الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي كُلِّ سِنٍّ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَهُوَ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه «وَفِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَمِنْ الدَّرَاهِمِ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ» فَإِنْ قِيلَ لَوْ قُلْنَا بِذَلِكَ يَزِيدُ عَلَى دِيَةٍ وَاحِدَةٍ إذَا أَتْلَفَ كُلَّ الْأَسْنَانِ لِأَنَّهَا فِي الْغَالِبِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ سِنًّا وَفِي إتْلَافِ كُلِّهَا إتْلَافُ النَّفْسِ مِنْ وَجْهٍ لِتَفْوِيتِ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ لِأَنَّهَا تَصِيرُ كَالْهَالِكَةِ مَعْنًى وَحُكْمُ الْإِتْلَافِ مِنْ وَجْهٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْإِتْلَافِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ قُلْنَا هَذَا ثَابِتٌ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ بِالنَّصِّ فَلَا يَرِدُ السُّؤَالُ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا بِخِلَافِ الْقِيَاسِ كَانَ غَيْرَ مَعْقُولِ الْمَعْنَى فَلَا يَجِبُ أَنْ يُذْكَرَ لَهُ وَجْهٌ مَعْقُولٌ وَإِنْ أُرِيدَ ذَلِكَ بِطَرِيقِ التَّبَرُّعِ فَالْوَجْهُ مَا ذَكَرَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ أَنَّ عَدَدَ الْأَسْنَانِ وَإِنْ كَانَ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ فَالْأَرْبَعَةُ الْأَخِيرَةُ وَهِيَ أَسَاسُ الْحُلُمِ فَلَا تَنْبُتُ لِبَعْضِ النَّاسِ وَقَدْ يَنْبُتُ لِبَعْضِهِمْ بَعْضُهَا وَلِلْبَعْضِ كُلُّهَا فَالْعَدَدُ الْمُتَوَسِّطُ لِلْأَسْنَانِ ثَلَاثُونَ ثُمَّ لِلْأَسْنَانِ مَنْفَعَتَانِ الزِّينَةُ وَالْمَضْغُ فَإِذَا سَقَطَ سِنٌّ بَطَلَ مَنْفَعَتُهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَنِصْفُ مَنْفَعَةِ السِّنِّ الَّتِي تُقَابِلُهَا وَهِيَ مَنْفَعَةُ الْمَضْغِ وَإِنْ كَانَ النِّصْفُ الْآخَرُ وَهُوَ الزِّينَةُ بَاقِيًا وَإِذَا كَانَ الْعَدَدُ الْمُتَوَسِّطُ ثَلَاثِينَ فَمَنْفَعَةُ السِّنِّ الْوَاحِدَةِ ثُلُثُ الْعُشْرِ وَنِصْفُ الْمَنْفَعَةِ سُدُسُ الْعُشْرِ وَمَجْمُوعُهُمَا نِصْفُ الْعُشْرِ
(وَفِي عُضْوٍ زَالَ نَفْعُهُ بِضَرْبٍ دِيَتُهُ كَيَدٍ شُلَّتْ وَعَيْنٍ عَمِيَتْ وَصُلْبٍ انْقَطَعَ نَسْلُهُ) لِأَنَّ وُجُوبَ الدِّيَةِ يَتَعَلَّقُ بِتَفْوِيتِ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ وَلَا عِبْرَةَ لِلصُّورَةِ بِلَا مَنْفَعَةٍ إلَّا إذَا تَجَرَّدَتْ عَنْ الْمَنْفَعَةِ عِنْدَ الْإِتْلَافِ فَحِينَئِذٍ تَجِبُ فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ جَمَالٌ كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ أَوْ أَرْشُهُ كَامِلًا إنْ كَانَ فِيهِ ذَلِكَ كَالْأُذُنِ الشَّاخِصَةِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ
(فَصْلٌ)
(لَا قَوَدَ فِي الشِّجَاجِ إلَّا فِي الْمُوضِحَةِ عَمْدًا) وَهِيَ الَّتِي تُوضِحُ الْعَظْمَ أَيْ تُبِينُهُ لِإِمْكَانِ اعْتِبَارِ الْمُسَاوَاةِ فِيهَا بِأَنْ يَسِيرَ غَوْرُهَا بِالْمِسْبَارِ ثُمَّ يَتَّخِذَ حَدِيدَةً بِقَدْرِ ذَلِكَ فَيَقْطَعَ بِهَا مِقْدَارَ مَا قُطِعَ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيمَا دُونَهَا أَيْضًا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِإِمْكَانِ اعْتِبَارِ الْمُسَاوَاةِ فِيهِ أَيْضًا مِمَّا ذُكِرَ فِي الْمُوضِحَةِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (وَفِيهَا خَطَأً نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَفِي الْهَاشِمَةِ عُشْرُهَا) وَهِيَ الَّتِي تَكْسِرُ الْعَظْمَ
(وَالْمُنَقِّلَةِ عُشْرُهَا وَنِصْفُ عُشْرِهَا) وَهِيَ الَّتِي تُنَقِّلُ الْعَظْمَ بَعْدَ الْكَسْرِ (وَالْآمَّةُ) وَهِيَ الَّتِي تَصِلُ إلَى أُمِّ الدِّمَاغِ وَهِيَ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ تَجْمَعُ الدِّمَاغَ وَبَعْدَ الْآمَّةِ شَجَّةٌ تُسَمَّى الدَّامِغَةَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ الَّتِي تَصِلُ إلَى الدِّمَاغِ لَمْ يَذْكُرْهَا مُحَمَّدٌ رحمه الله عَلَيْهِ لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَبْقَى بَعْدَهَا عَادَةً فَتَكُونُ قَتْلًا لَا مِنْ الشِّجَاجِ وَالْكَلَامُ فِيهَا (أَوْ الْجَائِفَةُ) وَهِيَ الَّتِي تَصِلُ إلَى الْجَوْفِ (ثُلُثُهَا) كُلُّ ذَلِكَ ثَبَتَ بِالْحَدِيثِ (وَفِي جَائِفَةٍ نَفَذَتْ) إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ (ثُلُثَاهَا) لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه هَكَذَا حَكَمَ وَلِأَنَّهُمَا جَائِفَتَانِ (وَفِي الْحَارِصَةِ) هُوَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ خَبَرٌ لِقَوْلِهِ الْآتِي حُكُومَةُ عَدْلٍ وَهِيَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الَّتِي تَحْرِصُ الْجِلْدَ أَيْ تَخْدِشُهُ وَلَا يَخْرُجُ الدَّمُ (وَالدَّامِعَةِ) بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الَّتِي تُظْهِرُ الدَّمَ وَلَا تُسِيلُهُ بَلْ تَجَمَّعُ فِي مَوْضِعِ الْجِرَاحَةِ كَالدَّمْعِ فِي الْعَيْنِ (وَالدَّامِيَةِ) وَهِيَ الَّتِي تُسِيلُ الدَّمَ (وَالْبَاضِعَةِ) وَهِيَ الَّتِي تُبْضِعُ الْجِلْدَ أَيْ تَقْطَعُهُ (وَالْمُتَلَاحِمَةِ) وَهِيَ الَّتِي تَأْخُذُ فِي اللَّحْمِ وَتَقْطَعُهُ (وَالسِّمْحَاقِ) وَهِيَ الَّتِي
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ مَا ذَكَرَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ. . . إلَخْ) هُوَ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِي الْجَوَابِ غَيْرَ مُطَّرِدٍ إذْ يُنْتَقَصُ بِقَطْعِ نَحْوِ الْإِبْهَامِ أَوْ الْمُسَبِّحَةِ لِعَدَمِ إيجَابِ الشَّارِعِ أَزْيَدَ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ تَمَامِ دِيَةِ النَّفْسِ وَإِنْ كَانَ جَارَتُهَا مِنْ الْأَصَابِعِ لَا يَحْصُلُ تَمَامُ مَنْفَعَتِهَا إلَّا بِمَا يُجَاوِرُهَا
(قَوْلُهُ فَانْقَطَعَ نَسْلُهُ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ قَطْعَ النَّسْلِ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ فَحَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يُقَالَ فَانْقَطَعَ مَاؤُهُ لِيُدَارَ الْحُكْمُ عَلَى سَبَبِهِ الظَّاهِرِ وَهُوَ نُزُولُ الْمَاءِ وَقَوْلُهُ وَذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ هُوَ لَمْ يَذْكُرْ فَانْقَطَعَ نَسْلُهُ بَلْ فَانْقَطَعَ مَاؤُهُ وَكَذَا قَالَ قَاضِي خَانْ ضُرِبَ عَلَى الظَّهْرِ فَانْقَطَعَ مَاؤُهُ وَعَلَّلَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيتَ مَنْفَعَةٍ كَامِلَةٍ وَهِيَ مَنْفَعَةُ النَّسْلِ انْتَهَى.
[فَصْل الْقَوَدَ فِي الشِّجَاجِ]
(فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ)(قَوْلُهُ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَجِبُ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَهَا) شَامِلٌ لِلسِّمْحَاقِ وَفِيهِ تَسَامُحٌ لَمَّا قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ إنَّ مَا قَبْلَ الْمُوضِحَةِ فِيهِ الْقِصَاصُ إلَّا فِي السِّمْحَاقِ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ إجْمَاعًا لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَشُقَّ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى جِلْدَةٍ رَقِيقَةٍ فَوْقَ الْعَظْمِ وَإِنَّمَا خَصَّ مَا دُونَ الْمُوضِحَةِ بِالْحُكْمِ احْتِرَازًا عَمَّا فَوْقَهَا كَالْهَاشِمَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ لِأَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ إجْمَاعًا انْتَهَى (قَوْلُهُ وَفِيهَا خَطَأً نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ) يَعْنِي فَيَجِبُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ إنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ رَجُلًا وَنِصْفُهَا أَيْ الْخَمْسَةِ إنْ كَانَ امْرَأَةً كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ
(قَوْلُهُ وَالْجَائِفَةُ مَوْضِعُهَا مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالْعَانَةِ) كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ وَالدَّامِيَةُ وَهِيَ الَّتِي تُسِيلُ الدَّمَ) كَذَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَذَكَرَ الْمَرْغِينَانِيُّ أَنَّ الدَّامِيَةَ وَهِيَ الَّتِي تُدْمَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسِيلَ مِنْهَا دَمٌ هُوَ الصَّحِيحُ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَالْمُتَلَاحِمَةُ. . . إلَخْ) هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَالِاخْتِلَافُ الَّذِي فِي تَفْسِيرِ الشِّجَاج رَاجِعٌ إلَى مَأْخَذِ الِاشْتِقَاقِ لَا الْحُكْمِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَا قَالَ قَاضِي خَانْ هِيَ الَّتِي تَدُقُّ وَلَا تَقْطَعُ
تَصِلُ إلَى جِلْدَةٍ رَقِيقَةٍ بَيْنَ اللَّحْمِ وَعَظْمِ الرَّأْسِ وَتُسَمَّى سِمْحَاقًا (حُكُومَةُ عَدْلٍ) إذْ لَيْسَ فِيهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا وَلَا يُمْكِنُ إهْدَارُهَا فَيَجِبُ فِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ وَهُوَ مَأْثُورٌ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَبَيَّنَ الْحُكُومَةَ بِقَوْلِهِ (فَيُقَوَّمُ عَبْدًا بِلَا هَذَا الْأَثَرِ ثُمَّ مَعَهُ فَقَدْرُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ الدِّيَةِ هُوَ الْحُكُومَةُ) فَيُفْرَضُ أَنَّ هَذَا الْحُرَّ عَبْدٌ وَقِيمَتُهُ بِلَا هَذَا الْأَثَرِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمَعَهُ تِسْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا مِائَةُ دِرْهَمٍ وَهُوَ عُشْرُ الْأَلْفِ فَيُؤْخَذُ هَذَا التَّفَاوُتُ مِنْ الدِّيَةِ وَهِيَ عَشْرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَعُشْرُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ فَهُوَ حُكُومَةُ الْعَدْلِ (وَبِهِ يُفْتَى) احْتِرَازٌ عَمَّا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ يُنْظَرُ فِي مِقْدَارِ هَذِهِ الشَّجَّةِ مِنْ الْمُوضِحَةِ فَتَجِبُ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَوْلُ الْكَرْخِيِّ أَصَحُّ لِأَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه اعْتَبَرَهُ بِهَذَا الطَّرِيقِ فِيمَنْ قَطَعَ طَرَفَ لِسَانِهِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ
(وَفِي أَصَابِعِ يَدٍ بِلَا كَفٍّ وَبِهَا نِصْفُ الدِّيَةِ) يَعْنِي أَنَّ الْأَرْشَ لَا يَزِيدُ بِسَبَبِ الْكَفِّ لِأَنَّهُ تَابِعٌ بَلْ الْوَاجِبُ فِي كُلِّ أُصْبُعٍ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ فَيَكُونُ فِي الْخَمْسَةِ خَمْسُونَ ضَرُورَةً وَهُوَ نِصْفُ الدِّيَةِ (وَمَعَ نِصْفِ السَّاعِدِ نِصْفُ دِيَةٍ) لِلْأَصَابِعِ (وَالْحُكُومَةُ) السَّاعِدُ (فِي كَفٍّ فِيهَا أُصْبُعٌ عُشْرُهَا) لِأُصْبُعٍ (وَإِنْ كَانَ أُصْبُعَانِ فَخُمُسُهَا) لِلْأُصْبُعَيْنِ (وَلَا شَيْءَ فِي الْكَفِّ) لِمَا مَرَّ (وَفِي أُصْبُعٍ زَائِدَةٍ) وَهُوَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ خَبَرٌ لِقَوْلِهِ الْآتِي الْحُكُومَةُ
(وَعَيْنُ صَبِيٍّ وَذَكَرُهُ وَلِسَانُهُ إنْ لَمْ يُعْلَمْ صِحَّتُهُ) أَيْ صِحَّةُ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ (بِمَا دَلَّ عَلَى نَظَرِهِ) فِي الْعَيْنِ (وَبِحَرَكَةِ ذَكَرِهِ) فِي الذَّكَرِ (وَكَلَامِهِ) فِي اللِّسَانِ (الْحُكُومَةُ وَإِنْ عُلِمَتْ) أَيْ صِحَّتُهُ (فَالدِّيَةُ) فَإِنَّ حُكْمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ حُكْمُ الْبَالِغِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ (وَدَخَلَ أَرْشُ مُوضِحَةٍ أَذْهَبَتْ عَقْلَهُ أَوْ شَعْرَ رَأْسِهِ فِي الدِّيَةِ) يَعْنِي إذَا شَجَّ رَجُلًا مُوضِحَةً فَذَهَبَ عَقْلُهُ أَوْ شَعْرُ رَأْسِهِ وَلَمْ يَنْبُتْ دَخَلَ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ فِي الدِّيَةِ لِأَنَّ فَوَاتَ الْعَقْلِ يُبْطِلُ مَنْفَعَةَ جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ إذْ لَا يَنْتَفِعُ بِدُونِهِ فَصَارَ كَمَا إذَا أَوْضَحَهُ فَمَاتَ وَأَرْشُ الْمُوضِحَةِ يَجِبُ بِفَوَاتِ جُزْءٍ مِنْ الشَّعْرِ حَتَّى لَوْ نَبَتَ الشَّعْرُ سَقَطَ أَرْشُهَا وَالدِّيَةُ وَجَبَتْ بِفَوَاتِ الشَّعْرِ وَقَدْ تَعَلَّقَا جَمِيعًا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَهُوَ فَوَاتُ الشَّعْرِ فَيَدْخُلُ الْجُزْءُ فِي الْكُلِّ كَمَنْ قَطَعَ أُصْبُعَ رَجُلٍ فَشُلَّتْ بِهِ يَدُهُ (بِخِلَافِ إذْهَابِ السَّمْعِ أَوْ الْبَصَرِ أَوْ النُّطْقِ) أَيْ لَوْ شَجَّهُ مُوضِحَةً فَذَهَبَ أَحَدُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا يَدْخُلُ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ فِي أَرْشٍ وَاحِدٍ مِنْهَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا جِنَايَةٌ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَالْمَنْفَعَةُ مُخْتَصَّةٌ بِهِ فَأَشْبَهَ الْأَعْضَاءَ الْمُخْتَلِفَةَ بِخِلَافِ الْعَقْلِ لِأَنَّ نَفْعَهُ عَائِدٌ إلَى جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ كَمَا مَرَّ (طَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَهَابِ السَّمْعِ أَنْ يَتْرُكَ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ حَتَّى يَغْفُلَ ثُمَّ يُنَادِيَ إنْ أَجَابَ أَوْ الْتَفَتَ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ) كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى (وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَهَابِ الْبَصَرِ أَنْ يُرَى أَهْلَ الْبَصِيرَةِ فَإِنْ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ حُكُومَةُ عَدْلٍ) لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْكَافِي وَالْوِقَايَةِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَجِبُ الْقِصَاصُ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَكَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ أَوَّلَ الْفَصْلِ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ فَيُفْرَضُ أَنَّ هَذَا الْحُرَّ عَبْدٌ. . . إلَخْ)
قَالَهُ الطَّحَاوِيُّ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ) صَحِيحٌ بِرُجُوعِهِ إلَى قَوْلِهِ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَبِهِ يُفْتَى احْتِرَازٌ. . . إلَخْ فَلَيْسَ عِبَارَةَ الزَّيْلَعِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ حِكَايَةِ قَوْلِ الطَّحَاوِيِّ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّهُ لَوْ اُعْتُبِرَ بِذَلِكَ الطَّرِيقِ فَرُبَّمَا يَكُونُ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ فَيُؤَدِّي إلَى أَنْ يُوجِبَ فِي هَذِهِ الشِّجَاجِ وَهُوَ مَا دُونَ الْمُوضِحَةِ أَكْثَرُ مِمَّا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ فِي الْمُوضِحَةِ وَأَنَّهُ مُحَالٌ بَلْ الصَّحِيحُ الِاعْتِبَارُ بِالْمِقْدَارِ وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ يَنْظُرُ الْمُفْتِي فِي هَذَا إنْ أَمْكَنَهُ الْفَتْوَى بِالثَّانِي بِأَنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ يُفْتِي بِالثَّانِي أَيْ قَوْلِ الْكَرْخِيِّ وَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ عَلَيْهِ ذَلِكَ يُفْتِي بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ أَيْسَرُ قَالَ وَكَانَ الْمَرْغِينَانِيُّ يُفْتِي بِهِ وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْظُرُ كَمْ مِقْدَارُ هَذِهِ الشَّجَّةِ مِنْ أَقَلِّ شَجَّةٍ لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ فَإِنْ كَانَ مِقْدَارُهُ مِثْلَ نِصْفِ شَجَّةٍ لَهَا أَرْشٌ أَوْ ثُلُثُهَا وَجَبَ نِصْفُ أَوْ ثُلُثُ أَرْشِ تِلْكَ الشَّجَّةِ وَإِنْ كَانَ رُبْعًا فَرُبْعٌ ذَكَرَهُ بَعْدَ الْقَوْلَيْنِ فَكَأَنَّهُ جَعَلَهُ قَوْلًا ثَالِثًا وَالْأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا تَفْسِيرًا لِقَوْلِ الْكَرْخِيِّ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَوْلُ الْكَرْخِيِّ أَصَحُّ إلَى آخِرِهِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ
(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْأَرْشَ لَا يَزِيدُ بِسَبَبِ الْكَفِّ) هَذَا فِي الثَّلَاثِ فَمَا زَادَ اتِّفَاقًا وَأَمَّا إذَا كَانَ مَعَهُ إصْبَعَانِ أَوْ إصْبَعٌ فَهُوَ تَبَعٌ أَيْضًا عِنْدَهُ وَأَوْجَبَا الْأَكْثَرَ مِنْ الْأَرْشِ وَحُكُومَةَ الْكَفِّ وَأَدْخَلَا الْأَقَلَّ فِي الْأَكْثَرِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ
(قَوْلُهُ طَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَهَابِ السَّمْعِ. . . إلَخْ) لَمْ يُبَيِّنْ بَعْدَهُ طَرِيقَ مَعْرِفَةِ ذَهَابِ الشَّمِّ وَالذَّوْقِ وَالْكَلَامِ وَرَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِ أُسْتَاذِي الْعَلَّامَةِ عَلِيٍّ الْمَقْدِسِيِّ أَنَّ فِي الْكَلَامِ يَغْرِزُ لِسَانَهُ بِإِبْرَةٍ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ دَمٌ أَسْوَدُ فَصَادِقٌ وَإِنْ خَرَجَ أَحْمَرُ فَلَا وَفِي الشَّمِّ بِالرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ اهـ.
(قُلْت) وَالذَّوْقُ يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ بِاسْتِغْفَالِهِ بِإِطْعَامِهِ نَحْوَ حَنْظَلٍ بَعْدَ خُلُوٍّ (قَوْلُهُ وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَهَابِ الْبَصَرِ. . . إلَخْ) هَذَا وَقَالَ قَاضِي خَانْ قَالَ بَعْضُهُمْ إذَا أَخْبَرَ رَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ يُؤْخَذُ بِقَوْلِهِمَا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ رضي الله عنه يُقَامُ الْمَضْرُوبُ مُسْتَقْبِلَ الشَّمْسِ مَفْتُوحَ الْعَيْنِ إنْ دَمَعَتْ عَيْنُهُ عُلِمَ أَنَّ بَصَرَهُ قَائِمٌ وَإِنْ لَمْ تَدْمَعْ عُلِمَ أَنَّهُ ذَهَبَ
قَالُوا بِذَهَابِهِ وَجَبَ الدِّيَةُ وَإِنْ قَالُوا لَا نَدْرِي اُعْتُبِرَ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارُ) بِأَنْ يَقُولَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لِلْجَانِي أَذْهَبْت بَصَرِي فَإِذَا أَنْكَرَ يُطَالِبُ الْمُدَّعِيَ بِالْبَيِّنَةِ فَإِذَا عَجَزَ (فَيَكُونُ الْقَوْلُ لِلضَّارِبِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْبَتَاتِ دُونَ الْعِلْمِ) أَيْ يَحْلِفُ بِأَنَّ هَذِهِ الْجِنَايَةَ لَمْ تَصْدُرْ عَنْهُ فَإِنْ نَكَلَ حَكَمَ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الصُّغْرَى أَيْضًا
(لَا قَوَدَ فِي إذْهَابِ عَيْنَيْهِ بَلْ دِيَةُ الْمُوضِحَةِ وَالْعَيْنَيْنِ) يَعْنِي شَجَّ رَجُلًا مُوضِحَةً فَذَهَبَتْ عَيْنَاهُ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ بَلْ تَجِبُ الدِّيَةُ فِيهِمَا لِأَنَّ سِرَايَةَ الْفِعْلِ مَعَ ابْتِدَاءِ الْفِعْلِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ السِّرَايَةَ لَا تَنْفَصِلُ عَنْ الْجِنَايَةِ وَقَدْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ مِنْ وَجْهٍ بِوَاسِطَةِ اتِّصَالِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ آخِرُ الْفِعْلِ مُوجِبًا لِلْقَوَدِ لَا يَكُونُ أَوَّلُهُ مُوجِبًا لَهُ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ إلَى الِابْتِدَاءِ إنْ كَانَ عَمْدًا فَبِالنَّظَرِ إلَى الِانْتِهَاءِ خَطَأً فَصَارَ خَطَأً مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَلَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلْقَوَدِ لِلشُّبْهَةِ
(وَلَا يُقْطَعُ أُصْبُعٌ شُلَّ جَارُهُ) لِأَنَّهُ أَيْضًا مِنْ قَبِيلِ السِّرَايَةِ (بَلْ الدِّيَةُ فِيهِمَا) لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَمَّا سَقَطَ وَجَبَ أَرْشُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِكَوْنِهَا عُضْوَيْنِ مُسْتَقِلَّيْنِ (أَوْ أُصْبُعٌ) أَيْ لَا قَوَدَ أَيْضًا فِي أُصْبُعٍ (قُطِعَ مِفْصَلُهُ الْأَعْلَى فَشُلَّ مَا بَقِيَ) لِأَنَّهُ أَيْضًا مِنْ قَبِيلِ السِّرَايَةِ (بَلْ دِيَةُ الْمِفْصَلِ) لِأَنَّهُ مُقَدَّرٌ شَرْعًا (فَقَطْ) إنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِمَا بَقِيَ (وَالْحُكُومَةُ فِيمَا بَقِيَ) لِانْتِفَاءِ التَّقْدِيرِ الشَّرْعِيِّ فِيهِ (إنْ انْتَفَعَ بِهِ) وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِكَوْنِهِمَا عُضْوًا وَاحِدًا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ
(وَلَا) قَوَدَ أَيْضًا (بِكَسْرِ نِصْفِ سِنٍّ) أَسْوَدَ بَاقِيهَا أَوْ أَحْمَرَ أَوْ أَخْضَرَ وَدَخَلَهَا عَيْبٌ بِوَجْهٍ مَا (بَلْ) يَجِبُ (كُلُّ دِيَةِ السِّنِّ) كَذَا فِي الْكَافِي وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ ثُمَّ فِيمَا إذَا اخْضَرَّتْ أَوْ اسْوَدَّتْ أَوْ احْمَرَّتْ إنَّمَا تَجِبُ الدِّيَةُ (إذَا فَاتَ مَنْفَعَةُ الْمَضْغِ وَإِلَّا فَلَوْ) كَانَ السِّنُّ (مِمَّا يُرَى) حَالَ التَّكَلُّمِ (تَجِبُ) الدِّيَةُ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ (وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ) وَعَلَى هَذَا لَا يَبْقَى كَلَامُ الْكَافِي عَلَى إطْلَاقِهِ (وَاخْتُلِفَ فِي الِاصْفِرَارِ وَالْمُخْتَارُ الدِّيَةُ) كَمَا فِي سَائِرِ الْأَلْوَانِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ
(أَقَادَ) يَعْنِي نَزَعَ رَجُلٌ سِنَّ رَجُلٍ فَانْتَزَعَ الْمَنْزُوعُ سِنُّهُ سِنَّ النَّازِعِ (فَنَبَتَ سِنُّ الْأَوَّلِ أَوْ قَلَعَهَا) أَيْ قَلَعَ رَجُلٌ سِنَّ رَجُلٍ (فَرُدَّتْ إلَى مَكَانِهَا وَنَبَتَ عَلَيْهَا اللَّحْمُ وَجَبَ الْأَرْشُ فِي الصُّورَتَيْنِ) أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الِاسْتِيفَاءَ كَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ لَكِنْ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ لِلشُّبْهَةِ فَيَجِبُ الْمَالُ لِأَنَّ الْمُوجِبَ فَسَادُ الْمَنْبَتِ وَلَمْ يَفْسُدْ حَيْثُ نَبَتَ مَكَانَهَا أُخْرَى فَانْعَدَمَتْ الْجِنَايَةُ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ نَبَاتَ اللَّحْمِ لَا اعْتِبَارَ لَهُ لِأَنَّ الْعُرُوقَ لَا تَعُودُ (وَكَذَا الْأُذُنُ) يَعْنِي إذَا قَطَعَ أُذُنَهُ فَأَلْصَقَهَا فَالْتَحَمَتْ يَجِبُ الْأَرْشُ لِأَنَّهَا لَا تَعُودُ إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ (لَا) أَيْ لَا يَجِبُ (الْأَرْشُ إنْ قُلِعَتْ فَنَبَتَتْ أُخْرَى) لِأَنَّ الْجِنَايَةَ قَدْ زَالَتْ وَلِهَذَا لَوْ قَلَعَ سِنَّ صَبِيٍّ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
بَصَرُهُ اهـ. (قُلْت) وَيُمْكِنُ اخْتِبَارُهُ بِإِلْقَاءِ حَيَّةٍ مَيِّتَةٍ بَيْنَ يَدَيْهِ غَفْلَةً وَنَحْوَهَا
(قَوْلُهُ بَلْ دِيَةُ الْمِفْصَلِ فَقَطْ إنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِمَا بَقِيَ وَالْحُكُومَةُ فِيمَا بَقِيَ إنْ انْتَفَعَ بِهِ) سَهْوٌ فَإِنَّهُ أَوْجَبَ الْحُكْمَ مُخَالِفًا لِمَنْقُولِ الْمَذْهَبِ وَلَيْسَ صَحِيحًا فَإِنَّهُ نَقَلَ فِي النِّهَايَةِ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ إذَا قَطَعَ مِنْ أُصْبُعٍ مِفْصَلًا وَاحِدًا فَشُلَّ الْبَاقِي مِنْ الْأُصْبُعِ أَوْ الْكَفِّ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَلَكِنْ تَجِبُ الدِّيَةُ فِيمَا شُلَّ مِنْهُ إنْ كَانَ إصْبَعًا فَدِيَةُ الْإِصْبَعِ وَإِنْ كَانَ كَفًّا فَدِيَةُ الْكَفِّ وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ اهـ.
وَقَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ مِفْصَلًا مِنْ إصْبَعٍ فَشُلَّ الْبَاقِي أَوْ قَطَعَ الْأَصَابِعَ فَشُلَّتْ الْكَفُّ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِي الْكُلِّ الْأَرْشُ وَيُجْعَلُ كُلُّهُ جِنَايَةً وَاحِدَةً اهـ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَلْ دِيَةُ الْمِفْصَلِ فَقَطْ إنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِمَا بَقِيَ وَالْحُكُومَةُ فِيمَا بَقِيَ إنْ انْتَفَعَ بِهِ لَا يَسْتَقِيمُ، وَهَذَا أَوَّلُ شَيْءٍ فَتَحَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَيَّ بِهِ كَتَبْته فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَأَلْفٍ فَلَهُ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ) لَمْ يَذْكُرْهُ الزَّيْلَعِيُّ فَإِنَّ عِبَارَتَهُ وَإِنْ كَانَ عُضْوًا وَاحِدًا بِأَنْ قَطَعَ الْإِصْبَعَ مِنْ الْمِفْصَلِ الْأَعْلَى فَشُلَّ مَا بَقِيَ مِنْهَا يُكْتَفَى بِأَرْشٍ وَاحِدٍ إنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِمَا بَقِيَ وَإِنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ تَجِبُ دِيَةُ الْمَقْطُوعِ وَتَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ فِي الْبَاقِي بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَا إذَا كَسَرَ نِصْفَ السِّنِّ وَاسْوَدَّ مَا بَقِيَ أَوْ اصْفَرَّ أَوْ احْمَرَّ تَجِبُ دِيَةُ السِّنِّ كُلِّهِ بِالْإِجْمَاعِ اهـ فَإِنْ قِيلَ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ لِأَنَّ الزَّيْلَعِيَّ قَالَ يُكْتَفَى بِأَرْشٍ وَاحِدٍ إنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِمَا بَقِيَ وَهُوَ مَفْهُومُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ الَّتِي هِيَ بَلْ دِيَةُ الْمِفْصَلِ فَقَطْ إنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِمَا بَقِيَ (قُلْت) قَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ يُكْتَفَى بِأَرْشٍ وَاحِدٍ إنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِمَا بَقِيَ الْمُرَادُ بِهِ أَرْشُ إصْبَعٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَكَذَا إذَا كُسِرَ نِصْفُ السِّنِّ. . . إلَخْ وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَلْ دِيَةُ الْمِفْصَلِ فَقَطْ فَلَا يُفِيدُ ذَلِكَ بَلْ دِيَةُ الْمِفْصَلِ لَا دِيَةُ بَاقِي الْإِصْبَعِ أَيْضًا لِأَنَّهُ قَابَلَهُ بِقَوْلِهِ وَالْحُكُومَةُ فِيمَا بَقِيَ لِانْتِفَاءِ التَّقْدِيرِ الشَّرْعِيِّ فِيهِ إنْ انْتَفَعَ بِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ فَنَبَتَ سِنُّ الْأَوَّلِ) يَعْنِي كَمَا كَانَ أَمَّا إذَا نَبَتَ مُعْوَجًّا فَعَلَيْهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَوْ نَبَتَ إلَى النِّصْفِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْأَرْشِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَجَبَ الْأَرْشُ فِي الصُّورَتَيْنِ) الْمُرَادُ بِالْأَرْشِ فِي الْأُولَى دِيَتُهَا لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ خَمْسُمِائَةٍ اهـ.
وَلَعَلَّهُ كَذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ لِمَا فِي التَّبْيِينِ أَنَّهُ عَلَى الْقَاطِعِ كَمَالُ الْأَرْشِ ثُمَّ قَالَ.
وَفِي النِّهَايَةِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رحمه الله هَذَا إذَا لَمْ تَعُدْ إلَى حَالِهَا الْأَوَّلِ بَعْدَ النَّبَاتِ فِي الْمَنْفَعَةِ وَالْجَمَالِ وَأَمَّا إذَا عَادَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ