الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ مَحْمَلًا وَرَاكِبَيْنِ وَحَمَلَ مَحْمَلًا مُعْتَادًا) ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْمَحْمَلَ مُتَفَاوِتٌ مَجْهُولٌ فَيُفْضِي إلَى النِّزَاعِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْجَهَالَةَ تَزُولُ بِالصَّرْفِ إلَى الْمُعْتَادِ (وَإِرَاءَتُهُ أَجْوَدُ) أَيْ إرَاءَةُ الْمَحْمَلَ الْجَمَّالَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ الْمُشَاهَدَةَ نَفْيٌ لِلْجَهَالَةِ -
(اسْتَأْجَرَهُ) أَيْ جَمَلًا (لِحَمْلِ قَدْرِ زَادٍ فَأَكَلَ مِنْهُ رَدَّ عِوَضَهُ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ حِمْلًا مُقَدَّرًا فِي جَمِيعِ الطَّرِيقِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ (قَالَ لِغَاصِبِ دَارِهِ فَرِّغْهَا وَإِلَّا فَأُجْرَتُهَا كُلُّ شَهْرٍ بِكَذَا فَلَمْ يُفَرِّغْ وَجَبَ الْمُسَمَّى) ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَيَّنَ الْأُجْرَةَ وَالْغَاصِبُ رَضِيَ بِهَا ظَاهِرًا انْعَقَدَ بَيْنَهُمَا عَقْدُ إجَارَةٍ (إلَّا إذَا أَنْكَرَ الْغَاصِبُ مِلْكَهُ) ، فَإِنَّهُ إذَا أَنْكَرَهُ لَمْ يَكُنْ رَاضِيًا بِالْإِجَارَةِ (وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (أَثْبَتَهُ) أَيْ أَثْبَتَ صَاحِبُ الدَّارِ كَوْنَهَا مِلْكًا لَهُ (أَوْ أَقَرَّ) أَيْ الْغَاصِبُ (بِهِ) أَيْ بِمِلْكِهِ (وَلَمْ يَرْضَ بِالْأَجْرِ) أَيْ صَرَّحَ بِعَدَمِ رِضَاهُ بِهِ فَحِينَئِذٍ لَا يُفِيدُ رِضَاهُ ظَاهِرًا (لِلْمُسْتَأْجِرِ) أَيْ جَازَ لَهُ (أَنْ يُؤَخِّرَ الْأَجِيرَ مِنْ غَيْرِ مُؤَجِّرِهِ) وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ لِمُؤَجِّرِهِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي حَقِّ الْمَنْفَعَةِ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُؤَجِّرِ فَيَلْزَمُ تَمْلِيكُ الْمَالِكِ (وَيُعِيرُ وَيُودِعُ فِيمَا لَا يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَلَكَ مَنَافِعَهُ جَازَ لَهُ أَنْ يَمْلِكَهَا لَكِنْ لَا فِيمَا يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا وَإِلَّا كَانَ مُتَعَدِّيًا -
(فَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَ لَا يُؤَجِّرُ غَيْرَهُ وَلَا يُعِيرُهُ) ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ (وَكَّلَهُ لِاسْتِئْجَارِ دَارٍ فَفَعَلَ وَقَبَضَ وَلَمْ يُسَلِّمْهَا إلَيْهِ حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ رَجَعَ الْوَكِيلُ بِالْأَجْرِ عَلَى الْآمِرِ كَذَا إنْ شَرَطَ تَعْجِيلَ الْأَجْرِ وَقَبَضَ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَطْلُبْ الْآمِرُ، وَإِنْ طَلَبَ وَأَبَى لِيُعَجِّلَ) أَيْ الْأَجْرَ (لَا) أَيْ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ يَعْنِي لَوْ وَكَّلَ رَجُلًا لِيَسْتَأْجِرَ لَهُ دَارًا مُعَيَّنَةً فَاسْتَأْجَرَ فَقَبَضَهَا وَمَنَعَهَا مِنْ الْآمِرِ أَوَّلًا حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ فَالْأَجْرُ عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ أَصِيلٌ فِي الْحُقُوقِ وَرَجَعَ الْوَكِيلُ بِالْأَجْرِ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْقَبْضِ نَائِبٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ فِي حَقِّ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ فَصَارَ قَابِضًا لَهُ حُكْمًا، فَإِنْ شَرَطَ الْوَكِيلُ تَعْجِيلَ الْأَجْرِ وَقَبَضَ الدَّارَ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَطْلُبْهَا الْآمِرُ مِنْهُ رَجَعَ الْوَكِيلُ بِالْأَجْرِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْآمِرَ صَارَ قَابِضًا بِقَبْضِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ الْمَنْعُ وَلَوْ طَلَبَهَا فَأَبَى حَتَّى يُعَجِّلَ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حَبَسَ الدَّارَ مِنْ الْآمِرِ وَلَهُ حَقُّ الْحَبْسِ خَرَجَتْ يَدُ الْوَكِيلِ مِنْ أَنْ تَكُونَ يَدَ نِيَابَةٍ فَلَمْ يَصِرْ الْمُوَكِّلُ قَابِضًا حُكْمًا وَلَمْ تَصِرْ الْمَنَافِعُ حَادِثَةً فِي يَدِ الْمُوَكِّلِ حُكْمًا فَلَمْ يَجِبْ الْأَجْرُ عَلَى الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الْكَافِي -
(لِلْقَاضِي الْأُجْرَةُ عَلَى كَتْبِ الْمَكَاتِيبِ قَدْرَ مَا تَجُوزُ لِغَيْرِهِ) ؛ لِأَنَّ كَتْبَهَا لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الْقَضَاءِ لِيَحْرُمَ (الْمُسْتَأْجِرُ لَا يَكُونُ خَصْمًا لِمُدَّعِي الْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالشِّرَاءِ) ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى لَا تَكُونُ إلَّا عَلَى مَالِكِ الْعَيْنِ (بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي) ؛ لِأَنَّهُ مَالِكُ الْعَيْنِ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ -
[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]
(كِتَابُ الْعَارِيَّةِ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ كِتَابِ تَمْلِيكِ النَّفْعِ بِعِوَضٍ شَرَعَ فِي كِتَابِ تَمْلِيكِ النَّفْعِ بِلَا عِوَضٍ فِي الصِّحَاحِ هِيَ بِالتَّشْدِيدِ كَأَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إلَى الْعَارِ؛ لِأَنَّ طَلَبَهَا عَارٌ وَعَيْبٌ وَفِي الْهِدَايَةِ هِيَ مِنْ الْعَرِيَّةِ وَهِيَ الْعَطِيَّةُ.
وَفِي الْكَافِي هِيَ مِنْ التَّعَاوُرِ وَهُوَ التَّنَاوُبُ فَكَأَنَّهُ يَجْعَلُ لِلْغَيْرِ نَوْبَةً فِي الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِهِ إلَى أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ (هِيَ) لُغَةً تَمْلِيكُ مَا ذَكَرَ وَشَرْعًا (تَمْلِيكُ نَفْعٍ بِلَا عِوَضٍ) وَبِهَذَا تَخْرُجُ الْإِجَارَةُ (وَتَصِحُّ بِأَعَرْتُكَ) ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِيهَا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ: وَحَمَلَ مَحْمَلًا مُعْتَادًا) أَقُولُ لَيْسَ هُوَ مِنْ شَرْطِ الْجَوَازِ بَلْ هُوَ تَصْرِيحٌ بِمَا يَجُوزُ لَهُ فِي هَذَا الْعَقْدِ، فَإِنَّهُ إذَا حَمَلَ غَيْرَ مُعْتَادٍ لَا يُقَالُ بِعَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ بِهِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِقَدْرٍ مَعْلُومٍ فَزَادَ عَلَيْهِ إنْ طَاقَتْ الْكُلَّ ثُمَّ هَلَكَتْ ضَمِنَ الزِّيَادَةَ، وَإِنْ لَمْ تُطِقْ ضَمِنَ كُلَّ قِيمَتِهَا
(قَوْلُهُ: وَيُعِيرُ وَيُودِعُ فِيمَا لَا يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ) أَقُولُ هَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِمَا قَدَّمَهُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ بِقَوْلِهِ وَفِيمَا لَا يَخْتَلِفُ بِهِ أَيْ بِالْمُسْتَعْمَلِ بَطَلَ التَّقْيِيدُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَيَّدٍ ثُمَّ قَوْلُهُ وَيُودِعُ لَمْ يَظْهَرْ لِي سِرُّ تَقْيِيدِهِ بِمَا لَا يَخْتَلِفُ إذْ الْإِيدَاعُ لَيْسَ إلَّا الِاسْتِحْفَاظَ وَلَعَلَّ الصَّوَابَ وَيُؤَجِّرُ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ، فَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَ لَا يُؤَجِّرُ غَيْرَهُ وَلَا يُعِيرُهُ وَأَقُولُ هُوَ أَيْضًا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْإِجَارَةِ، وَإِنْ خَصَّصَ بِرَاكِبٍ أَوْ لَابِسٍ فَخَالَفَ ضَمِنَ كَذَا كُلُّ مَا يَخْتَلِفُ بِالْمُسْتَعْمَلِ
(كِتَابُ الْعَارِيَّةِ)(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إلَى الْعَارِ؛ لِأَنَّ طَلَبَهَا عَارٌ وَعَيْبٌ) قَالَ فِي الْمُغْرِبِ إنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إلَى الْعَارَةِ اسْمٌ مِنْ الْعَارِ وَأَخْذُهَا مِنْ الْعَارِ عَيْبٌ وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّ مَا فِي الْمُغْرِبِ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم بَاشَرَ الِاسْتِعَارَةَ فَلَوْ كَانَ الْعَارُ فِي طَلَبِهَا لَمَا بَاشَرَهَا. اهـ. كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: هِيَ تَمْلِيكُ نَفْعٍ) أَقُولُ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ وَالشَّافِعِيُّ إبَاحَتُهُ وَتَوْجِيهُ كُلٍّ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ
(وَأَطْعَمْتُكَ أَرْضِي) ؛ لِأَنَّ الْإِطْعَامَ إذَا أُضِيفَ إلَى مَا لَا يُطْعَمُ كَالْأَرْضِ يُرَادُ بِهِ أَكْلُ غَلَّتِهَا إطْلَاقًا لِاسْمِ الْمَحَلِّ عَلَى الْحَالِّ (وَمَنَحْتُكَ ثَوْبِي هَذَا) أَوْ جَارِيَتِي هَذِهِ إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الْهِبَةَ، فَإِنَّ الْمَنْحَ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ عُرْفًا وَعِنْدَ عَدَمِ إرَادَتِهِ يُحْمَلُ عَلَى تَمْلِيكِ الْمَنَافِعِ وَأَصْلُهُ أَنْ يُعْطَى نَاقَةً أَوْ شَاةً لِيَشْرَبَ لَبَنَهَا ثُمَّ تُرَدُّ وَكَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي تَمْلِيكِ الْعَيْنِ، فَإِذَا أُرِيدَ بِهِ الْهِبَةُ أَفَادَ مِلْكَ الْعَيْنِ وَإِلَّا بَقِيَ عَلَى أَصْلِ وَضْعِهِ (وَحَمَلْتُكَ عَلَى دَابَّتِي هَذِهِ) إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الْهِبَةَ، فَإِنَّ هَذَا اللَّفْظَ يُسْتَعْمَلُ عُرْفًا فِي الْهِبَةِ لِمَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِمْ حَمَلَ الْأَمِيرُ فُلَانًا عَلَى الْفَرَسِ وَيُرَادُ بِهِ التَّمْلِيكُ وَمَعْنَاهُ لُغَةً هُوَ الرِّكَابُ وَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِيهِ أَيْضًا، فَإِذَا نَوَى أَحَدَهُمَا صَحَّتْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِهِ نِيَّةٌ حُمِلَ عَلَى الْأَدْنَى لِئَلَّا يَلْزَمَ الْأَعْلَى بِالشَّكِّ أَقُولُ بِهَذَا التَّقْرِيرِ يَنْدَفِعُ مَا اعْتَرَضَ صَاحِبُ الْكَافِي عَلَى الْهِدَايَةِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ جَعَلَ فِي كِتَابِ الْعَارِيَّةِ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ يَعْنِي مَنَحْتُكَ وَحَمَلْتُكَ حَقِيقَةً لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ وَمَجَازًا لِتَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ ثُمَّ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ فِي بَيَانِ أَلْفَاظِهَا وَحَمَلْتُكَ عَلَى هَذِهِ الدَّابَّةِ إذَا نَوَى بِالْحُمْلَانِ الْهِبَةَ وَعَلَّلَ بِأَنَّ الْحَمْلَ هُوَ الرِّكَابُ حَقِيقَةً فَيَكُونُ عَارِيَّةً لَكِنَّهُ يَحْتَمِلُ الْهِبَةَ وَثَانِيهِمَا أَنَّهُمَا إذَا كَانَا لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ حَقِيقَةً وَالْحَقِيقَةُ تُرَادُ بِاللَّفْظِ بِلَا نِيَّةٍ فَعِنْدَ عَدَمِ إرَادَةِ الْهِبَةِ لَا يُحْمَلُ عَلَى تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ بَلْ عَلَى الْهِبَةِ، أَمَّا انْدِفَاعُ الْأَوَّلِ فَلِأَنَّهُ أَرَادَ بِجَعْلِ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ حَقِيقَةً لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ فِي الْعَارِيَّةِ جَعَلَهُمَا حَقِيقَةً لَهُ عُرْفًا فَيَكُونَانِ مَجَازَيْنِ لِتَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ عُرْفًا ضَرُورَةً وَأَرَادَ بِجَعْلِهِ الْحَمْلَ حَقِيقَةً لِلْإِرْكَابِ جَعْلُهُ حَقِيقَةً لَهُ لُغَةً فَيَكُونُ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ مَجَازًا لُغَةً ضَرُورَةً فَلَا مُنَافَاةَ، وَأَمَّا انْدِفَاعُ الثَّانِي فَلِأَنَّ الْحَقِيقَةَ إنَّمَا تُرَادُ بِاللَّفْظِ بِلَا قَرِينَةٍ إذَا لَمْ يُعَارِضْهَا مَجَازٌ مُسْتَعْمَلٌ، فَإِنَّ النِّيَّةَ إذَا انْتَفَتْ كَانَ الْمَعْنَى الْعُرْفِيُّ وَاللُّغَوِيُّ الْمُسْتَعْمَلُ مُسْتَوِيَيْنِ فِي الْإِرَادَةِ فَيَجِبُ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى الْأَدْنَى لِئَلَّا يَلْزَمَ الْأَعْلَى بِالشَّكِّ (وَأَخْدَمْتُكَ عَبْدِي) ، فَإِنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي الِاسْتِخْدَامِ فَيَكُونُ عَارِيَّةً (وَدَارِي لَك سُكْنَى وَدَارِي لَك عُمْرَى سُكْنَى) ، فَإِنَّ لَفْظَ سُكْنَى مُحْكَمٌ فِي إرَادَةِ النَّفْعِ فَتُصْرَفُ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ لَكَ عَنْ إفَادَةِ الْمِلْكِ (وَيَرْجِعُ الْمُعِيرُ مَتَى شَاءَ) ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تُمْلَكُ شَيْئًا فَشَيْئًا بِحَسَبِ حُدُوثِهَا فَمَا لَمْ تُوجَدْ لَمْ تُمْلَكْ فَصَحَّ الرُّجُوعُ (وَلَا تُضْمَنُ إذَا هَلَكَتْ) بِلَا تَعَدٍّ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ -
(وَلَا تُؤَجَّرُ) أَيْ الْعَارِيَّةُ (وَلَا تُرْهَنُ) ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ دُونَ الْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ، وَالشَّيْءُ لَا يَتَضَمَّنُ مَا فَوْقَهُ (فَإِنْ آجَرَ أَوْ رَهَنَ الْمُسْتَعِيرُ فَهَلَكَتْ) الْعَارِيَّةُ (ضَمَّنَهُ الْمُعِيرُ) أَيْ ضَمَّنَ الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ؛ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَتَنَاوَلْهُمَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا غَصْبًا (وَلَا يَرْجِعُ) أَيْ الْمُسْتَعِيرُ (عَلَى أَحَدٍ) إنْ ظَهَرَ بِالضَّمَانِ أَنَّهُ أَجَّرَ أَوْ رَهَنَ مِلْكَ نَفْسِهِ (أَوْ ضَمَّنَّ الْمُسْتَأْجِرَ وَيَرْجِعُ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ (عَلَى الْمُؤَجِّرِ) دَفْعًا لِضَرَرِ الْغَرُورِ عَنْهُ (إنْ لَمْ يَعْلَم أَنَّهُ عَارِيَّةٌ مَعَهُ) ، وَإِنْ عَلِمَ فَلَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغُرَّهُ فَصَارَ كَالْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْغَاصِبِ عَالِمًا بِالْغَصْبِ (وَتُعَارُ) أَيْ الْعَارِيَّةُ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ اخْتَلَفَ اسْتِعْمَالُهُ أَوْ لَا (وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مُنْتَفَعًا) ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ لِتَمْلِيكِ الْمَنَافِعِ جَازَ أَنْ يُعِيرَ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَمْلِكُ التَّمْلِيكَ كَالْمُسْتَأْجِرِ يَمْلِكُ أَنْ يُؤَجِّرَ وَالْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ يَمْلِكُ أَنْ يُعِيرَ.
(وَ) يُعَارُ (مَا لَا يَخْتَلِفُ اسْتِعْمَالُهُ إنْ عَيَّنَهُ)
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ: إطْلَاقًا لِاسْمِ الْمَحَلِّ عَلَى الْحَالِّ) فِيهِ تَأَمُّلٌ وَلَعَلَّهُ مِنْ إطْلَاقِ السَّبَبِ وَإِرَادَةِ الْمُسَبَّبِ (قَوْلُهُ: أَقُولُ بِهَذَا التَّقْرِيرِ يَنْدَفِعُ مَا اعْتَرَضَ صَاحِبُ الْكَافِي. . . إلَخْ) .
أَقُولُ يُخَالِفُ هَذَا الدَّفْعُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْأَيْمَانِ بِقَوْلِهِ يُرَادُ بِهَذَا الْبُرُّ بِضَمِّهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِتَرْجِيحِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُ إذَا هَلَكَتْ بِلَا تَعَدٍّ) هَذَا إذَا كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً، فَإِنْ كَانَتْ مُقَيَّدَةً فِي الْوَقْتِ مُطْلَقَةً فِي غَيْرِهِ نَحْوُ أَنْ يُعِيرَهُ يَوْمًا فَلَوْ لَمْ يَرُدَّهَا بَعْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ ضَمِنَ إذَا هَلَكَتْ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ. اهـ. سَوَاءٌ اسْتَعْمَلَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ أَوْ لَا وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا انْتَفَعَ بَعْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِيرُ غَاصِبًا أَمَّا إذَا لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَلَا يَضْمَنُ كَالْمُودَعِ إذَا أَمْسَكَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يُمْسِكُ مَالَ الْغَيْرِ بَعْدَ الْمُدَّةِ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْمُودَعِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَبِالتَّضْمِينِ مُطْلَقًا أَخَذَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَلَوْ هَلَكَتْ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْإِعَارَةِ ضَمِنَ فِي قَوْلِهِمْ إذَا أَمْسَكَهَا بَعْدَ الْمُضِيِّ بِلَا إذْنٍ فَصَارَ غَاصِبًا انْتَهَى قُلْت لَكِنْ يَرُدُّ عَلَى إطْلَاقِ الْفُصُولَيْنِ التَّضْمِينُ فِي قَوْلِهِمْ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحِيطِ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ
(قَوْلُهُ: فَلَا تُؤَجَّرُ وَلَا تُرْهَنُ) أَقُولُ وَسَكَتَ عَنْ إيدَاعِهَا وَاخْتَلَفُوا فِيهِ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ عَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: أَوْ ضَمِنَ الْمُسْتَأْجِرُ. . . إلَخْ) .
أَقُولُ وَسَكَتَ عَمَّا لَوْ ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ فَيَنْظُرُ حُكْمَهُ (قَوْلُهُ: وَيُعَارُ مَا لَا يَخْتَلِفُ اسْتِعْمَالُهُ إنْ عَيَّنَهُ) أَيْ مُنْتَفَعًا أَقُولُ هَذَا التَّقْيِيدُ لَيْسَ بِاحْتِرَازِيٍّ لِقَوْلِ الزَّيْلَعِيُّ، وَإِنْ كَانَ لَا يَخْتَلِفُ يَعْنِي النَّفْعَ كَالسُّكْنَى وَالْحَمْلِ جَازَ أَنْ يَفْعَلَ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ؛ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِالِانْتِفَاءِ فِيمَا لَا يَخْتَلِفُ لَا يُفِيدُ. اهـ. إلَّا أَنْ يُقَالَ إنْ لِلْوَصْلِ، وَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ اسْتِعْمَالَهَا مَقْرُونَةً بِالْوَاوِ وَذُكِرَتْ هُنَا عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} [الأعلى: 9]