الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَعْتِقُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَسْتَنِدُ إلَى أَوَّلِ الشَّهْرِ قَبْلَ الْمَوْتِ، وَهُوَ كَانَ صَحِيحًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ (وَلَوْ مَاتَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ شَهْرٍ (لَمْ يَعْتِقْ) ؛ لِأَنَّهُ مُدَبَّرٌ مُقَيَّدٌ، وَالْقَيْدُ لَمْ يُوجَدْ (وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ فَمَاتَ بَعْدَهُ) لَا يَعْتِقُ بِالْمَوْتِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْمَوْلَى لِلْإِعْتَاقِ عِنْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ بِهِ (بَلْ يَعْتِقُهُ الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ أَوْ الْقَاضِي) لِانْتِقَالِ الْوِلَايَةِ بَعْدَهُ إلَيْهِمْ، كَذَا فِي التُّحْفَةِ (قِيمَةُ) الْمُدَبَّرِ (الْمُطْلَقِ نِصْفُ قِيمَتِهِ لَوْ) كَانَ (قِنًّا، وَالْمُقَيَّدُ يُقَوَّمُ قِنًّا) اخْتَلَفُوا فِي قِيمَةِ الْمُدَبَّرِ قِيلَ قِيمَتُهُ نِصْفُ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ قِنًّا، وَقِيلَ ثُلُثَا قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ قِنًّا وَقِيلَ يُنْظَرُ بِكَمْ يُسْتَخْدَمُ مُدَّةَ عُمْرِهِ مِنْ حَيْثُ الْحَزْرُ وَالظَّنُّ فَيُجْعَلَ قِيمَتَهُ ذَلِكَ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: نِصْفُ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ قِنًّا وَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ؛ لِأَنَّ لِلَّقِنِ مَنْفَعَتَيْنِ: مَنْفَعَةُ الْبَيْعِ وَمَا شَاكَلَهَا مِنْ التَّمْلِيكِ بِالدَّيْنِ وَالْأَمْهَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالثَّانِيَةُ: مَنْفَعَةُ الْإِجَارَةِ وَالِاسْتِخْدَامِ، وَالتَّدْبِيرِ فَتَفُوتُ الْأُولَى وَتَبْقَى الثَّانِيَةُ فَتَكُونُ قِيمَتُهُ نِصْفَ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ قِنًّا وَلَوْ كَانَ التَّدْبِيرُ مُقَيَّدًا يُقَوَّمُ قِنًّا، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ.
(بَابٌ الِاسْتِيلَادِ)
هُوَ لُغَةً: طَلَبُ الْوَلَدِ، وَشَرْعًا: طَلَبُ الْمَوْلَى الْوَلَدَ مِنْ أَمَتِهِ بِالْوَطْءِ (أَمَةٌ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي لَمْ تُمْلَكْ (وَلَدَتْ مِنْ مَوْلَاهَا بِإِقْرَارِهِ) أَيْ بِإِقْرَارِ الْمَوْلَى بِأَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ (وَلَوْ) كَانَ إقْرَارُهُ حَالَ كَوْنِهَا (حَامِلًا) بِأَنْ يَقُولَ: حَمْلُ هَذِهِ الْأَمَةِ مِنِّي (أَوْ) وَلَدَتْ (مِنْ زَوْجِهَا) بِأَنْ زَوَّجَهَا الْمَوْلَى مِنْ رَجُلٍ فَوَلَدَتْ مِنْهُ (فَاشْتَرَاهَا) الزَّوْجُ (لَمْ تُمْلَكْ) أَيْ لَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً مِلْكًا تَامًّا وَإِنْ بَقِيَ فِيهَا الْمِلْكُ فِي الْجُمْلَةِ (وَحُكْمُهَا) أَيْ حُكْمُ الْمُسْتَوْلَدَةِ (كَالْمُدَبَّرَةِ) ، وَقَدْ مَرَّ (لَكِنَّهَا) أَيْ لَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُسْتَوْلَدَةَ (تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ مِنْ الْكُلِّ) ، وَالْمُدَبَّرَةَ مِنْ الثُّلُثِ (وَلَمْ تَسْعَ لِدَيْنِهِ) ، وَالْمُدَبَّرَةُ تَسْعَى (فَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدًا آخَرَ ثَبَتَ نَسَبُهُ بِلَا دَعْوَةٍ) إذْ بِدَعْوَةِ الْأَوَّلِ تَعَيَّنَ الْوَلَدُ مَقْصُودًا مِنْهَا فَصَارَتْ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعِتْقَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَسْتَنِدُ إلَى أَوَّلِ شَهْرٍ قَبْلَ الْمَوْتِ. . . إلَخْ) كَذَا عَلَّلَهُ الْكَمَالُ وَيُوَضِّحُهُ مَا قَالَهُ أَيْ الْكَمَالُ فِي بَابِ الِاسْتِيلَادِ: التَّدْبِيرُ سَبَبٌ لِلْعِتْقِ فِي الْحَالِ وَثُبُوتُ سَبَبِيَّتِهِ فِي الْحَالِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فِي سَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ لِضَرُورَةٍ هِيَ أَنَّ تَأْخِيرَهُ كَغَيْرِهِ مِنْ التَّعْلِيقَاتِ يُوجِبُ بُطْلَانَهُ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ زَمَانُ زَوَالِ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ فَلَا يَتَأَخَّرُ سَبَبِيَّةُ كَلَامِهِ إلَيْهِ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ) نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْهَا أَيْضًا ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْمُجْتَبَى أَنَّهُ إذَا مَضَى شَهْرٌ فَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ اهـ.
وَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ: ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّهُ إذَا مَضَى شَهْرٌ قَبْلَ مَوْتِ الْمَوْلَى لَا يَكُونُ مُدَبَّرًا وَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَمْ يُذْكَرْ الْخِلَافُ وَهُوَ الصَّحِيحُ.
وَذَكَرَ وَجْهَهُ (قُلْت) وَيُقَيَّدُ صِحَّةُ بَيْعِهِ بِأَنْ يَعِيشَ الْمَوْلَى بَعْدَ الْبَيْعِ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ لِيَنْتَفِيَ الْمَحَلُّ لِلْعِتْقِ حَالَ الْمُدَّةِ الَّتِي يَلِيهَا مَوْتُ الْمَوْلَى تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ فَمَاتَ بَعْدَهُ) لَفْظَةُ بَعْدَهُ زَائِدَةٌ لَا حَاجَةَ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: بَلْ يُعْتِقُهُ الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ أَوْ الْقَاضِي) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَيُعْتِقُهُ الْقَاضِي إذَا امْتَنَعَ الْوَارِثُ.
(قَوْلُهُ: قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ الْمُطْلَقِ نِصْفُ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ قِنًّا) هُوَ الْمُخْتَارُ، كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْوَلْوَالِجِيِّ وَاخْتَارَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ ثُلُثَا قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ قِنًّا) هُوَ الْمُفْتَى بِهِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ أَيْضًا.
[بَابٌ الِاسْتِيلَادِ]
سَبَبُهُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ ثُبُوتُ نَسَبِ الْوَلَدِ شَرْعًا.
وَقَالَ زُفَرُ: ثُبُوتُ النَّسَبِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ ثَبَتَ شَرْعًا أَوْ حَقِيقَةً فَلَوْ مَلَكَ مَنْ أَقَرَّ بِأُمُومَةِ وَلَدِهَا مِنْ زِنًا بِهَا وَصَدَّقَهُ مَوْلَاهَا لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدِهِ عِنْدَنَا وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ تَصِيرُ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ مَلَكَ الْوَلَدَ عَتَقَ عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا، كَمَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً طَلَبُ الْوَلَدِ) أَيْ مُطْلَقًا، وَأُمُّ الْوَلَدِ تَصْدُقُ لُغَةً عَلَى الزَّوْجَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّنْ لَهَا وَلَدٌ ثَابِتُ النَّسَبِ وَغَيْرُ ثَابِتِ النَّسَبِ، كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا طَلَبُ الْمَوْلَى الْوَلَدَ مِنْ أَمَتِهِ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ الْعُمُومِ إلَى الْخُصُوصِ كَالتَّيَمُّمِ، وَالْحَجِّ وَإِنَّمَا قَالَ مِنْ أَمَتِهِ وَإِنْ كَانَ حُكْمُ الْمُشْتَرَكَةِ وَمَنْ وَلَدَتْ بِنِكَاحٍ فَمَلَكَهَا كَذَلِكَ نَظَرًا لِلْغَالِبِ وَلِحَمْلِ الْحَالِ عَلَى الصَّلَاحِ؛ لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ هِيَ الَّتِي ثَبَتَ نَسَبُ وَلَدِهَا مِنْ مَالِكِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا.
(قَوْلُهُ: بِإِقْرَارِهِ) شَامِلٌ لِإِقْرَارِ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ لَكِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ وَلَا بِهَا حَمْلٌ مِنْهُ تَعْتِقُ مِنْ الثُّلُثِ بِإِقْرَارِ الْمَرِيضِ، كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: لَمْ تُمْلَكْ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: أَيْ لَا يَجُوزُ تَمْلِيكُهَا وَهُوَ الصَّوَابُ خِلَافُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَيْ لَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً مِلْكًا تَامًّا وَإِنْ بَقِيَ فِيهَا الْمِلْكُ فِي الْجُمْلَةِ، وَيُنَاقِضُهُ مَا قَدَّمَهُ فِي كِتَابِ الْإِعْتَاقِ أَنَّ الْمِلْكَ فِيهَا كَامِلٌ وَهُوَ الصَّوَابُ وَكَمَا سَيَذْكُرُهُ فِي الْأَيْمَانِ أَنَّ لَفْظَ الْمَمْلُوكِ يَتَنَاوَلُ أُمَّ الْوَلَدِ فَتَعْتِقُ بِقَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ اهـ.
أَيْ الْمِلْكِ الْكَامِلِ لِقَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ: إنَّ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ وَمِلْكُهُ كَامِلٌ لِلْمُدَبَّرِ وَأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ نَاقِصٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَحُكْمُهَا كَالْمُدَبَّرَةِ) مِنْهُ أَنَّهَا تَعْتِقُ بِبَيْعِهِ خِدْمَتَهَا مِنْهَا كَبَيْعِ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ، كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهَا تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ مِنْ الْكُلِّ) يَعْنِي إلَّا إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ وَلَيْسَ مَعَهَا وَلَدٌ وَلَا بِهَا حَمْلٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَإِنَّهَا تَعْتِقُ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدًا آخَرَ ثَبَتَ نَسَبُهُ بِلَا دَعْوَةٍ إذْ بِدَعْوَةِ الْأَوَّلِ تَعَيَّنَ الْوَلَدُ مَقْصُودًا مِنْهَا فَصَارَتْ
فِرَاشًا كَالْمَنْكُوحَةِ وَلِهَذَا لَزِمَهَا الْعِدَّةُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ بَعْدَ الْعِتْقِ.
(وَ) لَكِنْ (انْتَفَى) بِنَفْيِهِ؛ لِأَنَّ فِرَاشَهَا ضَعِيفٌ حَتَّى يَمْلِكُ نَقْلَهُ بِالتَّزْوِيجِ بِخِلَافِ الْمَنْكُوحَةِ حَيْثُ لَا يَنْتَفِي الْوَلَدُ بِنَفْيِهِ إلَّا بِاللِّعَانِ لِتَأْكِيدِ الْفِرَاشِ حَتَّى لَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ بِالتَّزْوِيجِ وَهَذَا الَّذِي ذُكِرَ حُكْمُ الْقَضَاءِ وَأَمَّا الدِّيَانَةُ فَإِنْ كَانَ وَطِئَهَا وَحَصَّنَهَا وَلَمْ يَعْزِلْ عَنْهَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَعْتَرِفَ بِهِ وَيَدَّعِيَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ، وَإِنْ عَزَلَ عَنْهَا أَوْ لَمْ يُحَصِّنْهَا جَازَ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الظَّاهِرَ يُقَابِلُهُ ظَاهِرٌ آخَرُ، وَإِنْ زَوَّجَهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَهُوَ فِي حُكْمِ أَمَةٍ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْحُرِّيَّةِ يَسْرِي إلَى الْوَلَدِ كَالتَّدْبِيرِ، وَالنَّسَبُ يَثْبُتُ مِنْ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ لَهُ وَلَوْ ادَّعَاهُ الْمَوْلَى يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَيَعْتِقُ الْوَلَدُ وَتَصِيرُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِإِقْرَارِهِ، وَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى عَتَقَتْ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
(أُمُّ وَلَدِ الذِّمِّيِّ إذَا أَسْلَمَتْ عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ فَإِنْ أَسْلَمَ فَهِيَ لَهُ، وَإِلَّا تَسْعَى فِي قِيمَتِهَا وَعَتَقَتْ بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ السِّعَايَةِ.
(ادَّعَى وَلَدَ أَمَةٍ مُشْتَرَكَةٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ (ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ إذَا ثَبَتَ مِنْهُ فِي نِصْفِهِ لِمُصَادَفَتِهِ مِلْكَهُ ثَبَتَ فِي الْبَاقِي ضَرُورَةً أَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ لِمَا أَنَّ سَبَبَهُ وَهُوَ الْعُلُوقُ لَا يَتَجَزَّأُ إذْ الْوَلَدُ الْوَاحِدُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
فِرَاشًا) ، كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَقَالَ الْكَمَالُ: وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْأَوْلَى فِي تَعْرِيفِ الْفِرَاشِ كَوْنُ الْمَرْأَةِ مَقْصُودًا مِنْ وَطْئِهَا الْوَلَدُ ظَاهِرًا كَمَا فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَهُوَ الَّذِي عَرَّفُوا بِهِ الْفِرَاشَ وَظَهَرَ أَنْ لَيْسَ الْفِرَاشُ ثَلَاثَةً كَمَا تَقَدَّمَ فِي فَصْلِ الْمُحَرَّمَاتِ بَلْ فِرَاشَانِ قَوِيٌّ هُوَ فِرَاشُ الْمَنْكُوحَةِ، وَضَعِيفٌ وَهُوَ فِرَاشُ أُمِّ الْوَلَدِ فَانْتَفَى وَلَدُهَا بِمُجَرَّدِ النَّفْيِ، وَوَلَدُ الْمَنْكُوحَةِ بِاللِّعَانِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ أَيْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ: أَنَّ الْأَمَةَ لَيْسَتْ بِفِرَاشٍ لِمَوْلَاهَا وَذَلِكَ لِعَدَمِ صِدْقِ حَدِّ الْفِرَاشِ عَلَيْهَا وَهُوَ كَوْنُ الْمَرْأَةِ مُعَيَّنَةً لِثُبُوتِ نَسَبِ مَا تَأْتِي بِهِ أَوْ كَوْنِهَا يُقْصَدُ بِوَطْئِهَا الْوَلَدُ اهـ.
وَاَلَّذِي تَقَدَّمَ فِي الْمُحَرَّمَاتِ هُوَ مِثْلُ مَا فِي الْبَدَائِعِ: الْفِرَاشُ ثَلَاثَةٌ قَوِيٌّ وَهُوَ فِرَاشُ الْمَنْكُوحَةِ حَتَّى يَثْبُتُ النَّسَبُ بِلَا دَعْوَةٍ وَلَا يَنْتَفِي إلَّا بِاللِّعَانِ، وَضَعِيفٌ وَهُوَ فِرَاشُ الْأَمَةِ لَا يَثْبُتُ مِنْهُ النَّسَبُ إلَّا بِالدَّعْوَةِ، وَالْوَسَطُ فِرَاشُ أُمِّ الْوَلَدِ حَتَّى يَثْبُتُ فِيهِ النَّسَبُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ وَيَنْتَفِي مِنْ غَيْرِ لِعَانٍ اهـ.
وَمَحَلُّ ثُبُوتِ نَسَبِ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ مَانِعٌ مِنْ حِلِّ وَطْئِهَا كَحُرْمَتِهَا مُؤَبَّدَةً بِوَطْءِ مَوْلَاهَا أُمَّهَا أَوْ بِنْتَهَا أَوْ وَطْءِ ابْنِهِ أَوْ أَبِيهِ لَهَا أَوْ حُرْمَتِهَا بِإِرْضَاعِهَا زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ أَوْ بِكِتَابَتِهَا أَوْ بِتَزْوِيجِهَا فَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ، كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ انْتَفَى بِنَفْيِهِ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ أَعْتَقَهَا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا إلَى سَنَتَيْنِ مِنْ يَوْمِ الْإِعْتَاقِ كَمَا إذَا مَاتَ وَلَا يُمْكِنُ نَفْيُهُ؛ لِأَنَّ فِرَاشَهَا تَأْكِيدٌ بِالْحُرِّيَّةِ.
وَفِي الْمَبْسُوطِ: إنَّمَا يَمْلِكُ نَفْيَ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ إذَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِهِ أَوْ لَمْ يَتَطَاوَلْ الزَّمَانُ فَأَمَّا بَعْدَ الْقَضَاءِ فَقَدْ لَزِمَهُ بِالْقَضَاءِ فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ، وَالتَّطَاوُلُ دَلِيلُ إقْرَارِهِ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ مِنْهُ فِيهَا دَلِيلُ إقْرَارِهِ مِنْ قَبُولِ التَّهْنِئَةِ وَنَحْوِهِ فَيَكُونُ كَالتَّصْرِيحِ بِإِقْرَارِهِ، وَاخْتِلَافُهُمْ فِي التَّطَاوُلِ سَبَقَ فِي اللِّعَانِ، كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا الظَّاهِرَ) أَيْ كَوْنَ الْوَلَدِ مِنْهُ بِسَبَبِ أَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ زِنَا الْمُسْلِمَةِ يُقَابِلُهُ أَيْ يُعَارِضُهُ ظَاهِرٌ آخَرُ وَهُوَ كَوْنُهُ مِنْ غَيْرِهِ لِوُجُودِ أَحَدِ الدَّلِيلَيْنِ عَلَى ذَلِكَ وَهُمَا الْعَزْلُ أَوْ عَدَمُ التَّحْصِينِ وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ كَوْنَهُ مِنْ غَيْرِهِ عِنْدَ ضَبْطِهِ الْعَزْلَ ظَاهِرٌ وَأَمَّا ظُهُورُ كَوْنِهِ مِنْ غَيْرِهِ إذَا قُضِيَ إلَيْهَا وَلَمْ يَعْزِلْ عَنْهَا مَحَلُّ نَظَرٍ، كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَوَّجَهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَهُوَ فِي حُكْمِ أُمِّهِ) أَيْ فِيمَا لَا مَانِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَوْ كَانَ جَارِيَةً لَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ وَطِئَ أُمَّهَا، وَهَذِهِ إجْمَاعِيَّةٌ قَالَ الْكَمَالُ: وَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَى إطْلَاقِهِ حَيْثُ قَالَ: هُوَ فِي حُكْمِ أُمِّهِ اهـ.
، وَالْجَوَابُ عَنْهُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَالنَّسَبُ يَثْبُتُ مِنْ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ لَهُ) تَتِمَّةُ: عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا فَإِنَّهُ مُلْحَقٌ بِالصَّحِيحِ فِي حَقِّ الْأَحْكَامِ اهـ.
وَهَذَا إذَا اتَّصَلَ بِهِ الدُّخُولُ، كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَاهُ الْمَوْلَى يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ) أَيْ: وَقَدْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَمَا فَوْقَهَا إذْ لَوْ ادَّعَاهُ السَّيِّدُ وَقَدْ جَاءَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَانَ وَلَدَهُ بَلْ لَا يَحْتَاجُ إلَى دَعْوَتِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَيَظْهَرُ عَدَمُ صِحَّةِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِإِقْرَارِهِ) لَمْ يُسْتَحْسَنْ هَذَا مِنْ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي تَزْوِيجِ أُمِّ الْوَلَدِ وَإِنَّمَا يُسْتَحْسَنُ لَوْ كَانَ فِي تَزْوِيجِ الْأَمَةِ الَّتِي لَيْسَتْ أُمَّ وَلَدٍ كَالصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَبْسُوطِ: زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ فَوَلَدَتْ إلَخْ قَالَهُ الْكَمَالُ (قَوْلُهُ: وَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى عَتَقَتْ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ) كَانَ يَنْبَغِي عَدَمُ ذِكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَهُ مَتْنًا وَلَيْسَ مِنْ تَعَلُّقِ السَّابِقَةِ خَاصَّةً فِي كَلَامِ الْهِدَايَةِ بَلْ حُكْمٌ لِأُمِّ الْوَلَدِ فِي حَدِّ ذَاتِهَا وَلِذَا قَالَ الْكَمَالُ: عَتَقَتْ يَعْنِي أُمَّ الْوَلَدِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَسْعَى فِي قِيمَتِهَا) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَمَالِيَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ يُعْتِقُهَا الذِّمِّيُّ مُتَقَوِّمَةٌ وَيَتْرُكُ وَمَا يَعْتَقِدُهُ وَلِأَنَّهَا إنْ لَمْ تَكُنْ مُتَقَوِّمَةً فَهِيَ مُحْتَرَمَةٌ اهـ.
وَهُوَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ يَرُدُّ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ بِنَفْيِ مَالِيَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ اهـ.
وَقِيمَةُ أُمِّ الْوَلَدِ ثُلُثُ قِيمَتِهَا قِنَّةً، كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَعَتَقَتْ بَعْدَهَا) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَلَا تُرَدُّ إلَى الرِّقِّ لَوْ عَجَّزَتْ نَفْسَهَا، وَالْمُدَبَّرُ إذَا أَسْلَمَ كَأُمِّ الْوَلَدِ اهـ.
وَقَالَ زُفَرُ: تَعْتِقُ لِلْحَالِ، وَالسِّعَايَةُ دَيْنٌ عَلَيْهَا وَإِذَا مَاتَ مَوْلَاهَا عَتَقَتْ وَسَقَطَتْ عَنْهَا السِّعَايَةُ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَهُ، كَذَا فِي الْفَتْحِ.
لَا يَعْلَقُ مِنْ مَاءَيْنِ (وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُمَا.
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَصِيرُ نَصِيبُهُ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ يَتَمَلَّكُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلتَّمَلُّكِ إذْ لَمْ يَحْصُلْ لَهَا مِنْ أَسْبَابِ الْحُرِّيَّةِ شَيْءٌ كَالتَّدْبِيرِ وَغَيْرِهِ (وَضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهَا) ؛ لِأَنَّهُ تَمَلَّكَ نَصِيبَ صَاحِبِهِ حِينَ اسْتَكْمَلَ الِاسْتِيلَادَ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْعُلُوقِ؛ لِأَنَّ أُمُومِيَّةَ الْوَلَدِ ثَبَتَتْ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ تَمَلُّكٍ بِخِلَافِ ضَمَانِ الْعِتْقِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَوْضِعِهِ.
(وَ) نِصْفَ (عُقْرِهَا) ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَ جَارِيَةً مُشْتَرَكَةً إذْ مِلْكُهُ يَثْبُتُ بَعْدَ الْوَطْءِ حُكْمًا لِلِاسْتِيلَادِ فَيَعْقُبُهُ الْمِلْكُ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ بِخِلَافِ الْأَبِ إذَا اسْتَوْلَدَ جَارِيَةَ ابْنِهِ حَيْثُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعُقْرُ (لَا قِيمَةَ وَلَدِهَا) ؛ لِأَنَّهُ عَلَقُ حُرِّ الْأَصْلِ إذْ النَّسَبُ يَثْبُتُ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ، وَالضَّمَانُ يَجِبُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَيَحْدُثُ الْوَلَدُ عَلَى مِلْكِهِ وَلَمْ يَعْلَقْ شَيْءٌ مِنْهُ عَلَى مِلْكِ شَرِيكِهِ (وَإِنْ ادَّعَيَاهُ مَعًا فَمِنْهُمَا) أَيْ الْوَلَدُ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْهُمَا، وَمَعْنَاهُ إذَا حَبِلَتْ فِي مِلْكِهِمَا وَكَذَا إذَا اشْتَرَيَاهَا حُبْلَى لَا يَخْتَلِفُ فِي حَقِّ ثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ فِي حَقِّ وُجُوبِ الْعُقْرِ وَالْوَلَاءِ وَضَمَانِ قِيمَةِ أُمِّ الْوَلَدِ حَتَّى لَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْعُقْرُ لِصَاحِبِهِ لِعَدَمِ الْوَطْءِ فِي مِلْكِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ الْوَلَدِ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي وَاحِدًا وَيَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ الْوَلَاءُ؛ لِأَنَّهُ تَحْرِيرٌ عَلَى مَا عُرِفَ وَإِنَّمَا كَانَ مِنْهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ فَيَسْتَوِيَانِ فِيهِ (وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُمَا) لِصِحَّةِ دَعْوَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي نَصِيبِهِ فِي الْوَلَدِ فَيَصِيرُ نَصِيبُهُ مِنْهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ تَبَعًا لِوَلَدِهَا (وَعَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُ عُقْرِهَا) قِصَاصًا بِمَا لَهُ عَلَى الْآخَرِ (وَيَرِثُ) الِابْنُ (مِنْ كُلٍّ) مِنْ شَرِيكَيْنِ (إرْثَ ابْنٍ) كَامِلٍ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِمِيرَاثِهِ كُلِّهِ وَهُوَ حُجَّةٌ فِي حَقِّهِ (وَوَرِثَا مِنْهُ إرْثَ أَبٍ) وَاحِدٍ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي السَّبَبِ كَمَا إذَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْبُنُوَّةِ.
(ادَّعَى وَلَدَ أَمَةٍ مُكَاتَبَةٍ) يَعْنِي إذَا وَطِئَ الْمَوْلَى جَارِيَةً مُكَاتَبَةً فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ (وَصَدَّقَهُ) أَيْ الْمُكَاتَبُ الْمَوْلَى (لَزِمَهُ عُقْرُهَا) ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَ بِغَيْرِ نِكَاحٍ وَلَا مِلْكِ يَمِينٍ، وَقَدْ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ: وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَصِيرُ نَصِيبُهُ أُمَّ وَلَدِهِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الِاسْتِيلَادَ يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا إلَّا أَنَّهُ قَدْ يَتَكَامَلُ عِنْدَ وُجُودِ سَبَبِ التَّكَامُلِ وَشَرْطِهِ وَهُوَ إمْكَانُ التَّكَامُلِ وَقِيلَ إنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُ أَيْضًا لَكِنْ فِيمَا يَحْتَمِلُ نَقْلَ الْمِلْكِ فِيهِ وَأَمَّا فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ فَهُوَ مُتَجَزِّئٌ عِنْدَهُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلتَّمْلِيكِ) عِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ لِلتَّمَلُّكِ اهـ.
وَقَالَ الْكَمَالُ تَعْلِيلُ تَمَلُّكِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ بِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلتَّمَلُّكِ تَعْلِيلٌ بِعَدَمِ الْمَانِعِ وَهُوَ لَا يَصْلُحُ لِلتَّعْلِيلِ يُقَالُ سَافَرَ لِلتِّجَارَةِ وَالْعِلْمِ وَلَوْ قِيلَ لِأَمْنِ الطَّرِيقِ عُدَّ جُنُونًا اهـ.
(قَوْلُهُ: إذْ لَمْ يَحْصُلْ لَهَا مِنْ أَسْبَابِ الْحُرِّيَّةِ شَيْءٌ كَالتَّدْبِيرِ وَغَيْرِهِ) يَعْنِي قَبْلَ تَمَلُّكِهِ (قَوْلُهُ: وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْعُلُوقِ) كَذَا الْعُقْرُ، كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَبِ إذَا اسْتَوْلَدَ جَارِيَةَ ابْنِهِ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ضَمَانِ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَالْعُقْرِ بَيْنَ مَا لَوْ كَانَ الشَّرِيكُ أَجْنَبِيًّا وَبَيْنَ مَا لَوْ كَانَ أَبًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ اسْتِيلَادِ الْأَبِ لَهَا وَلَا مِلْكَ لَهُ فِيهَا وَبَيْنَ كَوْنِهِ شَرِيكًا لِابْنِهِ فِيهَا أَنَّهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا مِلْكٌ مَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى إثْبَاتِ الْمِلْكِ فِيهَا سَابِقًا عَلَى الْوَطْءِ نَفْيًا لَهُ عَنْ الزِّنَا فَلَا عُقْرَ وَإِذَا كَانَ لَهُ فِيهَا مِلْكٌ كَفَى لِذَلِكَ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْعُقْرِ كَذَا قِيلَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَيَاهُ مَعًا فَمِنْهُمَا) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ أَحَدِهِمَا مُرَجِّحٌ فَلَوْ تَرَجَّحَ أَحَدُهُمَا لَمْ يُعَارِضْهُ الْمَرْجُوحُ فَيُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَى الِابْنِ، وَالْمُسْلِمُ عَلَى الذِّمِّيِّ، وَالْحُرُّ عَلَى الْعَبْدِ، وَالذِّمِّيُّ عَلَى الْمُرْتَدِّ، وَالْكِتَابِيُّ عَلَى الْمَجُوسِيِّ، وَالْعِبْرَةُ لِهَذِهِ الْأَوْصَافِ وَقْتُ الدَّعْوَةِ لَا الْعُلُوقِ، كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَقَيَّدَ بِكَوْنِهِمَا اثْنَيْنِ لِلِاخْتِلَافِ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِمَا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ وَإِنْ كَثُرُوا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَثْبُتُ مِنْ اثْنَيْنِ لَا مِنْ ثَلَاثَةِ.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَثْبُتُ مِنْ ثَلَاثَةٍ لَا غَيْرُ، وَقَالَ زُفَرُ: يَثْبُتُ مِنْ خَمْسَةٍ فَقَطْ وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ الْإِمَامِ وَلَوْ تَنَازَعَ فِيهِ امْرَأَتَانِ قُضِيَ بِهِ بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُمَا لَا يُقْضَى لِلْمَرْأَتَيْنِ وَتَمَامُ التَّفْرِيعِ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ فِي حَقِّ وُجُوبِ الْعُقْرِ) كَذَا يَخْتَلِفُ فِي كَوْنِهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدِهِمَا فَلَا تَصِيرُ الْمُشْتَرَاةُ حُبْلَى أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا بِادِّعَائِهِمَا وَلَدَهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ دَعْوَةُ عِتْقٍ لَا دَعْوَةُ اسْتِيلَادٍ فَيَعْتِقُ الْوَلَدُ مُقْتَصِرًا عَلَى وَقْتِ الدَّعْوَةِ بِخِلَافِ دَعْوَةِ الِاسْتِيلَادِ فَإِنَّ شَرْطَهَا كَوْنُ الْعُلُوقِ فِي الْمِلْكِ، كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَضَمَانِ قِيمَةِ أُمِّ الْوَلَدِ) صَوَابُهُ " قِيمَةِ الْوَلَدِ " بِإِسْقَاطِهِ لَفْظَةَ " أُمِّ " كَمَا هِيَ عِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ مَحَلُّ الِاخْتِلَافِ حَتَّى تَفَرَّعَ عَلَيْهِ ضَمَانُ نِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ بِادِّعَاءِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ، وَقَدْ اشْتَرَيَاهَا حُبْلَى بِخِلَافِ مَا إذَا حَبِلَتْ فِي مِلْكِهِمَا فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ نِصْفُ قِيمَةِ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِيهِ الْوَلَاءُ) يَعْنِي إذَا ادَّعَيَاهُ مَعًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَحْرِيرٌ عَلَى مَا عُرِفَ) يَعْنِي مِنْ أَنَّ هَذِهِ دَعْوَةُ عِتْقِ فَيَعْتِقُ مُقْتَصَرًا عَلَى وَقْتِ الدَّعْوَةِ لَا دَعْوَةُ اسْتِيلَادٍ؛ لِأَنَّ شَرْطَهَا الْعُلُوقُ فِي الْمِلْكِ وَهُوَ مُنْتَفٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَوَرِثَا مِنْهُ إرْثَ أَبٍ) يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْوَلَدِ فَجَمِيعُ مِيرَاثِهِ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا وَأَنَّ الْوِلَايَةَ عَلَيْهِ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ مُشْتَرَكَةٌ وَهَذَا عِنْدَهُمَا،.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَنْفَرِدُ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَأَمَّا وِلَايَةُ الْإِنْكَاحِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْفِرَادُ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: النَّسَبُ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَجَزَّأُ لَكِنْ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامٌ مُتَجَزِّئَةٌ كَالْمِيرَاثِ، وَالنَّفَقَةِ، وَالْحَضَانَةِ، وَالتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ وَأَحْكَامٌ غَيْرُ مُتَجَزِّئَةٍ كَالنَّسَبِ وَوِلَايَةِ الْإِنْكَاحِ وَصَدَقَةِ فِطْرِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا صَدَقَةٌ تَامَّةٌ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا صَدَقَةٌ