المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب حلف الفعل) - درر الحكام شرح غرر الأحكام - جـ ٢

[منلا خسرو]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْعَتَاقِ)

- ‌(بَابُ عِتْقِ الْبَعْضِ)

- ‌(بَابُ الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ)

- ‌(بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ)

- ‌(بَابُ التَّدْبِيرِ)

- ‌(بَابٌ الِاسْتِيلَادِ)

- ‌[كِتَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[أَرْكَان الْكِتَابَة]

- ‌(فَصْلٌ فِي تَصَرُّفَاتِ الْمُكَاتَبِ)

- ‌(بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ)

- ‌[بَابُ مَوْتِ الْمُكَاتَب وَعَجْزِهِ]

- ‌(كِتَابُ الْوَلَاءِ)

- ‌(كِتَابُ الْأَيْمَانِ)

- ‌[أَنْوَاع الْيَمِين]

- ‌ حُرُوفُ الْقَسَمِ

- ‌[كَفَّارَة الْيَمِين]

- ‌(بَابٌ حَلِفُ الْفِعْلِ)

- ‌(بَابُ حَلِفِ الْقَوْلِ)

- ‌(كِتَابُ الْحُدُودِ)

- ‌[حَدّ الزِّنَا]

- ‌[مَا يَثْبُت بِهِ حَدّ الزِّنَا]

- ‌[بَابُ الْوَطْءُ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدّ وَاَلَّذِي لَا يُوجِبُهُ]

- ‌(بَابٌ شَهَادَةُ الزِّنَا وَالرُّجُوعُ عَنْهَا)

- ‌(بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ)

- ‌(بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ)

- ‌(فَصْلٌ)(التَّعْزِيرُ

- ‌(كِتَابُ السَّرِقَةِ)

- ‌[فَصْلٌ عُقُوبَة السَّارِق]

- ‌(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ)

- ‌(كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ)

- ‌ شُرْبُ دُرْدِيِّ الْخَمْرِ وَالِامْتِشَاطُ بِهِ)

- ‌[كِتَابُ الْجِنَايَاتِ]

- ‌[أَقْسَام الْقَتْلُ]

- ‌ شَرْطُ الْقَتْلِ الْعَمْدِ

- ‌(بَابُ مَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَمَا لَا يُوجِبُهُ)

- ‌(بَابُ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ)

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالَتِهِ)

- ‌[مَسَائِلِ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ]

- ‌[مَسَائِلِ اعْتِبَارِ حَالَةِ الْقَتْلِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[مِقْدَار الدِّيَة وَأَجْنَاسهَا]

- ‌[الدِّيَة فِي شَبَه الْعَمْد]

- ‌[كَفَّارَة الْقَتْل]

- ‌[الدِّيَة فِي الْقَتْل الْخَطَأ]

- ‌[فَصْل الْقَوَدَ فِي الشِّجَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ ضَرْب بَطْنِ امْرَأَةٍ حُرَّة فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا]

- ‌(بَابُ مَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيقِ وَغَيْرِهِ)

- ‌[بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا]

- ‌[بَابُ جِنَايَةِ الرَّقِيقِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْل دِيَةُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ إقْرَار الْمُدَبَّر وَأُمُّ الْوَلَد بِجِنَايَةِ خَطَأ]

- ‌(بَابُ الْقَسَامَةِ))

- ‌[الْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِ الْخُطَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَعَاقِلِ]

- ‌(كِتَابُ الْآبِقِ)

- ‌(كِتَابُ الْمَفْقُودِ)

- ‌(كِتَابُ اللَّقِيطِ)

- ‌(كِتَابُ اللُّقَطَةُ)

- ‌(كِتَابُ الْوَقْفِ)

- ‌(وَقْفُ الْعَقَارِ

- ‌[الْوَقْفُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ]

- ‌[فَصْلٌ اتِّبَاعُ شَرْطِ الْوَاقِفِ فِي إجَارَتِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِوَقْفِ الْأَوْلَادِ

- ‌كِتَابُ الْبُيُوعِ

- ‌[مَا يَنْعَقِد بِهِ الْبَيْع]

- ‌[فَصْلٌ بَعْض الْأُصُول فِي الْبَيْعِ]

- ‌(بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ وَالتَّعْيِينِ)

- ‌(بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ)

- ‌(بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ)

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ الْبَاطِل]

- ‌[حُكْمُ الْبَيْعِ الْبَاطِل]

- ‌[الْبَيْعِ الْفَاسِد]

- ‌[بَيْعُ السَّمَكِ قَبْلَ صَيْدِهِ]

- ‌ بَيْعُ (الْحَمْلِ)

- ‌[بَيْعُ لَبَنٍ فِي ضَرْع]

- ‌[بَيْع الْمَضَامِين]

- ‌[بَيْعُ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاء]

- ‌[بَيْع شعر الْخِنْزِير]

- ‌[الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌[بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ]

- ‌بَيْعُ الْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي)

- ‌(الْبَيْعِ الْمَكْرُوهِ وَحُكْمِهِ)

- ‌ الْبَيْعُ عِنْدَ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ لِلْجُمُعَةِ)

- ‌[بَيْع النَّجْش]

- ‌(بَابُ الْإِقَالَةِ)

- ‌[تَلَقِّي الْجَلَبِ]

- ‌(بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالْوَضِيعَةِ)

- ‌[فَصْلٌ بَيْعُ الْعَقَارِ قَبْلَ قَبْضِهِ]

- ‌(بَابُ الرِّبَا)

- ‌[بَيْعِ الْكَيْلِيِّ بِالْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ بِالْوَزْنِيِّ مُتَفَاضِلًا]

- ‌ بَيْعُ الْبُرِّ بِالْبُرِّ مُتَسَاوِيًا وَزْنًا وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ مُتَسَاوِيًا كَيْلًا

- ‌[بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ]

- ‌(بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ)

- ‌[أَنْوَاع الِاسْتِحْقَاق]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[شَرَائِط السَّلَم]

- ‌ بَيْعُ كُلِّ ذِي نَابٍ أَوْ مِخْلَبٍ)

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى فِي الْبَيْع]

- ‌[بَابُ الصَّرْفِ]

- ‌(تَذْنِيبٌ)لِكِتَابِ الْبَيْعِ

- ‌(بَيْعُ الْوَفَاءِ

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[بَابٌ مَا تَكُونُ فِيهِ الشُّفْعَةُ]

- ‌[الْحِيلَةَ لِإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[مَا تَصِحّ بِهِ الْهِبَة]

- ‌[بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَة]

- ‌[مَوَانِعَ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَة]

- ‌[فَصْلٌ وَهَبَ أَمَةً إلَّا حَمْلَهَا أَوْ عَلَى أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ أَوْ يَعْتِقَهَا أَوْ يَسْتَوْلِدَهَا]

- ‌(كِتَابُ الْإِجَارَةِ)

- ‌[أَحْكَام الْعُمْرَى]

- ‌[مَا تَنْعَقِد بِهِ الْإِجَارَة]

- ‌(بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ)

- ‌[مَا يفسد الْإِجَارَة]

- ‌[بَابٌ فِي الْأَجِير] [

- ‌أَنْوَاع الْأَجِير]

- ‌[بَابُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى فِي الْإِجَارَة]

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[إعَارَةُ الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ]

- ‌[التَّوْكِيلُ بِرَدِّ الْعَارِيَّةِ وَالْمَغْصُوبِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[أَرْكَان الْوَدِيعَة]

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌(بَابُ مَا يَصِحُّ رَهْنُهُ وَالرَّهْنُ بِهِ

- ‌[بَابُ الرَّهْنُ يُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ]

- ‌(بَابُ التَّصَرُّفِ وَالْجِنَايَةِ فِي الرَّهْنِ)

- ‌[فَصْلٌ رَهَنَ عَصِيرًا قِيمَتُهُ بِعَشَرَةٍ فَتَخَمَّرَ وَتَخَلَّلَ وَهُوَ يُسَاوِيهَا]

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌[فَصْلٌ غَيَّبَ الْغَاصِبُ مَا غَصَبَهُ]

- ‌(كِتَابُ الْإِكْرَاهِ)

- ‌[أَنْوَاع الْإِكْرَاه]

- ‌[شُرُوط الْإِكْرَاه]

- ‌كِتَابُ الْحَجْرِ

- ‌[فَصْلٌ علامات الْبُلُوغ]

- ‌(كِتَابُ الْمَأْذُونِ)

- ‌[مَا يَثْبُت بِهِ الْأُذُن]

- ‌(كِتَابُ الْوَكَالَةِ)

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَعْقِدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ]

- ‌(بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ)

- ‌(بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ)

- ‌[كِتَابُ الْكَفَالَةِ]

- ‌[أَرْكَان الْكِفَالَة]

- ‌فَصْلٌ (لَهُمَا دَيْنٌ عَلَى آخَرَ فَكَفَلَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بِنَصِيبِهِ

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَوَالَةِ]

- ‌[الْحَوَالَةُ بِالدَّرَاهِمِ الْمُودَعَةِ وَالْمَغْصُوبَةِ وَبِالدَّيْنِ]

- ‌(كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ)

- ‌[أَرْكَان الْمُضَارَبَة]

- ‌[شُرُوط الْمُضَارَبَة]

- ‌[بَابُ الْمُضَارَبُ بِلَا إذْنٍ]

- ‌[كِتَابُ الشَّرِكَةِ]

- ‌[أَرْكَان الشَّرِكَة وَشُرُوطهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌(كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ)

- ‌[أَرْكَان الْمُزَارَعَة]

- ‌[مُبْطِلَات الْمُزَارَعَة]

- ‌(كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ)

- ‌[شُرُوط الْمُسَاقَاة]

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى]

- ‌[أَرْكَان الدَّعْوَى]

- ‌[بَابُ التَّحَالُفِ فِي الدَّعْوَى]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ يَكُونُ خَصْمًا وَمَنْ لَا يَكُونُ]

- ‌(بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ)

- ‌[بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ]

- ‌(فَصْلٌ)(الِاسْتِشْرَاءُ وَالِاسْتِيهَابُ وَالِاسْتِيدَاعُ وَالِاسْتِئْجَارُ)

- ‌(كِتَابُ الْإِقْرَارِ)

- ‌[بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا بِمَعْنَاهُ فِي الْإِقْرَار]

- ‌(بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ)

- ‌(فَصْل)(حُرَّةٌ أَقَرَّتْ بِدَيْنٍ فَكَذَّبَهَا زَوْجُهَا

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[شُرُوط الشَّهَادَة]

- ‌[أَرْكَان الشَّهَادَة]

- ‌[نصاب الشَّهَادَة]

- ‌[بَابُ الْقَبُولِ وَعَدَمِهِ فِي الشَّهَادَات]

- ‌(بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ)

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ]

- ‌(بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ)

- ‌(كِتَابُ الصُّلْحِ)

- ‌[أَرْكَان الصُّلْح]

- ‌[شُرُوط الصُّلْح]

- ‌(كِتَابُ الْقَضَاءِ)

- ‌(أَخَذَ الْقَضَاءَ بِرِشْوَةٍ

- ‌[مَا تَقْضِي فِيهِ الْمَرْأَة]

- ‌ بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي

- ‌[بَيَانِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِجَانِبِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ]

- ‌[بَيَانِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِجَانِبِ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى فِي الْقَضَاء]

- ‌[بَيَانِ الْمَحْضَرِ وَمَا اُعْتُبِرَ فِيهِ]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[أَرْكَان الْقِسْمَة]

- ‌[شُرُوط الْقِسْمَة]

- ‌[سَبَبُ الْقِسْمَة]

- ‌[أَنْوَاع الْقِسْمَةُ]

- ‌ كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ

- ‌[أَحْكَام الْمُهَايَأَة]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌[الْبَاب الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ]

- ‌(بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ)

- ‌(بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ)

- ‌(بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ، وَالسُّكْنَى، وَالثَّمَرَةِ)

- ‌[فَصْلٌ وَصَايَا الذِّمِّيِّ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي الْإِيصَاءِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌(باب حلف الفعل)

إلَّا مِائَةً لَزِمَتْهُ فَقَطْ) وَهُوَ الصَّحِيحُ إذْ فِيمَا لَا يَمْلِكُ لَمْ يُوجَدْ النَّذْرُ فِي الْمِلْكِ وَلَا مُضَافًا إلَى سَبَبِ الْمِلْكِ فَلَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ قَالَ: مَالِي فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ لَا يَصِحُّ.

(نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَذِهِ الْمِائَةِ يَوْمَ كَذَا عَلَى فُلَانٍ فَتَصَدَّقَ بِمِائَةٍ أُخْرَى قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ عَلَى فَقِيرٍ آخَرَ جَازَ) لِمَا عَرَفْت أَنَّ هَذِهِ الْخُصُوصِيَّاتِ لَا تُعْتَبَرُ بَعْدَ حُصُولِ دَفْعِ حَاجَةِ الْفَقِيرِ.

(قَالَ عَلَيَّ نَذْرٌ فَسَكَتَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) ، كَذَا فِي النَّوَازِلِ.

(وَصَلَ بِحَلِفِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ بَطَلَ) أَيْ حَلِفُهُ يَعْنِي إذَا حَلَفَ عَلَى فِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ وَقَالَ بَعْدَهُ مُتَّصِلًا بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَحْنَثُ لِمَا رُوِيَ عَنْ الْعَبَادِلَةِ الثَّلَاثَةِ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، وَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدْ اسْتَثْنَى وَمَنْ اسْتَثْنَى فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ» لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ الِاتِّصَالِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الِانْفِصَالِ رُجُوعٌ وَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِي الْأَيْمَانِ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ كَانَ يُجَوِّزُ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُنْفَصِلَ إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: 24] أَيْ إذَا نَسِيت الِاسْتِثْنَاءَ الْمُتَّصِلَ فَاسْتَثْنِ مَفْصُولًا، قَالَ مَشَايِخُنَا فِي تَصْحِيحِ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْفَصِلِ: إخْرَاجُ الْعُقُودِ كُلِّهَا مِنْ الْبُيُوعِ، وَالْأَنْكِحَةِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ أَنْ تَكُونَ مُلْزِمَةً وَلَا يُحْتَاجُ إلَى الْمُحَلِّلِ؛ لِأَنَّ الْمُطَلِّقَ يُسْتَثْنَى إذَا نَدِمَ.

وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: 24] فَمَعْنَاهُ إذَا لَمْ تَذْكُرْ " إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى " فِي أَوَّلِ كَلَامِك فَاذْكُرْهُ فِي آخِرِهِ مَوْصُولًا بِهِ رُوِيَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ صَاحِبَ الْمَغَازِي كَانَ عِنْدَ الْمَنْصُورِ وَكَانَ يَقْرَأُ عِنْدَهُ الْمَغَازِي وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ حَاضِرًا فَأَرَادَ أَنْ يَغْوِيَ الْخَلِيفَةَ عَلَيْهِ فَقَالَ: إنَّ هَذَا الشَّيْخَ يُخَالِفُ جَدَّك فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْفَصِلِ، فَقَالَ لَهُ: أَبَلَغَ مِنْ قَدْرِك إنْ تُخَالِفَ جَدِّي، فَقَالَ: إنَّ هَذَا يُرِيدُ أَنْ يُفْسِدَ عَلَيْك مُلْكَك؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ الِاسْتِثْنَاءُ الْمُنْفَصِلُ فَالنَّاسُ يُبَايِعُونَك وَيَحْلِفُونَ ثُمَّ يَخْرُجُونَ وَيَسْتَثْنُونَ ثُمَّ يُخَالِفُونَ وَلَا يَخْشَوْنَ فَقَالَ: نِعْمَ مَا قُلْت وَغَضِبَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَأَخْرَجَهُ مِنْ عِنْدِهِ

(بَابٌ حَلِفُ الْفِعْلِ)

الْأَصْلُ أَنَّ الْأَلْفَاظَ الْمُسْتَعْمَلَةَ فِي الْأَيْمَانِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَى الْحَقِيقَةِ لِأَنَّهَا حَقِيقٌ بِأَنْ تُرَادَ دُونَ الْمَجَازِ وَعِنْدَ مَالِكٍ عَلَى مَعَانِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى (حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا يَحْنَثُ بِدُخُولِ صِفَتِهِ) لِأَنَّ الْبَيْتَ اسْمٌ لِمَبْنًى مُسَقَّفٍ مَدْخَلُهُ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ بُنِيَ لِلْبَيْتُوتَةِ سَوَاءٌ كَانَ حِيطَانُهُ أَرْبَعَةً أَوْ ثَلَاثَةً وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الصُّفَّةِ إلَّا أَنَّ مَدْخَلَهَا أَوْسَعُ فَيَتَنَاوَلُهَا اسْمُ الْبَيْتِ فَيَحْنَثُ بِسُكْنَاهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَا سِوَاهَا (هُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازٌ عَمَّا قِيلَ إنَّمَا يَحْنَثُ إذَا كَانَتْ الصُّفَّةُ ذَاتَ حَوَائِطَ أَرْبَعَةٍ وَهَكَذَا كَانَتْ صِفَاتُ أَهْلِ الْكُوفَةِ (لَا) بِدُخُولِ (الْكَعْبَةِ أَوْ مَسْجِدٍ أَوْ بِيعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ) وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ مَعْنَاهُمَا لِأَنَّ الْبَيْتَ كَمَا عَرَفْت مَا بُنِيَ لِلْبَيْتُوتَةِ وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ (أَوْ دِهْلِيزٍ) لِأَنَّهُ أَيْضًا لَمْ يُبْنَ لِبَيْتُوتَةٍ فِيهِ وَقِيلَ يَحْنَثُ إذْ يُبَاتُ فِيهِ عَادَةً أَقُولُ هَذَا الْقَدْرُ لَا يَكْفِي فِي كَوْنِهِ بَيْتًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ بِنَائِهِ لِلْبَيْتُوتَةِ كَمَا سَبَقَ لَا يُقَالُ إذَا بِيتَ فِيهِ عَادَةً كَانَ بِنَاؤُهُ لِلْبَيْتُوتَةِ عَادَةً لِأَنَّ الْمُلَازَمَةَ مَمْنُوعَةٌ (أَوْ ظُلَّةِ بَابِ دَارٍ)

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

يَلْزَمُهُ بِقَدْرِ مَا عَاشَ فِي كُلِّ سَنَةٍ حِجَّةٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَصَلَ بِحَلِفِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ بَطَلَ) كَذَا نَذْرُهُ وَطَلَاقُهُ وَعَتَاقُهُ وَإِقْرَارُهُ عِبَادَةً أَوْ مُعَامَلَةً وَسَائِرُ الْعُقُودِ وَسَوَاءٌ وَصَلَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَانْقِطَاعِ التَّنَفُّسِ أَوْ سُعَالٍ وَسَوَاءٌ قَصَدَ الِاسْتِثْنَاءَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ عَلِمَ حُكْمَهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ

[بَابٌ حَلِفُ الْفِعْلِ]

(بَابُ حَلِفِ الْفِعْلِ)(قَوْلُهُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ عِنْدَنَا) أَيْ إذَا لَمْ تَكُنْ نِيَّةٌ فَإِنْ كَانَتْ وَاللَّفْظُ يَحْتَمِلُهُ الْعَقْدُ الْيَمِينُ بِاعْتِبَارِهِ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْحَاوِي الْحَصِيرِيِّ الْمُعْتَبَرُ فِي الْأَيْمَانِ الْأَلْفَاظُ دُونَ الْأَغْرَاضِ اهـ.

وَلَعَلَّهُ قَضَاءً وَمَا قَالَهُ الْكَمَالُ دِيَانَةً فَلَا مُخَالَفَةَ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَى الْحَقِيقَةِ) يَعْنِي اللُّغَوِيَّةَ وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَلَى النِّيَّةِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ يَحْنَثُ بِدُخُولِ صُفَّةٍ) لَمْ يُقَيِّدْ بِكَوْنِهَا مُسَقَّفَةً وَقَالَ الْكَمَالُ يَحْنَثُ بِالصُّفَّةِ بَعْدَ أَنْ تَكُونَ مُسَقَّفًا كَمَا فِي صِفَافِ دِيَارِنَا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ هَذَا السَّقْفُ وَصْفٌ فِيهِ أَيْ الْبَيْتِ وَهَذَا يُفِيدُك أَنَّ ذِكْرَ السَّقْفِ فِي الدِّهْلِيزِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ اهـ فَكَذَا الصُّفَّةُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْبَيْتَ اسْمٌ لِمَبْنًى مُسَقَّفٍ) السَّقْفُ لَيْسَ شَرْطًا فَيَحْنَثُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسَقَّفًا لِمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَحْنَثُ إذْ يَبَاتُ فِيهِ عَادَةً) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ لِأَنَّهُ لَوْ أَغْلَقَ الْبَابَ كَذَا دَاخِلًا وَقَالَ الْكَمَالُ إذَا أَطْلَقَ الْبَيْتَ فِي الْعُرْفِ فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ مَا يُبَاتُ فِيهِ عَادَةً فَدَخَلَ الدِّهْلِيزُ إذَا كَانَ كَبِيرًا بِحَيْثُ يَبَاتُ فِيهِ لِأَنَّ مِثْلَهُ يُعْتَادُ بَيْتُوتَتُهُ لِلضُّيُوفِ فِي بَعْضِ الْقُرَى وَفِي الْمَدَنِ يَبِيتُ فِيهِ بَعْضُ الْأَتْبَاعِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَيَحْنَثُ اهـ.

(قَوْلُهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ بِنَائِهِ لِلْبَيْتُوتَةِ) يُخَالِفُ مَا مَشَى عَلَيْهِ سَابِقًا مِنْ الْحِنْثِ بِدُخُولِ الصُّفَّةِ لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْبَيْتِ وَكَذَا مَشَى الْكَمَالُ عَلَيْهِ كَمَا قَدَّمْنَا مُخَالِفًا لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ لِأَنَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ صَحَّحَ الْحِنْثَ بِدُخُولِ الصُّفَّةِ دُونَ الدِّهْلِيزِ مَعَ أَنَّ الْمَعْنَى فِيهِمَا وَاحِدٌ فَكَانَ وَجْهًا لِلْكَمَالِ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ أَوْ ظُلَّةُ دَارٍ وَهِيَ الَّتِي. . . إلَخْ) فَسَّرَ الظُّلَّةَ بِهَذَا لِتَكُونَ سَابَاطًا لِأَنَّ الظُّلَّةَ إذَا كَانَ مَعْنَاهَا مَا هُوَ دَاخِلُ الْبَيْتِ مُسَقَّفًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ لِأَنَّهُ يَبَاتُ فِيهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ وَقَالَ الْكَمَالُ الْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ إذَا أَغْلَقَ الْبَابَ دَاخِلًا لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْ الدَّارِ وَلَهُ سَعَةٌ يَصْلُحُ لِلْبَيْتُوتَةِ مِنْ

ص: 44

وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ عَلَى بَابِ الدَّارِ وَلَا يَكُونُ فَوْقَهَا بِنَاءٌ وَإِذَا كَانَ عَلَى بَابِ الدَّارِ تَكُونُ عَلَى السِّكَّةِ فَلَا تَكُونُ بَيْتًا فَلَا يَحْنَثُ.

(وَفِي) الْحَلِفِ بِأَنَّهُ (لَا يَدْخُلُ دَارًا لَمْ يَحْنَثْ بِدُخُولِهَا خَرِبَةً وَفِي هَذِهِ الدَّارِ يَحْنَثُ وَإِنْ صَارَتْ صَحْرَاءَ أَوْ بُنِيَتْ بَعْدَ انْهِدَامِهَا) دَارٌ (أُخْرَى) لِأَنَّ الدَّارَ اسْمٌ لِلْعَرْصَةِ عِنْدَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ يُقَالُ دَارٌ عَامِرَةٌ وَدَارٌ غَامِرَةٌ وَقَدْ شَهِدَتْ أَشْعَارُ الْعَرَبِ بِذَلِكَ وَالْبِنَاءُ وَصْفٌ فِيهَا غَيْرَ أَنَّ الْوَصْفَ فِي الْحَاضِرِ لَغْوٌ وَفِي الْغَالِبِ مُعْتَبَرٌ هَذِهِ عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ وَتَحْقِيقُهَا أَنَّ مُرَادَهُ بِالْوَصْفِ مَا لَيْسَ صِفَةً عَرَضِيَّةً قَائِمَةً بِجَوْهَرٍ كَالشَّبَابِ وَالشَّيْخُوخَةِ وَنَحْوِهِمَا بَلْ مَا يَتَنَاوَلُهَا وَيَتَنَاوَلُ جَوْهَرًا قَائِمًا بِجَوْهَرٍ آخَرَ يَزِيدُ قِيَامُهُ بِهِ حُسْنًا لَهُ وَكَمَالًا وَيُورِثُ انْتِقَاصُهُ عَنْهُ قُبْحًا لَهُ وَنُقْصَانًا حَتَّى فَرَّقُوا بَيْنَ الْوَصْفِ وَالْقَدْرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَائِلِ الْبُيُوعِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّ الْأَوَّلَ مَا يُورِثُ تَشْقِيصُهُ ضَرَرًا لِأَصْلِهِ وَالثَّانِي مَا لَا يُورِثُ ذَلِكَ وَجَعَلُوا مَا يُسَاوِي الذَّرْعَ فِي الْمَذْرُوعَاتِ وَصْفًا وَمَا يُسَاوِي الْكَيْلَ فِي الْمَكِيلَاتِ قَدْرًا فَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ اسْمًا لِلْعَرْصَةِ وَكَانَ الْبِنَاءُ وَصْفًا وَكَانَتْ الدَّارُ مُنْكَرَةً كَانَتْ غَائِبَةً فَيُعْتَبَرُ فِيهَا الْبِنَاءُ وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ لَمْ يَحْنَثْ وَإِذَا كَانَتْ مُعَرَّفَةً كَانَتْ حَاضِرَةً فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْبِنَاءُ وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ يَحْنَثُ إذَا عَرَفْت هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ مَا صَدَرَ مِنْ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ هَاهُنَا أَيْضًا مِنْ الْغَرَائِبِ لِأَنَّهُ خَالَفَ جُمْهُورَ الْأَئِمَّةِ بِرَأْيٍ غَيْرِ صَائِبٍ حَيْثُ قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلَهَا مُنْهَدِمَةً أَنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ اسْمَ الدَّارِ يُطْلَقُ عَلَى الْخَرِبَةِ فَهَذِهِ الْعِلَّةُ تُوجِبُ الْحِنْثَ فِي لَا يَدْخُلُ دَارًا فَدَخَلَ دَارًا خَرِبَةً ثُمَّ فَرْقُهُمْ بِأَنَّ الْوَصْفَ فِي الْحَاضِرِ لَغْوٌ فَرْقٌ وَاهٍ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا وُصِفَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِصِفَةٍ مِثْلِ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الشَّابَّ فَكَلَّمَهُ شَيْخًا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْوَصْفَ بِالشَّابِّ صَارَ لَغْوًا وَفِي قَوْلِنَا لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ لَا يَدْخُلُ دَارًا أَيْنَ الْوَصْفُ حَتَّى يَكُونَ لَغْوًا فِي إحْدَاهُمَا غَيْرَ لَغْوٍ فِي الْآخَرِ ثُمَّ هَذَا الْمَعْنَى يُوجِبُ الْخُبْثَ فِي لَا يَدْخُلُ هَذَا الْبَيْتَ وَعَدَمَهُ فِي لَا يَدْخُلُ بَيْتًا إنْ دَخَلَهُ مُنْهَدِمًا صَحْرَاءَ لِأَنَّ الْبَيْتُوتَةَ وَصْفٌ فَيَلْغُو فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ فَزَوَالُ اسْمِ الْبَيْتِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْتَبَرَ فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ ثُمَّ قَالُوا فِي لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلَهَا بَعْدَ مَا بُنِيَتْ حَمَّامًا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ دَارًا فَإِنَّ مَا قَالَهُ فَاسِدٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ قَوْلَهُ فَهَذِهِ الْعِلَّةُ تُوجِبُ إلَى آخِرِهِ نَاشِئٌ مِنْ الْغَفْلَةِ عَنْ قَوْلِ الْهِدَايَةِ غَيْرَ أَنَّ الْوَصْفَ فِي الْحَاضِرِ لَغْوٌ وَفِي الْغَائِبِ مُعْتَبَرٌ وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ قَوْلَهُ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا وُصِفَ الْمُشَارُ إلَيْهِ إلَى آخِرِهِ نَاشِئٌ مِنْ الْغَفْلَةِ عَنْ مَعْنَى الْوَصْفِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْبِنَاءَ وَصْفٌ فِي الدَّارِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَأَمَّا ثَالِثًا فَلِأَنَّ قَوْلَهُ: ثُمَّ هَذَا الْمَعْنَى يُوجِبُ إلَى آخِرِهِ غَلَطٌ مَحْضٌ نَاشِئٌ مِنْ عَدَمِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْبَيْتِ وَالدَّارِ وَأَيْضًا الْبَيْتُوتَةُ لَيْسَتْ بِوَصْفٍ لِلْبَيْتِ لِأَنَّهُ كَمَا عَرَفْت عِبَارَةٌ عَنْ أَمْرٍ زَائِدٍ عَلَى الذَّاتِ قَائِمٍ بِهَا الْبَيْتُوتَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ عِلَّةٌ غَائِبَةٌ لِبِنَائِهِ بِخِلَافِ الدَّارِ فَإِنَّ الْبِنَاءَ زَائِدٌ عَلَى الدَّارِ الَّتِي هِيَ الْعَرْصَةُ وَأَمَّا رَابِعًا فَلِأَنَّ حَاصِلَ قَوْلِهِ ثُمَّ قَالُوا فِي لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ إلَى آخِرِهِ أَنَّ الدَّارَ إذَا كَانَتْ عِبَارَةً عَنْ الْعَرْصَةِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ فِيمَا إذَا بُنِيَتْ حَمَّامًا لِوُجُودِ الْعَرْصَةِ وَهُوَ فَاسِدٌ لِأَنَّ الدَّارَ تُطْلَقُ عَلَى الْعَرْصَةِ الْمُجَرَّدَةِ وَعَلَى عَرْصَةٍ مَعَ مَا بُنِيَ عَلَيْهَا مِنْ بِنَاءِ الدَّارِ وَأَمَّا إذَا بَنَى عَلَيْهَا بِنَاءً غَيْرَ الدَّارِ أَوْ تَصَرَّفَ فِيهَا تَصَرُّفًا يَزُولُ بِهِ اسْمُ الدَّارِ عَنْهُ عُرْفًا فَلَا يَكُونُ دَارًا كَأَنَّ هَذَا الْفَاضِلَ لَمْ يَنْظُرْ فِي أَلْفَاظِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

سَقْفٍ يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ اهـ.

وَقَدْ عَلِمْت مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ السَّقْفَ وَصْفٌ فَالتَّقْيِيدُ بِهِ اتِّفَاقِيٌّ (قَوْلُهُ وَفِي لَا يَدْخُلُ دَارًا لَمْ يَحْنَثْ بِدُخُولِهَا خَرِبَةً) يَعْنِي بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ بِهَا بِنَاءٌ أَصْلًا بِأَنْ صَارَتْ صَحْرَاءَ فَأَمَّا إذَا دَخَلَهَا بَعْدَ مَا زَالَ بَعْضُ حِيطَانِهَا فَهَذِهِ دَارٌ خَرِبَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ فِي الْمُنْكَرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ فِي عُرْفِنَا لَا يَحْنَثُ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ اهـ وَهُوَ قَوْلُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَالَ الْكَمَالُ لَوْ جَمَعَ بَيْنَ قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنْ يُحْمَلَ جَوَابُ الْمُتَقَدِّمِينَ بِالْحِنْثِ عَلَى مَا إذَا كَانَ لِلسَّطْحِ حَضِيرٌ وَجَوَابُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ فِي عُرْفِنَا يَعْنِي الْعَجَمَ لَا يَحْنَثُ بِالْوُقُوفِ عَلَى السَّطْحِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ حَضِيرٌ اُتُّجِهَ وَهَذَا اعْتِقَادِيٌّ اهـ.

(قَوْلُهُ وَفِي هَذِهِ الدَّارِ) قَيَّدَ بِالْإِشَارَةِ مَعَ التَّسْمِيَةِ لِأَنَّهُ لَوْ أَشَارَ وَلَمْ يُسَمِّ كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِدُخُولِهَا عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ دَارًا أَوْ مَسْجِدًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ بُسْتَانًا لِأَنَّ الْيَمِينَ عُقِدَتْ عَلَى الْعَيْنِ دُونَ الِاسْمِ وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ جُعِلَتْ مَسْجِدًا. . . إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذَا الْمَسْجِدَ فَهُدِمَ ثُمَّ بُنِيَ مَسْجِدًا فَدَخَلَهُ يَحْنَثُ لِعَدَمِ اعْتِرَاضِ اسْمٍ آخَرَ عَلَيْهِ

ص: 45

الْهِدَايَةِ وَعِبَارَاتِهِ فَضْلًا عَنْ التَّأَمُّلِ وَالتَّفَكُّرِ فِي اعْتِبَارَاتِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مُلْهِمِ الصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ (كَذَا الْوُقُوفُ عَلَى سَطْحِهَا) فَإِنَّهُ أَيْضًا يُوجِبُ الْحِنْثَ لِأَنَّ السَّطْحَ مِنْ الدَّارِ، أَلَا يَرَى أَنَّ الْمُعْتَكِفَ لَا يَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ بِالْخُرُوجِ إلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ (وَقِيلَ) فِي عُرْفِنَا (لَا) يَحْنَثُ (كَمَا لَوْ جُعِلَتْ الدَّارُ مَسْجِدًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ بُسْتَانًا أَوْ بَيْتًا) حَيْثُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهَا لَمْ تَبْقَ دَارًا لِاعْتِرَاضِ اسْمٍ آخَرَ عَلَيْهِ (أَوْ دَخَلَهَا بَعْدَ هَدْمِ الْحَمَّامِ وَأَشْبَاهِهِ) لِأَنَّ اسْمَ الدَّارِ لَا يَعُودُ بِهِ (وَهَكَذَا الْبَيْتُ) يَعْنِي إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذَا الْبَيْتَ وَدَخَلَهُ (مُنْهَدِمًا صَحْرَاءَ) لَمْ يَحْنَثْ لِزَوَالِ اسْمِ الْبَيْتِ فَإِنَّهُ لَا يُبَاتُ فِيهِ حَتَّى لَوْ بَقِيَ الْحِيطَانُ وَسَقَطَ السَّقْفُ يَحْنَثُ إذْ يَبَاتُ فِيهِ وَالسَّقْفُ وَصْفٌ فِيهِ (أَوْ) دَخَلَهُ (بَعْدَمَا بُنِيَ بَيْتًا آخَرَ) لَمْ يَحْنَثْ أَيْضًا لِأَنَّ الِاسْمَ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ الِانْهِدَامِ

(أَوْ) حَلَفَ (لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَوَقَفَ فِي طَاقِ بَابِ دَارٍ لَوْ أَغْلَقَ الْبَابَ كَانَ خَارِجًا) لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْبَابَ لِإِحْرَازِ الدَّارِ وَمَا فِيهَا فَلَمْ يَكُنْ الْخَارِجُ مِنْ الدَّارِ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَسْكُنُهَا) أَيْ هَذِهِ الدَّارَ (وَهُوَ سَاكِنُهَا أَوْ) حَلَفَ (لَا يَلْبَسُهُ) أَيْ هَذَا الثَّوْبَ (وَهُوَ لَابِسُهُ أَوْ) حَلَفَ (لَا يَرْكَبُهَا) أَيْ هَذِهِ الدَّابَّةَ (وَهُوَ رَاكِبُهَا فَأَخَذَ فِي النُّقْلَةِ) مِنْ الدَّارِ فِي الْأَوَّلِ (وَنَزَعَ) الثَّوْبَ فِي الثَّانِي (وَنَزَلَ) عَنْ الدَّابَّةِ فِي الثَّالِثِ (بِلَا مُكْثٍ) قَيَّدَ لِلثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي شَيْءٍ مِنْ الصُّوَرِ وَقَالَ زُفَرُ يَحْنَثُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَإِنْ قَلَّ، وَلَنَا أَنَّ الْيَمِينَ تُعْقَدُ لِلْبِرِّ فَيُسْتَثْنَى مِنْهُ زَمَانُ تَحْقِيقِهِ فَإِنْ لَبِثَ عَلَى حَالِهِ سَاعَةً حَنِثَ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ لَهَا دَوَامٌ بِتَجَدُّدِ أَمْثَالِهَا حَتَّى يَضْرِبَ لَهَا مُدَّةً يُقَالُ رَكِبْت يَوْمًا وَلَبِسْت يَوْمًا بِخِلَافِ الدُّخُولِ إذْ لَا يُقَالُ دَخَلْت يَوْمًا بِمَعْنَى الْمُدَّةِ وَالتَّوْقِيتِ وَإِنْ جَازَ بِمَعْنَى الظَّرْفِ وَلَوْ نَوَى ابْتِدَاءَ اللُّبْسِ مَثَلًا يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلُ كَلَامِهِ فَلَا يَحْنَثُ بِاللُّبْثِ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَدْخُلُهَا) وَهُوَ فِيهَا (فَقَعَدَ فِيهَا) فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْقُعُودِ (إلَّا بِخُرُوجِهِ ثُمَّ دُخُولِهِ) وَالْقِيَاسُ أَنْ يَحْنَثَ بِالْقُعُودِ لِأَنَّ الدَّوَامَ لَهُ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الدُّخُولَ لَا دَوَامَ لَهُ لِأَنَّهُ انْفِصَالٌ مِنْ الْخَارِجِ إلَى الدَّاخِلِ.

(وَفِي لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ الْبَيْتَ أَوْ الْمَحَلَّةَ لَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِ بِأَهْلِهِ وَجَمِيعِ مَتَاعِهِ) حَتَّى لَوْ بَقِيَ وَتَدٌ حَنِثَ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُعْتَبَرُ نَقْلُ الْأَكْثَرِ لِأَنَّ نَقْلَ الْكُلِّ قَدْ يَتَعَذَّرُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُعْتَبَرُ نَقْلُ مَا يَقُومُ بِهِ كَتَخْدَائِيَّتِه لِأَنَّ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ السُّكْنَى، قَالُوا هَذَا حَسَنٌ وَأَوْفَقُ بِالنَّاسِ (بِخِلَافِ الْمِصْرِ وَالْقَرْيَةِ) فَإِنَّ الْبِرَّ لَا يَتَوَقَّفُ فِيهِمَا عَلَى نَقْلِ الْمَتَاعِ وَالْأَهْلِ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاكِنًا فِي الَّذِي انْتَقَلَ عَنْهُ عُرْفًا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ (وَحَنِثَ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ أَوْ دَخَلَهَا بَعْدَ هَدْمِ الْحَمَّامِ) كَذَا لَوْ بُنِيَتْ دَارًا بَعْدَ هَدْمِ نَحْوِ الْحَمَّامِ فَدَخَلَهَا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ أَيْضًا لِأَنَّهُ غَيْرُ تِلْكَ الدَّارِ الَّتِي مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ الدُّخُولِ فِيهَا كَذَا فِي الْبَحْرِ

(قَوْلُهُ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ. . . إلَخْ) لَوْ كَانَ الْحَلِفُ عَلَى الْخُرُوجِ انْعَكَسَ الْحُكْمُ وَإِذَا زَلَقَ وَهُوَ يَشْتَدُّ فِي الْمَشْيِ فَعَثَرَ أَوْ زَلِقَ فَوَقَعَ فِي الدَّارِ أَوْ دَفَعَتْهُ الرِّيحُ وَأَوْقَعَتْهُ فِي الدَّارِ وَهُوَ لَا يَسْتَطِيعُ الِامْتِنَاعَ لَا يَحْنَثُ فِي الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ فَأَخَذَ فِي النُّقْلَةِ مِنْ الدَّارِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ شَيْئًا فَشَيْئًا بِحَيْثُ لَا تَفْتُرُ النَّقَلَاتُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَنْقُلُ مَتَاعَهُ فِي يَوْمٍ وَلَا يَلْزَمُهُ النَّقْلُ بِأَسْرَعِ الْوُجُوهِ بَلْ بِقَدْرِ مَا يُسَمَّى نَاقِلًا فِي الْعُرْفِ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَبِثَ عَلَى حَالِهِ سَاعَةً حَنِثَ) إذَا أَمْكَنَهُ النَّقْلُ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْدِرْ فَإِنْ كَانَ بِعُذْرِ اللَّيْلِ وَخَوْفِ اللِّصِّ أَوْ بِمَنْعِ ذِي سُلْطَانٍ أَوْ عَدَمِ مَوْضِعٍ مُنْتَقَلٍ إلَيْهِ حِينَئِذٍ أَوْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ الْبَابَ فَلَمْ يَسْتَطِعْ فَتْحَهُ أَوْ كَانَ شَرِيفًا أَوْ ضَعِيفًا لَا يَقْدِرُ عَلَى حَمْلِ الْمَتَاعِ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَنْقُلُهَا لَا يَحْنَثُ وَيَلْحَقُ ذَلِكَ الْوَقْتُ بِالْعَدَمِ لِلْعُذْرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ إنْ لَمْ أَخْرُجْ مِنْ هَذَا الْمَنْزِلِ الْيَوْمَ فَكَذَا فَقَيَّدَ أَوْ مَنَعَ أَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَحْضُرِي اللَّيْلَةَ فَمَنَعَهَا أَبُوهَا حَيْثُ يَحْنَثُ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ عَدَمًا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الِاخْتِيَارِ وَإِنْ فِعْلًا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَالسُّكْنَى لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الِاخْتِيَارِيُّ وَيَنْعَدِمُ بِعَدَمِهِ فَيَصِيرُ مَسْكَنًا لَا سَاكِنًا فَلَمْ يَتَحَقَّقْ شَرْطُ الْحِنْثِ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ فَقَعَدَ) بِمَعْنَى مَكَثَ وَنَظِيرُهُ لَا يَخْرُجُ وَلَا يَتَزَوَّجُ وَلَا يَتَطَهَّرُ فَاسْتَدَامَ النِّكَاحُ وَالطَّهَارَةُ لَا يَحْنَثُ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ لَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِ بِأَهْلِهِ) قَالَ الْكَمَالُ فَإِذَا خَرَجَ هُوَ وَتَرَكَ مَتَاعَهُ وَأَهْلَهُ فِيهَا وَلَمْ يُرِدْ الرُّجُوعَ حَنِثَ وَكَذَا الْحَلِفُ لَا يَسْكُنُ فِي هَذِهِ الْمَحَلَّةَ أَوْ السِّكَّةَ لَوْ خَرَجَ بِنَفْسِهِ عَازِمًا عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ أَبَدًا حَنِثَ وَإِنْ خَرَجَ عَلَى عَزْمِ أَنْ يُرْسِلَ مَنْ يَنْقُلُهُمْ لِأَنَّهُ يُعَدُّ الْمُتَأَهِّلُ سَاكِنًا بِمَحَلِّ سُكْنَى أَهْلِهِ وَمَالِهِ عُرْفًا وَهَذَا إذَا كَانَ الْحَالِفُ مُسْتَقِلًّا بِسُكْنَاهُ قَائِمًا عَلَى عِيَالِهِ فَإِنْ كَانَ سُكْنَاهُ تَبَعًا كَابْنٍ كَبِيرٍ سَاكِنٍ مَعَ أَبِيهِ أَوْ امْرَأَةٍ مَعَ زَوْجِهَا فَخَرَجَ بِنَفْسِهِ وَتَرَكَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَهِيَ زَوْجَهَا وَمَالَهَا لَا يَحْنَثُ وَقَيَّدَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ أَيْضًا بِأَنْ يَكُونَ حَلِفُهُ بِالْعَرَبِيَّةِ فَلَوْ عَقَدَ بِالْفَارِسِيَّةِ لَا يَحْنَثُ إذَا خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَتَرَكَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَإِنْ كَانَ مُسْتَقِلًّا بِسُكْنَاهُ اهـ (قَوْلُهُ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَرَجَّحَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَأَخَذَ بِهِ لَكِنْ اسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَشَايِخُ مَا لَا يَتَأَتَّى بِهِ السُّكْنَى كَقِطْعَةِ حَصِيرٍ وَوَتَدٍ كَذَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُعْتَبَرُ نَقْلُ الْأَكْثَرِ) وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ وَالْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ وَالْكَافِي الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُعْتَبَرُ. . . إلَخْ) هُوَ أَصَحُّ مَا يُفْتَى بِهِ مِنْ التَّصْحِيحَيْنِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمِصْرِ وَالْقَرْيَةِ) جَعَلَ الْقَرْيَةَ بِمَنْزِلَةِ الْمِصْرِ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْجَوَابِ

ص: 46

فِي لَا يَخْرُجُ إنْ حَمَلَ وَأَخْرَجَ بِأَمْرِهِ) لِأَنَّ فِعْلَ الْمَأْمُورِ مُضَافًا إلَى الْآمِرِ فَصَارَ كَمَا لَوْ رَكِبَ دَابَّةً فَخَرَجَتْ بِهِ (وَبِدُونِهِ) أَيْ بِدُونِ الْأَمْرِ بِأَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ (لَا) أَيْ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَيْهِ لِعَدَمِ الْأَمْرِ (وَلَوْ) كَانَ (رَاضِيًا) بِالْخُرُوجِ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ يَكُونُ بِالْأَمْرِ لَا بِمُجَرَّدِ الْخُرُوجِ (وَمِثْلُهُ لَا يَدْخُلُ إقْسَامًا وَحُكْمًا) فَالْإِقْسَامُ أَنْ يَخْرُجَ بِأَمْرِهِ وَبِلَا أَمْرِهِ إمَّا مُكْرَهًا أَوْ رَاضِيًا وَالْحُكْمُ الْحِنْثُ فِي الْأَوَّلِ وَعَدَمُهُ فِي الْأَخِيرَيْنِ

(وَلَا) يَحْنَثُ (فِي قَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا يَخْرُجُ مِنْ دَارِهِ إلَّا إلَى جِنَازَةٍ إنْ خَرَجَ إلَيْهَا ثُمَّ أَتَى إلَى أَمْرٍ آخَرَ) لِأَنَّ خُرُوجَهُ لَمْ يَكُنْ إلَّا إلَى جِنَازَةٍ قَالَ فِي الْوِقَايَةِ وَإِنْ خَرَجَ إلَيْهَا ثُمَّ إلَى أَمْرٍ آخَرَ وَكَأَنَّهُ سَهْوٌ مِنْ النَّاسِخِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي خُرُوجَهُ إلَى غَيْرِ جِنَازَةٍ فَيَبْطُلُ الْحَصْرُ وَيَحْنَثُ وَلِذَا قُلْتُ ثُمَّ أَتَى إلَى أَمْرٍ آخَرَ كَمَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ فَخَرَجَ إلَيْهَا ثُمَّ أَتَى إلَى حَاجَةٍ أُخْرَى (وَحَنِثَ فِي لَا يَخْرُجُ إلَى مَكَّةَ فَخَرَجَ لَهَا وَرَجَعَ) لِوُجُودِ الْخُرُوجِ عَلَى قَصْدِ مَكَّةَ وَهُوَ الشَّرْطُ (لَا) أَيْ لَا يَحْنَثُ فِي لَا (يَأْتِيهَا حَتَّى يَدْخُلَهَا) لِأَنَّ الْإِتْيَانَ إنَّمَا يَكُونُ بِالدُّخُولِ (وَذَهَابُهُ كَخُرُوجِهِ) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَا يَذْهَبُ إلَى مَكَّةَ قِيلَ هُوَ كَالْإِتْيَانِ وَقِيلَ كَالْخُرُوجِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الزَّوَالِ

(وَحَنِثَ فِي لَيَأْتِيَنَّ مَكَّةَ) أَيْ لَوْ حَلَفَ لَيَأْتِيَنَّ مَكَّةَ فَلَمْ يَأْتِهَا حَتَّى مَاتَ حَنِثَ (فِي آخِرِ جُزْءٍ) مِنْ أَجْزَاءِ (حَيَاتِهِ) لِأَنَّ الْبِرَّ قَبْلَ ذَلِكَ مَرْجُوٌّ وَالْيَأْسَ حِينَئِذٍ يَحْصُلُ.

(وَ) حَنِثَ (فِي لَيَأْتِيَنَّهُ) هَذَا إنْ اسْتَطَاعَ إنْ لَمْ يَأْتِهِ (غَدًا بِلَا مَانِعٍ) يُعْتَبَرُ مَانِعًا (كَمَرَضٍ أَوْ سُلْطَانٍ وَدَيْنٍ بِنِيَّتِهِ الْحَقِيقَةَ) أَيْ إنْ قَالَ أَرَدْت الِاسْتِطَاعَةَ الْحَقِيقَةَ الْمُقَارِنَةَ لِلْفِعْلِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْكُتُبِ الْكَلَامِيَّةِ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً لِأَنَّهَا تُطْلَقُ فِي الْعُرْفِ عَلَى سَلَامَةِ الْأَسْبَابِ وَالْآلَاتِ وَالْمَعْنَى الْآخَرُ خِلَافُ الظَّاهِرِ

(حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ يُرَادُ بِهِ نِسْبَةُ السُّكْنَى) بِدَلَالَةِ الْعَادَةِ وَهِيَ أَنَّ الدَّارَ لَا تُعَادَى وَلَا تُهْجَرُ لِذَاتِهَا بَلْ لِبَعْضِ سَاكِنِيهَا إلَّا أَنَّ السُّكْنَى قَدْ تَكُونُ حَقِيقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ تَكُونُ دَلَالَةً بِأَنْ تَكُونَ الدَّارُ مِلْكًا لَهُ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ السُّكْنَى فِيهَا فَيَحْنَثُ بِالدُّخُولِ فِي دَارٍ تَكُونُ مِلْكًا لِفُلَانٍ فَلَا يَكُونُ هُوَ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

كَمَا فِي وَالْهِدَايَةِ وَهُوَ احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ مَنْ جَعَلَ الْقَرْيَةَ كَالدَّارِ فَقَالَ بِالْحِنْثِ بِبَقَاءِ الْأَهْلِ وَالْمَتَاعِ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يُكْرَهَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْحَمْلِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْخُرُوجِ بِنَفْسِهِ لَا يُعْتَبَرُ فَيَحْنَثُ بِخُرُوجِهِ بِنَفْسِهِ إذَا تَوَعَّدَ عَلَيْهِ لِمَا عُرِفَ أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يُعْدِمُ الْفِعْلَ عِنْدَنَا كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا الطَّعَامَ فَأُكْرِهَ عَلَيْهِ حَنِثَ بِأَكْلِهِ وَلَوْ أَوْجَرَ فِي حَلْقِهِ لَا يَحْنَثُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ فِي الشَّرْحِ عَلَى قَوْلِهِ أَيْ وَبِدُونِ الْأَمْرِ لَا يَحْنَثُ وَيَحْذِفَ قَوْلَهُ بِأَنْ يُكْرَهَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ بَعْدَهُ وَلَوْ رَاضِيًا إذْ لَا يُجَامِعُ الْإِكْرَاهُ الرِّضَا (قَوْلُهُ وَلَوْ رَاضِيًا) هُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ يَحْنَثُ ثُمَّ إذَا لَمْ يَحْنَثْ هَلْ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِإِخْرَاجِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ قَالَ السَّيِّدُ أَبُو شُجَاعٍ تَنْحَلُّ وَهُوَ أَرْفَقُ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ لَا تَنْحَلُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ وَقَاضِي خَانْ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ فَالْإِقْسَامُ أَنْ يَخْرُجَ بِأَمْرِهِ) صَوَابُهُ أَنْ يَدْخُلَ لِكَوْنِهِ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُهُ فِي الْأَخِيرَيْنِ) وَمِنْ حُكْمِهِ عَدَمُ انْحِلَالِ الْيَمِينِ فِي الصَّحِيحِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْخُرُوجِ

(قَوْلُهُ فَخَرَجَ لَهَا وَرَجَعَ) هَذَا إذَا تَجَاوَزَ عُمْرَانَ مُقَامِهِ فَإِنْ رَجَعَ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ الْعُمْرَانِ لَا يَحْنَثُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ دُونَ مُدَّةِ السَّفَرِ بِخِلَافِ الْخُرُوجِ إلَّا إلَى جِنَازَةٍ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِانْفِصَالِهِ عَنْ دَارِهِ بِخُرُوجِهِ لِغَيْرِ جِنَازَةٍ وَلَا يَحْنَثُ بِخُرُوجِهِ مِنْ مَنْزِلٍ بِهَا إلَى صَحْنِ الدَّارِ ثُمَّ رَجَعَ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَفِي لَا يَأْتِيهَا حَتَّى يَدْخُلَهَا) وَيَحْنَثُ بِالْوُصُولِ قَصَدَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ بِخِلَافِ الْخُرُوجِ وَالذَّهَابِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ عَنْ قَصْدٍ كَذَا فِي الْفَتْحِ عَنْ جَامِعِ قَاضِي خَانْ وَالْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ (قَوْلُهُ وَذَهَابُهُ كَخُرُوجِهِ) قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِلَفْظِ الرَّوَاحِ مِنْ أَئِمَّتِنَا وَهُوَ كَثِيرُ الْوُقُوعِ فِي كَلَامِ الْمِصْرِيِّينَ فِي أَيْمَانِهِمْ لَكِنْ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ لُغَةُ الْعَرَبِ أَنَّ الرَّوَاحَ الذَّهَابُ سَوَاءٌ كَانَ أَوَّلَ اللَّيْلِ أَوْ آخِرَهُ أَوْ فِي اللَّيْلِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ اهـ فَعَلَى هَذَا إذَا حَلَفَ لَا يَرُوحُ إلَى كَذَا فَهُوَ بِمَعْنَى لَا يَذْهَبُ وَهُوَ بِمَعْنَى الْخُرُوجِ يَحْنَثُ بِالْخُرُوجِ عَنْ قَصْدٍ وَصَلَ أَوْ لَا اهـ.

وَالدَّلِيلُ خَاصٌّ بِالذَّهَابِ لَيْلًا وَالْمُدَّعَى أَعَمُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يُبْنَى عَلَى الْعُرْفِ (قَوْلُهُ قِيلَ هُوَ كَالْإِتْيَانِ) قَوْلُ نُصَيْرٍ فَلَا يَحْنَثُ حَتَّى يَدْخُلَهَا وَقِيلَ كَالْخُرُوجِ هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ وَاخْتَارَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَهَذَا إذَا لَمْ يَنْوِ بِالذَّهَابِ شَيْئًا وَلَوْ نَوَى بِهِ الْخُرُوجَ أَوْ الْإِتْيَانَ صَحَّتْ نِيَّتُهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ

(قَوْلُهُ وَحَنِثَ فِي لَيَأْتِيَنَّ مَكَّةَ. . . إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَيَّدَ اُعْتُبِرَ بِهِ فَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَفْعَلْ غَدًا كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ فَمَاتَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَمْ يَفْعَلْ لَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ لِتَعَلُّقِهَا بِآخِرِ الْوَقْتِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَدِينَ نِيَّةُ الْحَقِيقَةِ) لَعَلَّهُ بِنِيَّةِ الْحَقِيقَةِ وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً وَهُوَ إحْدَى رِوَايَتَيْنِ وَالثَّانِيَةُ يُصَدَّقُ قَضَاءً أَيْضًا لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ إذَا كَانَ اسْمُ الِاسْتِطَاعَةِ يُطْلَقُ بِالِاشْتِرَاكِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا لَكِنْ تُعُورِفَ اسْتِعْمَالُهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَنْ الْقَرِينَةِ لِأَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ بِخُصُوصِهِ وَهُوَ سَلَامَةُ آلَاتِ الْفِعْلِ وَصِحَّةُ أَسْبَابِهِ فَصَارَ ظَاهِرًا فِيهِ بِخُصُوصِهِ فَلَا يُصَدِّقُهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِ الظَّاهِرِ كَذَا فِي الْفَتْحِ

(قَوْلُهُ فَيَحْنَثُ بِالدُّخُولِ فِي دَارٍ تَكُونُ مِلْكًا لِفُلَانٍ وَلَا يَكُونُ هُوَ سَاكِنًا فِيهَا سَوَاءٌ كَانَ

ص: 47

سَاكِنًا فِيهَا سَوَاءٌ كَانَ غَيْرُهُ سَاكِنًا فِيهَا أَوْ لَا لِقِيَامِ دَلِيلِ السُّكْنَى التَّقْدِيرِيِّ وَهُوَ الْمِلْكُ صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ لَكِنْ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ غَيْرَهُ لَوْ كَانَ سَاكِنًا فِيهَا لَا يَحْنَثُ لِانْقِطَاعِ النِّسْبَةِ بِفِعْلِ غَيْرِهِ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَضَعُ قَدَمَهُ فِي دَارِ فُلَانٍ حَنِثَ بِدُخُولِهَا مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا حَافِيًا أَوْ مُنْتَعِلًا فَإِنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ هَاهُنَا مَهْجُورٌ إذْ لَوْ اضْطَجَعَ وَوَضَعَ قَدَمَيْهِ فِي الدَّارِ بِحَيْثُ يَكُونُ بَاقِي جَسَدِهِ خَارِجَ الدَّارِ لَا يُقَالُ فِي الْعُرْفِ إنَّهُ وَضَعَ الْقَدَمَ فِي الدَّارِ فَإِذَا هَجَرَ الْحَقِيقَةَ أُرِيدَ مَعْنًى مَجَازِيٌّ وَهُوَ الدُّخُولُ مُطْلَقًا بِقَرِينَةِ الْعُرْفِ

(وَشُرِطَ لِلْبِرِّ فِي لَا تَخْرُجْ إلَّا بِإِذْنِي لِكُلِّ خُرُوجٍ إذْنٌ) لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ وَمَعْنَاهُ لَا تَخْرُجْ خُرُوجًا إلَّا بِإِذْنِي وَالنَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ تُفِيدُ الْعُمُومَ فَإِذَا خَرَجَ مِنْهَا بَعْضٌ بَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْعُمُومِ (لَا فِي) قَوْلِهِ لَا تَخْرُجْ (إلَّا أَنْ آذَنَ لَك) فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ لِكُلِّ خُرُوجٍ إذْنًا إذْ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى حَقِيقَةِ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْخُرُوجِ فَحُمِلَ عَلَى الْغَايَةِ لِمُنَاسَبَةٍ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الْغَايَةَ قَصْرٌ لِامْتِدَادِ الْمُغَيَّا وَبَيَانٌ لِانْتِهَائِهِ كَمَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ قَصْرٌ لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَبَيَانٌ لِانْتِهَاءِ حُكْمِهِ وَفِي هَذَا الْمَقَامِ مَبَاحِثُ شَرِيفَةٌ أَوْرَدْنَاهَا فِي شَرْحِ الْمِرْقَاةِ فَمَنْ أَرَادَهَا فَلْيَطْلُبْ ثَمَّةَ

. (وَ) شُرِطَ (لِلْحِنْثِ فِي إنْ خَرَجْت مَثَلًا لِمُرِيدِ الْخُرُوجِ فِعْلُهُ فَوْرًا) يَعْنِي لَوْ أَرَادَتْ الْمَرْأَةُ الْخُرُوجَ مَثَلًا فَقَالَ الزَّوْجُ إنْ خَرَجْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَجَلَسَتْ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَتْ لَمْ يَحْنَثْ وَهَذِهِ تُسَمَّى يَمِينُ الْفَوْرِ تَفَرَّدَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِإِظْهَارِهَا وَوَجْهُهُ أَنَّ مُرَادَ الْمُتَكَلِّمِ الزَّجْرُ عَنْ ذَلِكَ الْخُرُوجِ عُرْفًا وَمَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ

. (وَ) شُرِطَ لِلْحِنْثِ (فِي إنْ تَغَدَّيْتُ بَعْدَ) قَوْلِ الطَّالِبِ (تَعَالَى تَغَدَّ مَعِي) قَوْلُهُ (تَغَدِّيهِ مَعَهُ) قَائِمٌ مَقَامَ مَفْعُولِ شُرِطَ الْمُقَدَّرِ يَعْنِي إذَا قَالَ زَيْدٌ لِبَكْرٍ اجْلِسْ فَتَغَدَّ مَعِي فَقَالَ بَكْرٌ إنْ تَغَدَّيْتُ فَعَبْدِي كَذَا فَرَجَعَ إلَى مَنْزِلِهِ فَتَغَدَّى لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ كَلَامَهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْجَوَابِ فَيَنْطَبِقُ عَلَى السُّؤَالِ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْغَدَاءِ الْمَدْعُوِّ إلَيْهِ (وَإِنْ ضَمَّ الْيَوْمَ) وَقَالَ إنْ تَغَدَّيْتُ الْيَوْمَ (كَفَى) فِي الْحِنْثِ (مُطْلَقُ التَّغَدِّي) لِأَنَّهُ زَادَ عَلَى قَدْرِ الْجَوَابِ فَيُجْعَلُ مُبْتَدَأً

(مَرْكَبُ الْمَأْذُونِ لَيْسَ لِمَوْلَاهُ فِي حَقِّ الْيَمِينِ إلَّا إذَا لَمْ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

غَيْرُهُ سَاكِنًا فِيهَا أَوْ لَا. . . إلَخْ) عِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ وَإِنْ دَخَلَ دَارًا مَمْلُوكَةً لِفُلَانٍ وَهُوَ لَا يَسْكُنُهَا حَنِثَ اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ ثُمَّ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ فُلَانٍ فَأَجَّرَ فُلَانٌ دَارِهِ فَدَخَلَهَا الْحَالِفُ قِيلَ يَحْنَثُ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ قَالُوا مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا كَمَا تَبْطُلُ الْإِضَافَةُ بِالْبَيْعِ تَبْطُلُ بِالْإِجَارَةِ وَالتَّسْلِيمِ وَمِلْكِ الْيَدِ لِلْغَيْرِ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ دَخَلَ دَارًا مَمْلُوكَةً لِفُلَانٍ وَسَاكِنُهَا غَيْرُهُ حَنِثَ أَيْضًا ثُمَّ قَالَ وَلَوْ دَخَلَ دَارًا أَجَّرَهَا فُلَانٌ حَنِثَ أَيْضًا قِيلَ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لَا يَحْنَثُ وَقَدْ مَرَّتْ الْمَسْأَلَةُ اهـ.

وَفِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ أَجَّرَ فُلَانٌ دَارِهِ فَدَخَلَهَا الْحَالِفُ هَلْ يَحْنَثُ فِيهِ رِوَايَتَانِ اهـ فَهَذَا مُفِيدٌ أَنَّ الدَّارَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَالِكُهَا سَاكِنَهَا وَلَا غَيْرَهُ فَالنِّسْبَةُ بَاقِيَةٌ فَيَحْنَثُ الْحَالِفُ وَأَمَّا إذَا سَكَنَهَا غَيْرُهُ فَقَدْ عَلِمْتَ الِاخْتِلَافَ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَحْنَثُ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لَا يَحْنَثُ، فَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا ذُكِرَ قَاصِرٌ عَنْ إفَادَةِ الْخَانِيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ (قَوْلُهُ لَكِنْ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ. . . إلَخْ) عَلِمْتَ أَنَّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ ابْنُ الضِّيَاءِ وَأَمَّا الدَّارُ الْمَمْلُوكَةُ لِفُلَانٍ إنْ كَانَ يَسْكُنُهَا غَيْرُهُ وَلَا سُكْنَى لِمَالِكِهَا بِوَجْهٍ فَإِنَّا نَمْنَعُ حِنْثَهُ بِدُخُولِهَا اهـ.

وَقَالَ فِي الِاخْتِيَارِ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ وَلَهُ دَارٌ يَسْكُنُهَا وَدَارُ غَلَّةٍ فَدَخَلَ دَارَ الْغَلَّةِ لَا يَحْنَثُ اهـ.

(قَوْلُهُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا) هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنْ نَوَى مَاشِيًا وَدَخَلَهَا رَاكِبًا لَا يَحْنَثُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ هَهُنَا مَهْجُورٌ) يُشِيرُ إلَى مَا قَالَ الْكَمَالُ أَنَّهُ لَوْ وَضَعَ إحْدَى رِجْلَيْهِ فِيهَا لَا يَحْنَثُ عَلَى جَوَابِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ وَضْعَ الْقَدَمِ هَهُنَا مَجَازٌ عَنْ الدُّخُولِ وَلَا يَحْنَثُ فِي لَا يَدْخُلُ بِوَضْعِ إحْدَى رِجْلَيْهِ اهـ فَمَا فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ حَلَفَ لَا يَضَعُ قَدَمَهُ دَارَ فُلَانٍ فَوَضَعَ إحْدَى قَدَمَيْهِ فِيهَا حَنِثَ اهـ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ

(قَوْلُهُ وَشُرِطَ لِلْبِرِّ فِي لَا تَخْرُجْ إلَّا بِإِذْنِي لِكُلِّ خُرُوجٍ إذْنٌ) كَذَا بِغَيْرِ إذْنِي أَوْ رِضَائِي أَوْ عِلْمِي أَوْ إلَّا بِقِنَاعٍ أَوْ مِلْحَفَةٍ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِبَقَاءِ النِّكَاحِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ الْإِذْنَ إنَّمَا يَصِحُّ لِمَنْ لَهُ الْمَنْعُ فَلَوْ أَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَخَرَجَتْ بِلَا إذْنٍ لَا تَطْلُقُ وَإِنْ كَانَ زَوَالُ الْمِلْكِ لَا يُبْطِلُ الْيَمِينَ عِنْدَنَا لِأَنَّهَا لَمْ تَنْعَقِدْ إلَّا عَلَى مُدَّةِ بَقَاءِ النِّكَاحِ وَلَوْ نَوَى الْإِذْنَ مَرَّةً وَاحِدَةً صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً وَلَوْ أَذِنَ لَهَا إذْنًا غَيْرَ مَسْمُوعٍ لَمْ يَكُنْ إذْنًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ إذْنٌ وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهَا بِالْإِذْنِ فِي غَيْبَتِهَا وَفَهْمِهَا الْخِطَابَ وَطَرِيقُ إسْقَاطِ هَذَا الْحَلِفِ أَنْ يَقُولَ كُلَّمَا أَرَدْت الْخُرُوجَ فَقَدْ أَذِنْت لَك ثُمَّ إذَا نَهَاهَا لَمْ يَعْمَلْ نَهْيُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا إلَّا بِإِذْنِ فُلَانٍ أَوْ قَالَ لِرَجُلٍ فِي دَارِهِ وَاَللَّهِ لَا تَخْرُجْ إلَّا بِإِذْنِي فَإِنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ الْيَمِينُ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَتَكَرَّرُ عَادَةً كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ

(قَوْلُهُ فَجَلَسَتْ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَتْ. . . إلَخْ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْفَتْحِ مَا يُشِيرُ إلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ تَغَيُّرِ تِلْكَ الْهَيْئَةِ الْحَاصِلَةِ مَعَ إرَادَةِ الْخُرُوجِ حَيْثُ قَالَ امْرَأَةٌ تَهَيَّأَتْ لِلْخُرُوجِ فَحَلَفَ لَا تَخْرُجُ فَإِذَا جَلَسَتْ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَتْ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ قَصْدَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ الَّذِي تَهَيَّأَتْ لَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ خَرَجْت السَّاعَةَ وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنْ نَوَى شَيْئًا عَمِلَ بِهِ

(قَوْلُهُ قَائِمٌ مَقَامَ مَفْعُولِ شَرَطَ) صَوَابُهُ فَاعِلُ شَرَطَ (قَوْلُهُ مَرْكَبُ الْمَأْذُونِ لَيْسَ لِمَوْلَاهُ. . . إلَخْ)

قَالَ فِي الْبُرْهَانِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ دُخُولُ

ص: 48

يَسْتَغْرِقْ دَيْنَهُ وَنَوَاهُ) يَعْنِي إنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِرَقَبَتِهِ وَكَسْبِهِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ لَيْسَتْ لِزَيْدٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَإِنْ نَوَى بِدَابَّةِ زَيْدٍ دَابَّتَهُ الْخَاصَّةَ لَهُ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ نَوَى دَابَّةً هِيَ مِلْكُ زَيْدٍ سَوَاءٌ كَانَتْ خَاصَّةً لَهُ أَوْ كَانَتْ لِعَبْدِهِ الْمَأْذُونِ فَحِينَئِذٍ يَحْنَثُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَحْنَثُ مُطْلَقًا إذَا نَوَاهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَحْنَثُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ

(يُرَادُ بِالْأَكْلِ مِنْ الشَّجَرِ ثَمَرُهُ) يَعْنِي إذَا قَالَ لَا آكُلُ مِنْ هَذَا الشَّجَرِ يُرَادُ بِهِ ثَمَرُهُ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ مَهْجُورٌ حِسًّا.

(وَ) يُرَادُ (بِهَذَا الْبُرِّ قَضْمُهُ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى لَوْ أَكَلَ مِنْ خُبْزِهِ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَحْنَثُ بِهِ أَيْضًا وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافٍ آخَرَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَنَّ اللَّفْظَ إذَا كَانَ لَهُ مَعْنًى حَقِيقِيٌّ مُسْتَعْمَلٌ وَمَعْنًى مَجَازِيٌّ مُتَعَارَفٌ فَأَبُو حَنِيفَةَ يُرَجِّحُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ وَهُمَا الْمَعْنَى الْمَجَازِيَّ فَالْمُرَادُ عِنْدَهُمَا أَكْلُ بَاطِنِهِ مَجَازٌ فَيَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مُطْلَقًا عَمَلًا بِعُمُومِ الْمَجَازِ.

(وَ) يُرَادُ (بِهَذَا الدَّقِيقِ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ) لِأَنَّ عَيْنَهُ غَيْرُ مَأْكُولٍ عَادَةً فَانْصَرَفَ إلَى مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ خُبْزًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ قَالَ فِي الْوِقَايَةِ بِأَكْلِ خُبْزِهِ أَقُولُ هُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الْبَاءَ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ تَقَيَّدَ وَإِذَا قَيَّدَ بِهِ وَجَبَ أَنْ لَا يَتَنَاوَلَ غَيْرَهُ وَبُطْلَانُهُ ظَاهِرٌ وَلَا يُصَحِّحُهُ قَوْلُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ أَيْ بِأَكْلِ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ كَالْخُبْزِ وَنَحْوِهِ بَلْ يَظْهَرُ فَسَادُهُ لِأَنَّهُ إذَا قَيَّدَ بِمُعَيَّنٍ يَجِبُ أَنْ لَا يَصِحَّ الْإِطْلَاقُ فَكَيْفَ يَصِحُّ التَّفْسِيرُ بِهِ فَتَدَبَّرْ وَاسْتَقِمْ. .

(وَ) يُرَادُ (بِالشِّوَاءِ اللَّحْمُ) لَا الْبَاذِنْجَانُ وَالْجَزَرُ (وَبِالطَّبِيخِ طَبِيخُ اللَّحْمِ وَبِالرَّأْسِ رَأْسٌ يُكْبَسُ فِي التَّنَانِيرِ وَيُبَاعُ فِي مِصْرِهِ) لِأَنَّهَا الْمُتَعَارَفَةُ (وَبِالشَّحْمِ شَحْمُ الْبَطْنِ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَتَنَاوَلُ شَحْمَ الظَّهْرِ أَيْضًا (أَوْ بِالْخُبْزِ مَا اعْتَادَهُ فِي بَلَدِهِ) وَالْمُعْتَادُ فِي أَكْثَرِ الْبُلْدَانِ خُبْزُ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهَا خُبْزُ الْأُرْزِ وَالذُّرَةِ مُعْتَادٌ أَيْضًا (وَبِالْفَاكِهَةِ التُّفَّاحُ وَالْبِطِّيخُ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

عَبِيدِ مَأْذُونِهِ فِي حُكْمِ حَرَّرْت عَبِيدِي

(قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ) سَوَاءٌ فِيهِ مَا إذَا نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لِلْمَوْلَى فِي كَسْبِ عَبْدِهِ الْمَدْيُونِ الْمُسْتَغْرِقِ.

وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ رَكِبَ دَابَّةَ مُكَاتَبِهِ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَيْسَ مُضَافًا إلَى الْمَوْلَى لَا ذَاتًا وَلَا يَدًا كَذَا فِي الْبَحْرِ

(قَوْلُهُ يُرَادُ بِالْأَكْلِ مِنْ الشَّجَرِ ثَمَرُهُ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ تَكَلَّفَ لِأَكْلِ عَيْنِ الشَّجَرَةِ لَا يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَكَمَا يُرَادُ ثَمَرُ الشَّجَرِ يُرَادُ جُمَّارُهُ وَطَلْعُهُ وَمَا يَخْرُجُ مِنْ الشَّجَرِ بِلَا تَغَيُّرٍ بِصُنْعٍ جَدِيدٍ فَلَا يَحْنَثُ بِالنَّبِيذِ وَالْخَلِّ وَالنَّاطِفِ وَالدِّبْسِ الْمَطْبُوخِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ غَيْرِ الْمَطْبُوخِ وَهُوَ مَا يَسِيلُ بِنَفْسِهِ مِنْ الرُّطَبِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِهِ وَفِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ يَحْنَثُ بِدِبْسِهِ وَالْمُرَادُ عَصِيرُهُ ثُمَّ هَذَا إذَا كَانَ لِلشَّجَرِ ثَمَرٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَإِنْ نَوَى عَيْنَهَا لَا يَحْنَثُ بِثَمَرِهَا لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَلَا ثَمَرَ لَهَا انْعَقَدَتْ عَلَى ثَمَنِهَا فَيَحْنَثُ إذَا اشْتَرَى بِهِ مَأْكُولًا كَذَا فِي الْفَتْحِ زَادَ فِي الْبَحْرِ وَأَكَلَهُ اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ يُرَادُ بِالْأَكْلِ الْإِنْفَاقُ فِي أَيِّ شَيْءٍ فَيَحْنَثُ بِهِ إذَا نَوَى فَلْيُنْظَرْ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا الْبُرِّ. . . إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مِمَّا يُؤْكَلُ عَيْنُهُ تَقَيَّدَ بِهِ فَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّاةِ حَنِثَ بِاللَّحْمِ خَاصَّةً وَلَا يَحْنَثُ بِاللَّبَنِ وَالزُّبْدِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ قَضَمَهُ) أَيْ أَكَلَهُ لِأَنَّ الْقَضْمَ الْأَكْلُ بِأَطْرَافِ الْأَسْنَانِ وَلَا يَخْتَصُّ الْحِنْثُ بِهِ وَقَضِمَ مِنْ بَابِ عَلِمَ وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الْحِنْطَةِ مُعَيَّنَةً لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ حِنْطَةً يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ جَوَابُ الْإِمَامِ كَجَوَابِهِمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَالَ الْكَمَالُ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ تَحَكُّمٌ وَالدَّلِيلُ الْمَذْكُورُ الْمُتَّفَقُ عَلَى إيرَادِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ يَعُمُّ الْمُعَيَّنَةَ وَالْمُنْكَرَةَ وَهُوَ أَنَّ عَيْنَهَا مَأْكُولَةٌ اهـ.

(قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا يَحْنَثُ بِهِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَحْنَثُ بِقَضْمِهِ عِنْدَهُمَا عَلَى الصَّحِيحِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ وَقَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ احْتِرَازًا عَنْ رِوَايَةِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ عِنْدَهُمَا إذَا قَضَمَهَا وَصَحَّحَهَا فِي الذَّخِيرَةِ وَرَجَّحَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَقَاضِي خَانْ رِوَايَةَ الْجَامِعِ أَنَّهُ يَحْنَثُ قَالَ الْمُصَنِّفُ أَيْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ فِي الْخُبْزِ يَحْنَثُ أَيْضًا أَيْ عِنْدَهُمَا فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِالْقَضْمِ وَلَا يَلْزَمُ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ حَقِيقَةً وَمَجَازًا بَلْ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ (قَوْلُهُ وَيُرَادُ بِهَذَا الدَّقِيقِ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ اسْتَفَّ الدَّقِيقَ لَمْ يَحْنَثْ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ لَا الْبَاذِنْجَانُ وَالْجَزَرُ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ فَإِنْ نَوَى مَا يُشْوَى عَمِلَ بِهِ كَالْبِيضِ وَالْفُولِ الْأَخْضَرِ الَّذِي يُسَمَّى فِي عُرْفِنَا شَوِيَّ الْعَرَبِ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَبِالطَّبِيخِ طَبِيخُ اللَّحْمِ) يَعْنِي مَا لَمْ يَنْوِ الْعُمُومَ فَإِنْ نَوَى عَمِلَ بِهِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَقَالَ الْكَمَالُ إنَّ مَا يُتَّخَذُ فَلَيَّةً مِنْ اللَّحْمِ لَا يُسَمَّى طَبِيخًا وَلَا يَحْنَثُ بِهِ وَهَذَا أَيْ التَّقْيِيدُ بِطَبِيخِ اللَّحْمِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَحْنَثَ بِالْأُرْزِ الْمَطْبُوخِ بِلَا لَحْمٍ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ يَحْنَثُ بِالْأُرْزِ إذَا طُبِخَ بِوَدَكٍ فَإِنَّهُ يُسَمَّى طَبِيخًا بِخِلَافِ مَا لَوْ طُبِخَ بِزَيْتٍ أَوْ سَمْنٍ اهـ أَيْ لِأَنَّهُ يُسَمَّى مُزْوَرَّةً قَالَ فِي تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ وَمَا يُطْبَخُ مِنْ الْأَدْهَانِ يُسَمَّى مُزَوَّرَةً اهـ.

وَفِي الْبُرْهَانِ الْعُرْفُ الظَّاهِرُ أَصْلٌ فِي مَسَائِلِ الْأَيْمَانِ اهـ وَالْعُرْفُ الْآنَ إطْلَاقُ الطَّبِيخِ عَلَى مَا يُطْبَخُ نَحْوِ الْعَدَسِ فِيهِ يَحْنَثُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا الْمُتَعَارَفَةُ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ لِاخْتِلَافِ الْعَصْرِ وَالزَّمَانِ وَعَلَى الْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِمَا هُوَ الْمُعْتَادُ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَقَعَ فِيهِ الْحَلِفُ كَمَا فِي الْفَتْحِ

ص: 49

وَالْمِشْمِشُ لَا الْعِنَبُ وَالرُّمَّانُ وَالرُّطَبُ وَالْقِثَّاءُ وَالْخِيَارُ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا الْعِنَبُ وَالرُّمَّانُ وَالرُّطَبُ فَاكِهَةٌ.

(وَ) يُرَادُ (بِالشُّرْبِ مِنْ نَهْرٍ الْكَرْعُ) وَهُوَ تَنَاوُلُ الْمَاءِ مِنْ مَوْضِعِهِ بِالْفَمِ حَتَّى لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ دِجْلَةَ فَشَرِبَ مِنْهَا بِإِنَاءٍ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَكْرَعَ فِيهَا كَرْعًا خِلَافًا لَهُمَا (لَا بِمِنْ مَائِهِ) أَيْ لَا يُرَادُ بِالشُّرْبِ مِنْ مَاءِ نَهْرِ الْكَرْعُ بَلْ يَحْنَثُ بِالشُّرْبِ مِنْهُ بِإِنَاءٍ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ بَعْدَ الِاغْتِرَافِ بَقِيَ مَنْسُوبًا إلَيْهِ وَهُوَ الشَّرْطُ (لَا يَحْنَثُ فِي) حَلِفِهِ (لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الْبُسْرِ بِأَكْلِ رُطَبِهِ أَوْ مِنْ هَذَا الرُّطَبِ أَوْ اللَّبَنِ بِأَكْلِهِ تَمْرًا أَوْ شِيرَازًا) لِأَنَّ هَذِهِ صِفَاتٌ دَاعِيَةٌ إلَى الْيَمِينِ فَتَنْعَقِدُ بِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ هَذَا الْحَمَلِ أَوْ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الصَّبِيَّ أَوْ هَذَا الشَّابَّ فَأَكَلَ بَعْدَمَا صَارَ كَبْشًا أَوْ كَلَّمَ بَعْدَ مَا شَاخَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ تِلْكَ الْأَوْصَافَ غَيْرُ دَاعِيَةٍ إلَى الْيَمِينِ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَمَرَنَا بِالتَّحَمُّلِ بِأَخْلَاقِ الْفِتْيَانِ وَمُدَارَةِ الصِّبْيَانِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ أَنَّ الصِّفَةَ فِي الْمُعَيَّنِ لَغْوٌ إلَّا إذَا كَانَتْ دَاعِيَةً إلَى الْيَمِينِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الرُّطَبِ إذْ رُبَّمَا يَضُرُّهُ الرُّطَبُ لَا التَّمْرُ (وَلَا) يَحْنَثُ (فِي لَا يَأْكُلُ بُسْرًا بِأَكْلِ رُطَبٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِبُسْرٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا أَنَّ صِفَةَ الْبُسْرَةِ وَصِفَةَ الرُّطَبَةِ وُجِدَتَا ثَمَّةَ فِي الْمُعَيَّنِ وَكَانَ مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ الصِّفَةُ فِي الْمُعَيَّنِ لَغْوٌ أَنْ تَكُونَ لَغْوًا لَكِنَّهَا لَمْ تَلْغُ لِكَوْنِ الصِّفَةِ دَاعِيَةً إلَى الْيَمِينِ وَهَاهُنَا وُجِدَتْ فِي الْمُنْكِرِ وَالصِّفَةُ فِيهِ مُعْتَبَرَةٌ فَظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِنَا لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الْبُسْرِ فَأَكَلَهُ رُطَبًا وَبَيْنَ قَوْلِنَا لَا يَأْكُلُ بُسْرًا فَأَكَلَ رُطَبًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرُّطَبَ وَالْبُسْرَ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ فَإِذَا صَارَ رُطَبًا صَارَ مَاهِيَّةً أُخْرَى كَمَا بَيَّنَّا فِي لَا يَدْخُلُ بَيْتًا مَعَ كَوْنِهِ مَبْنِيًّا عَلَى كَلَامِهِ الْمُزَيَّفِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا أَنَّ صِفَةَ الْبُسْرَةِ وَالرُّطَبَةِ دَاعِيَةٌ إلَى الْيَمِينِ فَإِنَّ اعْتِبَارَ صِفَةِ الْبُسُورَةِ وَنَحْوِهَا يُنَافِي اعْتِبَارَ كَوْنِ الْبُسْرِ وَنَحْوِهِ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ وَإِنْ كَانَ الْبُسْرُ وَنَحْوُهُ اسْمَ جِنْسٍ فِي الْوَاقِعِ فَتَدَبَّرْ وَاسْتَقِمْ.

(وَلَا) يَحْنَثُ (فِي لَا آكُلُ لَحْمًا بِأَكْلِ سَمَكٍ) وَالْقِيَاسُ أَنْ يَحْنَثَ لِأَنَّهُ سُمِّيَ فِي الْقُرْآنِ لَحْمًا، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ التَّسْمِيَةَ مَجَازِيَّةٌ لِأَنَّ اللَّحْمَ مُنْشَؤُهُ مِنْ الدَّمِ وَلَا دَمَ لَهُ لِكَوْنِهِ فِي الْمَاءِ (وَلَا) يَحْنَثُ (فِي لَا آكُلُ لَحْمًا أَوْ شَحْمًا بِأَكْلِ أَلْيَةٍ) لِأَنَّهَا نَوْعٌ ثَالِثٌ حَتَّى لَا تُسْتَعْمَلَ اسْتِعْمَالَ اللُّحُومِ وَالشُّحُومِ (وَلَا) يَحْنَثُ (فِي لَا يَشْتَرِي رُطَبًا بِاشْتِرَاءِ كِبَاسَةِ بُسْرٍ فِيهَا رُطَبٌ) لِأَنَّ الشِّرَاءَ يُصَادِفُ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا الْعِنَبُ وَالرُّمَّانُ وَالرُّطَبُ فَاكِهَةٌ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ الْمَشَايِخُ قَالُوا هَذَا اخْتِلَافُ زَمَانٍ فَفِي زَمَانِهِ لَمْ يَعُدُّوهَا مِنْ الْفَوَاكِهِ فَأَفْتَى عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ وَفِي زَمَانِهِمَا عُدَّتْ مِنْهُمَا فَأَفْتَيَا بِهِ وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ الْعِبْرَةُ لِلْعُرْفِ فَمَا يُؤْكَلُ عَلَى سَبِيلِ التَّفَكُّهِ عَادَةً وَيُعَدُّ فَاكِهَةً فِي الْعُرْفِ يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَمِينِ وَمَا لَا فَلَا اهـ.

(قَوْلُهُ وَيُرَادُ بِالشُّرْبِ مِنْ نَهْرٍ الْكَرْعُ) هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنْ نَوَى بِإِنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ عَمِلَ بِهِ وَقَيَّدَ بِالنَّهْرِ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ الْبِئْرِ وَلَيْسَتْ مَلْآنَةً فَتَكَلَّفَ الْكَرْعَ مِنْهَا لَا يَحْنَثُ بِهِ فِي الصَّحِيحِ بَلْ بِالِاغْتِرَافِ مِنْهَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ هَذَا الْحَمَلِ أَوْ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الصَّبِيَّ. . . إلَخْ) هَذَا إذَا لَمْ يَنْوِ الْحَقِيقَةَ قَيْدًا لِيَمِينِهِ فِيهِمَا وَإِنْ نَوَاهَا تَقَيَّدَتْ بِهَا لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ وَالظَّاهِرُ لَا يُخَالِفُهُ كَذَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ أَوْ هَذَا الشَّابَّ) قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ الصَّبِيُّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ وَكَذَا الْغُلَامُ فَإِذَا بَلَغَ فَهُوَ شَابٌّ وَفَتًى إلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً أَوْ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ عَلَى الِاخْتِلَافِ فَهُوَ كَهْلٌ إلَى الْأَرْبَعِينَ فَهُوَ شَيْخٌ إلَى خَمْسِينَ اهـ (قَوْلُهُ لِأَنَّ تِلْكَ الْأَوْصَافَ غَيْرُ دَاعِيَةٍ إلَى الْيَمِينِ) قَالَ الْكَمَالُ فِي هَذَا نَظَرٌ لِأَنَّ الْحَمَلَ لَيْسَ مَحْمُودًا فِي الضَّأْنِ لِكَثْرَةِ رُطُوبَاتِهِ زِيَادَةً حَتَّى قِيلَ فِيهِ النَّحِسُ بَيْنَ الْجَيِّدَيْنِ بِخِلَافِهِ كَبْشًا فَإِنَّ لَحْمَهُ حِينَئِذٍ أَكْثَرُ قُوَّةً وَتَقْوِيَةً لِلْبَدَنِ لِقِلَّةِ رُطُوبَاتِهِ فَصَارَ كَالْحَلِفِ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الرُّطَبِ فَأَكَلَهُ تَمْرًا لَا يَحْنَثُ وَاعْلَمْ أَنَّ إيرَادَ مِثْلِ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ فِي مَسْأَلَةِ لَا أُكَلِّمُ هَذَا الصَّبِيَّ ذُهُولٌ عَنْ وَضْعِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَنِسْيَانُ أَنَّهَا بُنِيَتْ عَلَى الْعُرْفِ فَيُصْرَفُ اللَّفْظُ إلَى الْمُعْتَادِ فِي الْعَمَلِ وَالْعُرْفِ فِي الْقَوْلِ وَأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَوْ أَرَادَ مَعْنًى تَصِحُّ إرَادَتُهُ مِنْ اللَّفْظِ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ الْأَمْرُ بِتَحَمُّلِ أَخْلَاقِ الْفِتْيَانِ وَمُدَارَاةِ الصِّبْيَانِ فَلَا يَنْفِي كَوْنَ حَالِفٍ مِنْ النَّاسِ عَرَفَ عَدَمَ طِيبِ الْحَمَلِ وَسَوَاءٌ أَدَبُ صَبِيٍّ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَرْدَعُهُ إلَّا تَرْكُ الْكَلَامِ مَعَهُ أَوْ عُلِمَ أَنَّ الْكَلَامَ مَعَهُ يَضُرُّهُ فِي عِرْضِهِ أَوْ دِينِهِ فَتُصْرَفُ يَمِينُهُ حَيْثُ صَرَفَهَا فَلَا يَحْنَثُ بِالْكَلَامِ مَعَهُ بَعْدَ فَوَاتِ تِلْكَ الصِّفَةِ الَّتِي أَرَادَهَا

(قَوْلُهُ وَلَا يَحْنَثُ فِي لَا آكُلُ لَحْمًا بِأَكْلِ سَمَكٍ) أَيْ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَأَمَّا إذَا نَوَاهُ فَأَكَلَ سَمَكًا طَرِيًّا أَوْ غَيْرَ طَرِيٍّ حَنِثَ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَحْنَثَ) رُوِيَ شَاذًّا عَنْ أَبِي يُوسُفَ (قَوْلُهُ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ. . . إلَخْ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ مَنْقُوضٌ بِالْأَلْيَةِ لِأَنَّهَا تَنْعَقِدُ مِنْ الدَّمِ وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهَا وَنَمْنَعُ أَنَّ اسْمَ اللَّحْمِ بِاعْتِبَارِ الِانْعِقَادِ مِنْ الدَّمِ بَلْ بِاعْتِبَارِ الِالْتِحَامِ فَالتَّمَسُّكُ لِأَبِي حَنِيفَةَ إنَّمَا هُوَ بِالْعُرْفِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ كِبَاسَةِ) بِكَسْرِ الْكَافِ عُنْقُودُ النَّخْلِ وَالْجَمْعُ كَبَائِسُ كَذَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الشِّرَاءَ يُصَادِفُ الْجُمْلَةَ وَالْمَغْلُوبُ تَابِعٌ) يُخَالِفُهُ مَا نُقِلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي أَلْيَةً فَاشْتَرَى شَاةً مَذْبُوحَةً كَانَ حَانِثًا وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي رَأْسًا اهـ

ص: 50

الْجُمْلَةَ وَالْمَغْلُوبُ تَابِعٌ وَلَوْ كَانَ الْيَمِينُ عَلَى الْأَكْلِ يَحْنَثُ لِأَنَّ الْأَكْلَ صَادَفَ شَيْئًا فَشَيْئًا فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْصُودًا وَصَارَ كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَشْتَرِي شَعِيرًا أَوْ لَا يَأْكُلُهُ فَاشْتَرَى حِنْطَةً فِيهَا حَبَّاتُ شَعِيرٍ وَأَكَلَهَا يَحْنَثُ فِي الْأَكْلِ لَا فِي الشِّرَاءِ لِمَا ذُكِرَ (وَحَنِثَ فِي لَا يَأْكُلُ رُطَبًا أَوْ بُسْرًا أَوْ وَلَا بُسْرًا بِأَكْلِ مُذَنِّبِ الْبُسْرِ) الْمُذَنِّبُ بِكَسْرِ النُّونِ الَّذِي أَكْثَرُهُ بُسْرٌ وَشَيْءٌ مِنْهُ رُطَبٌ الْمُذَنَّبُ عَكْسُهُ وَإِنَّمَا حَنِثَ لِأَنَّهُ أَكَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَزِيَادَةً فَيَحْنَثُ (وَ) حَنِثَ (فِي لَا يَأْكُلُ لَحْمًا بِأَكْلِ كَبِدٍ أَوْ كَرِشٍ) لِأَنَّ نُشُوءَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنْ الدَّمِ وَالِاخْتِصَاصُ بِاسْمٍ آخَرَ لَا لِلنُّقْصَانِ كَالرَّأْسِ وَالْكُرَاعِ قَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ هَذَا فِي عُرْفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَفِي عُرْفِنَا لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ لَحْمًا وَلَا تُسْتَعْمَلُ اسْتِعْمَالَ اللُّحُومِ (أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ أَوْ إنْسَانٍ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَحْمٌ حَقِيقَةً.

وَذَكَرَ الْعَتَّابِيُّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْكَافِي

(وَالْإِدَامُ مَا يُصْبَغُ بِهِ الْخُبْزُ كَالْخَلِّ وَالْمِلْحِ وَالزَّيْتِ لَا اللَّحْمِ وَالْبَيْضِ وَالْجُبْنِ) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَا يَأْتَدِمُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَكُلُّ شَيْءٍ يُصْطَبَغُ بِهِ الْخُبْزُ فَهُوَ إدَامٌ وَمَا لَا فَلَا هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ مَا يُؤْكَلُ مَعَ الْخُبْزِ غَالِبًا فَهُوَ إدَامٌ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ (الْغَدَاءُ الْأَكْلُ مِنْ) طُلُوعِ (الْفَجْرِ إلَى الظُّهْرِ) كَذَا فِي الْعُرْفِ (وَالْعَشَاءُ مِنْهُ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ) لِأَنَّ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ يُسَمَّى عَشَاءً (وَالسُّحُورُ مِنْهُ إلَى الْفَجْرِ) لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ السَّحَرِ فَأُطْلِقَ عَلَى مَا يَقْرَبُ مِنْهُ فَمَنْ حَلَفَ لَا أَتَغَدَّى أَوْ لَا أَتَعَشَّى أَوْ لَا أَتَسَحَّرُ يُرَادُ بِهَا هَذِهِ الْمَعَانِي

(قَالَ إنْ أَكَلْت أَوْ شَرِبْتُ أَوْ لَبِسْتُ) وَلَمْ يَذْكُرْ مَفْعُولًا (وَنَوَى) مَأْكُولًا أَوْ مَشْرُوبًا أَوْ مَلْبُوسًا (مُعَيَّنًا لَمْ يُصَدَّقْ) لِأَنَّ الْمَنْفِيَّ مَاهِيَّةُ هَذِهِ الْأَفْعَالِ وَلَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَى الْمَفْعُولِ إلَّا اقْتِضَاءً وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُقْتَضَى لَا عُمُومَ لَهُ عِنْدَنَا لِتَصِحَّ نِيَّةُ التَّخْصِيصِ (أَصْلًا) أَيْ لَا قَضَاءً وَلَا دِيَانَةً (وَلَوْ ضَمَّ طَعَامًا أَوْ شَرَابًا أَوْ ثَوْبًا دِينَ) أَيْ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً لِأَنَّ اللَّفْظَ حِينَئِذٍ عَامٌّ يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَلَا يَصْدُقُ قَضَاءً

(إمْكَانُ الْبِرِّ شَرْطُ صِحَّةِ الْحَلِفِ) يَعْنِي أَنَّ الْيَمِينَ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ وَحَنِثَ فِي لَا يَأْكُلُ رُطَبًا. . . إلَخْ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الذَّنَبِ وَرَوَى عَنْ مُحَمَّدٍ الْحِنْثُ وَعَدَمُهُ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ وَفِي عُرْفِنَا لَا يَحْنَثُ) هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) إشَارَةٌ إلَى رَدِّ مَا قِيلَ إنَّ الْعُرْفَ الْعَمَلِيَّ لَا يُقَيِّدُ اللَّفْظَ لِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأُصُولِ مِنْ أَنَّ الْحَقِيقَةَ تُتْرَكُ بِدَلَالَةِ الْعَادَةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ

حَلَفَ لَا يَأْتَدِمُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ (قَوْلُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ مَا يُؤْكَلُ مَعَ الْخُبْزِ غَالِبًا فَهُوَ إدَامٌ) عَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ وَعَنْ الْمُحِيطِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَظْهَرُ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ (قَوْلُهُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ) قَالَ فِي الْبَحْرِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ تَسْمِيَةَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى مَا تَعَارَفَ أَهْلُ تِلْكَ الْبِلَادِ فِي كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ الْغَدَاءُ) أَيْ التَّغَدِّي لِأَنَّ الْغَدَاءَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمَدِّ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ فِي الْوَقْتِ الْخَاصِّ لَا الْأَكْلُ (قَوْلُهُ الْأَكْلُ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقَ الْأَكْلِ وَلَا مُطْلَقَ الْمَأْكُولِ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْكُولُ مِمَّا يَأْكُلُهُ أَهْلُ بَلَدِهِ حَتَّى لَوْ شَرِبَ اللَّبَنَ أَوْ أَكَلَ التَّمْرَ أَوْ الْأُرْزَ حَتَّى شَبِعَ لَمْ يَحْنَثْ إنْ كَانَ حَضَرِيًّا وَإِنْ كَانَ بَدَوِيًّا حَنِثَ وَلَوْ أَكَلَ أَقَلَّ مِنْ أَكْثَرِ الشِّبَعِ لَا يَحْنَثُ حَتَّى فِي السُّحُورِ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَزِيدَ عَلَى أَكْثَرِ نِصْفِ الشِّبَعِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَالْفَتْحِ (قَوْلُهُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى الظُّهْرِ كَذَا فِي الْعُرْفِ) كَذَا فِي التَّجْرِيدِ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ وَقْتُ التَّغَدِّي مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ وَكَذَا قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُعْتَمَدَ مِنْ الْعُرْفِ لِأَنَّ الْأَكْلَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لَا يُسَمُّونَهُ غَدَاءً اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْعَشَاءُ مِنْهُ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْخُجَنْدِيُّ والإسبيجابي هَذَا فِي عُرْفِهِمْ أَمَّا فِي عُرْفِنَا فَالْعَشَاءُ مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعَصْرِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَالْفَتْحِ

(قَوْلُهُ إنْ أَكَلْت أَوْ شَرِبْت) كَذَا إنْ اغْتَسَلْت أَوْ نَكَحْت أَوْ سَكَنْت دَارَ فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ عَنَيْت مِنْ جَنَابَةٍ أَوْ امْرَأَةٍ دُونَ امْرَأَةٍ أَوْ بِأَجْرٍ وَلَمْ يَسْبِقْ قَبْلَ ذَلِكَ كَلَامٌ بِأَنْ اسْتَأْجَرَهَا مِنْهُ أَوْ اسْتَعَارَهَا فَأَبَى فَحَلَفَ يَنْوِي السُّكْنَى بِالْإِجَارَةِ أَوْ الْإِعَارَةِ لَا يَصِحُّ قَضَاءً وَلَا دِيَانَةً كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَلَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَى الْمَفْعُولِ إلَّا اقْتِضَاءً) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ التَّحْقِيقُ أَنَّ الْمَفْعُولَ فِي لَا آكُلُ وَأَلْبَسُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْمُقْتَضَى وَهُوَ مِنْ بَابِ حَذْفِ الْمَفْعُولِ اقْتِصَارًا وَتَنَاسُبًا لِأَنَّ الْمُقْتَضَى مَا يُقَدَّرُ لِتَصْحِيحِ الْمَنْطُوقَ وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ مِمَّا يُحْكَمُ بِكَذِبِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ مِثْلُ رُفِعَ الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ أَوْ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ شَرْعًا مِثْلُ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي وَلَيْسَ قَوْلُ الْقَائِلِ لَا آكُلُ يُحْكَمُ بِكَذِبِهِ بِمُجَرَّدِهِ وَلَا مُتَضَمِّنًا حُكْمًا لَا يَصِحُّ شَرْعًا نَعَمْ الْمَفْعُولُ أَعْنِي الْمَأْكُولَ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ وُجُودِ فِعْلِ الْآكِلِ وَمِثْلُهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْمُقْتَضَى وَإِلَّا كَانَ كُلُّ كَلَامٍ كَذَلِكَ إذْ لَا بُدَّ أَنْ يَسْتَدْعِيَ مَعْنَاهُ زَمَانًا وَمَكَانًا فَكَانَ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ قَوْلِنَا الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ مَرْفُوعَانِ وَبَيْنَ قَامَ زَيْدٌ وَجَلَسَ عَمْرٌو (قَوْلُهُ أَصْلًا) أَيْ لَا قَضَاءً وَلَا دِيَانَةً قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُصَدَّقُ دِيَانَةً وَبِهِ أَخَذَ الْخَصَّافُ وَنَحْنُ نَقُولُ نِيَّةُ غَيْرِ الْمَلْفُوظِ لَا تَصِحُّ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ ضَمَّ طَعَامًا أَوْ شَرَابًا أَوْ ثَوْبًا دِينَ) هَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ امْرَأَةً وَنَوَى كُوفِيَّةً أَوْ بَصْرِيَّةً لَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ تَخْصِيصُ الصِّفَةِ، وَلَوْ نَوَى حَبَشِيَّةً أَوْ عَرَبِيَّةً صَحَّتْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ تَخْصِيصُ الْجِنْسِ كَذَا فِي الْفَتْحِ

(قَوْلُهُ إمْكَانُ الْبِرِّ) أَيْ حَقِيقَةً لَا عَادَةً

ص: 51

إنَّمَا تَنْعَقِدُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ إذَا كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مُمْكِنَ الْوُقُوعِ سَوَاءٌ كَانَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ الطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْيَمِينَ عَقْدٌ كَسَائِرِ الْعُقُودِ الشَّرْعِيَّةِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَحَلٍّ وَمَحَلُّهُ عِنْدَهُ خُيِّرَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَيْهِ الْحَالِفُ أَوْ لَا أَلَا يَرَى أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى مَسِّ السَّمَاءِ أَوْ تَحْوِيلِ الْحَجَرِ ذَهَبًا مُنْعَقِدَةٌ لِأَنَّهُ عَقَدَهَا عَلَى خَبَرٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ وَعِنْدَهُمَا مَحَلُّهُ خَبَرٌ فِيهِ رَجَاءُ الصِّدْقِ لِأَنَّ مَحَلَّ الشَّيْءِ مَا يَكُونُ قَابِلًا لِحُكْمِهِ وَحُكْمُ الْيَمِينِ الْبِرُّ وَهُوَ لَا يَتَحَقَّقُ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ رَجَاءُ الصِّدْقِ فَلَا تَنْعَقِدُ أَصْلًا كَيَمِينِ الْغَمُوسِ (فَفِي) قَوْلِهِ (وَاَللَّهِ لَأَشْرَبَن مَاءَ هَذَا الْكُوزِ الْيَوْمَ) أَوْ قَوْلِهِ إنْ لَمْ أَشْرَبْ الْمَاءَ الَّذِي هُوَ فِي هَذَا الْكُوزِ الْيَوْمَ فَكَذَا (وَلَا مَاءَ فِيهِ أَوْ كَانَ) فِيهِ مَاءٌ (فَصَبَّ) الْمَاءَ قَبْلَ اللَّيْلِ (أَوْ أَطْلَقَ) الْحَالِفُ وَلَمْ يَقُلْ الْيَوْمَ (وَلَا مَاءَ فِيهِ، لَمْ يَحْنَثْ) عِنْدَهُمَا لِعَدَمِ صِحَّةِ الْحَلِفِ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا وَهُوَ إمْكَانُ الْبِرِّ.

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَحْنَثُ لِصِحَّةِ الْحَلِفِ عِنْدَهُ (وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَاءٌ وَصُبَّ، حَنِثَ) لِأَنَّ الْبِرَّ وَجَبَ عَلَيْهِ إذَا فَرَغَ مِنْ التَّكَلُّمِ لَكِنْ مُوَسَّعًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَفُوتَهُ فِي عُمْرِهِ وَالْبِرُّ مُمْكِنٌ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ فَانْعَقَدَتْ الْيَمِينُ حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ بِأَنْ صَبَّ الْمَاءَ عَقِيبَ الْيَمِينِ بِلَا تَرَاخٍ لَا تَنْعَقِدُ فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ تَنْعَقِدْ الْيَمِينُ عَلَى مَاءٍ يُوجِدُهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْكُوزِ فَإِنَّهُ مُمْكِنٌ قُلْنَا ذَلِكَ الْمَاءُ لَيْسَ الْمَاءَ الَّذِي انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ فَإِنْ قِيلَ أَمْكَنَ الْقَوْلُ بِانْعِقَادِ الْيَمِينِ مُوجِبَةً لِلْبِرِّ عَلَى وَجْهٍ يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْحَلِفِ وَهُوَ الْكَفَّارَةُ قُلْنَا شَرْطُ انْعِقَادِ السَّبَبِ فِي حَقِّ الْحَلِفِ احْتِمَالُ الِانْعِقَادِ فِي حَقِّ الْأَصْلِ وَلَا احْتِمَالَ هُنَا لِعَدَمِ إمْكَانِ الْبِرِّ.

(وَفِي لَيَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ أَوْ لَيَقْلِبَنَّ هَذَا الْحَجَرَ ذَهَبًا حَنِثَ لِلْحَالِ) .

وَعِنْدَ زُفَرَ لَا يَحْنَثُ لِاسْتِحَالَةِ الْبِرِّ عَادَةً وَلَنَا أَنَّ الصُّعُودَ إلَى السَّمَاءِ مُمْكِنٌ حَتَّى وَقَعَ لِبَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْجِنِّ حَيْثُ قَالَ تَعَالَى {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ} [الجن: 8] الْآيَةَ وَكَذَا قَلْبُ الْحَجَرِ ذَهَبًا مُمْكِنٌ فِي نَفْسِهِ وَوَاقِعٌ لِبَعْضِ الْأَخْبَارِ وَإِذَا أَمْكَنَ الْبِرُّ تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ فَيَحْنَثُ فِي الْحَالِ، لِعَجْزِهِ عَنْ تَحْقِيقِ الْبِرِّ، ظَاهِرٌ وَإِذًا كَافٍ لِلْحِنْثِ (كَذَا لَيَقْتُلَنَّ فُلَانًا بِمَوْتِهِ) إذْ يُرَادُ حِينَئِذٍ قَتْلُهُ بَعْدَ إحْيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مُمْكِنٌ فَتَنْعَقِدُ الْيَمِينُ وَيَحْنَثُ فِي الْحَالِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِمَوْتِهِ فَالْمُرَادُ الْقَتْلُ الْمُتَعَارَفُ وَلَمَّا كَانَ مَيِّتًا كَانَ ذَلِكَ مُمْتَنِعًا حَقِيقَةً

(شَهَرَ عَلَى إنْسَانٍ سَيْفًا وَحَلَفَ لَيَقْتُلَنَّهُ فَهُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ) قَالَ قَتَلَ بَرَّ وَإِلَّا حَنِثَ لِأَنَّ السَّيْفَ آلَةٌ لَهُ (وَلَوْ شَهَرَ عَصًا وَحَلَفَ لَيَقْتُلَنَّهُ فَعَلَى) أَيْ الْحَلِفُ يَقَعُ عَلَى (إيلَامِهِ) لَا حَقِيقَةِ الْقَتْلِ فَإِنْ آلَمَ بَرَّ وَإِلَّا حَنِثَ لِأَنَّ الْعَصَا لَيْسَ آلَةً لِلْقَتْلِ بَلْ لِلْإِيلَامِ بِالضَّرْبِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ سُلَيْمَانَ (تَحْلِيفُ الْوَالِي لَيُعْلِمَهُ كُلَّ دَاعِرٍ أَتَى مُقَيَّدٌ بِحَالِ وِلَايَتِهِ) يَعْنِي إذَا حَلَّفَ الْوَالِي رَجُلًا لَهُ شُعُورٌ عَلَى أَهْلِ الْفَسَادِ لَيُعْلِمَهُ كُلَّ مُفْسِدٍ يَجِيءُ فِي الْبَلْدَةِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ فِيمَا فِيهِ رَجَاءُ الصِّدْقِ) أَيْ حَقِيقَةً لَا عَادَةً (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ فِيهِ مَاءٌ فَصُبَّ) قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَدْ صَبَّهُ الْحَالِفُ أَوْ غَيْرُهُ أَوْ انْصَبَّ مِنْ غَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ (قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ) جَوَابُ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ مَا إذَا عَلِمَ الْحَالِفُ أَنَّ الْكُوزَ فِيهِ مَاءٌ وَمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّبْيِينِ وَالْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَفِي لِيَصْعَدَن السَّمَاءَ. . . إلَخْ) أَطْلَقَهُ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا قَيَّدَ الصُّعُودَ وَقَلْبَ الْحَجَرِ بِمُدَّةٍ لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ قَبْلَ مُضِيِّهَا حَتَّى لَوْ مَاتَ قَبْلَ مُضِيِّهَا لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَقَيَّدَ بِالْفِعْلِ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ عَلَى التَّرْكِ بِأَنْ قَالَ إنْ تَرَكْتَ مَسَّ السَّمَاءِ فَعَبْدِي حُرٌّ لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ لِأَنَّ التَّرْكَ لَا يُتَصَوَّرُ فِي غَيْرِ الْمَقْدُورِ كَذَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ كَذَا لِيَقْتُلَنَّ فُلَانًا عَالِمًا بِمَوْتِهِ) يُخَالِفُ الْحَلِفَ عَلَى ضَرْبِهِ لِمَا قَالَ قَاضِي خَانْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ فُلَانًا الْيَوْمَ وَفُلَانٌ مَيِّتٌ إنْ عَلِمَ بِمَوْتِهِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ حَيًّا وَقْتَ الْحَلِفِ ثُمَّ مَاتَ لَا يَحْنَثُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَيَحْنَثُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ فِي حَالِ الْمُلَاعَبَةِ) هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَقَاضِي خَانْ. اهـ.

(قَوْلُهُ شَهَرَ عَلَى إنْسَانٍ سَيْفًا وَحَلَفَ لَيَقْتُلَنهُ فَهُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ) مِثْلُهُ مَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ لِأَضْرِبَنك بِالسَّيْفِ حَتَّى تَمُوتَ فَهُوَ عَلَى الْمَوْتِ حَقِيقَةً اهـ.

وَكَذَا فِي الْبُرْهَانِ وَقَاضِي خَانْ وَكَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ لَأَضْرِبَنهُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يَمُوتَ فَإِنَّهُ لَا يَبَرُّ إلَّا بِالضَّرْبِ حَتَّى يَمُوتَ اهـ.

وَلَكِنْ قَالَ الْكَمَالُ لِأَضْرِبَنك حَتَّى أَقْتُلَك فَهُوَ عَلَى الضَّرْبِ الشَّدِيدِ وَعِنْدِي أَيْضًا عَلَى الضَّرْبِ الشَّدِيدِ لِأَضْرِبَنك بِالسَّيْفِ حَتَّى تَمُوتَ وَلَأَضْرِبَنَّ وَلَدَك عَلَى الْأَرْضِ حَتَّى يَنْشَقَّ نِصْفَيْنِ فَهُوَ عَلَى أَنْ يَضْرِبَ بِهِ الْأَرْضَ وَيَرْكُلَهُ فَقَطْ وَخِلَافُ هَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ اهـ.

وَالرَّكْلُ الضَّرْبُ بِالرِّجْلِ الْوَاحِدَةِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ (قَوْلُهُ دَاعِرٌ) بِالدَّالِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ هُوَ الْمُفْسِدُ (قَوْلُهُ تَقَيَّدَ بِحَالِ وِلَايَتِهِ) قَالَ الْكَمَالُ.

وَفِي شَرْحِ الْكَنْزِ ثُمَّ إنَّ الْحَالِفَ لَوْ عَلِمَ بِالدَّاعِرِ وَلَمْ يُعْلِمْهُ بِهِ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا إذَا مَاتَ هُوَ أَوْ الْمُسْتَحْلِفُ أَوْ عُزِلَ لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي الْيَمِينِ الْمُطْلَقَةِ إلَّا بِالْيَأْسِ إلَّا إذَا كَانَتْ مُؤَقَّتَةً فَيَحْنَثُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ مَعَ الْإِمْكَانِ اهـ.

وَلَوْ حَكَمَ بِانْعِقَادِ هَذِهِ لِلْفَوْرِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا نَظَرًا إلَى الْمَقْصُودِ وَهُوَ الْمُبَادَرَةُ لِزَجْرِهِ وَدَفْعِ شَرِّهِ فَالدَّاعِي يُوجِبُ التَّقْيِيدَ بِالْفَوْرِ أَيْ فَوْرُ عِلْمِهِ اهـ كَلَامُ الْكَمَالِ

(تَنْبِيهٌ) : تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْحَالِفِ ظَالِمًا كَانَ أَوْ مَظْلُومًا إنْ كَانَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ عز وجل فَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ مَظْلُومًا تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ وَإِلَّا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْمُحَلِّفِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ

ص: 52

كَانَ ذَلِكَ مُقَيَّدًا بِحَالِ وِلَايَةِ الْوَالِي وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ فَإِنْ أَعْلَمَهُ حَالَ وِلَايَتِهِ بَرَّ وَإِلَّا حَنِثَ وَبَعْدَمَا عُزِلَ لَمْ يَلْزَمْ الْإِعْلَامُ

(وَالضَّرْبُ وَالْكِسْوَةُ وَالْكَلَامُ وَالدُّخُولُ عَلَيْهِ) مُقَيَّدٌ (بِالْحَيَاةِ) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ عَلَى ضَرْبِ فُلَانٍ أَوْ كِسْوَتِهِ أَوْ الْكَلَامِ مَعَهُ أَوْ الدُّخُولِ عَلَيْهِ كَانَ ذَلِكَ مُقَيَّدًا بِحَيَاتِهِ حَتَّى لَوْ فَعَلَ هَذِهِ الْأَفْعَالَ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا يَكُونُ بَارًّا لِأَنَّ الضَّرْبَ اسْمٌ لِفِعْلٍ مُؤْلِمٍ يَتَّصِلُ بِالْبَدَنِ وَالْإِيلَامُ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْمَيِّتِ وَمَنْ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ يُوضَعُ فِيهِ قَدْرٌ مِنْ الْحَيَاةِ وَكَذَا الْكِسْوَةُ إذْ يُرَادُ بِهِ التَّمْلِيكُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَهُوَ فِي الْمَيِّتِ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ السِّتْرَ وَكَذَا الْكَلَامُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْإِفْهَامُ وَالْمَوْتُ يُنَافِيهِ وَكَذَا الدُّخُولُ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ زِيَارَتُهُ وَبَعْدَ الْمَوْتِ يُزَارُ قَبْرُهُ لَا هُوَ (لَا الْغُسْلُ) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ عَلَى غُسْلِ فُلَانٍ لَا يَتَقَيَّدُ بِحَيَاتِهِ لِأَنَّ الْغُسْلَ هُوَ الْإِسَالَةُ وَمَعْنَاهُ التَّطْهِيرُ وَهُوَ يَتَحَقَّقُ فِي الْمَيِّتِ (وَالْقَرِيبُ) مُقَيَّدٌ (بِمَا دُونَ الشَّهْرِ فِي لِيَقْضِيَنَّ دَيْنَهُ إلَى قَرِيبٍ فَالشَّهْرُ) وَمَا زَادَ عَلَيْهِ (بَعِيدٌ) وَلِهَذَا يُقَالُ عِنْدَ بُعْدِ الْعَهْدِ مَا لَقِيتُك مُنْذُ شَهْرٍ

(مَدُّ شَعْرِهَا وَخَنْقُهَا وَعَضُّهَا كَضَرْبِهَا) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُ امْرَأَتَهُ فَمَدَّ شَعْرَهَا أَوْ خَنَقَهَا أَوْ عَضَّهَا حَنِثَ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِفِعْلٍ مُؤْلِمٍ وَقَدْ تَحَقَّقَ الْإِيلَامُ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ فِي حَالِ الْمُلَاعَبَةِ لِأَنَّهُ يُسَمَّى مُمَازَحَةً لَا ضَرْبًا

(قَالَ) لِامْرَأَتِهِ (إنْ لَبِسْت مِنْ غَزْلِك فَهَدْيٌ) أَيْ فَاللِّبَاسُ صَدَقَةٌ يُتَصَدَّقُ بِهَا فِي مَكَّةَ (فَاشْتَرَى) الزَّوْجُ (قُطْنًا فَغَزَلَتْهُ) الْمَرْأَةُ (وَنُسِجَ) وَخِيطَ (وَلَبِسَ) الزَّوْجُ (فَهُوَ) أَيْ اللِّبَاسُ (هَدْيٌ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُهْدِيَ حَتَّى تَغْزِلَهُ مِنْ قُطْنٍ مَلَكَهُ يَوْمَ حَلَفَ لِأَنَّ النَّذْرَ إنَّمَا يَصِحُّ فِي الْمِلْكِ أَوْ مُضَافٍ إلَى سَبَبِهِ وَلَمْ يُوجَدْ لِأَنَّ اللُّبْسَ وَغَزْلَ الْمَرْأَةِ لَيْسَا مِنْ أَسْبَابِهِ، وَلَهُ أَنَّ غَزْلَ الْمَرْأَةِ عَادَةً يَكُونُ مِنْ قُطْنِ الزَّوْجِ وَالْمُعْتَادُ هُوَ الْمُرَادُ وَذَلِكَ سَبَبُ مِلْكِهِ وَلِهَذَا يَحْنَثُ إذَا غَزَلَتْ مِنْ قُطْنٍ مَمْلُوكٍ لَهُ وَقْتَ النَّذْرِ لِأَنَّ الْقُطْنَ لَمْ يُذْكَرْ حَتَّى إذَا ذُكِرَ بِأَنْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ وَقَالَ إنْ لَبِسْت مِنْ غَزْلِك مِنْ قُطْنِي فَهَدْيٌ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ أَضَافَهُ إلَيْهَا وَقَالَ إنْ لَبِسْت مِنْ غَزْلِك مِنْ قُطْنِك لَمْ يَكُنْ هَدْيًا بِالْإِجْمَاعِ

(عِقْدُ لُؤْلُؤٍ لَمْ يُرَصَّعْ وَخَاتَمُ ذَهَبِ حُلِيٌّ لَا خَاتَمُ فِضَّةٍ) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا فَلَبِسَ عِقْدَ لُؤْلُؤٍ غَيْرُ مُرَصَّعٍ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ وَبَعْدَ مَا عُزِلَ لَمْ يَلْزَمْ الْإِعْلَامُ) كَذَا لَوْ عَادَ إلَى الْوِلَايَةِ لَا يَعُودُ الْيَمِينُ لِسُقُوطِهَا كَذَا فِي الْفَتْحِ

(قَوْلُهُ وَالضَّرْبُ وَالْكِسْوَةُ. . . إلَخْ) الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ يُلِذُّ وَيُؤْلِمُ وَيَغُمُّ وَيُسِرُّ يَقَعُ عَلَى الْحَيَاةِ دُونَ الْمَمَاتِ كَالضَّرْبِ وَالشَّتْمِ وَالْجِمَاعِ وَالْكِسْوَةِ وَالدُّخُولِ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ التَّقْبِيلُ إذَا حَلَفَ لَا يُقَبِّلُهَا فَقَبَّلَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يَحْنَثُ وَقِيلَ إنْ عَقَدَ عَلَى تَقْبِيلِ مُلْتَحٍ يَحْنَثُ أَوْ عَلَى امْرَأَةٍ لَا يَحْنَثُ وَهُوَ أَيْ التَّقْبِيلُ عَلَى الْوَجْهِ اهـ كَذَا فِي الْفَتْحِ

(تَنْبِيهٌ) : الْكَلَامُ مِنْ حَلِفِ الْقَوْلِ لَا الْفِعْلِ فَذِكْرُهُ هُنَا اسْتِطْرَادًا (قَوْلُهُ وَالْقَرِيبُ مُقَيَّدٌ بِمَا دُونَ الشَّهْرِ) كَذَا الْعَاجِلُ فَلَا يَحْنَثُ إنْ مَاتَ قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ فَأَمَّا إنْ نَوَى بِالْقَرِيبِ وَنَحْوِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى حَتَّى لَوْ نَوَى سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ صَحَّتْ وَكَذَا إلَى آخِرِ الدُّنْيَا لِأَنَّهَا قَرِيبَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْآخِرَةِ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَأَوَّلُ الشَّهْرِ قَبْلَ مُضِيِّ النِّصْفِ وَغُرَّةُ الشَّهْرِ اللَّيْلَةُ الْأُولَى مَعَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لُغَةً وَالسَّلْخُ لُغَةً مِنْ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ إلَى الْآخَرِ وَعُرْفًا مِنْ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ وَرَأْسُ الشَّهْرِ وَرَأْسُ الْهِلَالِ وَإِذَا أَهَّلَ الْهِلَالُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَعَلَى اللَّيْلَةِ الَّتِي تُهِلُّ وَيَوْمِهَا وَإِنْ نَوَى السَّاعَةَ الَّتِي يُهِلُّ يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ، وَآخِرُ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَأَوَّلُ آخِرِهِ الْخَامِسَ عَشَرَ وَالسَّادِسَ عَشَرَ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ وَقَرِيبًا مِنْ سَنَةٍ فَهُوَ عَلَى نِصْفِهَا وَإِلَى صَفَرٍ لَا يَدْخُلُ أَوَّلُهُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ

(قَوْلُهُ مِنْ غَزْلِك) أَيْ مَغْزُولِك (قَوْلُهُ فَهُوَ هَدْيٌ) أَيْ عَلَيْهِ إهْدَاؤُهُ إلَى مَكَّةَ وَقَالَ الْكَمَالُ وَإِنْ نَذَرَ ثَوْبًا جَازَ التَّصَدُّقُ فِي مَكَّةَ بِعَيْنِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ وَلَوْ نَذَرَ إهْدَاءَ مَا لَا يُنْقَلُ كَالدَّارِ فَهُوَ نَذْرٌ بِقِيمَتِهَا وَإِنْ نَذَرَ هَدْيَ شَاةٍ أَوْ بَدَنَةٍ فَإِنَّمَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْعُهْدَةِ ذَبْحُهُ فِي الْحَرَمِ وَالتَّصَدُّقُ بِهِ هُنَاكَ فَلَا يَجْزِيهِ إهْدَاءُ قِيمَتِهِ وَقِيلَ فِي إهْدَاءِ قِيمَتِهِ الشَّاةِ رِوَايَتَانِ فَلَوْ سُرِقَ بَعْدَ الذَّبْحِ لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ اهـ.

وَفِي هَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى مُفَارَقَتِهِ الصَّدَقَةَ بِمَكَّةَ لِأَنَّ مَدْلُولَ الْهَدْيِ خَاصٌّ بِمَا يَكُونُ بِمَكَّةَ وَالصَّدَقَةُ لَا تَخْتَصُّ بِهَا (قَوْلُهُ مِنْ قُطْنٍ مَلَكَهُ يَوْمَ حَلَفَ) يَعْنِي وَقْتَ حَلَفَ (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنَّ غَزْلَ الْمَرْأَةِ عَادَةً يَكُونُ مِنْ قُطْنِ الزَّوْجِ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ وَالْوَاجِبُ فِي دِيَارِنَا أَنْ يُفْتَى بِقَوْلِهِمَا لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَغْزِلُ إلَّا مِنْ كَتَّانِ نَفْسِهَا أَوْ قُطْنِهَا فَلَيْسَ الْغَزْلُ سَبَبًا لِمُلْكِهِ لِلْمَغْزُولِ عَادَةً فَلَا يَسْتَقِيمُ جَوَابُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله فِيهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْمُعْتَادُ هُوَ الْمُرَادُ وَذَلِكَ سَبَبُ مِلْكِهِ. . . إلَخْ) مَعْنَى كَوْنِهِ سَبَبًا كَوْنُهُ كُلَّمَا وَقَعَ ثَبَتَ الْحُكْمُ عَنْهُ وَكَوْنُ الْغَزْلِ فِي الْعَادَةِ يَكُونُ مِنْ قُطْنٍ مَمْلُوكٍ لَهُ يَسْتَلْزِمُهُ كَوْنُهُ كُلَّمَا وَقَعَ ثَبَتَ عِنْدَهُ مِلْكُ الزَّوْجِ فِي الْمَغْزُولِ وَلِهَذَا فَارَقَ مَسْأَلَةَ التَّسَرِّي حَيْثُ لَا يَحْنَثُ فِيهَا بِالشِّرَاءِ بَعْدَ الْحَلِفِ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى التَّسَرِّي لَيْسَ إضَافَةً إلَى سَبَبِ الْمِلْكِ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَثْبُتُ عِنْدَ التَّسَرِّي أَثَرًا لَهُ بَلْ هُوَ أَيْ الْمِلْكُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ أَيْ التَّسَرِّي كَذَا فِي الْفَتْحِ

ص: 53

حُلِيٌّ حَقِيقَةً حَتَّى سُمِّيَ بِهِ فِي الْقُرْآنِ وَلَهُ أَنَّهُ لَا يُتَحَلَّى بِهِ عُرْفًا إلَّا مُرَصَّعًا وَمَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ وَقِيلَ هَذَا اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ وَيُفْتَى بِقَوْلِهِمَا لِأَنَّ التَّحَلِّيَ بِهِ مُنْفَرِدًا مُعْتَادٌ، وَإِنْ تَخَتَّمَ بِخَاتَمِ ذَهَبٍ حَنِثَ لِأَنَّهُ حُلِيٌّ وَلِهَذَا لَا يَحِلُّ اسْتِعْمَالُهُ لِلرِّجَالِ وَإِنْ تَخَتَّمَ بِخَاتَمِ فِضَّةٍ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُلِيٍّ عُرْفًا وَلَا شَرْعًا حَتَّى أُبِيحَ اسْتِعْمَالُهُ لِلرِّجَالِ

(حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى الْأَرْضِ فَجَلَسَ عَلَى بِسَاطٍ أَوْ حَصِيرٍ أَوْ لَا يَنَامُ عَلَى هَذَا الْفِرَاشِ فَنَامَ عَلَى فِرَاشٍ فَوْقَهُ أَوْ لَا يَجْلِسُ عَلَى هَذَا السَّرِيرِ فَجَلَسَ عَلَى سَرِيرٍ فَوْقَهُ لَمْ يَحْنَثْ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى جَالِسًا عَلَى الْأَرْضِ وَأَمَّا الثَّانِي وَالثَّالِثُ فَلِأَنَّ مِثْلَ الشَّيْءِ لَا يَكُونُ تَبَعًا لَهُ فَقَطَعَ النِّسْبَةَ عَنْ الْأَوَّلِ (وَلَوْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا لِبَاسُهُ) فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (أَوْ جُعِلَ عَلَى الْفِرَاشِ قِرَامٌ أَوْ عَلَى السَّرِيرِ بِسَاطٌ أَوْ حَصِيرٌ) فِي الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ (حَنِثَ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ لِبَاسَهُ تَبَعٌ لَهُ فَلَا يُعَدُّ حَائِلًا، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الْقِرَامَ تَبَعٌ لِلْفِرَاشِ فَيُعَدُّ نَائِمًا عَلَيْهِ، وَأَمَّا فِي الثَّالِثَةِ فَلِأَنَّ الْجُلُوسَ عَلَى بِسَاطٍ أَوْ عَلَى حَصِيرٍ فَوْقَ السَّرِيرِ جُلُوسٌ عَلَى السَّرِيرِ لِأَنَّ الْجُلُوسَ عَلَيْهِ فِي الْعَادَةِ كَذَلِكَ قَوْلُهُ عَلَى هَذَا السَّرِيرِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا وَقَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْوِقَايَةِ وَالْكَنْزِ مِنْ تَنْكِيرِ سَرِيرٍ كَأَنَّهُ سَهْوٌ مِنْ النَّاسِخِ إذْ عَلَى هَذَا لَا يَسْتَقِيمُ قَوْلُ الْهِدَايَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا جُعِلَ فَوْقَهُ سَرِيرٌ آخَرُ لِأَنَّهُ مِثْلُ الْأَوَّلِ فَإِنَّ هَذَا لَا يَسْتَقِيمُ إلَّا فِي الْمُعَيَّنِ بَلْ الصَّوَابُ مَا فِي الْكَافِي مِنْ تَعْرِيفِ السَّرِيرِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(لَا يَفْعَلُهُ يَقَعُ عَلَى الْأَبَدِ) يَعْنِي إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَجَبَ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ أَبَدًا لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ (وَيَفْعَلُهُ) يَقَعُ (عَلَى مَرَّةٍ) لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ (بِعَلَيَّ الْمَشْيُ) يَعْنِي بِقَوْلِهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ (إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ الْكَعْبَةِ) سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا أَوْ فِي غَيْرِهَا (يَجِبُ عَلَيْهِ حَجٌّ أَوْ عُمْرَةٌ مَاشِيًا وَدَمٌ إنْ رَكِبَ) وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِالْتِزَامِهِ مَا لَيْسَ بِقُرْبَةٍ وَاجِبَةٍ وَلَا مَقْصُودَةٍ فِي الْأَصْلِ لَكِنَّهُ مُسْتَحْسَنٌ بِالْأَثَرِ فَإِنَّهُ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ وَقِيلَ هَذَا اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ وَيُفْتَى بِقَوْلِهِمَا) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ.

وَفِي الْكَافِي قَوْلُهُمَا أَقْرَبُ إلَى عُرْفِ دِيَارِنَا فَيُفْتَى بِقَوْلِهِمَا لِأَنَّ التَّحَلِّي بِهِ عَلَى الِانْفِرَادِ مُعْتَادٌ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا لَبِسَ عِقْدَ زَبَرْجَدٍ أَوْ زُمُرُّدٍ غَيْرَ مُرَصَّعٍ اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ تَخَتَّمَ بِخَاتَمِ فِضَّةٍ لَا يَحْنَثُ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ خَاتَمَ الْفِضَّةِ إذَا صُبِغَ عَلَى هَيْئَةِ خَاتَمِ النِّسَاءِ بِأَنْ كَانَ ذَا فَصٍّ يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ.

وَقَيَّدَ بِالْخَاتَمِ لِأَنَّهُ لَوْ لَبِسَ سِوَارًا أَوْ خَلْخَالًا أَوْ قِلَادَةً أَوْ قِرْدًا أَوْ دُمْلُوجًا حَنِثَ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَلَوْ مِنْ فِضَّةٍ كَذَا فِي الْفَتْحِ

(قَوْلُهُ أَوْ لَا يَنَامُ عَلَى هَذَا الْفِرَاشِ فَنَامَ عَلَى فِرَاشٍ فَوْقَهُ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ وَرَوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَةٌ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ عَنْهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ يُسَمَّى نَائِمًا عَلَى فِرَاشَيْنِ فَلَمْ تَنْقَطِعْ النِّسْبَةُ وَلَمْ يَصِرْ أَحَدُهُمَا تَبَعًا لِلْآخَرِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ كَوْنَ الشَّيْءِ لَيْسَ تَبَعًا لِمِثْلِهِ مُسَلَّمٌ وَلَا يَضُرُّنَا نَفْيُهُ فِي الْفِرَاشَيْنِ بَلْ كُلُّ أَصْلٍ بِنَفْسِهِ وَيَتَحَقَّقُ الْحِنْثُ بِتَعَارُفِ قَوْلِنَا نَامَ عَلَى فِرَاشَيْنِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُمَاسَّهُ إلَّا الْأَعْلَى اهـ.

(قَوْلُهُ قِرَامٌ) هُوَ السِّتْرُ الْمُنَقَّشُ وَالْقَرْمَةُ الْمَحْبِسُ وَهُوَ مَا يَبْسُطُ فَوْقَ الْمِثَالِ وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنًى، كَذَا فِي الْمُغْرِبِ

(قَوْلُهُ وَبِفِعْلِهِ يَقَعُ عَلَى مَرَّةٍ) قَالَ الْكَمَالُ سَوَاءٌ كَانَ مُكْرَهًا فِيهِ أَوْ نَاسِيًا أَصِيلًا أَوْ وَكِيلًا وَإِذَا كَانَتْ الْيَمِينُ مُطْلَقَةً لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَقَعَ الْيَأْسُ عَنْ الْفِعْلِ بِمَوْتِ الْحَالِفِ أَوْ فَوَاتِ مَحَلِّ الْفِعْلِ وَإِنْ كَانَتْ مُقَيَّدَةً مِثْلَ لَا أُكَلِّمُهُ الْيَوْمَ سَقَطَتْ بِفَوَاتِ مَحَلِّ الْفِعْلِ قَبْلَ مُضِيِّ الْوَقْتِ عِنْدَهُمَا عَلَى مَا سَلَفَ فِي مَسْأَلَةِ الْكُوزِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَلَوْ مَاتَ الْحَالِفُ قَبْلَ مُضِيِّهِ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ وَلَوْ جُنَّ الْحَالِفُ فِي يَوْمِهِ حَنِثَ عِنْدَنَا خِلَافًا لِأَحْمَدَ اهـ.

(قَوْلُهُ بِعَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ) قَالَ الْكَمَالُ أَيْ إذَا أَرَادَ بِهِ الْكَعْبَةَ وَلَوْ أَرَادَ بَعْضَ الْمَسَاجِدِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَكَذَا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِقَوْلِهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَوْ مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ أَوْ الْكَعْبَةُ) كَذَا عَلَى الْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ أَوْ بِمَكَّةَ بِالْبَاءِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ مَاشِيًا) أَيْ مِنْ بَيْتِهِ عَلَى الرَّاجِحِ لَا مِنْ حَيْثُ يُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ وَإِذَا كَانَ النَّاذِرُ بِمَكَّةَ اخْتَلَفُوا فِي لُزُومِ الْمَشْيِ حَالَ ذَهَابِهِ إلَى الْعُمْرَةِ إلَى أَنْ يَتَجَاوَزَ الْحَرَمِ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ إلَّا بَعْدَ رُجُوعِهِ قَالَ الْكَمَالُ وَالْوَجْهُ يَقْتَضِي لُزُومَهُ بِمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْحَجِّ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ مِنْ بَلْدَتِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَدَمٌ إنْ رَكِبَ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّبْيِينِ وَإِنْ شَاءَ رَكِبَ وَأَرَاقَ دَمًا اهـ فَاسْتُفِيدَ مِنْهُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ مُسْتَحْسَنٌ بِالْأَثَرِ فَإِنَّهُ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ قَالَ مُحَمَّد رحمه الله فِي الْأَصْلِ بَلَغَنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ مَنْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ الْحَجَّ مَاشِيًا حَجَّ وَرَكِبَ وَذَبَحَ شَاةً لِرُكُوبِهِ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ وَلَيْسَ بِمُطَابِقٍ لِمَا نَحْنُ فِيهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِيمَنْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ الْحَجَّ مَاشِيًا بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ وَقَالَ آخَرُونَ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ أَجَابَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّ عَلَيْهِ حَجَّةً أَوْ عُمْرَةً وَهَذَا مُطَابِقٌ وَقَدْ رَوَى شَيْخِي رحمه الله فِي شَرْحِهِ «أَنَّ أُخْتَ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُحْرِمَ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ» اهـ.

(قُلْت) الْمُطَابِقُ وَمَا بَعْدَهُ لَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الرُّكُوبِ وَالْمَشْيِ فَالْمُدَّعَى أَعَمُّ وَيَرِدُ عَلَى إطْلَاقِ التَّخْيِيرِ مَا قَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ وَأَنَّهَا أَيْ أُخْتُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ أَيْ الْمَشْيَ

ص: 54

(لَا شَيْءَ بِعَلَيَّ الْخُرُوجُ أَوْ الذَّهَابُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ وَالْمَشْيُ إلَى الْحَرَمِ أَوْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) لِأَنَّ الْتِزَامَ هَذِهِ الْأَفْعَالِ بِهَذِهِ الْعِبَارَاتِ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ وَلَا يُمْكِنُ إيجَابُهَا بِاعْتِبَارِ حَقِيقَةِ اللَّفْظِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِقُرْبَةٍ مَقْصُودَةٍ

(قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ لَمْ أَحُجَّ الْعَامَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَشَهِدَا بِنَحْرِهِ بِالْكُوفَةِ لَمْ يَعْتِقْ) الْعَبْدُ عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَعْتِقُ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى أَمْرٍ مَعْلُومٍ وَهُوَ التَّضْحِيَةُ وَمِنْ ضَرُورَتِهِ انْتِفَاءُ الْحَجِّ فَيَتَحَقَّقُ الشَّرْطُ وَلَهُمَا أَنَّهَا قَامَتْ عَلَى النَّفْيِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا نَفْيُ الْحَجِّ لَا إثْبَاتُ التَّضْحِيَةِ إذْ لَا مُطَالِبَ لَهَا فَصَارَ كَمَا إذَا شَهِدَا أَنَّهُ لَمْ يَحُجَّ الْعَامَ غَايَتُهُ أَنَّ هَذَا النَّفْيَ مِمَّا يُحِيطُ بِهِ عِلْمُ الشَّاهِدِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ نَفْيٍ وَنَفْيٍ تَيْسِيرًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا مِنْ كُتُبِ الْفُرُوعِ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَرَّرَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ أَنَّ النَّفْيَ إذَا كَانَ مَحْصُورًا أَحَاطَ بِهِ عِلْمُ الشَّاهِدِ كَانَ مِثْلَ الْإِثْبَاتِ

(وَفِي لَا يَصُومُ حَنِثَ بِصَوْمِ سَاعَةٍ بِنِيَّتِهِ) يَعْنِي حَلَفَ بِأَنَّهُ لَا يَصُومُ فَنَوَى الصَّوْمَ وَصَامَ سَاعَةً ثُمَّ أَفْطَرَ مِنْ يَوْمِهِ حَنِثَ لِوُجُودِ الشَّرْطِ إذْ الصَّوْمُ هُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ فِي النَّهَارِ عَلَى قَصْدِ التَّقَرُّبِ (وَلَوْ ضَمَّ يَوْمًا أَوْ صَوْمًا لَا) يَحْنَثُ (حَتَّى يُتِمَّ يَوْمًا) لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الصَّوْمُ التَّامُّ الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا وَذَلِكَ بِإِتْمَامِهِ إلَى آخِرِ الْيَوْمِ.

(وَفِي لَا يُصَلِّي) حَنِثَ (بِرَكْعَةٍ لَا بِمَا دُونَهَا) يَعْنِي لَا يَحْنَثُ بِالْقِيَامِ أَوْ الْقِرَاءَةِ أَوْ الرُّكُوعِ وَإِنْ سَجَدَ مَعَ ذَلِكَ ثُمَّ قَطَعَ حَنِثَ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَحْنَثَ بِالِافْتِتَاحِ اعْتِبَارًا بِالشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الصَّلَاةَ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَرْكَانِ الْمُخْتَلِفَةِ فَمَا لَمْ يَأْتِ بِكُلِّهَا لَا تُسَمَّى صَلَاةً بِخِلَافِ الصَّوْمِ لِأَنَّهُ رُكْنٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْإِمْسَاكُ وَيَتَكَرَّرُ فِي بَاقِي الْأَجْزَاءِ (وَلَوْ ضَمَّ صَلَاةً فَبِشَفْعٍ لَا أَقَلَّ) إذْ يُرَادُ بِهَا الصَّلَاةُ الْمُعْتَبَرَةُ شَرْعًا وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ لِلنَّهْيِ عَنْ الْبُتَيْرَاءِ

(وَبِإِنْ وَلَدْتِ فَأَنْتِ كَذَا) يَحْنَثُ (بِوَلَدٍ مَيِّتٍ) يَعْنِي لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ وَلَدْتِ وَلَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا طَلُقَتْ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ وَلَدْتِ وَلَدًا فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ مَيِّتًا لِأَنَّ الْمَوْلُودَ وَلَدٌ حَقِيقَةً، وَيُسَمَّى بِهِ فِي الْعُرْفِ وَيُعْتَبَرُ وَلَدًا فِي الشَّرْعِ حَتَّى يَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَالدَّمُ بَعْدَهُ نِفَاسٌ وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ فَتَحَقَّقَ الشَّرْطُ.

(وَفِي إنْ وَلَدْت) وَلَدًا (فَهُوَ) أَيْ الْوَلَدُ (حُرٌّ عَتَقَ الْحَيُّ إنْ وَلَدَتْ مَيِّتًا ثُمَّ حَيًّا) عِنْدَهُ وَقَالَا لَا يَعْتِقُ لِأَنَّ الشَّرْطَ تَحَقَّقَ بِوِلَادَةِ الْمَيِّتِ كَمَا ذَكَرْنَا فَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ لَا إلَى جَزَاءٍ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلْحُرِّيَّةِ وَلَهُ أَنَّ مُطْلَقَ اسْمِ الْوَلَدِ مُقَيَّدٌ بِوَصْفِ الْحَيَاةِ تَصْحِيحًا لِكَلَامِ الْعَاقِلِ إذْ لَوْ لَمْ يَتَقَيَّدْ بِهِ لَغَا لِأَنَّهُ قَصَدَ إثْبَاتَ الْحُرِّيَّةِ جَزَاءً وَهِيَ لَا تَثْبُتُ فِي الْمَيِّتِ فَيَتَقَيَّدُ بِهِ كَمَا إذَا قَالَ إنْ وَلَدْت وَلَدًا حَيًّا بِخِلَافِ جَزَاءِ الطَّلَاقِ وَحُرِّيَّةِ الْأُمِّ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحْ لِلتَّقْيِيدِ

(وَفِي لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَهُ الْيَوْمَ وَقَضَاهُ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً أَوْ مُسْتَحَقَّةً أَوْ بَاعَهُ بِهِ شَيْئًا وَقَبَضَهُ بَرَّ) يَعْنِي إذَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا دَيْنَهُ الْيَوْمَ فَقَضَاهُ ثُمَّ وَجَدَ فُلَانٌ بَعْضَهَا زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً أَوْ مُسْتَحَقَّةً لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الزِّيَافَةَ عَيْبٌ وَالْعَيْبُ لَا يُعْدِمُ الْجِنْسَ وَلِهَذَا لَوْ تَجَوَّزَ بِهِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا لِدَيْنِهِ فَوُجِدَ شَرْطُ الْبِرِّ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ أَوْ الْمَشْي إلَى الْحَرَمِ أَوْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا فِي قَوْلِهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى الْحَرَمِ أَوْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَيْهِ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ

(قَوْلُهُ وَفِي لَا يَصُومُ حَنِثَ بِصَوْمِ سَاعَةٍ) نَصُّ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لِتَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِالْفَاسِدِ إلَّا إذَا كَانَتْ فِي الْمَاضِي كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَفِي لَا يُصَلِّي بِرَكْعَةٍ) شَامِلٌ لِحِنْثِهِ بِالصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ وَلَوْ قَيَّدَ بِذَكَرِ الرَّكْعَةِ لَا يَحْنَثُ بِالْفَاسِدَةِ لِمَا قَالَ فِي الْفَتْحِ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَمِثْلُهُ فِي قَاضِي خَانْ وَالْبَزَّازِيَّةِ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ صَلَّيْتُ رَكْعَةً فَأَنْتَ حُرٌّ فَصَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ تَكَلَّمَ لَا يَعْتِقُ وَلَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ عَتَقَ بِالرَّكْعَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مَا صَلَّى رَكْعَةً لِأَنَّهَا بُتَيْرَاءٌ مَنْهِيٌّ عَنْهَا نَهْيًا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ لَوْ فُعِلَتْ بِخِلَافِ مَا إذَا صَلَّى شَفْعًا اهـ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَحُجُّ فَهُوَ عَلَى الصَّحِيحِ دُونَ الْفَاسِدِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ ضَمَّ صَلَاةً فَبِشَفْعٍ) اخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ حِنْثِهِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى مُجَرَّدِ النَّفْلِ وَهُوَ إذَا حَلَفَ لَا يُصَلِّي صَلَاةً يَحْنَثُ قَبْلَ الْقَعْدَةِ لِأَنَّ الْحَقَّ أَنَّ الْأَرْكَانَ الْحَقِيقِيَّةَ هِيَ الْخَمْسَةُ وَالْقَعْدَةُ رُكْنٌ زَائِدٌ عَلَى مَا تَحَرَّرَ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ لِلْحَتْمِ فَلَا تُعْتَبَرُ رُكْنًا فِي حَقِّ الْحِنْثِ وَإِنْ عَقَدَهَا عَلَى الْفَرْضِ كَصَلَاةِ الصُّبْحِ أَوْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ حَتَّى يَقْعُدَ كَمَا فِي الْفَتْحِ

(قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ) يَعْنِي وَكَذَا يَحْنَثُ لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ. . . إلَخْ وَلَيْسَتْ الْإِشَارَةُ لِلطَّلَاقِ كَمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ وَالْمُصَنِّفُ شَرَحَ مَتْنَهُ بِعِبَارَةِ الْهِدَايَةِ وَمَتْنُهُ أَوْلَى كَالْكَنْزِ وَشَرَحَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِعِبَارَةِ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ جَزَاءِ الطَّلَاقِ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ) الضَّمِيرُ لِلْجَزَاءِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْعِنَايَةِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ أَيْ الْجَزَاءَ وَقَوْلُهُ لَا يَصْلُحُ لِلتَّقْيِيدِ يَعْنِي لَا يَفْتَقِرُ الْجَزَاءُ لِلتَّقْيِيدِ بِحَيَاةِ الْوَلَدِ لِاسْتِغْنَاءِ الْأُمِّ عَنْ حَيَاتِهِ فَلَمْ يَكُنْ الشَّرْطُ لِلطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ إلَّا الْوِلَادَةَ وَقَدْ تَحَقَّقَتْ

(قَوْلُهُ وَفِي لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَهُ الْيَوْمَ. . . إلَخْ) كَذَا الْحُكْمُ لَوْ حَلَفَ رَبُّ الدَّيْنِ فَقَالَ إنْ لَمْ أَقْبِضْ مَا لِي عَلَيْك الْيَوْمَ أَوْ إنْ لَمْ اسْتَوْفِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ أَوْ بَاعَهُ بِهِ شَيْئًا وَقَبَضَهُ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَيْسَ الْقَبْضُ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا لِمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَشْتَرِطَ الْقَبْضَ

ص: 55