الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَشْرُوعِيَّةِ الْوَصْفِ وَهُوَ عَيْنُ الْفَسَادِ فَالدَّلِيلُ يُفِيدُ خِلَافَ الْمُدَّعَى؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى صِحَّةُ الْبَيْعِ وَالدَّلِيلُ يُفِيدُ فَسَادَهُ بَلْ الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَالَ صَاحِبُ الْمَجْمَعِ فِي الْبَدَائِعِ إنَّ الْغَايَةَ عِنْدَنَا مِنْ قَبِيلِ الْإِشَارَةِ لَا الْمَفْهُومِ، أَوْ عَلَى مَا قَالَ صَاحِبُ التَّلْوِيحِ فِي بَحْثِ الْمُعَارَضَةِ وَالتَّرْجِيحِ إنَّ مَفْهُومَ الْغَايَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَ) صَحَّ بَيْعُ (ثَمَرَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا) ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ مُتَقَوِّمٌ حَالًا أَوْ مَآلًا (وَلَزِمَ) عَلَى الْمُشْتَرِي (قَطْعُهَا) إذَا اشْتَرَاهَا مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ الْقَطْعِ (وَشَرْطُ إبْقَائِهَا) عَلَى الشَّجَرِ حَالَ الْبَيْعِ (يُفْسِدُهُ) لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَفِيهِ نَفْعٌ لِلْمُشْتَرِي (وَجَدَهُ) أَيْ الثَّمَنَ (زُيُوفًا لَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُ السِّلْعَةِ وَحَبْسُهَا بِهِ) أَيْ بِالثَّمَنِ يَعْنِي إذَا بَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ فَلَهُ حَقُّ حَبْسِهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ ثَمَنَهَا، فَإِنْ سَلَّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي بَطَلَ حَقُّهُ فِي الْحَبْسِ وَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْجَاعُ السِّلْعَةِ، وَإِنَّمَا لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالثَّمَنِ فَلَوْ قَبَضَ الثَّمَنَ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ، ثُمَّ وَجَدَ الثَّمَنَ زُيُوفًا لَمْ يَكُنْ لَهُ اسْتِرْجَاعُ السِّلْعَةِ، وَإِنَّمَا لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِحَقِّهِ.
وَقَالَ زُفَرُ لَهُ ذَلِكَ (قَبَضَ زُيُوفًا بَدَلَ الْجِيَادِ) يَعْنِي كَانَ لَهُ عَلَى آخَرَ دَرَاهِمُ جِيَادٍ فَاسْتَوْفَى زُيُوفًا عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا جِيَادٌ فَأَتْلَفَهَا (ثُمَّ عَلِمَ) أَنَّهَا زُيُوفٌ (إنْ كَانَتْ قَائِمَةً يَرُدُّهَا وَيَسْتَرِدُّ الْجِيَادَ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَائِمَةً سَوَاءٌ كَانَتْ هَالِكَةً أَوْ مُسْتَهْلَكَةً (فَلَا) أَيْ لَا يَرُدُّ وَلَا يَسْتَرِدُّ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَرُدُّ مِثْلَ الزُّيُوفِ وَيَرْجِعُ بِالْجِيَادِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ بِالنُّقْصَانِ بَاطِلٌ لِاسْتِلْزَامِهِ الرِّبَا، وَلَا وَجْهَ لِإِبْطَالِ حَقِّهِ فِي الْجَوْدَةِ لِعَدَمِ رِضَاهُ فَكَانَ النَّظَرُ فِيمَا عَيَّنَاهُ، وَلَهُمَا أَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ حَصَلَ بِقَبْضِ جِنْسِ حَقِّهِ، وَبَعْدَ الْعِلْمِ حَقُّهُ فِي فَسْخِ ذَلِكَ الْقَضَاءِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ لِهَلَاكِ مَا بِهِ حَصَلَ الْقَضَاءُ إنَّمَا قَالَ زُيُوفًا؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ رَصَاصًا أَوْ سَتُّوقَةً تُرَدُّ اتِّفَاقًا، وَإِنَّمَا قَالَ ثُمَّ عَلِمَ لِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ عِنْدَ الْقَبْضِ أَنَّهَا سَتُّوقَةٌ سَقَطَ حَقُّهُ (اشْتَرَى شَيْئًا وَقَبَضَهُ وَمَاتَ مُفْلِسًا قَبْلَ نَقْدِ ثَمَنِهِ فَالْبَائِعُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ) يَعْنِي اشْتَرَى شَيْئًا وَقَبَضَهُ وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ حَتَّى مَاتَ مُفْلِسًا فَالْبَائِعُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ يَقْتَسِمُونَهُ وَلَا يَكُونُ الْبَائِعُ أَحَقَّ بِهِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ هُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ قَبَضَهُ إذْ لَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ فَالْبَائِعُ أَحَقُّ بِهِ اتِّفَاقًا.
(بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ وَالتَّعْيِينِ)
اعْلَمْ أَنَّ الْبَيْعَ تَارَةً يَكُونُ لَازِمًا وَأُخْرَى غَيْرَ لَازِمٍ، وَاللَّازِمُ مَا لَا خِيَارَ فِيهِ بَعْدَ وُجُودِ شَرَائِطِهِ وَغَيْرُ اللَّازِمِ مَا فِيهِ الْخِيَارُ وَلِكَوْنِ اللَّازِمِ أَقْوَى قَدَّمَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ خِيَارَ الشَّرْطِ وَالتَّعْيِينِ وَأَرَادَ بِالْأَوَّلِ أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدُ مُخَيَّرًا بَيْنَ قَبُولِ أَصْلِ الْعَقْدِ وَرَدِّهِ وَأَرَادَ بِالثَّانِي أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدَ الشَّيْئَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةِ عَلَى أَنْ يُعَيِّنَ أَيًّا شَاءَ وَقَدَّمَهُمَا عَلَى بَاقِي الْخِيَارَاتِ؛ لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ ابْتِدَاءَ الْحُكْمِ، ثُمَّ ذَكَرَ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ تَمَامَ الْحُكْمِ وَأَخَّرَ خِيَارَ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ لُزُومَ الْحُكْمِ، وَخِيَارُ الشَّرْطِ أَنْوَاعٌ: فَاسِدٌ وِفَاقًا كَمَا إذَا قَالَ اشْتَرَيْتُ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ أَوْ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ أَيَّامًا أَوْ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ أَبَدًا، وَجَائِزٌ وِفَاقًا وَهُوَ أَنْ يَقُولَ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهَا، وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ فَإِنَّهُ فَاسِدٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ وَجَائِزٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ (جَازَ) أَيْ خِيَارُ الشَّرْطِ (لِلْمُتَبَايِعَيْنِ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (مَعًا) فَلَا يُوجَدُ الْبَيْعُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ فَأَتْلَفَهَا) لَفْظَةٌ زَائِدَةٌ بِحَذْفِهَا تَسْتَقِيمُ الْعِبَارَةُ إذْ لَا يَصِحُّ مَعَهَا قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً يَرُدُّهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ رَدُّ الْمُتْلَفِ.
[بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ وَالتَّعْيِينِ]
(قَوْلُهُ وَأَرَادَ بِالْأَوَّلِ أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدُ مُخَيَّرًا بَيْنَ قَبُولِ الْعَقْدِ وَرَدِّهِ) أَقُولُ وَهُوَ مَوْضُوعٌ لِلْفَسْخِ عِنْدَنَا لَا الْإِجَازَةِ فَإِذَا فَاتَ الْفَسْخُ لَزِمَ الْعَقْدُ.
وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْإِجَازَةِ فَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ فَاتَتْ الْإِجَازَةُ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ وَقَدَّمَهُمَا عَلَى بَاقِي الْخِيَارَاتِ؛ لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ ابْتِدَاءَ الْحُكْمِ) أَقُولُ هَذَا مُسَلَّمٌ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ أَمَّا خِيَارُ التَّعْيِينِ فَمَنْعُ الْحُكْمِ ابْتِدَاءً فِيهِ فَفِيهِ نَظَرٌ إذْ حَدُّ مَا فِيهِ التَّعْيِينُ غَيْرُ مَمْنُوعِ الْحُكْمِ، غَايَتُهُ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي بَيَانِ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْعَقْدِ خِيَارُ الشَّرْطِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ.
وَقَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ هُوَ الصَّحِيحُ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِلُزُومِ خِيَارِ الشَّرْطِ فِيهِ كَمَا هُوَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ هُوَ الصَّحِيحُ فَمُسَلَّمٌ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ فَاسِدٌ اتِّفَاقًا كَمَا إذَا قَالَ اشْتَرَيْت عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ) أَقُولُ يُخَالِفُ هَذَا مَا فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ اشْتَرَى شَيْئًا فَقَبَضَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ الْبَائِعُ بَعْدَ أَيَّامٍ أَنْتَ بِالْخِيَارِ فَلَهُ الْخِيَارُ مَا دَامَ فِي الْمَجْلِسِ وَيَكُونُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ لَك إقَالَةُ هَذَا الْبَيْعِ اهـ ثُمَّ قَالَ اشْتَرَى شَيْئًا وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يُؤَقِّتْ كَانَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ أَيَّامًا) أَقُولُ مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ أَيَّامًا يَكُونُ عَلَى ثَلَاثَةٍ أَنْ يَصِحَّ وَيُصْرَفَ إلَيْهَا تَصْحِيحًا لِكَلَامِ الْعَاقِلِ وَصَرْفًا عَنْ إلْغَائِهِ وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ فَلَا يُوجَدُ الْبَيْعُ مَا لَمْ يَرْضَيَا) أَقُولُ لَوْ قَالَ فَلَمْ يَلْزَمْ الْبَيْعُ مَا لَمْ يَرْضَيَا لَكَانَ أَوْلَى فَتَأَمَّلْ.
مَا لَمْ يَرْضَيَا (وَلِأَحَدِهِمَا وَلِغَيْرِهِمَا) كَمَا سَيَأْتِي (إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) أَيْ إلَى آخِرِهَا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِحِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ «إذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ وَلِيَ الْخِيَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَهُوَ اللُّزُومُ فَيَكُونُ مُفْسِدًا لَهُ لَكِنَّهُ جُوِّزَ بِهَذَا النَّصِّ الدَّالِ عَلَى الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِلَفْظِ بَايَعْت عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ (لَا أَكْثَرَ) ، وَقَالَا يَجُوزُ إذَا سَمَّى مُدَّةً مَعْلُومَةً (وَإِنْ أَجَازَ) أَيْ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بَعْدَ الْعَقْدِ إلَى أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (فِيهَا) أَيْ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (جَازَ) الْبَيْعُ لِزَوَالِ الْمُفْسِدِ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ (إنْ شَرَى) لَمْ يَذْكُرْهُ بِالْفَاءِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْوِقَايَةِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ صُوَرِ خِيَارِ الشَّرْطِ حَقِيقَةً لِيَتَفَرَّعَ عَلَيْهِ بَلْ أَوْرَدَهُ عَقِيبَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِهِ مَعْنًى (عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ صَحَّ وَإِلَى أَكْثَرَ لَا إلَّا أَنْ يَنْقُدَهُ فِي الثَّلَاثَةِ) قَالُوا لِأَنَّ هَذَا فِي مَعْنَى اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ إذْ الْحَاجَةُ مَسَّتْ إلَى الِانْفِسَاخِ عِنْدَ عَدَمِ النَّقْدِ تَحَرُّزًا عَنْ الْمُمَاطَلَةِ فِي الْفَسْخِ فَيَكُونُ مُلْحَقًا بِهِ أَقُولُ يَرِدُ عَلَى ظَاهِرِهِ أَنَّك قَدْ عَرَفْت أَنَّ النَّصَّ الْوَارِدَ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ مُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ أَنَّ مَا ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَغَيْرُهُ عَلَيْهِ لَا يُقَاسُ، وَدَفَعَهُ أَنَّ الْمُقَرَّرَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ عَدَمُ جَوَازِ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ عَلَى مَا ثَبَتَ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ الْخَفِيِّ إذْ قَدْ تَقَرَّرَ فِيهَا أَيْضًا جَوَازُ إلْحَاقِ حُكْمٍ ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ بِغَيْرِهِ بِطَرِيقِ دَلَالَةِ النَّصِّ وَبِطَرِيقِ الِاسْتِحْسَانِ الَّذِي هُوَ الْقِيَاسُ الْخَفِيُّ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُحْتَمَلٌ هَاهُنَا كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى النَّاظِرِ الْمُتَأَمِّلِ.
(وَلَا يَخْرُجُ الْمَبِيعُ بِخِيَارِ الْبَائِعِ عَنْ مِلْكِهِ) لِأَنَّ تَمَامَ هَذَا السَّبَبِ بِالْمُرَاضَاةِ وَلَا يَتِمُّ مَعَ الْخِيَارِ، وَلِهَذَا لَوْ أَعْتَقَهُ الْبَائِعُ نَفَذَ وَلَا يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي التَّصَرُّفَ فِيهِ، وَإِنْ قَبَضَهُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ (فَإِنْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي فَهَلَكَ) فِي يَدِهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ (ضَمِنَ قِيمَتَهُ) لِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ بِالْهَلَاكِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَوْقُوفًا وَلَا نَفَاذَ بِدُونِ الْمَحَلِّ فَبَقِيَ مَقْبُوضًا فِي يَدِهِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَفِيهِ الْقِيمَةُ، وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ هَلَكَ عَلَيْهِ وَانْفَسَخَ الْبَيْعُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ (وَيَخْرُجُ) الْمَبِيعُ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ (بِخِيَارِ الْمُشْتَرِي) يَعْنِي إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ يَخْرُجُ الْمَبِيعُ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ لِلُزُومِ الْبَيْعِ فِي جَانِبِهِ بِانْتِفَاءِ الْخِيَارِ (فَإِنْ هَلَكَ) الْمَبِيعُ (عِنْدَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (ضَمِنَ الثَّمَنَ) فَإِنَّ الْهَلَاكَ لَا يَخْلُو عَنْ مُقَدِّمَةِ عَيْبٍ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا دَخَلَهُ عَيْبٌ يَمْتَنِعُ الرَّدُّ وَإِذَا امْتَنَعَ لَزِمَ الْعَقْدُ وَتَمَّ فَيَلْزَمُ الثَّمَنُ الْمُسَمَّى بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ إذَا كَانَ لَهُ يَهْلِكُ، وَالْبَيْعُ مَوْقُوفٌ كَمَا مَرَّ فَيَلْزَمُ الْقِيمَةُ (وَلَا يَمْلِكُهُ) أَيْ لَا يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ، وَقَالَا يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ فَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي كَانَ مِلْكًا بِلَا مَالِكٍ وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي الشَّرْعِ، وَلَهُ أَنَّ الثَّمَنَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فَلَوْ دَخَلَ الْمَبِيعُ فِي مِلْكِهِ لَاجْتَمَعَ الْبَدَلَانِ فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَاحِدٍ حُكْمًا بِالْمُعَاوَضَةِ وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي الشَّرْعِ، وَرُجِّحَ هَذَا بِأَنَّ الْخِيَارَ إنَّمَا شُرِعَ نَظَرًا لِلْمُشْتَرِي لِيَتَرَوَّى فَيَقِفُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ فَلَوْ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ رُبَّمَا كَانَ عَلَيْهِ لَا لَهُ بِأَنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَرِيبَهُ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ (وَلَهُ) أَيْ لِعَدَمِ تَمَلُّكِ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ (فُرُوعٌ: الْأَوَّلُ لَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بَقِيَ النِّكَاحُ) لِعَدَمِ مِلْكِ الْيَمِينِ الْمُزِيلِ لَهُ (الثَّانِي إنْ وَطِئَهَا) أَيْ وَطِئَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ زَوْجَتَهُ (جَازَ لَهُ رَدُّهَا) ؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَإِنْ أَجَازَ فِيهَا جَازَ الْبَيْعُ لِزَوَالِ الْمُفْسِدِ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ) أَقُولُ هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ أَصْحَابِنَا فَإِنَّ عِنْدَهُمْ يَنْعَقِدُ فَاسِدًا ابْتِدَاءً إذْ الظَّاهِرُ دَوَامُ الشَّرْطِ وَعِنْدَ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَفَخْرِ الْإِسْلَامِ وَالْخُرَاسَانِيِّينَ يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا وَبِالْإِسْقَاطِ قِيلَ الرَّابِعُ يَنْعَقِدُ صَحِيحًا وَهَذَا أَوْجَهُ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَذَكَرَ وَجْهَهُ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَخْرُجُ الْمَبِيعُ بِخِيَارِ الْبَائِعِ وَيَخْرُجُ بِخِيَارِ الْمُشْتَرِي. . . إلَخْ) أَقُولُ هَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْخِيَارِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا جَمِيعًا فَلَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْعَقْدِ أَصْلًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، ثُمَّ قَالَ وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُمَا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا لَزِمَ الْبَيْعُ مِنْ جَانِبِهِ وَالْآخَرُ عَلَى خِيَارِهِ اهـ
بِالنِّكَاحِ لَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ لِيَمْتَنِعَ الرَّدُّ (إلَّا فِي الْبِكْرِ) لِأَنَّهُ تَعْيِيبٌ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُبْطِلُ الرَّدَّ (الثَّالِثُ إنْ اشْتَرَى قَرِيبَهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ فِي الْمُدَّةِ) لِعَدَمِ الْمِلْكِ فِيهَا وَالْعِتْقُ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ (الرَّابِعُ كَذَا) أَيْ لَا يَعْتِقُ أَيْضًا (مَنْ شَرَاهُ قَائِلٌ إنْ مَلَكْتُ عَبْدًا فَهُوَ حُرٌّ) لِعَدَمِ وُقُوعِ الشَّرْطِ (الْخَامِسُ حَيْضُهَا فِي الْمُدَّةِ لَا يُعَدُّ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ وَلَمْ يَثْبُتْ (السَّادِسُ إنْ رُدَّتْ الْأَمَةُ الْمُشْتَرَاةُ بِهِ) أَيْ بِالْخِيَارِ (عَلَى الْبَائِعِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ) إذْ لَمْ يَمْلِكْهَا الْمُشْتَرِي لِيَتَجَدَّدَ الْمِلْكُ فَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ (السَّابِعُ مَنْ وَلَدَتْ فِي الْمُدَّةِ بِالنِّكَاحِ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ) يَعْنِي إنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بِالْخِيَارِ فَوَلَدَتْ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فِي يَدِ الْبَائِعِ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْمُشْتَرِي فَيَمْلِكُ الرَّدَّ، وَإِنَّمَا قُلْنَا فِي يَدِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ وَلَدَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَزِمَ الْبَيْعُ وَيَبْطُلُ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ عَيْبٌ (الثَّامِنُ أَنَّهُ) أَيْ الْمَبِيعَ بِالْخِيَارِ (يَهْلِكُ عَلَى الْبَائِعِ إنْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِهِ وَأَوْدَعَهُ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْبَائِعِ لِارْتِفَاعِ الْقَبْضِ بِالرَّدِّ لِعَدَمِ الْمِلْكِ (التَّاسِعُ بَقِيَ خِيَارُ مَأْذُونٍ شَرَى وَأَبْرَأَهُ بَائِعُهُ عَنْ ثَمَنِهِ فِي الْمُدَّةِ) أَيْ إنْ اشْتَرَى عَبْدٌ مَأْذُونٌ شَيْئًا بِالْخِيَارِ وَأَبْرَأَهُ بَائِعُهُ عَنْ ثَمَنِهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بَقِيَ خِيَارُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَمْلِكْهُ كَانَ رَدُّهُ فِي الْمُدَّةِ امْتِنَاعًا عَنْ التَّمَلُّكِ وَلِلْمَأْذُونِ وِلَايَةُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ إذَا وُهِبَ لَهُ شَيْءٌ فَلَهُ وِلَايَةُ أَنْ لَا يَقْبَلَهُ (الْعَاشِرُ بَطَلَ شِرَاءُ ذِمِّيٍّ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا بِالْخِيَارِ إنْ أَسْلَمَ) لِئَلَّا يَتَمَلَّكَهَا مُسْلِمًا بِإِسْقَاطِ خِيَارِهِ.
(وَمَنْ لَهُ الْخِيَارُ) سَوَاءً كَانَ بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا أَوْ أَجْنَبِيًّا فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ وَلَهُ أَنْ يُجِيزَ، فَإِذَا أَرَادَ الْإِجَازَةَ (يُجِيزُ بِلَا عِلْمِ صَاحِبِهِ وَلَا يَنْقُضُ بِدُونِهِ) أَيْ بِدُونِ عِلْمِهِ، وَلَوْ كَانَ غَائِبًا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ لَهُ النَّقْضُ أَيْضًا بِدُونِهِ كَالْإِجَازَةِ وَلِأَنَّهُ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِهِ، وَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُ كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيمَا وُكِّلَ بِهِ بِلَا عِلْمِ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ مُسَلَّطٌ مِنْ قِبَلِهِ، وَلَهُمَا أَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي حَقِّ الْغَيْرِ بِالرَّفْعِ وَلَا يَعْرَى عَنْ الضَّرَرِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ إنْ كَانَ لِلْبَائِعِ جَازَ أَنْ يَعْتَمِدَ الْمُشْتَرِي تَمَامَ الْعَقْدِ فَيَتَصَرَّفَ فِيهِ فَيَلْزَمَهُ غَرَامَةُ الْقِيمَةِ بِهَلَاكِ الْمَبِيعِ، وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي جَازَ أَنْ لَا يَطْلُبَ الْبَائِعُ لِسِلْعَتِهِ مُشْتَرِيًا وَهَذَا نَوْعُ ضَرَرٍ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمِهِ كَعَزْلِ الْوَكِيلِ بِخِلَافِ الْإِجَازَةِ إذْ لَا إلْزَامَ فِيهَا مَعَ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لَهُ فِيهَا، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِهِ، كَيْفَ وَهُوَ بِنَفْسِهِ لَا يَمْلِكُ النَّقْضَ، وَإِنَّمَا يُنْقَضُ لِكَوْنِ الْعَقْدِ غَيْرَ لَازِمٍ وَعُورِضَ بِأَنَّ مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ إلْزَامِ الضَّرَرِ، وَإِنْ دَلَّ عَلَى اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ وَلَكِنْ عِنْدَنَا مَا يَنْفِيهِ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِالنَّقْضِ لَرُبَّمَا اخْتَفَى مَنْ لَيْسَ لَهُ الْخِيَارُ إلَى مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَيَلْزَمُ الْبَيْعُ أُجِيبَ بِأَنَّهُ ضَرَرٌ مَرَضِيٌّ بِهِ مِنْهُ حَيْثُ تَرَكَ الِاسْتِيثَاقَ بِأَخْذِ الْكَفِيلِ مَخَافَةَ الْغَيْبَةِ (وَإِنْ نَقَضَ الْعَقْدَ) مَنْ لَهُ الْخِيَارُ (فَلَوْ عَلِمَهُ) أَيْ عَلِمَ الْآخَرُ النَّقْضَ (فِي الْمُدَّةِ انْتَقَضَ) الْعَقْدُ لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فِي الْمُدَّةِ بَلْ بَعْدَهَا (تَمَّ الْعَقْدُ) لِمُضِيِّ الْمُدَّةِ قَبْلَ الْفَسْخِ.
(وَلَا يُورَثُ هَذَا) أَيْ خِيَارُ الشَّرْطِ بِمَعْنَى أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ بِفَسْخِ الْوَارِثِ كَمَا كَانَ يَنْفَسِخُ بِفَسْخِ الْمُوَرِّثِ حَالَ حَيَاتِهِ، فَإِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَمَاتَ مَلَكَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَلَا يُنَازِعُهُ وَارِثُ الْبَائِعِ، وَإِذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي وَمَاتَ مَلَكَ وَارِثُ الْمُشْتَرِي بِلَا خِيَارٍ، فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَمْلِكُهُ الْوَارِثُ وَالْمُوَرِّثُ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا؟ قُلْت الْعَقْدُ الْمُوجِبُ لِلْمِلْكِ كَانَ مَوْجُودًا فِي حَقِّهِ وَلَكِنَّ الْخِيَارَ كَانَ مَانِعًا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ إلَّا فِي الْبِكْرِ) يَعْنِي إذَا كَانَتْ عَذْرَاءَ فَأَزَالَ عُذْرَتَهَا.
(قَوْلُهُ وَلَا يُنْقَضُ بِدُونِهِ أَيْ بِدُونِ عِلْمِهِ) أَقُولُ هَذَا إذَا نُقِضَ بِالْقَوْلِ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ لَهُ النَّقْضُ أَيْضًا بِدُونِهِ) أَقُولُ مَحَلُّ الِاخْتِلَافِ فِي النَّقْضِ بِالْقَوْلِ أَمَّا النَّقْضُ بِالْفِعْلِ كَالْبَيْعِ وَالْعِتْقِ وَتَوَابِعِهِ وَالْوَطْءِ وَدَوَاعِيهِ بِشَهْوَةٍ ضِمْنِيٌّ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ مَعَ غَيْبَةِ الْآخَرِ كَمَا فِي السِّرَاجِ وَالْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِهِ) الْوَاوُ تَقْتَضِي مَعْطُوفًا عَلَيْهِ وَلَيْسَ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَمْ تَثْبُتْ وَهِيَ سَالِمَةٌ مِنْ الِاعْتِرَاضِ فَتَأَمَّلْ.
فَإِذَا بَطَلَ الْخِيَارُ فِي حَقِّ الْوَارِثِ ظَهَرَ أَثَرُ الْمُوجِبِ لِلْمِلْكِ فَتَدَبَّرْ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُورَثُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ الْبَيْعِ كَخِيَارِ الْعَيْبِ وَالتَّعْيِينِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ الْخِيَارُ وَهُوَ مَنْ لَا خِيَارَ لَهُ يَبْقَى الْخِيَارُ، وَلَنَا أَنَّ الْإِرْثَ فِيمَا يَقْبَلُ الِانْتِقَالَ وَالْخِيَارُ لَيْسَ إلَّا مَشِيئَةٌ وَإِرَادَةٌ وَلَا إرْثَ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ وَالتَّعْيِينِ لِمَا سَيَأْتِي (وَلَا) يُورَثُ أَيْضًا (خِيَارُ الرُّؤْيَةِ) لِأَنَّهُ أَيْضًا لَيْسَ إلَّا مَشِيئَةٌ وَإِرَادَةٌ حَتَّى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ فَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ الرَّدُّ بَعْدَهَا كَمَا كَانَ لَهُ (وَ) لَا خِيَارُ (التَّعْيِينِ) لِمَا ذَكَرَ بَلْ ثَبَتَ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً لِاخْتِلَاطِ مِلْكِهِ بِمِلْكِ الْغَيْرِ، وَإِذَا بَطَلَ الْخِيَارُ لَزِمَ الْبَيْعُ وَتَمَّ (وَ) لَا خِيَارُ (الْعَيْبِ) بَلْ الْمَوْرُوثُ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ سَالِمًا فَكَذَا الْوَارِثُ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ، وَلِهَذَا ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ فِيمَا تَعَيَّبَ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لِلْمُوَرِّثِ (شَرَطَ) أَيْ الْخِيَارَ (أَحَدُهُمَا) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الْعَاقِدَيْنِ إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ (لِغَيْرِهِمَا) جَازَ (فَأَيٌّ) مِنْ الْعَاقِدَيْنِ وَالْغَيْرِ (أَجَازَ أَوْ نَقَضَ صَحَّ) اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَصِحَّ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ مِنْ أَحْكَامِ الْعَقْدِ فَلَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُهُ لِلْغَيْرِ كَالثَّمَنِ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْخِيَارَ لِغَيْرِ الْعَاقِدِ يَثْبُتُ بِالنِّيَابَةِ عَنْهُ فَيُقَدَّمُ الْخِيَارُ لِلْعَاقِدِ اقْتِضَاءً فَيُجْعَلُ هُوَ نَائِبًا عَنْهُ تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفِهِ فَيَكُونُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْخِيَارُ.
(وَفِي إجَازَةِ أَحَدِهِمَا) مِنْ الْأَصِيلِ وَالنَّائِبِ (وَنَقْضِ الْآخَرِ الْأَوَّلُ أَوْلَى) لِوُجُودِهِ فِي زَمَانٍ لَا يُزَاحِمُهُ غَيْرُهُ فِيهِ.
(وَفِي الْمَعِيَّةِ) أَيْ إنْ خَرَجَ الْكَلَامَانِ مِنْهُمَا مَعًا يُعْتَبَرُ تَصَرُّفُ الْعَاقِدِ فِي رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّ النَّائِبَ يَسْتَفِيدُ التَّصَرُّفَ مِنْهُ، وَتَصَرُّفُ النَّاقِضِ فِي أُخْرَى؛ لِأَنَّ الْمَجَازَ يَلْحَقُهُ النَّقْضُ وَالْمَنْقُوضُ لَا يَلْحَقُهُ الْإِجَازَةُ، فَإِذَا اجْتَمَعَا كَانَ (النَّقْضُ) أَوْلَى كَنِكَاحِ الْحُرَّةِ مَعَ نِكَاحِ الْأَمَةِ إذَا اجْتَمَعَا كَانَ نِكَاحُ الْحُرَّةِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَرِدُ عَلَى نِكَاحِ الْأَمَةِ بِلَا عَكْسٍ وَلِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ فِيهِ إذْ الْفَسْخُ يُوجِبُ الْحُرْمَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَالْإِجَازَةُ تُوجِبُ الْإِبَاحَةَ وَالْمُحَرِّمُ رَاجِحٌ عَلَى الْمُبِيحِ.
(بَاعَ عَبْدَيْنِ بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا إنْ فَصَّلَ) أَيْ الثَّمَنَ (وَعَيَّنَ) أَيْ مَحَلَّ الْخِيَارِ (صَحَّ) أَيْ الْعَقْدُ (وَإِلَّا فَلَا) وَهَذَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا أَنْ لَا يَفْصِلَ الثَّمَنَ وَلَا يُعَيِّنَ مَا فِيهِ الْخِيَارُ وَهُوَ فَاسِدٌ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ مَا فِيهِ الْخِيَارُ كَالْخَارِجِ عَنْ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْخِيَارِ لَا يَنْعَقِدُ فِي حَقِّ الْحُكْمِ فَبَقِيَ الدَّاخِلُ فِيهِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَثَانِيهَا أَنْ يَفْصِلَ الثَّمَنَ وَيُعَيِّنَ مَا فِيهِ الْخِيَارُ وَهُوَ جَائِزٌ لِكَوْنِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ مَعْلُومَيْنِ، وَقَبُولُ الْعَقْدِ فِيمَا فِيهِ الْخِيَارُ وَإِنْ كَانَ شَرْطًا لِانْعِقَادِ الْعَقْدِ فِي الْآخَرِ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُفْسِدٍ لِكَوْنِهِ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ كَالْجَمْعِ بَيْنَ قِنٍّ وَمُدَبَّرٍ، وَالثَّالِثُ أَنْ يَفْصِلَ وَلَا يُعَيِّنَ، وَالرَّابِعُ عَكْسُهُ وَهُوَ فَاسِدٌ فِيهِمَا لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ، وَإِنْ اشْتَرَى كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا أَوْ عَبْدًا وَاحِدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي نِصْفِهِ صَحَّ فَصَلَ الثَّمَنَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ النِّصْفَ مِنْ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ لَا يَتَفَاوَتُ فَقِيمَتُهُ أَيْضًا لَا تَتَفَاوَتُ، فَإِذَا كَانَ ثَمَنُ الْكُلِّ مَعْلُومًا كَانَ ثَمَنُ النِّصْفِ أَيْضًا مَعْلُومًا فَالْمَبِيعُ مَعْلُومٌ إذْ الشُّيُوعُ لَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ كَذَا فِي الْكَافِي.
(وَصَحَّ التَّعْيِينُ فِيمَا دُونَ الْأَرْبَعَةِ) وَهَذَا خِيَارُ التَّعْيِينِ يَعْنِي اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَيُّهُمَا شَاءَ بِعَشَرَةٍ جَازَ، وَكَذَا الثَّلَاثَةُ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعَةً فَسَدَ وَهُوَ الْقِيَاسُ فِي الْكُلِّ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ فِي مَعْنَى شَرْطِ الْخِيَارِ إذْ الْجَوَازُ ثَمَّةَ لِلْحَاجَةِ إلَى التَّأَمُّلِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَلَا خِيَارُ التَّعْيِينِ وَلَا خِيَارُ الْعَيْبِ) أَقُولُ نَفْيُ الْإِرْثِ فِي هَذَيْنِ الْخِيَارَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ لِمُخَالَفَتِهِ كَلِمَتَهُمْ مِنْ أَنَّ الْإِرْثَ جَارٍ فِي خِيَارِ التَّعْيِينِ وَالْعَيْبِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَشَرَطَهُ أَحَدُهُمَا لِغَيْرِهِمَا جَازَ) أَقُولُ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِأَحَدِهِمَا بَلْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَشْرِطَهُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَإِذَا اجْتَمَعَا كَانَ النَّقْضُ أَوْلَى) أَقُولُ هَذَا عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ رِوَايَةُ كِتَابِ الْمَأْذُونِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.
(قَوْلُهُ كَذَا فِي الْكَافِي) أَقُولُ وَفِي التَّبْيِينِ مَعَ زِيَادَةٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ يَعْنِي اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ فِي الْجَمِيعِ ابْتِدَاءً.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ أَوْ الثَّوْبَيْنِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ اهـ.
وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ أَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا مِنْ ثَوْبَيْنِ أَوْ مِنْ ثَلَاثَةٍ عَلَى أَنْ يُعَيِّنَ أَيًّا شَاءَ اهـ فَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا صَوَّرَ بِهِ الْمَسْأَلَةَ، وَالصَّوَابُ مَا صَوَّرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَالْبُرْهَانُ؛ لِأَنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ أَنَّ أَحَدَهُمَا مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ وَالْآخَرَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ لِقَبْضِهِ بِإِذْنِ مَالِكِهِ لَا عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ اهـ.
وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى إلَّا فِيمَا إذَا اشْتَرَى أَحَدَهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ.
لِيَخْتَارَ الْأَرْفَقَ وَالْأَوْفَقَ مَعَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلِذَا يَحْتَاجُ هُنَا إلَى اخْتِيَارِ مَنْ يَثِقُ بِهِ أَوْ مَنْ يَشْتَرِيهِ لَهُ فَجُوِّزَ الْبَيْعُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ دَفْعًا لِلْحَاجَةِ وَالْجَهَالَةُ إنَّمَا تُوجِبُ الْفَسَادَ إذَا كَانَتْ مُفْضِيَةً إلَى النِّزَاعِ، وَإِذَا شَرَطَ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فَهِيَ لَا تُفْضِي إلَى النِّزَاعِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ صَارَ مُفَوَّضًا إلَيْهِ فَيَخْتَارُ أَيًّا شَاءَ وَيَرُدُّ الْآخَرَ وَالْحَاجَةُ تَنْدَفِعُ بِالثَّلَاثِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ وَالْوَسَطِ فِي الْأَرْبَعَةِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ النِّزَاعُ لَكِنْ لَمْ تُوجَدْ الْحَاجَةُ وَهَذِهِ الرُّخْصَةُ قَائِمَةٌ بِهِمَا فَلَا تَحْصُلُ بِأَحَدِهِمَا، ثُمَّ قِيلَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الْعَقْدِ خِيَارُ الشَّرْطِ وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ خِيَارَ الشَّرْطِ لَا بُدَّ مِنْ تَوْقِيتِ خِيَارِ التَّعْيِينِ بِالثَّلَاثِ عِنْدَهُ وَبِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ عِنْدَهُمَا.
(اشْتَرَيَا بِالْخِيَارِ فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا لَا يَرُدُّهُ الْآخَرُ) يَعْنِي اشْتَرَى رَجُلَانِ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُمَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يَرُدَّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله، وَقَالَا لَهُ الرَّدُّ (وَكَذَا خِيَارُ الْعَيْبِ) يَعْنِي اشْتَرَيَا عَبْدًا فَظَهَرَ عَيْبُهُ فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا لَا الْآخَرُ (وَالرُّؤْيَةِ) يَعْنِي اشْتَرَيَا شَيْئًا لَمْ يَرَيَاهُ فَرَآهُ أَحَدُهُمَا فَرَضِيَ لَا الْآخَرُ فَإِنَّهُمَا أَيْضًا عَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَهُمَا أَنَّ إثْبَاتَ الْخِيَارِ لَهُمَا إثْبَاتُهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ شُرِعَ لِدَفْعِ الْغَبْنِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُحْتَاجٌ إلَى دَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَوْ بَطَلَ هَذَا بِإِبْطَالِ الْآخَرِ خِيَارَهُ لَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُهُ وَيَلْحَقُهُ بِهِ ضَرَرٌ، وَلَهُ أَنَّ الْمَشْرُوطَ خِيَارُهُمَا لَا خِيَارُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالِانْفِرَادِ فَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالرَّدِّ. أَقُولُ تَحْقِيقُهُ أَنَّ الْخِيَارَ تَصَرُّفٌ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ كَالْبَيْعِ وَالْخُلْعِ وَنَحْوِهِمَا وَكُلُّ مَا هُوَ كَذَلِكَ إذَا فُوِّضَ إلَى رَجُلَيْنِ لَا يَسْتَقِلُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِيهِ كَالْوَكَالَةِ فَإِنَّهُ إذَا وَكَّلَ رَجُلَيْنِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ لَا يَقْدِرُ أَحَدُهُمَا عَلَى التَّصَرُّفِ بِدُونِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ رَضِيَ بِرَأْيِهِمَا لَا رَأْيِ أَحَدِهِمَا بِخِلَافِ التَّوْكِيلِ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ بِلَا عِوَضٍ أَوْ رَدِّ الْوَدِيعَةِ أَوْ نَحْوِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الرَّأْيِ بَلْ تَعْبِيرٍ مَحْضٍ وَعِبَارَةُ الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ فِيهِ سَوَاءٌ.
(وَيُبْطِلُهُ) أَيْ خِيَارَ الشَّرْطِ (الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ دَارًا) مَفْعُولُ الْأَخْذِ (بِيعَتْ) صِفَةُ دَارٍ (بِجَنْبِ) حَالٌ مِنْ دَارٍ أَوْ صِفَةٌ لَهَا (مَا شُرِطَ) الْخِيَارُ (فِيهِ) وَهِيَ الدَّارُ الْمُشْتَرَاةُ يَعْنِي مَنْ اشْتَرَى دَارًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَبِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا فَأَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ فَهُوَ رِضًا؛ لِأَنَّ طَلَبَ الشُّفْعَةِ دَلِيلُ اخْتِيَارِهِ الْمِلْكَ فِيهَا؛ لِأَنَّ ثُبُوتَهُ لِدَفْعِ ضَرَرِ الدَّخِيلِ وَهُوَ بِالِاسْتِدَامَةِ فَيَتَضَمَّنُ سُقُوطَ الْخِيَارِ سَابِقًا عَلَيْهِ فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ بِالِاسْتِنَادِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْجَوَازَ كَانَ ثَابِتًا، بِخِلَافِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَإِنَّهُ لَوْ اشْتَرَى دَارًا وَلَمْ يَرَهَا فَبِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا فَأَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الدَّارَ الْأُولَى بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، وَلَوْ عَرَضَ عَلَى بَيْعٍ لَا يَبْطُلُ أَيْضًا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَيَبْطُلُ خِيَارُ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَبْطَلْتُ خِيَارَ الشَّرْطِ سَقَطَ الْخِيَارُ، وَلَوْ قَالَ أَبْطَلْتُ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ لَا يَبْطُلُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَهُ مَوْقُوفٌ عَلَى الرُّؤْيَةِ كَمَا سَيَأْتِي كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ (وَ) يُبْطِلُهُ أَيْضًا (تَعَيُّبُهُ) أَيْ تَعَيُّبُ مَا شُرِطَ فِيهِ الْخِيَارُ (بِمَا) أَيْ بِعَيْبٍ (لَا يَرْتَفِعُ) كَقَطْعِ يَدِهِ فَإِنَّ الرَّدَّ حِينَئِذٍ يَمْتَنِعُ حَتَّى لَوْ مَرِضَ وَزَالَ جَازَ رَدُّهُ (وَيُبْطِلُهُ) أَيْضًا (مُضِيُّ الْمُدَّةِ) لِأَنَّ الْخِيَارَ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ إلَّا فِيهَا كَالْمُخَيَّرَةِ فِي وَقْتٍ مُقَدَّرٍ لَمْ يَبْقَ لَهَا الْخِيَارُ بَعْدَ مُضِيِّهِ (وَ) يُبْطِلُهُ أَيْضًا (تَصَرُّفٌ لَا يُفْسَخُ كَالْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ أَوْ) تَصَرُّفٌ (لَا يَحِلُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ كَالْوَطْءِ وَالتَّقْبِيلِ وَاللَّمْسِ بِشَهْوَةٍ أَوْ) تَصَرُّفٌ (لَا يَنْفُذُ إلَّا فِيهِ) أَيْ فِي الْمِلْكِ (كَالْبَيْعِ وَالرَّهْنِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ ثُمَّ قِيلَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الْعَقْدِ خِيَارُ الشَّرْطِ) قَالَ الْكَمَالُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قِيلَ نَعَمْ كَمَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ تَصْوِيرًا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَنَسَبَهُ قَاضِي خَانْ إلَى أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ.
وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي جَامِعِهِ هُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ) هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ يَعْنِي الْجَامِعَ الْكَبِيرَ وَالْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مِنْ الصُّورَةِ وَقَعَ اتِّفَاقًا لَا قَيْدًا وَصَحَّحَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ.
وَقَالَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شُجَاعٍ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ خِيَارَ الشَّرْطِ لَا بُدَّ مِنْ تَوْقِيتِ خِيَارِ التَّعْيِينِ بِالثَّلَاثِ. . . إلَخْ) أَقُولُ، وَكَذَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ قَالَ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ خِيَارَ الشَّرْطِ فَلَا مَعْنَى لِتَوْقِيتِ خِيَارِ التَّعْيِينِ بِخِلَافِ خِيَارِ الشَّرْطِ فَإِنَّ التَّوْقِيتَ فِيهِ يُفِيدُ لُزُومَ الْعَقْدِ عِنْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَفِي خِيَارِ التَّعْيِينِ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ فِي أَحَدِهِمَا قَبْلَ مُضِيِّ الْوَقْتِ وَلَا يُمْكِنُ تَعْيِينُهُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ بِدُونِ تَعَيُّنِهِ فَلَا فَائِدَةَ لِشَرْطِ ذَلِكَ وَاَلَّذِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ التَّوْقِيتَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ. اهـ.
أَقُولُ نَفْيُ الزَّيْلَعِيِّ مَعْنَى خِيَارِ التَّوْقِيتِ وَفَائِدَتَهُ عِنْدَ عَدَمِ شَرْطِ الْخِيَارِ مُسَلَّمٌ بِاعْتِبَارِ مَا ذَكَرَ، أَمَّا سَلْبُ الْمَعْنَى وَالْفَائِدَةِ عَنْهُ أَصْلًا فَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ بَلْ لَهُ مَعْنًى وَفَائِدَةٌ هُمَا دَفْعُ ضَرَرِ الْبَائِعِ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ مَطْلِ الْمُشْتَرِي التَّعْيِينَ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ فَيَفُوتُ عَلَى الْبَائِعِ نَفْعُهُ وَتَصَرُّفُهُ فِيمَا يَمْلِكُهُ اهـ، ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ رحمه الله لَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا شَرَطَ خِيَارَ التَّعْيِينِ لِلْبَائِعِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ فَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا قَالُوا وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الزِّيَادَاتِ وَذَكَرَ فِي الْمُجَرَّدِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. اهـ.