الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِلِاخْتِيَارِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بِالْقَتْلِ أَوْ قَطْعِ الْعُضْوِ فَفَوْتُ الرِّضَا أَعَمُّ مِنْ فَسَادِ الِاخْتِيَارِ فَفِي الْحَبْسِ أَوْ الضَّرْبِ بِفَوْتِ الرِّضَا، وَلَكِنَّ الِاخْتِيَارَ الصَّحِيحَ بَاقٍ وَفِي الْقَتْلِ لَا رِضَا وَلَكِنْ لَهُ اخْتِيَارٌ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ اخْتِيَارٌ فَاسِدٌ، ثُمَّ قَالَ وَتَحْقِيقُهُ إلَى آخِرِ مَا قَالَ وَالشَّجَرَةُ تُنْبِئُ عَنْ الثَّمَرَةِ (مَعَ بَقَاءِ أَهْلِيَّتِهِ) وَعَدَمِ سُقُوطِ الْخِطَابِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ مُبْتَلًى، وَالِابْتِلَاءُ يُحَقِّقُ الْخِطَابَ أَلَا يَرَى أَنَّهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ فَرْضٍ وَحَظْرٍ وَرُخْصَةٍ، وَيَأْثَمُ مَرَّةً وَيُؤْجَرُ مَرَّةً أُخْرَى، وَهُوَ دَلِيلُ الْخِطَابِ وَبَقَاءُ الْأَهْلِيَّةِ.
(وَشَرْطُهُ) أَرْبَعَةُ أُمُورٍ: الْأَوَّلُ (قُدْرَةُ الْحَامِلِ عَلَى) تَحْقِيقِ (مَا هَدَّدَ بِهِ سُلْطَانًا أَوْ غَيْرَهُ) يَعْنِي لِصًّا أَوْ نَحْوَهُ هَذَا عِنْدَهُمَا،.
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا مِنْ سُلْطَانٍ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ لَا تَكُونُ بِلَا مَنْعَةٍ، وَالْمَنْعَةُ لِلسُّلْطَانِ قَالُوا هَذَا اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ لَا اخْتِلَافُ حُجَّةٍ وَبُرْهَانٍ؛ لِأَنَّ فِي زَمَانِهِ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِ السُّلْطَانِ مِنْ الْقُوَّةِ مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الْإِكْرَاهُ، فَأَجَابَ بِنَاءً عَلَى مَا شَاهَدَ وَفِي زَمَانِهِمَا ظَهَرَ الْفَسَادُ وَصَارَ الْأَمْرُ إلَى كُلِّ مُتَغَلِّبٍ فَيَتَحَقَّقُ الْإِكْرَاهُ مِنْ الْكُلِّ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
(وَ) الثَّانِي (خَوْفُ الْفَاعِلِ وُقُوعَهُ) أَيْ وُقُوعَ مَا هَدَّدَ بِهِ الْحَامِلُ بِأَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ لِيَصِيرَ بِهِ مَحْمُولًا عَلَى مَا دَعَا إلَيْهِ مِنْ الْفِعْلِ وَالْمُبَاشَرَةِ، (وَ) الثَّالِثُ (كَوْنُهُ) أَيْ الْفَاعِلِ (مُمْتَنِعًا عَمَّا أُكْرِهَ عَلَيْهِ لِحَقٍّ مَا) أَيْ لِحَقِّ نَفْسِهِ كَبَيْعِ مَالِهِ أَوْ إتْلَافِهِ أَوْ إعْتَاقِ عَبْدِهِ أَوْ لِحَقِّ شَخْصٍ آخَرَ كَإِتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ أَوْ لِحَقِّ الشَّرْعِ كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالزِّنَا وَنَحْوِهِمَا، (وَ) الرَّابِعُ (كَوْنُ الْمُكْرَهِ بِهِ مُتْلِفَ نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ مُوجِبَ غَمٍّ بِعَدَمِ الرِّضَا) وَهَذَا أَدْنَى مَرَاتِبِهِ، وَهُوَ أَيْضًا مُتَفَاوِتٌ بِحَسَبِ الْأَشْخَاصِ كَمَا سَيَأْتِي.
(وَهُوَ) أَيْ الْإِكْرَاهُ (إمَّا مُلْجِئٌ يُفْسِدُ الِاخْتِيَارَ لَوْ) كَانَ (بِإِتْلَافِ نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ، وَإِمَّا غَيْرُ مُلْجِئٍ لَا يُفْسِدُهُ لَوْ كَانَ بِحَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ مُدَّةً مَدِيدَةً أَوْ ضَرْبٍ شَدِيدٍ) فِي الْمَبْسُوطِ، الْحَدُّ فِي الْحَبْسِ الَّذِي هُوَ إكْرَاهُ مَا يَجِيءُ الِاغْتِمَامُ الْبَيِّنُ بِهِ، وَفِي الضَّرْبِ الَّذِي هُوَ إكْرَاهُ مَا يَجِدُ مِنْهُ الْأَلَمَ الشَّدِيدَ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ حَدٌّ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَقَادِيرَ لَا تَكُونُ بِالرَّأْيِ، وَلَكِنَّهُ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى الْحَاكِمُ إذَا رَفَعَ إلَيْهِ (بِخِلَافِ حَبْسِ يَوْمٍ أَوْ قَيْدِهِ) أَيْ قَيْدِ يَوْمٍ (أَوْ ضَرْبٍ غَيْرِ شَدِيدٍ) فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ إكْرَاهًا إذْ لَا يُبَالِي بِمِثْلِهَا عَادَةً فَلَا يُعْدَمُ الرِّضَا (إلَّا لِذِي جَاهٍ) يَعْنِي أَنَّهَا تَكُونُ إكْرَاهًا لِرَجُلٍ لَهُ جَاهٌ وَعِزَّةٌ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ أَشَدُّ مِنْ ضَرَرِ الضَّرْبِ الشَّدِيدِ لِغَيْرِهِ فَيَفُوتُ بِهِ الرِّضَا (فَبِالْأَوَّلِ) يَعْنِي الْمُلْجِئَ (رَخَّصَ أَكْلُ مَيْتَةٍ وَدَمٍ وَلَحْمِ خِنْزِيرٍ وَشُرْبِ خَمْرٍ) ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مُقَيَّدَةٌ بِحَالَةِ الِاخْتِيَارِ وَفِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ مُبْقَاةٌ عَلَى أَصْلِ الْحِلِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119] فَإِنَّهُ اسْتَثْنَى حَالَةَ الضَّرُورَةِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ تَكَلُّمٌ لِلْبَاقِي بَعْدَ الثَّنِيَّا، وَالِاضْطِرَارُ يَحْصُلُ بِالْإِكْرَاهِ الْمُلْجِئِ (وَبِالصَّبْرِ عَلَى الْقَتْلِ آثِمٌ) فِي هَذِهِ الصُّوَرِ (كَمَا فِي الْمَخْمَصَةِ) لِأَنَّهُ لَمَّا أُبِيحَ كَانَ بِالِامْتِنَاعِ مُعَاوِنًا لِغَيْرِهِ عَلَى إهْلَاكِ نَفْسِهِ.
. (وَ) رَخَّصَ أَيْضًا (بِلَفْظِ كَلِمَةِ كُفْرٍ وَقَلْبُهُ مُطَمْئِنٌ بِالْإِيمَانِ) لِحَدِيثِ «عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رضي الله عنه حَيْثُ اُبْتُلِيَ بِهِ وَقَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَالثَّانِي خَوْفُ الْفَاعِلِ وُقُوعَهُ) يَعْنِي فِي الْحَالِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ أَوْ بِإِتْلَافِ نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ) كَذَا بَعْضُ الْعُضْوِ كَإِتْلَافِ أُنْمُلَةٍ أَوْ ضَرْبٍ يَخَافُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.
[شُرُوط الْإِكْرَاه]
(قَوْلُهُ فِي الْمَبْسُوطِ الْحَدُّ فِي الْحَبْسِ الَّذِي هُوَ إكْرَاهُ مَا يَجِيءُ الِاغْتِمَامُ الْبَيِّنُ بِهِ. . . إلَخْ) كَذَا فِي التَّبْيِينِ ثُمَّ قَالَ وَالْإِكْرَاهُ بِحَبْسِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَوْلَادِ لَا يُعَدُّ إكْرَاهًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُلْجِئٍ وَلَا يَعْدَمُ الرِّضَا بِخِلَافِ حَبْسِ نَفْسِهِ اهـ، وَكَذَا نُقِلَ فِي الْبُرْهَانِ كَلَامُ الْمَبْسُوطِ، وَقَدْ كَتَبَ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيُّ رحمه الله عَلَيْهِ مَا صُورَتُهُ فَشَمَلَ حَبْسَ الْأَبِ ذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ الْقِيَاسَ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ، ثُمَّ قَالَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ إكْرَاهٌ وَلَا يَنْفُذُ شَيْءٌ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ؛ لِأَنَّ حَبْسَ أَبِيهِ يَلْحَقُ بِهِ مِنْ الْحُزْنِ مَا يَلْحَقُ بِهِ حَبْسُ نَفْسِهِ أَوْ أَكْثَرُ فَالْوَلَدُ الْبَارُّ يَسْعَى فِي تَخْلِيصِ أَبِيهِ مِنْ السِّجْنِ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُحْبَسُ فَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ لَيْسَ بِمُسْتَحْسَنٍ اهـ.
(قَوْلُهُ فَبِالْأَوَّلِ رَخَّصَ أَكْلَ مَيْتَةٍ وَدَمٍ وَلَحْمِ خِنْزِيرٍ وَشُرْبَ الْخَمْرِ) يَعْنِي لَا بِالْحَبْسِ وَشَبَهِهِ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ إنَّ مُحَمَّدًا إنَّمَا أَجَابَ هَكَذَا بِنَاءً عَلَى مَا كَانَ مِنْ الْحَبْسِ فِي زَمَانِهِ فَأَمَّا الْحَبْسُ الَّذِي أَحْدَثُوهُ الْيَوْمَ فِي زَمَانِنَا فَإِنَّهُ يُبِيحُ التَّنَاوُلَ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.
(قَوْلُهُ وَبِالصَّبْرِ عَلَى الْقَتْلِ أَثِمَ) أَيْ إنْ عَلِمَ بِالْحِلِّ وَإِلَّا فَلَا يَأْثَمُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ مُطْلَقًا كَذَا فِي الْبُرْهَانِ وَالتَّبْيِينِ (قَوْلُهُ لِحَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رضي الله عنه) هُوَ مَا رَوَاهُ الْحَاكِمِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النَّحْلِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «أَخَذَ الْمُشْرِكُونَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ فَلَمْ يَتْرُكُوهُ حَتَّى سَبَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَذَكَرَ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ ثُمَّ تَرَكُوهُ فَلَمَّا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا وَرَاءَك قَالَ شَرٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تُرِكْت حَتَّى نِلْت مِنْك وَذَكَرْت آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ قَالَ كَيْفَ تَجِدُ قَلْبَك قَالَ مُطْمَئِنًّا بِالْإِيمَانِ قَالَ فَإِنْ عَادُوا فَعُدْ» وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ وَفِيهِ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106] الْآيَةَ كَذَا فِي الْبُرْهَانِ
كَيْفَ وَجَدْت قَلْبَك قَالَ مُطْمَئِنًّا بِالْإِيمَانِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم فَإِنْ عَادُوا فَعُدْ» وَفِيهِ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106] الْآيَةَ (وَبِالصَّبْرِ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَتْلِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ (أَجْرٌ) أَيْ صَارَ مَأْجُورًا إنْ صَبَرَ، وَلَمْ يُظْهِرْ الْكُفْرَ حَتَّى قُتِلَ؛ لِأَنَّ خُبَيْبًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - صَبَرَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى صُلِبَ وَسَمَّاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَيِّدَ الشُّهَدَاءِ (وَ) رَخَّصَ أَيْضًا (إتْلَافَ مَالِ مُسْلِمٍ) ؛ لِأَنَّ إتْلَافَ مَالِ الْغَيْرِ يُسْتَبَاحُ لِلضَّرُورَةِ كَمَا فِي الْمَخْمَصَةِ، وَقَدْ ثَبَتَ.
(وَ) لَكِنَّ صَاحِبَ الْمَالِ (ضَمَّنَ الْحَامِلَ) ؛ لِأَنَّ الْفَاعِلَ آلَةٌ لِلْحَامِلِ فِيمَا يَصْلُحُ آلَةً لَهُ، وَالْإِتْلَافُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ بِأَنْ يُلْقِيَهُ عَلَيْهِ فَيَقْتُلَهُ (لَا قَتْلَهُ) عُطِفَ عَلَى إتْلَافَ أَيْ لَا يُرَخِّصُ قَتْلَ مُسْلِمٍ بَلْ يَصْبِرُ عَلَى أَنْ يُقْتَلَ فَإِنْ قَتَلَهُ كَانَ آثِمًا؛ لِأَنَّ قَتْلَ الْمُسْلِمِ لَا يُسْتَبَاحُ لِضَرُورَةٍ مَا إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْتُلْهُ قَتَلَهُ، (وَيُقَادُ فِي الْعَمْدِ الْحَامِلُ فَقَطْ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ الْفَاعِلَ يَصِيرُ آلَةً لَهُ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يُقَادُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِلشُّبْهَةِ.
وَقَالَ زُفَرُ يُقَادُ الْفَاعِلُ؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُقَادُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْفَاعِلُ بِالْمُبَاشَرَةِ وَالْحَامِلُ بِالتَّسَبُّبِ.
(وَلَا) يُرَخِّصُ بِالْأَوَّلِ (زِنَا الرَّجُلِ) ؛ لِأَنَّهُ كَالْقَتْلِ؛ لِأَنَّ وَلَدَ الزِّنَا هَالِكٌ حُكْمًا لِعَدَمِ مَنْ يُرَبِّيهِ فَلَا يُسْتَبَاحُ لِضَرُورَةٍ مَا كَالْقَتْلِ، وَلَكِنْ لَا يُحَدُّ اسْتِحْسَانًا يَعْنِي إذَا لَمْ يُرَخِّصْ زِنَاهُ بِالْمُلْجِئِ كَانَ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ أَنْ يُحَدَّ؛ لِأَنَّ انْتِشَارَ الْآلَةِ دَلِيلُ الطَّوَاعِيَةِ (وَلَكِنْ لَا يُحَدُّ اسْتِحْسَانًا) فَإِنَّ انْتِشَارَ الْآلَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى الطَّوَاعِيَةِ إذْ قَدْ يَكُونُ طَبْعًا كَمَا فِي النَّائِمِ، (وَبِالثَّانِي) عُطِفَ عَلَى الْأَوَّلِ يَعْنِي بِإِكْرَاهِ غَيْرِهِ مُلْجِئٍ (لَا) أَيْ لَا تُرَخِّصُ الْأُمُورُ الْمَذْكُورَةُ (لَكِنَّهُ) أَيْ الثَّانِي مِنْ الْإِكْرَاهِ (أَسْقَطَ الْحَدَّ فِي زِنَاهَا) ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُكْرَهَةً فَلَا أَقَلَّ مِنْ الشُّبْهَةِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ (لَا زِنَاهُ) أَيْ لَمْ يَسْقُطُ الْحَدُّ فِي زِنَاهُ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ الْمُلْجِئَ لَمْ يَكُنْ رُخْصَةً فِي حَقِّهِ كَمَا كَانَ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ حَتَّى يَكُونَ غَيْرُ الْمُلْجِئِ شُبْهَةً لِيَنْدَرِئَ الْحَدُّ.
(تَصَرُّفَاتُ الْمُكْرَهِ قَوْلًا) يَعْنِي أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةَ لِلْمُكْرَهِ سَوَاءٌ كَانَ مُكْرَهًا بِالْمُلْجِئِ أَوْ بِغَيْرِهِ (تَنْعَقِدُ) عِنْدَنَا كَمَا فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ (وَمَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ يُفْسَخُ) إنْ فَسَخَ الْمُكْرَهُ، (وَمَا لَا) يَحْتَمِلُهُ (فَلَا) يُفْسَخُ، (الْأَوَّلُ) وَهُوَ مَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ (كَبَيْعِهِ وَشِرَائِهِ وَإِجَارَتِهِ وَصُلْحِهِ وَإِبْرَائِهِ مَدْيُونَهُ أَوْ كَفِيلَهُ وَهِبَتِهِ) فَإِنَّهُ إذَا أُكْرِهَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا بِأَحَدِ نَوْعَيْ الْإِكْرَاهِ خُيِّرَ الْفَاعِلُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ إنْ شَاءَ أَمْضَاهُ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ مُطْلَقًا يُعْدِمُ الرِّضَا، وَالرِّضَا شَرْطُ صِحَّةِ هَذِهِ الْعُقُودِ فَتَفْسُدُ بِفَوَاتِهِ (وَإِقْرَارِهِ) ، فَإِنَّهُ خَبَرٌ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ، وَإِنَّمَا صَارَ حُجَّةً لِرُجْحَانِ جَانِبِ الصِّدْقِ وَالْإِكْرَاهُ دَلِيلٌ عَلَى كَذِبِهِ فِيمَا يَقْرَبُهُ قَاصِدًا إلَى دَفْعِ الشَّرِّ عَنْ نَفْسِهِ (فَيَمْلِكُهُ) أَيْ الْمَبِيعَ بِالْإِكْرَاهِ (الْمُشْتَرِي إنْ قَبَضَ) كَمَا فِي سَائِرِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ (فَيَصِحُّ إعْتَاقُهُ) أَيْ إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي لِكَوْنِهِ مَلَكَهُ، (وَلَزِمَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِيَ (قِيمَتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَا مَلَكَهُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ فَإِنْ عَادُوا فَعُدْ) أَيْ إلَى الطُّمَأْنِينَةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَقَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَهُوَ أَمْرٌ بِالثَّبَاتِ عَلَى مَا كَانَ لَا أَمْرٌ بِمَا لَيْسَ بِكَائِنٍ مِنْ الطُّمَأْنِينَةِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {اهْدِنَا الصِّرَاطَ} [الفاتحة: 6] أَوْ مَعْنَاهُ إنْ عَادُوا إلَى الْإِكْرَاهِ ثَانِيًا فَعُدْ أَنْتَ إلَى مِثْلِ مَا أَتَيْت بِهِ أَوَّلًا مِنْ إجْرَاءِ كَلِمَةِ الْكُفْرِ عَلَى اللِّسَانِ وَطُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ بِالْإِيمَانِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَسَمَّاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَيِّدَ الشُّهَدَاءِ) وَقَالَ فِي مِثْلِهِ هُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ (قَوْلُهُ: وَرَخَّصَ أَيْضًا إتْلَافَ مَالِ مُسْلِمٍ) أَيْ وَذِمِّيٍّ وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ مَا لَوْ صَبَرَ فَلَمْ يُتْلِفْهُ حَتَّى قُتِلَ وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْكَنْزِ يُفِيدُ ثَوَابَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ شَارِحُهُ وَيُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُ قَاضِي خَانْ وَلَوْ بِوَعِيدِ الْقَتْلِ عَلَى الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى قُتِلَ لَا يَأْثَمُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَبَرَ عَلَى الْقَتْلِ وَلَمْ يُتْلِفْ مَالَ نَفْسِهِ يَكُونُ شَهِيدًا فَلَأَنْ لَا يَأْثَمَ إذَا امْتَنَعَ عَنْ إبْطَالِ مِلْكِ النِّكَاحِ عَلَى الْمَرْأَةِ كَانَ أَوْلَى اهـ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْفَاعِلَ آلَةٌ لِلْحَامِلِ فِيمَا يَصْلُحُ آلَةً لَهُ) قَالَ فِي السِّرَاجِ حَتَّى لَوْ حَمَلَهُ مَجُوسِيٌّ عَلَى ذَبْحِ شَاةِ الْغَيْرِ لَا يَحِلُّ أَكْلُهَا اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْ لَا يُرَخِّصُ قَتْلَ مُسْلِمٍ) يَعْنِي وَذِمِّيٍّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ قَتْلَ الْمُسْلِمِ لَا يُرَخَّصُ لِضَرُورَةٍ مَا إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْتُلْهُ قَتَلَهُ) فِي الْحَصْرِ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتُلُهُ بِإِخْرَاجِهِ السَّرِقَةَ إذْ لَمْ يُلْقِهَا بِالصِّيَاحِ عَلَيْهِ أَوْ بِإِتْيَانِهِ حَلِيلَتَهُ كَذَلِكَ وَالذِّمِّيُّ كَالْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: وَيُقَادُ فِي الْعَمْدِ الْحَامِلُ فَقَطْ) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُبَاحُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْقَتْلِ بِالْمُلْجِئِ وَلَوْ قَتَلَ أَثِمَ وَيُقْتَصُّ الْحَامِلُ وَيُحْرَمُ الْمِيرَاثُ لَوْ بَالِغًا وَيُقْتَصُّ لِلْمُكْرَهِ مِنْ الْحَامِلِ وَيَرِثُهُ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُرَخَّصُ بِالْأَوَّلِ زِنَا الرَّجُلِ) لَعَلَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ لَفْظَ الْأَوَّلِ لِطُولِ الْكَلَامِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَإِلَّا فَفِيهِ غُنْيَةٌ عَنْ ذِكْرِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ وَبِالثَّانِي. . . إلَخْ وَفِي كَلَامِهِ إشَارَةٌ إلَى إثْمِهِ وَفِي شَرْحِ الْكَافِي رَجَوْت أَنْ لَا تَأْثَمَ يَعْنِي الْمَرْأَةَ.
(قَوْلُهُ كَبَيْعِهِ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي فَإِنَّهُ يُفْسَخُ (قَوْلُهُ كَمَا فِي سَائِرِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ) قَالَ فِي الْمُجْتَبَى بَيْعُ الْمُكْرَهِ يُخَالِفُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ يَجُوزُ بِالْإِجَازَةِ يَنْقُضُ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ وَقْتَ الْإِعْتَاقِ دُونَ الْقَبْضِ الثَّمَنُ أَوْ الثَّمَنُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُكْرَهِ وَفِي الْفَاسِدِ بِخِلَافِهَا اهـ.
(قَوْلُهُ فَيَصِحُّ إعْتَاقُهُ) كَذَا تَدْبِيرُهُ وَاسْتِيلَادُهُ
(فَإِنْ قَبَضَ) أَيْ الْبَائِعُ الْمُكْرَهُ (الثَّمَنَ أَوْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ طَوْعًا) قَيَّدَ لِلْمَذْكُورَيْنِ (نَفَذَ) الْبَيْعُ لِوُجُودِ الرِّضَا، (وَإِنْ قَبَضَهُ) الثَّمَنَ (مُكْرَهًا لَا) أَيْ لَا يَنْفُذُ لِعَدَمِ الرِّضَا (وَرَدَّهُ) أَيْ رَدَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ الَّذِي قَبَضَهُ مُكْرَهًا (إنْ بَقِيَ) فِي يَدِهِ (وَلَمْ يَضْمَنْ إنْ هَلَكَ) ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ كَانَ أَمَانَةً عِنْدَ الْمُكْرَهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِإِذْنِ الْمُشْتَرِي، وَالْقَبْضُ إذَا كَانَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَإِنَّمَا يَجِبُ الضَّمَانُ إذَا قَبَضَهُ لِلتَّمَلُّكِ، وَهُوَ لَمْ يَقْبِضْهُ لَهُ لِكَوْنِهِ مُكْرَهًا عَلَى قَبْضِهِ فَكَانَ أَمَانَةً كَذَا فِي الْكَافِي (بِخِلَافِ مَا إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْهِبَةِ بِلَا ذِكْرِ الدَّفْعِ فَوَهَبَ وَدَفَعَ حَيْثُ يَكُونُ فَاسِدًا) أَيْ يُوجِبُ الْمِلْكَ بَعْدَ الْقَبْضِ كَالْهِبَةِ الصَّحِيحَةِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِنَا إنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْهِبَةِ إكْرَاهٌ عَلَى الدَّفْعِ، وَالْإِكْرَاهُ عَلَى الْبَيْعِ لَيْسَ إكْرَاهًا عَلَى التَّسْلِيمِ (هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ مُشْتَرٍ غَيْرِ مُكْرَهٍ، وَالْبَائِعُ مُكْرَهٌ ضَمِنَ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قِيمَتَهُ لِلْبَائِعِ) ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ بِحُكْمِ عَقْدٍ فَاسِدٍ فَكَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ كَمَا فِي إعْتَاقِ الْمُشْتَرِي، (وَلَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ (أَنْ يَضْمَنَ أَيًّا شَاءَ) مِنْ الْحَامِلِ وَالْمُشْتَرِي كَالْغَاصِبِ وَغَاصِبِ الْغَاصِبِ فَالْمُكْرَهُ كَالْغَاصِبِ وَالْمُشْتَرِي كَغَاصِبِ الْغَاصِبِ (فَإِنْ ضَمِنَ الْحَامِلُ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ قَامَ مَقَامَ الْبَائِعِ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْمَضْمُونَ يَصِيرُ مِلْكًا لِلضَّامِنِ مِنْ وَقْتِ سَبَبِ الضَّمَانِ وَهُوَ الْغَصْبُ، (وَإِنْ ضَمِنَ أَحَدُ الْمُشْتَرِينَ) وَقَدْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي (نَفَذَ كُلُّ شَيْءٍ) كَانَ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ شِرَائِهِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ فَظَهَرَ أَنَّهُ بَاعَ مِلْكَ نَفْسِهِ (وَلَا يَنْفُذُ) مَا كَانَ (قَبْلَهُ) ؛ لِأَنَّ اسْتِنَادَ مِلْكِ الْمُشْتَرِي إلَى وَقْتِ قَبْضِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَجَازَ الْمَالِكُ الْمُكْرَهَ عَقْدًا مِنْهَا حَيْثُ مَا كَانَ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ النَّفَاذِ حَقُّهُ فَيَعُودُ الْكُلُّ جَائِزًا، (وَالثَّانِي) وَهُوَ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ (كَنِكَاحِهِ وَطَلَاقِهِ وَإِعْتَاقِهِ) وَسَائِرِ مَا سَيَأْتِي فَإِنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ تَصِحُّ عِنْدَنَا مَعَ الْإِكْرَاهِ قِيَاسًا عَلَى صِحَّتِهَا مَعَ الْهَزْلِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تَصِحُّ (وَرَجَعَ) أَيْ الْفَاعِلُ عَلَى الْحَامِلِ (بِنِصْفِ الْمُسَمَّى) فِي الطَّلَاقِ (إنْ لَمْ يَطَأْ) ، وَكَانَ الْمَهْرُ مُسَمًّى فِي الْعَقْدِ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ فِيهِ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِمَا لَزِمَهُ مِنْ الْمُتْعَةِ؛ لِأَنَّ مَا عَلَيْهِ كَانَ عَلَى شَرَفِ السُّقُوطِ بِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ مِنْ جِهَتِهَا بِمَعْصِيَةٍ كَالِارْتِدَادِ وَتَقْبِيلِ ابْنِ الزَّوْجِ، وَقَدْ تَأَكَّدَ ذَلِكَ بِالطَّلَاقِ فَكَانَ تَقْرِيرًا لِلْمَالِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، فَيُضَافُ تَقْرِيرُهُ إلَى الْحَامِلِ، وَالتَّقْرِيرُ كَالْإِيجَابِ فَكَانَ مُتْلِفًا لَهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا دَخَلَ بِهَا؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ تَقَرَّرَ هُنَا بِالدُّخُولِ لَا بِالطَّلَاقِ.
(وَ) رَجَعَ الْفَاعِلُ عَلَى الْحَامِلِ (بِقِيمَةِ الْعَبْدِ) فِي الْإِعْتَاقِ لِأَنَّهُ صَلُحَ آلَةً لَهُ فِيهِ مِنْ حَيْثُ الْإِتْلَافُ فَانْضَافَ إلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَضْمَنَهُ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا لِكَوْنِهِ ضَمَانَ إتْلَافٍ كَمَا مَرَّ، وَلَا يَرْجِعُ الْحَامِلُ عَلَى الْعَبْدِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَإِنْ قَبَضَهُ أَيْ الثَّمَنَ مُكْرَهًا لَا) كَذَا لَوْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ مُكْرَهًا لَا يَنْفُذُ الْبَيْعُ.
(قَوْلُهُ وَرَدَّهُ أَيْ رَدَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ) يَعْنِي لَزِمَهُ رَدُّهُ لِفَسَادِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْهِبَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَوْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ طَوْعًا، وَمِثْلُهَا الصَّدَقَةُ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَصْلِنَا إنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْهِبَةِ إكْرَاهٌ عَلَى الدَّفْعِ) هَذَا إذَا كَانَ الْمُكْرَهُ حَاضِرًا وَقْتَ التَّسْلِيمِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْإِكْرَاهُ عَلَى الْهِبَةِ لَا يَكُونُ إكْرَاهًا عَلَى التَّسْلِيمِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ ضَمِنَ الْحَامِلُ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَتِهِ) ، يُفِيدُ أَنَّهُ إنْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ عَلَى الْحَامِلِ (قَوْلُهُ وَلَا يَنْفُذُ مَا كَانَ قَبْلَهُ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَوَّلَ الْمُشْتَرِينَ نَفَذَ الْجَمِيعُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَجَازَ الْمَالِكُ الْمُكْرَهُ عَقْدًا مِنْهَا) الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالتَّضْمِينِ أَنَّهُ إذَا ضَمَّنَ فَأَخَذَ الْقِيمَةَ صَارَ كَأَنَّهُ اسْتَرَدَّ الْعَيْنَ فَتَبْطُلُ الْبِيَاعَاتُ الَّتِي قَبْلَهُ بِخِلَافِ أَخْذِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كَأَخْذِ الْعَيْنِ بَلْ إجَازَةٌ فَافْتَرَقَا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَجَازَ الْمَالِكُ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَاحِدًا مِنْ الْأَشْرِبَةِ حَيْثُ يَجُوزُ مَا أَجَازَهُ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ وَقَدْ ثَبَتَ بِالْإِجَازَةِ لِأَحَدِهِمْ مِلْكٌ بَاتٌّ فَأَبْطَلَ الْمَوْقُوفَ لِغَيْرِهِ، وَفِي الْإِكْرَاهِ كُلُّ وَاحِدٍ بَاعَ مِلْكَهُ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ بِالْقَبْضِ فِيهِ، وَالْمَانِعُ مِنْ نُفُوذِ الْكُلِّ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ فَإِذَا أَسْقَطَهُ الْمَالِكُ نَفَذَ الْكُلُّ (قَوْلُهُ كَنِكَاحٍ) أَيْ يَصِحُّ النِّكَاحُ سَوَاءٌ كَانَ بِمُلْجِئٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الْمَهْرِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِمُلْجِئٍ كَأَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى عَشْرَةِ آلَافٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفٌ صَحَّ النِّكَاحُ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفٌ وَيَبْطُلُ الْفَضْلُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ الزَّوْجَ يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ وَيَرْجِعُ بِالْفَضْلِ عَلَى مَنْ أَكْرَهَهُ، وَلَيْسَ بِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِقَيْدٍ أَوْ حَبْسٍ فَلَا يَكُونُ إكْرَاهًا فِي حَقِّ الزَّوْجِ بَلْ نِكَاحُ طَائِعٍ، وَالتَّسْمِيَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ تُصْرَفُ فِي الْمَالِ وَهُوَ يُبْطِلُهُ الْهَزْلُ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفٌ لَا غَيْرُ، وَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْمُكْرَهِ بِشَيْءٍ وَلَوْ أُكْرِهَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى التَّزَوُّجِ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا صَحَّ النِّكَاحُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَحُكْمُ اعْتِرَاضِ أَوْلِيَائِهَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ الْفَاعِلُ عَلَى الْحَامِلِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ) لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الْوَلَاءِ نَصًّا وَالْوَلَاءُ لِلْفَاعِلِ اهـ.
وَفِي التَّدْبِيرِ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ التَّدْبِيرِ فِي الْحَالِ عَلَى الْمُكْرَهِ، وَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى يُعْتَقُ الْمُدَبَّرُ وَيَرْجِعُ وَرَثَةُ الْمَوْلَى بِثُلُثَيْ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا عَلَى الْآمِرِ أَيْضًا كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ