الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِمُسْتَأْجَرَةٍ لَهُ) أَيْ لِلزِّنَا بِأَنْ اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً لِيَزْنِيَ بِهَا فَزَنَى بِهَا لَا يُحَدُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا حُدَّا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ إذْ لَيْسَ بَيْنَهُمَا مِلْكٌ وَلَا شُبْهَةُ مِلْكٍ فَكَانَ زِنًا مَحْضًا وَلَهُ مَا رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ رَجُلًا مَالًا فَأَبَى أَنْ يُعْطِيَهَا حَتَّى تُمَكِّنَهُ مِنْ نَفْسِهَا فَدَرَأَ عُمَرُ رضي الله عنه عَنْهُمَا الْحَدَّ وَقَالَ هَذَا مَهْرُهَا (وَلَا) بِالزِّنَا (بِإِكْرَاهٍ) سَوَاءٌ كَانَ الْمُكْرَهُ زَانِيًا أَوْ مَزْنِيَّةً (وَلَا بِإِقْرَارٍ) بِالزِّنَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ (إنْ أَنْكَرَ الْآخَرُ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يُقِرَّ أَرْبَعًا بِالزِّنَا بِفُلَانَةَ وَقَالَتْ إنَّهُ تَزَوَّجَنِي أَوْ أَقَرَّتْ أَرْبَعًا بِالزِّنَا مَعَ فُلَانٍ وَقَالَ فُلَانٌ تَزَوَّجْتُهَا لَمْ يُحَدَّ وِفَاقًا وَثَانِيهِمَا أَنْ يُقِرَّ أَرْبَعًا أَنَّهُ زَنَى بِفُلَانَةَ فَقَالَتْ مَا زَنَى بِي وَلَا أَعْرِفُهُ أَوْ أَقَرَّتْ أَرْبَعًا بِالزِّنَا مَعَ فُلَانٍ وَقَالَ فُلَانٌ مَا زَنَيْت بِهَا وَلَا أَعْرِفُهَا لَا يُحَدُّ الْمُقِرُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ
(وَفِي قَتْلِ أَمَةٍ بِزِنًا يَجِبُ الْحَدُّ وَالْقِيمَةُ) لِأَنَّهُ جَنَى جِنَايَتَيْنِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مُوجَبُهَا الْحَدُّ بِالزِّنَا وَالْقِيمَةُ بِالْقَتْلِ (وَالْخَلِيفَةُ) أَيْ الْإِمَامُ الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ أَمَامٌ (لَا يُحَدُّ) لِأَنَّ الْحَدَّ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِقَامَتُهُ إلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُقِيمَهُ عَلَى نَفْسِهِ (وَيُقْتَصُّ وَيُؤْخَذُ بِالْمَالِ) لِأَنَّهُمَا مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ وَيَسْتَوْفِيهِ وَلِيُّ الْحَقِّ إمَّا بِتَمْكِينِهِ أَوْ بِالِاسْتِعَانَةِ بِمَنَعَةِ الْمُسْلِمِينَ
(بَابٌ شَهَادَةُ الزِّنَا وَالرُّجُوعُ عَنْهَا)
(شَهِدَ بِحَدٍّ مُتَقَادِمٍ بِلَا عُذْرٍ) بِأَنْ يَكُونَ قَرِيبًا مِنْ إمَامِهِ بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى إقَامَةِ الشَّهَادَةِ بِلَا تَأْخِيرٍ (لَمْ تُقْبَلْ) لِأَنَّ الشَّاهِدَ فِي الْحُدُودِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ حِسْبَتَيْنِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَالسِّتْرِ فَالتَّأْخِيرُ إنْ كَانَ الِاخْتِيَارُ السِّتْرَ فَالْإِقْدَامُ عَلَى الْأَدَاءِ بَعْدَهُ لِسُوءٍ فِي بَاطِنِهِ مِنْ حِقْدٍ أَوْ عَدَاوَةٍ حَرَّكَتْهُ فَيُتَّهَمُ فِيهَا وَإِلَّا صَارَ فَاسِقًا آثِمًا بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ كَمَا سَيَأْتِي (إلَّا فِي قَذْفٍ) لِأَنَّ الدَّعْوَى فِيهِ شَرْطٌ فَيُحْمَلُ تَأْخِيرُهُمْ عَلَى انْعِدَامِ الدَّعْوَى فَلَا يُوجِبُ تَفْسِيقَهُمْ
(وَيَضْمَنُ السَّرِقَةَ) أَيْ إذَا شَهِدَ شُهُودُ السَّرِقَةِ بَعْدَ التَّقَادُمِ لَا يُحَدُّ السَّارِقُ وَيَضْمَنُ مَا سَرَقَ لِأَنَّ التَّقَادُمَ لَا يَضُرُّهُ لِأَنَّهُ حَقُّ الْعَبْدِ (وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ) أَيْ بِالْحَدِّ بَعْدَ التَّقَادُمِ (يُحَدُّ) لِانْتِفَاءِ تُهْمَةِ الْحِقْدِ وَالْعَدَاوَةِ (إلَّا فِي الشُّرْبِ) كَمَا سَيَأْتِي (وَتَقَادُمُهُ) أَيْ الشُّرْبِ (بِزَوَالِ الرِّيحِ وَ) التَّقَادُمُ لِغَيْرِهِ (بِمُضِيِّ شَهْرٍ) هُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ
(شَهِدُوا بِزِنًا وَهِيَ غَائِبَةٌ حُدَّ وَبِسَرِقَةٍ مِنْ غَائِبٍ لَا) لِأَنَّ الدَّعْوَى تَنْعَدِمُ بِالْغَيْبَةِ وَهِيَ شَرْطٌ فِي السَّرِقَةِ لَا الزِّنَا كَمَا سَيَأْتِي
(وَلَوْ اخْتَلَفَ أَرْبَعَةٌ فِي زَاوِيَتَيْ الْبَيْتِ أَوْ أَقَرَّ بِزِنًا وَجَهِلَهَا حُدَّ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَمَعْنَاهُ أَنْ يَشْهَدَ كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى الزِّنَا فِي زَاوِيَةٍ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَدُّ لِاخْتِلَافِ الْمَكَانِ حَقِيقَةً وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ التَّوْفِيقَ مُمْكِنٌ بِأَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ الْفِعْلِ فِي زَاوِيَةٍ وَالِانْتِهَاءُ فِي الْأُخْرَى بِالِاضْطِرَابِ.
وَفِي الْكَافِي هَذَا إذَا كَانَ الْبَيْتُ صَغِيرًا بِحَيْثُ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ وَأَمَّا إذَا كَانَ كَبِيرًا فَلَا وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ جَهْلَ الْمُقِرِّ لَا يَدْفَعُ الْحَدَّ إذْ لَوْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ لَمْ تَخْفَ عَلَيْهِ (وَإِنْ شَهِدُوا كَذَلِكَ) أَيْ شَهِدُوا أَنَّهُ يَزْنِي بِامْرَأَةٍ لَا يَعْرِفُونَهَا (أَوْ اخْتَلَفُوا فِي طَوْعِهَا) أَيْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ زَنَى بِفُلَانَةَ فَأَكْرَهَهَا وَآخَرَانِ أَنَّهَا طَاوَعَتْهُ (أَوْ) اخْتَلَفُوا (فِي بَلَدِ زِنَاهُ) أَيْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ بِالْكُوفَةِ وَآخَرَانِ أَنَّهُ زَنَى بِهَا بِالْبَصْرَةِ (أَوْ اتَّفَقَ حُجَّتَاهُ فِي وَقْتِهِ وَاخْتَلَفَا فِي بَلَدِهِ أَوْ شَهِدُوا بِزِنًا وَهِيَ بِكْرٌ أَوْ هُمْ فَسَقَةٌ أَوْ شُهُودٌ عَلَى شُهُودٍ لَمْ يُحَدَّ أَحَدٌ) أَيْ لَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِمَا وَلَا الشُّهُودُ بِسَبَبِ الْقَذْفِ (وَإِنْ شَهِدَ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ لَمْ يَجِبْ الْحَدُّ وِفَاقًا) أَيْ وَيَجِبُ الْعُقْرُ وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَرِفَةً بِأَنْ لَا مَهْرَ لَهَا كَمَا فِي الْفَتْحِ
(قَوْلُهُ وَفِي قَتْلِ أَمَةٍ بِزِنًا. . . إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ يُخَالِفُ مَا لَوْ أَذْهَبَ عَيْنَيْهَا بِهِ وَفِيهِ يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَسَقَطَ بِهِ الْحَدُّ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ فِي الْجُثَّةِ الْعَمْيَاءِ وَهِيَ عَيْنٌ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً كَمَا فِي الْهِدَايَةِ
[بَاب شَهَادَة الزِّنَا وَالرُّجُوع عَنْهَا]
(بَابٌ شَهَادَةُ الزِّنَا وَالرُّجُوعُ عَنْهَا)(قَوْلُهُ شَهِدَ بِحَدٍّ) أَيْ بِمُوجِبِ حَدٍّ وَقَوْلُهُ مُتَقَادِمٍ أَيْ مُوجِبُهُ فَإِسْنَادُهُ إلَى الْحَدِّ مَجَازٌ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَكُونَ قَرِيبًا مِنْ إمَامِهِ) قَالَ الْكَمَالُ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْبُعْدُ عُذْرًا بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ نَحْوِ مَرَضٍ أَوْ خَوْفِ طَرِيقٍ وَلَوْ فِي بُعْدِ يَوْمَيْنِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَعْذَارِ الَّتِي يَظْهَرُ أَنَّهَا مَانِعَةٌ مِنْ الْمُسَارَعَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ) وَحَكَى الْحَسَنُ أَنَّهُمْ يُحَدُّونَ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْحَدُّ
(قَوْلُهُ وَيَضْمَنُ السَّرِقَةَ) أَيْ الْمَسْرُوقَ (قَوْلُهُ بِمُضِيِّ شَهْرٍ) هُوَ الْأَصَحُّ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْقَاضِي وَبَيْنَهُمْ مَسِيرَةُ شَهْرٍ أَمَّا إذَا كَانَ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَقِيلَ بِنِصْفِ شَهْرٍ أَوْ بِمَا يَرَاهُ الْقَاضِي
(قَوْلُهُ شَهِدُوا بِزِنًا وَهِيَ غَائِبَةٌ) أَيْ وَهُمْ يَعْرِفُونَهَا (إذْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ) بِعَدَمِ مَعْرِفَتِهَا كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَهِيَ شَرْطٌ فِي السَّرِقَةِ) لَكِنَّهُ لَوْ شَهِدُوا عَلَى السَّرِقَةِ بِدُونِ الدَّعْوَى تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَيُحْبَسُ السَّارِقُ إلَى أَنْ يَجِيءَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ
(قَوْلُهُ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ التَّوْفِيقَ مُمْكِنٌ) يَعْنِي مُمْكِنٌ لِصِيَانَةِ الْبَيِّنَاتِ عَنْ التَّعْطِيلِ لَا لِإِيجَابِ الْحَدِّ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ لِأَمْرِنَا بِالِاحْتِيَالِ لِدَرْئِهِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ
الْأُصُولُ بَعْدَهُمْ) أَيْ بَعْدَ الْفُرُوعِ أَمَّا عَدَمُ الْحَدِّ فِي الْأَوَّلِ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ وَأَمَّا عَدَمُهُ عَلَى الشُّهُودِ فَلِأَنَّ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى النِّسْبَةِ إلَى الزِّنَا بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ أَخْرَجَ كَلَامَهُمْ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَذْفًا وَأَمَّا عَدَمُهُ فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ الْفِعْلَ الْمَشْهُودَ بِهِ إذَا كَانَ وَاحِدًا فَبَعْضُهُمْ كَاذِبٌ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَكْفِي بِطَوْعِهَا وَكَرْهِهَا وَإِلَّا فَلَا نِصَابَ لِلشَّهَادَةِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَأَمَّا عَدَمُهُ عَلَى الشُّهُودِ فَلِإِتْيَانِهِمْ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ وَأَمَّا فِي الثَّالِثِ فَلِأَنَّ الْفِعْلَ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ فِي مَوْضِعَيْنِ وَلَا يُحَدُّ الشُّهُودُ لِمَا ذُكِرَ وَأَمَّا فِي الرَّابِعِ فَلِمَا فِي الثَّالِثِ وَأَمَّا فِي الْخَامِسِ فَلِأَنَّ الزِّنَا لَا يَتَحَقَّقُ مَعَ الْبَكَارَةِ فَظَهَرَ كَذِبُهُمْ بِيَقِينٍ فَلَا يَجِبُ الْحَدُّ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ قَوْلَهُنَّ حُجَّةٌ فِي إسْقَاطِ الْحَدِّ لَا فِي إيجَابِهِ وَلَا عَلَى الشُّهُودِ لِتَكَامُلِ عَدَدِهِمْ وَلَفْظِ الشَّهَادَةِ وَكَذَا إذَا شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَهُوَ مَجْبُوبٌ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ لِظُهُورِ كَذِبِهِمْ وَلَا الشُّهُودُ لِتَكَامُلِ عَدَدِهِمْ وَلَفْظُ الشَّهَادَةِ كَمَا إذَا شَهِدُوا عَلَى امْرَأَةٍ بِالزِّنَا فَوُجِدَتْ رَتْقَاءَ حَيْثُ لَا حَدَّ عَلَيْهَا وَلَا عَلَيْهِمْ وَأَمَّا السَّادِسُ فَلِأَنَّ الْفَاسِقَ مِنْ أَهْلِ التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ وَإِنْ كَانَ فِي أَدَائِهِ نَوْعُ قُصُورٍ لِتُهْمَةِ الْفِسْقِ وَلِهَذَا لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِ يَنْفُذُ عِنْدَنَا فَيَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِمْ الزِّنَا مِنْ وَجْهٍ بِاعْتِبَارِ الْأَهْلِيَّةِ دُونَ وَجْهٍ بِاعْتِبَارِ الْقُصُورِ فَيَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ عَدَمِ الثُّبُوتِ وَيَسْقُطُ عَنْ الشُّهُودِ بِاعْتِبَارِ الثُّبُوتِ وَأَمَّا السَّابِعُ فَلِأَنَّ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ زِيَادَةَ الشُّبْهَةِ لِأَنَّ احْتِمَالَ الْكَذِبِ فِيهَا فِي مَوْضُوعَيْنِ فِي شَهَادَةِ الْأُصُولِ وَشَهَادَةِ الْفُرُوعِ وَلَا يُحَدُّ الْفُرُوعُ لِأَنَّهُمْ مَا نَسَبُوا الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِالزِّنَا بَلْ حَكَّمُوا شَهَادَةَ الْأُصُولِ وَإِنَّمَا رُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ لِنَوْعِ شُبْهَةٍ وَهِيَ كَافِيَةٌ لِدَرْءِ الْحَدِّ لَا إثْبَاتِهِ وَإِنْ جَاءَ الْأُصُولُ وَشَهِدُوا عَلَى مُعَايِنَةِ ذَلِكَ الزِّنَا بِعَيْنِهِ لَمْ تُقْبَلْ وَلَمْ يُحَدُّوا أَيْضًا لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ قَدْ رُدَّتْ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ مِنْ وَجْهٍ بِرَدِّ شَهَادَةِ الْفُرُوعِ لِأَنَّهُمْ قَائِمُونَ مَقَامَهُمْ وَشَهَادَتُهُمْ كَشَهَادَتِهِمْ وَالشَّهَادَةُ فِي حَادِثَةٍ إذَا رُدَّتْ لَمْ تُقْبَلْ فِيهَا أَبَدًا (فَإِنْ شَهِدُوا بِالزِّنَا) حَالَ كَوْنِهِمْ (عُمْيَانًا أَوْ مَحْدُودِينَ فِي قَذْفٍ أَوْ ثَلَاثَةً) وَقَدْ وَجَبَ الْأَرْبَعَةُ (أَوْ) أَرْبَعَةً (أَحَدُهُمْ مَحْدُودٌ) فِي قَذْفٍ (أَوْ عَبْدًا أَوْ وُجِدَ كَذَا) أَيْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ أَوْ عَبْدًا (بَعْدَ الْحَدِّ حُدُّوا) أَيْ الشُّهُودُ لَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَهُوَ جَوَابٌ لِقَوْلِهِ فَإِنْ شَهِدُوا وَإِنَّمَا خُصَّ الْحَدُّ بِهِمْ لِعَدَمِ أَهْلِيهِ الشَّهَادَةِ فِيهِمْ أَوْ عَدَمِ النِّصَابِ فَلَا يَثْبُتُ الزِّنَا وَيَجِبُ الْحَدُّ لِكَوْنِهِمْ قَذَفَةً
(وَأَرْشُ جَرْحِ جِلْدِهِ هَدَرٌ) أَيْ شَهِدَ الشُّهُودُ بِزِنًا وَالزَّانِي غَيْرُ مُحْصَنٍ فَجُلِدَ فَجَرَحَهُ الْجَلْدُ ثُمَّ ظَهَرَ أَحَدُهُمْ عَبْدًا أَوْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ فَأَرْشُ الْجِلْدِ هَدَرٌ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا (وَدِيَةُ رَجْمِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ شَهِدُوا وَالزَّانِي مُحْصَنٌ فَرُجِمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَحَدُهُمْ عَبْدًا أَوْ نَحْوَهُ فَدِيَةُ الرَّجْمِ فِي بَيْتِ الْمَالِ (وَأَيُّ رَجْعٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ بَعْدَ رَجْمٍ حُدَّ) أَيْ حُدَّ الرَّاجِعُ فَقَطْ حَدَّ الْقَذْفِ خِلَافًا لِزُفَرَ (وَغَرِمَ رُبْعَ الدِّيَةِ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (وَقَبْلَهُ) أَيْ أَيُّ رَجْعٍ مِنْهُمْ قَبْلَ الرَّجْمِ (حُدُّوا) أَيْ حُدَّ جَمِيعُ الشُّهُودِ حَدَّ الْقَذْفِ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ قَذْفٌ فِي الْأَصْلِ وَإِنَّمَا يَصِيرُ شَهَادَةً بِاتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهِ فَإِذَا لَمْ يَتَّصِلْ بَقِيَ قَذْفًا فَيُحَدُّونَ (لَا شَيْءَ عَلَى خَامِسٍ رَجَعَ) إذْ بَقِيَ مَنْ يَبْقَى بِشَهَادَتِهِمْ كُلُّ الْحَقِّ وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ (فَإِنْ رَجَعَ آخَرُ حُدَّا وَغَرِمَا الرُّبْعَ) أَيْ رُبْعَ الدِّيَةِ إذَا بَقِيَ ثَلَاثُ أَرْبَاعِ الْحَقِّ بِبَقَاءِ الثَّلَاثَةِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ مَا نَسَبُوا الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِالزِّنَا) ضَمَّنَ نَسَبُوا مَعْنَى رَمَوْا لِتَعْدِيَةِ الزِّنَا بِالْبَاءِ (قَوْلُهُ وَإِنْ جَاءَ الْأُصُولُ. . . إلَخْ) إنَّمَا لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ الْأُصُولِ بَعْدَ رَدِّ شَهَادَةِ الْفُرُوعِ لِلشُّبْهَةِ الْمَذْكُورَةِ لِدَرْءِ الْحَدِّ فَرَدُّ شَهَادَةِ الْفَرْعِ رَدٌّ لِشَهَادَةِ الْأَصْلِ لِلشُّبْهَةِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ شَهَادَةَ الْأُصُولِ تُقْبَلُ بَعْدَ رَدِّ شَهَادَةِ الْفُرُوعِ فِي غَيْرِ الْحُدُودِ لِثُبُوتِ الْمَالِ مَعَ الشُّبْهَةِ دُونَ الْحَدِّ وَلَوْ رُدَّتْ شَهَادَةُ الْأَصْلِ لَا تُقْبَلُ بَعْدَهُ شَهَادَةُ الْفَرْعِ فِي كُلِّ شَيْءٍ إنْ كَانَ الرَّدُّ لِتُهْمَةٍ مَعَ بَقَاءِ الْأَهْلِيَّةِ وَإِنْ رُدَّتْ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ كَالرِّقِّ وَالْكُفْرِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ لِثُبُوتِ الْأَهْلِيَّةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ أَوْ أَحَدُهُمْ مَحْدُودٌ فِي قَذْفٍ أَوْ عَبْدٌ) كَذَا لَوْ كَانَ أَعْمَى (قَوْلُهُ أَوْ وُجِدَ كَذَا. . . إلَخْ) كَذَا إذَا وُجِدَ أَعْمَى أَوْ كَافِرًا كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ حُدُّوا) أَيْ الشُّهُودُ لَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَهُوَ جَوَابٌ لِقَوْلِهِ فَإِنْ شَهِدُوا وَلَا يَخْفَى أَنَّ نَفْيَ الْحَدِّ عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا فَاتَ شَرْطُ صِحَّةِ الشَّهَادَةِ قَبْلَ إمْضَاءِ الْحَدِّ أَمَّا إذَا مَضَى الْحَدُّ ثُمَّ ظَهَرَ فَوَاتُ الشَّرْطِ كَيْفَ يُنْفَى الْحَدُّ عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَقَدْ حُدَّ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ حُدَّ الشُّهُودُ لَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِمْضَاءِ وَبَعْدَهُ الشُّهُودُ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ الْحَدُّ لِكَوْنِهِمْ قَذَفَةً) يَعْنِي فَيُقَامُ إذَا طَلَبَهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة
(قَوْلُهُ فَأَرْشُ الْجَلْدِ هَدَرٌ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا) أَيْ فَيَكُونُ الْأَرْشُ عِنْدَهُمَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَكَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا مَاتَ مِنْ الْجَلْدِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَقَبْلَهُ حُدُّوا) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ قَبْلَ الْإِمْضَاءِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَصِيرُ شَهَادَةً بِاتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهِ فَإِذَا لَمْ يَتَّصِلْ بَقِيَ قَذْفًا) الْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ الْقَضَاءُ الْمَمْضِيُّ لِأَنَّهُ لَوْ اتَّصَلَ بِهِ الْقَضَاءُ وَلَمْ يَمْضِ فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ حُدُّوا كَمَا لَوْ كَانَ قَبْلَ الْقَضَاءِ لِأَنَّ الْإِمْضَاءَ وَهُوَ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ الْقَضَاءِ فِي الْحُدُودِ