الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْهُمَا) أَيْ الرَّجُلَيْنِ الْمُدَّعِيَيْنِ (عَلَامَةً بِهِ) فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ وَلَدًا لِلْوَاصِفِ دُونَ الْآخَرِ (أَوْ ذَاتَ زَوْجٍ) عَطْفٌ عَلَى رَجُلَيْنِ أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي امْرَأَةً ذَاتَ زَوْجٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ وَلَدًا لَهَا (إنْ صَدَّقَهَا) أَيْ الزَّوْجُ (أَوْ بَرْهَنَتْ) هِيَ عَلَى أَنَّهُ وَلَدُهَا (أَوْ) كَانَ الْمُدَّعِي (امْرَأَتَيْنِ فَبَرْهَنَتْ كُلٌّ) عَلَى أَنَّهُ وَلَدُهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ وَلَدًا لَهُمَا (أَوْ عَبْدًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي عَبْدًا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ (فَيَكُونُ حُرًّا) لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ الْحُرِّيَّةُ (أَوْ ذِمِّيًّا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ فَيَكُونُ مُسْلِمًا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَقَرِّهِمْ) أَيْ مَقَرِّ الذِّمِّيِّينَ بَلْ فِي مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهُمْ أَوْ مَوْضِعٍ فِيهِ كُفَّارٌ وَمُسْلِمُونَ (وَذِمِّيًّا إنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ مَقَرِّ الذِّمِّيِّينَ بِأَنْ وُجِدَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى أَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْ بَيْعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ (مَا شُدَّ عَلَيْهِ) مِنْ الْمَالِ (أَوْ عَلَى دَابَّةٍ هُوَ عَلَيْهَا لَهُ) أَيْ لِلَّقِيطِ اعْتِبَارًا لِلظَّاهِرِ (صَرَفَهُ) أَيْ الْمُلْتَقِطُ ذَلِكَ الْمَالَ (إلَيْهِ) أَيْ اللَّقِيطِ (بِأَمْرِ الْقَاضِي) لِأَنَّهُ مَالٌ ضَائِعٌ وَلِلْقَاضِي وِلَايَةُ صَرْفِ مِثْلِهِ إلَيْهِ (وَقِيلَ بِدُونِهِ) لِأَنَّهُ لِلَّقِيطِ ظَاهِرًا وَلَهُ وِلَايَةُ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ (لِلْمُلْتَقِطِ قَبْضُ هِبَتِهِ) أَيْ مَا وُهِبَ لِلَّقِيطِ؛ لِأَنَّهُ نَفْعٌ مَحْضٌ (وَنَقْلُهُ حَيْثُ شَاءَ) ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ (وَتَسْلِيمُهُ فِي حِرْفَةٍ) لِأَنَّهُ مِنْ تَأْدِيبِهِ وَحِفْظِ حَالِهِ (لَا إنْكَاحُهُ) لِانْتِفَاءِ سَبَبِ الْوِلَايَةِ مِنْ الْقَرَابَةِ وَالْمِلْكِ وَالْحُكُومَةِ (وَلَا تَصَرُّفٌ فِي مَالِهِ) كَالْأُمِّ فَإِنَّ وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ لِتَثْمِيرِ الْمَالِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِالرَّأْيِ الْكَامِلِ وَالشَّفَقَةِ الْوَافِرَةِ وَالْمَوْجُودُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَحَدُهُمَا.
(وَ) لَا (إجَارَتُهُ) لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إتْلَافَ مَنَافِعِهِ فَأَشْبَهَ الْعَمَّ بِخِلَافِ الْأُمِّ فَإِنَّهَا تَمْلِكُهَا كَمَا ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ (فِي الْأَصَحِّ) احْتِرَازٌ عَمَّا قِيلَ تَجُوزُ إجَارَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى تَأْدِيبِهِ وَالْأَوَّلُ رِوَايَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (وَلَا أَنْ يَخْتِنَهُ، فَإِنْ فَعَلَ وَهَلَكَ بِهِ ضَمِنَ) كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ.
(كِتَابُ اللُّقَطَةُ)
وَهِيَ اسْمُ اللَّقِيطِ فِي الْمَعْنَى لَكِنْ غَلَبَ اسْتِعْمَالُ اللَّقِيطِ فِي الْآدَمِيِّ وَاللُّقَطَةِ فِي غَيْرِهِ
(نُدِبَ رَفْعُهَا لِصَاحِبِهَا) لِأَنَّهُ إنْ تَرَكَهَا رُبَّمَا تَصِلُ إلَيْهَا يَدٌ خَائِنَةٌ فَتَكْتُمُهَا عَنْ مَالِكِهَا فَيَضِيعُ مَالُهُ فَكَانَ رَفْعُهَا وَسِيلَةً إلَى إيصَالِ الْحَقِّ إلَى الْمُسْتَحِقِّ، وَلِهَذَا قَالُوا يَجِبُ إذَا خَافَ الضَّيَاعَ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ) بِأَنَّهُ أَخَذَهَا لِيَرُدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا (وَعَرَّفَ) فِي مَكَانِ وُجِدَتْ فِيهِ وَفِي الْجَامِعِ بِأَنْ يُنَادِيَ إنِّي وَجَدْت لُقَطَةً لَا أَدْرِي مَالِكَهَا فَلْيَأْتِ مَالِكُهَا وَلْيَصِفْهَا لِأَرُدَّهَا عَلَيْهِ (إلَى أَنْ عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَهَا لَا يَطْلُبُهَا أَوْ أَنَّهَا تَفْسُدُ) إنْ بَقِيَتْ بَعْدَ هَذَا كَالْأَطْعِمَةِ الْمُعَدَّةِ لِلْأَكْلِ وَبَعْضِ الثِّمَارِ (كَانَتْ أَمَانَةً) عِنْدَهُ حَتَّى إذَا هَلَكَتْ بِلَا تَعَدٍّ لَمْ يَضْمَنْ (قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ وَأُخِذَتْ مِنْ الْحِلِّ أَوْ الْحَرَمِ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَجِبُ تَعْرِيفُ لُقَطَةِ الْحَرَمِ إلَى أَنْ يَجِيءَ صَاحِبُهَا (فَيَنْتَفِعَ) أَيْ الرَّافِعُ (بِهَا) أَيْ بِاللُّقَطَةِ (لَوْ فَقِيرًا وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهَا) عَلَى فَقِيرٍ (وَلَوْ عَلَى أَصْلِهِ) مِنْ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ الْفُقَرَاءِ (وَفَرْعِهِ) مِنْ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِهِمْ الْفُقَرَاءِ (وَعُرْسِهِ) الْفَقِيرَةِ (فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا أَجَازَهُ) أَيْ التَّصَدُّقَ (وَلَهُ أَجْرُهُ) أَيْ الثَّوَابِ (أَوْ أَخَذَهَا مِنْ الْفَقِيرِ لَوْ) كَانَتْ (قَائِمَةً وَإِلَّا ضَمَّنَ) صَاحِبُهَا (الْآخِذَ أَوْ الْفَقِيرَ بِلَا رُجُوعٍ بَيْنَهُمَا) يَعْنِي إنْ ضَمَّنَ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَذِمِّيًّا إنْ كَانَ فِيهِ) لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْقُصُورِ؛ لِأَنَّهُ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ لَهُ مِنْ مَقَرِّ الذِّمِّيِّينَ مُسْلِمًا وَذَلِكَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَفِي كِتَابِ اللَّقِيطِ الْعِبْرَةُ لِلْمَكَانِ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعِبْرَةُ لِلْوَاجِدِ، وَفِي رِوَايَةٍ أَيُّهُمَا كَانَ مُوجِبًا لِإِسْلَامِهِ فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ وَفِي رِوَايَةٍ يُحَكَّمُ زِيُّهُ اهـ.
وَفِي الْبُرْهَانِ فَإِنْ وَجَدَهُ مُسْلِمٌ فِي مَوَاضِعِ الْمُسْلِمِينَ كَانَ مُسْلِمًا، وَإِنْ ادَّعَاهُ ذِمِّيٌّ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ لِاحْتِيَاجِهِ لِلنَّسَبِ أَوْ وَجَدَهُ ذِمِّيٌّ فِي مَوَاضِعِ أَهْلِ الذِّمَّةِ كَانَ ذِمِّيًّا رِوَايَةً وَاحِدَةً أَوْ وَجَدَهُ مُسْلِمٌ فِي مَوْضِعِ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَاعْتِبَارُ الْمَكَانِ أَوْ اعْتِبَارُ الْوَاجِدِ أَوْ الْإِسْلَامِ أَوْ الزِّيِّ رِوَايَاتٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَسْلَمُهَا الْإِسْلَامُ، وَقَدْ بَسَطَ الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي الْمَبْسُوطِ. اهـ. .
[كِتَابُ اللُّقَطَةُ]
(كِتَابُ اللُّقَطَةِ)(قَوْلُهُ نُدِبَ رَفْعُهَا) هَذَا إذَا كَانَ لَا يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ الطَّمَعَ فِيهَا بِأَنْ يَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ الْأَمَانَةَ وَإِلَّا فَالتَّرْكُ أَفْضَلُ صِيَانَةً لِنَفْسِهِ عَنْ الْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمِ (قَوْلُهُ وَعَرَّفَ إلَى أَنْ عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَهَا لَا يَطْلُبُهَا) هُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ يُعَرِّفُ الْمِائَتَيْنِ فَمَا فَوْقَهُمَا حَوْلًا وَالْعَشَرَةَ فَمَا فَوْقَهَا شَهْرًا وَمَا دُونَهَا إلَى ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَيَّامًا عَشَرَةً أَوْ شَهْرًا وَيُعَرِّفُ الثَّلَاثَةَ إلَى الدِّرْهَمِ جُمُعَةً أَوْ ثَلَاثًا وَالدِّرْهَمَ يَوْمًا وَالْفَلْسَ بِالنَّظَرِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً، ثُمَّ يَضَعُهُ فِي كَفِّ فَقِيرٍ أَوْ يُعَرِّفُهَا حَوْلًا مُطْلَقًا وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ زَادَ عَلَى السَّنَةِ وَنَقَصَ مِنْهَا كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِمَا ذَكَرَهُ عَنْ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ وَأُخِذَتْ مِنْ الْحِلِّ أَوْ الْحَرَمِ. . . إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهَا أَوْ يَتَصَدَّقُ بِهَا بَعْدَ التَّعْرِيفِ، وَلَوْ أُخِذَتْ مِنْ الْحَرَمِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَنْتَفِعُ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِهَا، وَإِنَّمَا يُعَرِّفُ أَبَدًا إلَى أَنْ يَجِيءَ صَاحِبُهَا (قَوْلُهُ فَيَنْتَفِعُ بِهَا لَوْ فَقِيرًا) أَقُولُ وَذَا بِإِذْنِ الْقَاضِي عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَقِيلَ بِدُونِهِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ
الْآخِذَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْفَقِيرِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْفَقِيرَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآخِذِ (وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ، فَإِنْ أَشْهَدَ (فَإِنْ)(أَقَرَّ) أَيْ الْمُلْتَقِطُ (بِأَخْذِهَا لَهُ) نَفْسِهِ (ضَمِنَ وِفَاقًا) إنْ هَلَكَتْ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ (وَإِنْ تَصَادَقَا) أَيْ الْمُلْتَقِطُ وَالصَّاحِبُ (عَلَى أَخْذِهَا لِصَاحِبِهَا)(لَمْ يَضْمَنْ وِفَاقًا) لِأَنَّ تَصَادُقَهُمَا حُجَّةٌ فِي حَقِّهِمَا وَصَارَ كَالْبَيِّنَةِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا) بِأَنْ قَالَ الْمُلْتَقِطُ أَخَذْتُهَا لَك، وَقَالَ صَاحِبُهَا أَخَذْتُهَا لَك (ضَمِنَ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ (إلَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) بَلْ الْقَوْلُ لَهُ فِي أَنَّهُ أَخَذَهُ لِلرَّدِّ (وَإِنْ)(لَمْ يَجِدْ مَنْ يُشْهِدُهُ أَوْ وَجَدَ لَكِنَّهُ تَرَكَ لِخَوْفِهِ مِنْ أَخْذِ الظَّالِمِ إيَّاهَا)(قَالُوا لَمْ يَضْمَنْ) ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (كَذَا الْبَهِيمَةُ) فِي الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ (وَمَا)(أَنْفَقَ) الْمُلْتَقِطُ (عَلَيْهَا) أَيْ الْبَهِيمَةِ (بِلَا إذْنِ الْقَاضِي)(تَبَرُّعٌ وَبِهِ) أَيْ بِإِذْنِهِ (دَيْنٌ عَلَى صَاحِبِهَا) فَإِذَا حَضَرَ يَأْخُذُهُ مِنْهُ الْمُلْتَقِطُ بِحُكْمِ الْقَاضِي (وَآجَرَ الْقَاضِي مَا لَهُ نَفْعٌ) أَيْ يَنْتَفِعُ بِهِ بِالْإِجَارَةِ كَالْفَرَسِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَالثَّوْرِ وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْهُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً بِقَدْرِ مَا يَقَعُ عِنْدَهُ أَنَّ الْمَالِكَ لَوْ كَانَ حَيًّا لَحَضَرَ؛ لِأَنَّ فِيهِ إبْقَاءَ الْعَيْنِ عَلَى مِلْكِهِ بِلَا إلْزَامِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي فِي هَذَا الْمَقَامِ وَكَذَلِكَ يُفْعَلُ بِالْآبِقِ وَلَمْ أَجِدْهُ فِي غَيْرِهِمَا بَلْ وَجَدْتُ فِي الْمُحِيطِ وَالْبَدَائِعِ وَالْخُلَاصَةِ خِلَافَهُ حَيْثُ قَالُوا لَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْآبِقِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَأْبَقَ، وَلِهَذَا تَرَكْتُهُ (وَمَا لَا نَفْعَ لَهُ) مِنْ الْبَهَائِمِ كَالشَّاةِ وَنَحْوِهَا (أَذِنَ الْقَاضِي بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَشَرَطَ الرُّجُوعَ عَلَى صَاحِبِهَا) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ (إنْ كَانَ الْإِنْفَاقُ هُوَ الْأَصْلَحُ وَإِلَّا) أَمَرَ ابْتِدَاءً (بِبَيْعِهَا وَحِفْظِ ثَمَنِهَا) لِأَنَّ النَّفَقَةَ الدَّائِرَةَ مُسْتَأْصَلَةٌ (وَلِلْمُنْفِقِ حَبْسُهَا) أَيْ مَنْعُ الْبَهِيمَةِ عَنْ صَاحِبِهَا (لِأَخْذِ نَفَقَتِهَا) لِأَنَّ إبْقَاءَهَا إلَى الْآنَ كَانَ بِنَفَقَتِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ اسْتَفَادَ الْمِلْكَ مِنْهُ (فَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ حَبْسِهِ سَقَطَتْ) ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الرَّهْنِ فَيَهْلَكُ بِمَا حَبَسَهُ بِهِ (وَقَبْلَهُ لَا) إذْ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهِ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُ حُكْمَ الرَّهْنِ عِنْدَ اخْتِيَارِ الْحَبْسِ (بَيَّنَ مُدَّعِيهَا عَلَامَتَهَا حَلَّ الدَّفْعُ)«لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَعَرَّفَ عِفَاصَهَا وَعَدَدَهَا فَادْفَعْهَا» وَهَذَا الْأَمْرُ لِلْإِبَاحَةِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى أَخْذِهَا لَمْ يَضْمَنْ) أَقُولُ وَكَذَا لَمْ يَضْمَنْ لَوْ أَعَادَ اللُّقَطَةَ إلَى مَوْضِعِهَا الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ بَعْدَمَا أَخَذَهَا لِيُعَرِّفَ وَبَرِئَ مِنْ ضَمَانِهَا لَوْ هَلَكَتْ أَوْ اسْتَهْلَكَهَا رَجُلٌ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَيْهَا صَاحِبُهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَالضَّمَانُ عَلَى مُسْتَهْلِكِهَا وَقِيلَ إنَّهُ يَبْرَأُ إذَا رَدَّهَا قَبْلَ تَحَوُّلِهِ مِنْ مَوْضِعِهَا كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ وَبِهِ أَيْ بِإِذْنِهِ) يَعْنِي الْقَاضِي دَيْنٌ عَلَى صَاحِبِهَا أَقُولُ وَبِمُجَرَّدِ إذْنِهِ لَا يَكُونُ دَيْنًا فِي الْأَصَحِّ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُشْتَرَطَ وَيَجْعَلَهُ دَيْنًا عَلَيْهِ كَمَا فِي اللَّقِيطِ، وَلَا يَأْمُرُهُ بِالْإِنْفَاقِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لُقَطَةٌ عِنْدَهُ فِي الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ غَصْبًا فِي يَدِهِ فَيَحْتَالُ لِإِيجَابِ النَّفَقَةِ عَلَى صَاحِبِهَا وَهُوَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْمَغْصُوبِ وَهَذِهِ الْبَيِّنَةُ لَيْسَتْ لِلْقَضَاءِ، وَإِنَّمَا هِيَ لِيَنْكَشِفَ الْحَالُ فَتُقْبَلُ مَعَ غَيْبَةِ صَاحِبِهَا كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْهُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً. . . إلَخْ) أَقُولُ التَّقْيِيدُ بِهَذِهِ الْمُدَّةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا نَفْعٌ لِيَبْقَى دَيْنًا يَسِيرًا عَلَى الْمَالِكِ لَا يَسْتَأْصِلُ اللُّقَطَةَ أَمَّا لَوْ كَانَ فَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ غَلَّتِهَا إحْيَاءً لِلدَّابَّةِ وَنَظَرًا لِلْمَالِكِ حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ دَيْنٌ، وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ اهـ لِمَا قَالَ فِي الْبُرْهَانِ، وَإِنْ كَانَ لِلْبَهِيمَةِ نَفْعٌ آجَرَهَا الْقَاضِي وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْ غَلَّتِهَا أَيْ أَمَرَ الْمُلْتَقِطَ بِذَلِكَ إحْيَاءً لِلدَّابَّةِ وَنَظَرًا لِلْمَالِكِ حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ دَيْنٌ، وَكَذَا يَفْعَلُ بِالْآبِقِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا نَفْعٌ أَذِنَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا لَوْ رَآهُ مَصْلَحَةً بِأَنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ نَفِيسَةً وَالْمُدَّةُ قَرِيبَةً كَيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَرَهُ مَصْلَحَةً أَوْ أَمَرَ بِهِ وَلَمْ يَظْهَرْ أَمَرَ بِبَيْعِهَا وَحِفْظِ ثَمَنِهَا اهـ.
(قَوْلُهُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ. . . إلَخْ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيُّ رحمه الله أَقُولُ يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِحَمْلِ مَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ ذَا قُوَّةٍ وَمَنَعَةٍ لَا يُخَافُ عَلَيْهِ عِنْدَهُ وَمَا فِي غَيْرِهِمَا عَلَى خِلَافِهِ أَوْ يُحْمَلُ كَلَامُهُمَا عَلَى الْإِيجَارِ مَعَ إعْلَامِ الْمُؤَجِّرِ بِحَالِهِ لِيَحْفَظَ غَايَةَ الْحِفْظِ وَمَا فِي غَيْرِهِمَا عَلَى الْإِيجَارِ مَعَ جَهْلِهِ بِحَالِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ حَبْسِهِ سَقَطَتْ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الرَّهْنِ) هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ صَنَّفَ وَلَيْسَ بِمَذْهَبٍ لِأَحَدٍ مِنْ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى قَوْلِ زُفَرَ وَلَا يُسَاعِدُهُ الْوَجْهُ قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي التَّقْرِيبِ، قَالَ أَصْحَابُنَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَى اللُّقَطَةِ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَحَبَسَهَا بِالنَّفَقَةِ فَهَلَكَتْ لَمْ تَسْقُطْ النَّفَقَةُ خِلَافًا لِزُفَرَ؛ لِأَنَّهَا دَيْنٌ غَيْرُ بَدَلٍ عَنْ الْعَيْنِ وَلَا عَنْ عَمَلٍ مِنْهُ فِيهَا وَلَا تَنَاوَلَهَا عَقْدٌ يُوجِبُ الضَّمَانَ، وَبِهَذَا الْقَيْدِ الْأَخِيرِ خَرَجَ الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِ زُفَرَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ الْوَجْهُ الْمَذْكُورُ هُنَا.
وَفِي الْهِدَايَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَالَ فِي الْيَنَابِيعِ وَلَوْ أَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ عَلَى اللُّقَطَةِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ وَحَبَسَهَا لِيَأْخُذَ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا فَهَلَكَتْ لَمْ تَسْقُطْ النَّفَقَةُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا خِلَافًا لِزُفَرَ اهـ مِنْ خَطِّ الشَّيْخِ قَاسِمٍ كَذَا بِخَطِّ الشَّيْخِ عَلِيٍّ الْمَقْدِسِيِّ وَكَتَبَ بَعْدَهُ أَقُولُ إنْ خَرَجَ الْجَوَابُ بِمَا ذَكَرَ عَنْ قِيَاسِهِ بِالرَّهْنِ لَا يَخْرُجُ الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِ بِجُعْلِ الْآبِقِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَنَصَّ أَنَّهُ إلَيْهِ أَقْرَبُ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَنْ عُلَمَائِنَا فِيهِ رِوَايَةٌ أَوْ اخْتَارَ قَوْلَ زُفَرَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فَتَأَمَّلْهُ ع. اهـ.
(قَوْلُهُ بَيَّنَ مُدَّعِيهَا عَلَامَتَهَا حَلَّ الدَّفْعُ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ، وَإِنْ صَدَّقَهُ قِيلَ بِالْجَبْرِ عَلَى الدَّفْعِ وَعَدَمِهِ أَيْ عَدَمِ الْجَبْرِ وَلَوْ دَفَعَهَا بِعَلَامَةٍ أَوْ تَصْدِيقٍ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِالْبَيِّنَةِ ضَمِنَ الْمُلْتَقِطُ وَرَجَعَ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ فِي الصَّحِيحِ