الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَمْلِكُهُ (فِي مُدَّةٍ يُمْكِنُ) أَيْ نَقْضُهُ (فِيهَا) أَيْ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ (مَالًا) مَفْعُولُ ضَمِنَ (وَعَاقِلَتُهُ) عُطِفَ عَلَى ضَمِيرِ ضَمِنَ وَجَازَ لِلْفَصْلِ (نَفْسًا) مَفْعُولُ ضَمِنَ الْمُقَدَّرُ (تَلَفَا) أَيْ الْمَالُ وَالنَّفْسُ (بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْحَائِطِ (لَا) أَيْ لَا يَضْمَنُ (مَنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ فَبَاعَ دَارِهِ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي أَوَّلًا) كَذَا فِي الْكَافِي وَلَيْسَ فِي الْهِدَايَةِ لَفْظُ أَوَّلًا (فَسَقَطَ) الْحَائِطُ بَعْدَ الْبَيْعِ فَتَلِفَ بِهِ مَالٌ أَوْ نَفْسٌ وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ بِتَرْكِ الْهَدْمِ مَعَ تَمَكُّنِهِ وَقَدْ زَالَ بِالْبَيْعِ بِخِلَافِ إشْرَاعِ الْجُنَاحِ لِأَنَّهُ كَانَ جَانِيًا بِالْوَضْعِ وَلَمْ يَنْفَسِخْ بِالْبَيْعِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي إذْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهِ بَعْدَ شِرَائِهِ فَحِينَئِذٍ يَضْمَنُ لِتَرْكِهِ التَّفْرِيغَ مَعَ تَمَكُّنِهِ بَعْدَ الطَّلَبِ (أَوْ طَلَبَ مِمَّنْ لَا يَمْلِكُ نَقْضَهُ) أَيْ لَا يَضْمَنُ مَنْ لَا يَمْلِكُ نَقْضَهُ وَإِنْ طَلَبَ مِنْهُ (كَالْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُودِعِ وَالسَّاكِنِ) لِعَدَمِ قُدْرَتِهِمْ عَلَى التَّصَرُّفِ (مَالَ) الْحَائِطُ (إلَى دَارِ رَجُلٍ فَلَهُ الطَّلَبُ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ (فَيَصِحُّ تَأْجِيلُهُ وَإِبْرَاؤُهُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْجِنَايَةِ (لَا إنْ مَالَ إلَى الطَّرِيقِ فَأَجَّلَهُ الْقَاضِي أَوْ الطَّالِبُ) لِأَنَّهُ حَقُّ الْعَامَّةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا إبْطَالُهُ (وَإِنْ بُنِيَ مَائِلًا بَدْءًا ضَمِنَ بِلَا طَلَبٍ كَمَا فِي إشْرَاعِ الْجُنَاحِ) وَهُوَ إخْرَاجُ الْجُذُوعِ مِنْ الْجِدَارِ إلَى الطَّرِيقِ وَالْبِنَاءِ عَلَيْهِ (وَنَحْوُهُ) كَالْكَنِيفِ مَثَلًا
(حَائِطٌ لِخَمْسَةٍ طُلِبَ نَقْضُهُ مِنْ أَحَدِهِمْ وَسَقَطَ عَلَى رَجُلٍ) فَعَطِبَ بِهِ (ضَمِنَ عَاقِلَتُهُ) أَيْ عَاقِلَةُ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ (خُمُسَ الدِّيَةِ) لِأَنَّ الطَّلَبَ صَحَّ فِي الْخُمُسِ فَيَكُونُ مُتَعَدِّيًا فَإِنْ قِيلَ الْوَاحِدُ مِنْ الشُّرَكَاءِ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَهْدِمَ شَيْئًا مِنْ الْحَائِطِ فَكَيْفَ يَصِحُّ الطَّلَبُ مِنْهُ قُلْنَا إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ هَدْمِ نَصِيبِهِ يَتَمَكَّنُ مِنْ إصْلَاحِهِ بِوَجْهٍ وَهُوَ الْمُرَافَعَةُ إلَى الْحُكَّامِ وَبِهِ يَحْصُلُ الْغَرَضُ فَإِنْ تَرَكَ ضَمِنَ الْعَاقِلَةُ (كَمَا ضَمِنُوا) أَيْ الْعَاقِلَةُ (ثُلُثَيْهَا إنْ حَفَرَ أَحَدُ ثَلَاثَةٍ فِي دَارِهِمْ بِئْرًا أَوْ بَنَى حَائِطًا) فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ لِأَنَّ الْحَافِرَ وَالْبَانِيَ فِي الثُّلُثَيْنِ مُتَعَدٍّ.
[بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا]
الْأَصْلُ أَنَّ الْمُرُورَ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ مُبَاحٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي حَقِّهِ مِنْ وَجْهٍ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ مِنْ وَجْهٍ لِكَوْنِهِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ كُلِّ النَّاسِ فَقُلْنَا بِالْإِبَاحَةِ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ لِيَعْتَدِلَ النَّظَرُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِيمَا يُمْكِنُ الِاعْتِرَاضُ عَنْهُ لَا فِيمَا لَا يُمْكِنُ لِأَنَّ تَقْيِيدَهُ بِهَا مُطْلَقًا يُؤَدِّي إلَى الْمَنْعِ مِنْ التَّصَرُّفِ وَسَدِّ بَابِهِ وَهُوَ مَفْتُوحٌ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَنَقُولُ (ضَمِنَ الرَّاكِبُ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ مَا وَطِئَتْ دَابَّتُهُ وَمَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا أَوْ رَأْسِهَا أَوْ كَدَمَتْ) أَيْ عَضَّتْ بِمُقَدَّمِ أَسْنَانِهَا (أَوْ خَبَطَتْ) أَيْ ضَرَبَتْ (بِيَدِهَا أَوْ صَدَمَتْ) أَيْ ضَرَبَتْ بِنَفْسِهَا شَيْئًا يُقَالُ اصْطَدَمَ الْفَارِسَانِ إذَا ضَرَبَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِنَفْسِهِ فَإِنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مُمْكِنٌ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ ضَرُورَاتِ السَّيْرِ فَقُيِّدَ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ عَنْهَا (فَلَوْ حَدَثَتْ) هَذِهِ الْأَشْيَاءُ (فِي السَّيْرِ فِي مِلْكِهِ لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ (إلَّا فِي الْوَطْءِ) وَهُوَ رَاكِبُهَا لِأَنَّ الْإِيطَاءَ مُبَاشَرَةٌ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِثِقَلِهِ حَتَّى يُحْرَمَ الْمِيرَاثَ وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَغَيْرُهُ بِسَبَبٍ وَفِيهِ يُشْتَرَطُ التَّعَدِّي فَصَارَ كَحَفْرِ الْبِئْرِ فِي مِلْكِهِ وَفِي الْمُبَاشَرَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ (وَلَوْ) حَدَثَتْ (فِي السَّيْرِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَلَوْ) كَانَ سَيْرُهُ (بِإِذْنِهِ) أَيْ بِإِذْنِ الْغَيْرِ (كَانَ ذَلِكَ الْمِلْكُ كَمِلْكِهِ) وَالسَّيْرُ فِيهِ كَالسَّيْرِ فِي مِلْكِهِ حَيْثُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِهِ (ضَمِنَ مَا تَلِفَ مُطْلَقًا) لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَعَاقِلَتَهُ عُطِفَ عَلَى ضَمِيرِ ضَمِنَ) الصَّوَابُ أَنَّهُ عُطِفَ عَلَى ذُو حَائِطٍ وَلَيْسَ فِيهِ ضَمِيرٌ لِكَوْنِهِ عَامِلًا فِي ظَاهِرٍ
(بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا)(قَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِهِ ضَمِنَ مَا تَلِفَ مُطْلَقًا) أَيْ إذَا كَانَ مَعَهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَوْ أَدْخَلَهَا وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَمْ يُدْخِلْهَا لَا يَضْمَنُ شَيْئًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ
(لَا مَا نَفَحَتْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ مَا وَطِئَتْ دَابَّتُهُ نَفْحُ الدَّابَّةِ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ضَرْبُهَا بِحَدِّ حَافِرِهَا أَيْ لَا يَضْمَنُ مَا نَفَحَتْ (بِرِجْلِهَا أَوْ ذَنَبِهَا سَائِرَةً) إذْ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا مَعَ سَيْرِهَا حَتَّى لَوْ وَافَقَهَا فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ لِإِمْكَانِ الِاحْتِرَازِ عَنْ الْإِيقَافِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ عَنْ النَّفْحَةِ فَصَارَ مُتَعَدِّيًا بِالْإِيقَافِ (أَوْ عَطِبَ بِمَا رَاثَتْ أَوْ بَالَتْ فِي الطَّرِيقِ سَائِرَةً) فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ أَيْضًا لِمَا مَرَّ مِنْ امْتِنَاعِ الِاحْتِرَازِ أَوْ أَوْقَفَهَا لَهُ فَإِنَّ بَعْضَ الدَّوَابِّ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ (فَلَوْ أَوْقَفَهَا لِغَيْرِهِ ضَمِنَ) لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالْإِيقَافِ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ الْإِيقَافُ (فِي مَوْضِعٍ أَذِنَ) مِنْ قِبَلِ الْإِمَامِ (بِإِيقَافِهَا فِيهِ) فَحِينَئِذٍ لَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ التَّعَدِّي (وَإِنْ أَصَابَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا حَصَاةٌ أَوْ نَوَاةً أَوْ أَثَارَتْ غُبَارًا أَوْ حَجَرًا صَغِيرًا فَفَقَأَ عَيْنًا أَوْ أَفْسَدَ ثَوْبًا لَا يَضْمَنُ) لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ (وَبِالْكَبِيرِ يَضْمَنُ) لِإِمْكَانِ الِاحْتِرَازِ (ضَمِنَ السَّائِقُ) لِلدَّابَّةِ (وَالْقَائِدُ لَهَا مَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا لَا بِرِجْلِهَا) أَيْ فِي كُلِّ صُورَةٍ يَضْمَنُ فِيهَا الرَّاكِبُ يَضْمَنُ فِيهَا السَّائِقُ وَالْقَائِدُ لِأَنَّهُمَا مُسَبَّبَانِ كَالرَّاكِبِ فِي غَيْرِ الْإِيطَاءِ فَيَجِبُ فِيهَا الضَّمَانُ بِالتَّعَدِّي كَالرَّاكِبِ وَهَذَا الْحُكْمُ مُطَّرِدٌ وَمُنْعَكِسٌ فِي الصَّحِيحِ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّ السَّائِقَ يَضْمَنُ النَّفْحَةَ بِالرِّجْلِ لِأَنَّهُمَا بِمَرْأَى عَيْنِهِ فَيُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا مَعَ السَّيْرِ وَغَائِبَةٌ عَنْ بَصَرِ الرَّاكِبِ وَالْقَائِدِ فَلَا يُمْكِنُهُمَا الِاحْتِرَازُ عَنْهَا وَعَلَيْهِ بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى الْأَوَّلِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الرَّاكِبِ (الْكَفَّارَةُ) لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ وَهِيَ حُكْمُ الْمُبَاشَرَةِ (وَلَا يَرِثُ) إنْ كَانَ الْمَقْتُولُ مُورِثَهُ (لِذَلِكَ أَيْضًا بِخِلَافِهِمَا) أَيْ السَّائِقِ وَالْقَائِدِ حَيْثُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا وَيَرِثَانِ لِأَنَّهُمَا مُسَبَّبَانِ وَالْكَفَّارَةُ وَحِرْمَانُ الْإِرْثِ لَيْسَا مِنْ أَحْكَامِ التَّسْبِيبِ
(ضَمِنَ عَاقِلَةُ كُلِّ حُرٍّ فَارِسٍ أَوْ رَاجِلٍ) ذَكَرَ الرَّاجِلَ فِي الْمَبْسُوطِ وَغَيْرِهِ (دِيَةُ الْآخَرِ إنْ اصْطَدَمَا) وَقَدْ مَرَّ مَعْنَى الِاصْطِدَامِ (وَمَاتَا وَلَمْ يَكُونَا مِنْ الْعَجَمِ) حَتَّى لَوْ كَانَا مِنْهُمْ وَجَبَ الدِّيَةُ فِي مَالِهِمْ كَمَا مَرَّ مِرَارًا (أَوْ كَانَ) أَيْ الِاصْطِدَامُ (خَطَأً) لِأَنَّ مَوْتَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُضَافٌ إلَى فِعْلِ صَاحِبِهِ لِأَنَّ فِعْلَهُ فِي نَفْسِهِ مُبَاحٌ وَهُوَ الْمَشْيُ فِي الطَّرِيقِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الضَّمَانِ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ مُطْلَقًا فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَلَوْ اُعْتُبِرَ لَوَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ فِيمَا إذَا وَقَعَ فِي بِئْرٍ فِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ إذْ لَوْلَا مَشْيُهُ وَثِقَلُهُ فِي نَفْسِهِ لَمَا هَوَى فِي الْبِئْرِ وَفِعْلُ صَاحِبِهِ وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا لَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَيَكُونُ سَبَبًا لِلضَّمَانِ عِنْدَ وُجُودِ التَّلَفِ بِهِ وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ (وَلَوْ) كَانَ الِاصْطِدَامُ (عَمْدًا فَنِصْفُهَا) أَيْ الْوَاجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ اتِّفَاقًا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَاتَ بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ الْآخَرِ فَيُعْتَبَرُ نِصْفُ الدِّيَةِ وَيُهْدَرُ النِّصْفُ كَمَا إذَا جَرَحَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَفْسَهُ وَصَاحِبَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي صُورَةَ الْعَمْدِ صَرِيحًا بَلْ فِي ضِمْنِ دَلِيلِ الْخَصْمِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ يَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي الْعَمْدِ عَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ وَفِي الْخَطَأِ تَجِبُ الدِّيَةُ الْكَامِلَةُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْكُتُبِ خَلَا أَنَّهُ ذَكَرَ الْخَطَأَ فِي وَضْعِ الْمَسْأَلَةِ وَالْعَمْدَ فِي بَيَانِ قَوْلِ الْخَصْمِ (وَلَوْ) كَانَ الْمُصْطَدِمَانِ (عَبْدَيْنِ يُهْدَرُ دَمُهُمَا) لِأَنَّ الْجِنَايَةَ تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَتِهِمَا دَفْعًا وَفِدَاءً وَقَدْ فَاتَتْ لَا إلَى خَلْفٍ (وَلَوْ) كَانَ (أَحَدُهُمَا حُرًّا وَالْآخَرُ عَبْدًا فَعَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ) الْمَقْتُولِ (قِيمَةُ الْعَبْدِ فِي الْخَطَأِ) فَيَأْخُذُهَا وَرَثَةُ حُرِّ الْمَقْتُولِ إذْ عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى تَجِبُ الْقِيمَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِأَنَّهُ ضَمَانُ الْآدَمِيِّ عِنْدَهُمَا فَقَدْ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَإِنْ أَصَابَتْ بِيَدِهَا. . . إلَخْ)
قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَالرَّاكِبُ وَالرَّدِيفُ وَالسَّائِقُ وَالْقَاعِدُ فِي الضَّمَانِ سَوَاءٌ (قَوْلُهُ ضَمِنَ السَّائِقُ لِلدَّابَّةِ وَالْقَائِدُ مَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا لَا رِجْلِهَا) الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لَا رِجْلِهَا النَّفْحَةُ بِهَا لَا وَطْؤُهَا بِهَا لِقَوْلِهِ كُلُّ صُورَةٍ فِيهَا الرَّاكِبُ يَضْمَنُ فِيهَا السَّائِقُ وَالْقَائِدُ (قَوْلُهُ فَيَجِبُ فِيهَا الضَّمَانُ بِالتَّعَدِّي) يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْعِبَارَةُ فَيَجِبُ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ بَعْضُ الْمَشَايِخِ) يَعْنِي مَشَايِخَ الْعِرَاقِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى الْأَوَّلِ) قَالَ الشَّيْخُ أَكْمَلُ الدِّينِ يُرِيدُ مَشَايِخَ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ فَمُحَصَّلُهُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْقَائِدِ فِي النَّفْحَةِ اتِّفَاقًا وَخَالَفَ الْقُدُورِيُّ فِي السَّائِقِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَالْقَائِدِ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَفِي الْمَوَاهِبِ وَالْجَوْهَرَةِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ أَيْ الرَّاكِبُ الْكَفَّارَةُ. . . إلَخْ)
قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَمُرَادُهُ فِي الْإِيطَاءِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِلَأَنَّهُ مُبَاشِرٌ
(قَوْلُهُ أَوْ رَاجِلٍ دِيَةُ الْآخَرَيْنِ اصْطَدَمَا وَمَاتَا) هَذَا إذَا وَقَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى قَفَاهُ وَإِنْ عَلَى وَجْهِهِمَا فَلَا شَيْءَ وَإِنْ أَحَدُهُمَا عَلَى قَفَاهُ، وَالْآخَرُ عَلَى وَجْهِهِ فَدَمُ الَّذِي وَقَعَ عَلَى وَجْهِهِ هَدَرٌ وَهَذَا بِخِلَافِ تَجَاذُبِ الْحَبْلِ فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ دِيَةُ الْآخَرِ إذَا وَقَعَا عَلَى وُجُوهِهِمَا وَإِنْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا عَلَى وَجْهِهِ وَالْآخَرُ عَلَى قَفَاهُ فَدِيَةُ الَّذِي عَلَى قَفَاهُ هَدَرٌ لِأَنَّهُ سَقَطَ بِفِعْلِ نَفْسِهِ وَدِيَةُ الْآخَرِ عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَبْدَيْنِ يُهْدَرُ دَمُهُمَا) سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً كَمَا فِي الْبُرْهَانِ
أَخْلَفَ الْعَبْدُ الْجَانِي بَدَلًا بِهَذَا الْقَدْرِ فَيَأْخُذُهُ وَرَثَةُ الْحُرِّ الْمَقْتُولِ وَيَبْطُلُ مَا زَادَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْخَلْفِ (وَنِصْفُهَا فِي الْعَمْدِ) أَيْ يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْمَضْمُونَ فِي الْعَمْدِ النِّصْفُ وَهَذَا الْقَدْرُ يَأْخُذُهُ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ وَمَا عَلَى الْعَبْدِ فِي رَقَبَتِهِ وَهُوَ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ يَسْقُطُ إلَّا قَدْرُ مَا أَخْلَفَ مِنْ الْبَدَلِ وَهُوَ نِصْفُ الْقِيمَةِ.
(وَضَمِنَهَا) أَيْ الدِّيَةَ (عَاقِلَةُ سَائِقِ دَابَّةٍ وَقَعَ بَعْضُ أَدَاتِهَا) كَالسَّرْجِ وَاللِّجَامِ وَنَحْوِهِمَا (عَلَى رَجُلٍ فَمَاتَ) لِأَنَّهُ مِمَّا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ إذْ سُقُوطُهُ إمَّا لِعَدَمِ شَدِّهِ عَلَيْهَا أَوْ لِعَدَمِ إحْكَامِهِ.
(وَ) ضَمِنَ أَيْضًا عَاقِلَةُ (قَائِدٍ قِطَارٍ وَطِئَ بَعِيرٌ مِنْهُ رَجُلًا فَمَاتَ) لِأَنَّ الْقَائِدَ عَلَيْهِ حِفْظُ الْقِطَارِ كَالسَّائِقِ وَقَدْ أَمْكَنَهُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ فَصَارَ مُتَعَدِّيًا بِالتَّقْصِيرِ فِيهِ إلَّا أَنَّ ضَمَانَ النَّفْسِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَضَمَانَ الْمَالِ فِي مَالِهِ كَذَا فِي الْكَافِي (وَلَوْ مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْقَائِدِ (سَائِقٌ فِي جَانِبِ الْإِبِلِ ضَمِنَا) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا عَاقِلَةٌ وَإِنْ كَانَتْ ضَمِنَ عَاقِلَتُهُمَا لِأَنَّ الْقَائِدَ الْوَاحِدَ قَائِدٌ لِلْكُلِّ وَكَذَا سَائِقُهُ لِاتِّصَالِ الْأَزِمَّةِ (وَأَمَّا إذَا) لَمْ يَكُنْ فِي جَانِبِ الْإِبِلِ بَلْ (تَوَسَّطَهَا) أَيْ دَخَلَ بَيْنَ الْإِبِلِ (وَأَخَذَ زِمَامَ وَاحِدٍ) مِنْهَا (ضَمِنَ وَحْدَهُ) مَا عَطِبَ بِمَا هُوَ خَلْفَهُ وَيَضْمَنَانِ مَا عَطِبَ بِمَا هُوَ بَيْنَ يَدَيْهِ لِأَنَّ الْقَائِدَ لَا يَقُودُ مَا خَلْفَ السَّائِقِ لِانْقِطَاعِ الزِّمَامِ وَالسَّائِقُ يَسُوقُ مَا كَانَ إمَامَهُ
(قَتَلَ بَعِيرٌ رُبِطَ عَلَى قِطَارٍ يَسِيرُ بِلَا عِلْمِ قَائِدِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِرُبِطَ (رَجُلًا) مَفْعُولُ قَتَلَ (ضَمِنَ عَاقِلَةُ الْقَائِدِ الدِّيَةَ) لِأَنَّهُ قَائِدٌ لِلْكُلِّ فَيَكُونُ قَائِدًا لِذَلِكَ الْبَعِيرِ وَالْقَوَدُ سَبَبٌ لِوُجُودِ الضَّمَان وَمَعَ تَحَقُّقِ سَبَبِ الضَّمَانِ مِنْهُ لَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ بِجَهْلِهِ (وَرَجَعُوا) أَيْ الْعَاقِلَةُ (بِهَا) أَيْ بِالدِّيَةِ (عَلَى عَاقِلَةِ الرَّابِطِ) لِأَنَّ الرَّابِطَ هُوَ الَّذِي أَوْقَعَهُ فِي هَذَا الضَّمَانِ حَيْثُ رَبَطَهُ بِالْقِطَارِ وَهُوَ مُتَعَدٍّ فِيمَا صَنَعَ فَصَارَ فِي التَّقْدِيرِ هُوَ الْجَانِي (فَلَوْ رَبَطَ وَالْقِطَارُ وَاقِفٌ ضَمِنَهَا) أَيْ الدِّيَةَ (عَاقِلَةُ الْقَائِدِ بِلَا رُجُوعٍ) لِأَنَّهُ قَادَ بَعِيرَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ لَا صَرِيحًا وَلَا دَلَالَةً فَلَا يَرْجِعُونَ بِمَا لَحِقَهُمْ عَلَى أَحَدٍ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالرَّبْطِ وَالْإِيقَافِ عَلَى الطَّرِيقِ لَكِنَّهُ زَالَ بِالْقَوَدِ فَصَارَ كَمَا لَوْ وَضَعَ حَجَرًا أَوْ حَوَّلَهُ غَيْرُهُ (كَذَا إذَا عَلِمَ الْقَائِدُ) بِالرَّبْطِ لَا يَرْجِعُونَ عَلَى عَاقِلِهِ الرَّابِطِ بِمَا لَحِقَهُمْ مِنْ الضَّمَانِ لِأَنَّ الْقَائِدَ رَضِيَ بِهِ وَالتَّلَفُ قَدْ اتَّصَلَ بِفِعْلِهِ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ
(أَرْسَلَ كَلْبًا أَوْ طَيْرًا أَوْ سَاقَهُ) أَيْ مَشَى خَلْفَهُ مَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَمْشِ خَلْفَهُ فَمَا دَامَ فَوْرُهُ فَهُوَ سَائِقٌ لَهُ فِي الْحُكْمِ فَيُلْحَقُ بِالسَّوْقِ وَإِنْ تَرَاخَى انْقَطَعَ السَّوْقُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (فَأَصَابَ فِي فَوْرِهِ ضَمِنَ فِي الْكَلْبِ) مَا أَتْلَفَهُ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ مِنْ جِهَتِهِ فَأُضِيفَ فِعْلُهُ إلَيْهِ كَالْمُكْرَهِ يُضَافُ فِعْلُهُ إلَى الْمُكْرَهِ فِيمَا يَصْلُحُ آلَةً لَهُ (لَا) أَيْ لَا يَضْمَنُ (فِي الطَّيْرِ) أَيْ الْبَازِي وَالْفَرْقُ أَنَّ الْكَلْبَ يَحْتَمِلُ السَّوْقَ فَاعْتُبِرَ سَوْقُهُ وَالطَّيْرُ لَا يَحْتَمِلُهُ فَصَارَ وُجُودُ السَّوْقِ وَعَدَمُهُ سَوَاءً (وَلَا كَلْبٌ لَمْ يَسُقْهُ) لِعَدَمِ سَبَبِ الضَّمَانِ (وَلَا دَابَّةٌ مُنْفَلِتَةٌ أَصَابَتْ نَفْسًا أَوْ مَالًا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ» أَيْ هَدَرٌ وَهِيَ الْمُنْفَلِتَةُ وَلِأَنَّ الْفِعْلَ لَمْ يُضَفْ إلَيْهِ إذْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يُوجِبُ النِّسْبَةَ إلَيْهِ مِنْ الْإِرْسَالِ وَالسَّوْقِ وَنَحْوِهِمَا لَهُ كَلْبٌ يَأْكُلُ عِنَبَ الْكُرُومِ وَاشْتُهِرَ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَمْ يَحْفَظْ حَتَّى أَكَلَ الْعِنَبَ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إذَا اُشْتُهِرَ عَلَيْهِ فِيمَا يَخَافُ مِنْهُ تَلَفُ بَنِي آدَمَ كَالْحَائِطِ الْمَائِلِ وَنَطْحِ الثَّوْرِ وَعَقْرِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ فَيَضْمَنُ إذَا لَمْ يَحْفَظْ
(ضَرَبَ دَابَّةً عَلَيْهَا رَاكِبٌ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ ضَرَبَ دَابَّةً عَلَيْهَا رَاكِبٌ أَوْ نَخَسَهَا) يَعْنِي بِلَا أَمْرٍ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ