الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَسْقُطُ حَقُّ الْعَبْدِ إذْ سُقُوطُهُ فِي ضِمْنِ اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ وَلَمْ يُوجَدْ فَيَبْقَى حَقُّهُ (فَلِلْوَلِيِّ الْقِصَاصُ) إنْ كَانَتْ الْجِرَاحَةُ مِمَّا فِيهِ الْقِصَاصُ (أَوْ الْأَرْشُ) إنْ كَانَتْ مِمَّا فِيهِ الْأَرْشُ (فِي الْأُولَى) مِنْ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ مَا إذَا جَرَحَ فَقَطْ وَأَمَّا سُقُوطُهُ إذَا أُخِذَ بَعْدَمَا تَابَ وَقَدْ قَتَلَ عَمْدًا وَأَخَذَ الْمَالَ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} [المائدة: 34] فَإِذَا سَقَطَ ظَهَرَ حَقُّ الْعَبْدِ فِيهِ.
(وَ) يَكُونُ (لَهُ) أَيْ لِلْوَلِيِّ (الْقَوَدُ) أَيْ قَتْلُ الْقَاطِعِ (أَوْ الْعَفْوُ فِي غَيْرِهَا) مِنْ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِيهِمْ غَيْرُ مُكَلَّفٍ أَوْ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَلِأَنَّهُ جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ قَامَتْ بِالْكُلِّ فَإِذَا لَمْ يَقَعْ فِعْلُ بَعْضِهِمْ مُوجِبًا كَانَ فِعْلُ الْبَاقِينَ بَعْضَ الْعِلَّةِ وَبِهِ لَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ وَإِذَا سَقَطَ الْحَدُّ صَارَ الْقَتْلُ إلَى الْأَوْلِيَاءِ إنْ شَاءُوا قَتَلُوا وَإِنْ شَاءُوا عَفَوْا وَأَمَّا إذَا قَطَعَ بَعْضُ الْمَارَّةِ عَلَى الْبَعْضِ فَلِأَنَّ الْحِرْزَ وَاحِدٌ فَصَارَتْ الْقَافِلَةُ كَدَارٍ وَاحِدَةٍ وَأَمَّا إذَا قَطَعَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا بِمِصْرٍ أَوْ بَيْنَ مِصْرَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ فَلِأَنَّ الظَّاهِرَ لُحُوقُ الْغَوْثِ إلَّا أَنَّهُمْ يُؤْخَذُونَ بِرَدِّ الْمَالِ إيصَالًا لِلْمَالِ إلَى الْمُسْتَحِقِّ وَيُؤَدُّونَ وَيُحْبَسُونَ لِارْتِكَابِهِمْ الْجِنَايَةَ وَلَوْ قَتَلُوا فَالْأَمْرُ إلَى الْأَوْلِيَاءِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا فِي الْمِصْرِ لَيْلًا أَوْ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمِصْرِ أَقَلُّ مِنْ مَسِيرَةِ سَفَرٍ تَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى
لِمَصْلَحَةِ النَّاسِ
وَهِيَ دَفْعُ شَرِّ الْمُتَغَلِّبَةِ الْمُتَلَصِّصَةِ
(وَفِي الْخَنِقِ) بِكَسْرِ النُّونِ مَصْدَرُ خَنَقَ يَعْنِي إذَا خَنَقَ رَجُلًا حَتَّى قَتَلَهُ فَعَلَيْهِ (دِيَةٌ) وَسَيَأْتِي وَجْهُهُ فِي الْجِنَايَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَمَنْ اعْتَادَهُ فِي الْمِصْرِ قُتِلَ بِهِ) لِأَنَّهُ صَارَ سَاعِيًا فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ فَيُدْفَعُ شَرُّهُ بِالْقَتْلِ
(مَعَ الْقُطَّاعِ امْرَأَةٌ فَقَتَلَتْ وَأَخَذَتْ الْمَالَ دُونَ الرِّجَالِ لَمْ تُقْتَلْ) الْمَرْأَةُ (وَقُتِلَ الرِّجَالُ عَشْرُ نِسْوَةٍ قَطَعْنَ الطَّرِيقَ وَأَخَذْنَ الْمَالَ وَقَتَلْنَ قُتِلْنَ وَضُمِّنَّ الْمَالَ) كَذَا فِي الْمُنْيَةِ.
(كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ)
لَا يَخْفَى وَجْهُ مُنَاسَبَةِ هَذَا الْكِتَابِ لِكِتَابِ الْحُدُودِ وَالْقَوْمُ أَخَّرُوهُ إلَى آخِرِ الْكِتَابِ وَهِيَ جَمْعُ شَرَابٍ (وَالشَّرَابُ) لُغَةً كُلُّ مَا يُشْرَبُ مُسْكِرًا كَانَ أَوْ لَا وَشَرْعًا (مَائِعٌ مُسْكِرٌ) اعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ مَا يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ الْأَشْرِبَةُ أَرْبَعَةٌ الْعِنَبُ وَالتَّمْرُ وَالزَّبِيبُ وَالْحُبُوبُ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ ثُمَّ لِلْمَاءِ الْمُسْتَخْرَجِ مِنْهَا حَالَتَانِ نِيءٌ وَمَطْبُوخٌ وَالْمَطْبُوخُ قَدْ يُطْبَخُ حَتَّى يَبْقَى ثُلُثُهُ وَقَدْ يُطْبَخُ حَتَّى يَبْقَى ثُلُثَاهُ وَقَدْ يُطْبَخُ حَتَّى يَبْقَى نِصْفُهُ وَالْحَرَامُ مِنْ الْأَشْرِبَةِ أَيْضًا أَرْبَعَةٌ وَالْحَلَالُ أَيْضًا أَرْبَعَةٌ أَمَّا الْحَرَامُ فَبَيَّنَ الْأَوَّلَ مِنْهُ بِقَوْلِهِ (حُرِّمَتْ الْخَمْرُ وَإِنْ قَلَّتْ وَهِيَ الَّتِي مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ إذَا غَلَى وَاشْتَدَّ وَقَذِفَ بِالزَّبَدِ) خُصَّ هَذَا الِاسْمُ بِهَذَا الشَّرَابِ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَقِيلَ كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ لِأَنَّهَا إنَّمَا سُمِّيَتْ خَمْرًا لِمُخَامَرَتِهَا الْعَقْلَ وَسَائِرُ الْمُسْكِرَاتِ كَذَلِكَ قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ بَلْ إنَّمَا سُمِّيَتْ بِهِ لِاخْتِمَارِهَا قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ سُمِّيَتْ الْخَمْرُ خَمْرًا لِأَنَّهَا تُرِكَتْ فَاخْتَمَرَتْ وَاخْتِمَارُهَا تَغَيُّرُ رِيحِهَا كَذَا فِي الصِّحَاحِ وَلَوْ سُلَّمَ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ رِعَايَةَ الْمَعْنَى بِسَبَبِ الْإِطْلَاقِ بَلْ بِسَبَبِ الْوَضْعِ وَتَرْجِيحُ الِاسْمِ عَلَى الْغَيْرِ فَإِنَّ الْقَارُورَةَ سُمِّيَتْ بِهَا لِقَرَارِ الْمَاءِ فِيهَا وَلَا تُطْلَقُ عَلَى الدَّنِّ وَالْكُوزِ وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي مَوْضِعِهِ أَنَّ الْقِيَاسَ لَا يَجْرِي فِي اللُّغَةِ ثُمَّ الْقَذْفُ بِالزَّبَدِ شَرْطٌ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَيَكُونُ لَهُ الْقَوَدُ أَوْ الْعَفْوُ فِي غَيْرِهَا) الْقَيْدُ غَيْرُ احْتِرَازِيٍّ لِأَنَّ لَهُ الْعَفْوَ فِي الْأُولَى أَيْضًا كَمَا فِي النَّهْرِ
(قَوْلُهُ مَعَ الْقُطَّاعِ امْرَأَةٌ. . . إلَخْ) هَذَا غَيْرُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَهُوَ رِوَايَةُ هِشَامٍ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُقَامُ الْحَدُّ عَلَيْهَا أَيْ الْمَرْأَةُ وَلَا يُقَامُ عَلَيْهِمْ.
وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَدْرَأُ عَنْهُمْ جَمِيعًا لِكَوْنِ الْمَرْأَةِ فِيهِمْ وَجَعَلَ الْمَرْأَةَ كَالصَّبِيِّ اهـ قَالَ الْكَمَالُ ثُمَّ عَجِبَ مِمَّنْ يَذْكُرُهُ مَعَ نَصِّ الْمَبْسُوطِ مَنْسُوبًا إلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ كَالرِّجَالِ مَعَ مُسَاعَدَةِ الْوَجْهِ لَهُ (قَوْلُهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ. . . إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالْعَجَبُ مِنْ الْمُصَنِّفِ رحمه الله ذَكَرَ هَذَا مَعَ إشَارَةِ الْكَنْزِ إلَى خِلَافِهِ بِقَوْلِهِ أَوْ كَانَ بَعْضُ الْقُطَّاعِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ اهـ.
[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ]
(قَوْلُهُ اعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ مَا يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ الْأَشْرِبَةُ. . . إلَخْ) الْحَصْرُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ فَإِنَّ الْفَوَاكِهَ نَحْوَ الْفِرْصَادِ وَالْإِجَّاصِ وَالشَّهْدِ وَالْأَلْبَانِ مِنْ الْأَعْيَانِ الَّتِي يُتَّخَذُ مِنْهَا الْأَشْرِبَةُ كَمَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ مَا يُتَّخَذُ مِنْ الْأَلْبَانِ فِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَهِيَ النِّيُّ) بِكَسْرِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ قَالَهُ الْعَيْنِيُّ (قَوْلُهُ بَلْ إنَّمَا سُمِّيَتْ بِهِ لِاخْتِمَارِهَا) قَالَ الْعَيْنِيُّ وَأَمَّا غَيْرُهَا فَكُلُّ وَاحِدٍ لَهُ اسْمٌ مِثْلُ الْمُثَلَّثِ وَالْبَاذِقِ وَإِطْلَاقُ الْخَمْرِ عَلَيْهِمَا مَجَازٌ
(تَنْبِيهٌ) لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِنَوْعٍ يُسَمَّى الْعِرْقِيُّ يُسْتَخْرَجُ بِالِاسْتِقْطَارِ مِنْ فَضَلَاتِ الْخَمْرِ وَنَجَاسَتُهُ مَعْلُومَةٌ غَلِيظَةٌ كَأَصْلِهِ لَكِنْ لَيْسَ كَحُرْمَةِ الْخَمْرِ بِالنَّظَرِ لِعَدَمِ إكْفَارِ مُسْتَحِلِّهِ وَعَدَمِ الْحَدِّ بِدُونِ سُكْرٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ خَمْرًا فَلَا يُلْحَقُ بِهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلْيُتَأَمَّلْ فِي حُكْمِ الْعِرْقِيِّ ثُمَّ رَأَيْت مِثْلَ هَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْقُهُسْتَانِيِّ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ ثُمَّ الْقَذْفُ بِالزُّبْدِ شَرْطٌ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا إذَا اشْتَدَّ صَارَ مُسْكِرًا قُذِفَ بِالزُّبْدِ أَوْ لَا) لَعَلَّ صَوَابَهُ صَارَ خَمْرًا كَمَا هِيَ عِبَارَةِ الْمِنَحِ وَقَوْلُهُمَا هُوَ الْأَظْهَرُ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ وَقَالَ قَاضِي خَانْ وَعَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي حَفْصٍ الْكَبِيرِ الْبُخَارِيِّ رحمه الله أَنَّهُ أَخَذَ بِقَوْلِهِمَا
عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا إذَا اشْتَدَّ صَارَ مُسْكِرًا قَذِفَ بِالزَّبَدِ أَوْ لَا وَبَيَّنَ الثَّانِيَ بِقَوْلِهِ (كَذَا الطِّلَاءُ وَهُوَ مَاءُ عِنَبٍ طُبِخَ فَذَهَبَ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثَيْهِ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ الطِّلَاءُ اسْمٌ لِلْمُثَلَّثِ وَهُوَ مَا طُبِخَ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ وَصَارَ مُسْكِرًا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ لِمَا رُوِيَ أَنَّ كِبَارَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ الطِّلَاءِ وَهُوَ مَا ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ (وَغُلِّظَا) أَيْ الْخَمْرُ وَمَا ذَهَبَ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثَيْهِ (نَجَاسَةً) أَمَّا الْخَمْرُ فَلِثُبُوتِهَا بِالدَّلَائِلِ الْقَطْعِيَّةِ حَيْثُ سَمَّاهَا اللَّهُ رِجْسًا وَهُوَ اسْمٌ لِلْحَرَامِ النَّجَسِ الْعَيْنِ كَذَا فِي الْكَافِي وَوَرَدَتْ الْأَحَادِيثُ الْمُتَوَاتِرَةُ الْمَعْنَى فِيهِ وَأَمَّا مَا ذَهَبَ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثَيْهِ فَلِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ فِي حُكْمِ الْخَمْرِ وَبَيَّنَ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ.
(وَ) حَرُمَ السُّكْرُ وَهُوَ الَّتِي مِنْ (مَاءِ الرُّطَبِ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَبَيَّنَ الرَّابِعَ بِقَوْلِهِ (وَنَقِيعُ الزَّبِيبِ نِيئًا إذَا غَلَتْ) أَيْ الطِّلَاءُ وَالسُّكْرُ وَالنَّقِيعُ (وَاشْتَدَّتْ وَقَذِفَتْ بِالزَّبَدِ) فَإِنَّ هَذِهِ الْأَشْرِبَةَ إنَّمَا تَحْرُمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا حَصَلَتْ لَهَا هَذِهِ الصِّفَاتُ الثَّلَاثُ وَعِنْدَهُمَا يَكْفِي الِاشْتِدَادُ كَمَا فِي الْخَمْرِ (وَحُرْمَةُ الْخَمْرِ أَقْوَى) مِنْ حُرْمَةِ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ لِثُبُوتِهَا بِدَلَائِلَ لَا شُبْهَةَ فِيهَا أَصْلًا كَمَا مَرَّ (فَيَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهَا وَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا وَلَمْ يَضْمَنْ مُتْلِفُهَا) إلَّا أَنْ تَكُونَ لِذِمِّيٍّ (وَيُحَدُّ شَارِبُهَا وَلَوْ قَطْرَةً وَشَارِبُ غَيْرِهَا إنْ سَكِرَ)
وَأَمَّا الْخَلَّالُ فَبَيَّنَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ (وَحَلَّ الْمُثَلَّثُ الْعِنَبِيُّ) وَهُوَ مَا طُبِخَ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ (وَإِنْ غَلَى وَاشْتَدَّ وَسَكَنَ) مِنْ الْغَلَيَانِ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ حَرَامٌ سُئِلَ أَبُو حَفْصٍ الْكَبِيرُ عَنْهُ فَقَالَ لَا يَحِلُّ شُرْبُهُ فَقِيلَ خَالَفْت أَبَا حَنِيفَةَ وَأَبَا يُوسُفَ فَقَالَ لَا لِأَنَّهُمَا يُحِلَّانِ لِاسْتِمْرَاءِ الطَّعَامِ وَالنَّاسُ فِي زَمَانِنَا يَشْرَبُونَ لِلْفُجُورِ وَالتَّلَهِّي فَعُلِمَ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا قُصِدَ بِهِ التَّقَوِّي فَأَمَّا إذَا قَصَدَ بِهِ التَّلَهِّيَ فَلَا يَحِلُّ اتِّفَاقًا وَاَلَّذِي يُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ بَعْدَمَا ذَهَبَ ثُلُثَاهُ بِالطَّبْخِ حَتَّى يَرِقَّ ثُمَّ يُطْبَخَ طَبْخَةً حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُثَلَّثِ لِأَنَّ صَبَّ الْمَاءِ عَلَيْهِ لَا يَزِيدُهُ إلَّا ضَعْفًا بِخِلَافِ مَا إذَا صَبَّ الْمَاءَ عَلَى الْعَصِيرِ ثُمَّ يُطْبَخُ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَا الْكُلِّ لِأَنَّ الْمَاءَ يَذْهَبُ أَوَّلًا لِلَطَافَتِهِ أَوْ يَذْهَبُ مِنْهُمَا فَلَا يَكُونُ الذَّاهِبُ ثُلُثَيْ مَاءِ الْعِنَبِ وَبَيَّنَ الثَّانِيَ بِقَوْلِهِ (وَحَلَّ نَبِيذَا التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ مَطْبُوخًا أَدْنَى طَبْخَةٍ وَإِنْ غَلَى وَاشْتَدَّ وَسَكَنَ) مِنْ الْغَلَيَانِ عِنْدَهُمَا.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَالشَّافِعِيِّ حَرَامٌ وَالْكَلَامُ فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي الْمُثَلَّثِ الْمَذْكُورِ وَبَيَّنَ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ (وَ) حَلَّ (الْخَلِيطَانِ) وَهُوَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ مَاءِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ مَطْبُوخًا أَدْنَى طَبْخَةٍ وَيُتْرَكَ إلَى أَنْ يَغْلِيَ وَيَشْتَدَّ فَإِنَّهُ أَيْضًا يَحِلُّ إذَا شَرِبَ مَا لَمْ يُسْكِرْ بِلَا لَهْوٍ وَطَرَبٍ وَبَيَّنَ الرَّابِعَ بِقَوْلِهِ.
(وَ) حَلَّ (نَبِيذُ الْعَسَلِ وَالتِّينِ وَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ وَإِنْ لَمْ يُطْبَخْ) وَهَلْ يُحَدُّ فِي هَذِهِ الْأَشْرِبَةِ إذَا سَكِرَ مِنْهَا قِيلَ لَا يُحَدُّ قَالُوا الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُحَدُّ بِلَا تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْمَطْبُوخِ وَالنِّيءِ لِأَنَّ الْفُسَّاقَ يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهَا فِي زَمَانِنَا كَاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى سَائِرِ الْأَشْرِبَةِ الْمُحَرَّمَةِ بَلْ فَوْقَ ذَلِكَ وَكَذَا الْمُتَّخَذُ مِنْ الْأَلْبَانِ إذَا اشْتَدَّ (إذَا شُرِبَتْ) قَيْدٌ لِقَوْلِهِ حَلَّ أَيْ حَلَّ هَذِهِ الْأَشْرِبَةُ الْأَرْبَعَةُ إذَا شُرِبَتْ (مَا لَمْ تُسْكِرْ) وَإِذَا أَسْكَرَ وَاحِدٌ مِنْهَا كَانَ الْقَدَحُ الْأَخِيرُ حَرَامًا لِأَنَّهُ الْمُفْسِدُ (بِلَا لَهْوٍ وَطَرَبٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ شُرِبَتْ وَهَذَا الْقَيْدُ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِهَذِهِ الْأَشْرِبَةِ بَلْ إذَا شَرِبَ الْمَاءَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْمُبَاحَاتِ بِلَهْوٍ وَطَرَبٍ عَلَى هَيْئَةِ الْفَسَقَةِ حَرُمَتْ اعْلَمْ أَنَّ السُّكْرَ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ كَذَا الطِّلَاءُ) كَذَا سَمَّاهُ بِالطِّلَاءِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَيُسَمَّى الْمُنَصَّفُ عَلَى مَا فَسَّرَهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَيُسَمَّى الْبَاذَقُ أَيْضًا أَوْ الْمُنَصَّفُ لِذَاهِبِ النِّصْفِ الْبَاذَقُ لِذَاهِبِ مَا دُونه كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِالطِّلَاءِ لِقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه مَا أَشْبَهَ هَذَا بِطِلَاءِ الْبَعِيرِ وَهُوَ الْقَطْرَانُ الَّذِي يُطْلَى بِهِ الْبَعِيرُ إذَا كَانَ بِهِ جَرَبٌ ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ
(قَوْلُهُ: وَفِي الْمُحِيطِ الطِّلَاءُ اسْمٌ لِلْمُثَلَّثِ وَهُوَ مَا طُبِخَ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ وَصَارَ مُسْكِرًا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ) لَا وَجْهَ لِتَصْوِيبِهِ لَا حُكْمًا وَلَا تَسْمِيَة أَمَّا حُكْمًا فَلِأَنَّ الْمَحْكُومَ بِحُرْمَتِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَالْكَنْزِ هُوَ الْعَصِيرُ الَّذِي ذَهَبَ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ مَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنَّهُ الَّذِي ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَلَا خِلَافَ فِي الطَّرَفَيْنِ وَأَمَّا تَسْمِيَةً فَلِأَنَّ الطِّلَاءَ يُطْلَقُ بِالِاشْتِرَاكِ عَلَى أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا الْعَصِيرُ الَّذِي ذَهَبَ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثَيْهِ وَاَلَّذِي ذَهَبَ نِصْفُهُ وَاَلَّذِي ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَاَلَّذِي ذَهَبَ ثُلُثُهُ وَيُسَمَّى بِالطِّلَاءِ كُلُّ مَا طُبِخَ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ مُطْلَقًا فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْكَنْزِ وَلَا عَلَى الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي لَا حُكْمًا وَلَا تَسْمِيَةً (قَوْلُهُ وَغُلِّظَا) أَيْ الْخَمْرُ وَمَا ذَهَبَ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثَيْهِ نَجَاسَةً، تَغْلِيظُ نَجَاسَةِ الطِّلَاءِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَشَرْحِ الْعَيْنِيِّ (قَوْلُهُ فَلِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ فِي حُكْمِ الْخَمْرِ) يَعْنِي حُرْمَةً وَنَجَاسَةً غَلِيظَةً لَا فِي الْحُكْمِ بِكُفْرِ مُسْتَحِلِّهِ وَلَا الْحَدِّ بِشُرْبِ مَا دُونَ الْمُسْكِرِ مِنْهُ وَيَضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ وَيَصِحُّ بَيْعُهَا عِنْدَ الْإِمَامِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا بَعْدُ وَحُرْمَةُ الْخَمْرِ أَقْوَى مِنْ حُرْمَةِ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ (قَوْلُهُ وَحَرُمَ السُّكْرُ. . . إلَخْ) لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ نَجَاسَةِ السُّكْرِ وَنَقِيعَ الزَّبِيبِ وَهِيَ خَفِيفَةٌ فِي رِوَايَةٍ غَلِيظَةٌ فِي أُخْرَى كَمَا قَالَهُ الْعَيْنِيُّ (قَوْلُهُ مَطْبُوخًا أَدْنَى طَبْخَةٍ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَهُوَ أَنْ يُطْبَخَ إلَى أَنْ يُنْضَحَ
(قَوْلُهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَالشَّافِعِيِّ حَرَامٌ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَأَلْحَقَهَا مُحَمَّدٌ كُلَّهَا بِالْخَمْرِ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ كَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَبِهِ يُفْتَى وَذَكَرَ أَدِلَّتَهُ مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَابْنِ حِبَّانَ وَالْكُتُبِ السِّتَّةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ قِيلَ لَا يُحَدُّ) قَالَهُ فِي الْمَبْسُوطِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ