الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنَّ لِي عَلَيْك كَذَا وَفُلَانٌ كَفِيلٌ بِهِ بِأَمْرِك فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَى الْأَصِيلِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَا يَكُونُ هَذَا قَضَاءً عَلَى الْكَفِيلِ حَتَّى لَوْ لَقِيَ الْكَفِيلَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا بِلَا إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَقِيَ الْكَفِيلَ أَوَّلًا وَادَّعَى أَنَّ لِي عَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ أَلْفًا وَأَنْتَ كَفِيلٌ بِهَا لِي عَنْهُ بِأَمْرِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ ثَبَتَ الْمَالُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْغَائِبِ وَيَنْتَصِبُ الْكَفِيلُ خَصْمًا عَلَى الْأَصِيلِ. (إذَا اشْتَرَكَ الدَّيْنُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ لَا بِجِهَةِ الْإِرْثِ فَأَحَدُهُمَا لَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْآخَرِ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله (بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَكَ بِهَا) يَعْنِي إذَا اشْتَرَكَ بَيْنَهُمَا بِجِهَةِ الْإِرْثِ فَأَحَدُهُمَا لَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْآخَرِ.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَ مُحَمَّدٌ رحمه الله مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ قِيَاسٌ وَمَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله اسْتِحْسَانٌ وَمُحَمَّدٌ أَخَذَ بِالِاسْتِحْسَانِ كَأَبِي يُوسُفَ رحمه الله كَذَا فِي الْمُنْتَقَى ثُمَّ عَلَى قَوْلِهِمَا إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ وَصَدَّقَ الْحَاضِرَ فِيمَا ادَّعَى كَانَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ شَارَكَ الْمُدَّعِي فِيمَا قَبَضَ ثُمَّ يَتْبَعَانِ الْمَطْلُوبَ وَإِنْ شَاءَ يَتْبَعُ الْمَطْلُوبَ وَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ
(كِتَابُ الْإِقْرَارِ)
أَوْرَدَهُ بَعْدَ الدَّعْوَى لِأَنَّ الدَّعْوَى تَنْقَطِعُ بِهِ فَلَا يَحْتَاجُ بَعْدَهُ إلَى شَيْءٍ آخَرَ حَتَّى إذَا لَمْ يُوجَدْ يَحْتَاجُ إلَى الشَّهَادَةِ وَلِهَذَا عَقَّبَهُ بِهَا (هُوَ) مُشْتَقٌّ مِنْ الْقَرَارِ وَهُوَ لُغَةً إثْبَاتُ مَا كَانَ مُتَزَلْزِلًا وَشَرْعًا (إخْبَارٌ بِحَقٍّ لِآخَرَ عَلَيْهِ) لَا إثْبَاتٌ لَهُ عَلَيْهِ لِمَا سَيَأْتِي وَشُرُوطُهُ سَتُذْكَرُ فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَحُكْمُهُ ظُهُورُ الْمُقَرِّ بِهِ (بِلَا تَصْدِيقٍ) وَقَبُولٍ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى الْمُقِرِّ مَا أَقَرَّ بِهِ لِوُقُوعِهِ دَالًّا عَلَى الْمُخْبَرِ بِهِ لِأَنَّ مَدْلُولَهُ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ احْتِمَالٌ عَقْلِيٌّ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَوْضِعِهِ (إلَّا فِي نَسَبِ الْوِلَادِ) يَعْنِي إذَا أَقَرَّ رَجُلٌ بِبُنُوَّةِ غُلَامٍ مَجْهُولِ النَّسَبِ صَحَّ إقْرَارُهُ وَكَذَا إذَا أَقَرَّ هُوَ أَوْ امْرَأَةٌ بِالْوَالِدَيْنِ وَالْوَلَدِ صَحَّ (وَنَحْوُهُ) وَهُوَ أَنْ يُقِرَّ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ بِالزَّوْجِ أَوْ الْمَوْلَى حَيْثُ صَحَّ وَشُرِطَ تَصْدِيقُ هَؤُلَاءِ وَسَيَأْتِي تَمَامُ بَيَانِهِ (وَلَكِنْ يُرَدُّ) أَيْ الْإِقْرَارُ (بِرَدِّهِ) أَيْ بِرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ (إلَّا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ تَصْدِيقِهِ فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ حِينَئِذٍ (لَا ثُبُوتُهُ ابْتِدَاءً) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ ظُهُورُ الْمُقَرِّ بِهِ أَيْ لَا ثُبُوتُ الْمُقَرِّ بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَاقِلٍ لِمِلْكِ الْمُقِرِّ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ أَقُولُ سِرُّهُ أَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ فَيَجُوزُ تَخَلُّفُ مَدْلُولِهِ الْوَضْعِيِّ عَنْهُ بِخِلَافِ الْإِنْشَاءِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا لِأَنَّهُ إيجَادُ مَعْنًى بِلَفْظٍ يُقَارِنُهُ فِي الْوُجُودِ فَيَمْتَنِعُ فِيهِ التَّخَلُّفُ وَقَدْ فَرَّعَ عَلَى كَوْنِ حُكْمِ الْإِقْرَارِ ظُهُورَ الْمُقَرِّ بِهِ لَا ثُبُوتَهُ ابْتِدَاءً أَوَّلًا بِقَوْلِهِ (فَصَحَّ الْإِقْرَارُ بِالْخَمْرِ لِلْمُسْلِمِ) حَتَّى يُؤْمَرَ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ وَلَوْ كَانَ تَمْلِيكًا مُبْتَدَأً لَمَا صَحَّ وَثَانِيًا بِقَوْلِهِ (لَا) الْإِقْرَارُ (بِطَلَاقٍ وَعِتْقٍ مُكْرَهًا) لِقِيَامِ دَلِيلِ الْكَذِبِ وَهُوَ الْإِكْرَاهُ وَلَوْ كَانَ حُكْمُهُ ثُبُوتَ مَا أَقَرَّ بِهِ بِأَنْ كَانَ إنْشَاءً لَصَحَّ لِأَنَّ إنْشَاءَهُمَا مَعَ الْإِكْرَاهِ يَصِحُّ عِنْدَنَا وَثَالِثًا بِقَوْلِهِ (وَلَوْ ادَّعَاهُ) أَيْ الْإِقْرَارَ (ابْتِدَاءً) بِأَنْ يَقُولَ إنَّكَ أَقْرَرْت لِي بِكَذَا فَادْفَعْهُ لِي (أَوْ جَعَلَهُ) أَيْ الْإِقْرَارَ (سَبَبًا) بِأَنْ يَقُولَ إنَّ لِي عَلَيْك كَذَا لِأَنَّك أَقْرَرْت لِي بِهِ (لَمْ يُسْمَعْ) عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ لِأَنَّ نَفْسَ الْإِقْرَارِ لَيْسَ نَاقِلًا لِلْمِلْكِ لِمَا عَرَفْت (بِخِلَافِ دَعْوَاهُ) أَيْ الْإِقْرَارِ (فِي الدَّفْعِ) فَإِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا أَنَّهُ هَلْ يَصِحُّ دَعْوَى الْإِقْرَارِ فِي طَرَفِ الدَّفْعِ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]
ِ) (قَوْلُهُ هُوَ إخْبَارٌ بِحَقٍّ لِآخَرَ لَا إثْبَاتَ لَهُ عَلَيْهِ) هَذَا عَلَى مَا قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَالْقَاضِي أَبُو حَازِمٍ الْإِقْرَارُ إخْبَارٌ عَنْ أَمْرٍ سَابِقٍ وَذَكَر أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيِّ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ فِي الْحَالِ وَذَكَرَ اسْتِشْهَادَ كُلٍّ عَلَى مَا قَالَ بِمَسَائِلَ ذُكِرَتْ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ مِنْ الأسروشنية (قَوْلُهُ وَلَهُ شُرُوطٌ سَتُذْكَرُ) هِيَ الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ وَكَوْنُ الْمُقَرِّ بِهِ مِمَّا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ أَوْ جُبَّةَ حِنْطَةٍ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَمِنْهَا الطَّوَاعِيَةُ وَلَوْ سَكِرَ مِنْ مُحَرَّمٍ صَحَّ إقْرَارُهُ إلَّا فِي الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ حَقًّا لِلَّهِ (قَوْلُهُ وَحُكْمُهُ ظُهُورُ الْمُقَرِّ بِهِ) يَعْنِي لُزُومَهُ عَلَى الْمُقِرِّ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ تَصْدِيقِ هَؤُلَاءِ) يَعْنِي فِي الْجُمْلَةِ لِمَا يُذْكَرُ أَنَّ الْغُلَامَ الَّذِي لَمْ يُعَبِّرْ عَنْ نَفْسِهِ لَا يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُهُ وَلِذَا قَالَ وَسَيَأْتِي تَمَامُ بَيَانِهِ (قَوْلُهُ فَصَحَّ الْإِقْرَارُ بِالْخَمْرِ لِلْمُسْلِمِ) يَعْنِي الْخَمْرَ الْقَائِمَةَ لَا الْمُسْتَهْلَكَةَ إذْ لَا يَجِبُ بَدَلُهَا لِلْمُسْلِمِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُحِيطِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ حَتَّى يُؤْمَرَ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ جَعَلَهُ أَيْ الْإِقْرَارَ سَبَبًا) لَمْ يُسْمَعْ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ثُمَّ ذَكَرَ نَقْلًا آخَرَ أَنَّهُ يُسْمَعُ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ اهـ فَقَدْ وَقَعَ اخْتِلَافُ النَّقْلِ عَنْ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ وَلَكِنَّ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ لِمَا قَالَ فِي الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ ادَّعَى عَلَيْهِ بِكَذَا لِمَا أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِهِ لَا يَقْبَلُهَا الْقَاضِي وَلَا تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى عَلَى الصَّحِيحِ الْمُفْتَى بِهِ
بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعِي أَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعِي أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الْعَيْنَ مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلْ يُقْبَلُ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُقْبَلُ وَعَامَّتُهُمْ هَاهُنَا عَلَى أَنَّهُ يُقْبَلُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ هَذَا الْعَيْنُ مِلْكِي وَأَقَرَّ بِهِ صَاحِبُ الْيَدِ أَوْ قَالَ لِي عَلَيْهِ كَذَا وَهَكَذَا أَقَرَّ بِهِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَصِحُّ الدَّعْوَى وَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ الْإِقْرَارَ سَبَبًا لِلْوُجُوبِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ أَنْكَرَ هَلْ يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ إقْرَارِهِ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَقِيلَ يَحْلِفُ لِأَنَّهُ لَوْ نَكَلَ ثَبَتَ الْإِقْرَارُ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ عَلَى الْإِقْرَارِ وَإِنَّمَا يَحْلِفُ عَلَى الْمَالِ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَرَابِعًا بِقَوْلِهِ (وَلَوْ كَذَبَ الْمُقِرُّ) أَيْ فِي إقْرَارِهِ بِالْمَالِ (لَمْ يَحِلَّ لَهُ) أَيْ لِلْمُقَرِّ لَهُ (أَخْذُ الْمَالِ إلَّا بِطِيبِ نَفْسِهِ) أَيْ نَفْسِ الْمُقِرِّ وَلَوْ كَانَ حُكْمُهُ الثُّبُوتَ يَحِلُّ أَخْذُهُ
(وَهُوَ) أَيْ الْإِقْرَارُ (حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ) أَمَّا حُجَّتُهُ «فَلِأَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام قَدْ رَجَمَ مَاعِزًا بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا وَالْغَامِدِيَّةَ بِإِقْرَارِهَا» فَلَمَّا جَعَلَ الْإِقْرَارَ حُجَّةً فِي الْحُدُودِ الَّتِي تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ فَلَأَنْ يَكُونَ حُجَّةً فِي غَيْرِهَا أَوْلَى وَعَلَيْهِ انْعَقَدَ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ وَأَمَّا قُصُورُهُ فَلِقُصُورِ وِلَايَةِ الْمُقِرِّ عَنْ غَيْرِهِ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ (بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ) فَإِنَّهَا تَصِيرُ حُجَّةً بِالْقَضَاءِ وَلِلْقَاضِي وِلَايَةٌ عَامَّةٌ فَيَتَعَدَّى إلَى الْكُلِّ أَمَّا الْإِقْرَارُ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى الْقَضَاءِ وَلَهُ وِلَايَةٌ عَلَى نَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ مَجْهُولُ النَّسَبِ بِالرِّقِّ لِرَجُلٍ جَازَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَلَمْ يُصَدَّقْ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأُمَّهَاتِهِمْ وَمُدَبَّرِيهِ وَمُكَاتَبِيهِ إذْ ثَبَتَ حَقُّ الْحُرِّيَّةِ وَاسْتِحْقَاقُهَا لِهَؤُلَاءِ فَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهِمْ
(أَقَرَّ مُكَلَّفٌ) أَيْ عَاقِلٌ بَالِغٌ (حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ مَأْذُونٌ لَهُ بِمَعْلُومٍ) مُتَعَلِّقٌ بِأَقَرَّ (صَحَّ) أَيْ إقْرَارُ كُلٍّ مِنْ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْأَحْرَارِ فِي حَقِّ الْإِقْرَارِ لِأَنَّ الْمَوْلَى إذَا أَذِنَ لَهُ فَقَدْ رَضِيَ بِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِرَقَبَتِهِ فَكَانَ مُسَلَّطًا عَلَيْهِ مِنْ جِهَتِهِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ تَصَرُّفًا لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ وَتَحَقُّقِهِ إعْلَامُ مَا صَادَفَهُ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ أَوْ لَا كَمَا سَيَأْتِي وَشُرِطَ التَّكْلِيفُ لِأَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ لَا يَتَعَلَّقُ بِإِقْرَارِهِمَا حُكْمٌ (وَلَوْ) أَقَرَّ (بِمَجْهُولٍ صَحَّ) أَيْضًا لِأَنَّ الْحَقَّ قَدْ يَلْزَمُهُ مَجْهُولًا بِأَنْ أَتْلَفَ مَالًا لَا يَدْرِي قِيمَتَهُ أَوْ جَرَحَ جِرَاحَةً لَا يَعْلَمُ أَرْشَهَا (لَوْ) كَانَ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ (تَصَرُّفًا لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ) وَتَحَقُّقِهِ (إعْلَامُ مَا صَادَفَهُ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ كَالْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ) فَإِنَّ الْجَهَالَةَ لَا تَمْنَعُ تَحَقُّقَ الْغَصْبِ فَإِنَّ مَنْ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ مَالًا مَجْهُولًا فِي كِيسٍ أَوْ أَوْدَعَهُ مَالًا فِي كِيسٍ صَحَّ الْغَصْبُ الْوَدِيعَةُ وَثَبَتَ حُكْمُهُمَا (بِخِلَافِ مَا اُشْتُرِطَ لَهُ ذَلِكَ) فَإِنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ وَتَحَقُّقِهِ إعْلَامُ مَا صَادَفَهُ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ فَالْإِقْرَارُ بِهِ مَعَ الْجَهَالَةِ لَا يَصِحُّ. (كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ) فَإِنَّ مَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَ مِنْ فُلَانٍ شَيْئًا أَوْ آجَرَ مِنْ فُلَانٍ شَيْئًا أَوْ اشْتَرَى مِنْ فُلَانٍ كَذَا بِشَيْءٍ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَلَا يُجْبَرُ الْمُقِرُّ عَلَى تَسْلِيمِ شَيْءٍ (وَلَزِمَهُ) أَيْ الْمُقِرَّ بِمِثْلِ الْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ (بَيَانُ مَا جُهِلَ بِمَا لَهُ قِيمَةٌ) يَعْنِي إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ شَيْءٌ أَوْ حَقٌّ لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَهُ بِمَا لَهُ قِيمَةٌ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ الْوُجُوبِ فِي ذِمَّتِهِ وَمَا لَا قِيمَةَ لَهُ لَا يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ فَإِذَا بَيَّنَ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَانَ رُجُوعًا فَلَا يَصِحُّ
(وَصُدِّقَ الْمُقِرُّ بِيَمِينِهِ إنْ ادَّعَى خَصْمُهُ أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَمْ يُبَرْهِنْ) يَعْنِي أَنَّ الْمُقِرَّ إذَا بَيَّنَ الْمَجْهُولَ بِمَا لَهُ قِيمَةٌ وَادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَكْثَرَ مِنْهُ فَإِنْ بَرْهَنَ عَلَيْهِ حُكِمَ بِهِ وَإِلَّا صُدِّقَ الْمُقِرُّ بِيَمِينِهِ عَلَى عَدَمِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ أَوْ عَبْدٌ مَأْذُونٌ لَهُ) كَذَا الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ لَهُ وَمَحَلُّ صِحَّةِ إقْرَارِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ مَا هُوَ مِنْ بَابِ التِّجَارَةِ فَلَا يَصِحُّ بِمَهْرِ مَوْطُوءَتِهِ بِنِكَاحٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ بِهِ وَجِنَايَةٍ مُوجِبَةٍ لِلْمَالِ وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ الصَّبِيِّ بِالْمَهْرِ وَالْجِنَايَةِ وَالْكَفَالَةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَرَّ بِمَجْهُولٍ صَحَّ) لَوْ تَصَرُّفًا لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ إعْلَامُ مَا صَادَفَهُ فِي مَفْهُومِهِ تَأَمَّلْ لِمَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّهُ مَتَى أَقَرَّ بِمَجْهُولٍ وَأَطْلَقَ وَلَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ تَصِحُّ مَعَهُ الْجَهَالَةُ كَالْغَصْبِ وَنَحْوِهِ وَإِنْ بَيَّنَ السَّبَبَ يُنْظَرْ فَإِنْ كَانَ سَبَبًا لَا تَضُرُّهُ الْجَهَالَةُ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ تَضُرُّهُ الْجَهَالَةُ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ لَا يَصِحُّ وَلَا يُجْبَرُ اهـ.
(قَوْلُهُ يَعْنِي إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ شَيْءٌ أَوْ حَقٌّ لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ مَا لَهُ قِيمَةٌ) لَا يَخْفَى عَدَمُ مُطَابَقَتِهِ لِمَتْنِهِ إلَّا بِمَعُونَةِ ذِكْرِ السَّبَبِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ يَعْنِي إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ شَيْءٌ بِغَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ اهـ.
وَاَلَّذِي لَهُ قِيمَةٌ كَفَلْسِ وَجَوْزَةٍ وَغَيْرِهِ كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ وَقَطْرَةِ مَاءٍ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ
الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ (وَلَمْ يَصِحَّ) أَيْ الْإِقْرَارُ (لِلْمَجْهُولِ إذَا فَحُشَتْ جَهَالَتُهُ) بِأَنْ يَقُولَ هَذَا الْعَبْدُ لِوَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ لِأَنَّ الْمَجْهُولَ لَا يَكُونُ مُسْتَحَقًّا وَإِنْ لَمْ تَفْحُشْ بِأَنْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ غَصَبَ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ هَذَا أَوْ مِنْ هَذَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عِنْدَ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ لِلْمَجْهُولِ وَأَنَّهُ لَا يُفِيدُ وَقِيلَ يَصِحُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ يُفِيدُ وُصُولَ الْحَقِّ إلَى الْمُسْتَحِقِّ لِأَنَّهُمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَخْذِهِ فَلَهُمَا حَقُّ الْأَخْذِ وَيُقَالُ لَهُ بَيِّنْ الْمَجْهُولَ لِأَنَّ الْإِجْمَالَ مِنْ جِهَتِهِ وَبَيَانُ الْمُجْمِلِ عَلَى الْمُجْمَلِ وَصَارَ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَجْبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى الْبَيَانِ إيصَالًا لِلْحَقِّ إلَى الْمُسْتَحِقِّ كَذَا فِي الْكَافِي (كَذَا) إشَارَةً إلَى عَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ فِي قَوْلِهِ أَقَرَّ مُكَلَّفٌ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ مَأْذُونٌ لَهُ (مَحْجُورٌ أَقَرَّ بِمَا لَا تُهْمَةَ فِيهِ كَحَدٍّ وَقَوَدٍ) يَعْنِي أَنَّ إقْرَارَهُ بِهِ صَحِيحٌ لِأَنَّ إقْرَارَهُ عُهِدَ مُوجِبًا تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِرَقَبَتِهِ وَهِيَ مَالُ الْمَوْلَى فَلَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ لِلتُّهْمَةِ وَقُصُورِ الْحُجَّةِ بِخِلَافِ الْمَأْذُونِ لَهُ لِأَنَّهُ مُسَلَّطٌ عَلَى الْإِقْرَارِ مِنْ جِهَةِ الْمَوْلَى لِأَنَّ الْإِذْنَ بِالتِّجَارَةِ إذْنٌ بِمَا يَلْزَمُهَا وَهُوَ دَيْنُ التِّجَارَةِ بِخِلَافِ الْحَدِّ وَالْقَوَدِ لِأَنَّهُ مُبْقًى عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِمَا لِأَنَّهُمَا مِنْ خَوَاصِّ الْآدَمِيَّةِ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ بِالْحَدِّ وَالْقَوَدِ (فَيُؤْخَذُ بِهِ الْآنَ) وَلَا يُؤَخَّرُ إلَى الْعِتْقِ.
(وَ) كَذَا مَحْجُورٌ أَقَرَّ (بِمَا فِيهِ تُهْمَةٌ كَالْمَالِ) نَظَرًا إلَى أَصْلِ الْآدَمِيَّةِ (فَيُؤَخَّرُ إلَى عِتْقِهِ) رِعَايَةً لِحَقِّ الْمَوْلَى.
(وَلَزِمَ فِي عَلَيَّ مَالٌ دِرْهَمٌ) يَعْنِي لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مَالًا عَادَةً. (وَ) لَزِمَ (فِي) عَلَيَّ (مَالٌ عَظِيمٌ نِصَابٌ فِي مَالِ الزَّكَاةِ وَقَدْرُ النِّصَابِ قِيمَةٌ فِي غَيْرِهِ) أَيْ فِي غَيْرِ مَالِ الزَّكَاةِ يَعْنِي لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِي الْفِضَّةِ وَأَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ مِثْقَالًا فِي الذَّهَبِ وَفِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فِي الْإِبِلِ وَلَا فِي الْأَقَلِّ مِنْ قَدْرِ النِّصَابِ قِيمَةً فِي غَيْرِ مَالِ الزَّكَاةِ لِأَنَّ النِّصَابَ عَظِيمٌ حَتَّى صَارَ صَاحِبُهُ بِهِ غَنِيًّا (وَ) لَزِمَ (فِي) عَلَيَّ (أَمْوَالٌ عِظَامٌ ثَلَاثَةُ) نُصُبٍ مِنْ جِنْسِ مَا سَمَّاهُ اعْتِبَارًا لِأَدْنَى الْجَمْعِ حَتَّى لَوْ قَالَ مِنْ الدَّرَاهِمِ كَانَ سِتَّمِائَةِ دِرْهَمٍ.
(وَفِي دَرَاهِمَ ثَلَاثَةٌ) اعْتِبَارًا لِأَدْنَى الْجَمْعِ (وَفِي دَرَاهِمَ كَثِيرَةٍ عَشَرَةٌ) أَيْ لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله لِأَنَّهَا أَقْصَى مَا يَنْتَهِي إلَيْهِ اسْمُ الْجَمْعِ.
(وَفِي كَذَا دِرْهَمًا) لَزِمَ (دِرْهَمٌ) لِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْمُبْهَمِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ قَاضِي خَانْ لَوْ قَالَ كَذَا دِينَارًا عَلَيْهِ دِينَارَانِ لِأَنَّ كَذَا كِنَايَةٌ عَنْ الْعَدَدِ وَأَقَلُّ الْعَدَدِ اثْنَانِ (وَ) فِي (كَذَا كَذَا دِرْهَمًا) لَزِمَ (أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا) أَيْ لَمْ يُصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْهُ لِأَنَّ كَذَا كِنَايَةٌ عَنْ عَدَدٍ مَجْهُولٍ فَقَدْ أَقَرَّ بِعَدَدَيْنِ مَجْهُولَيْنِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا حَرْفُ الْعِطْفِ وَأَقَلُّ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ لِلْمَجْهُولِ وَأَنَّهُ لَا يُفِيدُ) قَالَ فِي الْكَافِي لِأَنَّ فَائِدَتَهُ الْجَبْرُ عَلَى الْبَيَانِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ (قَوْلُهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ) يَعْنِي مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ هَذَا عَلَى قَوْلِهِمَا لَا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ عِتْقِ الْبَعْضِ وَلَنَا فِيهِ رِسَالَةٌ أَمَّا لَوْ أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ ثُمَّ نَسَبَهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ كَذَا إشَارَةٌ إلَى عَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ كَذَا إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ صَحَّ فِي قَوْلِهِ أَقَرَّ مُكَلَّفٌ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ مَأْذُونٌ لَهُ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ لِلْمُشَارَكَةِ فِي الْحُكْمِ (قَوْلُهُ وَكَذَا مَحْجُورٌ) أَيْ كَذَا صَحَّ إقْرَارُ مَحْجُورٍ إذَا أَقَرَّ بِمَا فِيهِ تُهْمَةٌ كَالْمَالِ نَظَرًا إلَى أَصْلِ الْآدَمِيَّةِ فَيُؤَخَّرُ إلَى عِتْقِهِ رِعَايَةً لِحَقِّ الْمَوْلَى
(قَوْلُهُ يَعْنِي لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِي الْفِضَّةِ وَأَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ مِثْقَالًا فِي الذَّهَبِ) يُرِيدُ بِهِ إذَا فَسَّرَ الْمَالَ الْعَظِيمَ بِالْفِضَّةِ فَقَالَ لَهُ عَلَيَّ مَالٌ عَظِيمٌ مِنْ الْفِضَّةِ لَمْ يُصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَإِنْ قَالَ مِنْ الدَّنَانِيرِ فَالتَّقْدِيرُ بِعِشْرِينَ مِثْقَالًا اهـ.
وَفِي الْعِنَايَةِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْأَصْلِ فِي هَذَا الْفَصْلِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ نِصَابِ السَّرِقَةِ لِأَنَّهُ عَظِيمٌ تُقْطَعُ بِهِ الْيَدُ الْمُحْتَرَمَةُ وَرُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِهِمَا قِيلَ وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَوْلَهُ يُبْنَى عَلَى حَالِ الْمُقِرِّ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى فَإِنَّ الْقَلِيلَ عِنْدَ الْفَقِيرِ عَظِيمٌ وَأَضْعَافُ ذَلِكَ عِنْدَ الْغَنِيِّ لَيْسَ بِعَظِيمٍ وَهُوَ فِي الشَّرْعِ مُتَعَارِضٌ فَإِنَّ الْمِائَتَيْنِ فِي الزَّكَاةِ عَظِيمٌ وَفِي السَّرِقَةِ وَالْمَهْرِ الْعَشَرَةُ عَظِيمَةٌ فَيُرْجَعُ إلَى حَالِهِ ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ وَحَوَاشِي الْهِدَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمَبْسُوطِ (قَوْلُهُ وَلَزِمَ فِي عَلَيَّ أَمْوَالٌ عِظَامٌ ثَلَاثَةُ نُصُبٍ) كَذَا فِي التَّبْيِينِ ثُمَّ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَيَنْبَغِي عَلَى قِيَاسِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهِ حَالُ الْمُقِرِّ كَمَا ذَكَرْنَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَفِي دَرَاهِمَ كَثِيرَةٍ عَشَرَةٌ) أَيْ لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْهَا هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَقَالَا لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْنِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ دَنَانِيرُ كَثِيرَةٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَفِي كَذَا دِرْهَمًا لَزِمَ دِرْهَمٌ. . . إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ مَا فِي الْهِدَايَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا فِي قَاضِي خَانْ إذْ عِنْدَ مُعَارَضَةِ الْفَتَاوَى لِلْمُتُونِ تُقَدَّمُ الْمُتُونُ اهـ.
وَلِذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ لَوْ قَالَ كَذَا دِرْهَمًا دِرْهَمًا لِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْمُبْهَمِ وَذَكَرَ فِي التَّتِمَّةِ وَالذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهِمَا يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ.
وَفِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ قِيلَ يَلْزَمُهُ عِشْرُونَ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ كَذَا يُذْكَرُ لِلْعَدَدِ عُرْفًا وَأَقَلُّ عَدَدٍ غَيْرِ مُرَكَّبٍ يُذْكَرُ بَعْدَهُ الدِّرْهَمُ بِالنَّصْبِ عِشْرُونَ وَلَوْ ذُكِرَ بِالْخَفْضِ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِائَةٌ لِأَنَّهَا أَقَلُّ عَدَدٍ يُذْكَرُ بَعْدَهُ الدِّرْهَمُ بِالْخَفْضِ اهـ
عَدَدَيْنِ كَذَلِكَ مِنْ الْمُفَسَّرِ أَحَدَ عَشَرَ (وَفِي كَذَا وَكَذَا) لَزِمَ (أَحَدٌ وَعِشْرُونَ) أَيْ لَمْ يُصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْهُ لِأَنَّهُ ذَكَرَ عَدَدَيْنِ مُبْهَمَيْنِ بَيْنَهُمَا الْعَطْفُ وَأَقَلُّ ذَلِكَ مِنْ الْمُفَسَّرِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَوُجُوبُ الْأَقَلِّ فِي الْفَصْلَيْنِ لِتَيَقُّنِنَا بِهِ وَالْأَصْلُ فِي الذِّمَمِ الْبَرَاءَةُ (وَلَوْ ثَلَّثَ) أَيْ قَوْلُهُ كَذَا (بِلَا وَاوٍ) بِأَنْ يَقُولَ كَذَا كَذَا كَذَا دِرْهَمًا (فَأَحَدَ عَشَرَ حَمْلًا لِلْوَاحِدِ مِنْهَا عَلَى التَّكْرَارِ) إذْ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَعْدَادٍ بِلَا عَطْفٍ فَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِ الْوَاحِدِ عَلَى التَّكْرَارِ ثُمَّ حَمْلُ الِاثْنَيْنِ عَلَى أَقَلِّ عَدَدٍ يُعْتَادُ التَّعْبِيرُ عَنْهُ بِذِكْرِ عَدَدَيْنِ بِلَا عَاطِفٍ وَهُوَ أَحَدَ عَشَرَ (وَمَعَهَا) أَيْ لَوْ ثَلَّثَ لَفْظَ كَذَا مَعَ الْوَاوِ (فَمِائَةٌ وَاحِدٌ وَعِشْرُونَ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِثَلَاثَةِ أَعْدَادٍ مَعَ الْعَطْفِ وَلَوْ رَبَّعَ) أَيْ قَوْلُهُ كَذَا مَعَ تَثْلِيثِ الْوَاوِ بِأَنْ يَقُولَ كَذَا وَكَذَا وَكَذَا وَكَذَا (زِيدَ أَلْفٌ) عَلَى الْعَدَدِ الَّذِي قَبْلَهُ فَلَزِمَ أَلْفٌ وَمِائَةٌ وَاحِدٌ وَعِشْرُونَ لِأَنَّهُ نَظِيرُهُ (عَلَيَّ أَوْ قِبَلِي إقْرَارٌ بِالدَّيْنِ) يَعْنِي إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِنْ الْمَالِ كَذَا أَوْ قِبَلِي كَانَ إقْرَارًا بِالدَّيْنِ لِأَنَّ عَلَيَّ لِلْإِيجَابِ وَالْإِلْزَامِ وَقِبَلِي يُنْبِئُ عَنْ الضَّمَانِ يُقَالُ قَبِلَ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ أَيْ ضَمِنَ وَسُمِّيَ الْكَفِيلُ قَبِيلًا لِأَنَّهُ ضَامِنٌ لِلْمَالِ (وَإِنْ وَصَلَ بِهِ وَدِيعَةً) أَيْ إنْ قَالَ الْمُقِرُّ بِلَا تَرَاخٍ وَهُوَ وَدِيعَةٌ (صُدِّقَ) لِأَنَّ الْمَضْمُونَ عَلَيْهِ الْحِفْظُ وَالْمَالُ مَحَلُّهُ فَقَدْ ذَكَرَ الْمَحَلَّ وَأَرَادَ الْحَالَّ وَاحْتَمَلَهُ اللَّفْظُ مَجَازًا فَيَصِحُّ مَوْصُولًا لَا مَفْصُولًا (عِنْدِي مَعِي فِي بَيْتِي فِي صُنْدُوقِي فِي كِيسِي إقْرَارٌ بِالْأَمَانَةِ) لِأَنَّ الْكُلَّ إقْرَارٌ بِكَوْنِ الشَّيْءِ فِي يَدِهِ وَذَا يَكُونُ أَمَانَةً لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَضْمُونًا وَقَدْ يَكُونُ أَمَانَةً وَهَذِهِ أَقَلُّهَا (جَمِيعُ مَالِي أَوْ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُهُ لَهُ هِبَةٌ) لَا إقْرَارٌ لِأَنَّ مَالَهُ أَوْ مَا مَلَكَهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ لِآخَرَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَلَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ وَاللَّفْظُ يَحْتَمِلُ الْإِنْشَاءَ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ هِبَةً (يَقْتَضِي التَّسْلِيمَ) إنْ وُجِدَ صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا
(قَوْلُهُ لِمُدَّعِي الْأَلْفِ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي إقْرَارٌ يَعْنِي لَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ (اتَّزِنْهُ أَوْ انْتَقِدْهُ أَوْ أَجِّلْنِي بِهِ أَوْ قَضَيْتُكَهُ أَوْ أَبْرَأْتنِي مِنْهُ أَوْ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَيَّ أَوْ وَهَبْته لِي أَوْ أَحَلْتُك بِهِ عَلَى زَيْدٍ إقْرَارٌ وَبِلَا ضَمِيرٍ لَا) وَقَدْ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ وَالْوِقَايَةِ فِي هَذِهِ الضَّمَائِرِ ضَمِيرُ التَّأْنِيثِ.
وَفِي الْكَافِي وَالْكَنْزِ ضَمِيرُ التَّذْكِيرِ وَلَمَّا لَمْ يَعُدَّ الْقَوْمُ الْأَلْفَ مِنْ الْمُؤَنَّثَاتِ السَّمَاعِيَّةِ اُخْتِيرَ لَهُ التَّذْكِيرُ، أَمَّا كَوْنُ الْأَرْبَعَةِ الْأُولَى إقْرَارًا فَلِأَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ إلَى الْأَلْفِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ مَوْصُوفٌ بِالْوُجُوبِ فَكَأَنَّهُ قَالَ اتَّزِنْ أَوْ انْتَقِدْ أَوْ أَجِّلْ أَوْ قَضَيْتُك الْأَلْفَ الْوَاجِبَ لَك عَلَيَّ حَتَّى لَوْ لَمْ يَذْكُرْ الضَّمِيرَ بِأَنْ قَالَ اتَّزِنْ أَوْ انْتَقِدْ أَوْ أَجِّلْ مَثَلًا لَا يَكُونُ إقْرَارًا إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى انْصِرَافِهِ إلَى الْمَذْكُورِ، وَأَمَّا الْخَامِسُ فَلِأَنَّ دَعْوَى الْإِبْرَاءِ كَالْقَضَاءِ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ إسْقَاطٌ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ فِي مَالٍ وَاجِبٍ عَلَيْهِ، وَأَمَّا السَّادِسُ وَالسَّابِعُ فَلِأَنَّ هَذَا دَعْوَى التَّمْلِيكِ مِنْهُ وَذَا لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ وُجُوبِ الْمَالِ فِي ذِمَّتِهِ، وَأَمَّا الثَّامِنُ فَلِأَنَّ تَحْوِيلَ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ لَا يَكُونُ بِدُونِ الْوُجُوبِ
(وَقَوْلُهُ نَعَمْ إقْرَارٌ) يَعْنِي إذَا قِيلَ لَهُ هَلْ لِي عَلَيْك كَذَا فَقَالَ نَعَمْ يَكُونُ إقْرَارًا لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْجَوَابِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الرَّابِطِ (لَا الْإِيمَاءُ بِرَأْسِهِ بِنَعَمْ فِي جَوَابِ هَلْ لِي عَلَيْك كَذَا) لِأَنَّ الْإِشَارَةَ مِنْ الْأَخْرَسِ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْكَلَامِ لَا مِنْ غَيْرِهِ
(أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ حَالٌّ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) يَعْنِي إذَا أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الدَّيْنِ وَكَذَّبَهُ فِي التَّأْجِيلِ لَزِمَهُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَعْدَادٍ بِلَا عَاطِفٍ) أَيْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ نَظِيرٌ (قَوْلُهُ قِبَلِي إقْرَارٌ بِالدَّيْنِ) هُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِي الدُّيُونِ أَغْلَبُ وَقِيلَ إقْرَارٌ بِالْأَمَانَةِ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُ الدَّيْنَ وَالْأَمَانَةَ وَهِيَ أَقَلُّهُمَا كَمَا فِي الْكَافِي (قَوْلُهُ جَمِيعُ مَالِي أَوْ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُهُ لَهُ هِبَةٌ يَقْتَضِي التَّسْلِيمَ) كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ قَالَ لَهُ مِنْ مَالِي أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا فَهُوَ إقْرَارٌ بِالدَّيْنِ لِأَنَّ هَذَا إقْرَارٌ بِهِبَةٍ مُسَلَّمَةٍ لِأَنَّهُ نَفَى الْحَقَّ فِيهَا وَلَا يَنْقَطِعُ حَقُّهُ عَنْهَا بِالْهِبَةِ بَلْ بِالتَّسْلِيمِ فَيَكُونُ إقْرَارًا بِالتَّسْلِيمِ اهـ.
وَلَوْ لَمْ يُضِفْ الْمَالَ إلَيْهِ بَلْ إلَى يَدِهِ كَانَ إقْرَارَ الْمَالِ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى قَالَ مَا فِي يَدِي مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ مِنْ عَبْدٍ أَوْ غَيْرِهِ لِفُلَانٍ صَحَّ الْإِقْرَارُ لِأَنَّهُ عَامٌّ لَا مَجْهُولٌ انْتَهَى
الدَّيْنُ حَالًّا لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِحَقٍّ عَلَى نَفْسِهِ وَادَّعَى لِنَفْسِهِ فِيهِ حَقًّا فَيُصَدَّقُ فِي الْإِقْرَارِ بِلَا حُجَّةٍ دُونَ الدَّعْوَى كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِعَبْدٍ فِي يَدِهِ أَنَّهُ لِفُلَانٍ اسْتَأْجَرَهُ مِنْهُ فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْمِلْكِ لَا الْإِجَارَةَ (وَلَزِمَ فِي) لَهُ (عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَدَرَاهِمُ) أَيْ إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ وَدِرْهَمٌ لَزِمَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَدِرْهَمٌ (وَ) لَزِمَ (فِي مِائَةٍ وَثَوْبٍ ثَوْبٌ وَيُفَسِّرُ الْمِائَةَ) أَيْ يُرْجَعُ فِي تَفْسِيرِ الْمِائَةِ إلَيْهِ وَالْقِيَاسُ فِي مِائَةٍ وَدِرْهَمٍ كَذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ عَطْفُ مُفَسَّرٍ عَلَى مُبْهَمٍ فِي الْفَصْلَيْنِ وَالْعَطْفُ لَمْ يُوضَعْ لِلْبَيَانِ فَبَقِيَتْ الْمِائَةُ مُبْهَمَةً فِيهِمَا وَلَنَا أَنَّ قَوْلَهُ وَدِرْهَمٌ بَيَانٌ لِلْمِائَةِ عَادَةً لِأَنَّ النَّاسَ اسْتَثْقَلُوا تَكْرَارَ الدَّرَاهِمِ وَاكْتَفَوْا بِذِكْرِهِ مَرَّةً وَهَذَا فِيمَا يَكْثُرُ اسْتِعْمَالُهُ وَهُوَ عِنْدَ كَثْرَةِ الْوُجُوبِ بِكَثْرَةِ أَسْبَابِهِ وَهَذَا فِي الْمُقَدَّرَاتِ كَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ سَلَمًا وَقَرْضًا وَثَمَنًا بِخِلَافِ الثِّيَابِ وَمَا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ فَإِنَّ وُجُوبَهَا لَا يَكْثُرُ فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّ الثِّيَابَ لَا تَثْبُتُ فِيهَا إلَّا فِي السَّلَمِ وَالنِّكَاحِ وَذَا لَا يَكْثُرُ فَبَقِيَ عَلَى الْحَقِيقَةِ (كَذَا وَثَوْبَانِ) أَيْ إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ وَثَوْبَانِ لَزِمَ ثَوْبَانِ وَيُفَسِّرُ الْمِائَةَ (وَفِي الْجَمْعِ) أَيْ إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ وَثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ (كُلُّهَا ثِيَابٌ) لِأَنَّهُ ذَكَرَ عَدَدَيْنِ مُبْهَمَيْنِ أَعْنِي مِائَةً وَثَلَاثَةً وَأَعْقَبَهُمَا تَفْسِيرًا فَانْصَرَفَ إلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي الْحَاجَةِ إلَى التَّفْسِيرِ لَا يُقَالُ الْأَثْوَابُ لَا تَصْلُحُ مُمَيِّزًا لِلْمِائَةِ لِأَنَّهَا لَمَّا اقْتَرَنَتْ بِالثَّلَاثَةِ صَارَا كَعَدَدِ وَاحِدٍ
(وَ) لَزِمَ (فِي عَلَيَّ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَدِينَارٌ وَثَوْبٌ وَنِصْفُ هَذَا الْعَبْدِ وَهَذِهِ الْجَارِيَةُ نِصْفُ كُلٍّ مِنْهَا) لِأَنَّ الْكَلَامَ كُلَّهُ وَقَعَ عَلَى شَيْءٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ أَوْ بِعَيْنِهِ فَيَنْصَرِفُ النِّصْفُ إلَى الْكُلِّ كَأَنَّهُ قَالَ عَلَيَّ نِصْفُ هَذَا وَنِصْفُ هَذَا إلَى آخِرِهِ.
(أَقَرَّ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَدَانِقٍ أَوْ قِيرَاطٍ كَانَ مِنْ الْفِضَّةِ) لِأَنَّ الِاكْتِفَاءَ بِالتَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ شَائِعٌ عِنْدَهُمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا} [الكهف: 25] يَعْنِي مِنْ السِّنِينَ.
(وَ) أَقَرَّ (بِتَمْرٍ فِي قَوْصَرَّةٍ لَزِمَاهُ) أَيْ التَّمْرُ وَالْقَوْصَرَّةُ فَسَّرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ بِقَوْلِهِ غَصَبْت تَمْرًا فِي قَوْصَرَّةٍ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْقَوْصَرَّةَ وِعَاءٌ وَظَرْفٌ لَهُ وَغَصْبُ الشَّيْءِ وَهُوَ مَظْرُوفٌ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ الظَّرْفِ فَيَلْزَمَانِهِ وَكَذَا الطَّعَامُ فِي السَّفِينَةِ وَالْحِنْطَةُ فِي الْجَوَالِقِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ غَصَبْت مِنْ قَوْصَرَّةٍ لِأَنَّ مِنْ لِلِانْتِزَاعِ فَيَكُونُ إقْرَارًا بِغَصْبِ الْمَنْزُوعِ (وَدَابَّةٍ) أَيْ أَقَرَّ بِدَابَّةٍ (فِي إصْطَبْلٍ لَزِمَتْهُ) أَيْ الدَّابَّةُ (فَقَطْ) أَيْ بِلَا إصْطَبْلٍ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَنْقُولِ لَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ (كَذَا الطَّعَامُ فِي الْبَيْتِ) يَعْنِي يَلْزَمُ الطَّعَامُ لَا الْبَيْتُ الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الظَّرْفَ إنْ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَلَ ظَرْفًا حَقِيقَةً يُنْظَرُ فَإِنْ أَمْكَنَ نَقْلُهُ لَزِمَاهُ وَإِلَّا لَزِمَ الْمَظْرُوفُ فَقَطْ عِنْدَهُمَا لِأَنَّ الْغَصْبَ الْمُوجِبَ لِلضَّمَانِ لَا يَتَحَقَّقُ فِي غَيْرِ الْمَنْقُولِ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ لَمْ يُصَدَّقْ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِغَصْبٍ تَامٍّ لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ فَيُحْمَلُ عَلَى الْكَمَالِ.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَزِمَاهُ جَمِيعًا لِأَنَّ غَصْبَ غَيْرِ الْمَنْقُولِ مُتَصَوَّرٌ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ جَعْلُهُ ظَرْفًا حَقِيقَةً لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا الْأَوَّلُ كَقَوْلِهِ دِرْهَمٌ فِي دِرْهَمٍ وَلَمْ يَلْزَمْهُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لَهُ.
. (وَ) أَقَرَّ (بِخَاتَمٍ لَهُ حَلْقَتُهُ وَفَصُّهُ) لِأَنَّ الِاسْمَ يَشْمَلُهُمَا.
(وَ) أَقَرَّ (بِسَيْفٍ لَهُ نَصْلُهُ وَجَفْنُهُ وَحَمَائِلُهُ) لِأَنَّ اسْمَ السَّيْفِ يُطْلَقُ عَلَى الْكُلِّ النَّصْلُ حَدِيدُهُ وَالْجَفْنُ غِمْدُهُ وَالْحَمَائِلُ جَمْعُ الْحِمَالَةِ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَهِيَ عِلَاقَتُهُ. .
(وَ) أَقَرَّ (بِحَجَلَةٍ لَهُ عِيدَانُهَا وَكِسْوَتُهَا) لِإِطْلَاقِ الِاسْمِ عَلَى الْكُلِّ عُرْفًا لِأَنَّهَا بَيْتٌ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَلَزِمَ فِي: عَلَيَّ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَدِينَارٍ. . . إلَخْ)
قَالَ فِي الْمُحِيطِ عَنْ الْمُبْتَغَى وَأَصْلُهُ أَنَّ الْكَلَامَ إذَا كَانَ كُلُّهُ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ أَوْ كَانَ كُلُّهُ عَلَى شَيْءٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَهُوَ كُلُّهُ عَلَى الْإِنْصَافِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا بِعَيْنِهِ وَالْآخَرُ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَالنِّصْفُ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْهُمَا
(قَوْلُهُ فَسَّرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ) وَكَذَا فَسَّرَهُ فِي الْأَصْلِ وَشَرْحُ تَفْسِيرِهِ مَا قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ إنْ أَضَافَ مَا أَقَرَّ بِهِ إلَى فِعْلٍ بِأَنْ قَالَ غَصَبْت مِنْهُ تَمْرًا فِي قَوْصَرَّةٍ لَزِمَهُ التَّمْرُ وَالْقَوْصَرَّةُ وَإِنْ لَمْ يُضِفْهُ إلَى فِعْلٍ بَلْ ذَكَرَهُ ابْتِدَاءً فَقَالَ لَهُ عَلَيَّ تَمْرٌ فِي قَوْصَرَّةٍ فَعَلَيْهِ التَّمْرُ دُونَ الْقَوْصَرَّةِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ قَوْلٌ وَالْقَوْلُ بِتَمْيِيزِهِ الْبَعْضَ دُونَ الْبَعْضِ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْت لَهُ زَعْفَرَانًا فِي سَلَّةٍ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ) أَيْ الْمَظْرُوفَ لَمْ يُصَدَّقْ كَمَا فِي التَّبْيِينِ
يُزَيَّنُ بِالثِّيَابِ وَالْأَسِرَّةِ وَالسُّتُورِ.
. (وَ) أَقَرَّ (بِثَوْبٍ فِي ثَوْبٍ أَوْ فِي مِنْدِيلٍ لَزِمَاهُ) لِأَنَّهُ ظَرْفٌ لَهُ حَقِيقَةٌ وَأَمْكَنَ نَقْلُهُ كَمَا مَرَّ (وَ) أَقَرَّ (بِثَوْبٍ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ لَهُ ثَوْبٌ) عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ أَحَدَ عَشَرَ ثَوْبًا لِأَنَّ النَّفِيسَ مِنْ الثِّيَابِ قَدْ يُلَفُّ فِي عَشَرَةٍ فَأَمْكَنَ جَعْلُهُ ظَرْفًا كَقَوْلِهِ حِنْطَة فِي جَوَالِقَ وَلِأَبِي يُوسُفَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا أَنَّ الْعَشَرَةَ لَا تَكُونُ ظَرْفًا لِوَاحِدٍ عَادَةً وَالْمُمْتَنِعُ عَادَةً كَالْمُمْتَنِعِ حَقِيقَةً.
(وَ) أَقَرَّ (بِخَمْسَةٍ فِي خَمْسَةٍ بِنِيَّةِ الضَّرْبِ لَهُ خَمْسَةٌ) لِأَنَّ أَثَرَ الضَّرْبِ فِي تَكْثِيرِ الْأَجْزَاءِ لَا فِي تَكْثِيرِ الْمَالِ (وَبِنِيَّةِ مَعَ عَشَرَةٍ) أَيْ لَوْ قَالَ أَرَدْت خَمْسَةً مَعَ خَمْسَةٍ لَزِمَهُ عَشَرٌ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر: 29] قِيلَ مَعَ عِبَادِي فَإِذَا احْتَمَلَهُ اللَّفْظُ وَلَوْ مَجَازًا وَنَوَاهُ صَحَّ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ فِيهِ تَشْدِيدٌ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ
(وَفِي مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ أَوْ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ تِسْعَةٌ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ وَقَالَ زُفَرُ يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ جَعَلَ الدِّرْهَمَ الْأَوَّلَ وَالْآخِرَ حَدًّا وَالْحَدُّ لَا يَدْخُلُ فِي الْمَحْدُودِ وَلَهُمَا أَنَّ الْغَايَةَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَوْجُودَةً إذْ الْمَعْدُومُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَدًّا لِلْمَوْجُودِ وَوُجُودُهُ بِوُجُوبِهِ فَيَدْخُلُ الْغَايَتَانِ، وَلَهُ أَنَّ الْغَايَةَ لَا تَدْخُلُ فِي الْمُغَيَّا لِأَنَّ الْحَدَّ يُغَايِرُ الْمَحْدُودَ لَكِنْ هُنَا لَا بُدَّ مِنْ إدْخَالِ الْأُولَى لِأَنَّ الدِّرْهَمَ الثَّانِي وَالثَّالِثَ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ الْأَوَّلِ فَدَخَلَتْ الْغَايَةُ الْأُولَى ضَرُورَةً وَلَا ضَرُورَةَ فِي الثَّانِيَةِ (وَفِي مِنْ دَارِي مَا بَيْنَ هَذَا الْحَائِطِ إلَى هَذَا الْحَائِطِ مَا بَيْنَهُمَا) لِمَا ذُكِرَ أَنَّ الْغَايَةَ لَا تَدْخُلُ فِي الْمُغَيَّا.
(أَقَرَّ بِالْحَمْلِ) أَيْ حَمْلِ جَارِيَةٍ أَوْ حَمْلِ شَاةٍ لِرَجُلٍ (صَحَّ) إقْرَارُهُ وَيَلْزَمُهُ لِأَنَّ لَهُ وَجْهًا صَحِيحًا وَهُوَ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى بِهِ لِرَجُلٍ وَمَاتَ الْمُوصِي فَيُقِرُّ وَارِثُهُ لِلْمُوصَى لَهُ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ بَيَّنَ سَبَبًا صَالِحًا أَوْ لَا (وَلَهُ) أَيْ أَقَرَّ لِلْحَمْلِ صَحَّ أَيْضًا لَكِنْ لَا مُطْلَقًا بَلْ (إنْ بَيَّنَ سَبَبًا صَالِحًا كَإِرْثٍ وَوَصِيَّةٍ) بِأَنْ قَالَ مَاتَ أَبُوهُ فَوَرِثَهُ أَوْ أَوْصَى بِهِ لَهُ فُلَانٌ فَالْإِقْرَارُ بِهِ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ بَيَّنَ سَبَبًا صَالِحًا لَوْ عَايَنَّاهُ حَكَمْنَا بِهِ فَكَذَا إذَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ إنْ وُجِدَ السَّبَبُ الصَّالِحُ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْمُقَرِّ بِهِ عِنْدَ الْإِقْرَارِ أَوْ مُحْتَمِلًا؛ وَذَلِكَ بِأَنْ تَضَعَهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُذْ مَاتَ الْمُوَرِّثُ أَوْ الْمُوصِي إذَا كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْفِرَاقِ إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً (فَإِنْ وَلَدَتْ حَيًّا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (أَوْ مِنْ سَنَتَيْنِ) فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (فَلَهُ مَا أَقَرَّ لِوُجُودِهِ) فِي الْبَطْنِ حَيْثُ مَاتَ الْمُوَرِّثُ أَوْ الْمُوصِي (أَوْ مَيِّتًا) أَيْ إنْ وَلَدَتْهُ مَيِّتًا (فَلِلْمُوصِي وَالْمُوَرِّثِ) أَيْ يَرُدُّ الْمَالَ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي وَالْمُوَرِّثِ لِأَنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ فِي الْحَقِيقَةِ لَهُمَا وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ إلَى الْجَنِينِ بَعْدَ وِلَادَتِهِ وَلَمْ يَنْتَقِلْ فَيَكُونُ لِوَرَثَتِهِمَا (أَوْ) وَلَدَتْ (حَيَّيْنِ فَلَهُمَا) مَا أَقَرَّ نِصْفَيْنِ إنْ كَانَا ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى فَفِي الْوَصِيَّةِ كَذَلِكَ وَفِي الْمِيرَاثِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (وَإِنْ بَيَّنَ بِغَيْرِ صَالِحٍ) لِلسَّبَبِيَّةِ (كَبَيْعٍ وَإِقْرَاضٍ وَهِبَةٍ) بِأَنْ قَالَ الْحَمْلُ بَاعَ مِنِّي أَوْ أَقْرَضَنِي أَوْ وَهَبَ لِي (أَوْ أَبْهَمَ الْإِقْرَارَ) وَلَمْ يُبَيِّنْ سَبَبًا بِأَنْ قَالَ عَلَيَّ لِحَمْلِ فُلَانَةَ كَذَا (لَغَا) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ بَيَّنَ مُسْتَحِيلًا لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِمَا مِنْ الْجَنِينِ لَا حَقِيقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا حُكْمًا لِأَنَّهُ لَا يُوَلَّى عَلَيْهِ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ مُطْلَقَ الْإِقْرَارِ يَنْصَرِفُ إلَى الْإِقْرَارِ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ وَلِهَذَا حُمِلَ إقْرَارُ الْمَأْذُونِ وَأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَوَّلًا) كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ آخِرًا كَقَوْلِ مُحَمَّدٍ فَيَلْزَمُهُ أَحَدَ عَشَرَ ثَوْبًا وَمَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ مَنْقُوضٌ بِمَا إذَا قَالَ غَصَبْت كِرْبَاسًا فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ حَرِيرٍ يَلْزَمُهُ الْكُلُّ عِنْدَهُ مَعَ أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ عُرْفًا كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْ التَّبْيِينِ وَقَالَ قَاضِي زَادَهْ عَنْ النِّهَايَةِ إلَيْهِ أَشَارَ فِي الْمَبْسُوطِ (قَوْله لِأَنَّ أَثَرَ الضَّرْبِ فِي تَكْثِيرِ الْأَجْزَاءِ) أَيْ لِإِزَالَةِ الْكَسْرِ لَا فِي تَكْثِيرِ الْمَالِ لِأَنَّ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَزْنًا وَإِنْ جُعِلَتْ أَلْفَ جُزْءٍ لَا يُزَادُ فِيهَا قِيرَاطٌ (قَوْلُهُ وَبِنِيَّةِ مَعَ عَشَرَةٌ) قَالَ قَاضِي زَادَهْ وَلَوْ أَرَادَ بِفِي مَعْنَى عَلَى لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْكِتَابِ وَالْمَبْسُوطِ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ حُكْمُهُ كَحُكْمِ فِي، فَإِذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ فِي عَشَرَةٍ ثُمَّ قَالَ عَنَيْت بِهِ عَلَى عَشَرَةٍ أَوْ قَالَ عَنَيْت بِهِ الضَّرْبَ لَزِمَتْهُ عَشَرَةٌ عِنْدَ عُلَمَائِنَا. اهـ.
(قَوْلُهُ وَمِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ مِنْ التَّعْلِيلِ) قَالَ قَاضِي زَادَهْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْغَايَةِ الْأُولَى اسْتِحْسَانٌ وَفِي الْغَايَةِ الثَّانِيَةِ قِيَاسٌ وَمَا قَالَا فِي الْغَايَتَيْنِ اسْتِحْسَانٌ وَمَا قَالَهُ زُفَرُ فِيهِمَا قِيَاسٌ كَذَا فِي مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ (قَوْلُهُ وَمِنْ دَارِي. . . إلَخْ) ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ مُعَلَّلًا كَمَا هُنَا وَعَلَّلَهُ فِي الْبُرْهَانِ بِقَوْلِهِ لَزِمَهُ مَا بَيْنَهُمَا فَقَطْ دُونَ الْحَائِطَيْنِ لِقِيَامِهِمَا بِأَنْفُسِهِمَا
(قَوْلُهُ أَوْ حَمْلَ شَاةٍ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ يُعْلَمُ وُجُودُ حَمْلِ الشَّاةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْبَهَائِمِ بِأَدْنَى مُدَّةٍ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْمُقَرِّ بِهِ عِنْدَ الْإِقْرَارِ) صَوَابُهُ الْمُقَرِّ لَهُ بِاللَّامِ (قَوْلُهُ أَوْ أَبْهَمَ الْإِقْرَارَ وَلَمْ يُبَيِّنْ سَبَبًا بِأَنْ قَالَ لِحَمْلِ فُلَانٍ كَذَا لَغَا) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ لِلْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَ صُوَرٍ: إمَّا أَنْ يُبْهِمَ الْإِقْرَارَ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ وَإِمَّا أَنْ يُبَيِّنَ سَبَبًا صَالِحًا فَيَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِمَّا أَنْ يُبَيِّنَ سَبَبًا غَيْرَ صَالِحٍ فَلَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ اهـ.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ قَدْ تَقَدَّمَ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ فِي الْإِقْرَارِ بِالْمَجْهُولِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ