الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَسْعَ الْعَبْدُ لَهُ فِي شَيْءٍ فَهَذَا مِثْلُهُ وَلَهُ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالدَّيْنِ أَقْوَى وَلِهَذَا يُعْتَبَرُ مِنْ كُلِّ الْمَالِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَلَيْسَ هُوَ بِوَصِيَّةٍ مِنْ الْمَرِيضِ، وَالْإِقْرَارُ بِالْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ حَتَّى اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَالْأَقْوَى يَدْفَعُ الْأَدْنَى فَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَبْطُلَ الْعِتْقُ أَصْلًا لَكِنَّهُ بَعْدَ الْوُقُوعِ لَا يَحْتَمِلُ الِانْتِقَاضَ فَنَقَضْنَاهُ مَعْنًى بِإِيجَابِ السِّعَايَةِ.
(مَاتَ وَتَرَك ابْنًا وَأَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ رَجُلٌ: لِي عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَ) قَالَ رَجُلٌ (آخَرُ الْأَلْفُ الْمَتْرُوكُ وَدِيعَةٌ لِي وَصَدَّقَهُمَا) أَيْ الِابْنُ (قِيلَ الْوَدِيعَةُ عِنْدَهُ أَقْوَى وَعِنْدَهُمَا سَوَاءٌ) هَذَا مُخْتَارُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ (وَقِيلَ الْأَلْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا الْوَدِيعَةُ أَوْلَى) هَذَا مُخْتَارُ صَاحِبِ الْكَافِي
(بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ)
(أَقَارِبُهُ) هَذَا وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي مَحْرَمَاهُ فَصَاعِدًا (وَأَقْرِبَاؤُهُ وَذُو قَرَابَتِهِ وَذُو أَنْسَابِهِ مَحْرَمَاهُ فَصَاعِدًا مِنْ ذَوِي رَحِمِهِ الْأَقْرَبِ) يَعْنِي إذَا أَوْصَى لِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ فَهِيَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ (سِوَى الْوَالِدَيْنِ، وَالْوَلَدِ) إذْ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِمَا اسْمُ الْقَرِيبِ وَمَنْ سَمَّى، وَالِدَهُ قَرِيبًا كَانَ عَاقًّا لِأَنَّ الْقَرِيبَ فِي الْعُرْفِ مَنْ يَتَقَرَّبُ إلَيْهِ غَيْرُهُ بِوَاسِطَةِ الْغَيْرِ وَتَقَرُّبُ الْوَالِدِ، وَالْوَلَدِ بِنَفْسِهِمَا لَا بِغَيْرِهِمَا وَيَدْخُلُ فِيهِ الْجَدُّ، وَالْجَدَّةُ وَوَلَدُ الْوَلَدِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِمَا ذُكِرَ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ الْأَقْرَبِيَّةَ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ أُخْتُ الْمِيرَاثِ وَهِيَ تُعْتَبَرُ فِي الْمِيرَاثِ فَكَذَا فِيهَا، وَالْجَمْعُ الْمَذْكُورُ فِي الْمِيرَاثِ اثْنَانِ فَكَذَا فِي الْوَصِيَّةِ وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ الْمَحْرَمِيَّةَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْوَصِيَّةِ صِلَةُ الْقَرِيبِ فَيَخْتَصُّ بِهَا مَنْ يَسْتَحِقُّ الصِّلَةَ مِنْ قَرَابَتِهِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الصَّغِيرُ، وَالْكَبِيرُ، وَالْحُرُّ، وَالْعَبْدُ، وَالذَّكَرُ، وَالْأُنْثَى، وَالْمُسْلِمُ، وَالْكَافِرُ وَعِنْدَهُمَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ كُلُّ قَرِيبٍ يُنْسَبُ إلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ، وَالْأُمِّ إلَى أَقْصَى
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ: هَذَا مُخْتَارُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ) لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ قَالَ هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدِي بَلْ ذَكَرَ الْخِلَافَ كَمَا ذُكِرَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مُخْتَارُهُ وَعِبَارَتُهُ كَمَا ذَكَرَهَا الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلْهِدَايَةِ قَالَ أَيْ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَمَنْ تَرَكَ عَبْدًا فَقَالَ لِلْوَارِثِ: أَعْتَقَنِي أَبُوك فِي الصِّحَّةِ، وَقَالَ رَجُلٌ: لِي عَلَى أَبِيك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا يُعْتَقُ وَلَا يَسْعَى فِي شَيْءٍ لِأَنَّ الدَّيْنَ، وَالْعِتْقَ فِي الصِّحَّةِ لَا يُوجِبُ السِّعَايَةَ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمُعْتَق دَيْنٌ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ تَعْلِيلِهِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ إذَا مَاتَ رَجُلٌ وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَقَالَ رَجُلٌ لِي عَلَى الرَّجُلِ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ، وَقَالَ الْآخَرُ كَانَ لِي عِنْدَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً فَعِنْدَهُ أَيْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْوَدِيعَةُ أَقْوَى وَعِنْدَهُمَا سَوَاءٌ أَيْ الدَّيْنُ، الْوَدِيعَةُ سَوَاءٌ اهـ.
ثُمَّ قَالَ الشَّارِحُ الْعَيْنِيُّ وَفِي عَامَّةِ الْكُتُبِ نَحْوَ الْمَنْظُومَةِ وَشُرُوحِهَا، وَالْكَافِي ذَكَرُوا الْخِلَافَ عَلَى عَكْسِ مَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ.
وَقَالَ فِي الْكَافِي: وَلَا يَصِحُّ مَا ذَكَرُوا فِيهِمَا.
وَقَالَ الْأَتْرَازِيُّ: جَعَلَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ الْوَدِيعَةَ أَقْوَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَجَعَلَ الدَّيْنَ، وَالْوَدِيعَةَ سَوَاءً عِنْدَ صَاحِبَيْهِ، وَالْكِبَارُ قَبْلَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ ذَكَرُوا الْخِلَافَ عَلَى عَكْسِ هَذَا ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ بَعْدَ ذِكْرِ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْأَلْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ أَوْلَى وَنَقَلَ عَنْ الْمَنْظُومَةِ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ فِي بَابِ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ وَنُقِلَ أَيْضًا عَنْ الْقُدُورِيِّ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي التَّقْرِيبِ هَكَذَا وَكَذَا نُقِلَ عَنْ الْمَنْظُومَةِ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ فِي بَابِ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِصَاحِبَيْهِ، فَقَالَ لَوْ تَرَكَ أَلْفًا وَهَذَا يَدَّعِي دَيْنًا، وَذَاكَ قَالَ هَذَا مُودِعِي، وَالِابْنُ قَدْ صَدَّقَ هَذَيْنِ مَعًا فَاسْتَوَيَا وَأَعْطَيَا مَنْ أَوْدَعَا اهـ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: بَعْدَ ذِكْرِ عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ.
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: ذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ، وَالْكَيْسَانِيُّ الْوَدِيعَةَ أَقْوَى عِنْدَهُمَا لَا عِنْدَهُ عَكْسُ مَا ذُكِرَ فِي الْهِدَايَةِ ثُمَّ قَالَ وَذُكِرَ فِي الْمَنْظُومَةِ مَا يُؤَيِّدُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ، وَالْكَيْسَانِيَّ ثُمَّ ذَكَرَ النَّظْمَ وَوَجْهَهُ ثُمَّ قَالَ وَصَاحِبُ الْكَافِي ضَعَفَ أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَجُعِلَ الْأَصَحُّ خِلَافُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: هَذَا مُخْتَارُ صَاحِبِ الْكَافِي) يَعْنِي النَّسَفِيَّ وَعِبَارَتُهُ وَمَنْ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنًا وَعَبْدًا فَقَالَ رَجُلٌ: لِي عَلَى أَبِيك أَلْفٌ دَيْنٌ، وَقَالَ الْعَبْدُ: أَعْتَقَنِي أَبُوك فِي صِحَّتِهِ فَقَالَ الِابْنُ صَدَقْتُمَا سَعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَتِهِ وَيَدْفَعُ الْقِيمَةَ إلَى الْغَرِيمِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَا يُعْتَقُ وَلَا يَسْعَى فِي شَيْءٍ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ تَعْلِيلِهِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ ابْنًا وَأَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ رَجُلٌ لِي عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَقَالَ رَجُلٌ: هَذَا الْأَلْفُ الَّذِي تَرَكَهُ أَبُوك كَانَ وَدِيعَةً لِي عِنْدَ أَبِيك، وَقَالَ الِابْنُ صَدَقْتُمَا فَعِنْدَهُ الْأَلْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِأَنَّهُ لَمْ تَظْهَرْ الْوَدِيعَةُ إلَّا، وَالدَّيْنُ ظَاهِرٌ مَعَهَا فَيَتَحَاصَّانِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ ثُمَّ الْوَدِيعَةِ، وَقَالَا الْوَدِيعَةُ أَحَقُّ لِأَنَّهَا ثَبَتَتْ فِي عَيْنِ الْمَالِ، وَالدَّيْنُ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ أَوَّلًا ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْعَيْنِ فَكَانَتْ أَسْبَقَ فَكَانَ صَاحِبُهَا أَحَقَّ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُوَرِّثُ حَيًّا، وَقَالَ: صَدَقْتُمَا بَعْدَ مَا قَالَا قُلْنَا الْإِقْرَارُ مِنْ الْوَارِثِ بِالدَّيْنِ يَتَنَاوَلُ التَّرِكَةَ لَا الذِّمَّةَ فَقَدْ وَقَعَا بِخِلَافِ الْمُوَرِّثِ، وَذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ فَعِنْدَهُ الْوَدِيعَةُ أَقْوَى وَعِنْدَهُمَا سَوَاءٌ، وَالْأَصَحُّ مَا ذَكَرْنَا أَوَّلًا وَبِهِ يَنْطِقُ شَرْحُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَشَرْحُ الْمَنْظُومَةِ اهـ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ]
(بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ)(قَوْلُهُ: يَعْنِي إذَا أَوْصَى لِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ. . . إلَخْ) غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: سِوَى الْوَالِدَيْنِ، وَالْوَلَدِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ إيهَامُ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ فِيهِ الْجَدُّ، وَالْجَدَّةُ وَوَلَدُ الْوَلَدِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ) كَذَا فِي الْكَافِي، وَالتَّبْيِينِ وَرَأَيْت مَعْزُوًّا إلَى الْبَدَائِعِ أَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ.
أَبٍ فِي الْإِسْلَامِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْأَقْرَبُ، وَالْأَبْعَدُ، وَالْجَمْعُ، وَالْكَافِرُ، وَالْمُسْلِمُ وَاخْتَلَفَ فِي اشْتِرَاطِ إسْلَامِ أَقْصَى الْأَبِ.
وَقَدْ فَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ: الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ لَهُ عَمَّانِ وَخَالَانِ فَهُوَ) أَيْ الْمُوصَى بِهِ (لِعَمَّيْهِ) يَعْنِي إذَا أَوْصَى لِأَقَارِبِهِ وَلَهُ عَمَّيْنٍ وَخَالَانِ فَالْمُوصَى بِهِ لِعَمَّيْهِ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ كَمَا فِي الْإِرْثِ وَعِنْدَهُمَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا لِأَنَّ اسْمَ الْقَرِيبِ يَتَنَاوَلُهُمْ وَلَا يَعْتَبِرَانِ الْأَقْرَبِيَّةَ.
(وَفِي عَمٍّ وَخَالَيْنِ نِصْفٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا) أَيْ نِصْفُ الْمُوصَى بِهِ لِلْعَمِّ وَنِصْفُهُ لِلْخَالَيْنِ لِأَنَّ اللَّفْظَ جَمْعٌ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ وَهُوَ الِاثْنَانِ فِي الْوَصِيَّةِ كَمَا عُرِفَ فَيُضَمُّ إلَى الْعَمِّ الْخَالَانِ لِيَصِيرَ جَمْعًا فَيَأْخُذُ هُوَ النِّصْفَ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ وَيَأْخُذَانِ النِّصْفَ لِعَدَمِ مَنْ يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِمَا فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى لِذِي قَرَابَتِهِ حَيْثُ يَكُونُ جَمِيعُ الْوَصِيَّةِ لِلْعَمِّ لِأَنَّهُ لَفْظٌ مُفْرَدٌ فَيُحْرِزُ جَمِيعَ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهُ الْأَقْرَبُ (وَفِي عَمٍّ لَهُ نِصْفٌ) لِمَا ذُكِرَ مِنْ اعْتِبَارِ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ وَأَخْذُ النِّصْفِ.
(وَفِي عَمٍّ وَعَمَّةٍ اسْتَوَيَا) لِأَنَّ قَرَابَتَهُمَا مُسْتَوِيَانِ وَمَعْنَى الْجَمْعِ قَدْ تَحَقَّقَ بِهِمَا فَاسْتَحَقُّوا.
(وَجِيرَانُهُ مُلَاصِقُوهُ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ الْجَارَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ الْجَارَ الْمُلَاصِقَ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ» أَيْ بِقُرْبِهِ، وَالْمُرَادُ هُوَ الْمُلَازِقُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا هُوَ مَنْ يَسْكُنُ مَحَلَّةُ الْمُوصِي وَيَجْمَعُهُمْ مَسْجِدُ مَحَلَّتِهِ لِأَنَّ الْكُلَّ يُسَمَّى جِيرَانًا عُرْفًا.
(وَأَصْهَارُهُ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ امْرَأَتِهِ) «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا تَزَوَّجَ صَفِيَّةَ أَخْرَجَ كُلَّ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ: وَيَسْتَوِي فِيهِ الْأَقْرَبُ، وَالْأَبْعَدُ، وَالْوَاحِدُ، وَالْجَمْعُ) مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْجَمْعِ مَا إذَا لَمْ يَقُلْ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ أَمَّا لَوْ قَالَ مَعَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْجَمْعُ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْأَقْرَبَ اسْمُ فَرْدٍ خَرَجَ تَفْسِيرًا لِلْأَوَّلِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَحْرَمُ وَغَيْرُهُ وَلَكِنْ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ بِصَرِيحِ شَرْطِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْ الْحَقَائِقِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ قَرَابَتَهُمَا مُسْتَوِيَانِ) لَعَلَّهُ كَمَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ لِأَنَّ قَرَابَتَهُمَا مُسْتَوِيَتَانِ، وَالْأَوْلَى مَا قَالَ فِي الْكَافِي لِاسْتِوَاءِ قَرَابَتِهِمَا اهـ.
فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ لِأَنَّ قَرَابَتَهُمَا مُسْتَوِيَةٌ
(قَوْلُهُ: وَجِيرَانُهُ مُلَاصِقُوهُ) وَيَسْتَوِي السَّاكِنُ، وَالْمَالِكُ، وَالذَّكَرُ، وَالْأُنْثَى، وَالْمُسْلِمُ، وَالذِّمِّيُّ، وَالصَّغِيرُ، وَالْكَبِيرُ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْعَبِيدُ، وَالْإِمَاءُ، وَالْمُدَبَّرُونَ وَأُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ لِأَنَّهُمْ لَا جِوَارَ لَهُمْ لِأَنَّهُمْ أَتْبَاعٌ فِي السُّكْنَى، وَالْمُكَاتَبُ يَدْخُلُ كَذَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ، وَالْمُحِيطِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ.
وَفِي الْهِدَايَةِ يَدْخُلُ فِيهِ الْعَبْدُ السَّاكِنُ عِنْدَهُ لِإِطْلَاقِهِ وَلَا يَدْخُلُ عِنْدَهُمَا لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُ وَصِيَّةٌ لِمَوْلَاهُ وَهُوَ غَيْرُ سَاكِنٍ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَفِي التَّبْيِينِ وَتَدْخُلُ الْأَرْمَلَةُ لِأَنَّ سُكْنَاهَا يُضَافُ إلَيْهَا وَلَا تَدْخُلُ الَّتِي لَهَا بَعْلٌ لِأَنَّ سُكْنَاهَا غَيْرُ مُضَافٍ إلَيْهَا وَإِنَّمَا هِيَ تَبَعٌ فَلَمْ تَكُنْ جَارًا حَقِيقَةً. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَصْهَارُهُ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ امْرَأَتِهِ) قَالَ فِي الْكَافِي: وَهَذَا التَّفْسِيرُ اخْتِيَارُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبِي عُبَيْدٍ اهـ.
وَكَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: ثُمَّ قَالَ وَفِي الصِّحَاحِ الْأَصْهَارُ أَهْلُ بَيْتِ الْمَرْأَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْمَحْرَمِ اهـ.
وَقَالَ الْعَيْنِيُّ: فِي شَرْحِهِ لِلْهِدَايَةِ قَالَ الْأَتْرَازِيُّ: قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَيْ ابْنِ الْحَسَنِ حُجَّةُ اللُّغَةِ وَاسْتَشْهَدَ بِهِ أَبُو عُبَيْدٍ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ، وَقَالَ فِي مُجْمَلِ اللُّغَةِ قَالَ الْخَلِيلُ: لَا يُقَالُ لِأَهْلِ بَيْتِ الْمَرْأَةِ إلَّا الْأَصْهَارُ وَكَذَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَدْ نَظَمَ الْإِمَامُ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ فِي نَظْمِهِ لِكِتَابِ الزِّيَادَاتِ بَيْتَيْنِ يَشْتَمِلَانِ عَلَى مَعْنَى الصِّهْرِ، وَالْخَتْنِ فَقَالَ
أَصْهَارُ مَنْ يُوصِي أَقَارِبَ حُرْمَتِهِ
…
وَيَزُولُ ذَاكَ بِبَائِنٍ وَحَرَامِ
أَخْتَانُهُ أَزْوَاجُ كُلُّ مَحَارِمٍ
…
وَمَحَارِمُ الْأَزْوَاجِ بِالْأَرْحَامِ
وَقَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ الْبَزْدَوِيُّ فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ: فَأَمَّا الصِّهْرُ فَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْخَتْنِ لَكِنَّ الْغَالِبَ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ حَاتِمُ بْنُ عَدِيٍّ: وَلَوْ كُنْت صِهْرًا لِابْنِ مَرْوَانَ قُرِّبَتْ رِكَابِي إلَى الْمَعْرُوفِ، وَالظَّعْنِ الرَّحْبِ وَلَكِنَّنِي صِهْرٌ لِآلِ مُحَمَّدٍ وَخَالُ بَنِي الْعَبَّاسِ، وَالْخَالُ كَالْأَبِ سَمَّى نَفْسَهُ صِهْرًا وَكَانَ أَخَا امْرَأَةِ الْعَبَّاسِ اهـ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَشَرْطُهُ أَنْ يَمُوتَ وَهِيَ مَنْكُوحَتُهُ أَوْ مُعْتَدَّتُهُ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ لَا بَائِنٌ سَوَاءٌ وَرِثَتْ بِأَنَّ أَبَانَهَا فِي الْمَرَضِ أَوْ لَمْ تَرِثْ.
وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ: الْأَصْهَارُ فِي عُرْفِهِمْ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ نِسَائِهِ الَّتِي يَمُوتُ هُوَ وَهُنَّ نِسَاؤُهُ وَفِي عِدَّةِ مِنْهُ، وَفِي عُرْفِنَا أَبُو الْمَرْأَةِ وَأُمُّهَا وَلَا يُسَمَّى غَيْرُهُمَا صِهْرًا اهـ.
وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ أَوْصَى لِأَصْهَارِهِ تَكُونُ الْوَصِيَّةُ لِكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ امْرَأَتِهِ وَتَكُونُ لِكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ امْرَأَةِ أَبِيهِ وَابْنِهِ وَامْرَأَةِ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ لِأَنَّ الْكُلُّ أَصْهَارٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا تَزَوَّجَ صَفِيَّةَ» ) أَقُولُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْكَافِي، وَالتَّبْيِينِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ. وَقَالَ الْإِمَامُ الْعَيْنِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِهِ لِلْهِدَايَةِ قَوْلُهُ: صَفِيَّةُ ثُمَّ صَوَابُهُ جُوَيْرِيَةُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ فِي الْعَتَاقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ «وَقَعَتْ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ الْمُصْطَلِقِ فِي سَهْمِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَابْنُ عَمٍّ لَهُ فَكَاتَبَتْ عَنْ نَفْسِهَا وَكَانَتْ امْرَأَةً مَلَّاحَةً تَأْخُذُهَا الْعَيْنُ، قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي كِتَابَتِهَا فَلَمَّا قَامَتْ عَلَى الْبَابِ رَأَيْتهَا فَكَرِهْت مَكَانَهَا وَعَرَفْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَيَرَى مِنْهَا مِثْلَ الَّذِي رَأَيْت فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ وَقَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِي مَا لَا يَخْفَى عَلَيْك، وَإِنِّي وَقَعْت فِي سَهْمِ ثَابِتِ بْنِ شَمَّاسٍ وَإِنَّنِي كَاتَبْت عَلَى نَفْسِي فَجِئْت
مَنْ مُلِكَ مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا إكْرَامًا لَهَا وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ أَصْهَارَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» .
(وَأَخْتَانُهُ زَوْجُ كُلِّ ذَاتِ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ) كَأَزْوَاجِ الْبَنَاتِ، وَالْأَخَوَاتِ، وَالْعَمَّاتِ، وَالْخَالَات (وَكَذَا كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ أَزْوَاجِ هَؤُلَاءِ) قِيلَ هَذَا فِي عُرْفِهِمْ وَأَمَّا فِي عُرْفِنَا فَلَا يَتَنَاوَلُ أَزْوَاجَ الْمَحَارِمِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْحُرُّ، وَالْعَبْدُ، وَالْأَقْرَبُ، وَالْأَبْعَدُ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَشْمَلُ الْكُلَّ.
(وَأَهْلُهُ امْرَأَتُهُ) لِأَنَّهَا الْمُرَادُ بِهِ لُغَةً وَعُرْفًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِذْ قَالَ مُوسَى لأَهْلِهِ} [النمل: 7] أَيْ لِامْرَأَتِهِ يُقَالُ تَأَهَّلَ أَيْ تَزَوَّجَ وَعِنْدَهُمَا مَنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ وَنَفَقَتِهِ اعْتِبَارًا لِلْعُرْفِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلا امْرَأَتَهُ} [الأعراف: 83] ، وَالْمُرَادُ مَنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ.
(وَآلُهُ أَهْلُ بَيْتِهِ) لِأَنَّ الْآلُ الْقَبِيلَةُ الَّتِي يُنْسَبُ إلَيْهَا فَيَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ مِنْ قِبَلِ آبَائِهِ إلَى أَقْصَى أَبٍ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ الْأَقْرَبُ، وَالْأَبْعَدُ، وَالذَّكَرُ، وَالْأُنْثَى، وَالْمُسْلِمُ، وَالْكَافِرُ، وَالصَّغِيرُ، وَالْكَبِيرُ (وَأَبُوهُ وَجَدُّهُ مِنْهُمْ) لِأَنَّ الْأَبَ أَهْلُ الْبَيْتِ وَكَذَا الْجَدُّ.
(وَجِنْسُهُ أَهْلُ بَيْتِ أَبِيهِ دُونَ أُمِّهِ) لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَتَجَنَّسُ بِأَبِيهِ بِخِلَافِ قَرَابَتِهِ حَيْثُ يَكُونُ مِنْ جَانِبِ الْأَبِ، وَالْأُمِّ.
(وَأَهْلُ بَيْتِهَا وَجِنْسُهَا) يَعْنِي إذَا أَوْصَتْ امْرَأَةٌ لِأَهْلِ بَيْتِهَا أَوْ لِجِنْسِهَا (لَا يَتَنَاوَلُ وَلَدَهَا إلَّا إذَا كَانَ مِنْ قَوْمِ أَبِيهَا) كَذَا فِي الْكَافِي.
(وَوَلَدُ زَيْدٍ يَتَنَاوَلُ الذَّكَرَ، وَالْأُنْثَى) لِوُجُودِ مَبْدَأِ الِاشْتِقَاقِ فِيهِمَا (وَفِي وَرَثَتِهِ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَيَيْنِ) يَعْنِي إذَا أَوْصَى لِوَرَثَةِ فُلَانٍ فَهِيَ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِأَنَّهُ لَمَّا نَصَّ عَلَى لَفْظِ الْوَرَثَةِ عُلِمَ أَنَّ قَصْدَهُ التَّفْضِيلُ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ.
(وَأَيْتَامُ بَنِي فُلَانٍ وَعُمْيَانُهُمْ وَزَمْنَاهُمْ وَأَرَامِلُهُمْ يَتَنَاوَلُ فَقِيرَهُمْ وَغَنِيَّهُمْ وَذُكُورَهُمْ وَإِنَاثَهُمْ إنْ أُحْصُوا) إذَا أَمْكَنَ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
أَسْأَلُك فِي كِتَابَتِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَهَلْ لَك إلَّا مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هُوَ قَالَ: أُؤَدِّي عَنْك كِتَابَتَكِ وَأَتَزَوَّجُكِ قَالَتْ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قَدْ فَعَلْت قَالَ فَتَسَامَعَ النَّاسُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ تَزَوَّجَ جُوَيْرِيَةَ فَأَرْسَلُوا مَا بِأَيْدِيهِمْ يَعْنِي مِنْ السَّبْيِ فَأَعْتَقُوهُمْ وَقَالُوا: أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ فَمَا رَأَيْت امْرَأَةً أَعْظَمَ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِهَا مِنْهَا أُعْتِقَ فِي سَبَبِهَا مِائَةُ بَيْتٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ» اهـ. وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى وَفِيهِ وَكَانَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ضِرَارٍ رَأْسُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَسَيِّدُهُمْ وَكَانَتْ ابْنَتُهُ جُوَيْرِيَةُ اسْمُهَا بُرَّةُ فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جُوَيْرِيَةَ لِأَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُقَالَ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ بَرَّةُ وَيُقَالُ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَ كُلِّ أَسِيرٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَيُقَالُ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَدَاقَهَا عِتْقَ أَرْبَعِينَ مِنْ قَوْمِهَا اهـ.
(قُلْت) وَكَذَا فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ، وَالْبَزَّارِ وَابْنِ رَاهْوَيْهِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ «أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَأَخْرَجَ الْخُمُسَ مِنْهُ ثُمَّ قَسَّمَ بَيْنَ النَّاسِ فَأَعْطَى الْفَارِسَ سَهْمَيْنِ، وَالرَّاجِلَ سَهْمًا فَوَقَعَتْ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ فِي قَسْمِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ الْأَنْصَارِيِّ فَكَاتَبَهَا عَلَى نَفْسِهَا عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ مِنْ ذَهَبٍ إلَى أَنْ قَالَتْ فَدَخَلَتْ تَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي كِتَابَتِهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَنَا امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّك رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَا جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ سَيِّدِ قَوْمِهِ أَصَابَنِي مِنْ الْأَمْرِ مَا قَدْ عَلِمْت فَوَقَعْت فِي سَهْمِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ فَكَاتَبَنِي عَلَى مَا لَا طَاقَةَ لِي بِهِ وَمَا أَكْرَهَنِي عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنِّي رَجَوْتُك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْك - فَأَعِنِّي فِي فِكَاكِي فَقَالَ أَوْ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ مَا هُوَ قَالَ: أُؤَدِّي عَنْك كِتَابَتَك وَأَتَزَوَّجُك قَالَتْ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ فَعَلْت فَأَدَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا كَانَ عَلَيْهَا مِنْ كِتَابَتِهَا وَتَزَوَّجَهَا فَخَرَجَ الْخَبَرُ إلَى النَّاسِ فَقَالُوا أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم يُسْتَرَقُّونَ فَأَعْتَقُوا مَا كَانَ بِأَيْدِيهِمْ مِنْ سَبْيِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ مِائَةَ أَهْلِ بَيْتٍ قَالَتْ فَلَا أَعْلَمُ امْرَأَةً كَانَتْ عَلَى قَوْمِهَا أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْهَا» اهـ. (قُلْت) لَكِنْ جَزَمَ الْعَيْنِيُّ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْهِدَايَةِ صَفِيَّةُ وَهْمٌ وَصَوَابُهُ جُوَيْرِيَةُ يُخَالِفُهُ مَا قَالَ فِي الْخَصَائِصِ النَّبَوِيَّةِ لِابْنِ الْمُلَقِّنِ «أَعْتَقَ صلى الله عليه وسلم صَفِيَّةَ وَتَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا» كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ حَدِيث ابْنِ عُمَرَ أَنَّ جُوَيْرِيَةَ وَقَعَ لَهَا مِثْلُ ذَلِكَ لَكِنْ أَعَلَّهَا ابْنُ حَزْمٍ بِيَعْقُوبَ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ لَا كَمَا جُزِمَ بِتَضْعِيفِهِ اهـ.
وَتُغْتَنَمُ هَذِهِ الْفَائِدَةُ وَتُغْتَفَرُ إطَالَتُهَا (قَوْلُهُ: أُخْرِجَ كُلُّ مَنْ مُلِكَ مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا) قَدْ عَلِمْت بِمَا سَبَقَ أَنَّ السَّبْيَ كَانَ قَدْ قُسِمَ فَالْمُخْرَجُ الصَّحَابَةُ إكْرَامًا لِرَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى أَنَّ الصِّهْرَ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ امْرَأَتِهِ تَأَمَّلْ لِمَا قَدْ عَلِمْت مِنْ الْقِصَّةِ
(قَوْلُهُ: وَأَهْلُهُ امْرَأَتُهُ) أُجِيبَ عَمَّا أُورِدَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَهُمَا مَنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ) لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ فَإِنَّ الْمَمْلُوكَ وَالْوَارِثَ غَيْرُ دَاخِلٍ
(قَوْلُهُ: وَوَلَدُ زَيْدٍ يَتَنَاوَلُ الذَّكَرَ، وَالْأُنْثَى) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَالْوَصِيَّةُ بَيْنَهُمْ الذَّكَرُ، وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ.
وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِهَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي كِتَابِ نُكَتِ الْوَصَايَا وَلَوْ أَوْصَى لِوَلَدِ فُلَانٍ وَلَيْسَ لِفُلَانٍ وَلَدٌ صُلْبٌ فَالْوَصِيَّةُ لِوَلَدِ وَلَدِهِ وَإِذَا كَانَ لَهُ وَلَدٌ وَاحِدٌ مِنْ وَلَدِ الصُّلْبِ فَالْوَصِيَّةُ كُلُّهَا لَهُ وَلَيْسَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ شَيْءٌ.
وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي لَوْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ وَاحِدٌ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى فَجَمِيعُ الْوَصِيَّةِ لَهُ وَذَكَرَ الْكَرْخِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَإِذَا قَالَ أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي لِوَلَدِ فُلَانٍ وَلَهُ وَلَدٌ لِصُلْبٍ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ كَانَ الثُّلُثُ لَهُمْ بَعْدَ أَنْ يَكُونُوا اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا، وَلَمْ يَكُنْ لِوَلَدِ وَلَدِهِ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ لِصُلْبِهِ وَاحِدٌ وَلَهُ وَلَدُ وَلَدٍ كَانَ لِلَّذِي لِصُلْبِهِ نِصْفُ الثُّلُثِ