وَحَاصِلُ هَذَا الْقِسْمِ طَلَبُ الدَّلِيلِ عَلَى عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ (وَ) الثَّانِي عَدَمُ التَّأْثِيرِ (فِي الْأَصْلِ) بِإِبْدَاءِ عِلَّةِ الْحِكْمَةِ (مِثْلُ) أَنْ يُقَالَ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ (مَبِيعٌ غَيْرُ مَرْئِيٍّ فَلَا يَصِحُّ كَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ فَيَقُولُ) الْمُعْتَرِضُ (لَا أَثَرَ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَرْئِيٍّ) فِي الْأَصْلِ (فَإِنَّ الْعَجْزَ عَنْ التَّسْلِيمِ) فِيهِ (كَافٍ) فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ وَعَدَمُهَا مَوْجُودٌ مَعَ الرُّؤْيَةِ (وَحَاصِلُهُ مُعَارَضَةٌ فِي الْأَصْلِ) بِإِبْدَاءِ غَيْرِ مَا عُلِّلَ بِهِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ التَّعْلِيلِ بِعِلَّتَيْنِ (وَ) الثَّالِثُ عَدَمُ التَّأْثِيرِ (فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ أَضْرُبٌ) ثَلَاثَةٌ (لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ لَا يَكُونَ لِذِكْرِهِ) أَيْ الْوَصْفِ الَّذِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الْعِلَّةُ.
(فَائِدَةٌ كَقَوْلِهِمْ) أَيْ الْخُصُومِ الْحَنَفِيَّةِ (فِي الْمُرْتَدِّينَ) الْمُتْلِفِينَ مَالَنَا فِي دَارِ الْحَرْبِ حَيْثُ اسْتَدَلُّوا عَلَى نَفْيِ الضَّمَانِ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ (مُشْرِكُونَ أَتْلَفُوا مَالًا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِمْ (كَالْحَرْبِيِّ) الْمُتْلِفِ مَالَنَا
ــ
[حاشية العطار]
فِي الْوَاقِعِ صَوْنًا لِلنَّصِّ وَالِاسْتِنْبَاطِ عَنْ الْخَطَأِ فَلَا يُقْدَحُ فِيهِمَا بِعَدَمِ الْمُنَاسَبَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْعِلِّيَّةُ لِشَبَهِ أَمْرٍ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ التَّأْثِيرِ فِي الْوَصْفِ) مُتَعَلِّقٌ بِالتَّأْثِيرِ أَيْ عَدَمُ التَّأْثِيرِ الْكَائِنِ فِي الْوَصْفِ فَفِي بِمَعْنَى اللَّامِ وَالْمَعْنَى عَدَمُ تَأْثِيرِ الْوَصْفِ فِي الْحُكْمِ أَيْ حُكْمِ الْأَصْلِ أَوْ حُكْمِ الْفَرْعِ أَيْ عَدَمُ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَحَاصِلُهُ عَدَمُ تَأْثِيرِ الْوَصْفِ فِي نَفْسِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لَهُ أَصْلًا فَلَوْ قَالَ كَالْعَضُدِ عَدَمُ تَأْثِيرِ الْوَصْفِ كَانَ أَوْضَحَ.
(قَوْلُهُ: طَرْدِيًّا) أَيْ أَوْ شَبَهِيًّا لِصِدْقِ عَدَمِ الْمُنَاسَبَةِ الذَّاتِيَّةِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنْ قُلْت هُمَا مَسْلَكَانِ لِلْعِلَّةِ فَكَيْفَ يَكُونَا قَادِحَيْنِ لَهَا قُلْت هُمَا مَسْلَكَانِ لِلْعِلَّةِ مُطَابِقَانِ وَقَادِحَانِ لِعِلَّةٍ خَاصَّةٍ فِي قِيَاسِ الْمَعْنَى فَلَا مَحْذُورَ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: فَعَدَمُ الْقَصْرِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْعِلَّةُ (قَوْلُهُ، وَلَا شَبَهَ) أَيْ زِيَادَةٌ عَلَى كَوْنِهِ غَيْرَ مُنَاسِبٍ، وَهُوَ بَيَانٌ لِكَوْنِهِ طَرْدِيًّا، وَمُرَادُهُ أَنَّ هَذَا الْوَصْفَ لَا شَبَهَ فِيهِ، وَإِلَّا فَيَتَأَتَّى فِيهِ قِيَاسُ الشَّبَهِ كَأَنْ يُقَالَ تَرَدَّدَ بَيْنَ الرُّبَاعِيَّةِ وَالثُّلَاثِيَّةِ فَوَجَدْنَاهُ أَكْثَرَ شَبَهًا بِالثُّلَاثِيَّةِ فَأَلْحَقْنَاهُ بِهَا (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ التَّقْدِيمِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْحُكْمُ مَوْجُودٌ أَيْ فَقَدْ تَخَلَّفَ الْعَكْسُ، وَهُوَ مِمَّا يُقَوِّي عَدَمَ الْمُنَاسَبَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْأَصْلِ) أَيْ فِي حُكْمِ الْأَصْلِ فَقَطْ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ لِحِكْمَةٍ؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ الْمَذْكُورَ بَعْدُ مُؤَثِّرٌ فِي حُكْمِ الْفَرْعِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُعْتَرِضَ هُنَا أَبْدَى عِلَّةً أُخْرَى بِخِلَافِهِ فِي الْأَوَّلِ وَأَيْضًا الْوَصْفُ فِي الْأَوَّلِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي حُكْمِ الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ مَعًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْعَضُدِ.
(قَوْلُهُ: بِإِبْدَاءِ عِلَّةٍ) أَيْ غَيْرِ الَّذِي ذَكَرَهَا الْمُسْتَدِلُّ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا فِيهِ مُنَاسَبَةٌ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهَا مُعَارَضَةٌ بِعِلَّةٍ أُخْرَى فَلَا يَصِحُّ إدْرَاجُهُ فِي عَدَمِ الْمُنَاسَبَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا عُورِضَتْ ضَعُفَتْ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُهَا مَوْجُودٌ إلَخْ) أَيْ فَتَخَلَّفَ الْعَكْسُ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى جَوَازِ التَّعْلِيلِ إلَخْ) أَيْ قَبُولُ الْمُعَارَضَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى ذَلِكَ وَاعْتَرَضَهُ الْحَوَاشِي بِأَنَّ الْمَبْنِيَّ عَلَى ذَلِكَ هُوَ عَدَمُ قَبُولِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ التَّعْلِيلِ بِعِلَّتَيْنِ؛ لِأَنَّا إذَا قُلْنَا يَجُوزُ التَّعْلِيلُ يَقُولُ الْمُسْتَدِلُّ اتَّفَقَتْ هَذِهِ الْعِلَّةُ، وَأَنْتَ اصْطَلَحْت عَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ قَبُولَ الْمُعَارَضَةِ وَعَدَمَ قَبُولِهَا مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ التَّعْلِيلِ بِعِلَّتَيْنِ مِنْ حَيْثُ ثُبُوتُ ذَلِكَ الْجَوَازِ وَعَدَمُ ثُبُوتِهِ فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ الْجَوَازُ لَمْ تُقْبَلْ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ قُبِلَتْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِنَاءً إلَخْ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْمُعَارَضَةِ مَبْنِيَّةً مِنْ حَيْثُ قَبُولُهَا وَرَدُّهَا عَلَى ذَلِكَ الْجَوَازِ ثُبُوتًا وَعَدَمًا، وَهَذَا الْمَعْنَى قَرِيبٌ صَحِيحٌ لَا قَلْبَ فِيهِ، وَلَا سَهْوَ (قَوْلُهُ: فِي الْحُكْمِ) أَيْ حُكْمِ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْوَصْفُ الَّذِي جُزْءُ الْعِلَّةِ) ، وَهُوَ دَارُ الْحَرْبِ فَبَيَّنَ بِقَوْلِهِ أَيْ الْوَصْفُ إلَخْ أَنَّ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمَخْدُوشَ لِجُزْءِ الْعِلَّةِ وَأَمَّا جُزْآهُ الْآخَرَانِ، وَهُمَا مُشْرِكُونَ
(وَدَارُ الْحَرْبِ عِنْدَهُمْ) أَيْ الْخُصُومِ (طَرْدِيٌّ فَلَا فَائِدَةَ لِذِكْرِهِ، إذْ مَنْ أَوْجَبَ الضَّمَانَ) مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي إتْلَافِ الْمُرْتَدِّ مَالَ الْمُسْلِمِ كَالشَّافِعِيَّةِ (أَوْجَبَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ إتْلَافٌ (فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَكَذَا مَنْ نَفَاهُ) مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ كَالْحَنَفِيَّةِ نَفَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِتْلَافُ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فِي الشِّقَّيْنِ وَالْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ عِنْدَهُمْ شِقُّ النَّفْيِ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَزَادَ هُوَ شِقَّ الْإِثْبَاتِ تَقْوِيَةً لِلِاعْتِرَاضِ وَبَدَأَ بِهِ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى النَّفْيِ (وَيَرْجِعُ) الِاعْتِرَاضُ فِي ذَلِكَ (إلَى) الْقِسْمِ الْأَوَّلِ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُعْتَرِضَ (يُطَالِبُ) الْمُسْتَدِلَّ (بِتَأْثِيرِ كَوْنِهِ) أَيْ الْإِتْلَافِ (فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ يَكُونُ لَهُ) أَيْ لِذِكْرِ الْوَصْفِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِ الْعِلَّةُ.
(فَائِدَةٌ ضَرُورِيَّةٌ كَقَوْلِ مُعْتَبِرِ الْعَدَدِ فِي الِاسْتِجْمَارِ بِالْأَحْجَارِ: عِبَادَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْأَحْجَارِ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا مَعْصِيَةٌ فَاعْتُبِرَ فِيهَا الْعَدَدُ كَالْجِمَارِ فَقَوْلُهُ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا مَعْصِيَةٌ عَدِيمُ التَّأْثِيرِ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ لَكِنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَى ذِكْرِهِ لِئَلَّا يُنْتَقَضَ) مَا عَلَّلَ بِهِ لَوْ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ (بِالرَّجْمِ) لِلْمُحْصَنِ فَإِنَّهُ عِبَادَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْأَحْجَارِ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهَا الْعَدَدُ (أَوْ غَيْرُ ضَرُورِيَّةٍ فَإِنْ لَمْ تُغْتَفَرْ الضَّرُورِيَّةُ) بِأَنْ صَحَّ الِاعْتِرَاضُ بِمَحَلِّهَا (لَمْ تُغْتَفَرْ) هَذِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (، وَإِلَّا فَتَرَدُّدٌ) أَيْ، وَإِنْ اُغْتُفِرَتْ الضَّرُورِيَّةُ فَ قِيلَ: يُغْتَفَرُ غَيْرُهَا أَيْضًا، وَقِيلَ لَا (مِثَالُهُ الْجُمُعَةُ صَلَاةٌ مَفْرُوضَةٌ فَلَمْ تَفْتَقِرْ) فِي إقَامَتِهَا (إلَى إذْنِ الْإِمَامِ) الْأَعْظَمِ (كَالظُّهْرِ فَإِنَّ " مَفْرُوضَةٌ " حَشْوٌ إذْ لَوْ حُذِفَ) مَا عَلَّلَ بِهِ (لَمْ يُنْتَقَضْ) أَيْ الْبَاقِي مِنْهُ بِشَيْءٍ لَكِنَّهُ ذُكِرَ لِتَقْرِيبِ الْفَرْعِ مِنْ الْأَصْلِ بِتَقْوِيَةِ الشَّبَهِ بَيْنَهُمَا إذْ الْغَرَضُ بِالْغَرَضِ
ــ
[حاشية العطار]
أَتْلَفُوا مَالًا فَلَهُ فَائِدَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَالْعِلَّةُ مُشْرِكُونَ أَتْلَفُوا مَالًا فِي دَارِ الْحَرْبِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى وَصْفٍ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَهُوَ فِي دَارِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: وَدَارُ الْحَرْبِ إلَخْ) اعْتِرَاضٌ عَلَى الْخُصُومِ وَالْأَوْلَى فَدَارُ الْحَرْبِ بِالْفَاءِ كَنَظِيرِهِ فِيمَا بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: عِنْدَهُمْ) أَيْ وَعِنْدَنَا أَيْضًا لَكِنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ الْمُسْتَدِلُّونَ (قَوْلُهُ:، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ مَا قَبْلَ هَذِهِ الْمُبَالَغَةِ، وَهُوَ كَوْنُهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَيْسَ أَوْلَى بِالْحُكْمِ، وَهُوَ بِالضَّمَانِ مِنْهَا وَيُجَابُ بِأَنَّهُ تَسَامَحَ فِي ذَلِكَ لِتَكُونَ الْمُبَالَغَةُ فِي مَحَلِّهَا فِيمَا أَحَالَهُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ، وَكَذَا مَنْ نَفَاهُ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي إتْلَافِ الْمُرْتَدِّ مَالَ الْمُسْلِمِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَيَرْجِعُ الِاعْتِرَاضُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: شِقٌّ لِلنَّفْيِ) بِأَنْ يَقُولَ إذْ مَنْ نَفَى الضَّمَانَ نَفَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي دَارِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: وَزَادَ هُوَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ شِقَّ الْإِثْبَاتِ إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ إذْ مَنْ أَوْجَبَ الضَّمَانَ إلَخْ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ طَرْدِيٌّ، وَالْمُعَوَّلُ فِي التَّعْلِيلِ هُوَ الشِّقُّ الثَّانِي، وَهُوَ قَوْلُهُ، وَكَذَا مَنْ نَفَاهُ إذْ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِمْ لِكَوْنِهِمْ هُمْ الْقَائِلِينَ بِالنَّفْيِ فَكَانَ يَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ فِي التَّعْلِيلِ كَمَا فَعَلَ غَيْرُهُ لَكِنَّهُ زَادَ شِقَّ الْإِثْبَاتِ تَقْوِيَةً لِلِاعْتِرَاضِ إذْ يَظْهَرُ بِهِ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْقَيْدِ وَهُوَ دَارُ الْحَرْبِ عِنْدَ الْمُثْبِتِ لِلضَّمَانِ وَالنَّافِي لَهُ وَبَدَأَ بِشِقِّ الْإِثْبَاتِ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ هُوَ النَّفْيُ لِتَقَدُّمِ الْإِثْبَاتِ عَلَى النَّفْيِ بِاعْتِبَارِ مَا تَعَلَّقَا بِهِ مِنْ الثُّبُوتِ وَالِانْتِفَاءِ، وَإِلَّا فَكُلٌّ مِنْهُمَا حُكْمٌ وَارِدٌ عَلَى النِّسْبَةِ لَا تَقَدُّمَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ اهـ. نَجَّارِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ الِاعْتِرَاضُ فِي ذَلِكَ) أَيْ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ لِذِكْرِ الْوَصْفِ الَّذِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الْعِلَّةُ فَائِدَةً إلَى الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَقْسَامِ عَدَمِ التَّأْثِيرِ اهـ. نَجَّارِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِتَأْثِيرِ كَوْنِهِ إلَخْ) أَيْ بِبَيَانِ كَوْنِ دَارِ الْحَرْبِ مُؤَثِّرًا؛ لِأَنَّ حَاصِلَهُ طَلَبُ الدَّلِيلِ عَلَى عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: أَوْ تَكُونُ لَهُ فَائِدَةٌ) أَيْ مَعَ كَوْنِهِ طَرْدِيًّا، وَهُوَ قَسِيمٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا إمَّا أَنْ يَكُونَ لِذِكْرِهِ فَائِدَةٌ (قَوْلُهُ: كَقَوْلِ مُعْتَبَرِ الْعَدَدِ إلَخْ) قَالَ سم لَا يُنَافِي اعْتِبَارَ الْعَدَدِ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَكْفِي سَبْعُ رَمَيَاتٍ، وَلَوْ بِحَجَرٍ وَاحِدٍ فَاللَّازِمُ تَعَدُّدُ الرَّمْيِ لَا الْمَرْمِيِّ؛ لِأَنَّهُ فِي الْفَرْعِ كَذَلِكَ إذْ لَوْ مَسَحَ بِحَجَرٍ وَاحِدٍ ثَلَاثَ مَسَحَاتٍ كَفَى بِشَرْطِهِ فَاللَّازِمُ فِيهِ تَعَدُّدُ الْمَسْحِ لَا الْمَمْسُوحِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تُغْتَفَرْ) أَيْ فَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِاغْتِفَارِ الذِّكْرِ لِلْحَاجَةِ الضَّرُورِيَّةِ (قَوْلُهُ: بِمَحَلِّهَا) ، وَهُوَ الْوَصْفُ الْمُشْتَمِلُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْكُلَّ مَحَلٌّ لِجُزْئِهِ، وَوَجْهُ الِاعْتِرَاضِ اشْتِمَالُ الْعِلَّةِ عَلَى وَصْفٍ غَيْرِ مُنَاسِبٍ، وَفِي قَوْلِهِ بِأَنْ صَحَّ الِاعْتِرَاضُ لِمَحَلِّهَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَعْنَى عَدَمِ اغْتِفَارِهَا لِلْمُسْتَدِلِّ صِحَّةُ الِاعْتِرَاضِ لِمَحَلِّهَا إذْ لَوْ اُغْتُفِرَتْ لَاعْتُدَّ بِهَا، وَلَمْ يُعْتَرَضْ بِمَحَلِّهَا.
(قَوْلُهُ:، وَإِنْ اُغْتُفِرَتْ الضَّرُورِيَّةُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَصِحَّ الِاعْتِرَاضُ بِمَحَلِّهَا (قَوْلُهُ: فَلَمْ تَفْتَقِرْ إلَى إذْنِ الْإِمَامِ)
بِهِ مِنْ غَيْرِهِ (الرَّابِعُ) عَدَمُ التَّأْثِيرِ (فِي الْفَرْعِ) مِثْلُ أَنْ يُقَالَ فِي تَزْوِيجِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا (زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ فَلَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ زُوِّجَتْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ بِغَيْرِ كُفْءٍ.
(وَهُوَ) أَيْ الرَّابِعُ (كَالثَّانِي إذْ لَا أَثَرَ) فِي مِثَالِهِ (لِلتَّقْيِيدِ بِغَيْرِ الْكُفْءِ) فَإِنَّ الْمُدَّعَى أَنَّ تَزْوِيجَهَا نَفْسَهَا لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا كَمَا لَا أَثَرَ لِلتَّقْيِيدِ فِي مِثَالِ الثَّانِي بِكَوْنِهِ غَيْرَ مَرْئِيٍّ، وَإِنْ كَانَ نَفْيُ الْأَثَرِ هُنَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفَرْعِ، وَهُنَاكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَصْلِ (وَيَرْجِعُ) هَذَا (إلَى الْمُنَاقَشَةِ فِي الْفَرْضِ، وَهُوَ) أَيْ الْفَرْضُ (تَخْصِيصُ بَعْضِ صُوَرِ النِّزَاعِ بِالْحِجَاجِ) كَمَا فَعَلَ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ إذْ الْمُدَّعَى فِيهِ مَنْعَ تَزْوِيجِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا مُطْلَقًا وَالِاسْتِدْلَالُ عَلَى مَنْعِهِ بِغَيْرِ كُفْءٍ (وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ) أَيْ الْفَرْضِ مُطْلَقًا، وَقِيلَ لَا (وَثَالِثًا) يَجُوزُ (بِشَرْطِ الْبِنَاءِ
ــ
[حاشية العطار]
خِلَافًا لِلْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ عِنْدَهُمْ مِنْ إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ فِيمَا إذَا أَنْشَأَ مَسْجِدًا وَأَرَادَ إقَامَةَ الْجُمُعَةِ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِهِ مِنْ غَيْرِهِ) إشَارَةً قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ هَذَا بِنَاءً مِنْهُ عَلَى أَنَّ بِالْغَرَضِ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِأَشْبَهَ وَأَنَّ الْمَعْنَى إذْ الْغَرَضُ بِالْقِيَاسِ إلَى الْغَرَضِ أَوْ مَعَ الْغَرَضِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِأَشْبَهَ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ وَالتَّقْدِيرُ إذْ الْغَرَضُ أَشْبَهُ بِالْغَرَضِ وَحِينَئِذٍ يُقَالُ مِنْهُ بِغَيْرِهِ بَدَلٌ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: الرَّابِعُ عَدَمُ التَّأْثِيرِ فِي الْفَرْعِ) أَيْ فِي حُكْمِهِ وَجَعَلَ هَذَا قَادِحًا عَلَى طَرِيقَةٍ مَرْجُوحَةٍ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ أَيْ الْغَرَضِ مُطْلَقًا أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُسَاعِدُهُ الدَّلِيلُ فِي كُلِّ الصُّوَرِ أَوْ يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ الِاعْتِرَاضِ فِي بَعْضِهَا فَيَسْتَفِيدُ بِالْغَرَضِ غَرَضًا صَحِيحًا (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ كُفْءٍ) مَذْهَبُنَا مَعَاشِرَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ عَقْدَهُمَا لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ كُفُؤًا أَوْ لَا فَقَدَ الْأَوْلِيَاءَ كُلَّهُمْ أَوْ بَعْضَهُمْ أَوْ لَمْ يَفْقِدُونَهُ وَتَمَسَّكَ إمَامُنَا الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه بِحَدِيثِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَإِنَّهَا رَوَتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فَقَدْ ذَكَرَ صلى الله عليه وسلم أَعَمَّ الْأَلْفَاظِ، وَهُوَ مَا وَأَيُّ وَإِذَا ابْتَدَأَ صلى الله عليه وسلم حُكْمًا، وَلَمْ يُجْرِهِ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ، وَلَمْ يُطَبِّقْهُ عَلَى حِكَايَةِ حَالٍ كَانَ الظَّاهِرُ الْعُمُومَ فَمَنْ ظَنَّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ الْمُكَاتَبَةَ عَلَى حِيَالِهَا دُونَ الْحَرَائِرِ اللَّوَاتِي هُنَّ الْغَالِبَاتُ وَالْمَقْصُودَاتُ فَقَدْ قَالَ مُحَالًا، وَلَا يَكَادُ يَخْفَى أَنَّ الْفَصِيحَ إذَا أَرَادَ بَيَانَ خَاصٍّ شَاذٍّ فَإِنَّهُ يَنُصُّ عَلَيْهِ، وَلَا يُضْرِبُ عَنْ ذِكْرِهِ، وَهُوَ يُرِيدُهُ، وَلَا يَأْتِي بِعِبَارَةٍ مَعَ قَرَائِنَ دَالَّةٍ عَلَى قَصْدِ التَّعْمِيمِ، وَهُوَ يَبْغِي النَّادِرَ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله الشَّاذُّ يُنْتَحَى بِالنَّصِّ عَلَيْهِ، وَلَا يُرَادُ عَلَى الْخُصُوصِ بِالصِّفَةِ الْعَامَّةِ وَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى الصَّغِيرَةِ فَرُدَّ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ امْرَأَةً فِي حُكْمِ اللِّسَانِ، وَقِيلَ الْمُرَادُ الْأَمَةُ وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ فَإِنْ مَسَّهَا فَلَهَا الْمَهْرُ وَمَهْرُ الْأَمَةِ لِمَوْلَاهَا اهـ. مُلَخَّصًا.
وَلَمَّا أَوَّلُوا الْحَدِيثَ بِهَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ جَوَّزُوا عَقْدَهَا لِنَفْسِهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ كُفُؤًا أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ كُفُؤًا فَلَيْسَ لِلْأَوْلِيَاءِ طَلَبُ الْفَسْخِ مِنْ الْحَاكِمِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ كُفُؤٍ فَلَهُمْ الِاعْتِرَاضُ وَطَلَبُ الْفَسْخِ مِنْ الْحَاكِمِ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَفْسَخُوا بِأَنْفُسِهِمْ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ شَرْطٌ عِنْدَهُمْ فِي الْفَسْخِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُمْ يَمْنَعُونَ تَزْوِيجَهَا نَفْسَهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ:، وَإِنْ كَانَ نَفْيُ الْأَثَرِ هُنَا) أَيْ فِي الرَّابِعِ، وَهُنَاكَ أَيْ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ: إلَى الْمُنَاقَشَةِ فِي الْفَرْضِ) أَيْ مَا فُرِضَ مَحَلًّا لِلنِّزَاعِ بِأَنَّهُ لَا مُوجِبَ لَهُ (قَوْلُهُ بِالْحِجَاجِ) أَيْ إقَامَةِ الْحُجَّةِ كَأَنْ يَقُولَ الْخَصْمُ فِي الْمَرْأَةِ الْمُزَوِّجَةِ نَفْسَهَا إنَّمَا فَرْضُهُ فِي التَّزْوِيجِ بِغَيْرِ كُفْءٍ وَأُقِيمَ الدَّلِيلُ خَاصَّةً فَقَدْ خَصَّ الْخَصْمُ دَلِيلَهُ بِبَعْضِ صُوَرِ النِّزَاعِ إذْ الْمُدَّعَى مَنْعُ تَزْوِيجِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا مُطْلَقًا فَمَنْ مَنَعَ الْفَرْضَ رَدَّ هَذَا وَمَنْ أَجَازَهُ قَبِلَهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ) وَعِلَّةُ الْمَنْعِ أَنَّهُ لَا يُسْتَدَلُّ بِخَاصٍّ عَلَى عَامٍّ وَالْمُجِيزُ مُطْلَقًا يَقُولُ الْمَمْنُوعُ هُوَ
أَيْ بِنَاءِ غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ عَلَيْهِ) كَأَنْ يُقَاسَ عَلَيْهِ بِجَامِعٍ أَوْ يُقَالَ ثَبَتَ الْحُكْمُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فَلْيَثْبُتْ فِي بَاقِيهَا إذْ لَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ، وَقَدْ قَالَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ جَوَّزُوا تَزْوِيجَهَا نَفْسَهَا مِنْ كُفْءٍ
(وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ الْقَوَادِحِ (الْقَلْبُ وَهُوَ دَعْوَى) الْمُعْتَرِضِ (أَنَّ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ) الْمُسْتَدِلُّ (فِي الْمَسْأَلَةِ) الْمُتَنَازَعِ فِيهَا (عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ) فِي كَيْفِيَّةِ الِاسْتِدْلَالِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُسْتَدِلِّ (لَا لَهُ إنْ صَحَّ)
ــ
[حاشية العطار]
الِاسْتِدْلَال بِالْخَاصِّ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الِاسْتِدْلَالِ بَيْنَ ذَلِكَ الْجُزْئِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْقَاعِدَةِ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِذَلِكَ وَالثَّالِثُ يَشْتَرِطُ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: إذْ لَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ) أَيْ بَيْنَ الْبَعْضِ وَالْبَاقِي (قَوْلُهُ:، وَقَدْ قَالَ بِهِ) أَيْ بِالْفَرْقِ الْحَنَفِيَّةُ
(قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الْقَلْبُ) قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي مِنْهَاجِهِ الْقَلْبُ هُوَ أَنْ يَرْبِطَ خِلَافَ قَوْلِ الْمُسْتَدِلِّ عَلَى عِلَّتِهِ إلْحَاقًا بِأَصْلِهِ اهـ.
قَالَ الْبُدَخْشِيُّ بِأَنْ يُقَالَ بَيَّنْت هَذَا الْحُكْمَ الَّذِي هُوَ خِلَافُ حُكْمِك فِي الْأَصْلِ بِعِلَّتِك فَثَبَتَ فِي الْفَرْعِ بِهَا أَيْضًا فَلَا يَثْبُتُ فِيهِ الْحُكْمُ الَّذِي ادَّعَيْت ثُبُوتَهُ بِهَا لِلْوِفَاقِ عَلَى عَدَمِ اجْتِمَاعِهَا فِي الْفَرْعِ اهـ.
فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ هُوَ دَعْوَى الْمُعْتَرِضِ إلَخْ تَفْسِيرٌ لِلْقَلْبِ بِمَعْنَاهُ الْأَعَمِّ وَهُوَ الَّذِي يُعْتَرَضُ بِهِ عَلَى الْقِيَاسِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَدِلَّةِ وَأَمَّا بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَهُوَ قَلْبُ الْقِيَاسِ فَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْبَيْضَاوِيُّ ثُمَّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَلْبِ أَنْ يُصَرِّحَ الْمُعْتَرِضُ بِالدَّعْوَى بَلْ حَقِيقَةُ الْقَلْبِ هُوَ أَنْ يَسْتَنْتِجَ الْقَالِبُ مِنْ دَلِيلِ الْمُسْتَدِلِّ خِلَافَ حُكْمِهِ وَذَلِكَ فِي الْمَعْنَى هُوَ الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةُ (قَوْلُهُ: الْمُتَنَازَعِ فِيهَا) تَحْرِيرٌ لِمَحَلِّ النِّزَاعِ وَإِلَّا فَجَمِيعُ الْقَوَادِحِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى الْوَجْهِ) بِأَنْ يَكُونَ جِهَةُ الْمُسْتَدِلِّ جِهَةَ الْمُعْتَرِضِ وَأَمَّا إذَا كَانَ الدَّلِيلُ ذَا وَجْهَيْنِ فَنَظَرَ الْمُسْتَدِلُّ لِجِهَةٍ وَالْمُعْتَرِضُ لِجِهَةٍ فَلَا يُسَمَّى قَلْبًا فَقَوْلُهُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ لَهُ فَائِدَةٌ وَمَثَّلُوا ذَلِكَ بِقَوْلِ الْحَنَفِيِّ الْخَالُ يَرِثُ لِخَبَرِ «الْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ» فَيَقُولُ الْمُعْتَرِضُ هَذَا يَدُلُّ عَلَيْك لَا لَك إذْ مَعْنَاهُ نَفْيُ تَوْرِيثِ الْخَالِ بِطَرِيقِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ الْخَالُ لَا يَرِثُ كَمَا تَقُولُ الْجُوعُ زَادُ مَنْ لَا زَادَ لَهُ وَالصَّبْرُ حِيلَةُ مَنْ لَا حِيلَةَ لَهُ أَيْ لَيْسَ الصَّبْرُ حِيلَةً وَلَا الْجُوعُ زَادًا (قَوْلُهُ: لَا لَهُ) أَيْ فَقَطْ وَذَلِكَ صَادِقٌ بِأَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ فَقَطْ أَوْ عَلَيْهِ وَلَهُ فَانْدَفَعَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بَلْ يَكْفِي أَنَّهُ حُجَّةٌ عَلَيْك (قَوْلُهُ: إنْ صَحَّ) مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِّ إذْ لَوْ لَمْ يَصِحَّ لَمْ يَكُنْ مُصَحِّحًا لِمَذْهَبِ الْمُعْتَرِضِ وَلَا مُبْطِلًا لِمَذْهَبِ الْمُسْتَدِلِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي وَالْمُرَادُ صِحَّتُهُ فِي الْوَاقِعِ أَوْ عِنْدَ الْمُعْتَرِضِ وَلَا يُنَافِيهِ عَدَمُ تَسْلِيمِ الْمُعْتَرِضِ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ مَعْنَى عَدَمِ التَّسْلِيمِ طَلَبُ الدَّلِيلِ
ذَلِكَ الْمُسْتَدَلِّ بِهِ (وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ هُنَا وَهُوَ قَوْلُنَا إنْ صَحَّ أَيْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ (أَمْكَنَ مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْقَلْبِ (تَسْلِيمُ صِحَّتِهِ) أَيْ صِحَّةِ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ (وَقِيلَ هُوَ) أَيْ الْقَلْبُ (تَسْلِيمٌ لِلصِّحَّةِ مُطْلَقًا) أَيْ صِحَّةِ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ صَحِيحًا أَمْ لَا (وَقِيلَ) هُوَ (إفْسَادٌ) لَهُ (مُطْلَقًا) لِأَنَّ الْقَالِبَ مِنْ حَيْثُ جَعْلُهُ عَلَى الْمُسْتَدِلِّ لِصِحَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا وَمِنْ حَيْثُ لَمْ يَجْعَلْهُ لَهُ مُفْسِدٌ لَهُ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ لَا يُذْكَرُ فِي الْحَدِّ قَوْلُهُ إنْ صَحَّ (وَعَلَى الْمُخْتَارِ) مِنْ إمْكَانِ التَّسْلِيمِ مِنْ الْقَلْبِ (فَهُوَ
ــ
[حاشية العطار]
عَلَى صِحَّتِهِ
(قَوْلُهُ: أَمْكَنَ مَعَهُ) أَيْ وَإِنْ أَمْكَنَ عَدَمُهُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فَلَا مَعْنَى لِتَقْيِيدِهِ بِقَوْلِنَا إنْ صَحَّ كَمَا لَا مَعْنَى لَهُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ صَحِيحًا إلَخْ) أَيْ فِي الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَالِبَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْقَوْلَيْنِ بِطَرِيقِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ) أَيْ الْأَخِيرَيْنِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَيَحْتَاجُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْقَلْبُ مَقْبُولٌ خَبَرٌ أَوَّلٌ وَقَوْلُهُ مُعَارَضَةٌ خَبَرٌ ثَانٍ وَقَوْلُهُ عِنْدَ تَسْلِيمِ الْمُعْتَرِضِ صِحَّتَهُ أَيْ
مَقْبُولٌ، مُعَارَضَةٌ عِنْدَ التَّسْلِيمِ قَادِحٌ عِنْدَ عَدَمِهِ) وَقِيلَ هُوَ (شَاهِدُ زُورٍ) يَشْهَدُ (لَك وَعَلَيْك) أَيُّهَا الْقَالِبُ حَيْثُ سَلَّمْت فِيهِ الدَّلِيلَ وَاسْتَدْلَلْت بِهِ عَلَى خِلَافِ دَعْوَى الْمُسْتَدِلِّ فَلَا يُقْبَلُ
(وَهُوَ قِسْمَانِ الْأَوَّلُ لِتَصْحِيحِ مَذْهَبِ الْمُعْتَرِضِ فِي الْمَسْأَلَةِ إمَّا مَعَ إبْطَالِ مَذْهَبِ الْمُسْتَدِلِّ) فِيهَا (صَرِيحًا كَمَا) يُقَالُ مِنْ جَانِبِ الْمُسْتَدِلِّ كَالشَّافِعِيِّ (فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ عَقْدٌ) فِي حَقِّ الْغَيْرِ بِلَا وِلَايَةٍ عَلَيْهِ (فَلَا يَصِحُّ كَالشِّرَاءِ) أَيْ كَشِرَاءِ الْفُضُولِيِّ فَلَا يَصِحُّ لِمَنْ سَمَّاهُ (فَقَالَ) مِنْ جَانِبِ الْمُعْتَرِضِ كَالْحَنَفِيِّ (عَقْدٌ فَيَصِحُّ كَالشِّرَاءِ) أَيْ كَشِرَاءِ الْفُضُولِيِّ فَيَصِحُّ لَهُ وَتَلْغُو تَسْمِيَتُهُ لِغَيْرِهِ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ عِنْدَنَا (أَوَّلًا) مَعَ الْإِبْطَالِ صَرِيحًا (مِثْلَ) أَنْ يَقُولَ الْحَنَفِيُّ الْمُشْتَرِطُ لِلصَّوْمِ فِي
ــ
[حاشية العطار]
فَلَا يَكُونُ قَادِحًا وَيَكُونُ قَادِحًا عِنْدَ عَدَمِ التَّسْلِيمِ وَقَوْلُهُ قَادِحٌ خَبَرُ ثَالِثٍ أَوْ أَنَّ مُعَارَضَةً خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَهُوَ مُعَارَضَةٌ إلَخْ وَهَذِهِ الْمُعَارَضَةُ غَيْرُ قَادِحَةٍ بَلْ يُجَابُ عَنْهَا بِالتَّرْجِيحِ وَأَنَّ قَوْلَهُ قَادِحٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْضًا فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْقَلْبَ عَلَى الْمُخْتَارِ يَقَعُ عَلَى وَجْهَيْنِ فَعِنْدَ التَّسْلِيمِ يَكُونُ مُعَارَضَةً وَعِنْدَ عَدَمِهِ يَكُونُ قَادِحًا وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَهُوَ مُعَارَضَةٌ لَا غَيْرُ وَعَلَى الثَّالِثِ قَادِحٌ لَا غَيْرُ وَأَوْرَدَ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُعَارَضَةً لَا يَكُونُ قَادِحًا وَقَدْ جُعِلَ مِنْ الْقَوَادِحِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَوَادِحِ مَا يَعُمُّ الْمُفْسِدَ لِلدَّلِيلِ وَالْمُوقِفَ لَهُ عَنْ الْعَمَلِ بِهِ إلَى أَنْ يُوجَدَ الْمُرَجِّحُ وَالْمَنْفِيُّ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُعَارَضَةِ لِلْإِفْسَادِ تَأَمَّلْ فَإِنْ قِيلَ الْمُعَارَضَةُ مُمْتَنِعَةٌ لِأَنَّ الدَّلِيلَ إذَا سَلِمَ لَزِمَ ثُبُوتُ الْمَدْلُولِ فَإِذَا أُقِيمَ الدَّلِيلُ عَلَى مُنَافِيهِ لَزِمَ اجْتِمَاعُ الْمُتَنَافِيَيْنِ فِي الْوَاقِعِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ مِنْ تَسْلِيمِهِ ذَلِكَ لَوْ سُلِّمَ لِصِحَّتِهِ لَكِنَّهُ إنَّمَا سُلِّمَ لِخَفَاءِ خَلَلِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَسْلِيمِهِ لِذَلِكَ ثُبُوتُ الْمَدْلُولِ فِي الْوَاقِعِ حَتَّى يَلْزَمَ اجْتِمَاعُ الْمُتَنَافِيَيْنِ (قَوْلُهُ: شَاهِدُ زُورٍ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ عَيْنُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ إفْسَادٌ مُطْلَقًا وَقَدْ مَرَّ وَيُرَدُّ بِأَنَّ مَا هُنَا غَيْرُ مَقْبُولٍ وَلَا قَادِحٌ لِأَنَّهُ شَاهِدُ زُورٍ وَمَا مَرَّ مَقْبُولٌ قَادِحٌ لِإِفْسَادِ دَلِيلِ الْمُسْتَدِلِّ اهـ
شَيْخُ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: يَشْهَدُ لَك وَعَلَيْك) كَالدَّلِيلِ عَلَى كَوْنِهِ شَاهِدَ زُورٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ شَهِدَ بِالْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ دَلِيلُ الْمُسْتَدِلِّ وَذَلِكَ بَاطِلٌ لِاسْتِحَالَتِهِ وَلَا مَعْنَى لِكَوْنِهِ شَاهِدَ زُورٍ لَا كَوْنِهِ شَاهِدًا بِبَاطِلٍ (قَوْلُهُ: حَيْثُ سَلَّمَتْ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ يَشْهَدُ عَلَيْك وَقَوْلُهُ وَاسْتَدْلَلْت بِهِ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ يَشْهَدُ لَك فَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوِّشٌ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ قِسْمَانِ) وَكُلُّ قِسْمٍ مِنْهُمَا فِيهِ قِسْمَانِ وَهَذِهِ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ غَيْرُ مُتَكَرِّرَةٍ فَإِنَّ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ لِتَصْحِيحِ مَذْهَبِ الْمُسْتَدِلِّ مَعَ الْإِبْطَالِ صَرَاحَةً وَالثَّانِي لِتَصْحِيحِ مَذْهَبِهِ مَعَ إبْطَالِهِ الْتِزَامًا وَالثَّالِثُ لِإِبْطَالِ مَذْهَبِهِ صَرَاحَةً وَالرَّابِعُ لِإِبْطَالِ مَذْهَبِهِ الْتِزَامًا (قَوْلُهُ: صَرِيحًا) يَأْتِي فِي الشَّارِحِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِمَذْهَبٍ وَلِإِبْطَالٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ لِمَنْ سَمَّاهُ) أَيْ شَخْصٌ سَمَّاهُ وَيَلْزَمُهُ لِنَفْسِهِ عِنْدَهُمْ (قَوْلُهُ: عَقْدٌ) أَيْ فِي حَقِّ الْغَيْرِ بِلَا وِلَايَةٍ لِيَكُونَ الدَّلِيلُ وَاحِدًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ عِنْدَنَا) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَشْتَرِ بِعَيْنِ مَالِ مَنْ عَقَدَ لَهُ وَلَمْ يُضِفْ الْعَقْدَ إلَى ذِمَّتِهِ بَلْ قَالَ اشْتَرَيْت لَهُ كَذَا بِكَذَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالرَّاجِحُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ إلْغَاءُ الْعَقْدِ لِقَوْلِ الْوَسَطِ إنَّهُ الْأَوْلَى بِخِلَافِ شِرَاءِ الْوَكِيلِ الْمُخَالِفِ لِأَمْرِ الْمُوَكِّلِ فَإِنَّ الْأَصَحَّ وُقُوعُهُ لِلْوَكِيلِ قَالَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ ثَمَّ وَكِيلٌ وَعَقْدُهُ صَحِيحٌ إمَّا لَهُ أَوْ لِمُوَكِّلِهِ فَإِذَا وَقَعَ مَعَ الْمُخَالَفَةِ وَقَعَ لَهُ بِخِلَافِهِ هُنَا لَا وَكَالَةَ وَهُوَ
الِاعْتِكَافِ (لُبْثٌ فَلَا يَكُونُ بِنَفْسِهِ قُرْبَةً كَوُقُوفِ عَرَفَةَ) فَإِنَّهُ قُرْبَةٌ بِضَمِيمَةِ الْإِحْرَامِ فَكَذَلِكَ الِاعْتِكَافُ يَكُونُ قُرْبَةً بِضَمِيمَةِ عِبَادَةٍ إلَيْهِ وَهِيَ الصَّوْمُ إذْ هُوَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ (فَيُقَالُ) مِنْ جَانِبِ الْمُعْتَرِضِ كَالشَّافِعِيِّ الِاعْتِكَافُ لُبْثٌ (فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الصَّوْمُ كَعَرَفَةَ) لَا يُشْتَرَطُ الصَّوْمُ فِي وُقُوفِهَا فَفِي هَذَا إبْطَالٌ لِمَذْهَبِ الْخَصْمِ الَّذِي لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ فِي الدَّلِيلِ وَهُوَ اشْتِرَاطُ الصَّوْمِ (الثَّانِي) مِنْ قِسْمَيْ الْقَلْبِ (لِإِبْطَالِ مَذْهَبِ الْمُسْتَدِلِّ بِالصَّرَاحَةِ) كَأَنْ يَقُولَ الْحَنَفِيُّ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ (عُضْوُ وُضُوءٍ فَلَا يَكْفِي) فِي مَسْحِهِ (أَقَلُّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ كَالْوَجْهِ) لَا يَكْفِي فِي غَسْلِهِ ذَلِكَ (فَيُقَالُ) مِنْ جَانِبِ الْمُعْتَرِضِ كَالشَّافِعِيِّ عُضْوُ وُضُوءٍ (فَلَا يَتَقَدَّرُ غَسْلُهُ بِالرُّبُعِ كَالْوَجْهِ) لَا يَتَقَدَّرُ غَسْلُهُ بِالرُّبُعِ (أَوْ بِالِالْتِزَامِ) كَأَنْ يَقُولَ الْحَنَفِيُّ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ (عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَيَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ بِالْمُعَوَّضِ كَالنِّكَاحِ) يَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ بِالزَّوْجَةِ أَيْ عَدَمِ رُؤْيَتِهَا (فَيُقَالُ) مِنْ جَانِبِ الْمُعْتَرِضِ كَالشَّافِعِيِّ (فَلَا يُشْتَرَطُ) فِيهِ (خِيَارُ الرُّؤْيَةِ كَالنِّكَاحِ) ، وَنَفْيُ الِاشْتِرَاطِ يَلْزَمُهُ نَفْيُ الصِّحَّةِ إذْ الْقَائِلُ بِهَا يَقُولُ بِالِاشْتِرَاطِ (وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْقَلْبِ فَيُقْبَلُ (خِلَافًا لِلْقَاضِي) أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ فِي رَدِّهِ (قَلْبُ الْمُسَاوَاةِ مِثْلُ) قَوْلِ الْحَنَفِيِّ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ (طَهَارَةٌ بِالْمَائِعِ فَلَا تَجِبُ فِيهَا لِنِيَّةٍ كَالنَّجَاسَةِ)
ــ
[حاشية العطار]
لَمْ يَشْتَرِ لِنَفْسِهِ وَمَا قَالَهُ أَوْجَهُ مِمَّا قَدْ زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ حَتَّى يَكُونَ الرَّاجِحُ هُنَا كَالرَّاجِحِ ثَمَّ مِنْ وُقُوعِ الْعَقْدِ لِلْعَاقِدِ بِجَامِعِ أَنَّهُ فِيهِمَا تَصَرَّفَ بِغَيْرِ إذْنٍ فِيمَا تَصَرَّفَ فِيهِ اهـ زَكَرِيَّا.
وَفِي تَرْشِيحِ التَّوْشِيحِ لِلْمُصَنِّفِ أَنَّ الصِّحَّةَ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَ وَالِدِهِ وَالرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ اقْتَصَرَا عَلَى حِكَايَةِ قَوْلِ الْإِمَامِ أَنَّهَا نَاجِزَةٌ اهـ.
قَالَ النَّاصِرُ وَالسِّرُّ فِي قَوْلِهِ هُنَا يَصِحُّ لَهُ وَفِيمَا قَبْلَهُ فَلَا يَصِحُّ لِمَنْ سَمَّاهُ أَنَّ حُكْمَ أَصْلِ الْقِيَاسِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ كَمَا مَرَّ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ هُنَا هُوَ عَدَمُ صِحَّةِ شِرَاءِ الْفُضُولِيِّ لِمَنْ سَمَّاهُ وَصِحَّةُ شِرَائِهِ لِنَفْسِهِ لَكِنَّ صِحَّتَهُ لِنَفْسِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَجْهٌ عِنْدَهُمْ هُوَ الْأَصَحُّ فَهِيَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا فِي الْجُمْلَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: الِاعْتِكَافُ لُبْثٌ) نَظْمُ الدَّلِيلِ هَكَذَا الِاعْتِكَافُ كَالْوُقُوفِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لُبْثٌ فَلَا يَكُونُ بِنَفْسِهِ قُرْبَةً فَلَا بُدَّ مِنْ ضَمِيمَةِ شَيْءٍ إلَيْهِ وَهُوَ الصَّوْمُ فَيَقُولُ الشَّافِعِيُّ الِاعْتِكَافُ كَالْوُقُوفِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لُبْثٌ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ صَوْمٌ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي الْوُقُوفِ صَوْمٌ (قَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ الصَّوْمُ فِي وُقُوفِهَا) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفَ مُضَافٍ أَيْ كَوُقُوفِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: لِإِبْطَالِ مَذْهَبِ الْمُسْتَدِلِّ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِمَذْهَبِ الْمُعْتَرِضِ فَلَا يُقَالُ إنَّ هَذَا تَكْرَارٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِيهِ إبْطَالُ مَذْهَبِ الْمُسْتَدِلِّ بِالصَّرَاحَةِ وَلَكِنْ تَعَرَّضَ فِيهِ لِمَذْهَبِ الْمُعْتَرِضِ وَقَوْلُهُ بِالصَّرَاحَةِ مُتَعَلِّقٌ بِإِبْطَالٍ لَا بِمَذْهَبٍ وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ بِالِالْتِزَامِ وَبِهَذَا يَصِحُّ التَّمْثِيلُ لَهُمَا بِالْمِثَالَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لَهُمَا وَالْمُرَادُ بِالصَّرَاحَةِ الدَّلَالَةُ الْمُطَابِقِيَّةُ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهَا بِالِالْتِزَامِ (قَوْلُهُ: عُضْوُ وُضُوءٍ) أَيْ الرَّأْسُ عُضْوُ وُضُوءٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَقَدَّرُ بِالرُّبُعِ) إبْطَالٌ لِمَذْهَبِ الْمُسْتَدِلِّ وَهُوَ تَقْدِيرُهُ بِالرُّبُعِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ) أَيْ لَا يَثْبُتُ فَالْمُرَادُ بِالِاشْتِرَاطِ الثُّبُوتُ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْقَائِلَ بِهِ وَهُمْ الْحَنَفِيَّةُ يَقُولُونَ بِثُبُوتِهِ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ لَا أَنَّهُمْ يَشْتَرِطُوهُ فِي الْعَقْدِ فَيَصِحُّ بَيْعُ الْغَائِبِ مَعَ الْجَهْلِ بِهِ لَكِنْ إذَا رَآهُ الْمُشْتَرِي يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: كَالنِّكَاحِ) فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ بِاتِّفَاقٍ (قَوْلُهُ: يَلْزَمُهُ نَفْيُ الصِّحَّةِ) أَيْ وَالصِّحَّةُ يَلْزَمُهَا الِاشْتِرَاطُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ عَقِبَ ذَلِكَ وَإِذَا انْتَفَى اللَّازِمُ انْتَفَى الْمَلْزُومُ وَهَذَا لُزُومٌ اصْطِلَاحِيٌّ لَا مَنْطِقِيٌّ (قَوْلُهُ: فَيُقْبَلُ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا نَفَى قَبُولَهُ لَا أَصْلَهُ (قَوْلُهُ: قَلْبُ الْمُسَاوَاةِ) هُوَ أَنْ يَكُونَ فِي جِهَةِ الْأَصْلِ حُكْمَانِ أَحَدُهُمَا مُنْتَفٍ عَنْ جِهَةِ الْفَرْعِ اتِّفَاقًا وَالْآخَرُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَيُثْبِتُ الْمُسْتَدِلُّ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ فِي الْفَرْعِ إلْحَاقًا لَهُ بِالْأَصْلِ فَيَقُولُ الْمُعْتَرِضُ فَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ فِي جِهَةِ الْفَرْعِ كَمَا وَجَبَتْ بَيْنَهُمَا فِي جِهَةِ الْأَصْلِ فَفِي مِثَالِ الْمُصَنِّفِ أَحَدُ الْحُكْمَيْنِ فِي جِهَةِ الْأَصْلِ عَدَمُ وُجُوبِ النِّيَّةِ فِي الطَّهَارَةِ بِالْجَامِدَةِ مُنْتَفٍ عَنْ جِهَةِ
لَا تَجِبُ فِي الطَّهَارَةِ عَنْهَا النِّيَّةُ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ تَجِبُ فِيهِ النِّيَّةُ (فَنَقُولُ) نَحْنُ مُعْتَرِضِينَ (فَيَسْتَوِي جَامِدُهَا وَمَائِعُهَا) أَيْ الطَّهَارَةِ (كَالنَّجَاسَةِ) يَسْتَوِي جَامِدُهَا وَمَائِعُهَا فِي حُكْمِهَا السَّابِقِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ وَجَبَتْ النِّيَّةُ فِي التَّيَمُّمِ فَيَجِبُ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَوَجْهُ التَّسْمِيَةِ بِالْمُسَاوَاةِ وَاضِحٌ مِنْ الْمِثَالِ وَالْقَاضِي يَقُولُ فِي رَدِّهِ وَجْهُ اسْتِدْلَالِ الْقَالِبِ فِيهِ غَيْرُ وَجْهِ اسْتِدْلَالِ الْمُسْتَدِلِّ
(وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ الْقَوَادِحِ (الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ وَشَاهِدُهُ) قَوْله تَعَالَى {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ} [المنافقون: 8] فِي جَوَابِ {لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ} [المنافقون: 8] الْمَحْكِيِّ عَنْ الْمُنَافِقِينَ
ــ
[حاشية العطار]
الْفَرْعِ اتِّفَاقًا وَالْآخَرُ عَدَمُ وُجُوبِ النِّيَّةِ فِي الطَّهَارَةِ بِالْمَائِعِ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَيُثَبِّتُهُ الْمُسْتَدِلُّ فِي الْفَرْعِ فَيَقُولُ الْمُعْتَرِضُ فَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ فِي جِهَةِ الْفَرْعِ كَمَا وَجَبَتْ بَيْنَهُمَا فِي جِهَةِ الْأَصْلِ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: فَيَسْتَوِي جَامِدُهَا) أَيْ الْجَامِدُ مِنْ آلَتِهَا وَمَائِعُهَا أَيْ الْمَائِعُ مِنْهَا كَالتُّرَابِ وَالْمَاءِ فَالْمُرَادُ فِي الْفَرْعِ بِجَامِدِ الطَّهَارَةِ وَالتَّيَمُّمِ وَمَائِعُهَا الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ وَفِي الْأَصْلِ بِجَامِدِ الطَّهَارَةِ وَالِاسْتِنْجَاءِ وَبِمَائِعِهَا إزَالَةُ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ التَّسْمِيَةِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمَتْنِ قَلْبُ الْمُسَاوَاةِ مِنْ إضَافَةِ الْمُسَمَّى لِلِاسْمِ (قَوْلُهُ: وَاضِحٌ) أَيْ مِنْ الْمِثَالِ حَيْثُ قَالَ فَيَسْتَوِي (قَوْلُهُ: وَجْهُ اسْتِدْلَالِ الْقَالِبِ) وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ الِاسْتِوَاءُ وَقَوْلُهُ غَيْرُ وَجْهِ اسْتِدْلَالِ الْمُسْتَدِلِّ وَهُوَ أَنَّ الْمَقِيسَ عِنْدَهُ مَانِعُ الْحَدَثِ أَيْ فَالدَّلِيلُ لَيْسَ عَلَى نَظْمٍ وَاحِدٍ وَلَعَلَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ قَلْبَ الْمُسَاوَاةِ بِخُصُوصِهِ لَا يَضُرُّ فِيهِ اخْتِلَافُ نَظْمِ الدَّلِيلَيْنِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنَافٍ لِأَصْلِ الِاسْتِوَاءِ فِي الْوَصْفِ الَّذِي جُعِلَ جَامِعًا وَهُوَ الطَّهَارَةُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذُكِرَ نَتِيجَةَ الْقِيَاسِ اسْتِدْلَالًا وَقَلْبًا لَا وَجْهَ الِاسْتِدْلَالِ أَيْ كَيْفِيَّتَهُ فَفِي الْكَلَامِ مُضَافٌ مُقَدَّرٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَالْوَجْهُ بِمَعْنَى النَّوْعِ أَيْ نَوْعِ نَتِيجَةِ اسْتِدْلَالِ الْقَالِبِ وَنَوْعِ نَتِيجَةِ اسْتِدْلَالِ الْمُسْتَدِلِّ وَيُمْكِنُ مَعَ التَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ كَوْنُ الْوَجْهِ بِمَعْنَى الْكَيْفِيَّةِ أَيْ كَيْفِيَّةِ النَّتِيجَةِ
(قَوْلُهُ: بِالْمُوجِبِ) بِالْفَتْحِ مَا يَقْتَضِيهَا الدَّلِيلُ وَبِالْكَسْرِ الدَّلِيلُ أَيْ تَسْلِيمُ مُوجَبِ الدَّلِيلِ وَمُقْتَضَاهُ مَعَ بَقَاءِ النِّزَاعِ فِي الْأَعَزِّ مَنْ هُوَ وَالْأَذَلِّ مَنْ هُوَ وَلَيْسَ هُوَ تَلَقِّي الْمُخَاطَبِ بِغَيْرِ مَا يَتَرَقَّبُ فَقَطْ الَّذِي اصْطَلَحَ عَلَيْهِ أَرْبَابُ الْمَعَانِي (قَوْلُهُ: وَشَاهِدُهُ) أَيْ الدَّالُ عَلَى اعْتِبَارِهِ وَلَمْ يَقُلْ دَلِيلُهُ لِأَنَّ الْمَبْحُوثَ عَنْهُ هُوَ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْآيَةُ لَيْسَتْ مِنْهَا قَالَ سم وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَ التَّعْرِيفِ عَلَى الشَّاهِدِ لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الشَّيْءِ فَرْعُ تَصَوُّرِهِ (قَوْلُهُ: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ إلَخْ) أَعَادَ اللَّامَ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ عِزَّةَ اللَّهِ لَا تُشَارِكُ عِزَّةَ رَسُولِهِ وَكَذَلِكَ عِزَّةُ رَسُولِهِ لَا تُشَارِكُ عِزَّةَ الْمُؤْمِنِينَ (قَوْلُهُ: لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ إلَخْ) فَأَثْبَتُوا حُكْمًا وَهُوَ
أَيْ صَحِيحٌ ذَلِكَ لَكِنْ هُمْ الْأَذَلُّ وَاَللَّهُ وَرَسُولُهُ الْأَعَزُّ وَقَدْ أَخْرَجْنَاهُمْ (وَهُوَ تَسْلِيمُ الدَّلِيلِ مَعَ بَقَاءِ النِّزَاعِ) بِأَنْ يَظْهَرَ عَدَمُ اسْتِلْزَامِ الدَّلِيلِ لِمَحَلِّ النِّزَاعِ (كَمَا يُقَالُ فِي) الْقِصَاصِ بِقَتْلِ الْمُثَقَّلِ (مِنْ جَانِبِ الْمُسْتَدِلِّ كَالشَّافِعِيِّ) قُتِلَ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَلَا يُنَافِي الْقِصَاصَ كَالْإِحْرَاقِ بِالنَّارِ لَا يُنَافِي الْقِصَاصَ (فَيُقَالُ) مِنْ جَانِبِ الْمُعْتَرِضِ كَالْحَنَفِيِّ (سَلَّمْنَا عَدَمَ الْمُنَافَاةِ) بَيْنَ الْقَتْلِ بِالْمُثَقَّلِ وَبَيْنَ الْقِصَاصِ (وَلَكِنْ لِمَ قُلْت) إنَّ الْقَتْلَ بِالْمُثَقَّلِ (يَقْتَضِيهِ) أَيْ الْقِصَاصَ وَذَلِكَ مَحَلُّ النِّزَاعِ وَلَمْ يَسْتَلْزِمْهُ الدَّلِيلُ (وَكَمَا يُقَالُ) فِي الْقِصَاصِ بِالْقَتْلِ بِالْمُثَقَّلِ أَيْضًا (التَّفَاوُتُ فِي الْوَسِيلَةِ) مِنْ آلَاتِ الْقَتْلِ وَغَيْرِهِ (لَا يَمْنَعُ الْقِصَاصَ كَالْمُتَوَسَّلِ إلَيْهِ مِنْ قَتْلٍ وَقَطْعٍ وَغَيْرِهِمَا) لَا يَمْنَعُ تَفَاوُتُهُ الْقِصَاصَ (فَيُقَالُ) مِنْ جَانِبِ الْمُعْتَرِضِ (مُسَلَّمٌ) أَنَّ التَّفَاوُتَ فِي الْوَسِيلَةِ لَا يَمْنَعُ الْقِصَاصَ فَلَيْسَ بِمَانِعٍ مِنْهُ (وَ) لَكِنْ (لَا يَلْزَمُ مِنْ إبْطَالِ مَانِعٍ انْتِفَاءُ الْمَوَانِعِ وَوُجُودُ الشَّرَائِطِ وَالْمُقْتَضِي) وَثُبُوتُ الْقِصَاصِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ (وَالْمُخْتَارُ تَصْدِيقُ الْمُعْتَرِضِ فِي قَوْلِهِ) لِلْمُسْتَدِلِّ (لَيْسَ هَذَا) أَيْ الَّذِي تُفْتِيهِ بِاسْتِدْلَالِك تَعْرِيضًا بِي مِنْ مُنَافَاةِ الْقَتْلِ بِالْمُثَقَّلِ بِالْقِصَاصِ (مَأْخَذِي) فِي نَفْيِ الْقِصَاصِ بِهِ
ــ
[حاشية العطار]
الْإِخْرَاجُ بِعِلَّةٍ وَهُوَ الْعِزَّةُ إذْ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِوَصْفٍ يُؤْذِنُ بِعِلِّيَّةِ مَبْدَأِ الِاشْتِقَاقِ (قَوْلُهُ: أَيْ صَحِيحُ ذَلِكَ) حَاصِلُهُ أَنَّا نَقُولُ بِمُوجَبِ ذَلِكَ الْكَلَامِ وَلَا نُسَلِّمُ مَا ذَكَرْت (قَوْلُهُ: وَاَللَّهُ وَرَسُولُهُ الْأَعَزُّ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ إنَّ قَوْلَهُ الْأَعَزُّ عَلَى غَيْرِ بَابِهِ وَإِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ عَلَى وَفْقِ الْآيَةِ بِمَا يُفِيدُ قَصْرَ الْعِزَّةِ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ اهـ. بِمَعْنَاهُ.
وَأَقُولُ إذَا كَانَ الْأَعَزُّ عَلَى غَيْرِ بَابِهِ أَيْ بِأَنْ لَا يُرَادَ مَعْنَى التَّفْضِيلِ كَانَ قَوْلُ الشَّارِحِ وَرَسُولُهُ الْأَعَزُّ مُفِيدًا الْحُصْرَ الْمَذْكُورَ لِتَعْرِيفِ الطَّرَفَيْنِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ صَنِيعُ الشَّارِحِ بِأَنَّهُ قَصَدَ مُوَافَقَةَ عِبَارَةِ الْمُسْتَدِلِّ وَالْإِشَارَةَ إلَى كِفَايَةِ ذَلِكَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ وَأَنَّ فِي الْآيَةِ مُبَالَغَةً فِي الرَّدِّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ تَسْلِيمُ الدَّلِيلِ) أَيْ مُقْتَضَاهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ يَظْهَرَ إلَخْ وَجَعْلُهُ مِنْ الْقَوَادِحِ لَا يُنَافِي تَسْلِيمَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ تَسْلِيمَ الدَّلِيلِ عَلَى مُدَّعَى الْمُسْتَدِلِّ بَلْ تَسْلِيمَ صِحَّتِهِ عَلَى خِلَافِهِ فَهُوَ قَادِحٌ فِي الْعِلَّةِ وَاعْلَمْ أَنَّ وُرُودَ الْقَوْلِ بِالْمُوجَبِ عَلَى ثَلَاثِ أَنْوَاعٍ الْأَوَّلُ أَنْ يُسْتَنْتَجَ مِنْ الدَّلِيلِ مَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مَحَلُّ النِّزَاعِ أَوْ مُلَازِمٌ لَهُ وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَمَثَّلَ لَهُ بِقَوْلِهِ كَمَا يُقَالُ فِي الْمُثَقَّلِ إلَخْ وَإِنْ صَلَحَ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لِلنَّوْعِ الثَّانِي الْآتِي أَيْضًا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ مِنْ مُنَافَاةِ الْقَتْلِ إلَخْ الثَّانِي أَنْ يُسْتَنْتَجَ مِنْهُ إبْطَالُ أَمْرٍ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مَأْخَذُ مَذْهَبِ الْخَصْمِ وَالْخَصْمُ يَمْنَعُ كَوْنَهُ مَأْخَذَهُ وَلَا يُلْزِمُ إبْطَالُهُ إبْطَالَ مَذْهَبِهِ وَمَثَّلَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَكَمَا يُقَالُ التَّفَاوُتُ الثَّالِثُ أَنْ يَسْكُتَ عَنْ مُقَدِّمَةٍ صُغْرًى غَيْرِ مَشْهُورَةٍ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَرُبَّمَا سَكَتَ إلَخْ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: عَدَمُ اسْتِلْزَامِ الدَّلِيلِ) وَهُوَ أَنَّ الْأَعَزَّ يُخْرِجُ الْأَذَلَّ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يُخْرِجَ الْمُنَافِقُونَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ (قَوْلُهُ: لِمَحَلِّ النِّزَاعِ) وَهُوَ الْفَرْعُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ كَالْقِصَاصِ بِقَتْلِ الْمُثَقَّلِ (قَوْلُهُ: مِنْ جَانِبِ الْمُسْتَدِلِّ) أَيْ عَلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ بِقَتْلِ الْمُثَقَّلِ كَالشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: فَلَا يُنَافِي الْقِصَاصَ) أَيْ فَيَثْبُتُ وَهُوَ الْفَرْعُ الْمَقِيسُ لَا عَدَمُ الْمُنَافَاةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ بَلْ ذَلِكَ مِنْ تَتِمَّةِ الدَّلِيلِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَقَدْ سَبَقَ لِلشَّارِحِ مِثْلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فَلَوْ أَسْقَطَ الْفَاءَ كَانَ أَجْلَى لِأَنَّهَا تُوهِمُ أَنَّ مَدْخُولَهَا هُوَ الْفَرْعُ اهـ. عَمِيرَةُ.
(قَوْلُهُ: لِمَ قُلْت) أَيْ فِي الدَّعْوَى (قَوْلُهُ: يَقْتَضِيهِ إلَخْ) هَذَا بِحَسَبِ غَرَضِ الْمُسْتَدِلِّ وَإِلَّا فَفِي الدَّلِيلِ لَمْ يَذْكُرْ الِاقْتِضَاءَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَسْتَلْزِمْهُ الدَّلِيلُ) فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ الثُّبُوتُ (قَوْلُهُ: وَكَمَا يُقَالُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ الْقَوْلِ بِالْمُوجَبِ وَالثَّالِثُ قَوْلُهُ الْآتِي وَرُبَّمَا سَكَتَ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ آلَاتِ الْقَتْلِ) بَيَانٌ لِلْوَسِيلَةِ وَقَوْلُهُ مِنْ قَطْعٍ إلَخْ بَيَانٌ لِلْمُتَوَسَّلِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَالْمُتَوَسَّلِ إلَيْهِ) أَيْ بِجَامِعِ مُطْلَقِ التَّفَاوُتِ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ إبْطَالِ مَانِعٍ) أَيْ كَالتَّفَاوُتِ هُنَا انْتِفَاءُ الْمَوَانِعِ أَيْ بَاقِي الْمَوَانِعِ كُلِّهَا وَقَوْلُهُ وَوُجُودُ عَطْفٌ عَلَى انْتِفَاءٍ (قَوْلُهُ: تَعْرِيضًا بِي) أَيْ بِأَنِّي أَثْبَتَّهُ وَجَعَلْته مَأْخَذًا لِي (قَوْلُهُ: مِنْ مُنَافَاةِ الْقَتْلِ بِالْمُثَقَّلِ إلَخْ) فَسَّرَ بِهِ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ هَذَا فَجَعَلَهُ رَاجِعًا لِلْمِثَالِ الْأَوَّلِ وَلَوْ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ مِنْ مَنْعِ التَّفَاوُتِ فِي الْوَسِيلَةِ لِيَرْجِعَ إلَى الْمِثَالِ الثَّانِي لَكَانَ
لِأَنَّ عَدَالَتَهُ تَمْنَعُهُ مِنْ الْكَذِبِ فِي ذَلِكَ وَقِيلَ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيَانِ مَأْخَذٍ آخَرَ لِأَنَّهُ قَدْ يُعَانِدُ بِمَا قَالَهُ (وَرُبَّمَا سَكَتَ الْمُسْتَدِلُّ عَنْ مُقَدَّمَةٍ غَيْرِ مَشْهُورَةٍ مَخَافَةَ الْمَنْعِ) لَهَا لَوْ صَرَّحَ بِهَا (فَيُرَدُّ) بِسُكُوتِهِ عَنْهَا (الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ) كَمَا يُقَالُ فِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ مَا هُوَ قُرْبَةٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ كَالصَّلَاةِ وَيَسْكُتُ عَنْ الصُّغْرَى وَهِيَ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ قُرْبَةً فَيَقُولُ الْمُعْتَرِضُ مُسَلِّمٌ أَنَّ مَا هُوَ قُرْبَةٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ وَلَا يَلْزَمُ اشْتِرَاطُهَا فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فَإِنْ صَرَّحَ الْمُسْتَدِلُّ بِأَنَّهُمَا قُرْبَةٌ وَرَدَ عَلَيْهِ مَنْعُ ذَلِكَ وَخَرَجَ عَنْ الْقَوْلِ بِالْمُوجِبِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ غَيْرِ مَشْهُورَةٍ عَنْ الْمَشْهُورِ فَهِيَ كَالْمَذْكُورَةِ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهَا الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ
(وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ الْقَوَادِحِ (الْقَدْحُ فِي الْمُنَاسَبَةِ) أَيْ مُنَاسَبَةِ الْوَصْفِ الْمُعَلَّلِ بِهِ (وَفِي صَلَاحِيَّةِ إفْضَاءِ الْحُكْمِ إلَى الْمَقْصُودِ) مِنْ شَرْعِهِ (وَفِي الِانْضِبَاطِ) لِلْوَصْفِ الْمُعَلَّلِ بِهِ (وَالظُّهُورِ) لَهُ بِأَنْ يَنْفِيَ كُلًّا مِنْ الْأَرْبَعَةِ (وَجَوَابُهَا) أَيْ جَوَابُ الْقَدْحِ فِيهَا (بِالْبَيَانِ) لَهَا مِثَالُ الصَّلَاحِيَّةِ الْمُحْتَاجَةِ إلَى الْبَيَانِ أَنْ يُقَالَ تَحْرِيمُ الْمُحَرَّمِ بِالْمُصَاهَرَةِ
ــ
[حاشية العطار]
أَقْرَبَ وَمُوَافِقًا لِكَلَامِ غَيْرِهِ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ عَدَالَتَهُ إلَخْ) لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ تَعْلِيلِ الْمُخْتَارِ بِأَنَّ عَدَالَتَهُ تَمْنَعُهُ إلَخْ وَتَعْلِيلُ مُقَابِلِهِ بِأَنَّهُ قَدْ يُعَانِدُ مَعَ أَنَّ الْعِنَادَ يُوقِعُ فِي الْكَذِبِ لِأَنَّ الْمُرَادَ الظَّاهِرَ الْعَدَالَةُ وَمِنْ شَأْنِهَا انْتِفَاءُ الْكَذِبِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ قَدْ يَقَعُ لِأَنَّ الْكَذِبَ لَا يُنَافِيهَا (قَوْلُهُ: وَرُبَّمَا سَكَتَ الْمُسْتَدِلُّ) أَيْ بِقِيَاسٍ مَنْطِقِيٍّ وَقَوْلُهُ عَنْ مُقَدِّمَةٍ هِيَ الصُّغْرَى (قَوْلُهُ: الْقَوْلُ بِالْمُوجَبِ) أَيْ مُوجَبِ الْمُقَدِّمَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُ اشْتِرَاطُهَا فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُقَدِّمَةَ الْوَاحِدَةَ لَا تُنْتَجُ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: مَنْعُ ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهُمَا قُرْبَةٌ لِأَنَّ الْمُعْتَرِضَ يَرَى أَنَّهُمَا لِلنَّظَافَةِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ عَنْ الْقَوْلِ بِالْمُوجِبِ) لِأَنَّ الْقَوْلَ بِالْمُوجِبِ تَسْلِيمٌ لِلدَّلِيلِ مَعَ بَقَاءِ النِّزَاعِ وَهَذَا مَنْعٌ لِلدَّلِيلِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَأَتَّى إلَخْ) وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى الْمَنْعُ
(قَوْلُهُ: وَفِي صَلَاحِيَّةِ إفْضَاءِ الْحُكْمِ إلَخْ) أَيْ وَفِي كَوْنِ الْحُكْمِ صَالِحًا لَأَنْ يُفْضِيَ أَيْ يُوَصِّلَ إلَى الْمَقْصُودِ كَمَا أَشَارَ الشَّارِحُ بَعْدُ فِي الْمِثَالِ حَيْثُ جَعَلَ فِيهِ الْمَوْصُوفَ بِالصَّلَاحِيَّةِ الْحُكْمَ الَّذِي هُوَ التَّحْرِيمُ وَجَعَلَ الْإِفْضَاءَ مُتَعَلِّقَ صَلَاحِيَّتِهِ فَفِي الْعِبَارَةِ قَلْبٌ وَالْأَصْلُ وَفِي صَلَاحِيَّةِ الْحُكْمِ لِإِفْضَائِهِ لِلْمَقْصُودِ أَوْ أَنَّ الصَّلَاحِيَّةَ وَإِنْ كَانَتْ صِفَةٌ لِلْحُكْمِ إلَّا أَنَّهَا سَبَبٌ فِي إفْضَائِهِ فَأُضِيفَتْ إلَيْهَا إضَافَةَ السَّبَبِ إلَى الْمُسَبِّبِ (قَوْلُهُ: وَفِي الِانْضِبَاطِ) أَيْ كَالْمَشَقَّةِ لِلسَّفَرِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَنْفِيَ إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِلْقَدْحِ فِي الْأَرْبَعَةِ أَيْ يَنْفِي كُلَّ وَاحِدٍ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ وَحْدَهُ قَادِحٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نَفْيِ الْجَمِيعِ كَمَا قَدْ تُوهِمُهُ عِبَارَتُهُ وَذَلِكَ بِأَنْ يُبْدِيَ فِي الْأَوَّلِ مِنْهَا مَفْسَدَةً رَاجِحَةً أَوْ مُسَاوِيَةً وَيُبَيِّنَ فِي الثَّانِي عَدَمَ الصَّلَاحِيَّةِ لِلْإِفْضَاءِ وَفِي الثَّالِثِ عَدَمَ الِانْضِبَاطِ وَفِي الرَّابِعِ عَدَمَ الظُّهُورِ وَالْأَوَّلَانِ يَخْتَصَّانِ بِالْمُنَاسَبَةِ وَالْأَخِيرَانِ يَعُمَّانِهَا وَغَيْرَهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْقَدْحَ فِي الْمُنَاسَبَةِ هُنَا مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ الْمُنَاسَبَةُ بِتَحْرِيمِ مَفْسَدَةٍ تَلْزَمُ إلَخْ تَتْمِيمًا لِلْأَقْسَامِ وَلِمُشَارَكَتِهِ لَهَا فِي الْجَوَابِ (قَوْلُهُ: بِالْبَيَانِ لَهَا) أَمَّا الْأَوَّلُ فَجَوَابُهُ بِبَيَانِ تَرْجِيحِ الْمَصْلَحَةِ فِي الْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُسْتَدِلُّ عَلَى الْمَفْسَدَةِ الَّتِي اعْتَرَضَ بِهَا عَلَيْهِ تَفْصِيلًا أَوْ إجْمَالًا وَالثَّانِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَجَوَابُهُ بِبَيَانِ انْضِبَاطِهِ كَالتَّعْلِيلِ بِالْمَشَقَّةِ فِي الْقَصْرِ فَيَقُولُ الْمُعْتَرِضُ الْمَشَقَّةُ غَيْرُ مُنْضَبِطَةٍ لِأَنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ بِالْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ وَالْأَزْمَانِ فَيُجَابُ بِانْضِبَاطِهَا عُرْفًا وَأَمَّا الرَّابِعُ فَجَوَابُهُ بِبَيَانِ ظُهُورِهِ بِصِفَةٍ ظَاهِرَةٍ كَالرِّضَا فِي الْعُقُودِ فَيَقُولُ الْمُعْتَرِضُ الرِّضَا أَمْرٌ خَفِيٌّ فَلَا يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بِهِ فَيُجَابُ بِصِفَةٍ ظَاهِرَةٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ وَهِيَ الصِّيَغُ كَبِعْتُكَ وَزَوَّجْتُكَ وَاشْتَرَيْتُ وَقَبِلْتُ اهـ. خَالِدٌ.
(قَوْلُهُ: تَحْرِيمُ الْمُحَرَّمِ)
مُؤَبَّدًا صَالِحٌ لَأَنْ يُفْضِيَ إلَى عَدَمِ الْفُجُورِ بِهَا الْمَقْصُودُ مِنْ شَرْعِ التَّحْرِيمِ فَيُعْتَرَضُ بِأَنَّهُ لَيْسَ صَالِحًا لِذَلِكَ بَلْ لِلْإِفْضَاءِ إلَى الْفُجُورِ فَإِنَّ النَّفْسَ مَائِلَةٌ إلَى الْمَمْنُوعِ فَيُجَابُ بِأَنَّ تَحْرِيمَهَا الْمُؤَبَّدَ يَسُدُّ بَابَ الطَّمَعِ فِيهَا بِحَيْثُ تَصِيرُ غَيْرَ مُشْتَهَاةٍ كَالْأُمِّ
(وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ الْقَوَادِحِ (الْفَرْقُ) بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ وَ (هُوَ رَاجِعٌ إلَى الْمُعَارَضَةِ فِي الْأَصْلِ أَوْ الْفَرْعِ وَقِيلَ إلَيْهِمَا) أَيْ إلَى الْمُعَارَضَتَيْنِ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ (مَعًا) لِأَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ إبْدَاءُ خُصُوصِيَّةٍ فِي الْأَصْلِ تُجْعَلُ شَرْطًا لِلْحُكْمِ بِأَنْ تُجْعَلَ مِنْ عِلَّتِهِ أَوْ إبْدَاءُ خُصُوصِيَّةٍ فِي الْفَرْعِ تُجْعَلُ
ــ
[حاشية العطار]
عِبَارَةُ الشَّيْخِ خَالِدٍ رحمه الله كَتَعْلِيلِ الْمُسْتَدِلِّ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ عَلَى التَّأْبِيدِ بِالْحَاجَةِ الدَّاعِيَةِ لِارْتِفَاعِ الْحِجَابِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ الْمُؤَدِّي لِلْفُجُورِ فَإِذَا تَأَبَّدَ التَّحْرِيمُ انْسَدَّ بَابُ الطَّمَعِ فِي الْمَحَارِمِ (قَوْلُهُ: مُؤَبَّدًا) حَالٌ مِنْ تَحْرِيمٍ عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ فِي جَوَازِ مَجِيءِ الْحَالِ مِنْ الْمُبْتَدَأِ (قَوْلُهُ: إلَى عَدَمِ الْفُجُورِ) أَيْ الزِّنَا وَقَوْلُهُ الْمَقْصُودِ نَعْتُ عَدَمِ.
(قَوْلُهُ: لَيْسَ صَالِحًا) أَيْ الْإِفْضَاءُ (قَوْلُهُ: غَيْرَ مُشْتَهَاةٍ) أَيْ عَادَةً (اسْتِطْرَادٌ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ دَاعِيَةٌ لِلطَّبْعِ تَجْزِي عَنْ تَكْلِيفِ الشَّرْعِ وَبَعْضُهُمْ بِقَوْلِ الْوَازِعِ الطَّبِيعِيِّ مُغْنٍ عَنْ الْإِيجَابِ الشَّرْعِيِّ وَعَبَّرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ رحمه الله عَنْ الْقَاعِدَةِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُحَالُ عَلَى طَبْعِهِ مَا لَمْ يَقُمْ مَانِعٌ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُرَتِّبْ الشَّارِعُ عَلَى شُرْبِ الْبَوْلِ وَالدَّمِ وَأَكْلِ الْعَذِرَةِ حَدًّا اكْتِفَاءً بِنُفْرَةِ الطِّبَاعِ عَنْهَا بِخِلَافِ الْخَمْرِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ لِقِيَامِ بَوَاعِثِهَا فَلَوْلَا الْحَدُّ لَعَمَّتْ مَفَاسِدُهَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفِي الْقَاعِدَةِ مَسَائِلُ مِنْهَا لَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ وَطْءُ زَوْجَتِهِ وَشَذَّ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْوَطْأَةِ الْأُولَى لِتَقْرِيرِ الْمَهْرِ أَمَّا الْمَوْلَى فَوَاجِبُهُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْوَطْءِ وَالطَّلَاقِ وَمِنْهَا إقْرَارُ الْفَاسِقِ عَلَى نَفْسِهِ مَقْبُولٌ لِأَنَّ الطَّبْعَ يَرْدَعُهُ عَنْ الْكَذِبِ فِيمَا يَضُرُّ بِنَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ عِرْضِهِ وَمِنْهَا عَدَمُ وُجُوبِ الْحَدِّ بِوَطْءِ الْمَيِّتَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ مِمَّا يَنْفِرُ عَنْهُ الطِّبَاعُ وَمَا تَنْفِرُ عَنْهُ الطِّبَاعُ لَا يُحْتَاجُ لِلزَّجْرِ عَنْهُ وَمِنْهَا لَيْسَ النِّكَاحُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ وَمُسْتَنَدُ هَذَا الْوَجْهِ النَّظَرُ إلَى بَقَاءِ النَّسْلِ وَقَدَّرَهُ الشَّيْخُ الْإِمَامُ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَقَالَ فِي النُّفُوسِ مِنْ الشَّهْوَةِ مَا يَبْعَثُهَا عَلَى ذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ إلَى إيجَابِهِ ثُمَّ مَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ إلَى قِتَالِ أَهْلِ قُطْرٍ رَغِبُوا عَنْ سُنَّةِ النِّكَاحِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا اهـ.
ثُمَّ مَا نَقَلَهُ عَنْ وَالِدِهِ فِي الْأَشْبَاهِ أَعَادَهُ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِتَرْشِيحِ التَّوْشِيحِ فَقَالَ وَمَالَ أَيْ وَالِدُهُ إلَى قِتَالِ أَهْلِ قُطْرٍ رَغِبُوا عَنْ سُنَّةِ النِّكَاحِ وَإِنْ قَنَعُوا بِالتَّسَرِّي مَعَ تَضْعِيفِهِ الْقَوْلَ بِأَنَّ النِّكَاحَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ أَنَّ الْقَاضِيَ أَبَا سَعِيدٍ حَكَى عَنْ بَعْضِ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّ النِّكَاحَ فَرْضُ كِفَايَةٍ حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ أَهْلُ قُطْرٍ أُجْبِرُوا عَلَيْهِ اهـ.
وَمِمَّا يُلْتَحَقُ بِمَا هُنَا مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَرْشِيحِ التَّوْشِيحِ أَنَّ النَّوَوِيَّ ذَكَرَ فِي الدَّقَائِقِ أَنَّهُ يُثْبِتُ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ تَحْرِيمَ الْمُصَاهَرَةِ كَالصَّحِيحِ وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ فِي الْمِنْهَاجِ وَحَكَاهُ عَنْهُ الْوَالِدُ فِي شَرْحِهِ سَاكِتًا عَلَيْهِ وَالْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ اشْتِرَاطُ كَوْنِ النِّكَاحِ صَحِيحًا وَأَنَّ الْفَاسِدَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُرْمَةٌ جَزَمَ بِذَلِكَ الرَّافِعِيُّ وَكَثِيرُونَ وَلَا أَعْرِفُ مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ إلَّا وَجْهًا غَرِيبًا حَكَاهُ الْعَبَّادِيُّ اهـ
(قَوْلُهُ: أَوْ الْفَرْعِ) أَوْ مَانِعَةِ خُلُوٍّ فَتُجَوِّزُ الْجَمْعَ فَصُوَرُهُ عَلَى هَذَا ثَلَاثَةٌ وَعَلَى الثَّانِي وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إلَيْهِمَا إلَخْ) تَضْعِيفُهُ بِالنَّظَرِ إلَى حَصْرِ الْفَرْقِ فِيهِ وَإِلَّا فَالْفَرْقُ حَاصِلٌ بِرُجُوعِهِ إلَيْهِمَا كَحُصُولِهِ بِرُجُوعِهِ إلَى أَحَدِهِمَا بِالْأَوْلَى فَأَوْ فِي كَلَامِهِ مَانِعَةُ خُلُوٍّ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: إبْدَاءُ خُصُوصِيَّةٍ إلَخْ) سَمَّاهُ مُعَارَضَةً فِي الْأَصْلِ لِأَنَّ الْمُسْتَدِلَّ ادَّعَى عَلَيْهِ الْوَصْفَ الْمُشْتَرَكَ وَالْمُعْتَرَضُ عِلِّيَّتُهُ مَعَ خُصُوصِيَّتِهِ لَا تُوجَدُ فِي الْفَرْعِ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا الْخَفَاءُ فِي كَوْنِ إبْدَاءِ الْمَانِعِ فِي الْفَرْعِ مُعَارَضَةً فِيهِ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْمَانِعَ عَنْ الشَّيْءِ فِي قُوَّةِ الْمُقْتَضِي لِنَقِيضِهِ فَيَكُونُ الْمَانِعُ فِي الْفَرْعِ وَصْفًا يَقْتَضِي نَقِيضَ الْحُكْمِ الَّذِي أَثْبَتَهُ وَهَذَا مَعْنَى الْمُعَارَضَةِ فِي الْفَرْعِ كَمَا قَالَهُ الْعَضُدُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ تُجْعَلَ مِنْ عِلَّتِهِ) تَنْبِيهٌ عَلَى تَوْجِيهِ الْمُعَارَضَةِ وَهُوَ أَنَّ الْمُسْتَدِلَّ ادَّعَى أَنَّ الْوَصْفَ الْمُشْتَرَكَ هُوَ الْعِلَّةُ وَادَّعَى الْمُعْتَرِضُ أَنَّ الْعِلَّةَ الْوَصْفُ مَعَ خُصُوصِيَّةٍ لَا تُوجَدُ فِي الْفَرْعِ وَلَمْ
مَانِعًا مِنْ الْحُكْمِ وَعَلَى الثَّانِي إبْدَاءُ الْخُصُوصِيَّتَيْنِ مَعًا مِثَالُهُ عَلَى الْأَوَّلِ بِشِقَّيْهِ أَنْ يَقُولَ الشَّافِعِيُّ النِّيَّةُ فِي الْوُضُوءِ وَاجِبَةٌ كَالتَّيَمُّمِ بِجَامِعِ الطَّهَارَةِ عَنْ حَدَثٍ فَيَعْتَرِضُ الْحَنَفِيُّ بِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْأَصْلِ الطَّهَارَةُ بِالتُّرَابِ وَأَنْ يَقُولَ الْحَنَفِيُّ يُقَادُ الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ كَغَيْرِ الْمُسْلِمِ بِجَامِعِ الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ فَيَعْتَرِضُ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْإِسْلَامَ فِي الْفَرْعِ مَانِعٌ مِنْ الْقَوَدِ وَقَدْ ذَكَرَ الْآمِدِيُّ الذَّاكِرُ لِرُجُوعِ الْفَرْقِ إلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مُسَمَّى الْمُعَارَضَةِ فِي الْأَصْلِ إبْدَاءُ قَيْدٍ فِي الْعِلَّةِ وَمِنْ مُسَمَّى الْمُعَارَضَةِ فِي الْفَرْعِ إبْدَاءُ مَانِعٍ مِنْ الْحُكْمِ وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ الْمُصَنِّفُ فَأَحَالَ مَعْنَى الْفَرْقِ عَلَى مَا لَمْ يَذْكُرْهُ بِخِلَافِ الْآمِدِيِّ (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ) أَيْ الْفَرْقَ (قَادِحٌ وَإِنْ قِيلَ إنَّهُ سُؤَالَانِ) بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فِيهِ لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي جَمْعِ الْمُسْتَدِلِّ وَقِيلَ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ وَقِيلَ لَا يُؤَثِّرُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ سُؤَالَانِ لِأَنَّ جَمْعَ الْأَسْئِلَةِ الْمُخْتَلِفَةِ غَيْرُ مَقْبُولٍ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ جَوَابِ الْفَرْقِ وَمِمَّا يُجَابُ بِهِ مَنْعُ كَوْنِ الْمُبْدِئِ فِي الْأَصْلِ جُزْءًا مِنْ الْعِلَّةِ وَفِي الْفَرْعِ مَانِعًا مِنْ الْحُكْمِ وَمَهَّدَ الْمُصَنِّفُ لِمَسْأَلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِالْفَرْقِ قَوْلُهُ (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّهُ يَمْنَعُ تَعَدُّدُ الْأُصُولِ) بِفَرْعٍ وَاحِدٍ
ــ
[حاشية العطار]
يَتَعَرَّضْ الشَّارِحُ لِتَوْجِيهِ الْمُعَارَضَةِ فِي الْفَرْعِ وَهُوَ أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الشَّيْءِ فِي قُوَّةِ الْمُقْتَضِي لِنَقِيضِهِ فَيَكُونُ الْمَانِعُ فِي الْفَرْعِ وَصْفًا يَقْتَضِي نَقِيضَ الْحُكْمِ الَّذِي أَثْبَتَهُ الْمُسْتَدِلُّ وَهَذَا مَعْنَى الْمُعَارَضَةِ فِي الْفَرْعِ اهـ. كَمَالٌ.
(قَوْلُهُ: مَانِعًا مِنْ الْحُكْمِ) فَيَمْتَنِعُ الْقِيَاسُ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الثَّانِي) وَهُوَ قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: بِشِقَّيْهِ) أَيْ الْأَصْلِ فَقَطْ أَوْ الْفَرْعِ فَقَطْ فَذَكَرَ لِكُلِّ شِقٍّ مِثَالًا (قَوْلُهُ: كَالتَّيَمُّمِ) هُوَ الْأَصْلُ وَالْحُكْمُ وُجُوبُ النِّيَّةِ وَالْوَصْفُ هُوَ الطَّهَارَةُ (قَوْلُهُ: الطَّهَارَةُ بِالتُّرَابِ) أَيْ كَوْنُهُ طَهَارَةً تُرَابِيَّةً لَا مُطْلَقَ طَهَارَةٍ (قَوْلُهُ: بِالذِّمِّيِّ) أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45](قَوْلُهُ: كَغَيْرِ الْمُسْلِمِ) هُوَ الْأَصْلُ وَالْوَصْفُ هُوَ الْقَتْلُ الْعَمْدُ الْعُدْوَانُ وَقَوْلُهُ يُقَادُ الْمُسْلِمُ هُوَ الْفَرْعُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ ذَكَرَ الْآمِدِيُّ) حَاصِلُهُ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ أَحَالَ بِقَوْلِهِ وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى الْمُعَارَضَةِ عَلَى مَا لَمْ يَذْكُرْهُ لَا سَابِقًا وَلَا لَاحِقًا (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ مُسَمَّى الْمُعَارَضَةِ إلَخْ) أَيْ غَيْرِ الْمُعَارَضَةِ الْمَشْهُورَةِ وَهُوَ مُقَابَلَةُ الدَّلِيلِ بِدَلِيلٍ وَهَذَا لَا يَرْجِعُ لَهُ الْفَرْقُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ) أَيْ مَعَ أَنَّ رُجُوعَ الْفَرْقِ لِلْمُعَارَضَةِ إنَّمَا هُوَ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ وَقَوْلُهُ عَلَى مَا لَمْ يَذْكُرْهُ أَيْ فَيُوهَمُ رُجُوعُهُ لِلْمُعَارَضَةِ بِالْمَعْنَى الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: سُؤَالَانِ) أَيْ اعْتِرَاضَانِ اعْتِرَاضٌ رَاجِعٌ إلَى الْأَصْلِ وَاعْتِرَاضٌ رَاجِعٌ إلَى الْفَرْعِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي) أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ مُعَارَضَةٌ فِي الْأَصْلِ وَمُعَارَضَةٌ فِي الْفَرْعِ وَمَعْنَى كَوْنِهِ سُؤَالًا وَاحِدًا اتِّحَادُ الْمَقْصُودِ مِنْهُ وَهُوَ قَطْعُ الْجَمْعِ وَمَعْنَى كَوْنِهِ سُؤَالَيْنِ اشْتِمَالُهُ عَلَى مُعَارَضَةِ عِلَّةِ الْأَصْلِ بِعِلَّةٍ وَعَلَى مُعَارَضَةِ الْفَرْعِ بِعِلَّةٍ مُسْتَنْبَطَةٍ فِي جَانِبِهِ لِأَنَّ الْفَارِقَ لَمَّا أَتَى بِالْمَانِعِ اُعْتُبِرَ فِي عِلَّةِ الْمُسْتَدِلِّ قَيْدٌ آخَرُ كَالْمُكَافَأَةِ فِي مِثَالِ الشَّارِحِ فَصَارَتْ الْعِلَّةُ عِنْدَ غَيْرِهِ الْعِلَّةُ عِنْدَ الْمُسْتَدِلِّ وَلَوْ قَالَ بَدَلَ مَا قَالَهُ بِنَاءً عَلَى رُجُوعِ الْفَرْقِ إلَيْهِمَا كَانَ أَوْلَى لِئَلَّا يُوهَمَ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ وَهُوَ حَصْرُ رُجُوعِ الْفَرْقِ إلَيْهِمَا وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ اهـ. زَكَرِيَّا.
وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ قَوْلُهُ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ السَّابِقِ وَقِيلَ إلَخْ تَضْعِيفُهُ بِالنَّظَرِ إلَى حَصْرِ الْفَرْقِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي جَمْعِ الْمُسْتَدِلِّ) أَيْ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ فِي الْعِلَّةِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا شَابَهَهُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَقِيلَ غَيْرُ قَادِحٍ لِأَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ كَمَا عَبَّرَ بِذَلِكَ الشَّيْخُ خَالِدٌ (قَوْلُهُ: الْأَسْئِلَةِ الْمُخْتَلِفَةِ) لِأَنَّ الِاعْتِرَاضَ فِي الْأَصْلِ إبْدَاءُ قَيْدٍ فِي الْعِلَّةِ وَفِي الْفَرْعِ إبْدَاءُ مَانِعٍ مِنْ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: مَنْعُ كَوْنِ الْمُبْدِئِ إلَخْ) أَيْ أَوْ بَيَانُ وُجُودِهِ فِي الْفَرْعِ وَقَوْلُهُ مَانِعًا مِنْ الْحُكْمِ أَيْ أَوْ مَنْعُ وُجُودِهِ فِي الْفَرْعِ فَفِيهِ احْتِبَاكٌ (قَوْلُهُ: تَعَدُّدُ الْأُصُولِ) لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي تِلْكَ الْأُصُولِ مُتَّحِدَةٌ أَوْ مُخْتَلِفَةٌ وَلَا يَبْعُدُ
أَنْ يُقَاسَ عَلَى كُلٍّ مِنْهَا (لِلِانْتِشَارِ) أَيْ انْتِشَارِ الْبَحْثِ فِي ذَلِكَ (وَإِنْ جُوِّزَ عِلَّتَانِ) لِمَعْلُولٍ وَاحِدٍ وَقِيلَ يَجُوزُ التَّعَدُّدُ مُطْلَقًا وَقَدْ لَا يَحْصُلُ انْتِشَارٌ (قَالَ الْمُجِيزُونَ) لِلتَّعَدُّدِ (ثُمَّ) عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِهِ (لَوْ فَرَّقَ بَيْنَ الْفَرْعِ وَأَصْلٍ مِنْهَا كَفَى) فِي الْقَدْحِ فِيهَا لِأَنَّهُ يُبْطِلُ جَمْعُهَا الْمَقْصُودَ قِيلَ لَا يَكْفِي لِاسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْهَا (وَثَالِثُهَا) يَكْفِي (إنْ قَصَدَ الْإِلْحَاقَ بِمَجْمُوعِهَا) لِأَنَّهُ يُبْطِلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ بِكُلٍّ مِنْهَا (ثُمَّ فِي اقْتِصَارِ الْمُسْتَدِلِّ عَلَى وُجُوبِ أَصْلٍ وَاحِدٍ) مِنْهَا حَيْثُ فَرَّقَ الْمُعْتَرِضُ بَيْنَ جَمِيعِهَا (قَوْلَانِ) قِيلَ يَكْفِي لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالدَّفْعِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهَا وَقِيلَ لَا يَكْفِي لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْجَمِيعَ فَلَزِمَهُ الدَّفْعُ عَنْهُ
(وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ الْقَوَادِحِ (فَسَادُ الْوَضْعِ بِأَنْ لَا يَكُونَ الدَّلِيلُ عَلَى الْهَيْئَةِ الصَّالِحَةِ لِاعْتِبَارِهِ فِي تَرْتِيبِ الْحُكْمِ) عَلَيْهِ كَأَنْ يَكُونَ صَالِحًا لِضِدِّ ذَلِكَ الْحُكْمِ أَوْ نَقِيضِهِ (كَتَلَقِّي التَّخْفِيفِ مِنْ التَّغْلِيظِ وَالتَّوْسِيعِ مِنْ التَّضْيِيقِ وَالْإِثْبَاتِ مِنْ النَّفْيِ) وَعَكْسُهُ الْأَوَّلُ (مِثْلُ) قَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ (الْقَتْلُ) عَمْدًا (جِنَايَةٌ عَظِيمَةٌ فَلَا يُكَفَّرُ) أَيْ لَا تَجِبُ لَهُ كَفَّارَةٌ (كَالرِّدَّةِ) فَعِظَمُ الْجِنَايَةِ يُنَاسِبُ تَغْلِيظَ الْحُكْمِ لَا تَخْفِيفَهُ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وَالثَّانِي قَوْلُهُمْ الزَّكَاةُ وَجَبَتْ عَلَى وَجْهِ
ــ
[حاشية العطار]
أَنَّهُ تَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُتَّحِدَةً وَأَنْ تَكُونَ مُخْتَلِفَةً بِنَاءً عَلَى جَوَازِ تَعَدُّدِ الْعِلَلِ بِأَنْ يَكُونَ لِذَلِكَ الْحُكْمِ عِلَلٌ مُتَعَدِّدَةٌ وَيَرِدُ النَّصُّ بِهِ فِي ثَلَاثِ أُصُولٍ مُعَلِّلًا لَهُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ بِعِلَّةٍ وَتُوجَدُ الْعِلَلُ كُلُّهَا فِي بَعْضِ الْفُرُوعِ قَالَهُ سم وَقَدْ صَحَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ جَوَازَ تَعَدُّدِ الْعِلَلِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُقَاسَ عَلَى كُلٍّ مِنْهَا) الْأَنْسَبُ بِالْقَوْلِ الْمُفَصَّلِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَنْ يَقُولَ بِأَنْ يُقَاسَ عَلَيْهَا الصَّادِقُ بِكُلٍّ مِنْهَا وَبِمَجْمُوعِهَا اهـ شَيْخُ الْإِسْلَامِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ جُوِّزَ عِلَّتَانِ) أَيْ فَأَكْثَرُ وَهَذَا مُبَالَغَةٌ عَلَى يَمْتَنِعُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قَصَدَ الْقِيَاسَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ أَوْ الْمَجْمُوعَ فَهُوَ قَوْلٌ مَطْوِيٌّ فِي مُقَابَلَةِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ لَا يَحْصُلُ انْتِشَارٌ) أَيْ بِأَنْ يُسَلِّمَ الْمُعْتَرِضُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُبْطِلُ جَمْعَهَا) يَعْنِي جَمْعَهَا مَعَ الْفَرْعِ فِي الْعِلَّةِ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْمُسْتَدِلِّ جَمْعُهَا مَعَهُ فِي الْعِلَّةِ وَهُوَ يَبْطُلُ بِالْفَرْقِ بَيْنَ أَصْلٍ مِنْهَا وَالْفَرْعِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَكْفِي لِأَنَّهُ الْتَزَمَ إلَخْ) قِيَاسُ تَرْجِيحِ حُصُولِ الْقَدْحِ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْفَرْعِ وَأَصْلٍ وَاحِدٍ تَرْجِيحُ هَذَا وَقِيَاسُ الْقَوْلِ الْمُفَصَّلِ السَّابِقِ فِي كَلَامِهِ أَنْ يَأْتِيَ نَظِيرُهُ هُنَا فَيُقَالُ إنْ قَصَدَ الْإِلْحَاقَ بِمَجْمُوعِ الْأَصْلِ لَمْ يَكْفِ الِاقْتِصَارُ وَإِلَّا كَفَى اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ لِاسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْهَا) أَيْ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ الْإِلْحَاقَ بِمَجْمُوعِهَا) فِيهِ أَنَّ هَذَا يُخْرِجُ الْمَسْأَلَةَ عَنْ مَوْضُوعِهَا مِنْ تَعَدُّدِ الْأُصُولِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ إنْ قَصَدَ الْإِلْحَاقَ أَيْ مَعَ فَرْضِ صَلَاحِيَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ لِلْإِلْحَاقِ بِهِ عَلَى حِدَتِهِ وَحِينَئِذٍ لَمْ تَخْرُجْ الْمَسْأَلَةُ عَنْ مَوْضُوعِهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَبْطُلُ) لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ يَبْطُلُ بِإِبْطَالِ جُزْئِهِ (قَوْلُهُ: قِيلَ يَكْفِي إلَخْ) هَذَا يُوَافِقُ قَوْلَهُ فِي جَانِبِ الْفَرْقِ وَقِيلَ لَا يَكْفِي لِاسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْهَا إلَخْ لِأَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ لَا يَكْفِي فِي الْقَدْحِ إلَّا الْفَرْقُ بَيْنَ الْفَرْعِ وَجَمِيعِ الْأُصُولِ وَحِينَئِذٍ لَا يَكْفِي فِي جَوَابِ الِاعْتِرَاضِ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْجَمِيعِ الْجَوَابُ عَنْ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَحْصُلْ الْفَرْقُ بَيْنَ الْجَمِيعِ الَّذِي هُوَ شَرْطُ الْقَدْحِ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ فَلَعَلَّ قَائِلَهُمْ وَاحِدٌ اهـ. سم
(قَوْله بِأَنْ لَا يَكُونَ الدَّلِيلُ) لَمْ يَقُلْ بِأَنْ لَا يَكُونَ الْقِيَاسُ مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي قَوَادِحِ الْقِيَاسِ لِلْإِشْعَارِ بِأَنَّ فَسَادَ الْوَضْعِ لَا يَخْتَصُّ بِالْقِيَاسِ وَكَذَلِكَ فَسَادُ الِاعْتِبَارِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَكُونَ صَالِحًا إلَخْ) مِثَالُ قَوْلِهِ لَا يَكُونُ وَقَوْلُهُ لِضِدِّ ذَلِكَ الْحُكْمِ أَيْ كَمَا فِي الْمِثَالَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ نَقِيضِهِ أَيْ وَذَلِكَ فِي الْمِثَالَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ (قَوْلُهُ: كَتَلَقِّي التَّخْفِيفِ) أَيْ كَأَخْذِ حُكْمٍ عَلَى وَجْهِ التَّخْفِيفِ مِنْ دَلِيلٍ يَقْتَضِي التَّغْلِيظَ (قَوْلُهُ: وَالتَّوْسِيعُ إلَخْ) يُمْكِنُ إدْرَاجُهُ فِيمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ عَكْسُ الْأَخِيرِ فَقَطْ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ عَكْسُ الْجَمِيعِ بِتَأْوِيلِ مَا ذُكِرَ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ لِقَوْلِهِ الْآتِي وَالرَّابِعُ كَأَنْ يُقَالَ إلَخْ وَإِلَّا لَقَالَ وَالسَّابِعُ بَدَلَ قَوْلِهِ وَالرَّابِعُ وَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَذْكُرَ عَكْسَ الْجَمِيعِ وَيَسْتَوْفِيَ فِي أَمْثِلَةِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ بِعَدَمِ وُجُودِ بَقِيَّةِ الْعَكْسِ فِي كَلَامِهِمْ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: يُنَاسِبُ تَغْلِيظَ الْحُكْمِ إلَخْ)
الِارْتِفَاقِ لِدَفْعِ الْحَاجَةِ فَكَانَتْ عَلَى التَّرَاخِي كَالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَالتَّرَاخِي الْمُوَسِّعُ لَا يُنَاسِبُ دَفْعَ الْحَاجَةِ الْمُضَيَّقَ وَالرَّابِعُ كَأَنْ يُقَالَ فِي الْمُعَاطَاةِ فِي الْمُحَقَّرِ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا سِوَى الرِّضَا فَلَا يَنْعَقِدُ بِهَا بَيْعٌ كَمَا فِي غَيْرِ الْمُحَقَّرِ فَالرِّضَا الَّذِي هُوَ مَنَاطُ الْبَيْعِ يُنَاسِبُ الِانْعِقَادَ لَا عَدَمَهُ (وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ فَسَادِ الْوَضْعِ (كَوْنُ الْجَامِعِ) فِي قِيَاسِ الْمُسْتَدِلِّ (ثَبَتَ اعْتِبَارُهُ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ فِي نَقِيضِ الْحُكْمِ) فِي ذَلِكَ الْقِيَاسِ مِثَالُ الْجَامِعِ ذِي النَّصِّ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ الْهِرَّةُ سَبُعٌ ذُو نَابٍ فَيَكُونُ سُؤْرُهُ نَجِسًا كَالْكَلْبِ فَيُقَالُ السَّبُعِيَّةُ اعْتَبَرَهَا الشَّارِعُ عِلَّةً لِلطَّهَارَةِ حَيْثُ «دُعِيَ إلَى دَارٍ فِيهَا كَلْبٌ فَامْتَنَعَ وَإِلَى أُخْرَى فِيهَا سِنَّوْرٌ فَأَجَابَ فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ السِّنَّوْرُ سَبُعٌ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِثَالُ ذِي الْإِجْمَاعِ قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ
ــ
[حاشية العطار]
أُجِيبَ مِنْ جِهَةِ الْمُخَالِفِ بِأَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ مِنْ التَّغْلِيظِ لَا مِنْ بَابِ التَّخْفِيفِ إذْ فِي عَدَمِ التَّكْفِيرِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لِغِلَظِهِ يَجِلُّ عَنْ أَنْ يُكَفِّرَ (قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهِ الِارْتِفَاقِ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْمُرَادُ بِهِ الرِّفْقُ بِالْمَالِكِ وَالْمُسَاهَلَةُ فِي شَأْنِهِ وَعَدَمُ التَّشْدِيدِ عَلَيْهِ اهـ.
أَقُولُ وَمِنْ آثَارِ كَوْنِهَا عَلَى وَجْهِ الِارْتِفَاقِ تَجْوِيزُ إخْرَاجِهَا مِنْ غَيْرِ الْمَالِ وَامْتِنَاعُ أَخْذِ نَحْوِ الْحَوَامِلِ وَالْكَرِيمَةِ وَمِمَّا يَمْنَعُ مِنْ إرَادَةِ رِفْقِ الْمُسْتَحِقِّ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي كَأَنْ يَكُونَ لَهُ جِهَتَانِ إلَخْ حَيْثُ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَدِلَّ نَظَرَ فِي التَّخْفِيفِ إلَى الِارْتِفَاقِ أَيْ أَخْذُ التَّخْفِيفِ مِنْ الِارْتِفَاقِ إنَّمَا يُنَاسِبُ أَخْذَهُ مِنْهُ إذَا أُرِيدَ بِهِ ارْتِفَاقُ الْمُزَكِّي لِأَنَّ قَصْدَ الْمُسَاهَلَةِ وَالتَّخْفِيفِ عَلَيْهِ يُنَاسِبُهُ التَّرَاخِي بِخِلَافِ ارْتِفَاقِ الْمُسْتَحِقِّ إنَّمَا يُنَاسِبُهُ الْفَوْرِيَّةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: لِدَفْعِ الْحَاجَةِ) مِنْ تَمَامِ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: كَالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ) قَضِيَّتُهُ تَحَقُّقُ الْجَامِعِ الْمَذْكُورِ مِنْ الِارْتِفَاقِ وَدَفْعِ الْحَاجَةِ هُنَا وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ فِي وُجُوبِهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ دَفْعَ حَاجَةِ الْجَانِي إلَى خَلَاصِهِ مِنْ عُهْدَةِ جِنَايَتِهِ الَّتِي تَكْثُرُ مِنْهُ وَيُعْذَرُ فِيهَا وَأَنَّ فِي الِاقْتِصَارِ فِي كُلِّ حَوْلٍ عَلَى نِصْفِ دِينَارٍ عَلَى الْغَنِيِّ وَرُبُعِ دِينَارٍ عَلَى الْمُتَوَسِّطِ وَعَدَمِ أَخْذِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ آخِرِ الْحَوْلِ زِيَادَةً عَلَى مَا ذُكِرَ وَإِنْ لَمْ يَفُوا بِالدِّيَةِ رِفْقًا بِهِمْ وَتَسْهِيلًا عَلَيْهِمْ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: لَا يُنَاسِبُ دَفْعَ الْحَاجَةِ) أَيْ الَّذِي هُوَ جُزْءُ الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ: وَالرَّابِعُ إلَخْ) نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ تَمْثِيلَ الزَّرْكَشِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ بِهَذَا الْمِثَالِ لِلثَّالِثِ وَهُوَ تَلَقِّي الْإِثْبَاتِ مِنْ النَّفْيِ مَرْدُودٌ لِأَنَّ الْمُتَلَقِّيَ هُنَا إنَّمَا هُوَ عَدَمُ الِانْعِقَادِ وَهُوَ نَفْيُ مُتَلَقًّى مِنْ وُجُودِ الرِّضَا وَهُوَ إثْبَاتٌ وَالرِّضَا كَمَا قَالَ إنَّمَا يُنَاسِبُ الِانْعِقَادَ وَأَمَّا مِثَالُ الثَّالِثِ فَكَأَنْ يُقَالَ فِي الْمُعَاطَاةِ فِي غَيْرِ الْمُحَقَّرِ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا مَعَ الرِّضَا صِيغَةٌ يَنْعَقِدُ بِهَا الْبَيْعُ كَمَا فِي الْمُحَقَّرِ عَلَى الْقَوْلِ بِانْعِقَادِهِ بِهَا فِيهِ فَعَدَمُ الصِّيغَةِ يُنَاسِبُ عَدَمَ الِانْعِقَادِ لَا الِانْعِقَادِ وَقَدْ يُقَالُ هَذَا قَدْحٌ فِي الْمُنَاسَبَةِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْقَدْحِ فِيهَا وَقَدْ مَرَّ بِأَنَّ مَا هُنَا قَدْحٌ فِي وُجُودِهَا وَمَا مَرَّ قَدْحٌ فِيهَا بِانْخِرَامِهَا بِمُفْسِدٍ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: وَمِنْهُ إلَخْ) فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ فَسَادَ الْوَضْعِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ لَا أَنَّهُ هُوَ كَمَا يُوهِمُهُ تَفْسِيرُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ لَهُ بِهِ وَقَوْلُهُ ثَبَتَ اعْتِبَارُهُ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ فِي نَقِيضِ الْحُكْمِ أَيْ فَيَمْتَنِعُ ثُبُوتُ الْحُكْمِ بِهِ لِأَنَّ الْوَصْفَ الْوَاحِدَ لَا يَثْبُتُ بِهِ النَّقِيضَانِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ مُؤَثِّرًا فِي أَحَدِهِمَا لَا فِي ثُبُوتِ كُلٍّ مِنْهُمَا يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَ الْآخَرِ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: كَوْنُ الْجَامِعِ) أَيْ الْوَصْفِ الْجَامِعِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ وَهُوَ السَّبُعِيَّةُ فِي الْمِثَالِ (قَوْلُهُ: فِي نَقِيضِ) مُتَعَلِّقٌ بِاعْتِبَارِهِ وَفِيهِ فَصْلُ مَعْمُولِ الْمَصْدَرِ بِمَعْمُولِ غَيْرِهِ فَإِنَّ قَوْلَهُ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ مَعْمُولُ ثَبَتَ وَأَرَادَ بِالنَّقِيضِ مَا يَشْمَلُ الضِّدَّ (قَوْلُهُ: الْهِرَّةُ) خَاصَّةٌ بِالْمُؤَنَّثِ وَتُجْمَعُ عَلَى هِرَرٍ كَقِرْبَةٍ وَقِرَبٍ وَأَمَّا الْهِرُّ فَيُجْمَعُ عَلَى هِرَرَةٍ كَقِرْدٍ وَقِرَدَةٍ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ سُؤْرُهُ نَجِسًا كَالْكَلْبِ) بِجَامِعِ السَّبُعِيَّةِ لَكِنَّ قَوْلَ السِّنَّوْرُ سَبُعٌ يَقْتَضِي أَنَّ الْكَلْبَ غَيْرُ سَبُعٍ وَشَرْطُ الْجَامِعِ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ وَلِذَا قَالَ النَّاصِرُ جَعْلُ الْجَامِعِ السَّبُعِيَّةَ عَلَى ضَرْبٍ مِنْ التَّنْزِيلِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ دُعِيَ إلَخْ) عِبَارَةُ الشَّيْخِ خَالِدٍ بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم دُعِيَ لِدَارِ قَوْمٍ فَأَجَابَ وَإِلَى دَارٍ أُخْرَى فَامْتَنَعَ وَقَالَ إنَّ فِي دَارِهِمْ كَلْبًا فَقِيلَ لَهُ وَفِي دَارِ
يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُهُ كَالِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ حَيْثُ يُسْتَحَبُّ الْإِيتَارُ فِيهِ فَيُقَالُ الْمَسْحُ فِي الْخُفِّ لَا يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُهُ إجْمَاعًا فِيمَا قِيلَ وَإِنْ حَكَى ابْنُ كَجٍّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَثْلِيثُهُ كَمَسْحِ الرَّأْسِ (وَجَوَابُهُمَا) أَيْ قِسْمَيْ فَسَادِ الْوَضْعِ (بِتَقْرِيرِ كَوْنِهِ كَذَلِكَ) فَيُقَرَّرُ كَوْنُ الدَّلِيلِ صَالِحًا لِاعْتِبَارِهِ فِي تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ كَأَنْ يَكُونَ لَهُ جِهَتَانِ يَنْظُرُ الْمُسْتَدِلُّ فِيهِ مِنْ إحْدَاهُمَا وَالْمُعْتَرِضُ مِنْ الْأُخْرَى كَالِارْتِفَاقِ وَدَفْعِ الْحَاجَةِ فِي مَسْأَلَةِ الزَّكَاةِ وَيُجَابَ عَنْ الْكَفَّارَةِ فِي الْقَتْلِ بِأَنَّهُ غُلِّظَ فِيهِ بِالْقِصَاصِ فَلَا يُغَلَّظُ فِيهِ بِالْكَفَّارَةِ وَعَنْ الْمُعَاطَاةِ بِأَنَّ عَدَمَ الِانْعِقَادِ بِهَا مُرَتَّبٌ عَلَى عَدَمِ الصِّيغَةِ لَا عَلَى الرِّضَا وَيُقَرَّرُ كَوْنُ الْجَامِعِ مُعْتَبَرًا فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ وَيَكُونُ تَخَلُّفُهُ عَنْهُ بِأَنْ وُجِدَ مَعَ نَقِيضِهِ لِمَانِعٍ كَمَا فِي مَسْحِ الْخُفِّ فَإِنَّ تَكْرَارَهُ يُفْسِدُهُ كَغَسْلِهِ
(وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ الْقَوَادِحِ (فَسَادُ الِاعْتِبَارِ بِأَنْ يُخَالِفَ) الدَّلِيلُ (نَصًّا) مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ (أَوْ إجْمَاعًا) كَأَنْ يُقَالَ فِي التَّبْيِيتِ فِي الْأَدَاءِ صَوْمٌ مَفْرُوضٌ فَلَا يَصِحُّ بِنِيَّةٍ مِنْ النَّهَارِ كَالْقَضَاءِ فَيُعْتَرَضُ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ (لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ} [الأحزاب: 35] إلَخْ) فَإِنَّهُ رَتَّبَ فِيهِ الْأَجْرَ الْعَظِيمَ عَلَى الصَّوْمِ كَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلتَّبْيِيتِ فِيهِ
ــ
[حاشية العطار]
الَّذِينَ أَجَبْتَهُمْ هِرَّةٌ فَقَالَ الْهِرَّةُ سَبُعٌ» (قَوْلُهُ: يُسْتَحَبُّ) أَيْ مَسْحٌ يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُهُ كَالِاسْتِنْجَاءِ بِجَامِعِ أَنَّهُ مَسْحٌ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يُسْتَحَبُّ الْإِيتَارُ فِيهِ) أَيْ بِأَنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ تَثْلِيثَ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ عِنْدَنَا وَاجِبٌ لَا مُسْتَحَبٌّ (قَوْلُهُ: لَا يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُهُ إجْمَاعًا) أَيْ فَجَعْلُ الْمَسْحِ جَامِعًا فَاسِدُ الْوَضْعِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ اعْتِبَارُهُ إجْمَاعًا فِي نَفْيِ الِاسْتِحْبَابِ (قَوْلُهُ: وَجَوَابُهُمَا) أَيْ قِسْمَيْ فَسَادِ الْوَضْعِ رَدُّ أَقْسَامِ فَسَادِ الْوَضْعِ وَهُوَ تَلَقِّي تَخْفِيفٍ مِنْ تَغْلِيظٍ وَتَوْسِيعٍ مِنْ تَضْيِيقٍ وَإِثْبَاتٍ مِنْ نَفْيٍ وَعَكْسُهُ وَكَوْنُ الْجَامِعِ ثَبَتَ اعْتِبَارُهُ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ فِي نَقِيضِ الْحُكْمِ إلَى قِسْمَيْنِ تَلَقِّي الشَّيْءِ مِنْ ضِدِّهِ أَوْ نَقِيضِهِ وَكَوْنُ الْجَامِعِ ثَبَتَ اعْتِبَارُهُ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ فِي نَقِيضِ الْحُكْمِ فَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَجَوَابُهُمَا وَإِلَّا فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَاجِبُهُمَا أَيْ أَقْسَامِ فَسَادِ الْوَضْعِ وَأَوْلَى مِنْهُ أَنْ يَقُولَ وَجَوَابُهُ أَيْ فَسَادِ الْوَضْعِ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: كَوْنُ الدَّلِيلِ) بَيَّنَ بِهِ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ فِي كَوْنِهِ وَقَوْلُهُ صَالِحًا إلَخْ بَيَّنَ بِهِ الْمُشَارَ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيُجَابَ) مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى يَكُونَ فِي قَوْلِهِ كَأَنْ يَكُونَ إلَخْ وَهُوَ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ فَيُقَرَّرُ إلَخْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمِثَالِ الْأَوَّلِ وَالرَّابِعِ هَذَا وَالْأَحْسَنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لِدَفْعِ الْإِثْمِ وَهِيَ لَا تُنَاسِبُ الْقَتْلَ الْعَمْدَ الْعُدْوَانَ (قَوْلُهُ: وَعَنْ الْمُعَاطَاةِ إلَخْ) هُوَ كَمَا تَرَى جَوَابٌ عَنْهَا فِي مِثَالِ الرَّابِعِ وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْهَا فِي مِثَالِ الثَّالِثِ الَّذِي قَدَّمْته فَبِأَنَّ الِانْعِقَادَ بِهَا مُرَتَّبٌ عَلَى الرِّضَا لَا عَلَى عَدَمِ الصِّيغَةِ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: وَيُقَرَّرُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَيُقَرَّرُ لَا عَلَى وَيُجَابُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَسَمَ الثَّانِيَ يُشْبِهُ النَّقْضَ مِنْ حَيْثُ تَخَلُّفِ الْحُكْمِ عَنْ الْوَصْفِ إلَّا أَنَّ الْوَصْفَ هُنَا يُثْبِتُ نَقِيضَ الْحُكْمِ وَفِي النَّقْضِ لَا يَتَعَرَّضُ لِذَلِكَ بَلْ يَقْنَعُ فِيهِ بِثُبُوتِ نَقِيضِ الْحُكْمِ مَعَ الْوَصْفِ وَشَبَهَ الْقَلْبَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إثْبَاتُ نَقِيضِ الْحُكْمِ بِعِلَّةِ الْمُسْتَدِلِّ إلَّا أَنَّهُ يُفَارِقُهُ بِأَنَّ فِي الْقَلْبِ إثْبَاتَ النَّقِيضِ بِأَصْلِ الْمُسْتَدِلِّ وَهُنَا بِأَصْلٍ آخَرَ وَيُشْبِهُ الْقَدْحَ فِي الْمُنَاسَبَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُبْقِي مُنَاسَبَةً لِلْحُكْمِ لِمُنَاسَبَتِهِ لِنَقِيضِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ هُنَا بَيَانَ عَدَمِ مُنَاسَبَةِ الْوَصْفِ لِلْحُكْمِ بِأَنَّ بَيَانَ نَقِيضِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ فِي أَصْلٍ آخَرَ اهـ. شَيْخُ الْإِسْلَامِ.
(قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ) أَيْ الَّذِي قَالَ الْمُعْتَرِضُ أَنَّهُ مُعْتَبَرٌ فِي النَّقِيضِ وَهُوَ التَّكْرَارُ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ تَخَلُّفُهُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ كَشَيْخِنَا الشِّهَابِ فَيَنْدَفِعُ فَسَادُ الْوَضْعِ لَكِنَّهُ يَلْزَمُ النَّقْضُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَادِحٌ وَلَوْ لِمَانِعٍ اهـ.
وَأَقُولُ قَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا مِنْ جُمْلَةِ الْأَقْوَالِ أَنَّهُ قَادِحٌ إلَّا إنْ كَانَ التَّخَلُّفُ لِمَانِعٍ أَوْ فَقْدِ شَرْطٍ فَالْجَوَابُ بِمَا ذَكَرَ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ اهـ. سم (قَوْلُهُ: بِأَنْ وُجِدَ) أَيْ الْجَامِعُ وَقَوْلُهُ مَعَ نَقِيضِهِ وَهُوَ عَدَمُ التَّكْرَارِ وَقَوْلُهُ لِمَانِعٍ كَخَوْفِ الْفَسَادِ
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يُخَالِفَ الدَّلِيلُ) عِبَارَةُ الشَّيْخِ خَالِدٍ بِأَنْ يُخَالِفَ الْقِيَاسَ وَلَمْ يَقُلْ الشَّارِحُ ذَلِكَ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ فَسَادَ الِاعْتِبَارِ لَا يَخْتَصُّ بِالْقِيَاسِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ إلَخْ) وَيُرَدُّ بِأَنَّ عَدَمَ التَّعَرُّضِ لَيْسَ
وَذَلِكَ مُسْتَلْزِمٌ لِصِحَّةِ دُونِهِ وَكَأَنْ يُقَالَ لَا يَصِحُّ الْفَرْضُ فِي الْحَيَوَانِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ كَالْمُخْتَلِطَاتِ فَيُعْتَرَضُ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اسْتَسْلَفَ بَكْرًا وَرَدَّ رُبَاعِيًّا وَقَالَ إنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً» وَالْبَكْرُ بِفَتْحِ الْبَاءِ الصَّغِيرَةُ مِنْ الْإِبِلِ وَالرُّبَاعِيُّ بِفَتْحِ الرَّاءِ مَا دَخَلَ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ وَكَانَ يُقَالُ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُغَسِّلَ زَوْجَتَهُ الْمَيِّتَةَ لِحُرْمَةِ النَّظَرِ إلَيْهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ فَيُعْتَرَضُ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ فِي تَغْسِيلِ عَلِيٍّ فَاطِمَةَ رضي الله عنهما (وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ فَسَادِ الْوَضْعِ) لِصِدْقِهِ حَيْثُ يَكُونُ الدَّلِيلُ عَلَى الْهَيْئَةِ الصَّالِحَةِ لِتَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُعْتَرِضِ بِفَسَادِ الِاعْتِبَارِ (تَقْدِيمُهُ عَلَى الْمُنَوَّعَاتِ) فِي الْمُقَدِّمَاتِ (وَتَأْخِيرُهُ عَنْهَا) لِمُجَمَاعَتِهِ لَهَا مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ (وَجَوَابُهُ الطَّعْنُ فِي سَنَدِهِ) أَيْ سَنَدِ النَّصِّ بِإِرْسَالٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ الْمُعَارَضَةُ لَهُ) بِنَصٍّ آخَرَ فَيَتَسَاقَطَانِ وَيَسْلَمُ الْأَوَّلُ (أَوْ مَنْعُ الظُّهُورِ) لَهُ فِي مَقْصِدِ الْمُعْتَرِضِ (أَوْ التَّأْوِيلُ) لَهُ بِدَلِيلٍ
(وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ الْقَوَادِحِ (مَنْعُ عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ)
ــ
[حاشية العطار]
تَعَرُّضًا لِلْعَدَمِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ التَّرْتِيبُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مُسْتَلْزِمٌ لِصِحَّتِهِ بِدُونِهِ) يُقَالُ فِي دَفْعِهِ بِأَنْ أُرِيدَ أَنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ لِصِحَّتِهِ دُونَهُ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا فِي النَّفْلِ فَمُسَلَّمٌ وَلَا يُفِيدُ وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ لَهَا دُونَهُ دَائِمًا فَمَمْنُوعٌ لِمُخَالِفَتِهِ خَبَرَ «مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ» وَحَاصِلُ هَذَا جَوَابٌ بِالْمُعَارَضَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَكَأَنْ يُقَالَ لَا يَصِحُّ الْقَرْضُ إلَخْ) مِثَالٌ لِمُخَالِفَتِهِ لِلنَّصِّ الَّذِي مِنْ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ الْفَرْضُ فِي الْحَيَوَانِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْقَرْضُ فِي الْمَنَافِعِ فَقَدْ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ فِي تَرْشِيحِ التَّوْشِيحِ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ صَرَّحَ بِجَوَازِهِ وَمَنَعَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ نَقَلَهُ عَنْ النَّوَوِيِّ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ سَاكِتًا عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَرَأَيْت بِخَطِّ الْوَالِدِ عَلَى حَاشِيَةِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ رَأْي فِي بَابِ الْغَصْبِ مِنْ تَعْلِيقَةِ الْقَاضِي أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَرْضِ الْمَنْفَعَةِ بِأَنْ يَقُولَ أَقْرَضْتُك مَنْفَعَةَ دَارِي هَذِهِ شَهْرًا قَالَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ مَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ لَا يَجُوزُ قَرْضُهُ وَالسَّلَمُ لَا يَجُوزُ فِي الْمَنَافِعِ (قَوْلُهُ: كَالْمُخْتَلِطَاتِ) كَأَنْوَاعِ الْمَعَاجِينِ (قَوْلُهُ: اسْتَسْلَفَ) أَيْ اسْتَسْلَفَ بِالْفِعْلِ فَالتَّاءُ زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ وَكَأَنْ يُقَالَ) مِثَالٌ لِلْمُخَالَفَةِ لِلْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ فَسَادِ الْوَضْعِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَعَمُّ مِنْهُ مُطْلَقًا وَقَضِيَّةُ تَعْرِيفِهِمَا بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ أَعَمُّ مِنْهُ مِنْ وَجْهٍ لِصِدْقِهِ فَقَطْ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَصُدِّقَ فَسَادُ الْوَضْعِ فَقَطْ بِأَنْ لَا يَكُونَ الدَّلِيلُ عَلَى الْهَيْئَةِ الصَّالِحَةِ لِاعْتِبَارِهِ فِي تَرْتِيبِ الْحُكْمِ وَلَا يُعَارِضُهُ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ (قَوْلُهُ: وَصِدْقُهُمَا مَعًا) بِأَنْ لَا يَكُونَ الدَّلِيلُ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَذْكُورَةُ مَعَ مُعَارَضَةِ نَصٍّ وَلَا إجْمَاعٍ لَهُ فَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ فَسَادَ الْوَضْعِ أَعَمُّ وَمِنْ أَنَّهُمَا مُتَبَايِنَانِ وَمِنْ أَنَّهُمَا مُتَّحِدَانِ سَهْوٌ قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُنَوَّعَاتِ) عَبَّرَ بِالْمُنَوَّعَاتِ دُونَ الِاعْتِرَاضَاتِ لِأَنَّ الْمُنَوَّعَاتِ طَلَبُ الدَّلِيلِ عَلَى مُقَدِّمَةِ الدَّلِيلِ فَهِيَ أَخَصُّ مِنْ الِاعْتِرَاضَاتِ لِأَنَّ الِاعْتِرَاضَاتِ تَشْمَلُ الْمُنَوَّعَاتِ وَغَيْرَهَا كَالنَّقْضِ وَالتَّأْثِيرِ (قَوْلُهُ: فِي الْمُقَدِّمَاتِ) أَيْ الْوَاقِعَةِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ (قَوْلُهُ: وَجَوَابُهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ حَصْرِ الْجَوَابِ فِيمَا ذَكَرَهُ وَلَيْسَ مُرَادًا إذْ مِنْهُ غَيْرُ ذَلِكَ كَالْقَوْلِ الْمُوجِبِ بِأَنْ يَبْقَى دَلِيلُ الْمُعْتَرِضِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَيَدَّعِي أَنَّ مَدْلُولَهُ لَا يُنَافِي الْقِيَاسَ (قَوْلُهُ: فِي سَنَدِهِ) أَيْ إذَا كَانَ حَدِيثًا مَنْقُولًا بِالْآحَادِ أَمَّا إذَا كَانَ سُنَّةً مُتَوَاتِرَةً أَوْ كِتَابًا فَلَا يَنْفَعُهُ هَذَا الْجَوَابُ وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ إذَا كَانَ ظَنِّيًّا كَأَنْ يَكُونَ مَنْقُولًا آحَادًا فَيُطْعَنُ فِي سَنَدِهِ بِضَعْفِ النَّاقِلِ أَوْ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَيَسْلَمُ الْأَوَّلُ) أَيْ دَلِيلُ الْمُسْتَدِلِّ مِنْ قِيَاسٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ عَارَضَ الْمُعْتَرِضُ الْقِيَاسَ بِنَصٍّ آخَرَ لَمْ يُفِدْهُ لِأَنَّ النَّصَّ الْوَاحِدَ يُعَارِضُ النَّصَّيْنِ فَأَكْثَرَ كَشَهَادَةِ اثْنَيْنِ تُعَارِضُ شَهَادَةَ ثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرَ نَعَمْ إنْ آلَ الْأَمْرُ إلَى التَّرْجِيحِ بِكَثْرَةِ الرُّوَاةِ رُجِّحَ بِهَا عَلَى الْأَصَحِّ فَعُلِمَ أَنَّ النَّصَّ لَا يُعَارِضُ النَّصَّ وَالْقِيَاسَ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ تَعَارُضِ النُّصُوصِ يَرْجِعُونَ إلَى الْقِيَاسِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْعِ الظُّهُورِ) كَمَا فِي قَوْلِهِ {وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ} [الأحزاب: 35] إلَخْ فَإِنَّهُ لَيْسَ ظَاهِرًا فِي عَدَمِ
أَيْ مَنْعُ كَوْنِهِ الْعِلَّةَ (وَيُسَمَّى الْمُطَالَبَةُ بِتَصْحِيحِ الْعِلَّةِ وَالْأَصَحُّ قَبُولُهُ) وَإِلَّا لَأَدَّى الْحَالُ إلَى تَمَسُّكِ الْمُسْتَدِلِّ بِمَا شَاءَ مِنْ الْأَوْصَافِ لِأَمْنِهِ الْمَنْعَ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ لِأَدَائِهِ إلَى الِانْتِشَارِ بِمَنْعِ كُلِّ مَا يَدَّعِي عِلِّيَّتَهُ (وَجَوَابُهُ بِإِثْبَاتِهِ) أَيْ بِإِثْبَاتِ كَوْنِهِ الْعِلَّةَ بِمَسْلَكٍ مِنْ مَسَالِكِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ (وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَنْعِ مُطْلَقًا (مَنْعُ وَصْفِ الْعِلَّةِ) أَيْ مَنْعُ أَنَّهُ مُعْتَبَرٌ فِيهَا وَهُوَ مَقْبُولٌ جَزْمًا (كَقَوْلِنَا فِي إفْسَادِ الصَّوْمِ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ) كَالْأَكْلِ مِنْ غَيْرِ كَفَّارَةٍ (الْكَفَّارَةُ) شُرِعَتْ (لِلزَّجْرِ عَنْ الْجِمَاعِ الْمَحْذُوفِ فِي الصَّوْمِ فَوَجَبَ اخْتِصَاصُهَا بِهِ كَالْحَدِّ) فَإِنَّهُ شُرِعَ لِلزَّجْرِ عَنْ الْجِمَاعِ زِنًا وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِذَلِكَ.
(فَيُقَالُ) لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ شُرِعَتْ لِلزَّجْرِ عَنْ الْجِمَاعِ بِخُصُوصِهِ (بَلْ عَنْ الْإِفْطَارِ الْمَحْذُوفِ فِيهِ) أَيْ فِي الصَّوْمِ بِجِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَجَوَابُهُ بِتَبْيِينِ اعْتِبَارِ الْخُصُوصِيَّةِ) أَيْ خُصُوصِيَّةِ الْوَصْفِ فِي الْعِلَّةِ كَأَنْ يُبَيِّنَ اعْتِبَارَ الْجِمَاعِ فِي الْكَفَّارَةِ بِأَنَّ الشَّارِعَ رَتَّبَهَا عَلَيْهِ حَيْثُ أَجَابَ بِهَا مَنْ سَأَلَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ (وَكَأَنَّ الْمُعْتَرِضَ) بِهَذَا الِاعْتِرَاضِ (يُنَقِّحُ الْمَنَاطَ) بِحَذْفِهِ خُصُوصَ الْوَصْفِ عَنْ الِاعْتِبَارِ (وَالْمُسْتَدِلُّ يُحَقِّقُهُ) بِتَبْيِينِهِ اعْتِبَارَ خُصُوصِيَّةِ الْوَصْفِ (وَ) مِنْ الْمَنْعِ (مَنْعُ حُكْمِ الْأَصْلِ) وَهُوَ الْمَسْمُوعُ كَأَنْ يَقُولَ الْحَنَفِيُّ الْإِجَارَةُ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ فَتَبْطُلُ بِالْمَوْتِ كَالنِّكَاحِ فَيُقَالُ لَهُ النِّكَاحُ لَا يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ أَيْ بَلْ يَنْتَهِي بِهِ (وَفِي كَوْنِهِ قَطْعًا لِلْمُسْتَدِلِّ مَذَاهِبُ) أَرْجَحُهَا
ــ
[حاشية العطار]
وُجُوبِ تَبْيِيتِ النِّيَّةِ الَّذِي هُوَ مَقْصُودُهُ
(قَوْلُهُ: أَيْ مَنْعِ كَوْنِهِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْيَاءَ فِي الْعِلِّيَّةِ يَاءُ الْمَصْدَرِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ) أَيْ قَوْلُهُ لَا أُسَلِّمُ بِغَيْرِ قَادِحٍ مِنْ الْقَوَادِحِ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ الْمَنْعِ مُطْلَقًا) فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْعَ وَصْفِ الْعِلِّيَّةِ غَيْرُ مَنْعِ الْعِلِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَصْفِ الْعِلَّةِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَقْبُولٌ جَزْمًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ مِمَّا قَبْلَهُ لَجَرَى فِيهِ الْخِلَافُ (قَوْلُهُ: فِي إفْسَادِ الصَّوْمِ) أَيْ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى إفْسَادِهِ فَالْمَقِيسُ هُوَ الْكَفَّارَةُ وَالْمَقِيسُ عَلَيْهِ هُوَ الْحَدُّ وَالْحُكْمُ هُوَ اخْتِصَاصُ كُلٍّ بِالْجِمَاعِ، وَالْعِلَّةُ الزَّجْرُ عَنْ الْجِمَاعِ فِي كُلٍّ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ كَفَّارَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِإِفْسَادٍ (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي مَبْحَثِ الْإِيمَاءِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْمُعْتَرِضُ يُنَقِّحُ الْمَنَاطَ) قَالَ سم تَعْبِيرُهُ بِكَانَ دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِتَنْقِيحِ الْمَنَاطِ وَلَا تَحْقِيقِهِ وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّ تَنْقِيحَ الْمَنَاطِ كَمَا تَقَدَّمَ حَاصِلُهُ الِاجْتِهَادُ فِي حَذْفِ بَعْضِ الْأَوْصَافِ وَتَعْيِينِ الْبَاقِي لِلْعِلِّيَّةِ وَلَيْسَ هُنَا اجْتِهَادٌ وَلَا تَعْيِينٌ بَلْ مَنْعُ وَصْفِ الْعِلِّيَّةِ فَقَطْ وَوَجْهُ شَبَهِهِ بِتَنْقِيحِ الْمَنَاطِ أَنَّ الْمَانِعَ قَائِلٌ بِأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي الْعِلِّيَّةِ بِمُقْتَضَى مَنْعِهِ فَقَدْ حَذَفَهُ عَنْ الِاعْتِبَارِ وَإِذَا حَذَفَهُ عَنْ الِاعْتِبَارِ تَعَيَّنَ الْبَاقِي فَأَشْبَهَ مَنْ حَذَفَ الْبَعْضَ بِالِاجْتِهَادِ وَالِاسْتِدْلَالِ وَعَيَّنَ الْبَاقِي وَأَنَّ تَحْقِيقَ الْمَنَاطِ كَمَا تَقَدَّمَ إثْبَاتُ الْعِلَّةِ فِي آحَادِ صُوَرِهَا وَهَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ مَوْجُودٍ هُنَا لِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّ الْعِلَّةَ الْمَعْلُومَةَ مُسَلَّمَةٌ قَدْ يَخْفَى وُجُودُهَا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فَيُبَيِّنُ الْمُسْتَدِلُّ وُجُودَهَا فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ كَبَيَانِهِ أَنَّ السَّرِقَةَ الَّتِي هِيَ أَخْذُ الْمَالِ خُفْيَةً مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ وَهِيَ عِلَّةُ الْقَطْعِ مَوْجُودَةٌ فِي النَّبَّاشِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ كَذَلِكَ وَوَجْهُ الشَّبَهِ أَنَّ الْمُعْتَرِضَ لَمَّا مَنَعَ الْوَصْفَ الَّذِي هُوَ عِلَّةٌ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّهُ مُعْتَبَرٌ فِي الْعِلَّةِ ثُمَّ أَثْبَتَ الْمُسْتَدِلُّ اعْتِبَارَهُ فِيهَا أَشْبَهَ مَنْ أَثْبَتَ الْعِلَّةَ فِي آحَادِ صُوَرِهَا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَدِلُّ يُحَقِّقُهُ) أَيْ فَيُقَدَّمُ الْمُسْتَدِلُّ لِرُجْحَانِ تَحْقِيقِ الْمَنَاطِ فَإِنَّهُ لِرَفْعِ النِّزَاعِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ. زَكَرِيَّا.
ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ مَدْخُولِ الْكَائِنِيَّةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ التَّحْقِيقَ يَتَوَقَّفُ عَلَى اجْتِهَادِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَدْخُولِهَا إنْ أُرِيدَ بِهِ الْإِثْبَاتُ (قَوْلُهُ: خُصُوصِيَّةِ الْوَصْفِ) الَّذِي هُوَ الْجِمَاعُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمَنْعِ إلَخْ) هَذَا مِنْ مُوجِبَاتِ الِاسْتِخْدَامِ فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَسْمُوعٌ) أَيْ فَيَكُونُ قَادِحًا (قَوْلُهُ كَالنِّكَاحِ) فَهُوَ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ هُوَ الْإِجَارَةُ وَالْجَامِعُ هُوَ الْبُطْلَانُ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَفِي كَوْنِهِ قَطْعًا لِلْمُسْتَدِلِّ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ السَّمَاعَ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ أَخْذًا مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي كَوْنِهِ قَطْعًا لِلْمُسْتَدِلِّ فَرْعُ قَبُولِهِ وَسَمَاعِهِ وَيُفِيدُ ذَلِكَ أَيْضًا الْمُقَابَلَةُ بِمَا سَيَأْتِي
أَخْذًا مِنْ التَّفْرِيعِ الْآتِي لَا لِتَوَقُّفِ الْقِيَاسِ عَلَى ثُبُوتِ حُكْمِ الْأَصْلِ وَالثَّانِي نَعَمْ لِلِانْتِقَالِ عَنْ إثْبَاتِ حُكْمِ الْفَرْعِ الَّذِي هُوَ بِصَدَدِهِ إلَى غَيْرِهِ (ثَالِثُهَا قَالَ الْأُسْتَاذُ) أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ يَكُونُ قَطْعًا لَهُ (إنْ كَانَ ظَاهِرًا) يَعْرِفُهُ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ بِخِلَافِ مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا خَوَاصُّهُمْ (وَقَالَ الْغَزَالِيُّ يُعْتَبَرُ عُرْفُ الْمَكَانِ) الَّذِي فِيهِ الْبَحْثُ فِي الْقَطْعِ بِهِ أَوَّلًا (وَقَالَ) الشَّيْخُ (أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ لَا يُسْمَعُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِضْ الْمَقْصُودَ حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ الْحَاجِبِ كَالْآمِدِيِّ عَلَى أَنَّ الْمَوْجُودَ فِي الْمُلَخَّصِ وَالْمَعُونَةِ لِلشَّيْخِ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ السَّمَاعُ وَعَدَمُ الْقَطْعِ قَالَ الْمُصَنِّفُ.
(فَإِنْ دَلَّ) أَيْ الْمُسْتَدِلُّ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ أَيْ أَتَى بِدَلِيلٍ عَلَيْهِ (لَمْ يَنْقَطِعْ الْمُعْتَرِضُ) بِمُجَرَّدِ الدَّلِيلِ (عَلَى الْمُخْتَارِ بَلْ لَهُ أَنْ يَعُودَ وَيَعْتَرِضَ) الدَّلِيلَ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ صَحِيحًا وَقِيلَ يَنْقَطِعُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْتَرِضَهُ لِخُرُوجِهِ بِاعْتِرَاضِهِ عَنْ الْمَقْصُودِ (وَقَدْ يُقَالُ) فِي الْإِثْبَاتِ بِمَمْنُوعٍ مُرَتَّبَةً (لَا نُسَلِّمُ حُكْمَ الْأَصْلِ سَلَّمْنَا) ذَلِكَ (وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ
ــ
[حاشية العطار]
عَنْ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ مَعَ إفَادَةِ مَا هُنَا لِيُفِيدَ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي السَّمَاعِ وَعَدَمِهِ وَاخْتَلَفُوا عَنْ الْأَوَّلِ هَلْ يَحْصُلُ الِانْقِطَاعُ أَوْ لَا وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تُفِيدُ الْأَمْرَيْنِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَمَأْخُوذُ الْمُقَابَلَةِ بِمَا سَيَأْتِي عَنْ الشَّيْخِ وَبِذِكْرِ الْخِلَافِ فِي الِانْقِطَاعِ وَأَمَّا الثَّانِي فَظَاهِرٌ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ التَّفْرِيعِ الْآتِي) أَيْ لِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى التَّفْرِيعِ عَلَى أَحَدِ أَقْوَالٍ مَحْكِيَّةٍ يَدُلُّ عَلَى رُجْحَانِ الْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ دَلَالَةً ظَنِّيَّةً وَإِنْ لَمْ يَسْتَلْزِمْهُ لِجَوَازِ التَّفْرِيعِ عَلَى غَيْرِ الرَّاجِحِ عِنْدَهُ لِغَرَضٍ مَا كَغَرَابَةِ التَّفْرِيعِ عَلَيْهِ أَوْ إشْكَالِهِ أَوْ تَوَهُّمِ عَدَمِ صِحَّتِهِ اهـ. سم.
وَأَرَادَ الشَّارِحُ بِالتَّفْرِيعِ الْآتِي قَوْلُهُ فَإِنْ دَلَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا) أَيْ لَيْسَ مَنْعُ حُكْمِ الْأَصْلِ بِمُجَرَّدِهِ قَطْعًا لِلْمُسْتَدِلِّ وَإِنَّمَا يَكُونُ قَطْعًا لَهُ إذَا عَجَزَ عَنْ إتْيَانِهِ بِالدَّلِيلِ (قَوْلُهُ: لِتَوَقُّفِ الْقِيَاسِ إلَخْ) أَيْ فَاسْتِدْلَالُهُ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ لَيْسَ انْتِقَالًا لِلْغَيْرِ (قَوْلُهُ: إلَى غَيْرِهِ) وَهُوَ إثْبَاتُ حُكْمِ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ ظَاهِرًا) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُعْتَرِضُ بَدَلًا عَنْ حُكْمِ الْمُسْتَدِلِّ (وَنَقَلَ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ الْأُسْتَاذِ أَنَّهُ اسْتَثْنَى) مِنْهُ مَا إذَا قَالَ الْمُسْتَدِلُّ فِي اسْتِدْلَالِهِ إنْ سَلَّمْت حُكْمَ الْأَصْلِ وَإِلَّا نَقَلْت الْكَلَامَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: يَعْرِفُهُ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: يُعْتَبَرُ عُرْفُ الْمَكَانِ) فَإِنَّ لِلْجَدَلِ عُرْفًا وَمَرَاسِمَ فِي كُلِّ مَكَان فَإِنْ عَدَّ أَهْلُ الْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ الْبَحْثُ ذَلِكَ قَطْعًا لِلْمُسْتَدِلِّ فَهُوَ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُعْتَرِضُ لَمْ يَعْتَرِضْ الْمَقْصُودَ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ هَدْمِ حُكْمِ الْأَصْلِ هَدْمُ حُكْمِ الْفَرْعِ وَيَكْفِي الِاعْتِرَاضُ وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْمَوْجُودَ إلَخْ) عَلَى لِلِاسْتِدْرَاكِ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ خَالِدٍ لَكِنَّ الْمَوْجُودَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِلشَّيْخِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمُلَخَّصِ وَالْمَعُونَةِ فَكِلَاهُمَا لِلشَّيْخِ (قَوْلُهُ ثُمَّ عَلَى السَّمَاعِ) أَيْ عَلَى جَمِيعِ الْأَقْوَالِ وَقَوْلُهُ وَعَدَمُ الْقَطْعِ أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: بَلْ لَهُ أَنْ يَعُودَ) أَيْ لِمُطْلَقِ الِاعْتِرَاضِ وَلَا يَنْقَطِعُ إلَّا بِالْعَجْزِ كَالْمُسْتَدِلِّ (قَوْلُهُ: لِخُرُوجِهِ بِاعْتِرَاضِهِ عَنْ الْمَقْصُودِ) وَهُوَ الِاعْتِرَاضُ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ إلَى غَيْرِهِ وَهُوَ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الدَّلِيلِ.
وَأُجِيبَ مِنْ طَرَفِ الْمُخْتَارِ بِمَنْعِ كَوْنِهِ خَارِجًا عَنْ الْمَقْصُودِ إذْ الْمَقْصُودُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِهِ (قَوْلُهُ: بِمُنُوعٍ مُرَتَّبَةٍ) أَيْ كُلٌّ مِنْهَا مُرَتَّبٌ عَلَى تَسْلِيمِ مَا قَبْلَهُ ثُمَّ إنَّ هَذَا شَامِلٌ لِمَنْعِ كَوْنِ الْوَصْفِ عِلَّةً وَمَنْعِ وَصْفِهَا وَمَنْعِ حُكْمِ الْأَصْلِ فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِثَالٌ لِلْمُعَارَضَاتِ مِنْ نَوْعٍ وَهِيَ مُرَتَّبَةٌ فَانْدَفَعَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَمْ يُمَثِّلْ لِلْمُرَتَّبَةِ مِنْ نَوْعٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: سَلَّمْنَا ذَلِكَ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مُعَلَّلٌ) قَدْ يَسْتَشْكِلُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ مَعَ تَسْلِيمِ أَنَّهُ مِمَّا يُقَاسُ فِيهِ لَا يُمْكِنُ مَنْعُ تَعْلِيلِهِ لِأَنَّ تَعْلِيلَهُ لَازِمٌ لِكَوْنِهِ مِمَّا يُقَاسُ فِيهِ إذْ مَا لَمْ يُعَلَّلْ لَا يُمْكِنُ تَعَدِّيَةُ حُكْمِهِ إلَى غَيْرِهِ فَتَسْلِيمُ أَنَّهُ مِمَّا يُقَاسُ فِيهِ وَمَنْعُ كَوْنِهِ مُعَلَّلًا مُتَنَافِيَانِ وَكَذَا قَوْلُهُ سَلَّمْنَا ذَلِكَ أَيْ أَنَّ هَذَا الْوَصْفَ عِلَّتُهُ وَلَا نُسَلِّمُ وُجُودَهُ فِيهِ قَدْ يَسْتَشْكِلُ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْوَصْفِ عِلَّةَ حُكْمِ الْأَصْلِ وُجُودُ الْوَصْفِ فِي الْأَصْلِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ عِلَّةَ حُكْمِهِ فَتَسْلِيمُ كَوْنِ الْوَصْفِ عِلَّةَ حُكْمِ الْأَصْلِ وَمَنْعُ كَوْنِ الْوَصْفِ مَوْجُودًا فِي الْأَصْلِ مُتَنَافِيَانِ وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ
مِمَّا يُقَاسُ فِيهِ) لِمَ لَا يَكُونُ مِمَّا اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ الْقِيَاسِ فِيهِ (سَلَّمْنَا) ذَلِكَ (وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مُعَلَّلٌ) لِمَ لَا يُقَالُ أَنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ (سَلَّمْنَا) ذَلِكَ (وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ هَذَا الْوَصْفَ عِلَّتُهُ) لِمَ لَا يُقَالُ الْعِلَّةُ غَيْرُهُ (سَلَّمْنَا) ذَلِكَ (وَلَا نُسَلِّمُ وُجُودَهُ فِيهِ) أَيْ وُجُودَ الْوَصْفِ فِي الْأَصْلِ (سَلَّمْنَا) ذَلِكَ (وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ) أَيْ الْوَصْفَ (مُتَعَدٍّ) لِمَ لَا يُقَالُ إنَّهُ قَاصِرٌ (سَلَّمْنَا) ذَلِكَ (وَلَا نُسَلِّمُ وُجُودَهُ فِي الْفَرْعِ) فَهَذِهِ سَبْعَةٌ مُنُوعٍ تَتَعَلَّقُ الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ مِنْهَا بِحُكْمِ الْأَصْلِ وَالْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ بِالْعِلَّةِ مَعَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ فِي بَعْضِهَا (فَيُجَابُ) عَنْهَا (بِالدَّفْعِ) لَهَا (بِمَا عُرِفَ مِنْ الطُّرُقِ) فِي دَفْعِهَا إنْ أُرِيدَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَيَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى دَفْعِ الْأَخِيرِ مِنْهَا.
(وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ هُنَا وَجَوَازُهَا الْمَعْلُومُ مِنْ الْجَوَابِ عَنْهَا أَيْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ (عُرِفَ جَوَازُ إيرَادَاتِ الْمُعَارَضَاتِ مِنْ نَوْعٍ) كَالنُّقُوضِ أَوْ الْمُعَارَضَاتِ فِي الْأَصْلِ أَوْ الْفَرْعِ لِأَنَّهَا كَسُؤَالٍ وَاحِدٍ مُتَرَتِّبَةً كَانَتْ أَوْ لَا (وَكَذَا) يَجُوزُ إيرَادُ الْمُعَارَضَاتِ (مِنْ أَنْوَاعٍ) كَالنَّقْضِ وَعَدَمِ التَّأْثِيرِ وَالْمُعَارَضَةِ
ــ
[حاشية العطار]
مِمَّا يُقَاسُ فِيهِ أَنَّهُ بِنَفْسِهِ يُقَاسُ عَلَيْهِ حَتَّى يُنَافِيَهُ مَنْعُ كَوْنِهِ مُعَلَّلًا بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ مِنْ النَّوْعِ الَّذِي يَقْبَلُ الْقِيَاسَ عَلَيْهِ لِكَوْنِ نَوْعِهِ غَيْرَ نَوْعِ الْكَفَّارَاتِ وَالْأَسْبَابِ وَالشُّرُوطِ وَالْمَوَانِعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مِنْ ذَلِكَ الَّذِي يَقْبَلُ الْقِيَاسَ عَلَيْهِ كَوْنُهُ نَفْسَهُ مُعَلَّلًا حَتَّى يَتَأَتَّى الْقِيَاسُ عَلَيْهِ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِ ذَلِكَ الْوَصْفِ عِلَّةَ حُكْمِ الْأَصْلِ وَعَدَمِ وُجُودِهِ فِي الْأَصْلِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلْحُكْمِ عِلَّتَانِ إحْدَاهُمَا مَوْجُودَةٌ فِي جَمِيعِ أَفْرَادِ الْأَصْلِ وَالْأُخْرَى غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ فَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهَا قَاصِرَةٌ عَنْ بَعْضِ الْأَفْرَادِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّعْلِيلِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ أُرِيدَ الْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ الْبَعْضِ الَّذِي لَمْ تُوجَدْ فِيهِ تِلْكَ الْأُخْرَى صَدَقَ عَلَى الْحُكْمِ أَنَّ ذَلِكَ الْوَصْفَ عِلَّتُهُ لِأَنَّهُ أَحَدُ عِلَّتَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثُبُوتُهُ فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ بِوَاسِطَةِ ذَلِكَ الْوَصْفِ وَصَدَقَ أَيْضًا أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ ذَلِكَ الْوَصْفُ فَحَيْثُ تُصَوِّرَ كَوْنُ الْوَصْفِ عِلَّةَ حُكْمِ الْأَصْلِ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثُبُوتُهُ فِيهِ بِالنَّظَرِ لِكُلِّ فَرْدٍ مَعَ عَدَمِ وُجُودِهِ فِي بَعْضِ أَفْرَادِ الْأَصْلِ أَمْكَنَ تَسْلِيمُ أَنَّ الْوَصْفَ عِلَّةُ حُكْمِ الْأَصْلِ مَعَ مَنْعِ وُجُودِهِ فِي ذَلِكَ الْأَصْلِ الَّذِي أُرِيدَ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا يَتَأَتَّى عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ امْتِنَاعِ التَّعْلِيلِ بِعِلَّتَيْنِ عَلَى أَنَّ التَّسْلِيمَ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ قَبُولَ ذَلِكَ الْمُسَلَّمِ وَاعْتِقَادَ حَقِيقَتِهِ بَلْ قَدْ يَكُونُ مَعْنَاهُ عَدَمَ الِاعْتِرَاضِ بِذَلِكَ الشَّيْءِ حَتَّى يَكُونَ مَعْنَى سَلَّمْنَا كَذَا لَا نَتَعَرَّضُ لِذَلِكَ وَلَا نَعْتَرِضُ بِهِ بَلْ نَقْتَصِرُ عَلَى الِاعْتِرَاضِ بِشَيْءٍ آخَرَ وَهَذَا صَادِقٌ مَعَ كَوْنِ ذَلِكَ الْمُسَلَّمِ مَرْدُودًا عِنْدَهُ ذَكَرَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الشَّرِيفُ الصَّفَوِيُّ وَحِينَئِذٍ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ تَسْلِيمِ كَوْنِ الشَّيْءِ مِمَّا يُقَاسُ فِيهِ وَمَنْعِ أَنَّهُ مُعَلَّلٌ وَلَا بَيْنَ التَّسْلِيمِ أَنَّ هَذَا الْوَصْفَ عِلَّتُهُ وَمَنْعُ وُجُودِهِ فِيهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ التَّسْلِيمُ بِهَذَا الْمَعْنَى فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم.
(قَوْلُهُ: مِمَّا يُقَاسُ فِيهِ) أَيْ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي يَجْرِي الْقِيَاسُ فِيهَا (قَوْلُهُ لِمَ لَا يَكُونُ مِمَّا اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ الْقِيَاسِ فِيهِ) أَيْ وَالْمُسْتَدِلُّ لَا يَرَاهُ قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَتَعَقَّبَهُ ثَمَّ بِأَنَّ فِي هَذَا التَّقْيِيدِ نَظَرًا بَلْ يُتَّجَهُ اكْتِفَاءُ الْمُعْتَرِضِ فِي إسْنَادِ مَنْعِهِ بِتَجْوِيزِ الِاخْتِلَافِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَدِلُّ مِمَّنْ يَرَى أَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ مِمَّا يُقَاسُ فِيهِ قَالَ ثُمَّ إنَّ الِاقْتِصَارَ فِي إسْنَادِ الْمَنْعِ بِمَا ذُكِرَ كَأَنَّهُ اقْتِصَارٌ عَلَى أَقَلِّ مَا يَكْفِي فِيهِ فَيَكْفِي مَا فَوْقَهُ بِالْأَوْلَى نَحْوَ لِمَ لَا يَكُونُ مِمَّا اُتُّفِقَ عَلَى مَنْعِ الْقِيَاسِ فِيهِ وَنَحْوَ الْجَزْمِ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى مَنْعِ الْقِيَاسِ فِيهِ (قَوْلُهُ: فِي بَعْضِهَا) رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ فَالرَّابِعُ وَالْخَامِسُ بِالْعِلَّةِ مَعَ الْأَصْلِ وَالسَّادِسُ بِالْعِلَّةِ فَقَطْ وَالسَّابِعُ بِالْعِلَّةِ مَعَ الْفَرْعِ (قَوْلُهُ: وَجَوَازُهَا إلَخْ) لَا يُقَالُ فِي هَذَا تَعْلِيلُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ عَلَّلَ مَعْرِفَةَ جَوَازِ إيرَادِ الْمُعَارَضَاتِ بِعِلْمِ ذَلِكَ الْجَوَازِ مِنْ الْجَوَابِ عَنْهُمَا لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ أَنَّ الْجَوَازَ الْمَفْهُومَ مِنْ الْجَوَابِ عُلِمَ مِنْهُ الْجَوَازُ فِي الْوَاقِعِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْجَوَابِ عَنْهَا) لِأَنَّهُ لَا جَوَابَ إلَّا عَنْ الْجَائِزِ (قَوْلُهُ: إيرَادَاتُ الْمُعَارَضَاتِ) أَيْ الِاعْتِرَاضَاتِ الشَّامِلَةِ لِلنُّقُوضِ وَغَيْرِهَا فَلَا يُقَالُ فِيهِ وَفِيمَا عُطِفَ عَلَيْهِ تَقْسِيمُ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ قَسَّمَ فِيهِمَا الْمُعَارَضَاتِ إلَى مُعَارَضَاتٍ وَغَيْرِهَا وَهُوَ فَاسِدٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا يَجُوزُ إلَخْ) قَدَّرَ مُتَعَلِّقَ كَذَا يَجُوزُ دُونَ عُرِفَ الَّذِي هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ
(وَإِنْ كَانَتْ مُتَرَتِّبَةً أَيْ يَسْتَدْعِي تَالِيهَا تَسْلِيمَ مَتْلُوِّهَا لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ تَقْدِيرِيٌّ) وَقِيلَ لَا يَجُوزُ مِنْ أَنْوَاعٍ لِلِانْتِشَارِ (وَثَالِثُهَا التَّفْصِيلُ) فَيَجُوزُ فِي غَيْرِ الْمُتَرَتِّبَةِ دُونَ الْمُتَرَتِّبَةِ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الْأَخِيرِ فِي الْمُتَرَتِّبَةِ مُسَلَّمٌ فَذِكْرُهُ ضَائِعٌ وَدُفِعَ بِأَنَّ تَسْلِيمَهُ تَقْدِيرِيٌّ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ لَا تَحْقِيقِيٌّ مِثَالُ النَّوْعِ أَنْ يُقَالَ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ عِلَّةٌ مَنْقُوضٌ بِكَذَا أَوْ مَنْقُوضٌ بِكَذَا أَوْ مُعَارَضٌ بِكَذَا أَوْ مُعَارَضٌ بِكَذَا وَمِثَالُ الْأَنْوَاعِ غَيْرِ الْمُتَرَتِّبَةِ أَنْ يُقَالَ هَذَا الْوَصْفُ مَنْقُوضٌ بِكَذَا أَوْ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ لِكَذَا وَمِثَالُ الْأَنْوَاعِ الْمُتَرَتِّبَةِ أَنْ يُقَالَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْوَصْفِ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْأَصْلِ وَلَئِنْ سَلِمَ فَهُوَ مُعَارَضٌ بِكَذَا
(وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ الْقَوَادِحِ (اخْتِلَافُ الضَّابِطِ فِي الْأَصْلِ لِعَدَمِ الثِّقَةِ) فِيهِ (بِالْجَامِعِ) وُجُودًا وَمُسَاوَاةً كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْجَوَابِ كَأَنْ يُقَالَ فِي شُهُودِ الزُّورِ بِالْقَتْلِ تَسَبَّبُوا فِي الْقَتْلِ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الْقِصَاصُ كَالْمُكْرِهِ غَيْرَهُ عَلَى الْقَتْلِ فَيُعْتَرَضُ بِأَنَّ الضَّابِطَ فِي الْأَصْلِ الْإِكْرَاهُ وَفِي الْفَرْعِ الشَّهَادَةُ فَأَيْنَ الْجَامِعُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الْإِفْضَاءِ إلَى الْمَقْصُودِ فَأَيْنَ مُسَاوَاةُ ضَابِطِ الْفَرْعِ لِضَابِطِ الْأَصْلِ فِي ذَلِكَ (وَجَوَابُهُ بِأَنَّهُ) أَيْ الْجَامِعَ (الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ) بَيْنَ الضَّابِطَيْنِ كَالتَّسَبُّبِ فِي الْقَتْلِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ مُنْضَبِطٌ عُرْفًا (أَوْ بِأَنَّ الْإِفْضَاءَ سَوَاءٌ)
ــ
[حاشية العطار]
الْمُصَنِّفُ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّ إيرَادَ الْمُعَارَضَاتِ مِنْ أَنْوَاعٍ لَمْ يُعْرَفْ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إذْ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا الْمُعَارَضَاتِ أَيْ الِاعْتِرَاضَاتِ مِنْ نَوْعٍ، وَجَوَازُ ذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْإِيرَادِ مِنْ أَنْوَاعٍ وَكَانَ ذِكْرُ الْخِلَافِ قَرِينَةً اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ مُتَرَتِّبَةً) قَضِيَّةُ هَذِهِ الْمُبَالَغَةِ أَنَّ غَيْرَ الْمُتَرَتِّبَةِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ الْمُتَرَتِّبَةِ وَوَجْهُ ذَلِكَ يُعْلَمُ مِنْ التَّوْجِيهِ الْآتِي لِلثَّالِثِ الْمُفَصَّلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِجَوَازِ الْمُتَرَتِّبَةِ الَّذِي تَضَمَّنْته هَذِهِ الْمُبَالَغَةُ دَفْعًا لِتَوْجِيهِ التَّفْصِيلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: تَقْدِيرِيٌّ) أَيْ فَالْمَنْعُ بَاقٍ حَقِيقَةً فَلَا يَكُونُ ذِكْرُ مَا قَبْلَ الْأَخِيرِ ضَائِعًا (قَوْلُهُ: فَذِكْرُهُ ضَائِعٌ) أَيْ فَلَا ثَمَرَةَ فِي ذِكْرِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ تَسْلِيمَهُ تَقْدِيرِيٌّ) أَيْ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالِاعْتِرَاضُ بِهِ مَقْبُولٌ (قَوْلُهُ: مِثَالُ النَّوْعِ إلَخْ) هُوَ مِثَالٌ لِلنَّوْعِ فِي الْمُعَارَضَاتِ غَيْرِ الْمُتَرَتِّبَةِ وَمِثَالُهُ فِي الْمُتَرَتِّبَةِ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ وَهَذِهِ نُكْتَةُ عَدَمِ تَمْثِيلِ الشَّارِحِ لَهُ وَقَوْلُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَمِثَالُهُ فِي الْمُتَرَتِّبَةِ أَنْ يُقَالَ مَا ذَكَرْته عِلَّةُ مَنْقُوضٍ بِكَذَا وَلَئِنْ سَلِمَ فَهُوَ مَنْقُوضٌ بِكَذَا اهـ. يَقْتَضِي أَنَّ مِثَالَ الْمُتَرَتِّبَةِ مَتْرُوكٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا سَمِعْت
(قَوْلُهُ: وَمِنْهَا اخْتِلَافُ الضَّابِطِ) الْمُرَادُ بِهِ الْوَصْفُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى الْحِكْمَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَفْسَ الْعِلَّةِ كَالْمَشَقَّةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْحِكْمَةِ وَهِيَ السُّهُولَةُ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الثِّقَةِ فِيهِ) أَيْ فِي الْقِيَاسِ (قَوْلُهُ: وُجُودًا وَمُسَاوَاةً) تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْمُضَافِ وَالْأَصْلُ لِعَدَمِ الثِّقَةِ بِوُجُودِ الْجَامِعِ وَالْمُسَاوَاةِ (قَوْلُهُ: كَمَا يُعْلَمُ) أَنَّ التَّعْمِيمَ (قَوْلُهُ: فَأَيْنَ الْجَامِعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ الضَّابِطَيْنِ وَهَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وُجُودًا وَقَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَكَا إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ مُسَاوَاةً (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ الْمُسَاوَاةِ فَإِنَّهُ فِي الْأَصْلِ أَقْوَى (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُنْضَبِطٌ عُرْفًا) فَصَحَّ إنَاطَةُ الْحُكْمِ بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِأَنَّ الْإِفْضَاءَ سَوَاءٌ) أَيْ أَوْ بِأَنَّهُ فِي الْفَرْعِ أَرْجَحُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إنْ اُعْتُرِضَ بِعَدَمِ وُجُودِ الْجَامِعِ أُجِيبَ بِالْأَوْلَى أَوْ بِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ فَالثَّانِي
أَيْ إفْضَاءُ الضَّابِطِ فِي الْفَرْعِ إلَى الْمَقْصُودِ مُسَاوِيًا لِإِفْضَاءِ الضَّابِطِ فِي الْأَصْلِ كَحِفْظِ النَّفْسِ فِيمَا تَقَدَّمَ (لَا إلْغَاءُ التَّفَاوُتِ) بَيْنَ الضَّابِطِينَ بِأَنْ يُقَالَ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا مَلْغِيٌّ فِي الْحُكْمِ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْجَوَابُ بِهِ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ قَدْ يُلْغَى كَمَا فِي الْعَالِمِ يُقْتَلُ بِالْجَاهِلِ وَقَدْ لَا يُلْغَى كَمَا فِي الْحُرِّ لَا يُقْتَلُ بِالْعَبْدِ (وَالِاعْتِرَاضَاتُ) كُلُّهَا (رَاجِعَةٌ إلَى الْمَنْعِ) قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ كَأَكْثَرِ الْجَدَلِيِّينَ أَوْ الْمُعَارَضَةِ لِأَنَّ غَرَضَ الْمُسْتَدِلِّ مِنْ إثْبَاتِ مُدَّعَاهُ بِدَلِيلِهِ يَكُونُ لِصِحَّةِ مُقَدِّمَاتِهِ
ــ
[حاشية العطار]
أَوْ بِهِمَا فِيهِمَا بِأَنْ تُجْعَلَ أَوْ مَانِعَةِ خُلُوٍّ اهـ زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: أَيْ إفْضَاءُ الضَّابِطِ) كَالشَّهَادَةِ فِي الْفَرْعِ أَيْ إفْضَاءٌ تَرَتَّبَ الْقِصَاصُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ إلَى الْمَقْصُودِ أَيْ كَحِفْظِ النَّفْسِ وَقَوْلُهُ مُسَاوٍ لِإِفْضَاءِ الضَّابِطِ أَيْضًا أَيْ كَالْإِكْرَاهِ فِي الْأَصْلِ أَيْ إفْضَاءٌ تَرَتَّبَ الْقِصَاصُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَا إلْغَاءِ التَّفَاوُتِ إلَخْ) إمَّا عَطْفٌ عَلَى الْخَبَرِ أَوْ عَلَى مَدْخُولِ الْبَاءِ لَا عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ خِلَافًا لِلنَّجَّارِيِّ فَإِنَّ هَذَا مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الْقِسْمِ الثَّانِي وَذَاكَ مِنْ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَالِاعْتِرَاضَاتُ) هِيَ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا فِيمَ مَرَّ بِالْقَوَادِحِ الشَّامِلَةِ لِمَا يَأْتِي مِنْ التَّقْسِيمِ وَلِهَذَا زَادَ الشَّارِحُ كُلُّهَا وَلَوْ أَخَّرَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ عَنْ التَّقْسِيمِ كَمَا فَعَلَ الْبِرْمَاوِيُّ كَانَ أَوْلَى اهـ. زَكَرِيَّا.
قَالَ سم إنَّ قَوْلَهُ وَلَوْ أَخَّرَ إلَخْ صَرِيحٌ فِي رُجُوعِ التَّقْسِيمِ وَالِاسْتِفْسَارِ إلَى الْمَنْعِ وَقَدْ يُوَجَّهُ فِي الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ بِاعْتِبَارِ أَحَدِ مَحْمَلَيْهِ الْمُرَدَّدِ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ وَكَانَ حَاصِلُ الِاعْتِرَاضِ بِهِ أَنَّ هَذَا الدَّلِيلَ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ أَحَدَ مَحْمَلَيْهِ عَلَى السَّوَاءِ مَمْنُوعٌ وَلَا مُرَجِّحَ لِإِرَادَةِ الْآخَرِ وَفِي الثَّانِي عَلَى الْقَوْلِ بِوُرُودِهِ بِأَنَّ حَاصِلَهُ مَنْعُ دَلَالَةِ الدَّلِيلِ عَلَى الْمَطْلُوبِ لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى وَاضِحٍ فَلَا يُفِيدُ الْمَطْلُوبَ اهـ.
وَفِي التَّلْوِيحِ مَرْجِعُ الِاعْتِرَاضَاتِ إلَى الْمَنْعِ وَالْمُعَارَضَةِ لِأَنَّ غَرَضَ الْمُسْتَدِلِّ الْإِلْزَامُ بِإِثْبَاتِ مُدَّعَاهُ بِدَلِيلِهِ وَغَرَضُ الْمُعْتَرِضِ عَدَمُ الِالْتِزَامِ بِمَنْعِهِ عَنْ إثْبَاتِهِ بِدَلِيلِهِ وَالْإِثْبَاتُ يَكُونُ بِصِحَّةِ مُقَدِّمَاتِهِ لِيَصْلُحَ لِلشَّهَادَةِ وَسَلَامَتِهِ عَنْ الْمَعَارِضِ لِتَنْفُذَ شَهَادَتُهُ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ وَالدَّفْعُ يَكُونُ بِهَدْمِ أَحَدِهِمَا فَهَدْمُ شَهَادَةِ الدَّلِيلِ يَكُونُ بِالْقَدْحِ فِي صِحَّتِهِ بِمَنْعِ مُقَدِّمَةٍ مِنْ مُقَدِّمَاتِهِ وَطَلَبِ الدَّلِيلِ عَلَيْهَا، وَهَدْمُ سَلَامَتِهِ يَكُونُ بِفَسَادِ شَهَادَتِهِ فِي الْمُعَارَضَةِ بِمَا يُقَابِلُهَا وَبِمَنْعِ ثُبُوتِ حُكْمِهَا فَمَا لَا يَكُونُ مِنْ الْقَبِيلَتَيْنِ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَقْصُودِ الِاعْتِرَاضِ فَالنَّقْصُ وَفَسَادُ الْوَضْعِ مِنْ قَبِيلِ الْمَنْعِ وَالْقَلْبِ وَالْعَكْسِ وَالْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ مِنْ قَبِيلِ الْمُعَارَضَةِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَكُونَ الْمُعَارَضَةُ مِنْ أَقْسَامِ الِاعْتِرَاضِ لِأَنَّ مَدْلُولَ الْخَصْمِ قَدْ ثَبَتَ بِتَمَامِ دَلِيلِهِ قُلْنَا هِيَ فِي الْمَعْنَى نَفْيٌ لِتَمَامِ الدَّلِيلِ وَنَفَاذُ شَهَادَتِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ حَيْثُ قُوبِلَ بِمَا يَمْنَعُ ثُبُوتَ مَدْلُولِهِ وَلَمَّا كَانَ الشُّرُوعُ بَعْدَ تَمَامِ دَلِيلِ الْمُسْتَدِلِّ ظَاهِرًا لَمْ يَكُنْ غَصْبًا لِأَنَّ السَّائِلَ قَدْ قَامَ عَنْ مَوْقِفِ الْإِنْكَارِ إلَى مَوْقِفِ الِاسْتِدْلَالِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ قَدْحَ الْمُعْتَرِضِ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ وَالْقَصْدِ فِي الدَّلِيلِ أَوْ فِي الْمَدْلُولِ وَالْأَوَّلُ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِمَنْعِ شَيْءٍ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الدَّلِيلِ وَهُوَ الْمُمَانَعَةُ وَالْمَمْنُوعُ إمَّا مُقَدِّمَةٌ مُعَيَّنَةٌ مَعَ ذِكْرِ السَّنَدِ أَوْ بِدُونِهِ وَيُسَمَّى مُنَاقَضَةً أَمَّا مُقَدِّمَةٌ لَا يُعَيِّنُهَا وَهُوَ النَّقْضُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ صَحَّ الدَّلِيلُ بِجَمِيعِ مُقَدِّمَاتِهِ لَمَا تَخَلَّفَ الْحُكْمُ عَنْهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الصُّوَرِ وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ بِإِقَامَةِ الدَّلِيلِ عَلَى نَفْيِ مُقَدِّمَةٍ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الدَّلِيلِ وَذَلِكَ إمَّا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ إقَامَةِ الْمُعَلِّلِ دَلِيلًا عَلَى إثْبَاتِهَا وَهُوَ الْمُعَارَضَةُ فِي الْمُقَدِّمَةِ فَيَدْخُلُ فِي أَقْسَامِ الْمُعَارَضَةِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَهَا وَهُوَ الْغَضَبُ الْغَيْرُ الْمَسْمُوعِ لِاسْتِلْزَامِهِ الْخَبْطَ فِي الْبَحْثِ بِوَاسِطَةٍ بَعْدَ كُلٍّ مِنْ الْمُعَلِّلِ وَالسَّائِلِ عَمَّا كَانَا فِيهِ وَضَلَالُهُمَا عَمَّا هُوَ طَرِيقُ التَّوْجِيهِ وَالْمَقْصُودُ بِنَاءً عَلَى انْقِلَابِ حَالِهِمَا وَاضْطِرَابِ مَقَالِهِمَا كُلَّ سَاعَةٍ وَالثَّانِي وَهُوَ الْقَدْحُ فِي الْمَدْلُولِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلدَّلِيلِ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِمَنْعِ الْمَدْلُولِ وَهُوَ مُكَابَرَةٌ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَأَمَّا بِإِقَامَةِ الدَّلِيلِ عَلَى خِلَافِهِ وَهِيَ الْمُعَارَضَةُ وَتَجْرِي فِي الْحُكْمِ بِأَنْ يُقِيمَ دَلِيلًا عَلَى نَقِيضِ الْحُكْمِ الْمَطْلُوبِ وَفِي عِلَّتِهِ بِأَنْ يُقِيمَ دَلِيلًا عَلَى نَفْيِ شَيْءٍ مِنْ مُقَدِّمَاتِ دَلِيلِهِ وَالْأُولَى تُسَمَّى مُعَارَضَةً فِي الْحُكْمِ وَالثَّانِيَةُ مُعَارَضَةً فِي الْمُقَدِّمَةِ وَتَكُونُ بِالنِّسْبَةِ إلَى تَمَامِ الدَّلِيلِ مُنَاقَضَةً وَالْمُعَارَضَةُ فِي الْحُكْمِ إمَّا أَنْ تَكُونَ بِدَلِيلِ الْمُعَلِّلِ وَلَوْ بِزِيَادَةِ شَيْءٍ عَلَيْهِ وَهُوَ مُعَارَضَةٌ فِيهَا مَعْنَى الْمُنَاقَضَةِ أَمَّا الْمُعَارَضَةُ فَمِنْ حَيْثُ إثْبَاتُ نَقِيضِ الْحُكْمِ وَأَمَّا الْمُنَاقَضَةُ فَمِنْ حَيْثُ إبْطَالُ دَلِيلِ الْمُعَلِّلِ إذْ الدَّلِيلُ الصَّحِيحُ لَا يَقُومُ عَلَى
لِيَصْلُحَ لِلشَّهَادَةِ لَهُ وَلِسَلَامَتِهِ عَنْ الْمُعَارِضِ لِتَنْفُذَ شَهَادَتُهُ وَغَرَضُ الْمُعْتَرِضِ مِنْ هَدْمِ ذَلِكَ يَكُونُ بِالْقَدْحِ فِي صِحَّةِ الدَّلِيلِ بِمَنْعِ مُقَدِّمَةٍ مِنْهُ أَوْ مُعَارَضَتِهِ بِمَا يُقَاوِمُهُ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ كَبَعْضِ الْجَدَلِيِّينَ إنَّهَا رَاجِعَةٌ إلَى الْمَنْعِ وَحْدَهُ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ هُنَا لِأَنَّ الْمُعَارَضَةَ مَنْعُ الْعِلَّةِ عَنْ الْجَرَيَانِ (وَمُقَدِّمُهَا) بِكَسْرِ الدَّالِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا كَمَا تَقَدَّمَ أَوَائِلَ الْكِتَابِ أَيْ الْمُتَقَدِّمُ أَوْ الْمُقَدَّمُ عَلَيْهَا (الِاسْتِفْسَارُ) فَهُوَ طَلِيعَةٌ لَهَا كَطَلِيعَةِ الْجَيْشِ (وَهُوَ طَلَبُ ذِكْرِ مَعْنَى اللَّفْظِ حَيْثُ غَرَابَةٌ أَوْ إجْمَالٌ) فِيهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ بَيَانَهُمَا عَلَى الْمُعْتَرِضِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُمَا
ــ
[حاشية العطار]
النَّقِيضِ فَإِنْ قُلْت فِي الْمُعَارَضَةِ تَسْلِيمُ دَلِيلِ الْخَصْمِ وَفِي الْمُنَاقَضَةِ إنْكَارُهُ فَكَيْفَ هَذَا قُلْت يَكْفِي فِي الْمُعَارَضَةِ التَّسْلِيمُ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ بِأَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لِلْإِنْكَارِ قَصْدًا فَإِنْ قُلْت فَفِي كُلِّ مُعَارَضَةٍ مَعْنَى الْمُنَاقَضَةِ لِأَنَّ نَفْيَ حُكْمِ الْخَصْمِ وَإِبْطَالَهُ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ دَلِيلِهِ الْمُسْتَلْزِمِ لَهُ ضَرُورَةَ انْتِفَاءِ الْمَلْزُومِ بِانْتِفَاءِ اللَّازِمِ قُلْت عِنْدَ تَغَايُرِ الدَّلِيلَيْنِ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْبَاطِلُ دَلِيلَ الْمُعَارِضِ بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّحَدَ الدَّلِيلُ (قَوْلُهُ: لِيَصْلُحَ لِلشَّهَادَةِ لَهُ) أَيْ فَيَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ بِالْمَنْعِ وَقَوْلُهُ وَلِسَلَامَتِهِ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى لِصِحَّةِ وَقَوْلُهُ لِتَنْفُذَ شَهَادَتُهُ أَيْ فَيَمْتَنِعُ الِاعْتِرَاضُ بِالْمُعَارَضَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُعَارَضَةَ إلَخْ) تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ إذْ حَقِيقَتُهَا إقَامَةُ الدَّلِيلِ عَلَى خِلَافِ مَا أَقَامَ عَلَيْهِ الْخَصْمُ دَلِيلَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُتَقَدِّمِ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْكَسْرِ وَقَوْلُهُ أَوْ الْمُقَدَّمِ رَاجِعٌ لِلْفَتْحِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهَا أَيْ عَلَى بَاقِيهَا وَالِاسْتِفْسَارُ طَيِّبُ التَّفْسِيرِ وَإِنَّمَا كَانَ مُقَدِّمُهَا لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْرِفْ مَدْلُولَ اللَّفْظِ اسْتَحَالَ مِنْهُ تَوَجُّهُ الْمَنْعِ وَهُوَ مَرَدُّ الِاعْتِرَاضَاتِ كُلِّهَا (قَوْلُهُ: غَرَابَةٍ) كَقَوْلِهِ لَا يَحِلُّ السَّيِّدُ بِكَسْرِ السِّينِ وَسُكُونِ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ الذِّئْبُ وَقَوْلُهُ أَوْ إجْمَالٍ كَقَوْلِهِ تَلْزَمُ الْمُطَلَّقَةَ الْعِدَّةُ بِالْإِقْرَاءِ فَيُقَالُ مَا الْمُرَادُ بِالْإِقْرَاءِ قَالَ سم يُمْكِنُ جَرُّهُمَا لِأَنَّ حَيْثُ قَدْ تُضَافُ إلَى الْمُفْرَدِ وَرَفْعُهُمَا عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْمُسَوِّغُ تَقْدِيرًا الْوَصْفُ أَيْ فِيهِ أَيْ فِي لَفْظِ الْمُسْتَدِلِّ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ مَوْجُودٌ وَلَا يُنَافِيهِ كَلَامُ الشَّارِحِ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ فِيهِ لَا يَتَعَيَّنُ لِلْخَبَرِيَّةِ بَلْ يَحْتَمِلُ الْوَصْفِيَّةَ أَوْ تَقْدِيرَ الْخَبَرِ مُقَدَّمًا أَيْ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّ بَيَانَهُمَا) أَيْ بَيَانَ الْغَرَابَةِ بِأَنْ يُبَيِّنَ اللَّفْظَ الْغَرِيبَ غَرَابَتَهُ وَبَيَانَ الْإِجْمَالِ بِأَنْ يُبَيِّنَ كَوْنَ اللَّفْظِ يَصِحُّ إطْلَاقُهُ عَلَى مُتَعَدِّدٍ لِيَتِمَّ اسْتِفْسَارُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ) أَيْ الْغَالِبَ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ
وَقِيلَ عَلَى الْمُسْتَدِلِّ بَيَانُ عَدَمِهِمَا لِيَظْهَرَ دَلِيلُهُ (وَلَا يُكَلَّفُ) الْمُعْتَرِضُ بِالْإِجْمَالِ (بَيَانَ تَسَاوِي الْمَحَامِلِ) الْمُحَقِّقَ لِلْإِجْمَالِ لِعُسْرِ ذَلِكَ عَلَيْهِ (وَيَكْفِيهِ) فِي بَيَانِ ذَلِكَ حَيْثُ تَبَرَّعَ بِهِ (أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَفَاوُتِهَا) وَإِنْ عُورِضَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِجْمَالِ (فَيُبَيِّنُ الْمُسْتَدِلُّ عَدَمَهُمَا) أَيْ عَدَمَ الْغَرَابَةِ وَالْإِجْمَالِ حَيْثُ تَمَّ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ بِهِمَا بِأَنْ يُبَيِّنَ ظُهُورَ اللَّفْظِ فِي مَقْصُودِهِ كَمَا إذَا اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ الْوُضُوءُ قُرْبَةٌ فَلْتَجِبْ فِيهِ النِّيَّةُ بِأَنْ قِيلَ الْوُضُوءُ يُطْلَقُ عَلَى النَّظَافَةِ وَعَلَى الْأَفْعَالِ الْمَخْصُوصَةِ فَيَقُولُ حَقِيقَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ (الثَّانِي)(أَوْ يُفَسِّرُ اللَّفْظَ بِمُحْتَمَلٍ) مِنْهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ (قِيلَ أَوْ بِغَيْرِ مُحْتَمَلٍ) مِنْهُ إذْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ نَاطِقٌ بِلُغَةٍ جَدِيدَةٍ وَلَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ اللُّغَةَ اصْطِلَاحِيَّةٌ وَرُدَّ بِأَنَّ فِيهِ فَتْحَ بَابٍ لَا يَنْسَدُّ (وَفِي قَبُولِ دَعْوَاهُ الظُّهُورُ فِي مَقْصِدِهِ) بِكَسْرِ الصَّادِ (دَفْعًا لِلْإِجْمَالِ لِعَدَمِ الظُّهُورِ الْآخَرِ خِلَافٌ) أَيْ لَوْ وَافَقَ الْمُسْتَدِلُّ الْمُعْتَرِضَ بِالْإِجْمَالِ عَلَى عَدَمِ ظُهُورِ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ مَقْصِدِهِ وَادَّعَى ظُهُورَهُ فِي مَقْصِدِهِ فَقِيلَ يُقْبَلُ دَفْعًا لِلْإِجْمَالِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ
ــ
[حاشية العطار]
قَوْلُهُ: وَقِيلَ عَلَى الْمُسْتَدِلِّ بَيَانُ عَدَمِهِمَا) أَيْ بَعْدَ اسْتِفْسَارِ الْمُعْتَرِضِ وَقَبْلَ بَيَانِهِ لَهُمَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ عُورِضَ) أَيْ هَذَا الْأَصْلُ بِمِثْلِهِ مِنْ قِبَلِ الْمُسْتَدِلِّ وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيُبَيِّنُ) الْفَاءُ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ وَإِذَا بَيَّنَهُمَا الْمُعْتَرِضُ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُمَا عَلَيْهِ فَيُبَيِّنُ إلَخْ أَوْ هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: حَيْثُ تَمَّ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ بِهِمَا) أَيْ بِبَيَانِهِمَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُبَيِّنَ ظُهُورَ اللَّفْظِ فِي مَقْصُودِهِ) أَيْ يَنْتَقِلُ عَنْ لُغَةٍ أَوْ عُرْفٍ أَوْ بِقَرِينَةٍ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا اُعْتُرِضَ إلَخْ) مِثَالٌ لِلْإِجْمَالِ (قَوْلُهُ: يُطْلَقُ عَلَى النَّظَافَةِ) أَيْ لُغَةً قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْوَضَاءَةُ الْحُسْنُ وَالنَّظَافَةُ تَقُولُ مِنْهُ وُضُوءُ الرَّجُلِ أَيْ صَارَ وَضِيئًا وَتَوَضَّأْت لِلصَّلَاةِ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّ الَّذِي يُطْلَقُ عَلَى النَّظَافَةِ حَقِيقَةً هِيَ الطَّهَارَةُ وَإِطْلَاقُ ذَلِكَ عَلَى الْوُضُوءِ كَأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ التَّعْبِيرِ عَنْهُ بِالطَّهَارَةِ لِكَوْنِهِ مِنْ أَفْرَادِ الطَّهَارَةِ وَمَاصَدَقَاتِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ يُفَسِّرُ اللَّفْظَ إلَخْ) هَذَا وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ الْغَرَابَةَ وَالْإِجْمَالَ إلَّا أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بِهِ مَقْصُودُ الْمُسْتَدِلِّ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ دَفْعِ الْإِجْمَالِ وَالْغَرَابَةِ بَيَانُ مَعْنَى اللَّفْظِ الَّذِي أَرَادَهُ الْمُسْتَدِلُّ (قَوْلُهُ: قِيلَ وَبِغَيْرِ مُحْتَمَلٍ) هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْعَطْفِ التَّلْقِينِيِّ وَلَا ضَرُورَةَ إلَى جَعْلِ الْوَاوِ فِيهِ بِمَعْنَى أَوْ فَقَوْلُ شَيْخِنَا الشِّهَابِ أَنَّ الْوَاوَ فِيهِ بِمَعْنَى أَوْ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ اللُّغَةَ اصْطِلَاحِيَّةٌ) أَيْ بِوَضْعِ الْبَشَرِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ) أَيْ هَذَا الْقَوْلُ الْمُسَوِّغُ لِتَفْسِيرِ اللَّفْظِ بِغَيْرِ مُحْتَمَلٍ (قَوْلُهُ: فَتْحَ بَابٍ لَا يَنْسَدُّ) لِصِحَّةِ إطْلَاقِ أَيِّ لَفْظٍ عَلَى أَيِّ مَعْنًى عَلَى هَذَا (قَوْلُهُ: فِي مَقْصِدِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمَعْنَى وَالْجَوَابُ الَّذِي قَبْلَهُ فِيهِ بَيَانُ مُرَادِ الْمُسْتَدِلِّ عَلَى التَّعْيِينِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ بِأَنَّ هَذَا الْجَوَابَ الثَّالِثَ يَعُودُ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ يُفَسِّرُ اللَّفْظَ إلَخْ بِالْإِبْطَالِ إذْ هَذَا أَخَصُّ مِنْ ذَاكَ وَإِذَا كَانَ يَحْصُلُ الْجَوَابُ بِالْأَعَمِّ فَلَأَنْ يَحْصُلَ الْجَوَابُ بِالْأَخَصِّ بِالْأَوْلَى وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ ذَاكَ فِيهِ بَيَانُ الْمُرَادِ مَعَ التَّعْيِينِ وَهَذَا فِيهِ ظُهُورُ مَقْصِدِ الْمُسْتَدِلِّ لَكِنْ مَعَ عَدَمِ التَّعْيِينِ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الصَّادِ) اسْمُ مَكَان وَبِفَتْحِهَا مَصْدَرٌ (قَوْلُهُ: دَفْعًا لِلْإِجْمَالِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ دَلِيلَ دَعْوَاهُ الظُّهُورُ كَأَنْ يَقُولَ هُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ فِي غَيْرِ مَقْصِدِي اتِّفَاقًا فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا فِي مَقْصِدِي لَزِمَ الْإِجْمَالُ أَمَّا إذَا جُعِلَ دَلِيلُهَا النَّقْلَ أَوْ الْقَرِينَةَ فَيُقْبَلُ جَزْمًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْته اهـ زَكَرِيَّا.
قَالَ سم لَا يُقَالُ الِاسْتِدْلَال بِلُزُومِ الْإِجْمَالِ لَا يَنْهَضُ مَعَ كَوْنِ الْغَرَضِ أَنَّ الْمُعْتَرِضَ يَدَّعِي الْإِجْمَالَ وَيَعْتَرِضُ بِهِ فَبُطْلَانُ هَذَا اللَّازِمِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَنْهَضَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ عَلَيْهِ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ أَنْ يُحْتَجَّ عَلَى بُطْلَانِ هَذَا اللَّازِمِ بِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ وَلَكِنَّهُ تَرَكَهُ الشَّارِحُ لِظُهُورِهِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الظُّهُورِ فِي الْآخَرِ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ يَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِقَبُولٍ وَالْأَظْهَرُ تَعَلُّقُهُ بِقَوْلِهِ دَفْعًا وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ لِعَدَمِ الظُّهُورِ إلَخْ أَنَّ عَدَمَ الظُّهُورِ فِي الْآخَرِ أَمْرٌ مُسَلَّمٌ بَيْنَهُمَا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُعْتَرِضَ ادَّعَى الْإِجْمَالَ وَتَسَاوِيَ الْمَحَامِلِ فَوَافَقَهُ الْمُسْتَدِلُّ عَلَى عَدَمِ الظُّهُورِ فِي أَحَدِ الْمَحْمَلَيْنِ وَخَالَفَهُ فِي الْآخَرِ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ مَقْصُودُهُ وَبِهَذَا يَتَّضِحُ لَك قَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ
وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّ دَعْوَاهُ الظُّهُورَ بَعْدَ بَيَانِ الْمُعْتَرِضِ الْإِجْمَالَ لَا أَثَرَ لَهَا وَإِنْ كَانَتْ عَلَى وَفْقِ الْأَصْلِ
(وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ الْقَوَادِحِ (التَّقْسِيمُ وَهُوَ كَوْنُ اللَّفْظِ) الْمُورَدِ فِي الدَّلِيلِ (مُتَرَدِّدًا بَيْنَ أَمْرَيْنِ) مَثَلًا عَلَى السَّوَاءِ (أَحَدُهُمَا مَمْنُوعٌ) بِخِلَافِ الْآخَرِ الْمُرَادِ (وَالْمُخْتَارُ وُرُودُهُ) لِعَدَمِ تَمَامِ الدَّلِيلِ مَعَهُ وَقِيلَ لَا يَرِدُ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِضْ الْمُرَادَ (وَجَوَابُهُ أَنَّ اللَّفْظَ مَوْضُوعٌ) فِي الْمُرَادِ (وَلَوْ عُرْفًا) كَمَا يَكُونُ لُغَةً (أَوْ) أَنَّهُ (ظَاهِرٌ وَلَوْ بِقَرِينَةٍ فِي الْمُرَادِ) كَمَا يَكُونُ ظَاهِرًا بِغَيْرِهَا وَيُبَيِّنُ الْوَضْعَ وَالظُّهُورَ (ثُمَّ الْمَنْعُ
ــ
[حاشية العطار]
لَوْ وَافَقَ اهـ. سم.
وَكَلَامُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفَاعِلَ هُوَ الْمُسْتَدِلُّ لَا الْمُعْتَرِضُ خِلَافًا لِلنَّجَّارِيِّ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ) هُوَ الْحَقُّ قَالَهُ زَكَرِيَّا نَقْلًا عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ الْهُمَامِ وَغَيْرِهِ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ كَوْنُ اللَّفْظِ) أَيْ ذُو كَوْنِ اللَّفْظِ لِأَنَّ التَّقْسِيمَ وَالتَّرْدِيدَ فِعْلُ الْفَاعِلِ أَوْ أَنَّهَا تَسْمِيَةٌ اصْطِلَاحِيَّةٌ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) يَعْنِي أَوْ أَكْثَرَ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ التَّقْسِيمُ رَاجِعٌ لِلِاسْتِفْسَارِ مَعَ مَنْعِ وُجُودِ الْعِلَّةِ فِي أَحَدِ احْتِمَالَيْ اللَّفْظِ مِثَالُهُ أَنْ يَقُولَ فِي مِثَالِ الِاسْتِفْسَارِ لِلْإِجْمَالِ فِيمَا مَرَّ الْوُضُوءُ النَّظَافَةُ أَوْ الْأَفْعَالُ الْمَخْصُوصَةُ الْأَوَّلُ مَمْنُوعٌ أَنَّهُ قُرْبَةٌ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِثَالُهُ فِي التَّرَدُّدِ بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَنْ يُسْتَدَلَّ عَلَى ثُبُوتِ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي فِي زَمَنِ خِيَارِ الشَّرْطِ بِوُجُودِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْبَيْعُ الصَّادِرُ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ فَيَقُولُ الْمُعْتَرِضُ السَّبَبُ مُطْلَقُ الْبَيْعِ أَوْ الْبَيْعُ الَّذِي لَا شَرْطَ فِيهِ وَالْأَوَّلُ مَمْنُوعٌ وَالثَّانِي مُسَلَّمٌ لَكِنَّهُ مَفْقُودٌ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْعًا بِلَا شَرْطٍ بَلْ شَرْطُ الْخِيَارِ وَمِثَالُهُ فِي أَكْثَرَ مِنْ أَمْرَيْنِ لَوْ قِيلَ فِي الْمَرْأَةِ الْمُكَلَّفَةِ عَاقِلَةٌ فَيَصِحُّ مِنْهَا النِّكَاحُ كَالرَّجُلِ فَيَقُولُ الْمُعْتَرِضُ الْعَاقِلَةُ إمَّا بِمَعْنَى أَنَّ لَهَا تَجْرِبَةً أَوْ لَهَا حُسْنَ رَأْيٍ وَتَدْبِيرًا أَوْ لَهَا عَقْلًا غَرِيزِيًّا وَالْأَوَّلَانِ مَمْنُوعَانِ وَالثَّالِثُ مُسَلَّمٌ وَلَا يَكْفِي لِأَنَّ الصَّغِيرَةَ لَهَا عَقْلٌ غَرِيزِيٌّ وَلَا يَصِحُّ مِنْهَا النِّكَاحُ وَتَمْثِيلُهُمْ بِذَلِكَ إنَّمَا يُنَاسِبُ جَعْلَهُمْ الْمَمْنُوعَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُوَ الْمُرَادُ وَسَيَأْتِي رَدُّهُ (قَوْلُهُ: عَلَى السَّوَاءِ) أَيْ فِي ظَنِّ الْمُعْتَرِضِ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ ظَاهِرًا فِي أَحَدِهِمَا فَيَنْزِلُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: الْآخَرِ الْمُرَادِ) صَادِقٌ بِأَنْ يَسْكُتَ عَنْهُ وَأَنْ يُصَرِّحَ بِتَسْلِيمِهِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْعَضُدُ وَغَيْرُهُ وَفِي وَصْفِ الشَّارِحِ الْآخَرِ أَيْ الْمُسَلَّمِ بِالْمُرَادِ إشَارَةٌ إلَى رَدِّ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الْمَمْنُوعُ لَا الْمُسَلَّمُ لِأَنَّ جَوَابَ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا يُفِيدُ غَرَضَ الْمُسْتَدِلِّ عَلَى قَوْلِهِ لَا عَلَى قَوْلِهِمْ لِبِنَاءِ قَوْلِهِمْ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ عِنْدَ الْمُسْتَدِلِّ مَا مَنَعَ.
وَالْجَوَابُ لَا يُفِيدُهَا وَإِنَّمَا يُفِيدُهَا الْجَوَابُ بِإِثْبَاتِهَا بِمَسْلَكٍ مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ فَقَوْلُهُ الْمُرَادُ أَيْ لِلْمُسْتَدِلِّ لَا لِلْمُعْتَرِضِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْمَنْعُ) أَيْ الِاعْتِرَاضُ بِمَنْعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَفَاعِلُ يَعْتَرِضُ الْآتِي الْمَنْعُ بِهَذَا الْمَعْنَى لَا الْمَنْعُ الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ فَقَطْ لِئَلَّا يَئُولَ الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَالثَّانِي إمَّا مَعَ مَنْعِ الدَّلِيلِ أَوْ مَعَ تَسْلِيمِهِ إلَى أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ مَعَ نَفْسِهِ أَوْ مَعَ ضِدِّهِ وَلَا مَعْنَى لَهُ وَبِذَلِكَ سَقَطَ قَوْلُ الْعِرَاقِيِّ كَانَ يَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ مَنْعُ الدَّلِيلِ وَلَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ لَفْظِهِ مَعَ اهـ. زَكَرِيَّا.
قَالَ سم وَلَا يَخْفَى أَنَّ حَاصِلَ مَا أَجَابَ بِهِ حَمْلُ قَوْلِهِ وَالثَّانِي عَلَى الْمَنْعِ بِمَعْنَى مُطْلَقِ الِاعْتِرَاضِ وَقَوْلُهُ مَنْعُ الدَّلِيلِ عَلَى الْمَنْعِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَالثَّانِي أَمَّا مَعَ مَنْعِ الدَّلِيلِ مِنْ قَبِيلِ كَوْنِ الشَّيْءِ مَعَ فَرْدِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّ الشَّيْءَ يُصَاحِبُ فَرْدَهُ لِأَنَّهُ فِي ضِمْنِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ مَعَ تَسْلِيمِهِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ كَوْنُ الشَّيْءِ مَعَ ضِدِّهِ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الدَّلِيلِ لَا يُضَادُّ الْمَنْعَ بِمَعْنَى مُطْلَقِ الِاعْتِرَاضِ لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ مَعَهُ كَمَا فِي الْمُعَارَضَةِ فَإِنَّهَا تُجَامِعُ تَسْلِيمَ
لَا يَعْتَرِضُ الْحِكَايَةَ) أَيْ حِكَايَةَ الْمُسْتَدِلِّ لِلْأَقْوَالِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَبْحُوثِ فِيهَا حَتَّى يَخْتَارَ مِنْهَا قَوْلَانِ وَيَسْتَدِلَّ عَلَيْهِ (بَلْ) يَعْتَرِضُ (الدَّلِيلَ إمَّا قَبْلَ تَمَامِهِ لِمُقَدَّمَةٍ مِنْهُ أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ تَمَامِهِ (وَالْأَوَّلُ) وَهُوَ الْمَنْعُ قَبْلَ التَّمَامِ لِمُقَدَّمَةٍ (إمَّا) مَنْعٌ (مُجَرَّدٌ أَوْ) مَنْعٌ (مَعَ الْمُسْتَنَدِ) وَالْمَنْعُ مَعَ الْمُسْتَنَدِ (وَكُلًّا نُسَلِّمُ كَذَا وَلِمَ لَا يَكُونُ) الْأَمْرُ (كَذَا أَوْ) لَا نُسَلِّمُ كَذَا (وَإِنَّمَا يَلْزَمُ كَذَا لَوْ كَانَ) الْأَمْرُ (كَذَا وَهُوَ) أَيْ الْأَوَّلُ بِقِسْمَيْهِ مِنْ الْمَنْعِ الْمُجَرَّدِ وَالْمَنْعِ مِنْ الْمُسْتَنَدِ (الْمُنَاقَضَةُ) أَيْ يُسَمَّى بِذَلِكَ (فَإِنْ احْتَجَّ) الْمَانِعُ (لِانْتِفَاءِ الْمُقَدِّمَةِ) الَّتِي مَنَعَهَا (فَغَضَبٌ) أَيْ فَاحْتِجَاجُهُ لِذَلِكَ يُسَمَّى غَضَبًا لِأَنَّهُ غَضَبٌ لِمَنْصِبِ الْمُسْتَدِلِّ (لَا يَسْمَعُهُ الْمُحَقِّقُونَ) مِنْ النُّظَّارِ فَلَا يَسْتَحِقُّ جَوَابًا وَقِيلَ يُسْمَعُ فَيَسْتَحِقُّهُ (وَالثَّانِي) وَهُوَ الْمَنْعُ بَعْدَ تَمَامِ
ــ
[حاشية العطار]
الدَّلِيلِ مَعَ أَنَّهَا مَنْعٌ بِمَعْنَى مُطْلَقِ الِاعْتِرَاضِ وَإِنَّمَا يُضَادُّ فَرْدَهُ وَهُوَ الْمَنْعُ الْخَاصُّ الَّذِي هُوَ مَنْعُ الدَّلِيلِ هَذَا وَلَكِنْ قَدْ يُمْنَعُ سُقُوطُ قَوْلِ الْعِرَاقِيِّ الْمَذْكُورِ بِمَا ذَكَرَهُ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ تَصْحِيحٌ لِمَنْعٍ وَالْعِرَاقِيُّ لَمْ يَمْنَعْ صِحَّتَهَا بَلْ مَنَعَ الِاحْتِيَاجَ إلَيْهَا فَلَا نُكْتَةَ فِي ذِكْرِهَا نَعَمْ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ نُكْتَتَهَا الْمُقَابَلَةُ لِقَوْلِهِ أَوْ مَعَ تَسْلِيمِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَالْأَلْيَقُ أَنْ يُجْعَلَ الْمُقَسَّمُ مَنْعَ الْمُدَّعِي فَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ الْمَنْعَ بَعْدَ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ لِلْمُدَّعِي كَيْفَ يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِكَوْنِهِ لِلدَّلِيلِ كَمَا هُوَ لَازِمٌ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذْ الْمَنْعُ عَلَيْهِ بَلْ مَنْعُ الْمُدَّعِي يَعْتَرِضُ الدَّلِيلَ فَيُحْوِجُ فِي تَصْحِيحِهِ إلَى التَّكَلُّفِ (قَوْلُهُ: لَا يَعْتَرِضُ الْحِكَايَةَ) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْتَرِضَ الْأَقْوَالَ الْمَحْكِيَّةَ بَلْ يَصِيرَ حَتَّى يَخْتَارَ وَاحِدًا مِنْهَا فَيَعْتَرِضَهُ وَقَالَ سم لَا يَعْتَرِضُ الْحِكَايَةَ أَيْ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: لِمُقَدِّمَةٍ) قَالَ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ إنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِفَاعِلِ يَعْتَرِضُ وَهُوَ الْمَنْعُ أَيْ يَعْتَرِضُ الْمَنْعُ لِمُقَدِّمَةِ الدَّلِيلِ أَوْ يَعْتَرِضُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ يُعْتَرَضُ الدَّلِيلُ لِمَنْعِ مُقَدِّمَةٍ إلَخْ وَعَلَى هَذَا فَاللَّامُ تَعْلِيلِيَّةٌ أَوْ بِمَعْنَى الْبَاءِ اهـ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى التَّوَجُّهِ الْأَوَّلِ يَلْزَمُ إعْمَالُ ضَمِيرِ الْمَصْدَرِ وَقَدْ جُوِّزَ فِي الظَّرْفِ وَالْجَارِ وَالْمَجْرُورِ لِتَوَسُّعِهِمْ فِيهَا كَقَوْلِهِ:
وَمَا الْحَرْبُ إلَّا مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُمْ
…
وَمَا هُوَ عَنْهَا بِالْحَدِيثِ الْمُرَجَّمِ
وَقَدْ ذَكَرُوا فِي الْآدَابِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُقَدِّمَةِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ فَيَدْخُلُ فِيهَا مَادَّةُ الْقِيَاسِ وَمَا اُعْتُبِرَ فِيهِ مِنْ الشُّرُوطِ ظَاهِرٌ أَنَّ الْمَنْعَ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْمُنَاقَضَةِ يَخْتَصُّ بِمَعْنَى مُقَدِّمَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَنْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ عَلَى سَبِيلِ التَّعْيِينِ مُنَاقَضَةٌ أَيْضًا وَقَدْ أَشْبَعْنَا الْقَوْلَ فِي هَذَا الْمَقَامِ فِي حَوَاشِينَا عَلَى الْوَلَدِيَّةِ وَعَلَى الشَّارِحِ الْحَنَفِيِّ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ) عَطْفٌ عَلَى قَبْلَ تَمَامِهِ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَوَّلِ أَعْنِي قَوْلَهُ لِمُقَدِّمَةٍ حَتَّى يُنَافِيَ قَوْلَهُ الْآتِيَ وَالثَّانِي إمَّا مَعَ مَنْعِ الدَّلِيلِ إلَخْ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَنْعُ)
الدَّلِيلِ (إمَّا مَنْعُ الدَّلِيلِ بِنَاءً عَلَى تَخَلُّفِ حُكْمِهِ فَالنَّقْضُ الْإِجْمَالِيُّ) وَصُورَتُهُ أَنْ يُقَالَ مَا ذَكَرْته مِنْ الدَّلِيلِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِتَخَلُّفِ الْحُكْمِ عَنْهُ فِي كَذَا وَصْفٍ بِالْإِجْمَالِيِّ لِأَنَّ جِهَةَ الْمَنْعِ فِيهِ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ بِخِلَافِ التَّفْصِيلِيِّ الَّذِي هُوَ مَنْعٌ بَعْدَ تَمَامِ الدَّلِيلِ لِمُقَدِّمَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْهُ (أَوْ مَنْعُ تَسْلِيمِهِ) أَيْ الدَّلِيلِ (وَالِاسْتِدْلَالُ بِمَا يُنَافِي ثُبُوتَ الْمَدْلُولِ فَالْمُعَارَضَةِ فَيَقُولُ) فِي صُورَتِهَا الْمُعْتَرِضُ لِلْمُسْتَدِلِّ (مَا ذَكَرْت) مِنْ الدَّلِيلِ (وَإِنْ دَلَّ) عَلَى مَا قُلْت (فَعِنْدِي مَا يَنْفِيهِ) أَيْ يَنْفِي مَا قُلْت وَيَذْكُرُهُ (وَيَنْقَلِبُ) الْمُعْتَرِضُ بِهَا (مُسْتَدِلًّا) وَالْعَكْسُ (وَعَلَى الْمَمْنُوعِ) وَهُوَ الْمُسْتَدِلُّ (الدَّفْعُ) لِمَا اعْتَرَضَ بِهِ عَلَيْهِ (بِدَلِيلٍ) لِيَسْلَمَ دَلِيلُهُ الْأَصْلِيُّ وَلَا يَكْفِيهِ الْمَنْعُ (فَإِنْ مَنَعَ ثَانِيًا فَكَمَا مَرَّ) مِنْ الْمَنْعِ قَبْلَ تَمَامِ الدَّلِيلِ وَبَعْدَ تَمَامِهِ إلَخْ (وَهَكَذَا) أَيْ الْمَنْعُ ثَالِثًا وَرَابِعًا مَعَ الدَّفْعِ وَهَلُمَّ (إلَى إفْحَامِ الْمُعَلِّلِ) وَهُوَ الْمُسْتَدِلُّ (إنْ انْقَطَعَ بِالْمُنُوعِ أَوْ إلْزَامِ الْمَانِعِ) وَهُوَ الْمُعْتَرِضُ (إنْ انْتَهَى إلَى ضَرُورِيٍّ
ــ
[حاشية العطار]
أَيْ الِاعْتِرَاضُ بِمَنْعِ مُقَدِّمَةٍ مِنْ الدَّلِيلِ أَوْ بِمَنْعِ الْمَدْلُولِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ فَعِنْدِي مَا يَنْفِيهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى تَخَلُّفِ حُكْمِهِ) بِمَعْنَى أَنَّ سَبَبَ الْمَنْعِ وَمَنْشَؤُهُ التَّخَلُّفُ كَأَنْ قِيلَ الْبُرُّ مَكِيلٌ وَكُلُّ مَكِيلٍ رِبَوِيٌّ فَيَقُولُ الْمُعْتَرِضُ دَلِيلُك مَمْنُوعٌ لِتَخَلُّفِ الرِّبَوِيَّةِ عَنْهُ فِي الْبِرْسِيمِ مَثَلًا ثُمَّ إنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ النَّقْضُ بِالتَّخَلُّفِ الْمَذْكُورِ بَلْ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ مَنْعِ الدَّلِيلِ بِشَاهِدٍ إمَّا لِتَخَلُّفِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ أَوْ لِاسْتِلْزَامِهِ فَسَادًا آخَرَ (قَوْلُهُ: الَّذِي إلَخْ) ظَاهِرُهُ اخْتِصَاصُ التَّفْصِيلِيِّ بِالْمَنْعِ بَعْدَ تَمَامِ الدَّلِيلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ كُلٌّ مِنْ النَّقْضِ الْإِجْمَالِيِّ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ الْمُعَارَضَةُ الْآتِيَةُ إنَّمَا يُرَادُ أَنَّ بَعْدَ تَمَامِ الدَّلِيلِ ثُمَّ إنَّ النَّقْضَ التَّفْصِيلِيَّ يُسَمَّى مُنَاقَضَةً أَيْضًا (قَوْلُهُ: لِمُقَدِّمَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْهُ) أَوْ لِمُقَدِّمَتَيْهِ مَعًا سَبِيلُ التَّعْيِينِ وَأَمَّا النَّقْضُ الْإِجْمَالِيُّ فَمَنْعُ الدَّلِيلِ بِرُمَّتِهِ بِمَعْنَى دَعْوَى فَسَادِهِ وَلِذَلِكَ لَا يُقْبَلُ إلَّا مَعَ شَاهِدٍ وَهُوَ التَّخَلُّفُ وَنَحْوُهُ بِخِلَافِ التَّفْصِيلِيِّ فَيُقْبَلُ مَعَ السَّنَدِ وَمُجَرَّدًا عَنْهُ إذْ لَيْسَ فِيهِ دَعْوَى فَسَادِ الدَّلِيلِ بَلْ مَرْجِعُهُ طَلَبُ بَيَانِ الْمُقَدِّمَةِ الْمَمْنُوعَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ فَسَادَ الدَّلِيلِ إمَّا مِنْ جِهَةِ مَادَّتِهِ أَوْ صُورَتِهِ فَمَوْرِدُ الْمَنْعِ فِيهِ مُقَدِّمَةٌ مُبْهَمَةٌ فَظَهَرَ صِحَّةُ التَّقْيِيدِ فِي الْمُقَدِّمَةِ بِالْمُعَيَّنَةِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ تَسْلِيمِهِ إلَخْ) لَا يُقَالُ كَيْفَ جَعَلَ هَذَا قِسْمًا مِنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الدَّلِيلِ مَعَ أَنَّهُ مُسَلَّمٌ لِأَنَّا نَقُولُ لَمْ يَجْعَلْهُ قِسْمًا مِنْ ذَلِكَ بَلْ مِنْ مُطْلَقِ الِاعْتِرَاضِ وَهُوَ هُنَا وَارِدٌ عَلَى الْمَدْلُولِ لَا عَلَى الدَّلِيلِ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: أَيْ يَنْفِي مَا قُلْت) الْأَقْعَدُ فِي حَلِّ الْمَتْنِ أَنْ يَنْفِيَ مَدْلُولَ مَا ذَكَرْت قَالَهُ الْكَمَالُ سم وَكَانَ مُلَاحَظَةٌ أَنَّهُ فِي الْمَتْنِ جَعَلَ فِي الْمَنْفِيِّ الْمَدْلُولَ حَيْثُ قَالَ بِمَا يُنَافِي ثُبُوتَ الْمَدْلُولِ وَقَدْ يُعَارَضُ ذَلِكَ بِأَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَدَلُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَأَمْكَنُ فِي بَيَانِهِ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ مَدْلُولِ مَا ذَكَرَهُ الَّذِي هُوَ الدَّلِيلُ هُوَ مَدْلُولُهُ الْمُطَابِقِيُّ وَهُوَ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُدَّعِي بَلْ قَدْ يَكُونُ مَلْزُومًا لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَنَعَ ثَانِيًا) أَيْ مَنَعَ الْمُعْتَرِضُ دَلِيلَ الْمُسْتَدِلِّ (قَوْلُهُ: إفْحَامِ الْمُعَلِّلِ)